داخل محاكمة أنور رسلان #58: حُكم أنور رسلان بالتّفصيل
يسرد تقرير مراقبة المحاكمة رقم 58 الصادر عن المركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم 110 من محاكمة أنور رسلان في كوبلنتس بألمانيا. حيث وجد القضاة أنور مذنباً بالتواطؤ في ارتكاب 27 جريمة قتل، و4,000 حالة تعذيب وحرمان شديد من الحرية، وثلاث حالات عنف جنسي بصفتها جرائم ضد الإنسانية. ووفقاً للقضاة، كان بإمكان أنور الفرار بأمان مع أسرته في وقت مبكّر، إلا أنه اختار أن يستمر في الاستفادة من امتيازات منصبه داخل أجهزة المخابرات. ورأى القضاة أن أنور شخصٌ وُصولي وانتهازي. وبعد النظر في العوامل المشدِّدة والمخفِّفة للعقوبة وبناءً على مجمل الأدلة، حُكم على أنور بالسجن مدى الحياة. اقرأ المزيد هنا.
الملخّص/أبرز النقاط:
اليوم المائة وعشرة – 13 كانون الثاني/يناير، 2022
كان هذا هو اليوم الأخير من محاكمة أنور رسلان في المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنتس. حيث وجد القضاة أنور رسلان مذنباً بالتواطؤ في ارتكاب 27 جريمة قتل، و4,000 حالة تعذيب وحرمان شديد من الحرية، وثلاث حالات عنف جنسي بصفتها جرائم ضد الإنسانية. ووجد القضاة أنور رسلان، بصفته رئيساً لقسم التحقيق في الفرع 251 بإدارة المخابرات العامة بدمشق، مسؤول عن التحقيقات ومرافق السجن. قال القضاة إن الحكومة السورية شنت اعتداءات منهجية وواسعة النطاق ضد المدنيين منذ 29 نيسان/أبريل، 2011 على الأقل. وقالوا أيضاً إن ظروف الاعتقال في الفرع 251 تعتبر ضرباً من التعذيب. وصدر الحُكم على أنور رسلان بالسجن مدى الحياة. كما نظر القضاة في العوامل المشدِّدة والمخفِّفة للعقوبة، وخلصوا إلى أنهم لا يستطيعون إثبات جسامة الجُرم على وجه التحديد. ووفقاً للقانون الألماني، يمكن لأنور التقدّم بطلب للإفراج المشروط بعد أن يقضي 15 عاماً من عقوبته.
وبعد صدور الحُكم، قال المدّعون العامون إنهم راضون عن الحُكم. وعلى النقيض من ذلك، أعلن الدفاع أنه سيستأنف الحُكم.
_____________________________________________
اليوم المائة وعشرة للمحاكمة[1] – 13 كانون الثاني/يناير، 2022
بدأت الجلسة في الساعة 10:17 صباحاً بحضور سبعة عشر شخصاً وتسعة عشر صحفياً. تابع المزيد من الصحفيين الجلسة من غرفة منفصلة حيث استمعوا إلى البث الصوتي. كما انتظر حشد من الصحفيين والمصورين أمام مبنى المحكمة. قام ستة مصورين بالتقاط مقاطع فيديو وصور داخل قاعة المحكمة قبل بدء الجلسة.
مثّل الادعاء المدعيان كلينجه وبولتس. ولم يحضر محاميا المدّعين، شارمر ومحمد. جلس العديد من المدّعين بجانب محاميهم.
أصدرت المحكمة الحُكم الآتي:
[هذه ليست نسخة طبق الأصل للحكم الرسمي، وإنما ملخص مفصّل لجلسة الاستماع الشفوية التي أعلن فيها الحكم.]
صدر الحكم التالي باسم الشعب: وجدت المحكمة المدّعى عليه أنور رسلان مذنباً بارتكاب 4,000 حالة تعذيب وحرمان شديد من الحرية، و27 جريمة قتل، وثلاث حالات عنف جنسي بصفتها جرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 7(1) الفقرات 1 و5 و6 و9 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا. كما وجدته المحكمة مذنباً بارتكاب 27 جريمة قتل، والتسبب في 25 حالة إصابة بدنية خطيرة، واعتداءين جنسيين، و14 حالة حرمان شديد من الحرية، وحالتي احتجاز رهائن، وثلاث حالات اعتداء جنسي، تشكل إحداها حالة اغتصاب خطيرة جداً. حُكِم على المدّعى عليه بالسجن مدى الحياة.
يجب أن يتحمل المحكوم عليه تكاليف المحاكمة، بما في ذلك النفقات التي تكبّدها المدّعون P48، P39، P34، P1، P22، P50، P11، P41، P12، P25، P19، P38، P42، P30، P27، P32، P33، P28، P16، P47.
بعد تلاوة الحكم، أعلنت رئيسة المحكمة كيربر أنه ستكون هناك ترجمة عربية تتابعية للجلسة بأكملها وسيتم بثّها عبر مكبرات الصوت في قاعة المحكمة. طلبت من جميع أطراف القضية ارتداء كمامات كوفيد من نوع (FFP2) حيثما أمكن ذلك، على الرغم من عدم وجود أمر رسمي يجعل ذلك إلزامياً لأطراف القضية. [التزم جميع الأطراف بطلب كيربر.]
تابعت القاضي كيربر تلاوة حجج الحُكم:
[ملاحظة: ما يلي ليس نسخة طبق الأصل من الحُجج التي ساقها القضاة والتي تمت تلاوتها في المحكمة، وإنما يستند إلى ما تمكّن مراقبونا من سماعه في المحكمة.]
مقدّمة:
قبل قراءة حُجج الحكم، قالت رئيسة المحكمة كيربر إن هذه المحاكمة أجريت في 108 أيام محاكمة. يوضّح هذا الرقم بالفعل أن الإجراءات بموجب القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي معقدة جداً وتتطلب إعداداً مستفيضاً من قبل الادّعاء العام. قالت كيربر إنها ترغب بالتالي في توجيه الشكر لمكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية، الذي استمعت إليه المحكمة في عدة مناسبات، على جمع المعلومات وإجراء التحقيقات في النزاع السوري جنباً إلى جنب مع شركائه الأوروبيين لسنوات حتى الآن. وأضافت أن هذه المحاكمة لم تكن لتتحقق لولا العمل الدؤوب الذي قام به ضباط مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية المشاركين في التحقيق الهيكلي في النزاع السوري. وأشارت كيربر إلى أن هؤلاء الضباط رافقوا هذه المحاكمة لسنوات وأدلوا بشهادتهم بصفتهم شهودا وخبراء في عدة مناسبات. كما شكرت كيربر جميع أطراف القضية على سلوكهم المهني والذي التزم بروح الزمالة دائماً.
قالت رئيسة المحكمة كيربر إنها اضطرت للتعليق على بعض البيانات الختامية لمحامي المدّعين. وأوضحت أن مثل هذه المحاكمات مستحيلة بدون شهود. لقد كان هناك سبب وجيه لتستمع المحكمة إلى حوالي 80 شاهداً على مدار عامين. قالت كيربر إن بعض هؤلاء الشهود شهدوا في المحكمة على الرغم من تعرّض سلامتهم وسلامة عائلاتهم لتهديد من قبل النظام. وقالت رئيسة المحكمة كيربر إنها تعبّر عن كل احترامها لهؤلاء الشهود. ومع ذلك، أشارت أنه كان على المحكمة أيضاً أن تبقى حذرة حيث تسربت قوائم بأسماء شهود إلى الصحافة. وأضافت أنه كان على المحكمة بعد ذلك أن تراقب حالة الذعر التي أصيب بها شاهد عندما تواصل معه أشخاص ليسوا أطرافاً في هذه المحاكمة قبل الإدلاء بشهادته. في النهاية لم يكن هناك أذى، وأدلى الشاهد بشهادته رغم خوفه. قالت كيربر إن العديد من الشهادات تأثرت بسبب الشعور العميق بانعدام الأمن لدى الشهود. وخلصت إلى أن اتخاذ القرار في هذه المحاكمة لم يكن أيسر في حال تم تسجيل المحاكمة لأنه حتى وجود أدنى شك في أن شهادات الشهود محفوظة في تسجيلات كان من شأنه أن يتسبب في شعور بانعدام الأمن بين الشهود.
مقدّمة:
أشارت رئيسة المحكمة كيربر إلى أن القضاة وجدوا بالفعل في شباط/فبراير 2021 أن الحكومة السورية شنت اعتداءات منهجية وواسعة النطاق على السكان المدنيين على الأقل منذ 29 نيسان/أبريل، 2011. ولم تؤد الأدلة المقدمة بعد صدور هذا الحُكم الأول إلى أي نتيجة أخرى. قالت كيربر، بما أن المدّعى عليه لم ينكر الوضع في سوريا في 2011 و2012، فإنها ستلخص بشكل موجز النتائج السابقة فيما يتعلق بوجود اعتداءات منهجية أو واسعة النطاق خلال الفترة التي تغطيها لائحة الاتهام. ومع ذلك، كان من الضروري أيضاً تقديم لمحة موجزة عن الوضع في سوريا قبل تولي بشار الأسد السلطة لأن ذلك كان أساس الاعتداءات المنهجية.
قالت كيربر إن هناك مجموعات إثنية ودينية متعددة في سوريا. قالت إنه قبل النزاع، كان حوالي 60-70% من الناس في سوريا من السُنّة، وكان حوالي 11% من الناس من العلويين. ومع ذلك، فإن المجموعة الأخيرة لها التأثير الأكبر في السياسة والمجتمع. وإنهم يمثلون غالبية الضباط في الجيش ويسيطرون على حزب البعث، الحزب الوحيد في الدولة.
ذكرت كيربر كذلك أن حافظ الأسد تولّى السلطة في سوريا بعد انقلاب في عام 1970. وعندما تُوفي في عام 2000، تولى نجله بشار الأسد السلطة. ومع ذلك، كان النظام القمعي والاستبدادي في سوريا موجوداً أصلاً في عهد حافظ الأسد. وأدّت حالة الطوارئ، التي كانت سارية منذ عام 1963، إلى توسعة صلاحيات الأجهزة الأمنية. وازدادت الاعتقالات التعسفية بحق الأشخاص غير المرغوب فيهم واحتُجزوا في سجون المخابرات. وعلى الرغم من أن الدستور يحظر التعذيب منذ عام 1971، إلا أنه كثيراً ما يُستخدم لانتزاع المعلومات وترهيب الناس. وأضافت كيربر أن أشخاصاً ماتوا أيضاً في الحجز نتيجة ظروف الاعتقال والقتل المباشر. وقالت كيربر إن مجزرة حماة، المدينة التي تدعم المعارضة إلى حد كبير، عام 1982 كانت مشهورة لأن حافظ الأسد استخدم الجيش لقصف وقتل آلاف المدنيين.
أشارت كيربر إلى أنه بعد تنصيبه رئيساً وبعد فترة وجيزة من الانفتاح، سرعان ما عاد بشار الأسد إلى سياسة والده في عام 2001. ففُرضت قيود على الحريات السياسية مرة أخرى، واعتُقل أعضاء من المعارضة. وقالت كيربر إن بشار الأسد بذلك بنى على جهاز مخابرات والده. كانت المهمة الرسمية لأجهزة المخابرات هي الدفاع ضد الأنشطة المعادية للحكومة ومحاربة الإرهاب والتطرف. غير أن عملها الفعلي كان مراقبة السكان وقمع المعارضة.
مسار النزاع:
أشارت كيربر إلى أنه في نهاية عام 2010، ظهر ما يسمى بالربيع العربي، خاصة في تونس ومصر. وشقّ طريقه في النهاية ليصل إلى سوريا. وعلى أمل الحصول على مزيد من الحرية، ازداد استعداد الناس للنزول علانية إلى الشوارع للتظاهر ضد الحكومة. وكانت المعارضة القائمة بالفعل، والمكونة من الشباب، وأولئك الذين لم يتمكنوا من الاستفادة اقتصادياً من النظام الحالي، قد شكلت أكبر فئة من الناس في الشوارع. وانضم إلى الاحتجاجات كذلك أولئك الذين استاءوا من أعمال العنف التي مارستها الحكومة، وأقارب الأشخاص الذين تم اعتقالهم وجرحهم خلال المرحلة المبكرة. وبحسب كيربر، كانت المساجد السُنّية رمزاً ونقطة تجمع للمظاهرات التي جرت في الغالب بعد صلاة الجُمعة. قالت كيربر إنه بما أن الإجراءات المناهضة للنظام الذي يهيمن عليه العلويون ركّزت على هذه المواقع، ازدادت أعداد السُنّة المستائين من الوضع. في شباط/فبراير 2011، اندلعت مظاهرات صغيرة ضد الفساد والفقر، طالبت بمزيد من حقوق المشاركة، في أجزاء مختلفة من سوريا. كانت تلك المظاهرات سلمية ولم تتعرض في الغالب لأي مضايقات.
أشارت القاضي كيربر كذلك إلى أنه في آذار/مارس 2011، قام مراهقون في درعا برسم شعارات على الجدران. وقُبِض عليهم، ثم ظهرت على أجسادهم آثار تعذيب واضحة بمجرد إطلاق سراحهم. أدى ذلك إلى مزيد من الاحتجاجات في أجزاء أخرى من البلاد. في 15 آذار/مارس، 2011، اندلعت إحدى أولى الاحتجاجات الكبرى في دمشق. وبعد ثلاثة أيام، في 18 آذار/مارس، أعقب ذلك مزيد من الاحتجاجات في درعا ودير الزور وحمص. قالت كيربر إن الاستجابة العنيفة ضد هذه الاحتجاجات أدت إلى إصابة عدة أشخاص ومقتل شخصين على الأقل. وتلا ذلك مزيد من المظاهرات التي شارك فيها آلاف الأشخاص، خاصة أيام الجمعة. وتدخلت القوات الأمنية باستخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية. أشارت كيربر أنه في 23 آذار/مارس، 2011 أطلقت قوات الأمن النار على مظاهرة في درعا وقُتل الكثير من الناس. وقالت إن الأمر نفسه حدث في 1 نيسان/أبريل، 2011 في دمشق وريف دمشق ودوما. وفقاً لكيربر، كانت المظاهرات سلمية في الغالب، تخلّلها قيام عدد قليل من المتظاهرين بإلقاء الحجارة.
مضت القاضي كيربر في بيان أن النظام السوري ردّ على المظاهرات باستخدام عدة استراتيجيات في نفس الوقت. حيث زعم النظام أن دولاً أجنبية أطلقت شرارة هذه الاحتجاجات بهدف زعزعة استقرار سوريا. ونفى النظام قتل وجرح الناس. وزعم أن الاحتجاجات قادها إرهابيون. وفي المؤتمرات الصحفية، عرض النظام صوراً لجرحى مزعومين لإثبات جاهزية المتظاهرين لاستخدام العنف. وقالت كيربر، في الوقت نفسه، يبدو أن بشار الأسد ناشد المتظاهرين وأعلن أن الإصلاحات ستأتي، وأنهى حالة الطوارئ التي استمرت عقداً من الزمن، وأفرج عن سجناء. ولكن بدءاً من نهاية آذار/مارس 2011، وُضعت شروط مسبقة لنهج أكثر عنفاً من قبل قوات الأمن. قالت كيربر إن “خلية إدارة الأزمة” قد تم إنشاؤها بالفعل في آذار/مارس 2011. وتألفت الخلية من كبار الضباط وكانت مهمتها تقديم الدعم المباشر لبشار الأسد. وكان أعضاء الخلية في الغالب من رؤساء أجهزة المخابرات. ووضعت الخلية الاستراتيجية وأصدرت الأوامر بشأن كيفية التعامل مع الاحتجاجات. على الأقل منذ منتصف نيسان/أبريل 2011، كان هدفهم هو سحق المظاهرات بالعنف من أجل منع الإطاحة بالنظام.
قالت كيربر إنه في اجتماع عقد في 18 نيسان/أبريل، 2011، وجدت خلية إدارة الأزمة أن “مرحلة التسامح والتعاون [قد] انتهت”. وقدّمت أوامر مفصلة، وأعلنت عدم الإفراج عن أي معتقلين، وإذا لزم الأمر، ينبغي الاستعانة بالجيش للتعامل مع المظاهرات. قالت كيربر إن خلية إدارة الأزمة اجتمعت مرة أخرى في 20 نيسان/أبريل، 2011، ووجدت أنه “[كان] من الضروري بدء مرحلة أخرى. علينا أن نكسب هذه المعركة باستخدام العنف المسلح.” كان الهدف هو سحق الاحتجاجات بأي ثمن: اضطهاد واعتقال وقتل وتعذيب كل متظاهر أو أي شخص قريب من المظاهرة. ووصفت كيربر هذا الأمر بأنه “إعطاء تفويض مطلق بحكم الأمر الواقع لقوات الأمن لتمارس العنف ضد المتظاهرين”. قالت إنه نتيجة لذلك، زاد عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير من 30 آذار/مارس، 2011 فصاعدا. قُتل 200 شخص بالرصاص الحي في 23 نيسان/أبريل، 2011. وبعد يومين اقتحم النظام درعا وقطع المياه والإمدادات الطبية. مات كثير من الناس نتيجة لذلك. كما لقي أشخاص حتفهم في مظاهرات خرجت للتعبير عن تضامنها مع أهالي درعا، كما قُتل البعض ممن حاولوا جلب الماء والطعام لأهالي درعا. ومات ما لا يقل عن 200 شخص. قالت كيربر إن أشخاصاً قُتلوا في أجزاء أخرى من سوريا بنهاية نيسان/أبريل 2011. ووقعت العديد من المداهمات والاعتقالات في دوما. وفي الأشهر التالية، وقعت مظاهرات شارك فيها رقم من ست خانات، وازداد القمع بقيادة الدولة. خلصت كيربر إلى أنه حتى تموز/يوليو 2011، توفي من السوريين عدد مكون من أربع خانات بسبب العنف الذي قادته الدولة.
[تبادل مترجمو المحكمة الأدوار.]
أشارت القاضي كيربر إلى أن مدينة حماة اقتُحمت [من قبل الجيش] في نهاية تموز/يوليو 2011 وقُتل المئات. في أيلول/سبتمبر 2011، حاصر الجيش دوما واعتقل العديد من الأشخاص، بالإضافة إلى قَطْع البنية التحتية الحيوية. ومنذ أيلول/سبتمبر 2011 فصاعداً، أصبحت المظاهرات أكثر تحصيناً. كما تأسس الجيش السوري الحر من عسكريين سابقين انشقوا عن جيش النظام، ونتيجة لذلك استُهدِفت مناطق سيطرة النظام. قالت كيربر إن النزاع المسلح بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة بدأ في مطلع عام 2012. وفي الوقت نفسه، استمرت المظاهرات السلمية غير العنيفة على الرغم من استخدام الذخيرة الحية وزيادة العنف من قبل ميليشيات الشبيحة، من بين المجموعات الأخرى، التي انخرطت بشكل متزايد في سحق الاحتجاجات. وقالت كيربر إن أشخاصاً اعتُقلوا وقُتلوا. وإذا خالف الجنود أوامر إطلاق النار على المتظاهرين، فإنهم يخاطرون بأن يتم إطلاق النار عليهم.
أضافت القاضي كيربر أنه على الرغم من جهود الوساطة التي بذلتها جامعة الدول العربية، اتسم عام 2012 بتزايد العنف. حيث استمرت الاحتجاجات السلمية، لكن وتيرة النزاع المسلح ازدادت. وأشارت كيربر إلى أنه في شباط/فبراير 2012 فرّق النظام مظاهرة سلمية في دمشق باستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية. وقُتل شخص وأصيب العشرات. وفي شباط/فبراير 2012 أيضاً، تعرّضت حمص لاقتحام وهجوم بالصواريخ عدة مرات. ووقعت مجزرة في هذه المنطقة ادعى النظام أن إرهابيين ارتكبوها، في حين وجّهت المعارضة أصابع الاتهام إلى النظام والمليشيات. وفي آذار/مارس ونيسان/أبريل 2012، لقي 95 مدنياً حتفهم في إدلب بسبب أعمال عنف ارتكبها النظام. وتم إلقاء القبض على كثيرين آخرين. وذكرت كيربر أنه في الحولة، مسقط رأس المدّعى عليه [أنور]، توفي أكثر من مائة شخص بنهاية أيار/مايو 2012. وقُتل 55 شخصاً آخر بالقرب من حماة. وفي نهاية تموز/يوليو 2012، استخدم الجيش السوري الذخيرة الحية ضد المدنيين على الحدود السورية الأردنية، ما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل. وأضافت كيربر أنه في آب/أغسطس 2012 تم اكتشاف أكثر من مائة قتيل من المدنيين في دمشق استشهدوا خلال مداهمات للجيش السوري. ومضت كيربر في بيان أنه على مدار النزاع، ازدادت مظاهر التسلح. حيث أطلق النظام قنابل عنقودية وحارقة على مناطق سيطرة المعارضة ومناطق الجيش السوري الحر ودمشق ومحيطها [ريف دمشق، كما اعتادت القاضي كيربر على تسميته].
أشارت كيربر أن هذه التوضيحات واستحضار الأحداث استندت بشكل كبير إلى شهادات الخبراء ، وكريستوفر إنجلز من اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة، الذي قدّم أيضاً الوثائق الخاصة بخلية إدارة الأزمة المذكورة أعلاه إلى المحكمة، وكريستوف رويتر وشهود آخرين.
وفقاً للقضاة، لعبت أجهزة المخابرات دوراً أساسياً في إخماد الثورة. ولقد كانت بالأصل آلية محورية في عهد حافظ الأسد. وأوضحت كيربر أن هناك خمسة أجهزة مخابرات، من بينها إدارة المخابرات العامة. تنقسم أجهزة المخابرات إلى عدة فروع. وبناءً على تفويضها، كان للفروع مرافق اعتقال خاصة بها، حيث تعرّض الناس بالفعل للتعذيب والقتل أحياناً عندما كان حافظ الأسد في السلطة. وأضافت كيربر أن الفرعين 251 و285 في إدارة المخابرات العامة بهما مراكز اعتقال. وأوضحت القاضي كيربر أن بشار الأسد تبنّى هذه الهياكل. ومنذ انتفاضة 2011، كانت المهمة، لا سيما لأجهزة المخابرات، ترهيب المعارضة وإبادتها. وابتداء من آذار/مارس 2011، تعرّض الناس للاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل. أشارت كيربر إلى أن أحد الشهود قال للمحكمة إن الحكومة “استمرت في تعذيب الناس كعادة قديمة”. وقالت كيربر إن أساليب التعذيب تضمنت بالتالي الضرب بجميع أنواع الأدوات والأساليب، مثل الكابلات، والفلقة (ضرب الناس على أقدامهم)، وتعليق الناس من معاصمهم بحيث لا تكاد أصابع أقدامهم تلامس الأرض، وهي طريقة تسمى الشّبْح، والكرسي الألماني (حيث تم ربط الناس بهيكل خشبي مع ثني عمودهم الفقري)، والدولاب (حيث يُوضع الناس داخل إطار ويُضربون)، والصدمات الكهربائية، والحروق، والعنف الجنسي كوسيلة للترهيب، بما في ذلك الاغتصاب.
أضافت كيربر أن ظروف الاعتقال في جميع المعتقلات التابعة لإدارة المخابرات العامة كانت “كارثية” وتشمل سوء التغذية والافتقار إلى الرعاية الطبية. وكان استخدام العنف التعسفي روتيناً يومياً. وأوضحت كيربر أنه خلال الثورة ازداد عدد المعتقلين لدى أجهزة المخابرات وازداد عدد القتلى بشكل مطرد. وفي حين كان الهدف من الاعتقالات في السابق هو الحصول على المعلومات، كان الهدف الرئيسي ابتداءً من عام 2012 على أبعد تقدير هو ترهيب المعارضة وتصفيتها. وجد القضاة أن الظروف في مراكز الاعتقال استمرت في التدهور. لم يمت الناس من التعذيب فحسب، بل ماتوا جوعاً واختنقوا.
واصلت رئيسة المحكمة كيربر بيان أن جثث من ماتوا رهن الاعتقال تم جمعها في مشاف عسكرية. وبعد وقت قصير من بدء الثورة، تم تكليف مصورين عسكريين بتوثيق الجثث. كان عليهم أن يلتقطوا صوراً للجثث التي غالباً ما كانت عارية أو كانت ترتدي سراويل داخلية فحسب وكانت تحمل أرقاماً. وفقاً للقضاة، كان الغرض من هذه الممارسة هو ضمان وجود دليل على أن هؤلاء الأشخاص لم يتم إطلاق سراحهم فعلياً. ومن نقطة التجميع في دمشق ومحيطها، تم نقل الجثث إلى [مقبرة] نجها و [مقبرة] القطيفة بالشاحنات، وتم “إلقاؤها” في مقابر جماعية. وأضافت كيربر أن أقارب المعتقلين لم يُبلغوا أبداً بمكان ومصير أحبائهم ولم يجرؤوا على طلب المعلومات. وتم استغلال هذا الشعور بعدم اليقين لضمان استكانة الناس.
أوضحت كيربر أن النتائج المذكورة أعلاه تستند إلى حد كبير إلى شهادة غارونس لو كين التي أخبرت المحكمة أيضاً بتجربة قيصر وصديقه سامي. كما عاينت المحكمة ملفات قيصر. تم تحليل 26,938 صورة لما لا يقل عن 6,821 شخصاً من قبل الأستاذ الدكتور روتشيلد الذي قدّم تحليله الشرعي في المحكمة.
***
[استراحة لمدة 10 دقائق]
***
[غادر مايكل بوكر، أحد محامي الدفاع عن أنور، أثناء الاستراحة ولم يعد بعد ذلك.]
الفرع 251، قسم التحقيق والقسم 40
أوضحت القاضي كيربر، رئيسة المحكمة، أن مهمة إدارة المخابرات العامة، بما في ذلك فرعها رقم 251، هي مراقبة المواطنين السوريين في الخارج وفي سوريا. كان الفرع 251 مسؤولاً عن الأمن الداخلي في دمشق ومحيطها. ومع بداية النزاع، تم استخدام هذا الفرع لمحاربة المعارضة في هذه المناطق. ويقع مقر الفرع في وسط مدينة دمشق، في حي الخطيب، ومن هنا أطلق عليه أيضاً اسم فرع الخطيب. ويقع بالقرب من شارع بغداد على مقربة مباشرة من مشفى الهلال الأحمر. ويتكون الفرع من مبنيين، في كل منهما ثلاثة طوابق على الأقل وتفصل بينهما ساحة. وكانت توجد مكاتب وغرفة تحقيق في هذين المبنيين.
وصفت كيربر أنه في عامي 2011 و2012 كان هناك مبنى واحد على الأقل به مرافق سجون في القبو، بما في ذلك زنازين جماعية مختلفة وزنازين انفرادية بمساحة 1×2 متر. وكانت هناك أيضاً غرفة مشتركة للسجانين في القبو بالإضافة إلى غرف التحقيق. وبحسب كيربر، فقد تم توسعة منطقة السجن في مطلع عام 2012 بمزيد من المرافق أسفل منطقة الحديقة، لتوفير مساحة أكبر للعدد المتزايد من المعتقلين. وتقع مكاتب ضباط التحقيق وغيرهم من الضباط في الطوابق العليا.
قالت كيربر إن الفرع 251 كان بقيادة العميد توفيق يونس في 2011 و2012. كان أنور رسلان رئيس قسم التحقيق في الفرع حتى 7 أيلول/سبتمبر، 2012. كان القسم 40 تابعاً رسمياً للفرع 251. كان هذا القسم مسؤولاً عن عمليات الشوارع. كان بمثابة قوة تدخل سريع ومسؤولاً عن المداهمات ونقاط التفتيش وتفتيش المنازل وقمع المظاهرات. نقلت كيربر عن شاهد قال للمحكمة إن القسم 40 كان “عصابة مسؤولة عن الإنفاذ والقتال”. أوضحت كيربر أنه على الرغم من علاقة التبعية الرسمية بالفرع 251، إلا أن القسم 40 يتمتع ببعض الاستقلالية لأنه كان تحت قيادة حافظ مخلوف، ابن عم بشار الأسد. يقع مقر القسم في الجسر الأبيض بدمشق، بما في ذلك مرفق الاعتقال الخاص به. عندما كان القسم 40 في الخدمة، كان [عناصره] يقمعون المظاهرات بعنف، ويفرّقونها بإطلاق النار على المتظاهرين، ويلاحقون الأشخاص الذين فروا من موقع المظاهرة، ويعتقلونهم، ويعصبون أعينهم، ويسحبون قمصانهم فوق رؤوسهم، وينقلونهم إلى مرافق القسم 40 أو ينقلونهم إلى الفرع 251. تعرض المعتقلون للإهانة والضرب والإذلال وهم في طريقهم إلى هذه المرافق.
قالت كيربر إنه عندما يصل المعتقلون إلى الفرع 251، كانوا يترجلون من المركبة في الفناء الداخلي للفرع. ثم يتعرضون لما يسمى بحفلة الترحيب. وأوضحت كيربر أن هذا الإجراء لم يتم إغفاله إلا في الحالات التي يصل فيها معتقلون جدد بشكل فردي أو في مجموعة صغيرة. قالت إن المعتقلين عادة ما يتعرضون للضرب المبرح من قبل السجّانين بقبضات أيديهم وأشياء مختلفة. وبحسب كيربر، قُتل بعض المعتقلين أثناء هذه العملية. وبعد هذا “الاستقبال”، يُنقل المعتقلون إلى السجن الموجود في القبو حيث يتعيّن عليهم تسليم متعلقاتهم الشخصية. كان عليهم خلع ملابسهم كلها وأداء ما يسمى بحركة الأمان [وضعية القرفصاء] وهم عراة. اضطر المعتقلون إلى اتخاذ وضعية القرفصاء عدة مرات حتى يقوم السجّانون بتفتيش فتحات أجسادهم. في معظم الأوقات، كان المعتقلون يستعيدون ملابسهم، وتُصادر الأحزمة وأربطة الأحذية فقط.
كما وصفت كيربر أنه بعد ذلك، عادة ما كان يُنقل المعتقلون إلى زنازين جماعية. لكن منذ نيسان/أبريل 2011 كانت هذه الزنازين شديدة الاكتظاظ لدرجة أن المعتقلين اضطروا إلى التناوب على الجلوس والنوم، ولم يكن بوسعهم سوى الوقوف. كانوا قادرين على النوم فقط بوضع رؤوسهم حيث موضع أقدام بعضهم البعض. وفقاً لكيربر، كانت هذه الممارسة شائعة جداً لدرجة أن لها اسماً خاصاً بها: “طريقة التسييف”. كان المصدر الوحيد للهواء النقي من فتحة صغيرة تحت باب الزنزانة. كان الهواء داخل الزنزانة خانقاً للغاية وسيئاً للغاية بحيث لم يكن هناك ما يكفي من الأكسجين. كان في بعض الزنازين نوافذ صغيرة تطل على الفناء بالخارج. وكان في زنازين أخرى ضوء اصطناعي فقط، كان مضاءً طوال الوقت، حتى لا يتمكن المعتقلون من التمييز بين النهار والليل.
أضافت كيربر أن بعض الزنازين كانت مزودة بمراحيض داخل الزنزانة دون أي شيء يفصلها عن باقي الغرفة. سُمح لمعتقلين آخرين [ممن ليس لديهم مرحاض داخل زنزانتهم] باستخدام المرحاض مرتين أو ثلاث مرات في اليوم. خلصت كيربر إلى أن الظروف الصحية في الفرع كانت “كارثية”. لم يُسمح للمعتقلين بالاغتسال، وكانت الحشرات (القمل) منتشرة في كل مكان. عانى العديد من المعتقلين من التهابات جلدية والجرب والتهاب الجروح المفتوحة. لم يتم علاج الإصابات في الغالب. كان الطعام غير كافٍ وغير صالح للأكل مما أدى إلى فقدان الوزن ومزيد من الإعياء. إضافة إلى ذلك، كان المعتقلون يتعرضون لسماع صراخ مستمر لأشخاص يتعرضون للتعذيب، الأمر الذي تسبب في ضغوط هائلة إلى جانب الشعور بعدم اليقين. وفقد بعض المعتقلين عقولهم، بل وفكروا في الانتحار. اعتبر القضاة أن ظروف الاعتقال غير الإنسانية هذه ترقى لمستوى التعذيب.
واصلت القاضي كيربر حديثها قائلة إنه جرت العادة أن يكون ضابط تحقيق واحد وسجّان واحد حاضرين أثناء التحقيق في الفرع 251. وعادة ما يكون السجّان هو الذي يسيء معاملة المعتقلين أثناء التحقيق. وبالتالي كان السجّانون يستخدمون أساليب التعذيب المختلفة الموصوفة أعلاه: يقومون بضرب أقدام المعتقلين حتى تتورّم، أو تعليقهم من معاصمهم (الشّبْح)، أو وضعهم على الكرسي الألماني، أو حرقهم بالماء المغلي. قالت كيربر إن التعذيب كان يُمارس عندما لا يجيب المعتقل، أو عندما لا يكون ضابط التحقيق راضياً عن الإجابة. وبحسب كيربر، لم تكن هناك ضرورة لإصدار أوامر صريحة بالتعذيب. وأضافت كيربر أنه في بعض الأحيان، تعرّض المعتقلون والمعتقلات للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، ولمس أعضائهم التناسلية وضربهم عليها، أو التهديد بالتعرض للعنف الجنسي والتهديد بممارسة عنف جنسي ضد أفراد العائلة. كان على المعتقلين أيضاً أن يشاهدوا آخرين يتعرضون لعنف جنسي، على سبيل المثال في الردهات، حيث يتعرض المعتقلون لاعتداءات وتهديدات جنسية وتحرش جنسي. وخلصت كيربر إلى أنه في حالات فردية قليلة جداً، لم يتعرّض المعتقلون لعنف جسدي. كان هذا هو الحال في الغالب عندما كانوا شخصيات مشهورة أو بارزة.
منصب المدّعى عليه في المخابرات والفرع 251، ومساهمته
أوضحت القاضي كيربر، رئيسة المحكمة، أن الذي يُحاكَم لم يكن النظام السوري، وإنما أفعال المتهم الفردية التي يتحمل مسؤوليتها بشكل فردي. قالت كيربر إنها ستقدم بالتالي لمحة موجزة عن حياة المدّعى عليه ومسيرته المهنية.
وُلد أنور رسلان عام 1963 في مدينة الحولة السورية. وبعد حصوله على الثانوية العامة، درس الحقوق في جامعة دمشق. في سنته الرابعة في الجامعة، التحق بتدريب مع الشرطة في 2 كانون الأول/ديسمبر، 1986، واستكمل دراسته أثناء التدريب. أصبح رقيباً في الشرطة وفي مكتب الهجرة في حلب والحسكة وطرطوس لمدة خمس سنوات، ونجح في الحصول على إجازة في الحقوق. في 22 آب/أغسطس، 1992، التحق أنور بتدريب للقياديين. وحصل على رتبة ملازم أول. وبما أنه أنهى تدريبه في المرتبة الثانية في فصله، واصل العمل في أكاديمية الشرطة كمدرب. في مطلع عام 1995، عندما كان عمره 32 عاماً، نُقل أنور إلى إدارة المخابرات العامة بسبب أدائه الجيد جداً. عمل في الفرع 251 لمدة عام ونصف، حيث كان يقوم بدوريات في حي السفارات. وفي منتصف عام 1996، نُقل إلى فرع كفر سوسة حيث عمل كضابط تحقيق. في 9 آب/أغسطس، 2008، نُقل أنور إلى الفرع 251 حيث ترأس قسم التحقيق. كان مكتبه في الطابق الأول [بالإنجليزية: الطابق الثاني] من مبنى الفرع 251. تقع مكاتب التحقيق في الطابق الأرضي [بالإنجليزية: الطابق الأول] وكان السجن يقع في القبو حيث كان لأنور مكتب صغير آخر. وكان قسم التحقيق يضم ثلاثين إلى أربعين موظفاً، من بينهم ستة أو سبعة ضباط تحقيق، ومسؤولون عن كتابة المَحاضر، وأمناء أرشيف، وسجّانون، ومدير السجن أبو علي. قالت كيربر إن أنور رسلان كان أعلى رتبة من هؤلاء الأشخاص. كان مسؤولاً عن قائمة المناوبة الخاصة بموظفي السجن، والإشراف عليهم، والبت في سير العمل. وكانت أوامره مطاعة من قبل موظفيه.
أضافت كيربر أنه لم تكن هناك حاجة لإصدار أمر صريح باستخدام التعذيب، لأنه كان جزءاً من ممارسة دامت خمسة عقود في أجهزة المخابرات. تم تكليف أنور أيضاً بتنسيق التحقيقات، خاصة فيما يتعلق بمسائل من يحقق مع من وفي أي مكان. لقد أجرى التحقيقات بنفسه حيث كان لديه اهتمام خاص، على سبيل المثال عندما يكون لدى الشخص خلفية فنية أو فكرية. مرت نتائج جميع التحقيقات على مكتبه. قام بتلخيصها وإرسالها إلى الآخرين. كما قدّم توصيات لرؤسائه، تشمل توصيات بالإفراج عن معتقلين. وفقاً للقضاة، أثبت أنور أنه تكنوقراط موثوق به وذكي وحريص. وبسبب أدائه، تم استدعاؤه أحياناً إلى الفرع 285، وهو فرع متخصص في التحقيقات. وفي 1 كانون الثاني/يناير، 2011 رُقي إلى رتبة عقيد، وهي ثاني أعلى رتبة في الفرع، أدنى برتبة من رئيس الفرع. وتم استدعاء أنور أيضاً عندما كان أشخاص مهمون يزورون السجن في الفرع. على مدار الثورة، مُنح أنور مزيداً من الاختصاصات نظراً لأن العدد المتزايد من القرارات النهائية لا يمكن أن يُتخذ من قبل شخص بمفرده في منصب رفيع. أشارت كيربر إلى أن P56 أخبر المحكمة أنه عندما طُلب من أنور الإفراج عن طبيب، تم إطلاق سراح الشخص بالفعل بعد يومين. كما أخبر P53 المحكمة أن صلاحيات أنور كانت كبيرة جداً، حيث تمكن من إطلاق سراحه بعد ساعتين من اعتقاله عند نقطة تفتيش بمجرد أن اتصل عمه مع أنور.
أضافت كيربر أن أنور، مثله مثل أي سوري، كان يعلم أن المخابرات العامة قامت بتعذيب وقتل الناس. ومع ذلك، لم يكن أنور مستاءً من إدارة المخابرات العامة التي قدّمت له مكانة اجتماعية أعلى بعد نقله. قرر أنور دعم النظام. ووجد القضاة أن هذا الموقف لم يتغير بعد زيادة أعداد المعتقلين وإدراكه للوضع المدمر في الفرع 251. أُبلِغ أنور بحالات وفاة حدثت في الفرع وكان يعلم أن السجّانين كانوا يعذبون المعتقلين خارج جلسات التحقيق ويضربونهم، ويتحرشون بهم جنسياً. وبحسب القضاة، فقد قبل أنور هذه الظروف بلا مبالة على الأقل.
أشارت كيربر إلى أن P41 أخبر المحكمة أن أنور طلب من أحد السجّانين “أن يطهوه حتى يستوي”. اعتبر أنور المتظاهرين حثالة ولم يهتم بمعاملتهم إلا عندما تعرّض المعتقلون للضرب التعسفي والتعذيب، ولم يعد الأمر يتعلق بالمهمة الفكرية الصعبة للحصول على المعلومات. ولم يفِ هذا بمعاييره كمحقق. خلص القضاة إلى أن آخر يوم عمل لأنور في الفرع 251 كان في 7 أيلول/سبتمبر، 2012 قبل أن يبدأ العمل في الفرع 285 في 9 أيلول/سبتمبر، 2012، حيث ظل يعمل حتى انشقاقه في كانون الأول/ديسمبر 2012.
أوضحت رئيسة المحكمة كيربر أنه كان من الضروري لها التعاطي مع الالتماس الأول الذي قدّمه أنور في هذه المرحلة. يجب على المرء أن يعتبر هذا الالتماس اعترافاً جزئياً فيما يتعلق بتأكيد أنور أنه كان رئيس قسم التحقيق في الفرع 251 من عام 2008 فصاعداً. كما أوضح أنه منذ بداية المظاهرات، ارتفع العدد المعتاد للمعتقلين في الفرع 251 من حوالي 200 إلى أكثر من 1,000. قالت كيربر إن أنور اعترف بأنه سمع صرخات التعذيب بنفسه، وزار السجن، وعرف أن أعداداً متزايدة من المعتقلين نُقلوا إلى المشافي.
[تبادل مترجمو المحكمة الأدوار.]
أشارت كيربر إلى أن أنور زعم في التماسه الأول أنه غير مسؤول عن ظروف الاعتقال والتعذيب في الفرع. وادّعى ودافع عن نفسه بشكل أساسي بالقول إنه لم يوافق على نهج النظام في إجراء اعتقالات تعسفية. بل على العكس من ذلك، قال أنور إنه حاول مساعدة المعتقلين حيثما استطاع ويسّر إطلاق سراحهم. وادّعى أنه بصفته سُنياً، كان عليه أن يستمع إلى ما قاله له العلويون. وادّعى كذلك أنه حُرم من كل صلاحياته في حزيران/يونيو 2011 عندما تولى نائبه عبد المنعم النعسان منصبه. وذكرت كيربر كذلك أن أنور زعم أن الفرع 251 كان بقيادة القسم 40، ولا سيما رئيسه حافظ مخلوف. وذكر أنور أن القسم قام بشكل مستقل بتعذيب الأشخاص في الفرع. قال أنور إنه حاول أن يعود إلى قوات الشرطة، لكنه لم ينجح في هذا الطلب. كما ادّعى أنه لم يكن قادراً على الهروب بأمان مع عائلته قبل كانون الأول/ديسمبر 2012. وأوضحت كيربر أن أنور تناول في التماسه أيضاً شهادات فردية للشهود. وخلص القضاة إلى أنهم لم يقبلوا الالتماس الذي قدّمه أنور لأنه لا توجد مؤشرات كافية على صحة مزاعمه.
أشارت كيربر إلى أن P5، وهو حارس أمن سابق في الفرع 251، أخبر المحكمة أن أنور رسلان كان رئيس قسم التحقيق في الفرع 251 وأن القسم 40 كان يعمل في الشوارع ولم يُجر تحقيقات في الفرع. وقال P5 أيضاً إنه من المعروف على نطاق واسع أن عبد المنعم كان نائب أنور. وأضافت كيربر أن هناك مؤشرات أدت إلى استنتاج أن أنور احتفظ بمنصبه وصلاحياته في فرع الخطيب عام 2012، وأن صلاحياته تجاوزت نطاق الفرع. أشارت كيربر إلى أن P41 أخبر المحكمة أنه تم التحقيق معه، من بين آخرين، من قبل عبد المنعم، ولم يتصل عبد المنعم مع أنور رسلان إلا بعد أن اعتقد أنه حصل على جميع المعلومات من P41. ثم قام أنور بإصدار الأمر “بطهي [P41] حتى يستوي”. وخلصت كيربر إلى أن هذا يؤكد أن عبد المنعم لم يكن تابعاً لأنور رسلان من الناحية الرسمية فحسب، بل كان تابعاً فعلياً له. كما أكد العديد من الشهود اهتمام أنور بالمثقفين وكبار الشخصيات والفنانين والمؤلفين. حيث شهد P49 أن أنور حقّق مع شخصيات بارزة حتى بعد مزاعم حرمانه من صلاحياته. قالت كيربر، بحسب الالتماس الذي تقدم به أنور، فقد حقق مع الممثلة السورية [انظر TR#31] في آذار/مارس 2012. وأوضحت هذه الممثلة للشرطة الألمانية أيضاً أنه أثناء التحقيق معها من قبل أنور، دخل سجّان الغرفة وأبلغ أنور بأن شخصاً قد توفي وفعل ذلك مستخدماً كلاماً مشفّراً. وخلص القضاة إلى أنه حتى في هذه المرحلة [آذار/مارس 2012] كان أنور لا يزال مسؤولاً عن السجن وكان يتم إبلاغه بما يجري في الفرع.
أشارت كيربر أيضاً إلى أن P16 أخبرت المحكمة أن أنور حقّق معها في عام 2012، وليس في عام 2011. وإن المؤشر الآخر الذي ينفي حرمان أنور من صلاحياته كما يدّعي، وهو الموقف الذي حدث في شهر رمضان 2012، تقريباً في شهر آب/أغسطس 2012، عندما تمكن أنور من إطلاق سراح P53 عند نقطة تفتيش بمجرّد مكالمة هاتفية.
أضافت القاضي كيربر أن أنور استمر في التمتع بامتيازات معينة، مثل السيارة، حتى بعد نقله إلى الفرع 285. وفي نهاية عام 2012، كان عضواً في لجنة البت في مسائل التقاعد والسفر للضباط المتقاعدين. وكان الأعضاء الآخرون في هذه اللجنة ثلاثة أشخاص رفيعي المستوى برتبة عميد. وفقاً للقضاة، لا يصحّ ترك مثل هذه المواضيع لشخص يعتبر غير مخلص وغير موثوق به.
أضافت كيربر أن أجزاء أخرى من الالتماس الذي تقدّم به أنور تم دحضها من خلال شهادات شهود موثوقة. وأشارت إلى أن أحد الشهود [P18] وصف بمصداقية كيف حاول الحصول على معلومات عن شقيق P17، وهو أمر يواصل أنور إنكاره. ودحضت P33 تأكيد أنور بأن شقيقة P32 تعرّضت للضرب على يد والدها حتى تلطخ حجابها بالدماء. أشارت كيربر إلى أن أنور التقى مع P16 في عام 2012 وليس في عام 2011، كما يزعم. وجد القضاة أيضاً أن الالتماس الذي تقدّم به أنور غير متّسق. على سبيل المثال، ادّعى أنور أنه منذ صيف 2011 فصاعداً، تم تكليفه فقط بتلخيص التحقيقات. لكن في الوقت نفسه، أكّد أنه استجوب P11 في أيلول/سبتمبر 2011. كما استجوب [شاهدا من TR # 31] في نيسان/أبريل 2012.
وجد القضاة أيضاً أنه “من غير المفهوم ببساطة أن يسمح النظام لضابط رفيع المستوى مشكوك في ولائه بالبقاء في منصب رفيع المستوى داخل أجهزة المخابرات”. بالإضافة إلى ذلك، وجد القضاة أنه “من غير المفهوم كيف تعذّر على أنور الهروب بأمان مع عائلته، بخلاف الضباط الآخرين الذين انشقّوا قبل كانون الأول/ديسمبر 2012″. قالت كيربر إن الالتماس غير صحيح في هذا الصدد وتم تكييفه ليلائم خط دفاع المدّعى عليه”.
***
[استراحة لمدة 15 دقيقة]
***
المسئولية القانونية
أعمال القتل
أوضحت القاضي كيربر، رئيسة المحكمة، أنه بعد سماع جميع الأدلة، وجد القضاة أن 27 شخصاً فقدوا حياتهم في الفرع 251 خلال الفترة التي تغطيها لائحة الاتهام، بسبب سوء المعاملة. تم تحديد هذا الرقم على النحو التالي:
قال إياد الغريب لمكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية في 16 آب/أغسطس 2018:
- إنه رأى ما لا يقل عن عشر جثث يتم نقلها من الفرع 251 بين أيار/مايو وحزيران/يونيو 2011،
- إنه رأى معتقلاً واحداً على الأقل يتعرّض للضرب لدى وصوله إلى الفرع بقضيب حديدي على نحو عنيف لدرجة أنه ما لبث أن فارق الحياة بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2011،
أخبر P51 المحكمة كيف نُقِل شاهدان أو ثلاثة شهود إلى مشفى الهلال الأحمر في إحدى الليالي، وكيف كان عليه أن يؤكد وفاتهم. غير أن P51 لم يتمكن من تضييق الإطار الزمني لهذه الواقعة سوى بالإشارة إلى أنها وقعت في وقت ما بين نيسان/أبريل 2011 وحزيران/يونيو 2012. ولصالح المدّعى عليه، يفترض القضاة بالتالي أن هذا النقل للجثث من الفرع قد ورد في شهادة إياد الغريب أيضاً.
وصل P4 إلى الفرع 251 في [حُجِبت المعلومات] حزيران/يونيو 2012، حيث احتُجِز في زنزانة:
- تُوفي طفل خلال الأيام التسعة الأولى من اعتقاله،
- وتوفي 13 شخصاً آخر خلال فترة اعتقاله.
أحصى P4 ثلاث عشرة حالة وفاة لأنه اضطر أن يبصم على وثائق تؤكّد وفاة هؤلاء المعتقلين. كما شهد P4 على شخص يتعرض للضرب على حلقه بشدة مما أدى إلى وفاته. وخلص القضاة إلى أنه يمكن عزو جميع حالات الوفاة الـ15 إلى المدّعى عليه، على الرغم من مخاوف محامي الدفاع بشأن هذه الشهادة.
كان P36 في فرع الخطيب للمرة الأولى قرابة 19 تموز/يوليو، 2012، حيث رأى:
- عشرة أشخاص توفوا في الفرع بسبب سوء المعاملة والتعذيب.
وفي وقت لاحق، رأى P36 معتقلاً من الفرع يحتضر في المشفى بسبب فشل كلوي.
وجد القضاة أنه نظراً لتوافق الإطار الزمني الذي شهد فيه P4 وP36 على أشخاص فارقوا الحياة، يمكن للمرء احتساب الحالة الإضافية لوفاة معتقل كان يحتضر في المشفى. أضافت كيربر: بما أنه يمكن للمرء أن يفترض أن المرضى في هذا المشفى تلقوا الرعاية الطبية المطلوبة، فقد وجد القضاة أن ذلك الشخص لم يمت جرّاء العلاج هناك ولكن بسبب المعاملة التي تلقّاها في الفرع 251. وبالتالي فإن المعاملة في الفرع 251 هي السبب وراء موت هذا الشخص. خلصت كيربر إلى أنه حتى الآن، تم تحديد 27 حالة وفاة تتعلق بالفرع 251.
أضافت القاضي كيربر أن القضاة لم يتمكنوا من العثور على المزيد من حالات الوفاة. وأشارت إلى أن FR17 الذي لم يُدلِ بشهادته شخصياً في المحكمة، أخبر الشرطة الفرنسية أنه رأى جثتين في الفرع. ولكن خلال مقابلته مع مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية، لم يستطع تقديم معلومات أكثر تفصيلاً بسبب الضغط العاطفي. كان لا بد من إيقاف المقابلة في مكتب الشرطة في النهاية. لذلك لم يتمكن القضاة من اتباع الأوصاف الأولية التي تقدّم بها FR17. أضافت كيربر أن FR17 قدّم للقضاة عدة أسباب لعدم الإدلاء بشهادته في المحكمة. وبدلاً من ذلك، أخبر كنابمان، ضابط مكتب الشرطة، المحكمة بشأن مقابلته مع FR17. غير أن القضاة لم يتمكنوا من استجواب الشاهد، لا سيما فيما يتعلق بدوافعه للإدلاء بشهادته.
أشارت كيربر إلى أن P46 أخبر المحكمة أنه شاهد شخصا واحداً ميتاً في اليوم الأول لاعتقاله في الفرع 251 وأنه شاهد جثث ثلاثة أو أربعة أشخاص آخرين خلال الفترة الثانية التي قضاها في الفرع. كما شهد بأنه رأى اثنين من المعتقلين من الفرع 251 توفيا في مشفى حرستا. أوضحت القاضي كيربر أن شهادة P46 “أظهرت للأسف عدداً من التناقضات والتضاربات المتعلقة بالمحتوى مقارنة بالمقابلة التي أجرتها معه الشرطة”. لذلك لم يتمكن القضاة من بناء إدانة استناداً إلى هذه الأقوال. وأوضحت كيربر كذلك أن المحكمة أُبلِغت بحالات وفاة إضافية وكانت تظهر على الضحايا إصابات بأعيرة نارية. ومع ذلك، كان على القضاة أن يفترضوا أن هذه الإصابات التي تسببت في الوفاة حدثت خارج الفرع 251 وبالتالي لا يمكن أخذها في الاعتبار في هذه المحاكمة.
التعذيب
قالت رئيسة المحكمة كيربر إن عدد الأشخاص المعتقلين في الفرع 251 خلال الفترة التي تغطيها لائحة الاتهام والذين تعرّضوا للتعذيب في الفرع وفقاً للمادة 7 (1) الفقرة 5 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا بسبب ظروف الاعتقال، كان 4,000 على الأقل كما حدّد الادّعاء العام.
أوضحت كيربر أن أنور نفسه اعترف بأن السجن في الفرع كان دائماً مكتظاً. حيث قال إنه بدلاً اعتقال 200 شخص وهو الحد الأقصى للطاقة الاستيعابية، كان هناك دوماً أكثر من 1000 معتقل. لم تكن هناك فترة اعتقال محددة. واعتُقل البعض لمدة يومين، بينما اعتُقل آخرون لعدة سنوات. واعتُقل معظم الشهود في هذه المحاكمة قرابة ثلاثة أسابيع. وبالتالي، افترض القضاة أن متوسط مدة الاعتقال كان شهرين، وذلك في صالح المدّعى عليه. وبالنظر إلى الفترة التي تشملها لائحة الاتهام والبالغة 16 شهراً، بلغ عدد الذين اعتُقِلوا في الفرع 8,000 معتقل خلال الفترة المشمولة في لائحة الاتهام. أجرى القضاة تقييماً متحفظاً آخر وخفضوا عدد المعتقلين بمقدار النصف إلى ما مجموعه 4,000 معتقل تعرّضوا للتعذيب في الفرع 251 خلال فترة التي تشملها لائحة الاتهام.
الجرائم ذات الصلة بالمدّعين
فيما يتعلق بالفترة بين 29 نيسان/أبريل، 2011 و7 أيلول/سبتمبر، 2012، والتي عمل خلالها المدّعى عليه في الفرع 251، توصل القضاة إلى النتائج التالية فيما يتعلق بالمدّعين:
[تبادل مترجمو المحكمة الأدوار.]
قُبِض على P48 في نيسان/أبريل أو أيار/مايو 2011 في مكان عمله. وقامت القوات الأمنية بتطويق المبنى واقتحامه. تم اعتقال ما بين 100 إلى 150 ناشطاً. اقتيد P48 إلى داخل حافلة، ويداه مقيدتان خلف ظهره. تم نقله إلى فرع الخطيب وتعرّض للإهانة والضرب على الطريق. واستمر الضرب حتى وصل إلى الزنزانة الجماعية حيث كان بوسعه سماع صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب. اعتُقل في هذه الزنزانة قرابة خمسة أيام وتم التحقيق معه مرتين. وأثناء التحقيق، أُجبر على الاستلقاء على بطنه ورفع قدميه، وضُرب على قدميه وظهره بكابل مكون من أربعة أسلاك.
قُبِض على P39 في [حُجِبت المعلومات] أيار/مايو، 2011، في مظاهرة في دمشق واقتيد إلى القسم 40. وفي نفس اليوم، نُقِل إلى فرع الخطيب حيث تم استقباله بما يسمى “حفلة الترحيب”. وتعرّض للضرب والصعق بالصدمات الكهربائية مما تسبب له في ألم شديد. وبعد تفتيشه، نُقل إلى زنزانة جماعية لها نافذتان صغيرتان تواجهان الفناء. وتعرّض لمدة أربع ساعات لسماع صرخات التعذيب قبل التحقيق معه. أجرى التحقيق شخصان، كان أحدهما أنور رسلان. في البداية، كان أنور لطيفاً لأنه افترض أن P39 تربطه علاقة قرابة برئيس سوري سابق. ولكن عندما سأل P39 أنور عن سبب اعتقاله، استدعى أنور السجّان وقال له “أخرج P39 من هنا”. ثم أعيد P39 مرة أخرى إلى الزنزانة الجماعية. وأثناء التحقيقات اللاحقة، تعرّض للضرب على ظهره وقدميه بكابل. لم يكن P39 قادراً على النوم بعد هذه الواقعة. ثم اقتيد إلى زنزانة انفرادية. ذات مرة، قام أحد السجّانين بتوصيل الكهرباء بجسد P39، وسكب الماء فوقه وعذبه بالصدمات الكهربائية. اعتُقل P39 في الفرع 251 لمدة عشرة أيام على الأقل. لا يزال P39 يتلقى العلاج النفسي الاجتماعي. ولا يستطيع العمل ولا يزال يعاني من عواقب الصدمات الكهربائية.
قُبِض على P34 في المنزل في نهاية تموز/يوليو 2011 مع شقيقيه. واقتيدوا إلى الفرع 251 حيث اضطروا إلى خلع ملابسهم وتم تفتيشهم. ثم احتُجز P34 في زنزانة جماعية حيث كان الناس ينامون وهم واقفون. كان الجو حاراً جداً داخل الزنزانة، وكان المرء لا يكاد يتنفس. كان بإمكان المعتقلين داخل الزنزانة سماع صوت تعذيب الآخرين بالصدمات الكهربائية خارج الزنزانة. وأثناء التحقيق معه، اضطر P34 إلى الركوع وضربه أحد السجّانين على ظهره بعصا. وبعد أيام قليلة، نُقل P34 إلى زنزانة قذرة أخرى كان بها 36 معتقلاً، بينهم P34 وشقيقه. تم احتجاز P34 في فرع الخطيب لمدة 11 يوماً، واعتُقل لمدة 26 يوماً.
اعتقل النظام السوري P1 بشكل تعسفي في مطار دمشق في آب/أغسطس 2011. وبعد وقفتين، اقتيد إلى فرع الخطيب حيث استُقبِل بحفلة ترحيب. كان عليه أن يسلم متعلقاته الشخصية في القبو، ويخلع ملابسه، وتم تفتيشه. وكان بإمكانه بالفعل سماع صرخات التعذيب في هذا الوقت. ثم نُقل بعد ذلك إلى زنزانة جماعية حيث تمكن من الجلوس فقط لأن بعض المعتقلين الآخرين أفسحوا له. تم التحقيق مع P1 عدة مرات وتعرّض للضرب والركل أثناء جلسات التحقيق هذه. ذات مرة، تم إدخال عصا في شرجه وتم تهديده بأنه لن يرى الحياة خارج [“الفرع”] إذا لم يتعاون. كما تعرّض لسوء المعاملة خارج جلسات التحقيق. تم تعليقه مرة من معصميه حتى فقد وعيه. بعد التحقيق معه مرتين، نُقل إلى زنزانة جماعية أخرى [زنزانة انفرادية] تفوح منها رائحة الدم والعفن. ولم يكن قادراً على مد ساقيه عندما أراد النوم. اعتُقل P1 في الفرع لمدة شهرين تقريباً. لا يزال يعاني من كوابيس ومشاكل نفسية واجتماعية وخضع لعملية جراحية في فتحة الشرج.
تم أخذ P22 من المشفى في [حُجِبت المعلومات] آب/أغسطس، 2011، بزعم أنه سيتم التحقيق معه لفترة وجيزة فقط. واقتيد إلى فرع الخطيب حيث وُضع في زنزانة انفرادية بها نافذة صغيرة بقضبان في الباب. اضطر إلى البقاء في الفرع حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2011. واستُجوب P22 ست مرات على الأقل وضُرب على قدميه بالكابلات وصُفِع على أذنه. أوضح P22 السبب وراء معاملته المعتدلة نسبياً بحقيقة أنه لم يتم اتهامه بامتلاك أسلحة. بعد 25 يوماً، نُقل إلى زنزانة جماعية حيث تراوح عدد المعتقلين من 20 إلى 50 شخصاً. لم يتمكن المعتقلون من النوم إلا وهم مستلقون على جُنوبهم وتم إعطاؤهم بطانيات مليئة بالقمل. وفي بعض الأحيان كان يسمع صوت صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب. كان P22 خائفاً ولكن على ما يبدو لم يعامَل معاملة سيئة مثل المعتقلين الآخرين.
قُبِض على P50 في مكان عمله بالقرب من دمشق في [حُجِبت المعلومات] أيلول/سبتمبر 2011، واعتُقل في فرع الخطيب لمدة أربعين يوماً تقريباً. خلال هذا الوقت، تم التحقيق معه حوالي عشر مرات. وأثناء جلسات التحقيق، أُجبر على الاستلقاء على بطنه ورفع قدميه وضُرب على قدميه. ذات مرة، قيل لـP50 إنه سيتعرض للضرب 20 مرة، وإذا سمع السجّانون صوته ولو مرة واحدة أثناء هذا الإجراء، فسوف يتعرض للضرب بشكل أسوأ. كانت الزنزانة الانفرادية مروعة للغاية بالنسبة لـP50 لدرجة أنه فكر بجدية في الانتحار أثناء الاعتقال.
قُبِض على P11 في مظاهرة في [حُجِبت المعلومات] أيلول/سبتمبر، 2011. واقتيد إلى فرع الخطيب حيث اضطر إلى البقاء لمدة خمسة أيام قبل نقله إلى كفر سوسة. في طريقه إلى فرع الخطيب تعرّض للضرب والركل. كان الضوء الوحيد في زنزانته يأتي من فتحة صغيرة في الباب. وتم التحقيق معه ثلاث مرات وضُرب بعدة أدوات.
اعتُقل P41 في تشرين الأول/أكتوبر 2011 في حرستا واقتيد إلى فرع الخطيب حيث احتُجز لمدة أربعة أيام قبل نقله إلى كفر سوسة ومن ثم إعادته إلى فرع الخطيب حيث احتُجِز لمدة شهرين على الأقل قبل أن يتم نقله مرة أخرى إلى كفر سوسة ثم أطلق سراحه في نهاية المطاف. في فرع الخطيب، اعتُقل P41 أولاً في زنزانة جماعية حيث لم يكن بإمكانه الجلوس. ثم اقتيد إلى زنزانة انفرادية. كان يسمع باستمرار صوت صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب، لا سيما في الزنزانة الانفرادية. تم التحقيق معه عدة مرات. وتعرّض دائماً للضرب أثناء التحقيق وكانت يداه مقيدتين بحزام من نوع ما. لا يزال P41 يعاني من مشاكل في الأعصاب في معصميه. ذات مرة أجبر عبد المنعم النعسان P41 على كتابة سيرته الذاتية. حيث أعطِي ورقة وأعيد إلى زنزانته. وعندما أُعيد إلى غرفة التحقيق، كان أنور رسلان ينتظر هناك إلى جانب عبد المنعم. ومع ذلك، فقد استخدم P41 ورقة واحدة فقط قرأها عبد المنعم قبل أن يعطيها لأنور رسلان. قال أنور “إنه لا يفهم الكلمات، ’ورجيه‘ بطريقة يفهمها وأعده عندما يكون قد استوى”. ثم أُعيد P41 إلى زنزانته الانفرادية حيث أُجبر على الوقوف لمدة ثلاثة أيام. وفي كل مرة ينهار فيها، كان أحد السجّانين يدخل الزنزانة ويضرب P41 ويطلب منه الوقوف مرة أخرى. تبع ذلك المزيد من جلسات التحقيق ونُقل إلى زنزانة انفرادية أخرى. وبعد اعتقال قصير في كفر سوسة، تم إطلاق سراح P41 في نهاية المطاف في كانون الثاني/يناير 2012 قبل أن يتم القبض عليه مرة أخرى في شباط/فبراير 2012 ثم نقله مرة أخرى إلى فرع الخطيب حيث احتُجز لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع وتم التحقيق معه مرة أخرى من قبل عبد المنعم.
قُبِض على P12 في [حُجِبت المعلومات] تشرين الأول/أكتوبر، 2011 من قبل القسم 40 وتم نقله إلى الفرع 251 بعد ساعتين. اعتقل في الفرع لمدة عشرة إلى خمسة عشر يوماً. لم يتعرض للضرب عند وصوله ولكن اضطر إلى خلع ملابسه والقيام بحركة الأمان [اتخاذ وضعية القرفصاء مرتين]. تم اقتياده إلى زنزانة جماعية حيث كان فيها ما بين 12 إلى 20 معتقلاً عند وصوله. في وقت لاحق، أصبح عدد المعتقلين في هذه الزنزانة 25 شخصاً. علماً بأن المعتقلين لم يكونوا قادرين على الجلوس حينما كان هناك ما لا يزيد عن 15 معتقلاً في الزنزانة. وكان الطعام الذي حصلوا عليه يكفي لخمسة أشخاص. تم التحقيق مع P12 حوالي خمس مرات. كان عليه أن يجثو على ركبتيه أثناء التحقيق وفي كل مرة لم يكن المحقق راضيا عن إجابته، تعرّض P12 للتعذيب بالفلقة، حيث تعرض للضرب على قدميه بشدة لدرجة أنه لم يكن قادراً على المشي بعد ذلك. ذات مرة، تم نقل P12 إلى غرفة بها أدوات تعذيب. أحضر السجّان كماشة، وفتحها بطريقة فيها تهديد، لكن لم يحدث شيء في النهاية.
قُبِض على P25 في [حُجِبت المعلومات] شباط فبراير، 2012، واقتيد إلى الخطيب بالحافلة. تعرّض للضرب المبرح بقضيب حديدي حتى أنه فقد وعيه للحظة. وبعد حفلة الترحيب، نُقل إلى زنزانة جماعية مكتظة حيث كان الناس يرقدون فوق بعضهم البعض وسمع صوت صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب. كما شاهد P25 أيضاً أبا غضب وهو يضرب معتقلاً بالسوط. تم التحقيق مع P25 في الفرع وضُرب على قدميه بعصا ولا يزال يعاني منها حتى اليوم. اعتُقل في الفرع 251 لعشرة أيام.
قُبِض على P19 في شباط/فبراير 2012 مع أشقائها. ونُقِلت إلى زنزانة انفرادية حيث كانت هناك شقيقتان إلى جانب P19. كانت تسمع باستمرار صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب وتم التحقيق معها لمدة ثلاثة أيام. لم تتعرض للضرب أثناء التحقيق وإنما تعرّضت للضرب من قبل السجّان وهي في طريقها للتحقيق. ذات مرة، لمس السجّان صدرها أيضاً.
قُبِض على P38 في شباط/فبراير 2012 وهو في طريقه إلى العمل. واقتيد إلى فرع الخطيب حيث تعرض لحفلة الترحيب لأكثر من ساعة. وبعد أن تم تفتيشه، نُقِل إلى واحدة من الزنازين الجماعية الكبيرة. وكان هناك حوالي مائة معتقل في الزنزانة، ولم يمكن بإمكان الناس الجلوس إلا في وضعية القرفصاء. كانت درجة الحرارة والرطوبة في الزنزانة عالية. كان هناك العديد من المعتقلين الجرحى والمرضى. اضطر P38 إلى تضميد أصابع قدم معتقل يعاني من مرض السكري. بقي P38 معتقلاً لمدة 18 يوماً تقريباً تم خلالها التحقيق معه عشر مرات في فرع الخطيب وكان دائماً يتعرض للضرب أثناء هذه التحقيقات. في إحدى التحقيقات، قال المحقق للسجّان أن “يأخذ هذا الحيوان ويعلمه بطريقة يفهمها”. ذات مرة، تم ربط معصمي P38 بقضبان باب زنزانته بطريقة الشّبْح، مما يعني أن أصابع قدميه بالكاد تلامس الأرض. تم ركل P38 مرة واحدة في أعضائه التناسلية. ولا يزال يشعر بعواقب ذلك حتى اليوم.
[تبادل مترجمو المحكمة الأدوار.]
كانت P42 تعمل مع الاتحاد الأوروبي عندما تم توقيفها عند نقطة تفتيش في [حُجِبت المعلومات] آذار/مارس، 2012. تم أخذ متعلقاتها الشخصية بما في ذلك بطاقة الهوية الشخصية وقيل لها أن تأتي إلى فرع الخطيب في اليوم التالي. ومع ذلك، كانت P42 خائفة ولم تذهب إلى الفرع إلا في أواخر آذار/مارس أو مطلع نيسان/أبريل 2012. وتم التحقيق معها كل يوم على مدار خمسين يوماً، ولكن سُمح لها بمغادرة الفرع أثناء تلك الفترة. واحتُجِزت في الفرع لمدة عشرة أيام على الأقل في زنزانة انفرادية حيث سمعت صراخ أشخاص يتعرضون للتعذيب. كان أول تحقيق معها في الفرع ودياً. ولكنها نُقِلت بعد ذلك إلى القبو حيث تعرضت لسوء المعاملة. تعرضت للركل والضرب واضطرت إلى الوقوف لساعات أثناء التحقيق. كانت يداها مقيدتين، وعُلّقت بالسقف بينما تعرضت للتعذيب بالصدمات الكهربائية على أصابعها وركبتيها وصدرها، وتعرّضت لشتائم جنسية. وفي إحدى المرات، وضع أحد السجّانين وجهها في حِجره، لكن سجّاناً آخر طلب منه التوقف.
كان P30 يعمل لدى أحد [حُجِبت المعلومات] السورية عندما اعتُقل في [حُجِبت المعلومات] آذار/مارس، 2012. واضطر أولاً إلى البقاء في القسم 40 ليوم واحد قبل نقله إلى فرع الخطيب. وفي الطريق كان برفقته ضابطان لكن لم يتعرّض للضرب. ولكن بمجرّد وصوله إلى الفرع 251، اضطر إلى خلع ملابسه وتعرض للضرب والإهانة. اقتيد إلى زنزانة جماعية مكتظة بداخلها حوالي 100 معتقل. وصف P30 أنه “دُفع داخل الزنزانة وداس فعلياً على أشخاص آخرين”. وكان على المعتقلين البقاء واقفين. كانت الزنزانة رطبة. كان هناك قمل، ومرضى لا يستطيعون التنفس لذلك قام معتقلون آخرون بتهويتهم. كان الهواء النقي الوحيد يدخل الزنزانة من خلال فجوة صغيرة، وكانت لا تُفتح إلا إذا أراد السجّانون ذلك. كان المعتقلون يشمون المعتقلين الجدد لأن رائحتهم كانت منعشة. اعتُقل P30 في الفرع 251 لمدة 18 يوماً وتم التحقيق معه خلال تلك المدة ثماني مرات. في التحقيق الأول معه، اضطر إلى الانتظار لمدة ساعة وهو جاث على ركبتيه أمام حجرة التحقيق. أثناء التحقيق معه تعرّض للضرب والتعذيب. كما تعرّض للضرب أثناء عودته من التحقيق.
قُبِض على P27 في أيار/مايو 2012 واقتيد إلى فرع الخطيب بعد عدة وقفات. استُقبِل بحفلة الترحيب وتم تفتيشه. نُقل إلى زنزانة جماعية حيث واجه الظروف المعتادة: الاكتظاظ الشديد، والرطوبة، والحشرات، والأمراض الجلدية، وصراخ المعتقلين الآخرين المستمر بسبب التعذيب.
أعلنت رئيسة المحكمة كيربر استراحة قصيرة لفتح النوافذ.
***
[استراحة لمدة 10 دقائق]
***
قُبِض على P32 في مظاهرة في [حُجِبت المعلومات] أيار/مايو، 2012، في نفس اليوم الذي قُبِض فيه على P33. نُقِلت مع معتقلين آخرين إلى القسم 40 بالحافلة. تم التحقيق مع P32 في القسم 40 حيث اضطرت للبقاء لمدة عشر ساعات قبل أن تُنقل إلى فرع الخطيب مع والدتها وسبع نساء أخريات. في فرع الخطيب، استطاعت P32 شم رائحة البول والدم عندما دخلت المبنى. اضطرت P32 إلى خلع جميع ملابسها وتم تفتيشها من قبل ممرضة. في البداية، اعتُقِلت في زنزانة جماعية صغيرة مع 17 امرأة أخرى. كانت البطانيات التي حصلن عليها مغطاة بالقمل. تم التحقيق مع P32 عدة مرات في الفرع. وتعرّضت لإهانات وتهديدات مختلفة. بعد أحد التحقيقات، تعرّضت للشّبْح في القبو وسُكِب سائل ساخن على جسدها. لا يزال بإمكان المرء رؤية الندبة اليوم. ورُبِطت P32 أيضاً بلوح الخشبي وتعرّضت للضرب. وبعد أيام قليلة، نُقِلت إلى زنزانة انفرادية حيث كان الضوء مضاء دائماً، وكانت البطانيات أيضاً مليئة بالقمل. وكانت تعد الأيام بتجميع بذور الزيتون. عانت من الشعور بالوحدة لدرجة أنها طلبت التحدث إلى أنور رسلان الذي كانت تعرفه من خلال اعتقال شقيقاتها. في النهاية سُمح لها بمقابلة أنور، وأخبرها أنها ستُنقل إلى زنزانة جماعية مرة أخرى. ونُقلت P32 بالفعل إلى زنزانة انفرادية حيث كانت والدتها معتقلة. اعتُقِلت P32 في فرع الخطيب لمدة 23 يوماً. وأضافت رئيسة المحكمة كيربر أنه خلال شهادتها في المحكمة، كان ألم P32 مرئياً بشكل واضح ووصفت الاعتداءات الجنسية من قبل السجّانين. ومع ذلك، لا يمكن للقضاة الالتزام بهذه الأوصاف لأنها كانت مختلفة جداً عما قالته P32 للشرطة الألمانية في مقابلتها السابقة.
قُبِض على P33، والدة P32، في نفس اليوم مع ابنتها واقتيدت إلى فرع الخطيب. نُقلت أولاً إلى زنزانة جماعية، ثم إلى زنزانة انفرادية بعد أول تحقيق معها. تعرّضت P33 للإهانة والتهديد، ولكن لم تتعرض لسوء المعاملة الجسدية. أطلق سراحها بعد 23 يوماً.
[غادرت P32 قاعة المحكمة.]
قُبِض على P28 عند نقطة تفتيش في أيار/مايو 2012. ولدى وصوله إلى فرع الخطيب، أُجبر على الاصطفاف مع معتقلين آخرين. في مواجهة الحائط، كان بإمكانهم سماع أصوات تلقيم البنادق. ولكن، لم يتم إعدامهم. وبعد تفتيشه، اقتيد إلى زنزانة جماعية وصفها بأنها قبر. كانت الزنزانة مكتظة، وكان على المرء أن يقف على قدم واحدة بالتناوب لعدة ساعات. كان الهواء داخل الزنزانة سيئاً، وعندما أراد السجّانون معاقبة المعتقلين، أغلقوا الفتحة التي يدخل منها الهواء النقي الوحيد إلى الزنزانة. كما بدأ السجّانون بضرب المعتقلين بشكل تعسفي. وكان معظم المعتقلين يعانون من أمراض جلدية وخرّاجات [دمامل] وحمّى. كانت الزنزانة متسخة، وكانت الأوساخ والقمل يتساقط من السقف مع تكاثف الماء. بعد حوالي أسبوع، تم التحقيق مع P28 وتعرّض للضرب التعسفي أثناء هذا التحقيق. وبعد شهر، نُقل P28 إلى سجن نجها حيث اضطر إلى الإقامة لمدة أسبوع قبل إعادة نقله إلى الفرع 251. وهناك نُقل إلى زنزانة أكبر، لكنها كانت لا تزال زنزانة جماعية مكتظة. كانت إحدى الزنازين الموجودة على الطرف الخارجي، بحيث يمكن للمرء أن يرى السماء. وجد P28 أن هذه الزنزانة أفضل على الرغم من أنه كان لا يزال يسمع صرخات التعذيب المستمرة. وقد تم التحقيق معه مرة أخرى قبل نقله إلى كفر سوسة، حيث أطلق سراحه في نهاية المطاف في تموز/يوليو 2012. ولا يزال يعاني من طنين في الأذن ومشاكل نفسية اجتماعية حتى هذا اليوم.
[لاحظ الجمهور أن صوت مترجم المحكمة كان منخفضاً جداً. اقترحوا عليه استخدام الميكروفون الداخلي وأن يقرّبه منه. كان الصوت أفضل بعد ذلك.]
ألقي القبض على P47 في حديقة في أيار/مايو أو حزيران/يونيو 2012. واقتيد إلى القسم 40 قبل نقله إلى الفرع 251. كان يرتدي فقط سروالاً داخلياً، واحتُجِز في زنزانة جماعية مكتظة. كان الجو حاراً جداً وكان على الناس النوم على جنبهم بطريقة “التسييف”. وبعد ثلاثة أيام، نُقِل إلى الطابق العلوي ولكن لم يتم التحقيق معه. وفي هذه المناسبة، أراد P47 الذهاب إلى نفس زنزانة صديقه. سمح له السجّان بذلك في البداية لكنه ركض خلف P47 وضربه حتى عاد إلى زنزانته الأولى. وفي وقت لاحق، تم بالفعل التحقيق مع P47. تعرض للضرب والتهديد بالقتل في حالة عدم تقديم معلومات. اعتقد P47 أنه سيموت. وبعد سبعة أيام، نُقل P47 إلى سجن نجها.
قُبِض على P44 من قبل دورية تابعة للفرع 251 في مطلع عام 2012، مع خاله وابن خاله وهم في طريقهم إلى المنزل. واقتيدوا إلى فرع الخطيب وضُرب P44 على كتفه وأصيب بتجمعات دموية. وبعد تفتيشهم، اقتيدوا إلى زنزانة جماعية مساحتها 3×3 أمتار. كانت الزنزانة فارغة عند وصولهم، ولكن فيما بعد تم اعتقال ما بين عشرين إلى أربعة وعشرين شخصاً في الزنزانة. وصل معتقلون جدد كل يوم. كانت الزنزانة شديدة الرطوبة ولم يكن هناك ضوء نهار. وبعد بضعة أيام، تم إطلاق سراح P44 بفضل صلات عائلته بضابط رفيع المستوى ودفع رشاوى.
[غادر محامي المدعين الدكتور كروكر قاعة المحكمة.]
قُبِض على شقيق P17 في منتصف أو نهاية تموز/يوليو 2012 واقتيد إلى فرع الخطيب. في نهاية عام 2012، تم التواصل مع P17 عبر الفيسبوك وتم إخباره بأن شقيقه توفي في فرع الخطيب. قال شاهد آخر، P18، إنه التقى أنور رسلان في فرع الخطيب وطلب منه معلومات عن مكان شقيق P17. قيل لـP18 أن شقيق P17 مات بسبب الفشل الكلوي. عندما طلب P18 رؤية الجثة، أخبره أنور رسلان أن يأخذ أي جثة. وأضافت القاضي كيربر رئيسة المحكمة أن القضاة لم يتمكنوا من التوصل إلى نتائج أكيدة حول ما إذا كان شقيق P17 قد مات والكيفية التي مات بها.
زعم P46 أنه تم القبض عليه في [حُجِبت المعلومات] حزيران/يونيو، 2012 في جرمانا حيث كان مختبئاً في منزل أحد أصدقائه بعد أن تعرض للتعذيب من قبل. وذكر كذلك أنه بعد نقله إلى الفرع 40، زُعم أنه نُقل إلى فرع الخطيب بعد يومين أو ثلاثة أيام. وبحسب P46، تم نقله بعد ذلك إلى مشفى حرستا بسبب حالته البدنية السيئة. وادّعى في المشفى أنه شاهد وعانى من سوء المعاملة من قبل الطاقم الطبي لمدة تسعة أو عشرة أيام. وبحسب P46، لم يتلق أي علاج طبي في المشفى. وذكر كذلك أنه نُقل بعد ذلك إلى فرع الخطيب حيث سكب عليه بلاستيك ساخن. غير أن رئيسة المحكمة كيربر أوضحت أن القضاة لم يتمكنوا من بناء إدانتهم على أقوال P46. قالت إن P46 عانى بالتأكيد من سوء المعاملة الشديد، لكن القضاة لم يتمكنوا من تقديم نتائج مؤكدة. كان هناك الكثير من التناقضات في شهادة P46، لا سيما فيما يتعلق بمقابلة سابقة أجرتها معه الشرطة.
التقييم القانوني
[تبادل مترجمو المحكمة الأدوار.]
أوضحت رئيسة المحكمة كيربر، كما هو مفصل أعلاه، أن أنور رسلان كان متواطئا في الجرم وليس مجرد مساعد ومشارك. وأوضحت كيربر أن أنور كانت له “مصلحة شخصية كبيرة في استكمال الجرائم. لقد كان وصولياً ووقف إلى جانب نظام استبدادي وكان قادراً على شق طريقه للأعلى”. ووجد القضاة أن أنور دعم النظام كموظف مخلص وأنه “إذا تمت الإطاحة بالنظام، لكان أنور قد فقد بالتأكيد منصبه المُجزي والمتميز وربما واجه القمع على شكل اضطهاد وتصفية”. وأوضحت كيربر أن هذا لا يتعارض مع حقيقة أنه، في حالات فردية، ربما يكون قد رفض “الوحشية المفرطة وتزايد عدد الاعتقالات التي عقّدت عمله كمحقق”.
أضافت كيربر أن أنور أجرى عمله بالتعاون مع آخرين. لكنه “لم يكن برتبة متدنية لدرجة أنه يمكن للمرء أن يعتبره مجرد شخص ثانوي أو مجرد مؤيد للنظام”. وفقاً لكيربر، كان أنور عقيداً في قسم مهم في أحد الفروع المميزة لإدارة المخابرات العامة، ألا وهو الفرع 251. “كانت مساهمته في الجرائم ذات أهمية كبيرة”. وجد القضاة أن أنور أشرف على محققين اضطروا إلى تنفيذ أوامره. وهذا واضح، على سبيل المثال، من خلال التوصيات التي قدمها فيما يتعلق بالتعامل مع المعتقلين، متضمنة عمليات الإفراج المحتملة، التي تمكّن من تنفيذها. وخلصت كيربر إلى أن تصرفات أنور كان لها في النهاية تأثير كبير على الجريمة بشكل عام. وجد القضاة أن الفضل يعود لأنور جزئياً على الأقل في أن النظام كان قادراً على قمع المعارضة ومنع الإطاحة به. كان أنور على علم بالوضع، وحتى بعد مذبحة الحولة التي قتل فيها، بحسب أنور، بعض أفراد عائلته وأصدقائه، واصل عمله دون ضغوط خارجية واضحة. وجد القضاة أن أنور كان على علم بالجرائم الإجمالية.
أضافت كيربر أن القضاة وجدوا أن أنور كانت لديه النية المطلوبة. حيث كان على علم بالظروف أثناء التحقيقات وفي السجن الذي كان يذهب إليه بانتظام. كان على علم بشكل خاص بحالات الوفاة وأن السجّانين كان لهم مطلق الحرية في تعذيب المعتقلين، وحتى من خلال الاعتداءات الجنسية. وقد قبل كل ذلك بلا مبالاة.
قالت كيربر إن “القضاة لم يكن لديهم شك في أن أنور مذنب”. فقد كان يعلم أن النظام قد لجأ إلى زيادة التعذيب والاعتقال منذ بداية النزاع في 2011. وليس من الواضح أن أنور لم يكن قادراً على الفرار في بداية [النزاع]. لم يصدق القضاة التفاصيل التي سردها أنور حول هذه المسألة. حيث يشير انشقاق عدد لا يُحصى من موظفي المخابرات الآخرين إلى أنه كان من الممكن بالفعل الهروب بأمان في وقت سابق. وجد القضاة أنه لم يكن من المستحيل أن يأخذ أنور هذه المخاطرة الشخصية من أجل الانشقاق. قالت كيربر إن القضاة مقتنعون بأن أنور حاول التمسك بمنصبه حتى اللحظة الأخيرة، وأن الوضع في سوريا في كانون الأول/ديسمبر 2012، والذي “لم يكن سهلاً” كما قال P56، عندما كانت الحرب قريبة من دمشق وكان بإمكان المرء سماع إطلاق نار في كل مكان، كان السبب الحقيقي وراء انشقاق أنور.
الأفعال الإجرامية
لخصت القاضي كيربر رئيسة المحكمة أن المدّعى عليه أنور رسلان ارتكب الجرائم التالية:
إنه متواطئ في ارتكاب جرائم أساسية كجزء من اعتداء ممنهج وواسع النطاق ضد المدنيين السوريين (المادة 7 (1) من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا). تتألف الجرائم الأساسية من 27 حالة قتل وفقاً للمادة 7 (1) رقم 1 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي. وتستوفي جرائم القتل هذه أيضاً أركان الجريمة بموجب المادة 211 من القانون الجنائي الألماني [القتل] بسبب الدوافع الأساسية للمدعى عليه. وأوضحت كيربر أن السبب في ذلك هو أن أنور كان مهتماً بمنع سقوط النظام الاستبدادي الذي وقف إلى جانبه بسبب عمله الذي امتد لسنوات. أراد محاربة منتقدي النظام الذين وصفهم بكلمة “الحثالة” وقَبِل أفعال القتل حفاظاً على النظام الاستبدادي وبالتالي البقاء في منصبه كعقيد في المخابرات، والحفاظ على ثروته من السلطة والامتيازات.
تعرّض 4,000 شخص للتعذيب في عهدته، وهو ما يرقى إلى مرتبة التعذيب بصفته جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 (1) الفقرة 5 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا. وأضافت كيربر أن جميع الأشخاص البالغ عددهم 4,000 شخص حُرموا بشدة من حريتهم في انتهاك للقواعد العامة للقانون الدولي، وهو ما يرقى إلى مرتبة الحرمان الشديد من الحرية بصفته جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 (1) الفقرة 9 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا.
علاوة على ذلك، تعرّض شخص واحد، P1، لاغتصاب شديد، وتعرض شخصان P42 وP19 لاعتداء جنسي. وترقى جميع الحالات الثلاث إلى مرتبة العنف الجنسي بوصفه جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 (1) الفقرة 6 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا. أوضحت القاضي كيربر أن تعذيب المعتقلين وتجريدهم من ملابسهم يمكن أن يرقى إلى مرتبة العنف الجنسي بموجب المادة 7 (1) الفقرة 6 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا. غير أن القضاة لم يتوصلوا إلى هذا الاستنتاج. وجد القضاة أن تفتيش الأشخاص، متضمنا تفتيش فتحات الجسد، على الرغم من أنه قد يكون مهيناً، كان إجراء معتاداً في المعتقل. ولم يجد القضاة أن هناك إيحاءات جنسية. ويتماشى هذا مع حقيقة أن النساء تعرّضن للتفتيش من قبل نساء ولم ينكشفن على سجّانين ذكور.
[عاد محامي المدّعين د. كروكر إلى قاعة المحكمة.]
مضت كيربر تشرح أنه، إلى جانب الجرائم المذكورة أعلاه، تم ارتكاب الجرائم التالية بحق المدّعين:
الاغتصاب وخاصة الاغتصاب الشديد في قضية P1 بموجب المادة 177 (1) الفقرة 1، و(2) الفقرة 1، و(4) الفقرة 1 من القانون الجنائي الألماني (النسخة القديمة).
الاعتداء الجنسي في حالتي P42 وP19 بموجب المادة 177 (1) الفقرة 1 القانون الجنائي الألماني (النسخة القديمة).
أضافت كيربر أن الإجراءات التي تنتهك حقوق المدّعين ترقى أيضاً إلى مرتبة الاعتداء الجنسي على المعتقلين بموجب المادة 174(أ) من القانون الجنائي الألماني في ثلاث قضايا.
الضرر الجسدي الخطير من خلال استخدام سلاح أو أي أداة أخرى وفقاً للمادة 224 (1) الفقرة 2 من القانون الجنائي الألماني (1) والضرر الجسدي الخطير بالتنسيق مع شخص آخر بموجب المادة 224 (1) الفقرة 4 من القانون الجنائي الألماني (2). أوضحت كيربر أن هذا كان يسري على:
- P48؛ وP39؛ وP34؛ وP1؛ وP22؛ وP50؛ وP11؛ وP41 في ثلاث حالات؛ وP12؛ وP25 في حالتين؛ وP19؛ وP38؛ وP42 في حالات متعددة لأنه سُمح لها بمغادرة الفرع عدة مرات. ولكن لم يتم النظر إلا في ثلاث حالات، وذلك لصالح المدّعى عليه.
- P30؛ وP27؛ وP32؛ وP33؛ وP28 في حالتين بسبب نقله إلى فرع آخر وإعادته إلى الفرع 251؛ وP47؛ وP44.
في الحالات التي تم فيها اعتقال المعتقلين لأكثر من أسبوع، كانت المادة السارية هي الحرمان الشديد من الحرية بموجب المادة 239 (3) الفقرة 1 القانون الجنائي الألماني. كان هذا هو الحال بالنسبة لـP39؛ وP34؛ وP1؛ وP22؛ وP50؛ وP41 في حالتين بسبب نقله إلى فرع آخر وإعادته إلى الفرع 251؛ وP12، وP25؛ وP38؛ وP30؛ وP32؛ وP33؛ وP28. ويصل هذا إلى ما مجموعه 14 حالة من حالات الحرمان من الحرية التي استمرت لأكثر من أسبوع.
كانت هناك حالتان لأخذ الرهائن بموجب المادة 239(ب) من القانون الجنائي الألماني بحق P1 وP47.
أوضحت القاضي كيربر أن الاختفاء القسري بصفته جريمة ضد الإنسانية لا ينطبق في هذه المحاكمة لأن القانون الألماني الذي يستند إلى المادة 7 (1) الفقرة 7 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا يشترط، خلافاً لقانون روما الأساسي، إجراء تحقيق. وهذا يترك فقط الحالات التي ذكرها محامي المدعين بانز في بيانه الختامي: P32 وشقيقتيها، وكذلك شقيق P17. ومع ذلك، تم اعتقال شقيقتي P32 قبل الفترة المشمولة في لائحة الاتهام، إحداهما في [حُجِبت المعلومات] آذار/مارس، 2011، والأخرى في أواخر آذار/مارس أو مطلع نيسان/أبريل 2011. وبالتالي لا يمكن النظر في قضيتهما. أوضحت كيربر أنه بالنسبة لشقيق P17، لم يمكن بالإمكان تحديد موته، ولا أن أنور رسلان قدّم عن قصد معلومات خاطئة إلى الأقارب الذين استفسروا عن شقيق P17.
الحُكم
أوضحت كيربر أن المشرّع الألماني ينص على عقوبة السجن مدى الحياة في جريمة القتل العمد (المادة 211 من القانون الجنائي الألماني) والقتل بصفته جريمة ضد الإنسانية (المادة 7 (1) من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا). لذلك أصدر القضاة هذا الحُكم.
امتنع القضاة عن الحُكم بجسامة الذنب. أوضحت القاضي كيربر أنه يمكن للمرء بالفعل أن يدين المدّعى عليه كمتواطئ في 27 حالة قتل و4,000 حالة تعذيب تشكل جرائم ضد الإنسانية. ويمكن للمرء أيضاً أن يدينه بشأن ظروف الاعتقال اللاإنسانية وطول الفترة المشمولة في لائحة الاتهام التي تمتد لأكثر من ستة عشر شهراً. قالت كيربر إنه يمكن أيضاً إدانة المدعى عليه بأنه استوفى أركان جرائم لاثنين من أحكام جريمة القتل من خلال ارتكاب جريمة قتل بصفتها جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 (1) الفقرة 1 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا والقتل كجريمة محلية عادية بموجب المادة 211 من القانون الجنائي الألماني.
ولكن وفقاً للقضاة، يجب على المرء أيضاً أن يأخذ بعين الاعتبار لصالح المدعى عليه أن الجرائم قد ارتُكبت منذ فترة طويلة وأنه، بقدر ما استطاع القضاة تقريره، لم يرتكب أي جرائم بعد ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يُحسب لصالح المدعى عليه أنه لم يرتكب الجرائم بيديه ولم تكن هناك سوى نية محدودة فيما يتعلق بعمليات القتل. كما ساعد المدّعى عليه بعض المعتقلين في الإفراج عنهم وعامل بعضهم معاملة حسنة. كما وجد القضاة أن أنور لم يكن ممن أيدوا النظام بشدة. وبينما كان يؤمن بتبرير النظام [السوري] كمثال لفرض النظام، فقد أراد الامتيازات التي تحققت بسبب منصبه. يعتبره القضاة انتهازياً، وقد اعتبروا ذلك أيضاً سبب انشقاقه. ومع ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أنه انشق فقط على سبيل التظاهر. وقدّم أنور اعترافاً جزئياً وأبدى بعض الندم. وفي ضوء كل هذه العوامل، لم يجد القضاة حالة استثنائية تتطلب الحكم بجسامة الذنب.
انتهت محاكمة أنور رسلان في المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنتس الساعة 3:35 مساءً.
أعلنت رئيسة المحكمة كيربر القرار التالي الصادر عن القضاة:
يتم تأييد مذكرة التوقيف الصادرة عن قاضي التحقيق في محكمة العدل الاتحادية بتاريخ 18 تشرين الثاني/نوفمبر، 2019 والمعدلة في 20 آذار/مارس، 2020.
سألت كيربر أنور ومحامي دفاعه فراتسكي عما إذا كانا سيتنازلان عن حقهما بإبلاغهما بالسبل القانونية المعمول بها. قال محامي الدفاع فراتسكي إنه يتنازل. قال أنور إنه يتبع محاميه. سألت كيربر أنور عما إذا كان ذلك يعني أنه يتنازل عن حق إبلاغه بالسبل القانونية المعمول بها. أومأ أنور برأسه.
أرادت القاضي كيربر الحصول على نظرة عامة تقريبية عن أي من المحامين والمدّعين يريدون إبلاغهم بالسبل القانونية. نظراً لعدم تأكيد أحد على السؤال، استمرت كيربر في سؤال كل منهم على حدة عمّا إذا كانوا قد تنازلوا عن حقهم في إبلاغهم بالسبل القانونية. تنازلت محامية المدعين الدكتورة أوميشين وتنازل الدكتور كروكر نيابة عن موكِّلَيه الاثنين.
تدخّل مترجم المحكمة قائلاً إن معظم المدعين مرتبكون لأنه لم يكن لديه سوى الوقت لترجمة المصطلحات القانونية [التنازل عن حق الاستئناف]. وطلب من القاضي كيربر أن تمنحه لحظة ليشرح للمدعين ما يعنيه ذلك في الواقع. أوضحت القاضي كيربر أن الأطراف في القضية لديهم سُبل معينة للمضي قدماً قانونياً ضد هذا الحكم. إذا قرأت كيربر هذه السُبل لهم، فإنها ستبلغهم بهذه الوسائل القانونية. وأضافت أن السؤال الذي طرحته كان يشير فقط إلى التنازل عن إعلامهم بهذه السُبل وليس التنازل عن استخدام تلك السُبل. [قام المترجم بترجمة كل ما شرحته القاضي كيربر.] استعرضت القاضي كيربر قائمة أسماء المدعين الحاليين ومحاميهم. وقاموا جميعاً بالتنازل عن إعلامهم بالسُبل القانونية المعمول بها. وتنازل الادّعاء العام أيضاً.
اختتمت القاضي كيربر بشكر “المترجم الفوري المخلص لإكماله مهمة اليوم الضخمة”.
انتهت محاكمة أنور رسلان في المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنتس في الساعة 3:43 مساءً يوم الخميس الموافق 13 كانون الثاني/يناير، 2022. لم يكن الحُكم نهائياً بعد.[2]
[1] 110 أيام من المحاكمة تشمل يومي محاكمة لإياد الغريب بعد فصل المحاكمتين في شهر شباط/فبراير 2021.
[2] ملاحظة من مراقب المحاكمة: في المؤتمر الصحفي الذي أعقب إعلان الحُكم، قال فراتسكي، محامي دفاع أنور رسلان، إنه وزميله بوكر وأنور وافقوا على استئناف الحكم أمام محكمة العدل الاتحادية.
_
لمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والملاحظات، يُرجى التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected] ومتابعتنا على الفيسبوك وتويتر. ويرجى الاشتراك في النشرة الإخبارية الصادرة عن المركز السوري للحصول على تحديثات حول عملنا.