2 min read
داخل محاكمة أنور رسلان #27: بيانات ختامية في محاكمة إياد الغريب

داخل محاكمة أنور رسلان #27: بيانات ختامية في محاكمة إياد الغريب

محاكمة أنور رسلان وإياد الغريب

المحكمة الإقليمية العليا – كوبلنتس، ألمانيا

التقرير 27 لمراقبة المحاكمة

تاريخ الجلسة: 17 و18 شباط/فبراير، 2021

تحذير: تتضمن بعض الشهادات أوصافاً للتعذيب.

الملخّص/أبرز النقاط: [1]

اليوم الستون للمحاكمة – 17 شباط/فبراير، 2021

تمت تلاوة الترجمة الألمانية لثلاثة تقارير تتعلق بالخلية المركزية لإدارة الأزمة، والتي قدمتها لجنة العدالة والمساءلة الدولية (CIJA) في المحكمة، وتم تقديمها كدليل. ثم قام القضاة بفصل محاكمة إياد عن محاكمة أنور.

وفي محاكمة إياد الغريب، قدّم المدعون العامون بيانهم الختامي. وأشادوا بشجاعة الناجين الذين شهدوا أمام الشرطة الألمانية أو في المحكمة، على الرغم من التهديدات التي شكّلها ذلك لهم ولأحبائهم. وخلص المدعون العامون إلى أن الحكومة السورية ترتكب اعتداءات واسعة النطاق ومنهجية ضد شعبها منذ عام 2011. ووضعوا الأفعال التي ارتكبها إياد في سياق هذه الاعتداءات وخلصوا إلى أنه مذنب بالمساعدة والمشاركة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في شكل تعذيب وحرمان شديد من الحرية وفقاً لقانون الجرائم ضد القانون الدولي بألمانيا (القانون الجنائي الألماني). وبعد النظر في مجموع الأدلة بالإضافة إلى العوامل المخفِّفة والمشدِّدة للعقوبة، طلبوا إيقاع عقوبة السجن لمدة خمس سنوات ونصف.

اليوم الحادي والستون للمحاكمة – 18 شباط/فبراير، 2021

تلا محامو الدفاع عن إياد بياناتهم الختامية. وبعد أن شكروا القضاة على تعاملهم “الراقي” مع المحاكمة، عبّروا عن احترامهم لجميع الناجين وكذلك الشهود المطلعين الذين أدلوا بشهاداتهم في المحكمة. ثم قدّموا إفادتين بديلتين. كانت الإفادة الأولى “تفترض جدلاً أن موكلهم قد وُجِد مذنباً”. وأشاروا في هذه الإفادة إلى أن إياد ساهم بشكل كبير في مقاضاة أنور وطالبوا بأن يصدر الحكم بإخلاء سبيله المشروط لمدة عامين. وزعم محامو الدفاع في إفادتهم الثانية أن إياد تصرف تحت الإكراه وطالبوا بالحكم ببراءته.

اليوم الستون للمحاكمة – 17 شباط/فبراير 2021

بدأت الجلسة الساعة 9:40 بحضور 6 ممثلين عن وسائل الإعلام و13 شخصاً.[2] وحضر المحامي السيد ساتلمير كبديل لمحامي المدّعي خُبيب علي محمد. ولم يحضر محاميا المدّعي مانويل رايجر وأندرياس شولتس. تم إعفاء أحد مترجمي المحكمة من الجلسة.

بعد بدء الجلسة، أعلنت القاضي كيربر أن المحكمة ستوافق على طلب الادعاء بفصل المحاكمة، ولكن سيتم تلاوة ترجماتٌ لثلاث وثائق تتعلق بالخلية المركزية لإدارة الأزمة (CCMC) في المحكمة أولاً. وأضافت أن ترجمة إحدى الوثائق كانت موجودة بالفعل في ملف القضية، لأنها كانت جزءاً من التحقيقات الهيكلية للشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية (BKA). وسيترجمها مترجم المحكمة حسب الحاجة في المحكمة للتحقق من الترجمة الحالية. وقد تم بالفعل ترجمة الوثيقتين الأخريين، وسيقوم القاضيان بتلاوة هذه الترجمات.

أوضح القاضي فيدنير أن الوثيقة الأولى أُرسلت بالفاكس بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2011. وتلا الترجمة:

[التالي هو نسخة مُعاد إنشائها من المستند بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

الجمهورية العربية السورية

[…]

فرع المخابرات 294

رقم 38846/294

التاريخ: 20 نيسان/أبريل، 2011

سري للغاية

عاجل

تعميم

رسالة 378 من 18 نيسان/أبريل، 2011

اجتماع خلية إدارة الأزمات بقيادة الأمين العام للإقليم بشأن الوضع الأمني والسياسي. نتائج:

  1. انتهت مرحلة التسامح: اعتمد المخربون بشدة على تسامحنا وطلبوا الكثير. لقد جهزوا أنفسهم بالسلاح ولديهم نزعة سياسية معادية.
  2. مواجهة المتظاهرين والمخربين بالوسائل التالية:
  • عدم الإفراج عن المعتقلين أو إحالتهم للجهات القضائية
  • استخدام السلاح ضد المسلحين، ولكن لا يجوز إيذاء المدنيين
  • مصادرة الدراجات النارية التي يستخدمها المسلحون
  • اعتقال الأشخاص دون مداهمات
  • فيما يتعلق بالمظاهرات، خاصة في المساجد: يجب أن تكون الشرطة مستعدة، إذا لزم الأمر، يجب إجراء المواجهات، ويجب الاتصال بالقوات المسلحة للحصول على الدعم إذا لزم الأمر
  1. يجب تشكيل لجان عليا للتخطيط والتسيير من أجل: المنطقة الوسطى والمنطقة الساحلية. خلية إدارة الأزمات هي المسؤولة عن مدينة دمشق وريف دمشق.
  2. تتطلب المنطقة الوسطى اهتماماً خاصاً
  3. يتولى جهاز الحزب المهام التالية:
  • تدريب القوات [المسلحة]
  • حضور أعضاء الحزب
  • التوافر الدائم
  • التأهب للمواجهة مع المظاهرات
  • مراقبة الأشخاص وتحديدهم واعتقالهم
  • […]
  1. يجب أن توضح النقابات العمالية أن أي عصيان ستكون له عواقب.
  2. على رؤساء الجامعة إبلاغ طلابهم بعدم السماح لهم بالمشاركة في المظاهرات وإلا سيتم طردهم.
  3. بالنسبة لدور الإعلام: على الإعلام المدني والعسكري إرسال تغطيتهم للحدث في الوقت المناسب. وعليهم أن يعلقوا على اللقطات والمقاطع الخاصة به مركزيًا وأن يكونوا على اتصال دائم بقوات الأمن. يجب حذف اللافتات الإجرامية والتي كتب عليها نص غير ملائم من اللقطات. ويجب على وسائل الإعلام تطوير أساليب إبداعية للتعامل مع وسائل الإعلام المعادية. يتعيّن على المدنيين والمخربين أن يفهموا أن هذه مرحلة تستوجب تطبيق القانون بكل القوة اللازمة.
  4. عقد اجتماع خاص لخلية إدارة الأزمات فيما يتعلق بالتحضير والنهج المتبع لمظاهرات الجمعة.

رئيس أفرع المخابرات                           [ختم]

[توقيع] / 4

إلى:             مدير المخابرات للاطلاع

نائب مدير المخابرات للاطلاع

الفروع للاطلاع والتنفيذ

سألت القاضي كيربر المترجم عمّا إذا كانت الترجمة صحيحة وكاملة. فأكد المترجم ذلك.

واصل القاضي فيدنير تلاوة الترجمة الألمانية للفاكس بتاريخ 11 آب/أغسطس، 2011.

[التالي هو نسخة مُعاد إنشائها من المستند بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

الجمهورية العربية السورية

مكتب الأمن الوطني

سرّي

عاجل

8/8 AQ تاريخ: 6 آب/أغسطس، 2011

مدير عام فروع حماة وحمص ودير الزور ودرعا

فيما يتعلق باجتماع الخلية المركزية لإدارة الأزمة بدمشق في 5 آب/أغسطس، 2011 حول [غير مقروء] معالجة الأزمة والمخاطر وضعف التنسيق المتعلق بتبادل المعلومات واستمرار الأحداث والخسائر.

يحاول المسلحون تعويض إخفاقاتهم بنهب الناس وإرهابهم.

طلب:

ستنظم حملات مشتركة يومية، وستشارك القوات العسكرية والأمنية في كل هذه الأحداث، وتقتحم الأماكن التي يلتقي فيها المخربون والقتلة، وتعتقلهم. وعليهم أن يعتقلوا بشكل خاص أولئك الذين يحرضون على المظاهرات ويتعاونون مع قوى أجنبية ويشوهون صورة سوريا في الخارج. [غير مقروء] تطهير جميع القطاعات.

بجب تواجد أعضاء الحزب وقوى الأمن في كل مكان.

تشكيل لجنة مشتركة لكل محافظة يُنقل إليها الموقوفون.

يجب تنفيذ الاعتقالات بدقة شديدة لضمان رصد جميع أعضاء الجماعات ذات الصلة.

يجب إرسال تقارير يومية إلى مكتب الأمن الوطني.

يجب رفع تقارير دورية بأسماء منتسبي القوى الأمنية الذين يتخلون عن واجباتهم ويشاركون في مصادرة الأسلحة.

يجب تنفيذ جميع التدابير في الوقت المناسب لضمان السلام.

التوقيع: مدير مكتب الأمن الوطني

طلبت رئيسة المحكمة القاضي كيربر من المترجم مراجعة الترجمة. فأكد المترجم صحتها.

قالت القاضي كيربر إن هناك وثيقة ثالثة موجودة بالفعل في ملف القضية إلى جانب ترجمتها الألمانية، ومع ذلك، طُلب من المترجم أن يترجمها حسب الطلب، من أجل تأكيد صحة الترجمة الحالية.

[التالي هو نسخة مُعاد إنشائها من المستند بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

حزب البعث

الجمهورية العربية السورية

379 التاريخ: 20 نيسان/أبريل، 2011

سري للغاية

تُحفظ من قبل المستلم

محضر اجتماع الخلية المركزية لإدارة الأزمة من 20 نيسان/أبريل، 2011

مدير الإدارة الإقليمية لوضع الأمن السياسي

النتائج:

  1. يطوّر المخربون أساليبهم الرامية إلى ترهيب المدنيين وتقويض ثقتهم في الدولة السورية. إنهم يخططون لمظاهرات الجمعة وقد يحاولون نقل حركتهم الاحتجاجية إلى مدن أخرى.
  2. يجب أن تبدأ مرحلة جديدة لمواجهة هذه الحركة. من اليوم فصاعداً، أصبحت معركة مفتوحة وعلينا أن ننتصر فيها. تحتاج الدولة إلى إظهار قوتها الهائلة.
  3. يجب وضع خطط تفصيلية لمواجهة الاحتجاجات المحتملة، لا سيما في درعا ومدينة دمشق وحمص وريف دمشق. سيتم وضع هذه الخطط على الفور من قبل مكتب الأمن السياسي. مطلوب دعم الجيش والقوات المسلحة.
  4. تحتاج الجيوش الإقليمية والقوات المسلحة إلى تطوير الخطط، بناءً على السيناريو الذي قد تنتشر فيه الأنشطة العدائية إلى جميع المناطق. يجب إنفاذ وتنسيق التدابير المضادة ذات الصلة. وفقاً للوضع المتغير، تتطلب الخطط تعديلات بشكل منتظم.
  5. تفعيل دور القوات العسكرية
  6. ترفع القوات المسلحة تقارير عن عدد الهجمات والجنود القتلى. وبناء على هذه التقارير لا بد من محاكمة الجناة وتقديمهم للمحاكمة.
  7. يتم تطبيق الأساليب ذات الصلة وفقاً لكل موقف على حدة، على النحو المعلن من قبل اللجنة المشتركة.
  8. ضبط المطلوبين المشتبه بهم من المخربين والقتلة والمجرمين.
  9. تركز القوات الأمنية على الحصول على المعلومات وملاحقة المجرمين بهدف تحقيق نتائج ملموسة.
  10. يدفن الموتى دون تجمهر. يجب على العائلات الالتزام بهذه الأمر قبل تسليم الجثة إليهم.
  11. تعقد الخلية المركزية لإدارة الأزمة اجتماعات يومية.
  12. يجب فصل الطلاب الذين يشاركون في المظاهرات.
  13. يحظر استخدام الدراجات النارية بأمر من وزير الداخلية.
  14. تؤكد المادة رقم 8 أهمية الإعلام في مساعدة الجيش والإدارة، بناءً على أمر من وزير الداخلية.
  15. ترفع القرارات العامة للجنة التوجيهية العليا واللجنة في درعا.
  16. بموجب قرار من وزير الدفاع، يجب دعم وزير الداخلية بأي وسيلة.
  17. ينسق نواب الأمناء الإقليميين دور الحزب وفقاً للخطة الشاملة ويقدمون تقارير.
  18. علينا أن نحترم طلب الذين يرغبون في تدخل الدولة لكسب المعركة التي تم شنّها ضدهم. يجب أن يعيشوا هم وأولادهم في سلام.
  19. وقف اللجان الشعبية عن العمل.

التوقيع: نائب الأمين الإقليمي

بمجرد أن انتهى المترجم من ترجمته وأكد القضاة صحة الترجمة الموجودة بالأصل، قالت القاضي كيربر إن طلبين لا يزالان قيد النظر أمام القضاة. وأوضحت أن أحدهما طلب فصل المحاكمة والآخر طلب تقديم أدلة إضافية. وبما أن الطلب الثاني يتعلق فقط بقضية إياد الغريب، فإن القضاة سيتعاملون أولاً مع طلب فصل المحاكمة. ولم يكن لدى أي من الأطراف أي تعليقات على طلب المدّعين بفصل المحاكمة، لذلك تلت القاضي كيربر أمر القضاة بشأن هذا الطلب:

[فيما يلي ملخص لأمر المحكمة، بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

أمر المحكمة

سيتم فصل محاكمة المتهم إياد الغريب وفقاً للمادة 13 (3) من القانون الجنائي. وستستمر المحاكمة تحت ملف المحكمة رقم 1 StE 3/21. وسيبقى رقم ملف المحاكمة ضد أنور رسلان كما كان من قبل (1 StE 9/19).

الأسباب:

إن فصل المحاكمة أمر عملي، لأن القضية المرفوعة ضد إياد جاهزة للبت فيها في حين أن القضية المرفوعة ضد أنور تتطلب أخذ المزيد من الأدلة.

أعلنت رئيسة المحكمة القاضي كيربر أن محاكمة أنور سيتم وقفها مؤقتاً حتى يوم الأربعاء 10 آذار/مارس، 2020. وأوضحت أنه ستكون هناك استراحة قصيرة في محاكمة إياد للسماح لأنور وفريق دفاعه بالمغادرة ولإجراء التغييرات ذات الصلة في قاعة المحكمة.

رُفعت جلسة أنور رسلان الساعة 10:40 صباحاً.

ستعقد الجلسة المقبلة في 10 آذار/مارس، 2021.

***

[استراحة لمدة 15 دقيقة]

***

بينما جلس محامو المدّعين في مقاعدهم، أوضحت القاضي كيربر أنه لن يكون هناك مدّعون في محاكمة إياد فعليا، ومع ذلك، لمنع المزيد من الاضطراب، سيسمح للمحامين بالبقاء.

واصلت القاضي كيربر التعاطي مع طلب الدفاع للحصول على أدلة إضافية وتلت أمر المحكمة التالي:

[فيما يلي ملخص لأمر المحكمة، بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

أمر المحكمة

طلب محامي الدفاع شوستر بتاريخ 2 شباط/فبراير، 2021 تلاوة أجزاء من محضر مقابلة إياد مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لإثبات الحقائق التالية:

  1. عمل إياد في البداية في فرع “الأديان” في المخابرات السورية حيث تلقى تدريباً لمدة خمسة أشهر على كيفية مراقبة الاجتماعات والفعاليات الدينية والحصول على المعلومات ذات الصلة.
  2. في هذا المنصب، كان يتبع إدارياً لرئيس الفرع كمال الأحمد وتوجب عليه رفع تقاريره إلى رئيس الفرع.
  3. فيما يتعلق بأسباب ترك فرع “الأديان”، قال إياد للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين إنه لا يحب الوظيفة المكتبية، لذلك بدأ العمل في الزبداني. بعد خمسة أشهر، طلب منه رئيسه السابق كمال الأحمد العودة إلى فرع “الأديان” حيث مكث إياد شهرين آخرين. ثم نُقل إلى القسم 40 الخطير والشبيه بالمافيا حيث عمل من حزيران/يونيو، 2011 حتى انشقاقه في عام 2012.

رُفض طلب شوستر، حيث تم بالفعل إثبات الحقائق التي كان من المفترض أن يتم إثباتها.

الأسباب:

سبق أن استمعت المحكمة لموظفي المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين السيد فولنر والمترجم الفوري، وكلاهما كانا حاضرين خلال مقابلة إياد مع المكتب. وتليت عدة أجزاء من محضر المقابلة على السيد فولنر الذي أكد صحة المحضر. وشهد كذلك على المحتوى والسياق العام. لهذه الأسباب، ليس هناك شك فيما يتعلق بالحقائق المذكورة أعلاه.

شكر محامي دفاع إياد شوستر القضاة واعتذر عن “محاضره غير المكتملة على ما يبدو”.

أوضحت القاضي كيربر أن القاضيين سيتلوان الآن مقطعاً من سجل إياد لدى وزارة العدل الألمانية [سجله الجنائي] من عام 2019.

أوضح القاضي فيدنير أن شرطة الجنائية الاتحادية الألمانية قد طلبت معلومات عن إياد من وزارة العدل (السوابق الجنائية). تم توفير هذه المعلومات في 30 أيلول/سبتمبر، 2019:

[ما يلي هو نسخة مُعاد إنشائها من قيد السجل، بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة]

معلومات بخصوص إياد الغريب.

ولد في دمشق، سوريا في 25 أيار/مايو، 1976

ملاحظة: لدى المكتب معلومات مختلفة بخصوص اسم الشخص المذكور أعلاه. لضمان التوحيد، سيتم تهجئة الاسم كما هو مكتوب أعلاه.

عدد قيود السجل: 1

التاريخ: 24 تمّوز/يوليو، 2018 محكمة المقاطعة [AG] هيرمسكايل

ملزم قانوناً منذ 1 أيلول/سبتمبر، 2018

المسألة: إصابة جسدية في 26 أيار/مايو 2018، بموجب الفقرتين 223 (1) و231 (1) من القانون الجنائي الألماني.

الحُكم: دفع 20 غرامة يومية بمعدل 5 يورو في اليوم

قالت رئيسة المحكمة القاضي كيربر إنه وفقاً لمكتب المدّعي العام في ترير، تم دفع الغرامات. وأضافت أن الأمر “قد تم التعامل معه”.

أوضحت القاضي كيربر أن المترجمين الفوريين كانوا أيضاً بمثابة خبراء من وقت لآخر وسألت عمّا إذا كان الدفاع أو المدّعون العامون قد طلبوا وضعهم تحت القَسَم. لم يكن لدى أي من الأطراف أي سؤال أو طلبات إضافية. لذلك أعلنت رئيسة المحكمة القاضي كيربر الانتهاء من أخذ الأدلة في محاكمة إياد الغريب، وأمرت باستراحة قصيرة قبل أن يقدّم المدّعون العامون بيانهم الختامي.

***

[استراحة لمدة 15 دقيقة]

***

[يوجد أدناه ملخص للبيان الختامي الشفوي للمدعي العام، بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة. تمت الإشارة إلى الاقتباسات المباشرة بعلامتي الاقتباس “” ووضعت الملاحظات الإضافية بين قوسين معقوفين]

أشار المدّعون أولاً إلى السياق العام في سوريا:

افتتحوا بيانهم الختامي بالقول إنه منذ بداية الربيع العربي، تستخدم الحكومة السورية عنفاً واسع النطاق ضد المعارضة الديمقراطية المدنية. وأدى هذا في النهاية إلى نزاع مسلح مستمرٍ حتى اليوم. ووصفت غارانس لو كين الوضع في سوريا “على نحو مناسب” بوصف البلد بأنها “أرض الغائبين”. وأشار المدّعون العامون كذلك إلى أنه ليست الجماعات المسلحة غير التابعة للدول هي التي ترتكب جرائم في هذا النزاع فحسب. إن “إرادة النظام[3] للحفاظ على الذات تسببت في عدد لا يحصى من الضحايا المدنيين واللاجئين”.

وفقاً للمدّعين العامين، تحقق ألمانيا في جرائم ارتكبت في سياق النزاع السوري منذ عام 2012. ومع ذلك، فإن هذه المحاكمة لن تكون واحدة من العديد من المحاكمات. وستكون هذه أول محاكمة في العالم يواجه فيها موظفو جهاز مخابرات بشار الأسد اتهامات.

الأفعال الإجرامية والملاحظات الخاصة:

شدد المدّعون العامون على أن المُتّهم في هذه المحاكمة، إياد الغريب، لم يُتهم بصفته ممثلاً للنظام بأكمله. ومع ذلك، لا يمكن النظر في جرائمه المزعومة دون وضعها في سياق الهجوم المنهجيّ وواسع النطاق للنظام السوري على شعبه.

أضاف المدّعون العامون أن “هذا النظام لا يزال يمسك بزمام السلطة إلى حد كبير اليوم”، وهي حقيقة تميز هذه المحاكمة عن محاكمات نورمبرغ والمحاكمات في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا. وكانت آثار “أنفاس النظام المسمومة” واضحة طوال هذه المحاكمة، نظراً إلى الشهود الخائفين. أشار المدّعون العامون إلى أن العديد من الشهود بينوا كيف تعرّضت عائلاتهم في سوريا للتهديد وأنهم كانوا على استعداد للإدلاء بشهادتهم فقط عند إخفاء هويتهم. لكن الإرهاب في سوريا لم يمنع “البطل” قيصر من تهريب آلاف صور الجثث خارج سوريا وكشف النقاب عن طريقة تعذيب النظام للمعتقلين وقتلهم وتوثيقهم. وبحسب المدّعين العامين، فإن الإرهاب في سوريا أيضاً لم يمنع الضحايا من إخبار العالم بمعاناتهم. وأضافوا أنه بفضل شجاعة هؤلاء الناس فقط لم يكن النظام آمناً [أومأت رئيسة المحكمة كيربر مُقرّة بذلك]. هذه المحاكمة، كما أوضح المدعون العامون، كانت تجري فقط في كوبلنتس بسب إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب في سوريا. لذا أظهر المدّعون العامون امتناناً خاصاً لهؤلاء الشهود؛ إنهم “يستحقون منا أعلى درجات الاحترام والتقدير”.

أظهرت هذه المحاكمة أنه يمكن محاكمة الجرائم التي لا يمكن تصورها بشكل فعال بموجب الولاية القضائية العالمية، كما أوضح المدّعون العامون. وتماشياً مع القرار الأخير الصادر عن محكمة العدل الاتحادية الألمانية [28 كانون الثاني/يناير 2021، 3 StR 564/19] أراد المدّعون العامون التأكيد على أن “ألمانيا لم تكن في يوم، وليست حالياً، ولن تكون أبداً ملاذاً آمناً لمرتكبي الجرائم الدولية”. وأضافوا أن هذه المحاكمة لن تكون الأخيرة من نوعها، “كوبلنتس ليست سوى البداية”. وخلصت إلى أنه لن يكون هناك حدود للجرائم بموجب القانون الدولي.

وبحسب الادّعاء العام، لم تظهر المحاكمة أي حقائق من شأنها أن تختلف بشكل كبير عن لائحة الاتهام. أوضحت المدّعي العام بولتس أنه خلال البيان الختامي للمدّعين العامين، سيتم تسمية الشهود الذين سُمح لهم بإخفاء المعلومات الشخصية أثناء المحاكمة الرئيسية وفقاً ليوم المحاكمة الذي شهدوا فيه [سيستخدم المركز السوري للعدالة والمساءلة الرموز الخاصة من التقارير السابقة للإشارة إليهم].

أراد المدّعون العامون توجيه الشكر لمحامي الدفاع بشكل خاص. فقد دافعوا عن موكلهم بطرق مبتكرة دون أن يحاولوا تعريض الشهود لصدمة أخرى بالضغط عليهم أو ترويعهم بالأسئلة. ووفقاً للمدّعين العامين، لم يكن هذا “مع الأسف، مجرّد تحصيل حاصل”.

موضوع المحاكمة:

استذكر المدّعون العامون بداية الثورة في درعا عام 2011، عندما استخدم النظام السوري عنفاً واسع النطاق تسبب في سقوط العديد من الجرحى ومقتل شخصين. واستخدمت الذخيرة الحية لاستهداف المدنيين ولم يتم استخدام العنف الذي ترعاه الدولة منذ مرحلة مبكرة لمنع المظاهرات وحلها فحسب، ولكن أيضاً لمراقبة المدنيين والسيطرة عليهم. بدءاً في درعا في نيسان/أبريل 2011، فُرضت قيود اجتماعية، وتم تقييد الوصول للغذاء، وكانت المشافي تحت المراقبة. وبحسب الادّعاء، فقد أدى هذا الأخير إلى إنشاء مشاف تحت الأرض حيث لم يتلق المتظاهرون الجرحى سوى علاج طبي غير كاف. وأشار المدّعون العامون كذلك إلى كيف أنه تم تقييد تدفق المعلومات بشدة وامتدت جميع التدابير [التقييدية] إلى مدن أخرى أيضاً. وصعّد النظام العنف بشكل مطرد. في نيسان/أبريل 2011، أصدرت الخلية المركزية لإدارة الأزمة أمراً مباشراً بأن “مرحلة التسامح قد انتهت”. وأشار ممثلو الادّعاء إلى أنه بعد هذا الأمر، استخدمت القوات العسكرية العنف المميت، ومع ذلك، فقد طُلبت إجراءات أكثر صرامة: استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والهراوات ضد المتظاهرين. وشُرّد الناس قسراً في السجون حيث تعرضوا للتعذيب الشديد والإذلال والإيذاء.

وقال الادّعاء إن المعتقلين تعرضوا للتعذيب في السجون السورية قبل [الثورة]، لكن منذ 2011 تغيرت كمية ونوعية التعذيب في السجون السورية بشكل كبير. وكان التعذيب وظروف الاعتقال اللاإنسانية أمورا تافهة. “للانتقام ولخنق” الحركة منذ البداية، استخدم النظام السوري التعذيب الجسدي والنفسي. ارتفعت معدلات الوفيات بشكل ملحوظ في المعتقلات وأصبحت المشافي العسكرية مكاناً للتعذيب والقتل. وفيما يتعلق بالمشافي، أشار الادعاء العام إلى الأوضاع في مشافي المَزّة وتشرين وحرستا التي أصبحت أماكن لتخزين الجثث وتسجيلها قبل “التخلص منها” في مقابر جماعية. واستخدم التوثيق الدقيق للمعتقلين القتلى لإثبات موت هؤلاء الأشخاص بالفعل.

وصف الادعاء العام هيكل المخابرات في سوريا، قائلين إنه يتكون من إدارة المخابرات العامة، وشعبة المخابرات العسكرية، وإدارة المخابرات الجوية، والأمن السياسي. وتقسم كل منها إلى مزيد من الفروع. وبحسب الادّعاء العام، كان الفرع المركزي في المحاكمة الحالية هو الفرع 251، المعروف أيضاً باسم الخطيب، نظراً لموقعه المعروف في دمشق. كان هذا الفرع يشرف على دمشق، ويتعلق في الغالب بالاعتقالات ونقاط التفتيش. وكان مدعوما من قبل القسم 40.

وكان هذا القسم بقيادة حافظ مخلوف، ابن خال بشار الأسد، و”بفضله كان للقسم مكانة خاصة”، كما وصف المدّعون العامون. كانت تعرف باسم “فرقة التطهير والاختراق”. كان للقسم 40 معتقلات خاصة به، ومع ذلك، بقي الناس هناك لفترة قصيرة جداً فقط، قبل نقلهم إلى فرع آخر، عادة الفرع 251. ووصف المدّعون العامون تعرّض الأشخاص بالفعل لسوء المعاملة في القسم 40 وتم اختيار عناصر هذا القسم بعناية. حيث كان عليهم الخضوع لعملية اختيار متعددة المستويات، مما أدى إلى خلق “دائرة نخبوية”. ونفذ القسم 40 “اعتقالات مفاجئة” في مظاهرات سلمية و”بدأ مطاردة” الأشخاص الفارين من المظاهرات.

بحسب المدّعين العامين، كان على المرء أن يضع في اعتباره أنه لم يتم إخبار أي شخص بسبب اعتقاله أو مكان إحضاره. ولم يتم إبلاغ أي من المعتقلين بحقوقهم أو عرضهم على قاضٍ. كما لم يكن لديهم محام، ولم يتم إبلاغ أي شخص باعتقالهم أو مكان وجودهم.

فيما يتعلق بمعاملة المعتقلين في الفرع 251، وصف المدّعون العامون ما يلي: عند وصولهم إلى الفرع 251، استُقبل المعتقلون بما يُعرف بـ”حفلة الترحيب”، حيث تعرضوا خلالها للضرب بطريقة “مسعورة ووحشية”. وعادة ما يبدأ هذا الإجراء في الفناء أو الطريق المؤدي للمبنى. وفي كثير من الأحيان، تعرّض المعتقلون “لمزيد من الوحشية” لحظة مغادرتهم المركبة التي جلبتهم إلى هناك. ويذكر أنه بين تمّوز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2011، تعرّض المعتقلون للضرب على رؤوسهم بقضبان حديدية أثناء هذا الإجراء. فبمجرد دخول المعتقلين إلى المبنى، عليهم خلع ملابسهم في الطابق السفلي حيث يتم تفتيشهم. وبعد ذلك، يستعيدون ملابسهم ويقادون إلى زنزانتهم.

أشار المدّعون العامون كذلك إلى أعمال العنف واسعة النطاق التي استُخدمت كوسيلة للانتقام أثناء التحقيقات. وبشكل عام، أُجريت التحقيقات دون غرض محدد. يكون أحد السّجانين عادةً حاضراً أثناء التحقيق حيث يُهين المعتقلين ويسيء معاملتهم. وبحسب الادّعاء، فقد شمل ذلك: الصعق بالكهرباء، والضرب على الوجه، والفلقة، والدولاب، والكرسي الألماني، والشّبْح، فضلاً عن التهديدات وأعمال العنف الجنسي. وخلص المدّعون العامون إلى أن ظروف الاعتقال في الفرع 251 كانت لاإنسانية ومهينة. ولم يتلق المعتقلون أي علاج طبي. وكانت الزنازين مكتظة ولم يكن لدى المعتقلين فرصة للجلوس، فكانوا ينامون وهم واقفون أو ينامون بالتناوب. كان الطعام في الفرع غير كافٍ أيضاً، وكانت حالة النظافة كارثية. وكان على المعتقلين سماع الصراخ المستمر لتعذيب المعتقلين الآخرين، وفقد الكثير من الناس عقولهم. بين 29 نيسان/أبريل 2011 وكانون الثاني/يناير 2012، اعتُقل مئات الآلاف من الأشخاص في الفرع 251. وكانوا يعيشون في خوف دائم على حياتهم. وكان هذا الخوف أسوأ من التعذيب الجسدي. خلص المدّعون العامون إلى أن مجرد الاعتقال في الفرع 251 يعتبر ضرباً من التعذيب.

مساهمة إياد الغريب الإجرامية:

وصف المدّعون العامون تاريخ عمل المُتّهم: في سن العشرين، التحق إياد بإدارة المخابرات العامة كمدرب بدني. ومنذ شباط/فبراير 2010، أصبح عنصراً في الفرع 251. حيث عمل أولاً في فرع “الأديان”، في مبنى الفرع 251 قبل أن يعمل في الزبداني لمدة شهر تقريباً، بدءاً من حزيران/يونيو 2011. ولأنه “لم يفضّل” الوظيفة المكتبية ولأن رؤساءه كانوا على ما يبدو “راضين تماماً” عن عمله، بدأ العمل في القسم 40. وبحلول هذا الوقت، كان القمع من قبل النظام قد بدأ بالفعل وكان إياد على دراية بما يفعله القسم الذي يقوده حافظ مخلوف. ووجد الادّعاء أنه هو نفسه متورط بشكل مباشر في حادثة واحدة على الأقل في مسجد دوما في أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر 2011. حيث تظاهر 3,000 – 6,000 شخص بشكل سلمي بوجود حوالي 250 عنصراً من القسم 40 عندما فتح حافظ مخلوف النار على المتظاهرين من السيارة وأمر بإطلاق النار على الجميع؛ إذا كانوا يحبون الرئيس. وأوضح الادّعاء العام أن ثلاثة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم فوراً، وأصيب اثنان بجروح قاتلة. وطُلب من إياد وزملائه القبض على الأشخاص الفارين وعندما “بدأوا عملية المطاردة”، اعتقلوا ما لا يقل عن 30 شخصاً. وبحسب الادعاء العام، فقد وضع إياد وزملاؤه هؤلاء الأشخاص قسراً في حافلات ونقلوهم إلى الفرع 251. وكان إياد على متن الحافلة حين قام زملاؤه بضرب المعتقلين. وفي الفرع 251 استُقبل المعتقلون “بحفلة الترحيب”، وجرّاء ذلك تعرّض 30 مدنياً لسوء معاملة بشكل خطير. وخلص الادّعاء العام إلى أن إياد كان مدركاً وقد قبل باستهتار تعرُّض هؤلاء الأشخاص للتعذيب المنهجيّ. وعلم إياد بأن الفرع كان بمثابة آلية لترويع الناس. حيث كان على علم بذلك وقبل به.

لكن الادّعاء العام شدّد على أن أنور رسلان هو المتهم بالإشراف على التعذيب والأمر به في الفرع 251. وأن الأدلة المتوفرة عن إياد من ناحية أخرى يمكن أن تثبت تورطه بجريمة واحدة فقط في يوم واحد في أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر 2011. ولم تكن القضية المرفوعة ضد إياد سوى لقطة لما كان يحدث بحسب الادّعاء العام. ومع ذلك، عند تقييم الأدلة في قضيته، يجب فحص الأدلة التي تثبت وجود هجوم منهجي واسع النطاق ضد السكان المدنيين، كما أوضح المدّعون العامون. ووصف الادعاء العام أن هذا الهجوم تم في الشوارع وكذلك في قبو الفرع 251. وبحسب الادّعاء، عند تحديد المسؤولية الجنائية لإياد، يجب النظر إلى الأدلة ضده وتجاهل كل شيء آخر.

كما أشار المدّعون العامون إلى أن الستين يوماً الماضية من المحاكمة أظهرت “بوضوح” أنه منذ نيسان/أبريل 2011 على الأقل، ما فتئ النظام السوري يشن هجوماً منهجيّاً وواسع النطاق “ضد أعضاء المعارضة الفعليين والمزعومين”. وأشار المدّعون العامون إلى العديد من الخبراء مثل الفاضلة ثورمان و مازن درويش وأنور البُنّي (P2) وكريستوفر إنجلز والعديد من الشهود وكذلك تقرير هيومن رايتس ووتش “لم نر مثل هذا الرعب من قبل “ الذين أكدوا ذلك [الهجوم على أعضاء المعارضة الفعليين والمزعومين]. وبحسب الادّعاء، فإن الهجوم بدأ في 29 نيسان/أبريل، 2011، عندما تم بالفعل تنفيذ أوامر الخلية المركزية لإدارة الأزمة بدءاً من 20 نيسان/أبريل، 2011. ويُثبت مقتل 200 شخص في درعا، بعد هذا التاريخ بقليل، تنفيذ هذه الخطة.

فيما يتعلق بوجود الخلية المركزية لإدارة الأزمة ومهامها، أشار المدّعون إلى شهادات مازن درويش ومازن درويش وP10 وكريستوفر إنجلز . كما سيوفر محضر اجتماع الخلية المركزية لإدارة الأزمة بتاريخ 20 نيسان/أبريل 2011 مزيداً من المعلومات حول المناقشات أثناء الاجتماعات. إن صياغة هذا المحضر بالإضافة إلى وثيقتي الخلية المركزية لإدارة الأزمة الأخريين اللتين تمت تلاوتهما للتو في المحكمة “تقشعر له الأبدان”، كما أشارت المدّعي العام بولتس. وتؤكد شهادة الشاهد [حُجب الاسم]، التي قدمها رئيس المفتشين الجنائيين دويسنج وكذلك شهادة P16 تنفيذ خطط الخلية المركزية لإدارة الأزمة. وأشار المدّعي العام إلى إفادة [حُجب الاسم] عندما وصف الوضع بأنه “دوامة عنف” وعندما شهدت P16 بشأن اعتقالها في اليوم 34 من المحاكمة، ذكرت أن الاعتداءات والصراخ المستمر كانت أموراً “طبيعية” في الفرع 251. وخلص المدّعون العامون إلى أنه على وجه العموم، تم “تنفيذ تعليمات الخلية المركزية بشكل صحيح” و”أن مطاردة المعارضة قد بدأت”.

فيما يتعلق بدور أجهزة المخابرات في الهجوم واسع النطاق والمنهجيّ، أشار المدّعون الى شهادات العديد من الشهود: السيدة ثورمان، وكريستوفر إنجلز، ورياض سيف، ومازن درويش، وأنور البني (P2)، وP10 وP3 ورئيس المفتشين الجنائيين دويسنج. ووُصِفت المهمة الخاصة للفرع 251 من قبل رئيس المفتشين الجنائيين دويسنج وإفادات إياد نفسه مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية. وقُدمت إيضاحات بشأن القسم 40 إلى المحكمة من قبل P21 وP5 وP20 وP24 وP16 والمدّعى عليه نفسه أثناء جلسات الاستماع مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية. ووفقاً لـ P5، تم اختيار أولئك الذين يتمتعون بحالة بدنية وعقلية ممتازة، مع مراجع مهنية ذات صلة ممن كان لديهم ولاء غير مشروط للعمل في القسم 40، كما أشار المدّعون العامون. ولم يصل P5 إلى القسم 40. وخلص المدّعون إلى أن إياد كان على ما يبدو أكثر ملاءمة منه.

وبحسب الادّعاء العام، لا شك في أن النظام السوري يشن هجوماً منهجياً وواسع النطاق ضد السكان المدنيين المعارضين. وقد أكدت محكمة العدل الاتحادية الألمانية ذلك سابقاً . وفيما يتعلق بقتل المدنيين من قبل النظام، ذكر المدّعون العامون تأكيد الفاضلة ثورمان لذلك في المحكمة، إضافة إلى تقرير هيومن رايتس ووتش ، ومازن درويش ، وP15 وP19. وأضاف المدّعون العامون أن ملفات قيصر والتحليلات التي قدمها البروفيسور د. روتشيلد، ورئيس المفتشين الجنائيين دويسنج وغارانس لو كين ، أثبتت بشكل مثير للإعجاب “النطاق الفعلي” لعمليات القتل هذه. وأوضح دويسنج في تحليله لملفات قيصر أن الجثث “ألقيت بلا مبالاة أو احترام” حيث أُلقيت في احدى الساحات الخلفية، “دون أي حماية من الشمس أو ممن ينبشون القمامة، ووفقاً لدويسنج وغارانس لو كين ، كانت تلك الممارسة شائعة على الأقل منذ أيار/مايو 2011. وأكدت الأخيرة ذلك من خلال الإشارة الى سيرة قيصر.

أعرب المدّعون العامون عن أسفهم لعدم تمكن المحكمة من سماع قيصر أو سامي. ومع ذلك، يمكن القول إنه بهذه المحاكمة، حقق الاثنان هدفهما أخيراً، كما خلصت المدّعي العام بولتس. ويمكن إثبات “المدى المروع” للجرائم ضد الإنسانية المرتكبة من قبل النظام السوري من خلال هذه الملفات. ووفقاً للمدّعين العامين، ليس هناك شك في صحة الصور. ووفقاً للبروفيسور د. روتشيلد، أظهرت 6,627 صورة من أصل 20,948 صورة علامات على عنف واسع النطاق. ووجد المدّعون العامون أن الناس تعرّضوا لسوء المعاملة بشكل منهجيّ، ومن الواضح أنه لم يتم توفير العلاج الطبي. وبناءً على هذه الصور، تم استبعاد الموت لأسباب طبيعية. وقُتل بين عامي 2011 و2013 ما لا يقل عن 6,627 شخصاً “بوحشية” ونُقلوا إلى مشفيي المَزّة وتشرين. وأشار المدّعون العامون إلى كيف أنه تحدث P23 والمتهم إياد عن قتلى ومعتقلين ماتوا خلال “حفلات الترحيب”. أكد P3 وP14 باعتبارهما من المطلعين أن المعتقلين “دفنوا على عجل” في مقابر جماعية. وأوضح P3 كذلك أنه تم حفر مقبرتين جماعيتين حصرياً لدفن الجثث من إدارة المخابرات العامة. أكد Z300719 أيضاً وجود مقابر جماعية. ووفقا للمدّعين العامين أُكّدت هذه الشهادات من قبل المفتش الجنائي كنابمان في اليوم 54 من المحاكمة . حيث عرض وحلّل صور أقمار صناعية مفتوحة المصدر أظهرت مقابر جماعية بالقرب من دمشق. وفي إحدى الصور، يمكن التعرف على آثار حفارة مستخدمة لحفر القبور. وعلى الرغم من أن هذه الصور مؤرخة في عام 2014 وما بعده، فلن يكون من المستغرب عدم وجود صور خاصة من عام 2011 لسببين: الأول، في عام 2011، لم تكن هناك حاجة بعد إلى مقابر جماعية بهذا الحجم الكبير. وثانياً، لن يتوفر سوى عدد محدود لمثل هذه الصور، والتي تُظهر منطقة معينة فقط. كما وجد المدّعون العامون أن تقرير هيومن رايتس ووتش قد ذكر وجود مقابر جماعية أيضاً.

وبالتالي، فإن عمليات القتل المستهدفة وواسعة النطاق للمعارضين هي جزءٌ من هجوم ممنهج وواسع النطاق من قبل النظام السوري.

[طلبت المدّعي العام بولتس استراحة قصيرة للمترجمين وفتح النوافذ.]

***

[استراحة لمدة 15 دقيقة]

***

[واصلت المدّعي العام بولتس تلاوة البيان.]

التعذيب والحرمان من الحرية

وأشار المدّعون العامون إلى أنه خلال المحاكمة، أدلى العديد من الشهود بشهاداتهم حول التعذيب والظروف اللاإنسانية في الفرع 251. في اليومين 16 و 17، على سبيل المثال، أدلى أحد المطّلعين بشهادته حول “حفلات الترحيب” في الفرع 251. أخبر المدّعى عليه، إياد، المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في أيار/مايو 2018 أن المعتقلين تعرّضوا للضرب على رؤوسهم. وقدّم وصفاً أكثر تفصيلاً عندما استجوبته الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية موضحاً أن المعتقلين تعرّضوا للضرب بقضبان معدنية. وقال إياد بنفسه إن صرخات التعذيب وصلت حتى الكافيتريا في الفرع 251.

وأضاف المدّعون العامون أن العديد من المعتقلين والضحايا السابقين قد أدلو بشهاداتهم عن التعذيب. إلا أن هذه الشهادات مجرد لمحة عمّا كان يجري وما يمارس حتى اليوم. ووصف كلٌ من P1 وP16 وP23 وP11 وP26 بصورة متّسقة شكل الفرع 251 وموقعه، والذي كان معروفاً أيضاً بين العامّة، نظراً لموقعه في منطقة الخطيب المعروفة. وعلاوة على ذلك، وصف جميع الشهود السجون السرية في الفرع 251. وفي اليوم 34، أوضحت P16 أيضاً أنه لا توجد إجراءات قانونية لفحص صحة الاعتقالات ولم يتم إبلاغ أفراد الأسرة مطلقاً باعتقال أحبائهم واحتجازهم. وذكر المدّعون العامون أنهم كانوا يودون سؤال [حُجب الاسم] – الذي قُدمت شهادته من قبل كبير المفتشين الجنائيين هورل [اليوم 57] – حول كيفية اعتقاله بالضبط عندما استجاب طواعية لاستدعاء من قبل القسم 40. إلا أنه لم يكن على استعداد للإدلاء بشهادته في المحكمة بسبب مخاوف جدية بشأن سلامته وسلامة أسرته. ورغم ذلك، فقد أُيّدت الشهادات حول التعذيب المستمر والظروف اللاإنسانية والمهينة في الفرع 251 من خلال العديد من الشهادات الأخرى، ووفقاً للمدّعين العامين: وصف P1 اعتقاله واحتجازه، وكيف كان عليه أن يواجه “حفلة الترحيب” سيئة السمعة قبل نقله إلى زنازين جماعية مكتظة وزنازين منفردة صغيرة. وشهد كذلك بشأن الطعام غير الصالح للأكل وقيام السّجان بوضع هراوة في فتحة شرجه. وأكد P11 هذه الصورة من خلال الإدلاء بشهادته حول معاناته هو وزملائه. وأيّدت هذه الروايات شهادة P12 حول وضع عصابة على أعين المعتقلين وإجبارهم على التناوب على النوم وعدم قدرتهم على التمييز بين الليل والنهار بسبب وجود ضوء لا ينطفئ في الزنازين. وكانت تجارب P16 و[حُجب الاسم] [اليوم 57] متشابهة أيضاً.

أشار المدّعون العامون إلى إخبار P23 المحكمة أن الفرقة العاشرة [من الجيش في قطنا] كانت مسؤولة عن الهجمات بالقنابل وكيف قاموا بخلع أسنان الناس. وبحسب المدّعين العامين، تحدث جميع الشهود عن “أذيال (تُبّع) التعذيب” في الفرع 251 من تجربتهم الخاصة وكذلك ما شاهدوه يحدث لمعتقلين آخرين. كما وصف جميع الشهود نقص العلاج الطبي في الفرع 251. وخلص المدّعون العامون إلى أن نقل المعتقلين إلى المشفى “لم يكن لعمل الخير”، حيث وجدوا أن الهدف الوحيد هو “القضاء على المرضى” – “إن كان من الممكن تسميتهم مرضى”. وأشار المدّعون العامون أيضاً إلى أن السبب الوحيد الذي مكّن أحد الشهود من الخروج من المشفى هو أن حالته كانت سيئة كفاية ليكون عبرة للآخرين، فقد ألقي به في الشوارع وترك ليموت. وأكدت شهادة P26 أيضاً هذه الروايات المتعلقة بالعلاج الطبي.

وفيما يتعلق بمصداقية شهادات الشهود، ذكر المدّعون العامون أنه عادة ما يجب تقييم مصداقية كل شهادة على حدة. إلا أنه لم تكن هناك إشارة واحدة على أن أياً من الشهود لم يقل الحقيقة أو حاول توجيه اتهامات زائفة للمدعى عليه في هذه المحاكمة. وكانت كل تفاصيل الشهادات مُتّسقة. ووفقاً للمدّعين، فإن صعوبة تذكر أمور معينة تعود للرفض الطبيعي لاستعادة هذه الذكريات وحسب. ويمكن للمرء أن يرى الرعب على وجه كل شاهد. ووجد الادعاء أن “هؤلاء الأشخاص هم من الناجين من الفرع 251؛ ولم يتم إنقاذهم”. ومع ذلك، لم يكن هناك أي مبالغة، وتم تأييد جميع الشهادات بأدلة أخرى.

وتابع المدّعون العامون بالإشارة إلى اليوم الثاني من المحاكمة عندما تحدث رئيس المفتشين الجنائيين دويسنج عن كون التعذيب ممارسة شائعة في السجون السورية منذ 1976 على الأقل وأكد أنه خلال التحقيق الهيكلي الذي أجراه مكتبه فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة في النزاع السوري، فإن جميع الشهود قدّموا نفس الوصف للتعذيب، ولا سيما الفلقة كونها طريقة متعارفا عليها في الفرع 251. ووفقاً للمدّعين العامين، إن ما يسمى بملفات قيصر وتحليل الطب الشرعي الذي قدّمه البروفيسور د. روتشيلد على وجه الخصوص سيكون دليلاً آخر على التعذيب في الفرع 251. وشدد المدّعون العامون على أن تحليل الطب الشرعي قد وجد نتائج مشتركة متكررة بشأن التعذيب المنهجي الذي تستخدمه جميع الفروع. وذكر روتشيلد أن “كل موظف لديه مجموعة أدوات تعذيب قياسية” على ما يبدو. كما عرض النتائج التي توصل إليها هو وزملاؤه فيما يتعلق بشهادات الشهود وأكد معقوليتها. كما قدّم مازن درويش وأنور البُنّي (P2) أوصافاً عامة للتعذيب الذي استخدمته المخابرات السورية. وقد حصل أنور البُنّي على جائزة حقوق الإنسان من الرابطة الألمانية للقضاة والجائزة الألمانية الفرنسية لحقوق الإنسان كما ذكر المدّعون العامون. وقدّم البُنّي نظرة ثاقبة في تجربته الخاصة وكذلك تجارب موكليه وذكر “الرقم الرهيب” وهو 73 عاماً والذي يمثل مجموع السنوات التي قضاها هو وأفراد عائلته في السجن. كما وصف تقرير هيومن رايتس ووتش التهجير غير القانوني والعديد من حالات العنف الجنسي من قبل المخابرات السورية. واختتم المدّعون العامون بالقول إنه لا يوجد أي شك على الإطلاق بشأن هذه الأدلة الإضافية. إن مجمل الأدلة يُثبت “للأسف” وجود “آلية تعذيب ذات أبعاد هائلة”.

وأشار المدّعون العامون الى أن المتهم إياد وصف بنفسه في مناسبات مختلفة عمله في المخابرات لأكثر من 16 عاماً. ومع ذلك، وفقاً للمدّعين العامين، لم تعجبه حقاً وظيفته المكتبية، ولم يكن “يفضّلها”، لذا بدأ العمل في فرع “الأديان” قبل أن ينضم إلى القسم 40 “الشبيه بالمافيا”. ووجد المدّعون العامون أن ما وصفه إياد في مكتب الهجرة مقبول. وتم تفصيل هذه الأوصاف بشكل أكبر أثناء استجوابه من قبل الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية. وفيما يتعلق بمقبولية هذه الأقوال، أشار الادعاء العام إلى بيانهم بتاريخ 3 حزيران/يونيو،  2020. وفي 16 آب/أغسطس، 2018، استُجوب إياد من قبل كبير المفتشين الجنائيين دويسنج والمفتش الجنائي السامي فراي. وأوضح الادعاء أنه تم الاستماع إليهما كشاهدين في المحكمة منذ أن قرر المتهم التزام الصمت. وأكد كلاهما رواية إياد بعدم إعجابه بالوظيفة المكتبية ثم التحاقه بفرع “الأديان”. كما أكدوا أنه كان ضالعاً في حادث شمل ما لا يقل عن 30 ضحية مدنية. وبحسب المدّعين العامين، لم يكن هناك سبب للشك في هذه الأوصاف التي قدمها إياد للشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية. فهي متمّمة لإفادته السابقة مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين وتضيف عليها تفاصيل إضافية. ووجد المدّعون العامون كذلك أنه لا توجد مشاكل مع المترجم وتمت إعادة ترجمة محضر استجواب الشرطة لإياد. وخلص المدّعون العامون إلى ان مقبولية هذه الأقوال ستدعّم كذلك بقرار من محكمة العدل الاتحادية الألمانية بتأييد مذكرة توقيف إياد.

فيما يتعلق بالمسار المهني لإياد مع المخابرات، أشار المدّعون العامون إلى شهادة P6 ابن عم إياد. وإضافة إلى ذلك، فإن شهادة P3 لم تترك أي شك حول صحة الأوصاف الخاصة بإياد. واختتم الادعاء العام بالقول إن بطاقة الهوية العسكرية لإياد المعروضة في المحكمة في اليوم 56 من المحاكمة قد أكدت كذلك عمله لدى إدارة المخابرات العامة.

خلاصة القول، وجد المدّعون العامون أن إياد الغريب انضم طواعية إلى القسم 40، “الفرقة المسؤولة عن الاعتقال بالفرع 251″، في الوقت الذي اتخذ فيه النظام إجراءات واسعة النطاق ضد المتظاهرين والمعارضين. وانضم إلى القسم لأنه “كان يشعر بالملل” في وظيفته السابقة في الوقت الذي كان فيه القمع من قبل النظام قد بدأ بالفعل. وبحسب الادعاء، علم إياد بذلك من خلال عمله في مراقبة المساجد والمناسبات الدينية، وكان على علم بنوع العمل الموجود في القسم 40 من عمله لمدة عام في إدارة المخابرات العامة. وكان على علم بالتعذيب المنهجيّ وواسع النطاق. كما أنه لم يهتم بموت الناس نتاج التعذيب والعنف وكانت أمنيته الوحيدة هي “القيام بشيء مثير”.

طلبت المدّعي العام بولتس استراحة قبل متابعة التقييم القانوني.

***

[استراحة غداء لمدة 65 دقيقة]

***

التقييم القانوني

بدأ المدّعون العامون التقييم القانوني للنتائج المذكورة أعلاه من خلال توضيح أن المحاكمة كانت محاكمة بموجب ما يسمى بالولاية القضائية العالمية، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي. وبما أنه سيتم الوفاء بمتطلبات هذه المادة، فقد وجد المدّعون العامون أن المحكمة لها اختصاص في هذه القضية. وأشار الادعاء إلى لائحة الاتهام التي ذكرت أن النظام السوري قد بدأ منذ 29 نيسان/أبريل 2011 هجوماً منهجياً وواسع النطاق ضد السكان المدنيين. كما هو مبين في المادة 7 (1) من قانون الجرائم ضد القانون الدولي ، يمكن أن يرتكب مثل هذا الهجوم ضد أي سكان مدنيين. والمتطلبات الضرورية هي الطابع واسع النطاق أو المنهجي للهجوم. وطبقاً للمدّعين العامين، فإن مطلب “الانتشار” سيكون هو المكون الكمي ويقاس بعدد الضحايا وكذلك حجم المنطقة التي يرتكب فيها الهجوم. والمتطلب “المنهجي” هو المكون النوعي ويقاس بدرجة معينة من التنظيم.

فيما يتعلق بالوضع الراهن في سوريا، وجد المدّعون العامون أن النظام استهدف المعارضين الفعليين والمزعومين بملاحقتهم وإخافتهم. ولعبت أجهزة المخابرات دوراً مركزياً في ذلك. فعلى الأقل منذ 29 نيسان/أبريل، 2011، عندما قتل أكثر من 200 شخص في مظاهرة في درعا، يمكن القول إن استهداف النظام للمعارضين يوصف بأنه هجوم منهجي واسع النطاق. وبدأ النظام في اضطهاد أعضاء المعارضة المزعومين والفعليين عبر أراضي الدولة، مما تسبب في عدد كبير من الضحايا. حتى أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر 2011، مات المئات أو الآلاف من الأشخاص على يد المخابرات. لذا وجد المدّعون العامون أنه تم الوفاء بمتطلبات المادة 7(1) من قانون الجرائم ضد القانون الدولي، ووجود هجوم واسع النطاق ومنهجيّ.

أوضح المدّعون العامون أن إياد متهم بالمساعدة والمشاركة في الجرائم ضد الإنسانية بموجب المادة 7 (1) الفقرة الخامسة من قانون الجرائم ضد القانون الدولي ، أي التعذيب. ووفقاً للمدّعين العامين، فإن الاجتهاد القضائي الدولي يوضح بالتفصيل مدة ونتائج الأفعال التي تعتبر ضرباً من التعذيب. وبحسب هذا الاجتهاد، فيمكن اعتبار أفعال مختلفة ضرباً من التعذيب: كخلع الأسنان، والاغتصاب، والضرب، وصب مواد حمضية على الجسد، وغمر الشخص تحت الماء، والخنق، والإكراه على أخذ الأدوية الذُهانية والعنف النفسي. وبالتالي لن يكون اأمر ذا صلة إذا حدث ضرر دائم. وخلص المدّعون العامون إلى أن الأدلة في المحاكمة الحالية أثبتت أن هناك عواقب لمعارضة النظام. لا يمكن أن يكون هناك خلاف على أن هذه الأعمال “الفظيعة” تعتبر تعذيباً. ووفقاً للتشريعات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، فإن مجرد الخوف من التعذيب، بدرجة معينة، يمكن اعتباره أيضاً تعذيباً بحد ذاته. وفي ضوء ذلك، وجد المدّعون العامون أنه ليس هناك شك في أنه خلال الفترة الكاملة التي تتناولها المحاكمة – نيسان/أبريل 2011 حتى كانون الثاني/يناير 2012 – فإن مجرد الإقامة في الفرع 251 يعتبر تعذيباً. وهناك العديد من شهادات الشهود التي تؤيد هذا. كما ساهمت ظروف النظافة العامة في الفرع في ذلك. كما فقد الناس إحساسهم بالوقت لأن الضوء إما كان مضاءً باستمرار أو كان على المعتقلين الجلوس في الظلام طوال الوقت. وكان المعتقلون يخشون التحدث مع بعضهم البعض لخوفهم من وجود الجواسيس بينهم. وكان هذا مجرد استعراض للعضلات من قبل إدارة المخابرات العامة. وتعرضت المعتقلات للتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب. وبالإشارة إلى العديد من شهادات الشهود، خلص المدّعون العامون إلى أن السّجانين في الفرع 251 أرادوا كسر إرادة المعتقلين. وقال أحد الناجين للمحكمة إن “الموت أصبح أُمنية”. ووصف آخرون العواقب النفسية للتعذيب النفسي في الفرع 251 حيث يفترض المرء أن هذه العواقب أسوأ من الإصابات الجسدية، حيث تلتئم الأخيرة بمرور الوقت. باختصار، وجد المدّعون العامون أن الفرع 251 هو “آلة تعذيب تعمل بشكل مثالي”، واعتباراً من نيسان/أبريل 2011، كانت مجرد الإقامة في الفرع بمثابة تعذيب.

أضاف المدّعون العامون أن المدّعى عليه متهم كذلك بالمساعدة والمشاركة في الحرمان الشديد من الحرية بموجب المادة 7(1) الفقرة التاسعة من قانون الجرائم ضد القانون الدولي ، مضيفين أن الحرمان من الحرية يعتبر قانونياً على أنه “شديد” خاصة عند استمراره لفترة طويلة. وعلى الرغم من أنه يجب تحديد ذلك لكل حالة على حدة، وجد المدّعون العامون في هذه القضية، أن معاملة المعتقلين في الفرع 251 كانت شديدة. واستندوا في هذه النتيجة إلى “شهادات متّسقة تصف العنف، وانعدام سبل الانتصاف القضائية، حيث لا توجد معلومات حول حقوق الفرد، ولا توجد معلومات للأقارب حول مكان وجود الشخص؛ اختفى المعتقلون ببساطة”. ومن شأن الإجراءات الوحشية التي اتُخذت أثناء التحقيقات في الفرع أن توصف بأنها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. لهذه الأسباب، وجد المدّعون العامون أن الاعتقالات في الفرع 251 تعتبر حرماناً شديداً من الحرية.

فيما يتعلق بمساهمة إياد في هذه الجرائم كمساعد ومشارك وفقاً للمادة 27 من القانون الجنائي الألماني، شدد المدّعون العامون على عدم وجود مؤشرات للاعتقاد بأن عملية اعتقال ثلاثين مدنياً في أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر 2011 والتي كان إياد متورطاً فيها، كانت قانونية.

على الرغم من أن فريق الدفاع قدم الدفع بالإكراه “بطريقة مبتكرة”، إلا أنه لم يتم الوفاء بالمتطلبات ذات الصلة الواردة في المادة 35 من القانون الجنائي الألماني، وفقاً للمدّعين العامين. وأشاروا إلى أنه منذ محاكمات نورمبرغ، لم تجر أي محاكمة فيما يتعلق بالجرائم الدولية دون التعامل مع الدفع بالإكراه. ومع ذلك، كما هو الحال في جميع هذه المحاكمات، لن يكون هذا الدفاع ذو صلة بالمحاكمة الحالية. إن متطلبات الإكراه والتهديدات الوشيكة ضد حياة الأفراد وحريتهم والتي لم يكن من الممكن تجنبها إلا باتباع أوامر جنائية، لم يتم الوفاء بها في هذه الحالة لهذه المحاكمة. في هذه الحالة، المتعلقة باعتقال ثلاثين مدنياً في أيلول/سبتمبر أو تشرين الأول/أكتوبر 2011 في مظاهرة، كان موضع تساؤل بحسب الادعاء العام، أن المتهم لم يكن أمامه خيارات أخرى سوى اتباع أوامر غير قانونية. كان الوضع غير واضح للغاية وأتيحت لإياد فرصة الانسحاب من الوضع. ووصف هو نفسه أنه نجح في تجنب إطلاق النار على الناس. كما وصف المدعون العامون أن هناك حوالي 250 من عناصر القسم 40 ونحو ألف عنصر من عناصر الأمن حاضرين، مما تسبب في حشد كبير غير محدد المعالم. وكانت الوسيلة الأيسر بالنسبة لإياد هي الهروب أو التظاهر بالسقوط أو التظاهر بإصابة خطيرة. أشار المدّعون العامون إلى السوابق القضائية المحلية الألمانية: في عام 1951، وجدت محكمة العدل الاتحادية الألمانية أنه عندما يواجه المرء تهديدات وشيكة لحياته أو حريته، فإنه غير ملزم بالقيام بأفعال بطولية، ومع ذلك لا يمكن لأحد اتباع الأوامر غير القانونية لكونها الطريقة الأسهل والأكثر ملاءمة [BGH 26.11.1951، 1 StR 27/50، الفقرة 4]. وبالنسبة للقرار المتعلق بالجناة النازيين، وجدت المحكمة في عام 1971 أنه يتعين على المرء بذل كل جهد، بما في ذلك بعض المخاطر، لمحاولة الهروب من التهديدات الوشيكة على حياته وحريته [BGH 12.10.1971، 5 StR 103/71، الفقرات 13 وما يليها]. في الآونة الأخيرة، وجدت المحكمة الإقليمية في ميونيخ أنه في وضع مماثل، يجب على المرء الفرار [LG München II 12.5.2011 1 Ks 115 Js 12496/08، ص. 366]. وفي حالة إياد، كان من المعقول ومن الممكن أن يتصرف بطريقة مختلفة وألا يقوم باتباع الأوامر: كان إياد على علم بكل ما كان يحدث مع المتظاهرين من اعتقالات وداخل المعتقل. كما ذكر الادعاء العام أن الشاهد P6 [اليوم 18] أخبر المحكمة أن إياد أخبره بذلك بالفعل في آذار/مارس 2011. وكان بإمكان إياد الفرار في هذه المرحلة. وبدلاً من ذلك، انتقل من وظيفة مكتبية إلى وظيفة عملياتية في أيار/مايو 2011 “لأنه كان يشعر بالملل”. عندما تم تعيينه في “الفرقة الضاربة” في تموز/يوليو 2011، كان بإمكانه أن يغادر بل وكان ينبغي أن يفعل ذلك. وبحسب الادعاء العام، فقد تسبب هو في حالة الإكراه لنفسه. إن ادعاءاته بأن عائلته كانت في خطر وأنه لم يكن من الآمن لهم الفرار أو تركهم وراءه، تدحضها الحقائق أيضاً: عندما انشق في كانون الثاني/يناير 2012، انتقل أولاً إلى مدينة أخرى بدون عائلته. ووصف الادعاء العام هذا بأنه وقت كان فيه النظام أكثر ريبة وكان الخطر على أسرته أكبر. في الواقع، كان من الممكن أن يكون إياد قد غادر في وقت سابق، وفقاً للادعاء العام. لذلك وجدوا أن متطلبات الدفع بالإكراه لم يتم الوفاء بها.

وأوضح المدّعون العامون أن المادة 3 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي، التي تنص على أن الشخص يتصرف دون أن يكون مذنباً عند التصرف بناءً على أوامر من غير إدراك أن الأمر غير قانوني أو أنه غير قانوني بشكل واضح، وهذا لا ينطبق على الجرائم ضد الإنسانية. وإن معطيات هذه القضية لا تدعم هذا التبرير أيضاً: وفي ذلك إشارة إلى أن إياد بنفسه قد أخبر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أنه شعر أن هذا خطأ، وخلص المدّعون العامون إلى أن أوامر حافظ مخلوف بإطلاق النار على المتظاهرين كانت غير قانونية بشكل واضح.

ووفقاً للمدّعين العامين، فقد ساعد إياد وشارك في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق التعذيب والحرمان الشديد من الحرية وفقاً للمادة 7 (1) رقم 5+9 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي في حالة واحدة.

الحُكم

أشار المدّعون إلى أن الشهود الذين تم الاستماع إليهم في المحاكمة يمثلون عدداً أكبر بكثير من الضحايا. وللمرة الأولى، تتم محاكمة الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام السوري. ومع ذلك، سيكون تحميل المتهم كل هذه المسؤولية متعارضاً مع فكرة قيام الدولة على سيادة القانون [دولة القانون]، كما أوضح المدّعون العامون. ووفقاً للمادة 264 من قانون الإجراءات الجنائية الألماني، لا يمكن مساءلة الشخص إلا عن أفعاله الإجرامية الفردية. لكن المدّعين العامين قالوا إنه لا يمكن تجاهل أنه بدون أشخاص مثله، لا يمكن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بالقدر الذي هي عليه. حيث كان إياد “ترساً في آلة كبيرة”. لذلك لا يمكن للمرء أن يتجاهل وحشية النظام بأكمله. واختتم المدّعون العامون بالقول إن القمع المفرط من قبل النظام يهدف فقط إلى الانتقام وإبادة الناس ومنعهم عن معارضة النظام.

فيما يتعلق بتحديد العقوبة، أوضح المدّعون أولاً أن المادة 7 من قانون الجرائم ضد القانون الدولي تنص على عقوبة لا تقل عن خمس سنوات في حالة التعذيب وما لا يقل عن ثلاث سنوات للحرمان الشديد من الحرية. وبالتالي، فإن مدة السجن تتراوح من خمسة إلى خمسة عشر عاماً. لم يتم تحديد متطلبات اعتبارها جريمة أقل خطورة والذي من شأنه أن يخفف العقوبة. وبحسب الادعاء العام، فإن وحشية التعذيب وكذلك “الظلم العام” من شأنه أن يحظر مثل هذه الممارسة.

وأوضح المدّعون العامون إمكانية تخفيض العقوبة إن ساهم المدّعى عليه بشكل كبير في الكشف عن جريمة جنائية من خلال تقديم المعلومات إلى السلطات، على النحو المنصوص عليه في المادة 46ب(1) القسم 1 الفقرة الأولى من القانون الجنائي الألماني بالاقتران مع المادة 49 من القانون الجنائي الألماني. وفي هذه القضية، قام المدّعى عليه بالفعل بتجريم نفسه عن طريق الخطأ عندما استجوبه المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية، ومع ذلك، لم يساهم في الكشف عن جرائم. واستنكر المدّعون العامون عدم اغتنام إياد الفرصة للمساهمة في كشف جرائم جنائية بعد إلقاء القبض عليه للمرة الثانية. ووفقاً للمادة 27(2) من القانون الجنائي الألماني بالاقتران مع المادة 49(1) من القانون الجنائي الألماني تُخفف عقوبة المساعِد والمشارِك في الجُرم. وهذا من شأنه أن يؤدي في حالة إياد إلى عقوبة تتراوح بين عامين وأحد عشر عاماً وثلاثة أشهر في السجن. ومع ذلك، وجد المدّعون العامون أنه عند تحديد العقوبة، يتعين على المرء أن يأخذ في الاعتبار “الظلم العام” للهجوم واسع النطاق والممنهج.

سرد المدّعون العامون الظروف المُشددة والمُخففة التالية في تحديد حكم إياد:

الظروف المُشددة:  في بداية النزاع، عمل إياد على نقل نفسه من وظيفة مكتبية إلى وظيفة عملياتية. لقد علم من عمله لمدة عام في المخابرات بأنشطة مكان عمله الجديد. وكان يعرف كذلك عن المكانة الخاصة لحافظ مخلوف وما يملكه من صلاحيات، فضلاً عن طبعه العنيف. وفي ذلك الوقت، تم ارتكاب الجريمة موضع التركيز الرئيسي في هذه المحاكمة، حيث كان يعمل بالفعل في هذا القسم لمدة 8 أشهر وبقي هناك لمدة شهرين آخرين بعد ذلك. وتم اعتقال ما لا يقل عن 30 شخصاً في هذا الحادث.

الظروف المُخففة:    لقد انشق عن النظام في 2012 خلال المرحلة الأكثر وحشية. وشدد على انفصاله وإدانته لبشار الأسد وأولئك الذين يتحملون القدر الأكبر من المسؤولية في إفادة مكتوبة بخط اليد كتبها في تشرين الثاني/نوفمبر 2020. ومع ذلك، بناءً على الطلب، لم ير السّجانون في السجن الألماني، حيث كان المتهم رهن الحبس الاحتياطي للمحاكمة، أن المتهم ذرف أي دموع أو عانى من اضطراب عقلي معين. يعتقد المدّعون العامون أنه أدان النظام بالفعل.

ووجد المدّعون العامون أن ارتكاب الجرائم اتّباعاً للأوامر لا يمكن استخدامه كمبرر أو دفاع في هذه القضية. وأشاروا كذلك إلى أن إياد أدان نفسه طوعا أثناء استجوابه من قبل المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية. وبذلك بدأت الملاحقات القضائية ضده بسببه تجريمه لنفسه.

كانت نزعة المدّعى عليه للعنف الجسدي لا تزال واضحة وفقاً للمدّعين العامين. وبالتالي فإن هذه المشكلة بالذات تستدعي حكماً مشدداً.

طلب

بعد التفكير في جميع الأدلة وإجراء تقييم قانوني شامل، طلب المدّعون حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات و6 أشهر وتأييد مذكرة التوقيف ضد المدّعى عليه.

رُفعت الجلسة الساعة 3:15 مساءً.

ستُعقد الجلسة المقبلة في 18 شباط/فبراير 2021.

اليوم الواحد والستون للمحاكمة – 18 شباط/فبراير 2021

بدأت الجلسة الساعة 9:30 بحضور 7 ممثلين عن وسائل الإعلام و6 أشخاص. [4] نظراً لعدم وجود مدّعين في القضية المرفوعة ضد إياد الغريب، كانت الدكتورة أوميشين هي محامية المدّعين الوحيدة الحاضرة، وكانت تدوّن الملاحظات كمتفرجة.

بعد بدء الجلسة على الفور، أفسحت رئيسة المحكمة القاضي كيربر المجال للدفاع لإلقاء بيانهم الختامي.

[ما يلي هو نسخة معاد انشائها من البيان الختامي للدفاع، بناءً على ما استطاع مراقب المحكمة سماعه في المحكمة.]

السياق:

[بدأ محامي الدفاع لينكه بيانه بالاستشهاد بخطاب مارتن لوثر كينغ جونيور “لديّ حلم” ]. قائلا إنه كان لديه حلم – بصيغة الماضي. وكان يأمل ألا تتكرر الفظائع التي ارتكبها النازيون، وأن تتعلم البشرية من هذه الوحشية. إلا أن التاريخ أفضل معلم. وأشار إلى حرب بنغلاديش عام 1972، والفظائع التي ارتكبها الخمير الحمر في السبعينيات، وبداية الحرب في رواندا عام 1994، وكذلك الحرب اليوغوسلافية. واختتم محامي الدفاع لينكه بقوله إنه اليوم مصاب بخيبة أمل بالنظر إلى أن الإنسانية لم تتعلم شيئاً على الإطلاق من هذه الفظائع الماضية. وإن ما يسمى بـ “نظام” بشار الأسد يقتل “على نحو جبان” سكانه المدنيين ويرتكب “تعذيبا مستهدفا”. فمن غير المعقول أن تستمر “العقول المريضة” في إيجاد أفظع أشكال القسوة. وأشار لينكه إلى أنه خلال حرب الثلاثين عاماً، تم تعذيب الناس بشرب ما يدعى بـ”المشروب السويدي”، أما الآن في سوريا فيعذب الناس بالفلقة. ويمكن أن نضع النظام السوري في نفس المرتبة مع مرتكبي الجرائم الفظيعة السابقين. وشدد لينكه على أن المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا يجب أن يحاكَموا مثل جميع من سبقهم من الجناة.

بعد قولي هذا، و”بافتراض وقوع الفأس بالرأس في قضية إياد الغريب”، أوضح أنه سيحتاج إلى إجراء تحريات فيما يتعلق بتحديد العقوبة. وأشار إلى قرار محكمة العدل الاتحادية الألمانية الصادر في حزيران/يونيو 2019، والذي خلص إلى أن أقوال إياد التي تُجرمه أدلةٌ مقبولة؛ وقرار المحكمة في كانون الثاني/يناير 2020، الذي يؤكد أن ما يسمى بـ “الحصانة الوظيفية” لا ينطبق على الجرائم ضد القانون الدولي. وقال لينكه إنه لهذه الأسباب، سيتعين عليه اتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بالحكم المناسب لإياد الغريب. بافتراض أنه ارتكب أفعالاً غير قانونية، سيحتاج لينكه إلى دراسة الظروف المشددة والمخففة. وخلص إلى أنه في هذه الحالة، سيقدم البيان الختامي “الافتراضي” التالي:

البيان الختامي:

بدأ لينكه بيانه الختامي “الافتراضي” بشكر القضاة، ولا سيما رئيسة المحكمة القاضي كيربر، على تعاملها “الأنيق” مع هذه المحاكمة. وقد صنع القضاة والمدّعون العامون جواً تعاونياً للغاية ساعد على إجراء هذه المحاكمة بطريقة سلسة وغير معقدة. وأشار إلى أن المحاكمة والحكم المترتب كانا “غير مسبوقين”. وأن هذه القضية ليست كالمحاكمات الجنائية العادية، فلسنا نتعامل مع القيادة في حالة سكر على سبيل المثال. حيث كانت محكمة كوبلنتس أول محكمة في العالم تحدد الحكم الصادر بحق موظف سابق في المخابرات السورية. وعند تحديد العقوبة، حاول المدّعون العامون اجتياز “الضباب الذي اكتنف الحكم” في اليوم السابق. ومع ذلك، فإن طلبهم له “انحياز معرفي” معيّن على القضاة. وأشار لينكه إلى الدراسات التي تبين أن طلب المدّعين العامين بإصدار حكم له آثار معينة على القضاة من خلال وضع “انحياز” عام يلتزم به القضاة عادة. وقال كذلك إنه في “بيان ختامي افتراضي”، ينبّه الدفاع القضاة ويطلب منهم عدم التأثر بطول فترة العقوبة، التي حددها المدّعون العامون في اليوم السابق.

تحديد الحكم:

بالعودة إلى المدّعين العامين، ذكر لينكه أنه بناءً على تجربته الممتدة لمدة عام، فإن اعتراف المدّعى عليه عادة ما يحصل على “قيمة الثلث”. وعلى فرض أن المدة المطلوبة 5.5 سنوات، 66 شهراً، هي الثلثان، فإن العقوبة الكاملة ستكون 99 شهراً، أي ثماني سنوات وثلاثة أشهر. شكّك لينكه في مطالبة المدّعين العامين بعقوبة السجن لمدة ثماني سنوات وثلاثة أشهر نظراً لأن إيادا قد جرّم نفسه أثناء مقابلات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، عوضا عن أن يكون قد تم تجريمه بسبب أحد الشهود. قال لينكه إن إيادا لديه “سجل نظيف تماماً “، لذا فتشديد العقوبة بسبب مشقة خاصة لن يكون ضرورياً وبالتالي فإن الحكم المطلوب سيكون “مرتفعا للغاية”. وفي مثل هذه الحالة، من المرجح أن يطلب المدّعون العامون السجن لمدة 5 سنوات و5 أشهر كذلك. ولكن، في القضية الحالية، قدّم إياد اعترافاً واسع النطاق إلى المكتب الاتحادي. لذلك وجب خفض العقوبة إلى 44 شهراً، أي 3 سنوات و8 أشهر. ومع ذلك، لن يكون هذا الحكم صحيحاً، لأن المدّعين العامين طبقوا هامش العقوبة الخطأ. أكد لينكه مرة أخرى أن الاعتبارات المذكورة أعلاه ستكون جزءاً من البيان الختامي للدفاع، على افتراض أن إيادا كان مذنباً.

هامش العقوبة:

لتحديد مدة العقوبة، قرّر المدّعون العامون أن تكون عقوبة السجن من 5 إلى 15 عاماً لارتكاب التعذيب كجريمة ضد الإنسانية، ومن 3 إلى 15 عاماً لارتكاب الحرمان الشديد من الحرية كجريمة ضد الإنسانية. وأوضح لينكه أنه بينما طبقوا العقوبة الأعلى بشكل صحيح نظراً لوقوع أكثر من انتهاك واحد للمادة 7 (1) من قانون الجرائم ضد القانون الدولي، فقد أخطأوا في تطبيق 5 إلى 15 عاماً على افتراض أن المدّعى عليه هو الجاني المباشر. ووفقا لينكه، فإن إياد ساعد وشارك في هذه الجرائم وفقاً للمادة 27 (1) و29 من القانون الجنائي الألماني. وفقاً للقانون الألماني، يجب تخفيف العقوبة إلى السجن لمدة تتراوح بين عامين و11.25 عاماً.

ادعى لينكه كذلك تجاهل الادعاء العام لمساهمة إياد في الكشف عن الجرائم. ووفقاً لقرار محكمة العدل الاتحادية ، لن يعتبر استجواب إياد من قبل الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية دليلاً مقبولاً إلا حتى الصفحة 13 من الإفادة؛ أي قبل أن يبدأ في تجريم نفسه دون إبلاغه بأنه سيتم استجوابه كمشتبه به. وفي حين أن أجزاءا من هذا الاستجواب غير مقبولة في قضية إياد، إلا أنها ستكون أدلة مقبولة في القضية المرفوعة ضد أنور رسلان. وذكر لينكه أن المدّعين العامين أنفسهم اعتمدوا على هذه الأجزاء في لائحة الاتهام. وذلك من خلال تقديم العديد من التفاصيل حول الفرع 251 وحول دور أنور، حيث ساهم إياد في الكشف عن الجرائم التي ارتكبها أنور بشكل كبير. وقال لينكه أن الادعاء لم ينظر في إصدار مذكرة توقيف بحق أنور إلا بعد أن قدم إياد هذه المعلومات أثناء استجوابه في مكتب الشرطة الجنائية. لذلك ساهم إياد بشكل كبير في الكشف عن الجرائم. وبالتالي فإن العقوبة تتطلب مزيداً من التخفيض )المادة 46ب و49 من القانون الجنائي الألماني( إلى 6 أشهر إلى 8.7345 سنة سجن، بحسب استنتاج لينكه.

تابع موضحاً أن “البيان الختامي الافتراضي” سيطلب الآن مزيداً من التخفيضات في العقوبة بناءً على شكوى الدفاع عن الاعتقال بتاريخ 17 أيلول/سبتمبر 2020 وقرار القضاة ذي الصلة بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وقد أوضح الأخير أن الحكم الصادر بحق إياد على شكل سجن من المرجح أن يؤدي إلى إطالة المدة التي قضاها بالفعل في الاعتقال بفترة لا بأس فيها. حيث كان إياد في هذه المرحلة [17 أيلول/سبتمبر 2020] معتقلا لأكثر من عام وسبعة أشهر. وبناءً على هذا المنطق، ينطوي الحكم على عقوبة السجن لمدة سنة وسبعة أشهر على الأقل. ومع ذلك، عند تحديد العقوبة، يتعين على المرء أيضاً أن يأخذ في الاعتبار سلوك المدّعى عليه بعد ارتكاب الجرائم المزعومة (المادة 46(2) من القانون الجنائي الألماني).

في ضوء هذا الأمر، وجد لينكه ضرورة الاعتراف بأن إيادا قدّم اعترافاً واسع النطاق – الصفحات من 1 إلى 12 من استجواب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية – في أقرب مرحلة ممكنة. وينبغي النظر في رد فعل إياد على ملفات قيصر. كانت الملفات، ولا سيما فحص الطب الشرعي الذي أجراه الأستاذ الدكتور روتشيلد ، أدلة حاسمة في المحاكمة. وأشار لينكه إلى مقاطع الفيديو التي التقطتها الولايات المتحدة عند دخولها معسكرات الاعتقال في نهاية الحرب العالمية الثانية. حيث تُظهر مقاطع الفيديو هذه أكواماً من الجثث كما هو الحال في ملفات قيصر، ويتساءل المرء كيف يمكن للبشر أن يفعلوا مثل هذه الأشياء ببشر مثلهم. ووصف لينكه كيف شعر بالشلل ولم يتمكن من التحدث إلى موكله أثناء الاستراحة في اليوم الذي عُرضت فيه ملفات قيصر في المحكمة. ووصف لينكه كذلك كيف أنه، بعد جلسة الاستماع، كان يتجول في كوبلنتس، ويسأل نفسه باستمرار كيف تمكّن إياد من فعل مثل هذه الأشياء. لكن لينكه توصل إلى استنتاج مفاده أن إيادا لم يقتل هؤلاء الناس بنفسه فقد عمل كمساعد ومشارك في التعذيب. ووصف لينكه كذلك كيف في اليوم التالي [بعد عرض ملفات قيصر في المحكمة]، أخبر المترجم فريق الدفاع مدى صدمة إياد أثناء عرض الملفات وتحليل الطب الشرعي. ثم طلب الدفاع من إياد تدوين مشاعره. وبعد أن فعل ذلك تم تقديم الإفادة المكتوبة بخط اليد كدليل لاحقاً . وقال لينكه إن هذا البيان سيظهر مدى الصدمة والانزعاج الذي شعر به إياد. قال إياد إنه “كان عليه أن يفكر باستمرار في كل الضحايا الأبرياء”. [بدأ إياد في البكاء هنا. أعطاه محامي الدفاع شوستر منديلاً] وأضاف لينكه أن إيادا كان ينتظر الوقت المناسب فقط للانشقاق. حيث تفصّل إفادته المكتوبة بخط اليد الخيارات الثلاثة التي كانت لديه. وفي حرصه على سلامة زوجته وأولاده، أحدهم معاق، اختار الخيار الثالث: عدم الانشقاق إلا بعد أن يصبح الرحيل آمناً لهم جميعاً.

أشار لينكه مرة أخرى إلى أن هذا لن يكون سوى “بيان ختامي افتراضي”. وأشار إلى أنه لا يجوز تجاهل نوايا إياد عندما واصل مهامه. فهو لم يكن يريد أن يتعرض الناس للتعذيب، وأراد فقط أن تكون عائلته بأمان. ووفقاً للينكه، سيكون من “غير اللائق” للمدّعين العامين القول إن سبب انضمام إياد إلى القسم 40 هو “شعوره بالملل” بسبب عمله المكتبي. أولاً، فقد التحق بفرع “الأديان” قبل أن ينتقل إلى القسم 40، وثانياً، لم يتقدم لشغل هذا المنصب، بل تم نقله. ولم يكن إياد يريد تعذيب الناس أبداً، بل إنه أظهر تعاطفاً مع المتظاهرين. ولم يكن لديه عقلية “أذيال (تُبّع) التعذيب” بل عقلية الأب الذي كان قلقاً للغاية بشأن سلامة عائلته. وكانت إفادته المكتوبة بخط اليد محاولة أخرى للاعتذار لجميع الضحايا. وبقدر ما يشكك المدّعون العامون في مشاعر إياد بعد أن رأى ملفات قيصر، فقد ظل من غير الواضح بالنسبة إلى لينكه من الشخص الذي تواصل معه الادعاء العام في السجن وما إذا كان إياد يثق بهذا الشخص بالفعل حتى يتمكن من إظهار مشاعره له صراحة.

أشار لينكه مرة أخرى إلى أمر القضاة بتأييد اعتقال إياد، بحجة أنه سيُحكم عليه بالسجن لمدة عام و7 أشهر على الأقل. وأشار إلى أن هذا الأمر صدر في تشرين الأول/أكتوبر 2020، إلا أن ملفات قيصر عُرضت على المحكمة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، كما قُدِّمت إفادة إياد المكتوبة بخط اليد إلى المحكمة في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. وبالتأكيد تغيرت آراء القضاة بخصوص حكم إياد في ظل هذه التطورات. وخلص لينكه إلى أن “بيانه الختامي الافتراضي” سينتهي بالتالي بطلب عقوبة لا تزيد عن سنتين مع الإفراج المشروط.

ومع ذلك، شدّد على أن ما ورد أعلاه ليس سوى “بيان ختامي افتراضي” وأن البيان الفعلي، الذي سيلقيه محامي الدفاع شوستر، سيطلب تبرئة المدّعى عليه إياد.

***

[استراحة لمدة 15 دقيقة]

***

ملاحظات عامة:

ذكر محامي الدفاع شوستر أولاً أن البيان التالي سيكون قصيراً نسبياً لتجنب أي تكرار. وكان الشهود الذين سُمح لهم بإخفاء المعلومات الشخصية في اليوم الذي أدلوا فيه بشهادتهم في المحكمة قد أطلق عليه اسم يوم المحاكمة الذي شهدوا فيه، وذلك وفقاً لممارسات المدّعين العامين في اليوم السابق.

بدأ شوستر بالقول إن الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هي جرائم تُرتكب ضد العناصر الأساسية للإنسانية. حيث يقف مرتكب جريمة ضد البشرية جمعاء. وأشار شوستر إلى إفادة د. فريدريك كول – على أمل أن يكون مسموح له أن يقتبس منه[5] – الذي قال خلال “محاكمات أوشفيتس” أن البشرية لا يمكنها ويجب ألا تسمح بارتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة مرة أخرى. وبحسب د. كول، يجب على كل فرد أن يقف في وجه مثل هذه الجرائم، فلا يمكن لأحد أن يبرر أو يدافع عن مشاركته في مثل هذه الجرائم باتباعه لأوامر عليا أو بالإكراه. وقال شوستر إن طلب التصدي للجرائم الفظيعة ليس غير واقعي في حد ذاته، موضحاً أن أشخاصاً مثل أنور البُنّي ومازن درويش وقفوا بالفعل وواجهوا مثل هذه الجرائم. وأوضح شوستر أنه سيكون من الضروري الإشارة إلى هذا، وألا يقتصر الأمر على الإشادة بجهود البُنّي ودرويش كزملاء. ومع ذلك، يجب أيضاً الاعتراف بأن الإكراه يمكن أن يستخدم كدفاع – وفي حالة إياد الغريب يجب أن يستخدم كدفاع. ووجد شوستر أن متطلبات المادة 35(1) القسم الأول من القانون الجنائي الألماني قد تم الوفاء بها في حالة إياد.

الإكراه:

وفقاً لشوستر، لم يكن هناك أي شك على الإطلاق أنه في الوقت الذي يُزعم فيه ارتكاب إياد الجرائم المنسوبة إليه، كانت هناك حالة طوارئ وإكراه في سوريا. وينص قانون العقوبات السوري على أن الخونة يُعاقبون بالإعدام. حيث خلق النظام هالة من الخوف أكدها جميع الشهود وعدة محاضر تليت في المحكمة. أشار شوستر إلى تقرير هيومان رايتس ووتش “لم نر مثل هذا الرعب من قبل” الذي وصف هالة الخوف هذه، بالإضافة إلى تقرير لجنة التحقيق الدولية المؤرخ في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، والذي تُلي أيضاً في المحكمة. ووفقاً لشوستر، أوضح الموظفون السابقون في جهاز المخابرات، مثل P5 وP21 أيضاً، أن مجرد الشك في الخيانة كان سبباً كافياً لتأديب أعضاء أجهزة المخابرات. وقدم الشاهد P3 روايات مماثلة. كل هذه الأوصاف المتسقة ستكون كافية لاستنتاج أنه لم تكن هناك حالة طوارئ عامة فحسب، بل كانت هناك تهديدات بتعريض حياة موظفي المخابرات وحرياتهم للخطر. وقال شوستر إن كبير المفتشين الجنائيين دويسنج والمفتش الجنائي السامي فراي أكدا ذلك أيضاً. وعند فحص التهديدات الوشيكة للمتهم إياد، من المهم أيضاً ذكر حافظ مخلوف. حيث أطلق عليه P5 وأنور البني (P2) لقب “مزاجي/غير متّزن” وقال مازن درويش إنه “لا يمكن المساس به”. وأشار شوستر إلى أنه في اليوم الذي ارتكب فيه إياد الجرائم المزعومة، كان حافظ مخلوف حاضراً في هذه المظاهرة بالذات. كان هو من بدأ في إطلاق النار على المتظاهرين لمجرد التسلية. كما أنه هو من أعطى الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين. ولن يكون هناك شك في أنه في حالة عصيان هذه الأوامر، كان على المرء أن يخشى على حياته. فإما أن يتم إعدامه أو استجوابه ثم قتله. وبحسب شوستر، كان إياد أكثر عرضة للخطر لأنه كان سُنياً. وخلص شوستر إلى أن حافظ مخلوف لا يلتزم بالقانون، وإذا ادعى المدّعون العامون أي أمر آخر، فسيكون ذلك مجرد سخرية.

أوضح شوستر كذلك أنه، حتى لو وجد إياد طريقة لعصيان أوامر إطلاق النار على المتظاهرين واعتقالهم، فلن يتمكن من تجنب ما حدث في الشاحنة عند إحضار المعتقلين إلى الفرع 251. ولم يكن هناك سوى عدد قليل جداً من الأشخاص في تلك الشاحنة، ووفقاً لأقوال شهود مختلفة، كانت ممارسة الإهانات والضرب والعنف روتيناً راسخاً لا مهرب منه. ولذلك لا بد أن إيادا كان يخشى على حياته إذا لم يطع هذا العنف. وفيما يتعلق بالأقوال المذكورة أعلاه للدكتور كول، شدد شوستر على أنه وفقاً للدستور الألماني، لا أحد ملزم بتعريض حياته أو حريته للخطر؛ حتى إن كان عددٌ كبيرٌ من الآخرين في خطر. وبالتالي لم يكن إياد مُلزماً بالمخاطرة بحياته وحياة أقاربه من خلال عصيان الأوامر، ولا حتى في عمله لمدة عام في المخابرات، كما زعم المدّعون العامون.

دور وأهمية أجهزة المخابرات:

أوضح شوستر أن الدفاع لا ينوي التقليل من وحشية أجهزة المخابرات السورية، ولكن لا يزال من المهم دراسة دورها في المجتمع. وفقاً لشوستر، فإن جهاز المخابرات في سوريا غير متناسب بكل بساطة. فهناك عضو واحد في المخابرات لكل 153 مدنياً. وهذا المعدل أعلى من معدل المخابز للفرد في ألمانيا. إن الأجهزة العسكرية والاستخباراتية هي السبيل الوحيد للناس لكسب العيش الكريم في سوريا، بالذات إن كانوا من السُنّة. وقال شوستر إن هذا كان أيضاً حال إياد. حيث توفي والد إياد وهو في الرابعة من عمره فقط، ولم تملك أسرته السبل التي تسمح له بمواصلة تعليمه بعد المدرسة الابتدائية. ومع ذلك، تلقّن إياد الولاء للنظام ككل أطفال سوريا. وأدى هذا في النهاية إلى انضمام إياد للمخابرات. لذلك، فإن قراره بالقيام بذلك لا يستبعد وجود تهديدات وشيكة لحياته وحريته، ولا يستبعد تصرّفه تحت الإكراه.

رسم صورة خاطئة لإياد من قبل الادعاء العام:

أكد شوستر بأن إيادا أخبر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أنه نُقل إلى القسم 40، (بصيغة المبني للمجهول). ولم ينضم إلى القسم طوعا كما زعم المدّعون العامون. ورفض القضاة طلب الدفاع [انظر أعلاه، اليوم 60] للحصول على مزيد من الأدلة على ذلك، بحجة أنه ثبت بالفعل أن إيادا قال إنه نُقل. وقال شوستر إنه في حال ادعاء أي شيء مختلف، فإن الادعاء العام يتعمّد تشويه الحقائق لرسم صورة إياد كرجل لديه قناعة راسخة. وفقاً لشوستر، قام المدّعون العامون أيضاً بتقييم غير صحيح لشهادة P5 فيما يتعلق بإجراءات اختيار القسم 40. فالوضع الذي وصفه حدث قبل عام 2010 في حين أن إيادا نُقل في عام 2011. وفي هذا الوقت، احتاج القسم 40 ببساطة إلى المزيد من الأشخاص للتعامل مع المظاهرات، وبسبب خلفية إياد السُنية، لم يعد مؤهلاً لقسم “الأديان”. ومع ذلك، فإن الادعاء لم يذكر هذه الحقائق. وأضاف شوستر أنه حتى في هذه المرحلة، كان يتم إعدام موظفي المخابرات بسبب عدم الولاء المزعوم.

بالنظر إلى أنه في تمّوز/يوليو 2011، بلغ إياد 34 عاماً، ولديه أربعة أطفال وزوجته حامل بطفلها الخامس، تساءل شوستر عن سبب انضمام أي شخص في هذه الحالة طواعية إلى قسم مثل القسم 40. فبعد 14 عاماً من العمل مع في المخابرات، كان إياد لا يزال برتبة رقيب أول [Feldwebel] [6] دون أي احتمال للترقية، تماماً كما وصف الشاهدان P5 وP3 أيضاً. وفي ضوء ذلك، لا يمكن للمرء أن يدعي أن إيادا كان رجلاً ذا قناعة راسخة، كما ذكر المدّعون العامون في بيانهم الختامي.

أوضح شوستر أن إيادا لم يكن مضطراً لقبول تهديدات وشيكة لحياته أو لأحد أطرافه أو لحريته، ولا حتى في ضوء خطورة الجرائم التي كان يساعد ويشارك فيها. كما أن الموقف المعاكس لن يدعمه الاجتهاد القضائي الصادر عن محكمة العدل الاتحادية الألمانية التي وجدت أنه حتى في حالة القتل الجماعي الواسع النطاق الذي يشمل آلاف الضحايا، لا يمكن للمرء أن يوازن بين حياة أي شخص وحياة الكثيرين. فالفحص الوحيد ذو الصلة سيكون لتحديد ما إذا كانت هناك حالة طوارئ، مما يضع الشخص تحت الإكراه. وفي هذا السياق، أشار شوستر إلى عدة اختلافات بين النازيين الذين يُزعم أنهم عملوا تحت الإكراه، وأعضاء المخابرات السورية الذين يزعمون أنهم تصرفوا تحت الإكراه: فلم يكن على النازيين أن يخافوا من عقوبات جماعية عامة مثل سجن عائلاتٍ بأكملها. ولكن في سوريا، يستخدم النظام عائلات الخونة المزعومين للضغط عليهم. وهناك بالفعل حالاتٌ تهدد فيها العائلات لمجرد اشتباهٍ في أحد افرادها. وأبلغ Z280716 المحكمة عن هذا الأمر، وأوضحت لو كين وP21 كذلك الأخطار التي يمثلها الانشقاق على أسرة المنشق بأكملها. علاوة على ذلك، أظهرت سياسة منح حماية للشهود أن القضاة أنفسهم أقروا بالتهديدات الوشيكة التي تعرّض حياة شهود مطلعين وحريتهم للخطر. وقال شوستر إن الأمر نفسه ينطبق على إياد وعائلته. كما تم التحقيق مع زوجته من قبل المخابرات، وعلى الرغم من أنها لم تدل بشهادة حول هذا الأمر، يمكن للمرء أن يتخيل من شهادات شهود آخرين في هذه المحاكمة، مدى قسوة هذا التحقيق بالنسبة لها.

وفقاً لشوستر، حتى لو أكد المرء معقولية قبول التهديدات الوشيكة لحياته في عدم المشاركة في الجرائم الفظيعة، لا يمكن للمرء أن يقول إنه من المعقول قبول هذه التهديدات لعائلة الفرد. ولا يمكن حتى التوصل إلى مثل هذا الاستنتاج بناءً على فرضية د. كول. وخلص شوستر إلى أن متطلبات المادة 35(1) القسم الأول من القانون الجنائي الألماني [الإكراه] تم استيفاؤها في حالة إياد. كما أوضح إياد بنفسه في إفادته المكتوبة بخط اليد حيث كان له الخيار بين اتباع الأوامر وبالتالي المشاركة في هذه الجرائم أو تعريض حياته وأحد أطرافه وحريته للخطر أو تعريض حياة عائلته وأحد أطرافها وحريتها للخطر.

البراءة:

وصف شوستر القانون الجنائي الدولي والولاية القضائية العالمية بأنهما تطوران غير عاديين في ضوء الفظائع التي حدثت في تاريخ البشرية. وأضاف أن المحاكمة الحالية توصلت إلى أن الهجوم الواسع والمنهجي الذي ما فتئ النظام السوري يرتكبه منذ 2011، هو موضوع محاكمة عادلة ونزيهة. كما أتاحت المحاكمة للعديد من الشهود الفرصة لإخبار العالم عن معاناتهم وأظهرت الاحترام للعديد من الضحايا. ووفقاً لشوستر، فإن هذا وحده يستحق الكثير حقاً. ومع ذلك، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الحكم على إياد سيكون النتيجة المعقولة الوحيدة لهذه المحاكمة. وأوضح شوستر أنه يجب على المرء أن يكون حذراً من الجالية السورية في جميع أنحاء العالم والإشارة التي ستصلهم من إدانة إياد، خاصة للمنشقين. فبدونهم سيكون من المستحيل التحقيق مع مرتكبي الجرائم المرتكبة في سوريا ومحاكمتهم. وتساءل شوستر كذلك عن نوع الإشارة التي يمكن أن ترسلها الإدانة إلى أولئك الذين ما زالوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات السورية. عندئذٍ سيكون خيارهم الوحيد محصوراً إما بالاستمرار في هذه الجرائم أو الانشقاق والتعرّض للإدانة.

ذكر شوستر أن المحاكمة الحالية تسببت في نقاشات حتى داخل المعارضة السورية، كما أوضحت P24 للمحكمة. في حين أنه قد يكون الانشقاق متطلباً أخلاقياً، إلا أنه سيكون في الواقع فعلاً صريحاً لمعارضة النظام. وعلى عكس النازيين، لم يتمكن إياد من الفرار إلا بالمخاطرة بحياته وحياة أسرته. ففي كانون الثاني/يناير 2012، عندما انشق إياد، كان النظام لا يزال في السلطة. ووفقا لشوستر، سيكون من غير الأخلاقي ببساطة التشكيك في مسؤولية إياد من خلال الادعاء بأنه انشق بعد خمسة أشهر.

أوضح شوستر أنه بينما لا يزال النظام السوري في السلطة وقد وصل النزاع إلى عامه الحادي عشر، فإن المحاكمة الحالية “للأسف” لا يمكن أن تسهم في العدالة الانتقالية، بعكس المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أو محاكمات نورمبرغ. ومع ذلك، للأسباب المذكورة أعلاه، ينبغي ألا يصدر حكم على إياد بأنه مذنب لقاء الجرائم التي اتُهم بارتكابها.

اختتم شوستر بالقول إنه في ضوء قرار القضاة وتبريرهم تأييد اعتقال إياد، اقتنع الدفاع بأن إدانته قد حُسمت بالفعل. وبينما يقال إنه يجب على القضاة صمّ آذانهم بعد أخذ الأدلة، حتى لا يشعروا بالارتباك، قال شوستر إنه يأمل أن يتمكن هو وزميله من إثارة بعض الشكوك بشأن المسؤولية الجنائية لإياد. وطلب شوستر تبرئة إياد.

سألت القاضي كيربر المدّعى عليه إياد عمّا إذا كان يريد الاستفادة من حقه في الإدلاء بملاحظات ختامية. أجاب إياد أنه ليس لديه ما يقوله إضافة إلى ما قاله محامياه للتو.

رُفعت الجلسة الساعة 11 صباحاً.

ستُعقد الجلسة المقبلة في 24 شباط/فبراير، 2021. وسيصدر الحكم على إياد الغريب في ذلك اليوم.

[1] في هذا التقرير، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقب المحكمة الخاص بنا] و”المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون”. يرجى العلم بأنه لا يُقصَد من هذا التقرير أن يكون مَحضراً لجلسات المحاكمة؛ وإنما هو مجرّد ملخّص غير رسمي للمرافعات. وحُجِبَت أسماء الشهود.

[2] لم يطلب أحد الوصول الى الترجمة العربية

[3] ملاحظة من مراقب المحاكمة: يستخدم المدّعون العامون دائماً مصطلح “النظام” بدلاً من “الحكومة”. وقد التزموا بذلك طوال بيانهم الختامي.

[4] لم يطلب أحد الحصول على الترجمة العربية

[5] كان هناك بعض الخلاف حول ما إذا كان تورط الدكتور كول في محاكمات أوشفيتس بسبب خلفيته كيهودي مضطهد أو بكونه بالأحرى عملا دعائيا من قبل الجمهورية الديمقراطية الألمانية لنشر سمعتها كمناضلة من أجل حقوق الضحايا النازيين. كما تعرض لانتقادات لتعاونه الوثيق مع الحكومات ووزارة أمن الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

[6] ملاحظة من مراقب المحاكمة: ترجمات الرتب تستند إلى ما قيل في المحكمة باللغة الألمانية. ثم تُترجم المصطلحات الألمانية إلى مصطلحات الرتب في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفقاً للرمز الرسمي للناتو.

______________________________________________

لمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والملاحظات، يُرجى التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected] ومتابعتنا على الفيسبوك وتويتر. ويرجى الاشتراك في النشرة الإخبارية الصادرة عن المركز السوري للحصول على تحديثات حول عملنا.