1 min read
داخل محاكمة أنور رسلان #57: الدّفاع يطالب بالحُكم بالبراءة

داخل محاكمة أنور رسلان #57: الدّفاع يطالب بالحُكم بالبراءة

محاكمة أنور رسلان

المحكمة الإقليمية العليا – كوبلنتس، ألمانيا

التقرير 57 لمراقبة المحاكمة

تاريخ الجلسة: 6 كانون الثاني/يناير، 2022

تحذير: تتضمن بعض الشهادات أوصافًا للتعذيب.

الملخّص/أبرز النقاط:[1]

اليوم المائة وتسعة – 6 كانون الثاني/يناير، 2022

في هذا اليوم، قدّم محاميا الدفاع بياناتهما الختامية، ثم طلب المدّعى عليه أنور رسلان من مترجمه الخاص تلاوة بيان مكتوب نيابة عنه. وطلب محاميا الدفاع تبرئة موكلهما. ووفقًا للدفاع، ليس أنور من الأكثر مسؤوليةً عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها الحكومة السورية. حيث قال الدفاع إن الجرائم المتّهم بها أنور لا يمكن أن تُنسب إليه، وأنه لا يمكن تحميله مسؤولية ما حدث في الفرع 251. وأضافا كذلك أن لا سلطة لأنور في الفرع وأنه حاول مساعدة المعتقلين كلما أمكن ذلك. وزعم الدفاع أيضًا استحالة انشقاق أنور وفراره بأمان من البلاد مع عائلته في وقت أسبق.

في بيانه المكتوب الذي تلاه مترجمه، زعم أنور مرة أخرى أنه لم يكن يتمتع بصلاحيات في الفرع 251، وأن حافظ مخلوف والقسم 40 هما من يملكان السيطرة على الفرع، وأنه بصفته سُنيًا، كان عليه اتباع أوامر رؤسائه العلويين، وأنه حاول مساعدة المعتقلين كلما أمكن ذلك لأنه كان داعمًا للمعارضة. وأخيرًا خاطب أنور "كل الشعب السوري والضحايا"، معتذرا عن عدم قدرته على مساعدة المزيد من الناس، قائلًا إنه يعدّ نفسه ضحية وقد انفصل الآن عن وطنه وعائلته.

اليوم المائة وتسعة – 6 كانون الثاني/يناير، 2022

بدأت الجلسة الساعة 9:34 صباحًا بحضور ستة أشخاص وتسعة صحفيين. قام ثلاثة مصورين بالتقاط مقاطع فيديو وصور قبل بدء الجلسة. ومثل الادّعاء العام المدّعيان العامان كلينجه وبولتس. حضر اثنان من المدّعين الجلسة مع محاميهم.

تركت القاضي كيربر الكلمة لمحاميي الدفاع للإدلاء ببياناتهما الختاميين.

البيان الختامي لمحامي الدفاع فراتسكي

بدأ محامي الدفاع فراتسكي بيانه الختامي بالقول إن المحكمة وصلت إلى هذه النقطة بعد 103 أيام من أخذ الأدلة. 103 أيام أظهرت معاناة لا يمكن تصورها. 103 أيام من محاكمةٍ أُجريت خلال الجائحة. قال فراتسكي إن النقطة الأخيرة تطلبت الكثير من الجميع، وخاصة من القضاة. شكر فراتسكي جميع الأطراف في القضية على تفاعلاتهم المهنية والجماعية.

مضى موضحًا أن هذه المحاكمة حدثت أيضًا خارج قاعة المحكمة. لقد كانت محاكمة دولية، لأنها أُجريت بموجب المادة 1 من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي التي تنص على الولاية القضائية العالمية. قال فراتسكي إنه من المهم إجراء مثل هذه المحاكمات بسبب الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، كما أظهرت محاكمة تيرجارتن في برلين مؤخرًا.

أضاف فراتسكي أن بيانه وبيان زميله الختاميين لا يهدفان إلى التقليل من معاناة الضحايا أو إنكار وقوع التعذيب. كما أنهما لا يعارضان مفهوم الولاية القضائية العالمية والقيم الأخرى التي لا غنى عنها. إن الجرائم في سوريا التي يرتكبها آخرون، من ضمنهم الولايات المتحدة الأمريكية، وحشية ويجب محاكمتها. لا يستطيع أحد أن يسمح للحكومة السورية بأن تُهدّئ الأمور وتواصل جهود التطبيع. يستمر الظلم ولا يزال بشار الأسد في السلطة. أوضح فراتسكي أن الظلم والبراءة شيئان مختلفان. يركز الأخير على مرتكب الجريمة الفردي. أكّد فراتسكي أن التعذيب المنهجي قد وقع بالفعل في فرع الخطيب. ولكن فيما يتعلق بالجاني الفردي، يجب مراعاة المساهمة الفردية في تنفيذ الجرائم. قال فراتسكي إنه يبدو من السهل التفكير في هذا بوجود الظلم القائم بشكل عام.

أشار فراتسكي إلى قراءة محامية المدعين د. أوميشين بيانًا من موكلها P22 الذي قال فيه إن بشار الأسد يجب أن يكون الشخص الموجود على مقعد المدعى عليه. وقال فراتسكي إن إمكانية محاكمة أنور رسلان كبديل عن بشار الأسد أمر مشكوك فيه، وخلص إلى أن ذلك لا يتماشى مع القوانين القائمة.

أوضح فراتسكي أنه وفقًا للقانون، يجب مراعاة المسؤولية الفردية. ومع ذلك، فإن الأمور تختلف بعض الشيء في هذه المحاكمة. لا يمكن، مع وجود الحدود الحالية، تطبيق المادة 25 (2) من القانون الجنائي الألماني حول الاشتراك في الجناية والمادة 27 من القانون الجنائي الألماني حول المساعدة والمشاركة. في هذه الحالة، يجب أيضًا مراعاة عوامل إضافية. وقال فراتسكي إن هذه العوامل هي: وجهة نظر المتّهم والانتماء العِرقي للمتّهم والاعتبارات المتعلقة بنطاق عمل موظفي الأنظمة الشمولية؛ والمخاطر على [الموظفين] وعائلاتهم. وفيما يتعلق بالجانب الأخير، أشار فراتسكي إلى أن المدّعين جادلوا بأنه كان من الممكن أن ينشق أنور ويترك سوريا بدون عائلته. وبحسب فراتسكي، لا يمكن استخلاص هذا الاستنتاج من الشهادات التي استمعت إليها المحكمة. بالإضافة إلى ذلك، على المرء فقط النظر في مسألة حماية الشهود في هذه المحاكمة ليجد أن نفس المعايير والمخاوف تنطبق على أنور رسلان أيضًا. فإن غادر أنور سوريا بدون عائلته، كانت عائلته ستواجه خطرًا كبيرًا بالتعرض للقمع والتهديدات الأخرى.

خلص فراتسكي إلى أنه يجب تقييم تصرفات أنور الفردية والشخصية. وفقًا لفراتسكي، إن المسؤولية ليست مفهومًا معياريًا. وقد أشار إلى السوابق القضائية الصادرة عن محكمة العدل الاتحادية الألمانية التي خلصت في عام 1952 [القانون رقم 17] بشأن قضية الجُرم والإكراه إلى أن الشخص يكون غير مذنب عندما تمنعه الظروف التي وجد نفسه فيها من تمييز عدم شرعية أفعاله. أضاف فراتسكي أنه من المشكوك فيه إلى أي مدى كان أنور رسلان يتمتع بالحرية في تقرير شرعية أفعاله. وكان جميع رؤسائه وزملائه يتصرفون بناءً على تجارب لا يمكن مقارنتها بما اعتاد الناس عليه في الدول التي تحكمها سيادة القانون.

المسؤولية في القانون الجنائي الدولي

فيما يتعلق بمسألة أنماط المسؤولية القانونية في القانون الجنائي الدولي، أشار فراتسكي إلى نشرة[ص. 414، وفي الحاشية 40] للأستاذة الدكتورة ستيفاني بوك حول المسؤولية في القانون الجنائي الدولي، بالقول إن القانون الجنائي الدولي صُمم لمحاسبة أولئك الذين يتحملون المسؤولية الأكبر عن الجرائم وأنه يجب على المرء دائمًا مراعاة هامش التأثير الفعلي للفرد المُتّهم. جادل فراتسكي بأن أنور رسلان، لم يكن إلا رئيسًا لقسم فرعي في الفرع 251 لبعض الوقت فحسب. وقال فراتسكي إنه لم يتم محاكمة بشار الأسد ولا حافظ مخلوف، اللذين وصفهما فراتسكي على أنهما المسؤولان الأكبر، في كوبلنتس. أشار كذلك إلى السوابق القضائية الصادرة عن محكمة العدل الاتحادية الألمانية فيما يتعلق بمسؤولية ضباط الإدارة عند إطلاق العيارات النارية على أشخاص عند الحدود الألمانية الداخلية. وبحسب فراتسكي، فإن أنور لم يفعل ذلك بنفسه. قال فراتسكي إن المحاكمة لم تجد أي شيء يدعم مثل هذه النتيجة. وأضاف أنه وفقًا لمعايير القانون الجنائي الدولي، يلزم وجود نقاط اتصال معينة [بين الجاني والجريمة]. إلا أن أنور لا ينتمي إلى أي مجموعة ذات صلة. قال فراتسكي إنه لم يكن لديه أي سلطة مؤسسية. وكانت هذه السلطة لدى توفيق يونس وحافظ مخلوف. خلص فراتسكي إلى أن العديد من الجوانب تتعارض مع نتيجة المسؤولية الجنائية في قضية أنور. وعلى عكس ذلك، فقد ساعد أنور الناس، وعوقب على هذه المساعدة من قبل الجناة الفعليين، وانشق، وغير موقفه.

قال فراتسكي إن أنور لم ينف قط أنه كان على علم بالتعذيب. وكان السؤال بالأحرى حول ما كان قادرًا على القيام به بمفرده. وعلى المرء أن يجيب على هذا بموضوعية. أشار فراتسكي إلى قول المدّعين العامين ومحامي المدعين إنه من حيث الأوامر، لم تكن الأوامر الصريحة لتعذيب المعتقلين ضرورية في الفرع 251، وأن أنور لم يعارض التعذيب إلا عندما كان يعيق عمله التحقيقي. قال فراتسكي إن عبارة "الأوامر الصريحة ليست ضرورية" بشكل خاص كانت إشكالية لأن الصمت لا يشكل إلا إعلانًا محدودًا عن النية.

أضاف فراتسكي أن التعذيب في سوريا بشكل عام يُعد جريمة يُعاقب عليها. [أشار أيضًا إلى مقالٍ عن جهاز المخابرات السوري من قبل المركز الاتحادي الألماني للتعليم السياسي (BPB)]

دور أنور رسلان في الفرع 251

مضى فراتسكي في الحديث عن دور أنور رسلان في الفرع 251. وقال إنه اعتبارًا من عام 2008، كان أنور رسلان رئيسًا لقسم التحقيق في الفرع 251. وترأس الفرع توفيق يونس. أشار فراتسكي إلى أن أنور أخبر المحكمة أن ضباطًا من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة كانوا مكلفين بقمع المظاهرات، وفقًا لأمر صادر عن الخلية المركزية لإدارة الأزمة. غير أن أنور لم يكن عضوًا في الخلية المركزية لإدارة الأزمة. ووفقًا لفراتسكي، قال أنور للمحكمة إن توفيق يونس استدعاه في نيسان/أبريل، 2011 إلى مكتبه بسبب المظاهرات في الحولة. قال أنور إنه عندما أخبره توفيق أن المتظاهر يُعد خائنًا، فهم أنور ذلك على أنه تهديد مباشر له. كانت هذه هي اللحظة التي اقتنع فيها أنور بضرورة الانشقاق. ووفقًا لأنور، فقد تدخل الحرس الجمهوري بعد ذلك بشكل متزايد. واشتكى مرتين إلى توفيق من الاعتقالات التعسفية لكن طُلب منه التزام الصمت. كما أشار فراتسكي إلى أن أنور قال للمحكمة إن بعض الضباط تقدموا بشكوى ضده في تموز/يوليو، 2011 بسبب أصله ولأنه أطلق سراح سجناء. ثم أخبر يونسُ أنور أنه يريد إصلاح الفرع وحُرم أنور من صلاحياته بالفعل في حزيران/يونيو، 2011. خلص فراتسكي إلى أن أنور لم يكن في منصب قيادي وكان تحت المراقبة.

بيانات إياد الغريب بخصوص أنور رسلان

أشار فراتسكي إلى بيانات كبير المفتشين الجنائيين دويسنج حول استجوابه لإياد الغريب في 16 آب/أغسطس، 2018. قال فراتسكي إن إياد عمل في القسم 40 لفترة قصيرة وكان يُعد مُطّلعًا وفقًا لاستجواب الشرطة عام 2018. حيث قال إياد، خلال هذا الاستجواب، إن أنور كان رئيس قسم التحقيق في الفرع 251 حتى آب/أغسطس، 2012، وكان له مكتب في الطابق الأول، وكان أعلى من مدير السجن، وكان يتم استدعاؤه أيضًا إلى الفرع 285 أحيانًا بسبب خبرته في التحقيقات. أضاف فراتسكي أن المدّعين العامين قد تناولوا بالفعل هذه النقطة بإسهاب.

قال فراتسكي إنه يريد الإدلاء ببعض التعليقات حول بيانات إياد: قال إياد إنه عمل في فرع الخطيب اعتبارًا من شباط/فبراير، 2010، ثم عمل في الزبداني اعتبارًا من حزيران/يونيو، 2011، وبدءًا من تموز/يوليو من 2011 عمل في القسم 40 في الجسر الأبيض قبل أن ينشق في كانون الثاني/يناير،2012وذهب للاختباء في دير الزور. قال فراتسكي إن بيان إياد حول فرع الخطيب خلال الفترة الممتدة من آذار/مارس حتى أيار/مايو، 2011 وصولًا إلى آب/أغسطس، 2012 لم يعد ذا مصداقية. فبعد انشقاقه في كانون الثاني/يناير، 2012، كان إياد على بعد أكثر من 500 كيلومتر من الفرع في منطقة كان النظام فيها في صراع مع الجيش السوري الحر. لذلك خلص فراتسكي إلى أن أقوال إياد لا تتعارض مع أقوال أنور نفسه. وأضاف فراتسكي أنه حتى لو كان أنور رسلان رئيسًا رسميًا لموظفي الفرع، فإن هذا لا يتعارض مع النتيجة التي تُفيد بأنه لم يعد لديه سلطة بعد إعادة الهيكلة.

قال فراتسكي إنه لا يوجد شيء آخر يمكن قوله بشأن رأي تورمان بخلاف ما ذكره الدفاع بالفعل في طلباتهم للحصول على أدلة.

تابع موضحًا للمحكمة أنه، على عكس بعض بيانات الخبراء، أظهرت المحاكمة أن الجنود عوقبوا في كثير من الأحيان. وفقًا لفراتسكي، من الشائع أن يتم وضع الأشخاص الذين لم يعد موثوقًا بهم في مناصب رئيسية حيث لا يمكن أن يتسببوا بأي ضرر. تمامًا مثلما كان أنور عضوًا في لجنة تفصل في مسائل المعاشات التقاعدية.

تابع فراتسكي واصفًا محضر الشرطة مع إياد. وأشار إلى الصفحة العاشرة من المحضر التي قال إياد فيها إنه كان في سجن فرع الخطيب مرة واحدة في تشرين الأول/أكتوبر، 2011 عندما زار صديقًا كان يعمل في الفرع في ذلك الوقت. قال إياد للشرطة إن هناك افتقارًا للثقة بين جميع فروع المخابرات. خلص فراتسكي إلى أن أنور لم يكن بالتالي مسؤولًا عن مدير السجن في الفرع، وحتى لو كان كذلك، لم يكن له أي تأثير حيث قال إياد أيضًا للشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أن السجّانين كانوا أحرارًا في فعل ما يشاؤون. أضاف فراتسكي أنه في نهاية عام 2011، منع توفيق يونس التفتيش على مرافق السجن في الفرع 251 من قبل جامعة الدول العربية. وبحسب فراتسكي، فإن هذا الظرف أثبت كذلك أن أنور لم يتمتع بسلطة على السجن أو على العاملين فيه. بل كانت هذه مهمة توفيق يونس. أضاف فراتسكي أن إياد أبلغ الشرطة أن توفيق يونس وحبيب فاضل كانا المسؤولين عن التعذيب في الفرع. وفيما يتعلق بالتسلسل الهرمي، قال فراتسكي إن إياد أخبر الشرطة فقط أن عبد الغني [مدير السجن في الفرع 251] "كان بالطبع تابعًا لأنور رسلان، لأن الأخير كان الرئيس".

خلص فراتسكي إلى أنه بخلاف ذلك،  لم يدل إياد إلا بتعليقات عامة حول أنور، قائلًا إن أنور تمت استشارته في مسائل التحقيق وأنه كان رسميًا للغاية. تساءل فراتسكي كيف عرف إياد ذلك، إذ أنه لم يقل سابقًا إلا أن هذه الأمور معروفة على نطاق واسع. وخلص فراتسكي إلى أنه لا يمكن استخلاص أي استنتاجات من إفادة إياد للشرطة الألمانية، لأنه أدلى بملاحظات عامة فحسب. على سبيل المثال، لم يكن إياد في مكتب أنور مطلقًا، ولكنه حدد المكتب في مخطط للفرع 251 قدمه إلى الشرطة. وبحسب فراتسكي، فإن إفادة إياد حول أنور تتناقض أيضًا مع خلفية إياد، حيث كان يعمل في منطقة مختلفة في دمشق في ذلك الوقت. وقال فراتسكي إن المدّعين العامين أشاروا إلى محضر الشرطة لإياد رغم كل ذلك، رغم أن إيادًا لم يذهب إلى فرع الخطيب منذ حزيران/يونيو أو تموز/يوليو، 2011. لذلك لا يستطيع إياد معرفة ما حدث في الفرع بعد ذلك. قال فراتسكي إن مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية لم يشكك في أقوال إياد، خاصة فيما يتعلق بحقيقة أنه انشق في كانون الثاني/يناير، 2012، مع قوله إن أنور كان رئيس التحقيق في الفرع 251 في آب/أغسطس 2012.

قال فراتسكي إنه مع ذلك، قال إياد للشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية إنه لم ير أنور يشارك في اعتقال المتظاهرين قط. كما أضاف إياد أن زملاءه أخبروه أن "أنور عاقب الجنود على ضرب المتظاهرين دون استجوابهم". وأضاف فراتسكي أنه وفقًا للغريب، لم يكن أنور قادرًا على فعل أي شيء لكونه سنّيًا. وهذا ما أكّده أنور نفسه في الالتماس الذي قدّمه.

تابع فراتسكي قائلا إنه من حيث النية، جادل المدّعون العامون بأنه ليس من المهم ما إذا كان أنور يريد إساءة معاملة الناس أو ما إذا كان يعارض ذلك لأنه أعاق جمع المعلومات. وجد فراتسكي عكس ذلك، محاججًا أنه وفقًا لمبدأ تفسير الشك لصالح المُتًهم، يُفترض أن أنور لم يستخدم هذه الحجة إلا لحماية نفسه وحتى لا يفصح عن الأسباب الفعلية لمعارضته تعذيب الناس.

مضى فراتسكي متناولًا مسألة الإصلاحات وإعادة الهيكلة في الفرع، التي تحدث عنها إياد أيضًا مع الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية في الصفحة 22 من المحضر. أشار فراتسكي إلى أنه أوضح للمحكمة في عدة مناسبات أن حافظ مخلوف كان الرئيس الفعلي للفرع 251. ووفقًا لفراتسكي، أكّد إياد هذا الرأي في استجواب الشرطة له عندما قال إن حافظ مخلوف كان يتبع إداريًا لعلي مملوك [رئيس إدارة المخابرات العامة في ذلك الوقت] ولكن على الورق فقط. حيث أشار إياد إلى موقف لم يجرؤ فيه حافظ مخلوف حتى على فتح نافذة سيارته عندما كان يقود سيارته متجاوزًا علي مملوك. وأضاف فراتسكي أنه عندما سُئل إياد من قبل الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية عمّا إذا كان هيكل السلطة في الفرع 251 هو أن توفيق يونس هو رئيس الفرع 251 وأن ​​جميع الموظفين تابعون له ويجب أن يلتزموا بأوامره، باستثناء القسم 40 وحافظ مخلوف الذي يتبع علي مملوك، نفى إياد ذلك وقال إن حافظ مخلوف كان يتبع إداريًا لبشار الأسد مباشرة. وخلص فراتسكي إلى أن حافظ مخلوف كان هو صاحب سلطة التعذيب في الفرع لأنه لم يكن يتبع إداريًا لتوفيق يونس. وكان القسم 40 هو الذي استخدم السجن في فرع الخطيب دون أن يكون تابعًا للفرع إداريًا.

أضاف فراتسكي أنه ضمن هذا الإطار، لم يعمل أنور بوصفه سنّيًّا قد عاقب الجنود فحسب، بل أطلق سراح المعتقلين أيضًا. وبالتالي، فإن الدفع بالإكراه بموجب المادة 35 من القانون الجنائي الألماني ينطبق في قضيته. ولذلك فإن المدّعين العامين مخطئون عندما قالوا إن أنور كان من الممكن أن ينشق بدون عائلته. وأشار فراتسكي إلى أن العديد من الشهود في هذه المحاكمة تم إخفاء هويتهم لحماية عائلاتهم. قال فراتسكي إن الأمر نفسه ينطبق على أنور. فقد كان من المستحيل عليه مغادرة سوريا بدون عائلته. لأنه لو فعل لكان ذلك سيعني موتهم المؤكّد.

***

[استراحة لمدة 10 دقائق]

***

ذكّرت رئيسة الجلسة القاضي كيربر، محامي الدفاع فراتسكي بأن يراعي العمل الشاق الذي يقوم به المترجمون منذ عامين وطلبت منه التحدث بشكل أبطأ.

تابع فراتسكي موضحًا أن أنور رسلان كان من الحولة حيث قُتل العديد من المعارضين في مجزرة، والتي كانت معقلًا للمعارضة حتى قبل المجزرة. وبالتالي فإن الشكوك حول ولاء أنور [للحكومة] يمكن أن تكون ذات صلة، حسب قول فراتسكي. بالإضافة إلى ذلك، ساعد أنور بعض الناس في الحولة، وخطط لهروبه في نفس الوقت وغادر البلاد مع عائلته وبعد ذلك مباشرة بدأ العمل لصالح المعارضة. وفقًا لفراتسكي، كان توفيق يونس وحافظ مخلوف في السلطة. حيث كانا سعداء باعتقال الناس للتحقيق. ينتمي حافظ مخلوف إلى الدائرة المقربة من بشار الأسد، وبالتالي فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في وقت مبكر من عام 2007 ومرة أخرى في أيار/مايو، 2011. كما فُرضت عليه عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي في أيلول/سبتمبر، 2011. خلص فراتسكي إلى أن هناك شائعات بأن حافظ قد لجأ إلى بيلاروسيا. وقال فراتسكي إنه لن يتفاجأ إذا كانت هذه الشائعات صحيحة.

شهود في هذه المحاكمة

تابع فراتسكي متحدثًا عن الشهود الذين أدلو بشهاداتهم في هذه المحاكمة. وقال إن هناك ثلاث فئات من الشهود:

1) شهود سمعوا عن أنور فقط أو عُرضت لهم صورته من قبل أنور البُنّي في وقت لاحق. بالنسبة لهؤلاء الشهود، لا يمكن استبعاد أن يكون البُنّي قد لعب دورًا فيما يتعلق بشهاداتهم.

2) شهود عايشوا أنور بالفعل في سوريا وأخبروا المحكمة أن أنور كان لطيفًا وقام بمساعدتهم.

3) شهود زعموا أنهم التقوا بأنور في سوريا لأنهم تعرفوا على صوته أو رأوه عندما كانت عصبة العينين تتحرك من مكانها.

قال فراتسكي إن لدى جميع هؤلاء الشهود تقريبًا شيء واحد مشترك: بالنسبة لهم، كان الأمر كله يتعلق بسوريا. واستخدموا المحاكمة بمثابة محاكمة سياسية ومنصة لمعارضة النظام. وقال فراتسكي إن هذا ليس انتقادًا لكون الشهود وجدوا بعض العزاء من خلال شهاداتهم. ومع ذلك، يجب على المرء أيضًا استبعاد بعض الشهادات مثل P22 الذي أخبر المحكمة أنه لا يعرف أنور شخصيًا. وقال فراتسكي إن المعتقلين في سوريا وفي فرع الخطيب عانوا من أهوال لا يمكن تصورها. إلا أن هذه المحاكمة تتعلق بالمسؤولية القانونية وليس المسؤولية الأخلاقية. في هذا السياق، يجب على المرء أن يأخذ بعين الاعتبار الشهادات التالية:

لا يمكن استخدام أي جملة من إفادة إياد الغريب لدى الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية في إدانة أنور. بل على النقيض، إن الأوصاف التي تقدّم بها إياد تصب في صالح أنور.

لا شيء في شهادة P18 يمكن أن يدعم إدانة أنور. وفقًا لفراتسكي، إنه لموضع تساؤل لماذا لم يقم وسيط P18 شخصيًا بتسهيل إطلاق سراح ابن عمه وبدلًا من ذلك أرسله إلى أنور. ولا يمكن استخدام تصورات P18 للقائه مع أنور في مكتب أنور ضد أنور. قال فراتسكي إن الاضطرار إلى الانتظار لفترة طويلة قبل موعد في مؤسسة عامة ليس بالأمر الغريب، وأضاف أن أي شخص يعيش في برلين يمكن أن يمر بذلك. وخلص إلى أن الرسالة التي تصوّرها P18 من وقت الانتظار هذا كانت نسبية. علاوة على ذلك، لم يتمكن P18 من تحديد اسم أنور رسلان على وجه اليقين. وقال إن المشهد وقع في الطابق الأول، ثم تحدث عن الطابق الأرضي. وقال في البداية إنه لم يسمع ضوضاء، ثم وصف ضوضاء. وقال فراتسكي إن P18 وصف "فجأة" غرف التحقيق المجاورة لمنطقة الانتظار. كما أشار فراتسكي إلى أنه خلال شهادة P18 في المحكمة، نصحت رئيسة المحكمة القاضي كيربر P18 عند نقطة ما بالاستماع إلى محاميه الذي حاول إنقاذ الموقف. [قالت كيربر إنها لا تتذكر قول ذلك.] تابع فراتسكي، قائلًا إن P18 استخدم أيضًا "العذر الذي يُسمع كثيرًا" بأن مترجم الشرطة ارتكب أخطاءً. وأشار فراتسكي إلى أن الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية عدّت مترجمها جيدًا لدرجة أنه رافق المحققين لإجراء مقابلات في الخارج. خلص فراتسكي إلى أنه فيما يتعلق بأوصاف P18، فقد تم إخبار أنور رسلان أن شخصًا مات أثناء الاعتقال وأنه كان عليه الاعتناء بذلك. لم تكن شهادة P18 في المحكمة مقنعة وعندما تمت مواجهته بإفادته السابقة لدى الشرطة، قدم أقوالًا متناقضة. كما قال أنور رسلان إنه لا يعرف P18.

أشار فراتسكي إلى أنه وفقًا لرويتر، لم يُحرم أنور من سلطته فقد كان قادرًا على التأثير على الإجراءات في دير الزور في حزيران/يونيو، 2012 عندما سهّل إطلاق سراح معتقل. إلا أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي جعلت أنور قادرًا على تسهيل عملية الإفراج. فلم يكن سبب الاعتقال معروفًا. ولم يتضح ما إذا كان الضباط في دير الزور يعرفون أن أنور قد حُرم من سلطته. قال فراتسكي إنه يعرف من محاكمة أخرى استمرت 60 يومًا أنه في حزيران/يونيو، 2012، كان النظام السوري تحت ضغط من قبل الجيش السوري الحر في دير الزور، ويمكن للمرء قراءة ما نُشِر على ويكيبيديا حول "اشتباكات دير الزور". وفقًا لفراتسكي، من المرجح أنه عندما اتصل أنور لتسهيل إطلاق سراح السجين، لم يستفسر أحد من الضباط في دير الزور عمّن كان يتصل بالضبط من جهاز المخابرات في دمشق.

تابع فراتسكي مشيرًا إلى أن P11 لم يكن قادرًا على التذكر، وبالتالي كان لا بد من مواجهته في المحكمة بالأقوال التي أدلى بها إلى الشرطة. وفقًا لفراتسكي، قال P11 إن محضر المقابلة التي أجراها مع الشرطة لم تتم إعادة ترجمته إليه، ولكن تمت إعادة ترجمة أجزاء منه على الأقل. ولم يتعرف P11 على صورة أنور وادعى أنه قادر على التعرف على صوته. ولم يتمكن كذلك من تحديد موقع الفرع على الخريطة. قال فراتسكي إن أنور اعترف بأنه يعرف P11 واستفسر عنه لوضع اسمه على قائمة المعتقلين الذين كان من المفترض إطلاق سراحهم وأرسل هذه القائمة. اعتُقل P11 عدة مرات. قال فراتسكي إنه كان من اللافت للنظر إلى أي مدى كانت الأوصاف التي قدمها P11 تفصيلية لهذا الاعتقال بالذات لدى الشرطة، بينما أثناء وجوده في المحكمة، كان لا بد من إنعاش ذاكرته من خلال الإشارة إلى أقواله للشرطة بالكامل تقريبًا. وخلص فراتسكي إلى أن P11 زعم أن الصوت الذي قال إنه صوت أنور، لم يكن له لهجة محددة، بينما أنور من حمص ويتحدّث اللهجة ذات الصلة.

قال فراتسكي إن المدّعين العامين وجدوا أن P41 لم يبدِ أي رغبة في تجريم المدعى عليه. غير أن جملته الثانية في المحكمة كانت "بعد ذلك بدأ التعذيب بقيادة أنور رسلان". تابع فراتسكي مقارنًا شهادة P41 أمام المحكمة وأقواله السابقة مع الشرطة. قال P41 في المحكمة إن عبد المنعم ذكر اسم أنور رسلان. وعندما سُئل عن كيفية معرفة P41 للاسم، أضاف أن عبد المنعم قدم أنور وأنه كان هناك أيضًا لوحة تعريفية عليها اسم أنور. ثم أشار P41 إلى أنور رسلان في المحكمة عندما سُئل عمّا إذا كان قادرًا على التعرف على شخصٍ في المحكمة على أنه أنور رسلان. وأضاف فراتسكي أنه خلال المقابلة التي أجراها مع الشرطة، عندما سُئل P41 عمّا إذا كان يعرف شخصًا ما في مجموعة الصور، أشار P41 إلى الصورة رقم 2 بعد أن تردد لفترة من الوقت وقال إنه يعرف هذا الشخص وأنه رآه في سوريا [كان أنور في الصورة رقم 2 من مجموعة صور الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية]. ثم أخبر P41 الشرطة أنه كان من الصعب عليه أن يتذكر بالضبط. وأنه رأى هذا الشخص في المعتقل في فرع الخطيب أثناء التحقيقات مع جهاز المخابرات العامة. عندما سألت الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية P41 متى رأى هذا الشخص، قال P41 إنه افترض أنه كان في تشرين الأول/أكتوبر أثناء اعتقاله. وأضاف أنه يعتقد أن هذا الشخص كان المسؤول عن الفرع، لكنه كان أنحف في ذلك الوقت. قال P41 أيضًا إنه رأى هذا الشخص لفترة وجيزة مرتين أو ثلاث مرات. عندما سألت الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية P41 بعد ذلك عمّا إذا كان قادرًا على النظر حوله أثناء التحقيق، قال P41 إنه كان عليه أن ينظر إلى الأرض إلا أن "الشخص المسؤول وقف خلف مكتب."، وأنه كان على الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أن تسأل عدة مرات عن كيفية تعرّفه على هذا الشخص. وفقًا لفراتسكي، من المثير للاهتمام أن P41 قال إنه ألقى نظرة سريعة فقط غير أنه كان رغم ذلك قادرًا على تحديد أن مكان الشخص كان خلف طاولة مكتب. لم يذكر في المحكمة أنه كان عليه أن ينظر إلى الأرض، ولا أنه قرأ لافتة عليها اسم أنور. خلص فراتسكي إلى أن P41 لم يذكر اسم أنور رسلان ولكنه تحدث عن "الشخص المسؤول" فحسب؛ حتى أثناء مقابلته مع الشرطة. ومع ذلك، أثناء الجلسة في المحكمة، أشار P41 على الفور إلى أنور رسلان جالسًا على مقعد المدعى عليه عندما طُلب منه تحديد هوية الشخص. قال فراتسكي إنه من الواضح أن أنور هو من كان يجلس على مقعد المدعى عليه "من كان من المفترض أن يجلس هناك؟" سأل فراتسكي. ألا أنه من الممكن أنه قبل إدلاء شهادته أمام المحكمة، عُرض على P41 بالفعل صورة لأنور رسلان، وفقًا لفراتسكي. وعلى أي حال، لم يذكر اسم أنور رسلان قط.

أشار فراتسكي أيضًا إلى أن P49 أخبر المحكمة بأمرين. أولًا، كانت التحقيقات التي أجراها أنور رسلان "خالية تمامًا من العنف". وثانيًا، لم يكن إطلاق سراح المعتقلين ممكنًا إلا بإذن من توفيق يونس. خلص فراتسكي إلى أن السلطة الفعلية [على الفرع والإفراج] كانت بالتالي لتوفيق يونس. وأشار كذلك إلى أن أنور أكّد في المحكمة أنه يجب أن يوافق توفيق يونس على القوائم التي تحتوي على أسماء المعتقلين الذين كان من المفترض إطلاق سراحهم. وأضاف فراتسكي أنه وفقًا لـP49، يُزعم أن أنور اعتذر له عبر الفيسبوك وأخبره أن شخصًا آخر قد أدان P49 لدى رئيس الفرع. بالإشارة إلى وصف P49 لمكتب أنور وصورة حافظ الأسد معلقةً هناك، قال فراتسكي إن زعم قول أنور "مثل هذه الأشياء لم تكن لتحدث في عهد حافظ الأسد" كان مجرد تكهنات. وخلص فراتسكي إلى أن أنور اعتذر بالفعل لـP49 وكان عليه أن يتبع الأوامر الصادرة عن رؤسائه.

قال فراتسكي إنه بسبب شهادة P16، وجد المدّعون العامون أن أنور لديه سلطة اتخاذ القرار في الفرع. ومع ذلك، فإن وصف P16 لشكوى أنور للسجّانين من أنه أخبرهم عدة مرات بإزالة العصبة عن عيون المعتقلين، يشير إلى أن أنور ليس لديه سلطة اتخاذ القرار في الفرع. كما يشير إلى أن أنور أجرى تحقيقاته دون أن تكون أعين المعتقلين معصوبة. قال فراتسكي إن على المرء بالتالي أن يشُك في كل شهادة أدلى بها شهود قالوا إن أعينهم عُصبت أثناء التحقيق الذي أجراه أنور معهم. وأضاف أن عبارة "سيدي" التي خاطب بها السجّانون أنور ما هي إلا عبارة جوفاء. وأشار فراتسكي إلى أن P16 لم تتعرض للتعذيب أثناء التحقيق مع أنور ولم تتعرض للإهانة وقُدمت لها القهوة والسجائر، ثم أُطلق سراحها في نهاية المطاف بعد ذلك بيوم واحد. قابلت P16 أنور في الأردن كذلك، وقد سألها بالفعل عن طريقٍ إلى الغوطة [لمغادرة البلاد] في اجتماعهم الأول [في الفرع]. قال فراتسكي إن P16 أخبرت المحكمة أيضًا أن الانشقاق لم يكن سهلًا على المسؤولين الحكوميين. وفي مقابلاتها مع الشرطة الألمانية، قالت P16 إنها تحدثت مع أنور عن أشياء عامة عندما التقيا في الأردن وأن أنور شعر بالارتياح. وفيما يتعلق بالموقف تجاه النظام، خلص فراتسكي إلى أن P16 قالت أيضًا إنها تفترض أن أنور توقف عن دعم النظام منذ اللحظة التي بدأ فيها قصف السكان المدنيين.

كما أوضح فراتسكي أن شاهدةً أخرى، رفضت الإدلاء بشهادتها في المحكمة وبالتالي قدّم المفتش كنابمانشهادتها، زعمت أيضًا أنها التقت بأنور في الفرع إلا أنها لم تتعرض للتعذيب. أخبرت الشاهدة كنابمان من الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أن أنور لم يفصح عن ادعاءات ضدها في محادثتهما. وبالإشارة إلى وصف الشاهدة لدخول سجّان رفع أكمامه إلى الغرفة وإخباره أنور أنه نفذ الأمر، وجد فراتسكي أنه لا يمكن للمرء أن يستنتج أن هذا المشهد يشير إلى حادثة تعذيب. وقال فراتسكي إن أقوال الشاهدة لدى الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية أكّدت ما قاله أنور في التماسه الأول. وإن حقيقة أن الشاهدة لم تتعرض للتعذيب في القسم 40 كان على ما يبدو بسبب المكالمات الهاتفية التي أجراها أنور رسلان. غير أن فراتسكي قال إن الشاهدة لم تُسأل عن حافظ مخلوف، إلا إذا كان ذلك جزءًا من التحقيق الهيكلي الذي لم يتمكن الدفاع من الوصول إليه. وأضاف أن الشاهدة لم تدلِ بشهادتها أمام المحكمة مع الأسف. وكانت شهادتها في المحكمة ستكون مثيرة للاهتمام، كما تطلبت العديد من الجوانب مزيدًا من التوضيح، لا سيما في ضوء وصف P33 القسم 40 بأنه "قسم استقبال".

فيما يتعلق بـ P33، أشار فراتسكي إلى أن المدّعين العامين وجدوا أن إطلاق سراحها كان مؤشرًا على سلطة أنور في اتخاذ القرار في الفرع. أشار فراتسكي إلى أن P33 وصفت ثلاثة أشخاص كانوا حاضرين في اجتماع في فرع الخطيب: رجلٌ واحدٌ وأنور رسلان ورئيس إدارة المخابرات الجوية [جميل حسن]. أخبرت P33 المحكمة أنه في هذا الاجتماع، اعتذرت هي وزوجها عن ابنتيهما وبالتالي أُطلق سراح إحدى ابنتيها. إلا أنه، كما قالت P33 للمحكمة، فإن الرئيس بشار الأسد بنفسه رفض إطلاق سراح ابنتها الأخرى. وجد فراتسكي أن هذه الحالة أظهرت أن إدارة المخابرات الجوية كان لها تأثير على الإجراءات في الفرع 251 وحتى أن الرئيس نفسه قد شارك في إطلاق سراح إحدى ابنتي P33. أضاف فراتسكي أن هذا الاجتماع حدث بعد وقت قصير من بداية الثورة وأنه بعد عشرة أيام فقط، تمكنت P33 من ترتيب لقاء آخر دون إشراك وسيط أو دفع رشاوى.

بالإشارة إلى  ابنة P33 ، وهي P32، قال فراتسكي إنها أخبرت المحكمة أن أنور لم يكن قاسيًا ولم يضربها. وأفاد فراتسكي أنه تم إطلاق سراحها بعد لقائها به. وأضاف أن P32 أظهرت حرصًا على تجريم أنور من خلال القول، إنه من بين أسباب أخرى، تم دفع الأموال وأنه "أراد التخلص من المشكلة.'' قال فراتسكي إنه بينما تعرّفت P33 على رئيس جهاز إدارة المخابرات الجوية، لم تقم بذلك P32 وبدلًا من ذلك تعرّفت على أنور رسلان فقط.

انتقل فراتسكي بعد ذلك إلى أنور البُنّي، مشيرًا إلى أنه أدلى بشهادته أمام المحكمة بصفته خبيرًا في 4 حزيران/يونيو، 2020. ومع ذلك، فقد ورد اسمه طوال المحاكمة على الرغم من حقيقة أنه لم يكن معتقلًا في الفرع 251 بعد 2011. قال فراتسكي إن البُنّي اعتقد أنه سمع صوت أنور في عام 2006. ووفقًا لفراتسكي، فإن وصف البُنّي أن القسم 40 تلقى أوامر من الفرع 251 كان غير صحيح بل " كان العكس صحيحًا". وأشار فراتسكي إلى أنه بحسب ما قاله البُنّي في المحكمة، فإن كبار الضباط كانوا يخافون من حافظ مخلوف. وقال البُنّي للشرطة إنه تعرض للضرب في عام 2006. وفي المحكمة قال إنه لم يتعرض للضرب. وفي اليوم الثاني من شهادته، قال إنه "تعرض لعنف جسدي" كما أشار فراتسكي. وأضاف أن دور البُنّي في هذه المحاكمة مثيرٌ للاهتمام لعدة أسباب أخرى أيضا.

أوضح فراتسكي أنه وصل الآن للصفحة 90 من 119 من بيانه الختامي واقترح استراحة قصيرة.

***

[استراحة لمدة 12 دقيقة]

***

أوضح فراتسكي الأسباب التي جعلت مشاركة البُنّي في هذه المحاكمة مهمة:

‌أ)      في 25 آب/أغسطس، 2021، أدلى P46 بشهادته في المحكمة. وقام زميله بعمل فيلم عن البُنّي وجعلهما على تواصل مع بعضهما.

‌ب)    رفض شاهد آخر له صلة بالبُنّي الإدلاء بشهادته في المحكمة وتم تقديم شهادته في المحكمة من قبل كبير المفتشين الجنائيين دويسنج في شباط/فبراير 2021.

‌ج)    قال P30 للمحكمة إن البُنّي أجرى نداءً عامًا لجميع الأشخاص الذين اعتقلوا في فرع الخطيب في عامي 2011 و2012 ليتواصلوا مع البُنّي.

‌د)      في المحكمة، قال P47 إنه غير متأكّد إن كان قد رأى أنور رسلان. عند مواجهته بأقواله لدى الشرطة، التي قال فيها إنه رأى صورة أنور على الإنترنت وإنه كان على اتصال بالبنّي لأسباب تتعلق بالعمل، قال للمحكمة إنه كان من المعروف أن العديد من الشهود في هذه المحاكمة جاءوا عن طريق البُنّي وأنه تحدث مع البُنّي عن صورة أنور رسلان.

‌ه)      أخبر P48 المحكمة أنه لم ير أنور رسلان في الاعتقال لكنه رفض النظر بشكل صحيح لتحديد المدعى عليه. عندما سُئل P48 عن علاقته بأنور البُنّي، قال على الفور إنه كان يعلم أن هذه القضية ستُطرح.

‌و)     استُدعي رئيس المحققين الجنائيين شميت من مكتب الشرطة الجنائية الإقليمي لولاية برلين للإدلاء بشهادته في المحكمة بشأن استجوابه لـP46. أخبر شميت المحكمة أن P46 أخبره أن البنّي يجمع أقوال الشهود وأنه عرض صور أنور رسلان على P46. خلص فراتسكي إلى أن P46 كذب في المحكمة.

‌ز)     قال P57 [ذكر فراتسكي اسم هذا الشاهد بالرغم من إخفاء الهوية] إن البنّي وثق شهادته خلال مكالمة هاتفية. غير أن المعلومات الواردة في الوثيقة التي أنشأها البنّي وأرسلها إلى المحكمة كانت متناقضة مع شهادة P57 أمام المحكمة.

خلص فراتسكي إلى أن البُنّي "يعمل بوضوح من وراء التحقيقات" ويُنشئ وثائق مزورة. كما أنه عرض صور أنور على شهود محتملين وأخبرهم باسم أنور. كما أجرى نداءات علنية لشهود محتملين أثناء المحاكمة. وقال فراتسكي إن على البنّي أن يبذل نفس الجهود المكثفة للبحث عن الجناة الفعليين. وخلص فراتسكي إلى أن شهادات البنّي وشهود آخرين كانت غير صالحة للاستخدام على الإطلاق لأن جميعها كانت خاضعة لتأثيرات.

مضى فراتسكي مشيرًا إلى أن اللبواني أخبر المحكمة أنه نظرًا لأن أنور سُني فقد "كان يعامل على هذا الأساس". وبخصوص الفرع 251، قال اللبواني للمحكمة إن مدير "فرع أمن الدولة" كان "شكليًا فقط". فيجب دائمًا أن يكون علويًا له صلة مباشرة بالرئيس. ووفقًا للبواني، حوّل حافظ الأسد أمن الدولة إلى "مؤسسة إجرامية". وأضاف فراتسكي أنه وفقًا للبواني، تمكن أنور من إطلاق سراح المعتقلين عن طريق توفيق يونس في بداية [الثورة]، كلما لاحظ اعتقال أشخاص عُزّل. ومع ذلك، لم يستطع الاستمرار في القيام بذلك اعتبارًا من حزيران/يونيو، 2011 فصاعدًا لأنه حُرم بعد ذلك من صلاحياته.

أشار فراتسكي إلى قول P22 للمحكمة إنه "ليس لديه أي شيء شخصي ضد أنور" وأنه من الجيد أن أنور انشق "في وقت مبكر نسبيًا في عام 2012".

أشار فراتسكي أيضًا إلى أن P56، وهو موظف سابق في وزارة الداخلية السورية، أخبر المحكمة عن لجنة شارك فيها أنور. كما قال P56 أن حافظ مخلوف كان الرئيس الفعلي لفرع الخطيب لأنه ابن خال بشار الأسد. قال فراتسكي إنه وفقًا لـP56، ربما كان توفيق يونس رئيس فرع أمن الدولة، لكن في وزارة الداخلية كان من الواضح أن حافظ مخلوف كان رئيس فرع الخطيب. فيما يتعلق بعمل أنور، شهد P56 أن أنور حاول التحدث إلى رئيس الفرع لمساعدة المعتقلين لكنه لم يكن دائمًا قادرًا على المساعدة. لذلك تجادل أنور مع توفيق يونس حول إطلاق سراح المعتقلين.

خاتمة

قال فراتسكي إنه في الختام، يجب أن نعترف بأن معظم الشهود الذين رأوا أنور فعليًا، قالوا إنه ساعدهم، ولم يكن عليهم أن يعانوا أو أن أنور لم يؤذهم على الأقل. ثم قال فراتسكي إنه كان هناك شهود زعموا أنهم التقوا بأنور لأن أحدهم أخبرهم بذلك. وأضاف أنه من بين هذه الشهادات لا يمكن العثور على أي مسؤولية على أنور. قال فراتسكي إن هناك أيضًا شهودًا التقوا بأنور ولم يؤذهم إلا أنهم حمّلوا أنور مسؤولية كل شيء [حدث في الفرع 251].

على العكس من ذلك، لم يوافق أنور على التعذيب ويجب على المرء أن يقرّ بأنه تصرف تحت الإكراه بموجب المادة 35 من القانون الجنائي الألماني لأن عائلته كانت في خطر. خلص فراتسكي إلى أنه حتى إذا وجد المرء أن أنور مسؤول عمّا حدث في الفرع، فإنه قد تصرف دون أي ذنب بموجب المادة 35 من القانون الجنائي الألماني.

أضاف فراتسكي أنه يمكنه تفهّم بعض الشهود والمدّعين. فهم يرون أن المدّعى عليه الذي عمل في نظام إجرامي يجب ألا يكون حرًا. غير أن أنور انشق ودعم المعارضة في جنيف وخاطر بحياته ليفعل كل ذلك.

شدد فراتسكي على أن هذه المحاكمة يجب ألا تكون محاكمة سياسية. حتى لو لم يعدّ البعض هذا الأمر عادلًا، فلا يجب إدانة أنور بدلًا عن النظام بأكمله. وبحسب فراتسكي، فإن إدانة أنور رسلان لا يمكن أن تكون مجرد نتيجة لإدانة إياد الغريب لأن إياد اعترف بما فعله. بينما لم يوافق أنور على التعذيب ولم ينفذه. قال فراتسكي إنه يجب عوضًا عن ذلك أن يُذكر بوضوح الجناة الفعليون والأشخاص المسؤولون، تمامًا كما فعلت محكمة الاستئناف في برلين في حكمها في محاكمة تيرجارتن. ويجب إرسال إشارة واضحة ضد التعذيب وجرائم الحرب. ولكن يجب إرسال هذه الإشارة إلى المسؤولين الفعليين. قال فراتسكي إن أنور ليس واحدًا منهم. وطالب فراتسكي القضاة بتبرئة أنور.

البيان الختامي لمحامي الدفاع بوكر

بدأ محامي الدفاع بوكر بيانه الختامي قائلًا إنه سيضيف بعض الملاحظات الجانبية والملاحظات الختامية. وقال إنه لا يعمل لصالح النظام السوري، بل يعمل لصالح أنور رسلان بصفته فردًا ولد ونشأ في سوريا وفقد وطنه، مثل جميع السوريين الآخرين الذين شاركوا في هذه المحاكمة. قال بوكر إنهم جميعًا يشتركون في نفس المصير العام: دولة الظلم السورية [Unrechtsstaat]. ووفقًا لبوكر، فإنه وجميع الأطراف الأخرى في المحاكمة، وفيهم المدعى عليه، مستاؤون من هذا الوضع [دولة الظلم والعنف الذي تقوده الدولة]. وأضاف أن خط الدفاع لم يكن يهدف أبدًا إلى نفي وجود نظام [العنف] السوري وإنما للدفاع عن أنور رسلان شخصيًا.

ملاحظات شخصية

قال بوكر إن الوضع في سوريا والتاريخ الألماني علّمه أن يكون ممتنًا لعيشه في دولة تحكمها سيادة القانون، بكل ما فيها من عيوب. فإذا أراد الناس التظاهر ضد قيود كوفيد-19، يسمح لهم بالقيام بذلك [في ألمانيا] على الرغم من عدم اتفاق الجميع مع آرائهم. وإذا اتُّهم أحدهم في قضية جنائية، يمكنه/ها اختيار محامٍ. قال بوكر إنه لمكسب كبير أن تكون قادرًا على العيش [في ألمانيا]. لذلك فإن الملاحقة القضائية [للجرائم المرتكبة في سوريا] لها أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمع السوري.

مسألة المسؤولية الجنائية

أضاف بوكر أنه، مع ذلك، فإن الظروف السياسية لا علاقة لها بهذه المحاكمة. تُجرى هذه المحاكمة ضد شخص واحد فقط. وأشار بوكر إلى أن المحكمة سبق لها أن تناولت الوضع في سوريا خلال فترة صدور قرار الاتهام. ليس لدى الدفاع رأي مخالف في هذا الصدد. قال بوكر إن النتائج التي توصل إليها، أولًا وقبل كل شيء، تتعلق بالمسؤولية الفردية لموكله. وخلص إلى أن هذه المحاكمة بالتالي ليست مناسبة تمامًا لمعالجة الوضع بأكمله في سوريا، على الرغم من أن ناشطي حقوق الإنسان السوريين يرغبون في شيء مختلف.

قال بوكر إن السؤال هو ما إذا كان المدعى عليه، منذ بداية الهجوم الواسع والمنهجي على السكان المدنيين السوريين في 29 نيسان/أبريل، 2011 وحتى نقله إلى فرع آخر في 7 أيلول/سبتمبر، 2012، يعمل موظفًا حكوميًا في منصب أمر فيه بالتعذيب وكان يتمتع بالسلطة. والسؤال هو ما إذا كان قاتلًا حتى انشقاقه أو إذا توقف [عن نيته ذات الصلة] في اللحظة التي قرر فيها الانشقاق.

أوجه النقص

أوضح بوكر أن عرض الأدلة في المحكمة قد تم بعد عشر سنوات من الجريمة المزعومة وعلى بعد 3,901 كيلومترًا من مسرح الجريمة دون إمكانية الوصول إلى مسرح الجريمة أو وجود ارتباط حقيقي مماثل له. قال بوكر إنه سأل نفسه سؤالًا عن مقدار الوقت الذي أُمضي منذ 23 نيسان/أبريل، 2020 في التعامل مع المدعى عليه بشكل فردي. وكان بالنسبة له الجواب: لا شيء تقريبا. وأضاف كذلك أن شهادات الشهود المتعلقة بالمدّعى عليه فرديًا لا يتجاوز عددها أصابع اليدين.

أوضح بوكر أن أنور لم يكن، مع ذلك، من بين المدّعى عليهم الذين استخدموا حقهم في التزام الصمت. أخبر كبير المفتشين الجنائيين دويسنج المحكمة أن أنور قدم معلومات حول موضوع القضية في وقت مبكر من التحقيقات. وفقًا لبوكر، فإن شهادات أنور مع مكتب الشرطة الجنائية الإقليمي لولاية بادن-فوتمبيرغ في عام 2017 ومع مكتب الشرطة الجنائية الإقليمي لولاية برلين في عام 2015، والتي أكّدها المحققون المعنيون، تدعم هذا المنظور. وخلص بوكر إلى أن أنور كان يقدم دائمًا المعلومات بشكل علني. وكانت بياناته كلها طوعية. قال بوكر إنه بسبب ضغط الوقت للمحاكمة، قد يتوصل المرء إلى نتيجة مختلفة يريد تصحيحها.

وفقًا لبوكر، فقد تم تأكيد بيانات أنور التي قدمها أثناء المحاكمة ولم تُدحض. حيث نفى الاتهامات وقدم معلومات عن حياته الشخصية والمهنية. أوضح بوكر أن هذه المعلومات ضرورية لفهم النظام [السوري] وخلفية [الاتهامات]. أشار بوكر إلى أن أنور رسلان ولد عام 1963 في مدينة الحولة بمحافظة حمص في سوريا. وهو مسلم سُني درس القانون في جامعة دمشق. وفي سنته الرابعة في كلية الحقوق، سُمح له بالمشاركة في تدريب الشرطة الذي كان قد أجراه أثناء دراسته حتى عام 1986. بدأ أنور العمل في إدارة الهجرة والجوازات برتبة رقيب في حلب وحرستا وطرطوس. وبعد إتمام دراسته بنجاح، أجرى أنور تدريبًا آخر حتى عام 1992 حيث تمت ترقيته إلى رتبة ملازم أول وقد أكمل الدورة التدريبية باعتباره الثاني على فصله. في عام 1995، كان أنور الثالث على فصله وتم استدعاؤه للعمل في أمن الدولة حيث قام بدوريات بالقرب من حي السفارة في دمشق. في عام 1996 تمت ترقيته إلى رتبة رائد. ومن عام 2006 حتى 8 آب/أغسطس، 2008، عمل في الفرع 300 حتى بدأ العمل بصفته رئيسًا للتحقيقات في الفرع 251.

قال بوكر إنه لم يتم إيضاح الوضع في سوريا قبل أذار/مارس، 2011 بشكل كاف في هذه المحاكمة. وأشار إلى قول رويتر إن الوضع تغير بشكل كبير في أوائل عام 2011. ووفقًا لبوكر، قال رويتر إنه لم تكن هناك معارضة حقيقية في سوريا قبل عام 2011 وإن التعذيب والقتل لم يبدئا إلا بعد أذار/مارس، 2011. وأضاف بوكر أنه في مقال في دير شبيجل في أكتوبر/تشرين الأول، 2019، وصف المؤلفون الخوف من مقاتلي داعش الأجانب العائدين في ظل هجمات إرهابية محتملة في ألمانيا. قال بوكر إنه خوفٌ تبين أنه كان في محله، مشيرًا إلى الهجوم على ساحة برايت شايد في برلين في عام 2016. قال بوكر إن أنور كانت لديه مخاوف مماثلة عندما كانت الأمور تتغير في سوريا في عام 2011. وقال بوكر إنه لا يسع المرء إلا أن يخمن ما حدث بالفعل في ذلك الوقت. إلا أنه لابد من الاعتراف بأن أنور، بصفته ضابط شرطة يتمتع بخلفية قانونية، لا بد من أنه وجد نفسه في وضع سيطرت عليه فيه الرغبة للانتقام. فبعد مجزرة الحولة وبعد محادثة مع توفيق يونس الذي رفض طلب أنور بالانتقال إلى مكان عمل آخر، قرر أنور الانشقاق في نيسان/أبريل 2011.

قال بوكر إن التماس أنور الأول لم يُدحض. في هذا الالتماس، قال أنور أيضًا إنه حاول المساعدة كلما أمكن ذلك [بإطلاق سراح المعتقلين العُزّل على الأقل]. غير أن هذا لم يعد ممكنًا لأن أنور كان قد حُرم من كل [سلطته] اعتبارًا من حزيران/يونيو 2011فصاعدًا. وأشار بوكر إلى أن أنور أراد بعد ذلك أن يُنقل للعمل مع الشرطة، لكن توفيق يونس رفض طلبه وألقى بالوثيقة في سلة المهملات. ومع ذلك، حاول أنور مساعدة المعتقلين إلى أن نُقل في النهاية إلى فرع آخر. وأشار بوكر أيضًا إلى أنه في نيسان/أبريل، 2011 قرر أنور الانشقاق وتمكن من تنفيذ خطته في كانون الأول/ديسمبر، 2012. وفقًا لبوكر، "لم يكن لدى أنور أدنى فرصة للانشقاق بأمان مع عائلته في وقت أقرب". وإلا لكانت عائلته ستُترك في سوريا بدون حماية.

أشار بوكر إلى أنه خلال هذه المحاكمة، كانت هناك تكهنات حول أسباب انشقاق أنور. قال البعض إنه انشق فقط عندما كان خائفًا من انهيار النظام، وقال آخرون إنه كان ما زال يعمل جاسوسًا للحكومة السورية. وجد بوكر أن كل هذه الافتراضات كانت "تكهنات ضبابية، وبروباغاندا رخيصة، عبّر عنها المختصون في المحاكمات السياسية." وقال بوكر إن المزاعم بأن أنور ساعد فقط المعتقلين الفنانين هي محض تكهنات كذلك. وأشار إلى أن هؤلاء المعتقلين ربما كانوا ببساطة أولئك الذين كان أنور قادرًا ومستعدًا لمساعدتهم. ووفقًا لبوكر، كان هذا التفسير راجحًا أكثر [لمساعدة أنور المعتقلين مع التركيز على الفنانين]. وخلص بوكر إلى أن هذا [التفسير] لم يُطرح ولم يتم تقديم أي دليل مخالف له أثناء المحاكمة.

عمل المعارضة

فيما يتعلق بعمل أنور لصالح المعارضة، قال بوكر إنه وزميله يدركان [أن عمل أنور لصالح المعارضة لا يلغي الجرائم التي ارتكبها]. ومع ذلك، تظهر الأدلة المقدمة خلال المحاكمة أن التماس أنور كان صحيحًا في هذا الصدد أيضًا. قال بوكر إن المدّعين والمدّعين العامين غالبًا ما أهملوا هذا الجانب. وقال بوكر "إن سلوكه بعد الجريمة لا علاقة له بالطبع بدوافعه"، ومع ذلك فإن ذلك يشير إلى أن أقوال أنور كانت صحيحة وأنه أدرك أن لا جدوى عمله في الفرع منذ عام 2011 فصاعدًا، ولكن ببساطة لم يكن لديه مخرج. ومضى بوكر قائلًا إنه بشكل عام، كانت هناك العديد من التكهنات ولكن لا توجد نتائج ملموسة فيما يتعلق بموكله. سأل بوكر "ماذا كشفت الأدلة إذًا؟"  وأجاب بعد ذلك أن الأدلة أدت إلى الاستنتاج المؤكّد أن التماس أنور لم يُدحض.

أدلة ضد أنور

ثم انتقل بوكر للحديث عن ملفات قيصر، واصفا إياها "بمظهر من مظاهر الشر". وقال إن "الدافع الدقيق لقيصر وأصدقائه لا يزال غير واضح". قال بوكر إنه على الرغم من الأهمية الكبيرة لملفات قيصر للإجراءات بشكل عام والاهتمام الإعلامي الكبير الذي حظيت به، إلا أنها ليست ذات صلة أبدًا بأنور لأنها لم تظهر معتقلًا واحدًا من فرع الخطيب توفي في الفرع خلال فترة الاتهام.

أشار بوكر إلى P4 الذي قال للمحكمة إن 45 شخصًا على الأقل ماتوا في فرع الخطيب. قال بوكر إن P4 متبجح وعارٌ على جميع الشهود الآخرين الذين أدلوا بشهاداتهم بعده. وكانت شهادته "شهادة زور بشكل واضح. من الواضح أن الـ45 وفاة لم تحدث أبدًا". وبخصوص إياد الغريب، قال بوكر إنه لم يكن على علم بالموضوع [فرع الخطيب] وإن أقواله لدى الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية تبرئ أنور. وخلص بوكر إلى أن الشهادات الأخرى ليست ذات صلة بمسألة الجرم وتتعلق فقط بسياق هجوم منهجي أو واسع النطاق.

ومع ذلك، فضل بوكر معرفة المزيد عن الوضع في سوريا أكثر مما قالته الخبيرة تورمان للمحكمة. وقال إنه في حين أن هذا قد لا يكون ذا صلة خاصة بقضية أنور، إلا أن بوكر كان لا يزال يأمل في المزيد. وكان يأمل في معرفة المزيد من الشاهدة بيكر فيما يتعلق بهروب أنور إلى ألمانيا. قال بوكر إن شهادتها كانت على نحو مفاجئ "فعلًا مجرّدًا من التنوير" لأنه سمع من وزارة الخارجية الألمانية، بشكل غير رسمي، أن بيكر كانت مشاركة في جميع الجوانب اليومية لانتقال أنور إلى ألمانيا. وأضاف بوكر أن الشاهد من المكتب الألماني للهجرة واللاجئين لم يكن لديه على ما يبدو أي فكرة عن كيفية وصول أنور إلى ألمانيا. وخلص بوكر إلى أن الشهود دريكسلر وآخرين قد تركوا علامات استفهام فقط فيما يتعلق بالجهود الدولية في إجراءات طلب اللجوء الخاصة بأنور. وقال إن هذا أمر مؤسف بسبب المكون السياسي العام، وكان يأمل في الحصول على مزيد من [المعلومات والجهود] من السلطات الألمانية.

تساءل بوكر عن الشهادات التي يُفترض فعلًا أن تُجرِّم أنور فيما يتعلق بتهم القتل والتي يُفترض أن تثبت أن التماسه كان مجرد تأكيد حماية. وخلص إلى أنه لم يتبق الكثير من [المعلومات التي تحمل إدانة] من جميع الشهادات في هذه المحاكمة.

قال بوكر إن P1 تصرف بشكل مختلف تمامًا داخل قاعة المحكمة عن الخارج حيث كانت تتبعه الكاميرات باستمرار. قال بوكر إنه لم تعجبه شخصيًا مشاركة وسائل الإعلام ولكن بغض النظر عمّا يعتقده المرء بشأن ذلك، يجب الاعتراف بأن "مساهمة P1 في هذه التجربة كانت صفرًا تقريبًا". وأضاف بوكر أن الدفاع تحدث بالفعل عن أنور البنّي الذي ادعى أنه حدد هوية أنور في عام 2006. غير أنه لم يدلِ بأي بيانات حول الجرائم المُتهم بها في صلب المحاكمة. واضاف أن دور البُنّي في هذه المحاكمة كان مختلفا عن دور الشاهد وقد جعل التوصل إلى حكم ما أمرًا معقدًا للغاية. وقال بوكر إن المدّعين العامين "سيواجهون قريبًا موقف البُنّي الثابت في محاكمة أخرى في برلين مرة أخرى". وفقًا لبوكر، فإن الشهود الذكور المسنين في هذه المحاكمة (أضاف بوكر أنه يفترض أن بإمكانه أن يدعوهم [كبار السن] لأنه هو نفسه رجل مسن) تحدثوا كثيرًا، إلا أن معظمه لم يكن ذا صلة بالأحداث في فترة الاتهام. وبالنسبة لـ"المحامي المزعوم"، أنور البُنّي، أشار بوكر إلى أن البُنّي عرض صورة أنور لـP46 و"أعاق بشكل كبير التقييم العام للأدلة في هذه المحاكمة". وأضاف بوكر أن مدى تأثير تصرفات البنّي على هذه المحاكمة لا يزال غير واضح. ذكر بوكر "الكلمة المفتاحية: التحقيق الهيكلي" في هذا الصدد.

تابع بوكر حديثه عن وفاة شقيق P17 وكيف قال P17 إن أنور هو المسؤول عن وفاة شقيقه. قال بوكر إنه بصرف النظر عن ذلك، لم يقدّم P17 مزيدًا من المعلومات. غير أن الأدلة المقدمة في المحكمة بعد ذلك قد أشارت إلى أن شقيق P17 تعرض للضرب حتى الموت على أيدي زملائه المعتقلين [في الفرع 251]. ووفقًا لبوكر، لم يقدم P18 [ذكر بوكر اسم P18 على الرغم من إخفاء الهوية] أي معلومات في هذا الصدد. أكّدت الدردشة ذات الصلة على الفيسبوك التي تُليت في المحكمة أن شقيق P17 تعرض للضرب حتى الموت من قبل زميلٍ معتقل.

قال بوكر أيضًا إن P31 زعم أنه تعرف على هوية أنور رسلان في مظاهرة لكنه قال أيضًا "إنه تخيل قصصًا كانت ستعينه أثناء تحقيقه". قال بوكر إن مثل هذه الأقوال هي علامات تحذيرية بالنسبة له. فلا يمكن الوثوق بشخصٍ يختلق القصص. أضاف بوكر أن P31 قد تعرّف على أنور في وقت لاحق.

بالانتقال إلى P20 [الذي ذكر بوكر اسمه على الرغم من إخفاء الهوية]، أشار بوكر إلى أن P20 كان متأكّدًا بنسبة 90% أنه رأى أنور على الإنترنت وأنه كان ضابط التحقيق الذي ضربه. قال بوكر إن الشيء الواضح الوحيد في هذه الشهادة هو أن P20 لم يكن متأكّدًا، وأنه لم يحصل إلا على لمحة من ضابط التحقيق عندما أصيبت عينه بينما كان معصوب العينين. استنتج بوكر أن أوصاف P20 لم تكن متسقة، وبالتالي لا يمكن للمرء أن يتوصل إلى أي استنتاجات.

***

[استراحة لمدة 10 دقائق]

***

شخصية أنور

استنتج بوكر أن هناك الكثير مما يمكن قوله عن الشهود الذين يدينون أنور. غير أنهم [ذكر بوكر بضعة شهود] لم يتمكنوا من المساهمة بأي شيء في هذه المحاكمة.

ثم انتقل بوكر إلى P49 [ذكر بوكر اسم P49 على الرغم من إخفاء الهوية] قائلًا إنه أخبر المحكمة أن تحقيق أنور معه كان وديًّا. قال بوكر إن P58 قال أيضًا إن أنور يسّر إطلاق سراحه. وأضاف أن P56 أكّد بمصداقيةٍ الصورة التي رسمها أنور لنفسه في أول التماسٍ له.

أشار بوكر إلى أن P32 أخبرت المحكمة أيضًا أنها نُقلت لمقابلة أنور أثناء اعتقالها وأنه وافق على طلبها بنقلها إلى زنزانة أخرى لأسباب نفسية يمكن لأي شخص الشعور بها، وفقا لما أضاف بوكر. كما أخبرت P32 المحكمة أن أنور هو من ضرب إحدى شقيقتيها على وجهها حتى غطت الدماء حجابها عندما التقت العائلة بأنور في مكتبه. غير أنه هناك شكوكًا كبيرة حول أوصاف P32، وظل من غير الواضح ما قصدته بقولها إن إطلاق سراح شقيقتها استغرق 11 يومًا. قال بوكر إنه بالأحرى فقد أُطلق سراح شقيقة P32 بعد أن يسّر أنور الإفراج، كما قالت P33 للمحكمة.

مضى بوكر قائلًا إن كبير المفتشين الجنائيين كنابمان من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية قدم أيضًا شهادة شاهدة فضلت عدم الإدلاء بشهادتها في المحكمة. قال بوكر إنه على الرغم من أن أسباب عدم قدومها إلى كوبلنتس كانت مفهومة، إلا أنه لا يزال مؤسفًا أنها لم تدلِ بشهادتها في المحكمة. وأشار بوكر إلى أن الشاهدة أخبرت الشرطة أن أنور رسلان كان ودودًا، وقدم لها القهوة، ولم يكن عنيفًا تجاهها، وكان مخلصًا لـ"النظام القديم". قال بوكر إن طرح المزيد من الأسئلة على هذه الشاهدة في المحكمة كان سيكون مثيرًا للاهتمام.

ثم انتقل إلى P21، وهو شاهد مُطّلع، كان يعاني من ضيق شديد أثناء شهادته أمام المحكمة. قال بوكر إن هذا الشعور بالضيق جعل من المستحيل تقييم ما إذا كان P21 يقول الحقيقة. ومع ذلك، فقد قال شيئًا واحدًا ذا مصداقية: كان أنور رسلان في خوف دائم من طالب حسن [موظف علوي في الفرع 251].

أشار بوكر كذلك إلى شهادة P16 التي أخبرت فيها المحكمة أن أنور كان ودودًا وقدم لها القهوة وسمح لها بتدخين سيجارة. بالإضافة إلى ذلك، قال P5، الذي عمل حارس أمنٍ في الفرع 251، للمحكمة إن أنور لم يسئ معاملة المعتقلين وأمر الموظفين الآخرين بالامتناع عن ممارسة العنف تجاه المعتقلين. قال P9 أيضًا إن أنور كان محققًا ودودًا. وأخبر P10 المحكمة أنه كان لأي شخص في الفرع الحرية في فعل ما يريد، وأن أنور رسلان لم يملك أي سلطة على الأشخاص في الفرع 251 الذين سُمح لهم [أن يقوموا بعلاج المعتقلين]، وأن العديد من الأشخاص الذين لقوا حتفهم في القسم 40 قد نُقلوا إلى فرع الخطيب. وأضاف بوكر أن P52 قال أيضًا إن أنور يسّر إطلاق سراحه، وهو ما كان مشابهًا لما مرّ P53 به.

تابع بوكر قائلًا إنه من خلال وصف وضعه وانشقاقه، أكّد P54 أقوال أنور حول صعوبة الانشقاق بأمان ومغادرة سوريا. قال بوكر إن P55 وصف أنور بأنه طيب وأنه شخص جيد. وقال إنه على الرغم من أن P55 ينتمي إلى الدائرة المقربة من إدارة المخابرات، إلا أنه لم يتمكن من تقديم تفاصيل حول نقل أنور [من الفرع 251 إلى 285] لأنه لم يُعطَ أي معلومات حول هذه المسألة. فمع وجود ضابط مخابرات عمل في جهاز المخابرات منذ عام 1983 ولم يزل غير قادر على توضيح تفاصيل العمل في جهاز المخابرات، سأل بوكر كيف يمكن لأي شخصٍ ليس له منصب ذو صله في المخابرات أن يكون قادرًا على تقديم أي افتراضات حول منصب أنور وصلاحياته. استنتج بوكر أن جميع الافتراضات المتعلقة بهذا الموضوع هي بالتالي مجرد تكهنات. وقال إن كل ذلك حدث في "دولة منغلقة وبعيدة".

خلص بوكر إلى أن المحاكمة تفتقر إلى أدلة إدانة موثوقة ضد أنور وتفتقر إلى أدلة البراءة. لذلك لا يمكن إيجاد مسؤولية مؤسسية [عليا] في حالة أنور. كما قال بوكر إن هذا قد يكون أيضًا السبب الذي جعل المدّعين العامين يجدون ببساطة أنه لا حاجة لأوامر التعذيب الصريحة في الفرع 251.

طالب محامي الدفاع بوكر بأن يبرئ القضاة أنور رسلان وأن يحكموا بتعويض مالي عن الفترة التي قضاها بالفعل في السجن.

اختتم بوكر بيانه الختامي باقتباس P56 الذي أخبر المحكمة أنه يثق في أنور رسلان وأنه لو وثق في الشخص الخطأ، "فقد كان هذا سيكلفني حياتي وحياة أطفالي".

أوضح محامي الدفاع بوكر أن أنور رسلان كتب بيانه الختامي باللغة العربية. ثم تُرجم النص العربي إلى اللغة الألمانية من قبل مترجم الدفاع الذي سيتلو النسخة الألمانية كذلك. ووفقًا لبوكر، يجب على المترجمين في المحكمة إعادة ترجمة البيان الألماني إلى اللغة العربية ليتتبعه أنور ويؤكّد أصالته. وافقت القاضي كيربر على الإجراء المقترح وأفسحت المجال لمترجم أنور.

البيان الختامي لأنور رسلان

[تلا مترجم أنور البيان التالي باللغة الألمانية.]

بدأ أنور بيانه الختامي باسم الله، قائلًا إنه في هذا البيان الختامي لن يدافع عن نفسه فحسب، بل سيقول الحقيقة أيضًا. وفقًا لأنور، كان من الواضح بالفعل في المظاهرة الأولى في دمشق أن الحكومة كانت [ستخصص] موارد لمواجهة العنف. قال إنه كان من المفترض تنظيم مظاهرات مضادة. وبحسب أنور، فقد تغير سلوك رجال الأمن بعد الخلافات العنيفة التي انطوت على استخدام أسلحة اختراقية. قال إن اعتقالات شبيهة بتسونامي حدثت وانتشرت الفوضى والخوف بين الضباط. أوضح أنور أنه حاول إبقاء عدد المعتقلين [في الفرع 251] منخفضًا قدر الإمكان بمحاولة نقلهم [إلى مراكز اعتقال أخرى] أو إطلاق سراحهم. إلا أن الأمر كان يعتمد دائمًا على توفيق يونس.

تابع أنور موضحًا أن حافظ مخلوف كان رئيس القسم 40 الذي كان مسيطرًا على دمشق والمناطق المحيطة بها. وبحسب أنور، كان لحافظ "قوة ونفوذ عظيمان". قال أنور إن هذا [القسم 40 بقيادة حافظ] كان السبب في إحضار عدد كبير من المعتقلين في "حالة مزرية" إلى فرع الخطيب واستُقبلوا بحفلة الترحيب. أضاف أنور أن باسل الحكيم كان رئيس قسم [شؤون] الطلاب ومسؤولًا عن اعتقال العديد من الطلاب الذين يُزعم أنهم أعضاء في المعارضة. قال أنور إنه عندما أدان ذات مرة العنف ضد المعتقلين، قيل له إنهم جميعًا إرهابيون.

أشار أنور إلى أنه في أوائل نيسان/أبريل 2011، اتصل توفيق يونس بأنور ليخبره أن الناس تظاهروا في الحولة، مسقط رأس أنور. وقد جرت هذه المحادثة في مكتب كمال الأحمد وقيل لأنور إنه يُعد الآن خائنًا. قال أنور إن هذه كانت اللحظة التي قرر فيها الانشقاق. كما أضاف أن الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة شكلا لجنة ضمت توفيق يونس ومحمد العبد الله ومحمد خضور وعلي نيوف ومحمد علي والفرقة الرابعة بأكملها وعبد المنعم عقيد الفرقة الرابعة وأعضائها.

قال أنور إن الاعتقالات التعسفية كانت تستمر لشهور، وكان يُسلَّم محاضر التحقيق كل يوم. ولتقليص عدد المعتقلين، ذكر مرتين أنه لا توجد مساحة كافية [في السجن]. وعندما أثار القضية مرة ثالثة، قيل له أن يصمت ولا يتحدث عنها مرة أخرى. قال أنور إن اللجنة التي ذكرها للتو بدأت بالاجتماع مساء كل يوم. وفي الصباح التالي، كان يتم تسليم الأوامر المُوقعة [من هذه اللجنة]. قال أنور إنه قام بمحاولتين فاشلتين للانشقاق.

قال أنور للمحكمة في بيانه الختامي إنه تلقى مكالمة هاتفية من أحمد نوح وخضر قدور في 11 أيار/مايو، 2011 أخبره خلالها أحد الموظفين أن يجلب P39 للتحقيق وأن الموظف لديه إذن بالتحقيق مع هذا الشخص، وأنه سُمح لأعضاء القسم 40 بالحضور أثناء التحقيق. لذلك ذهب أنور لجلب P39. وعندما بدأ أنور الحديث مع P39 عن عائلته، بدأ أحمد نوح ومحمد عبد الله بإهانة P39. أخبر أنور هذا الموظف ألا يفعل ذلك، إلا أن الموظف أجاب أن شخصًا آخر أمره بذلك. قال أنور إنه عندما طلب فيما بعد أوامر مكتوبة لإجراء هذا التحقيق، قيل له ببساطة إن هناك أوامر.

وفقًا لأنور، فإن "السجن وقسم التحقيق كانا مفتوحين لأي شخص منذ هذه اللحظة فصاعدًا ولم يعد لرئيس القسم أي [سلطة]". وأشار كذلك إلى أنه في صيف عام 2011، حضر شخصان إلى مكتبه لدعوته إلى مكتب رئيس الفرع لأن عناصر من الحرس الجمهوري اشتكوا منه. قال أنور إن عمر شنان وعبد المنعم النعسان كانا حاضرين أيضا. وبحسب أنور، كان ذلك عندما بدأت إعادة هيكلة الفرع. ولم يعد هناك رئيس فعلي للتحقيقات. وأصبح كل ضابط يتصرف كأنه مسؤول عن نفسه. قال أنور إنه منذ هذه اللحظة فصاعدًا، أصبح يكتفى بفحص بعض نتائج التحقيق فحسب. اجتمعت اللجنة [المذكورة أعلاه] في مكتب رئيس الفرع كل مساء. وناقشوا كيفية التعامل مع المظاهرات والمشافي والتنسيقيات. قال أنور إن [رئيس الفرع] وقع [أوامر] تم إقرارها فيما بعد.

قال أنور إن مهمته كانت إرسال نتائج [التحقيق]. ذات مرة، ذهب توفيق يونس وعمر شنان في مهمة إلى الزبداني. ونُفّذت، بسبب نتائج التحقيق [في الفرع 251]، مهمات مماثلة في الغرب والشرق وفي أجزاء من المنطقة شمال دمشق وفي مدينة دمشق. وأثناء هذه المهمات، قال رئيس الفرع لعبد المنعم النعسان وأنور إنهما كانا الضابطين المسؤولين عن فرع الخطيب في ذلك الوقت. أوضح أنور للمحكمة أنه عندما كان مسؤولًا عن فئتين من المعتقلين، كان عبد المنعم النعسان وثلاثة موظفين مقربين مسؤولين عن موظفي المشفى والمتظاهرين المسلحين والإرهابيين. وبحسب أنور، فإن عبد المنعم النعسان وثلاثة آخرين "قاموا بتعذيب [المعتقلين] ليل نهار" ونقلوا المعلومات من هذه الجلسات مباشرة إلى رئيس الفرع [دون إشراك أنور]. ومن ناحية أخرى، أرسل أنور محاضر التحقيقات التي كان مسؤولًا عنها إلى رئيس مكتب رئيس الفرع.

كما أشار أنور إلى أنه سمع صرخات من السجن عندما قدم [إلى الخطيب] للعمل. وذهب إلى مكتبه واتصل بالسجن لأنه كان الضابط المسؤول عن الفرع في ذلك الوقت. قال أنور إن الشخص على الجانب الآخر من الخط أخبره أن القسم 40، قسم حافظ مخلوف، وكذلك محمد عبد الله وأحمد منعم، كانوا يعذبون الناس في السجن.

قال أنور إن هذا حدث عندما تقدّم الجيش السوري إلى الحولة. وافترض أن ذلك حدث في آب/أغسطس 2011. وأشار إلى أنه عندما سمع بالقصف المدفعي وعمليات الإعدام، لم يتمكن من الحصول على قسط من الراحة لمدة ثلاثة أيام. قال أنور إن أحد أقاربه توفي أثناء المجزرة وكان في العشرين من عمره، وكذلك أحد أحفاد شقيقته. غير أن عائلته طلبت منه ألا يأتي ويعتني بهم بسبب الوضع الخطير. وصف أنور موقفًا آخر حدث في يوم رأس السنة الجديدة عام 2012. في هذا الوقت، اعتقل الجيش السوري والقسم 40 عدة أشخاص و[...] [بطريقة] مماثلة لما وصف سابقًا. قال أنور إنه كان مكلفًا بإجراء تحقيقات أولية في هذه القضايا. واعتُقل حوالي 170 شخصًا، معظمهم من العاملين الميدانيين الذين لا علاقة لهم بالمعارضة، وفقًا لأنور. وقال للمحكمة إن نحو 30 منهم، أو حتى أقل، كانوا قد انتهكوا سابقًا قانون المخدرات وشاركوا في مظاهرات أو اتهموا بامتلاك أسلحة بشكل غير قانوني. قال أنور إنه طالب بإرسال المحاضر ذات الصلة إلى رئيس مكتب رئيس الفرع. وأمر بإطلاق سراح الـ170 شخصًا الذين كان مسؤولًا عنهم. وفقًا لأنور، تم استدعاؤه بعد ذلك إلى مكتب توفيق يونس بعد يوم أو يومين من الحادثة لأن حافظ مخلوف قال لتوفيق يونس إن أنور أطلق سراح إرهابيين. لذلك أطلع أنور توفيق على الملفات ذات الصلة. ثم طلب توفيق من أنور التوقف عن [تصفح الملفات] واتصل بحافظ مخلوف. وطُلب من أنور الانتظار لمدة عشر دقائق حتى نهاية المكالمة. وعندما انتهت المكالمة، أبلغ توفيق أنور أنه "في منتصف العاصفة" وأن حافظ مخلوف يريد بدء تحقيقاتٍ ضد أنور ومحاسبته. قال أنور للمحكمة إن ذلك حدث عندما طلب نقله إلى الشرطة. وقال إن نسخة من هذا الطلب مرفقة ببيانه الختامي المكتوب.

[يوجد أدناه نسخة مُعاد صياغتها من طلب نقل أنور بناءً على ما استطاع مراقب المحاكمة سماعه في المحكمة.]

من: العميد

إلى: إدارة المخابرات العامة

طلب إنهاء العقد والانتداب لجهاز الشرطة

يطلب أنور الذي يعمل حاليا في الفرع 251 نقله إلى وزارة الداخلية.

يُوقع من قبل:

العميد في الفرع 251

قرار رئيس إدارة المخابرات العامة

تابع أنور موضحًا للمحكمة أنه عندما قرأ [توفيق] هذا الطلب، أخبر أنور بالعودة إلى مكتبه وأن كل شيء كان سيحدث في وقته. قال أنور إنه أرسل بعد ذلك صهره إلى الزبداني لإجراء ترتيبات مع الجيش السوري الحر. ثم حدثت المجزرة، حيث "أُعدم الناس وطُعنوا حتى الموت وذُبحوا" على يد الميليشيات العلوية والشيعية. قال أنور إنه استُدعي إلى مكتب توفيق يونس بعد يومين. وكان هناك أيضًا ممثلان عن قناة تلفزيونية روسية، بالإضافة إلى مترجم و[حُجبت المعلومات]، وطُلب من أنور إجراء مقابلة معهم وذكر أن الإرهابيين الإسلاميين هم من نفذوا الهجوم. وعندما رفض أنور، أجاب توفيق بأن أنور "وضع كل أوراقه على الطاولة وأن جميعها كانت أوراقًا خاسرة". قال أنور إنه اتصل بعد ذلك بـPW2_97/PW2_100 إلا أن المكاتب الأمنية قد تبعته كأي شخص آخر [انشق]. قال أنور للمحكمة إن PW2_97 / PW2_100 يعيش الآن في [حُجبت المعلومات]، ولأنه يعرف أن رأيه [كان ضد الاعتقالات التعسفية والتعذيب] فإن بإمكانه تأكيد أن أنور ساعده.

تابع أنور موضحًا أن عدد المظاهرات انخفض منذ عام 2012 وأن الوضع "قد تحول بالأحرى إلى حرب أهلية مسلحة". وأضاف أنه لم يصدر أوامر بتعذيب أي شخص أو إساءة معاملته مطلقًا. فقد جاءت هذه الأوامر من القسم 40 وعبد المنعم وأحمد نوح وكذلك من مدير السجن وثلاثة من موظفيه. قال أنور إن دوافعهم [للأمر بالتعذيب] كانت خضوعهم وانتمائهم لشخصين هما: توفيق يونس وحافظ مخلوف. وأضاف أنور أنه يجب على المرء أن يفهم أنه لم يشارك قط في أي أعمال، مثل الاعتقالات في المظاهرات أو المداهمات أو أي أعمال أخرى خارج الفرع 251.

الوفيات

فيما يتعلق بالوفيات في الفرع 251، جعل أنور مترجمه يتلو ما يلي:

1)    أُخذ شخص إلى فرع الخطيب حيث فحصه الطبيب [حُجب الاسم] في الساحة. ونتيجة لذلك، أُرسل المعتقل إلى مشفى الهلال الأحمر حيث توفي متأثرًا بنزيف داخلي. وقد سبق أن تعرض الشخص للضرب على رأسه على يد أحد أفراد الحرس الجمهوري. حدث كل شيء بأوامر من الحرس الجمهوري.

2)    على إثر حادثةٍ في إدلب، أحضر الحرس الجمهوري حوالي 45 شخصًا إلى فرع الخطيب. نُقل أحدهم، وهو رجل من عائلة [حُجب الاسم] في حرستا، على نقالة. لاحظ أنور كسرًا في الرِّجل اليُسرى للرجل. وعندما سأل أنور عمّن تسبب في الكسر، قيل له إن رئيس نقطة التفتيش في حرستا تسبب في إيذاء الرجل انتقاما منه. نُقل الرجل إلى المشفى من فرع الخطيب. وبعد ثلاثين دقيقة، توفي بسبب انسداد رئوي لأنه فقد الكثير من الدماء. إن توفيق يونس، رئيس الفرع وحافظ مخلوف هما المسؤولان عن ذلك، وهما المسؤولان عن الجرائم الجماعية.

3)    ذات مرة أحضر محمد العبد الله معتقلًا مصابًا بعيار ناري إلى فرع الخطيب. حيث أصيب في دمشق ونُقل إلى المشفى فور وصوله إلى الفرع.

4)    ذات مرة، أحضر يوسف إبراهيم من القسم 40 معتقلًا إلى ساحة فرع الخطيب. وكان المعتقل ينزف من أنفه وفمه. ونُقل إلى المشفى حيث توفي بعد ثلاثين دقيقة. وعلم أنور لاحقًا من PW1_95 أن هذا الشخص كان قد تعرض للضرب وسُلبت منه 2000 ليرة سورية [من قبل سلطات القسم 40]. وعندما أبلغ أنور رئيس الفرع، طُلب منه التزام الصمت.

5)    عندما أُمر أنور بالتحقق من نتائج التحقيق فحسب، كان عبد المنعم وأعضاء القسم 40 يحققون مع المعتقلين الذين كان يتعين نقلهم إلى المشفى. لكن نتائج هذه التحقيقات لم تُحل إلى أنور.

‌أ. إن المظالم في الفرع ناتجة بشكل رئيسي عن وجود عدد من المعتقلين يفوق القدرة الاستيعابية [للسجن] بعشرة أضعاف. كان الناس يعانون من سوء التغذية. وقام طبيب الفرع والضباط ومدير السجن بتعذيب المعتقلين. وانعكس ذلك على مستوى الظروف العامة في الفرع. لم يوافق أنور على ذلك، لكنه لم يستطع فعل أي شيء حيال ذلك، كما شهد الشهود.

‌ب. إن توفيق يونس وحافظ مخلوف هما المسؤولان عن إصابة واعتقال أعضاء المعارضة الذين عدّاهم "أعداء النظام".

‌ج. كان يتم إخفاء أشخاص قسرا. وعلى الرغم من أن القانون يحظر مثل هذه التعاملات بين عائلات المفقودين وجهاز المخابرات، فقد زود أنور العائلات بالمعلومات عبر الهاتف. بمجرد إقرار قانون مكافحة الإرهاب، تم إنشاء قائمة مركزية بأسماء جميع المعتقلين. وإن هذه القائمة متاحة في مكتب المدعي العام بدمشق. تمكن أفراد عائلات المفقودين من التوجه إلى مكتب المدعي العام والاطلاع على قائمة المعتقلين بمن فيهم المعتقلون لدى الشرطة وقوات الأمن.

أوضح أنور للمحكمة أن القانون السوري يذكر ثلاثة أركان للجريمة:

1) الإرادة والنية، الركن المعنوي

2) الركن المادي

3) النجاح [إتمام الفعل الإجرامي]

قال أنور إنه يجب أن تكون هناك علاقة سببية بين العناصر الثلاثة.

قال أنور للمحكمة إنه لم يُصدر أوامر قط. بل على العكس من ذلك، فقد حاول مساعدة الناس بكل ما أوتي من قوة. وقال إنه لم تكن له سلطة على الضباط الذين عزموا ممارسة التعذيب. وبالنسبة للقسم 40، كان عليه أن يلتزم الصمت. وبحسب أنور، فإن رئيس القسم 40 [حافظ مخلوف] كان يشكل خطرا على الفرع 251 وأجهزة المخابرات الأخرى لأنه تلقى الكثير من المعلومات.

وصف أنور عدم تمكُّن الأشخاص من الخارج من الوصول إلى الفرع 251 والسجن التابع له عادة. وفقط عندما بدأ حافظ مخلوف عمله، استسلم رئيس الفرع وسمح للقسم بدخول الفرع.

قال أنور إن أسباب انشقاقه أكّدها عدة شهود: P5 وP10 وكريستوف رويتر وP15 وP49 وP53 وP54 وP55. حيث أكّد جميعهم أن أنور كان عليه التنازل عن امتيازات كثيرة عندما انشق. وأضاف أنور أنه فقد سبعة من أقاربه. مات اثنان منهم تحت التعذيب وقُتل أحد أحفاده أيضًا.

أشار أنور إلى أنه في نهاية شهر رمضان عام 2012 نُقل أشخاص من الزبداني إلى فرع الخطيب. وقد تعرضوا جميعًا لسوء المعاملة. اكتشف أنور أنه لم يكن أي منهم مطلوبين رسميًا فحاول مساعدتهم. كان هذا عندما عوقب ونُقل إلى منصب آخر. حيث نُقل إلى الفرع 285 وبقي فيه لأقل من ثلاثة أشهر. قال أنور إن هذا لم يكن انتدابًا رسميًا. ولم يعرف كبار الموظفين اسمه وكان مجرد عضو في لجنة. وانشق بعد ذلك.

قال أنور إنه بسبب الوضع في سوريا، لم يتمكن العديد من الأشخاص مثل [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] وPW4_100 من المثول أمام المحكمة. فقد كان بإمكان PW2_97 / PW2_100 وغيره من الأشخاص المشهورين التحدث عن مساعدة أنور العظيمة [للمعتقلين] والتي غالبًا ما كان يخاطر من أجلها كثيرًا. قال أنور إنه وصل إلى نقطة لم يعد لديه فيها نفوذ لأنه كان ضد توفيق يونس وحافظ مخلوف اللذين عدّاه إرهابيا لأنه من الحولة. وقال أنور إنه سبق أن أوضح ذلك.

ثم التفت أنور إلى "الشعب السوري والضحايا" وقال إنه يشعر بالأسف لأنه لم يتمكّن من مساعدة المزيد من الناس ولأنه لم يقدر على إيقاف "آلة الموت". كتب، كما تلا مترجمه، أنه يتحسر على "انقراض هذا الشعب [السوري] العظيم". وأضاف أنور أنه وأسرته ضحايا كذلك. وأشار إلى أن سبعة من أقاربه ماتوا بسبب أفعال حكومية أيضًا. وقد مات اثنان منهم "ميتة الشهداء" وتوفي حفيده البالغ من العمر عشر سنوات "برصاصة أصابت رأسه وفجرت رأسه فعليًا". قال أنور إنه كان مؤلمًا جدًا أن يسمع عمّا حدث في مسقط رأسه. ومع ذلك، فقد فعل كل ما بوسعه لمساعدة الآخرين حتى انشقاقه. وقال إنه عارض إصابة وقتل الأبرياء. وبحسب أنور، ما زالت هناك أخبار سيئة من شمال سوريا حتى اليوم.

وصف أنور كذلك، أنه الآن وقد قارب على الستين من عمره، كيف أن الأمراض المزمنة والانفصال عن عائلته ووطنه أدت إلى تمزيقه في الاعتقال، الذي أمضى فيه السنوات الثلاث الماضية. وخاطب المحكمة قائلا إنه يتمنى حكما عادلا وإنصافا فوق كل شيء. واقتبس أنور أية من القرآن (5:32) بقوله: "من قتل نفسًا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا".

خلص إلى أن هناك العديد من المعتقلين الذين لم يستطع مساعدتهم في ذلك الوقت والذين يمكن أن يكونوا الآن من بين الصور في ملفات قيصر. وقال أنور إنه يؤمن بالقانون والقضاء الألماني وسيقبل حكم المحكمة.

أعلنت القاضي كيربر، رئيسة المحكمة، إلغاء يوم المحاكمة المقرر في 12 كانون الثاني/يناير، 2022 وأنه "إن لم تسقط السماء علينا" فسيتم إعلان الحكم في محاكمة أنور يوم الخميس 13 كانون الثاني/يناير، 2022. أوضحت كيربر أنه سيكون في [13 كانون الثاني/يناير] 15 مقعدًا إضافيًا للصحفيين في غرفة منفصلة حيث يمكنهم الاستماع إلى الصوت باللغتين الألمانية والعربية المنقول من قاعة المحكمة. سيبدأ اليوم النهائي للمحاكمة في الساعة 10 صباحًا مع افتتاح قاعة المحكمة في الساعة 7 صباحًا إذا لم يتم الإعلان عن أي شيء مخالف في بيان صحفي ذي صلة.

رُفعت الجلسة الساعة 1:53 بعد الظهر.

ستُعقد الجلسة القادمة في 13 كانون الثاني/يناير، 2022 في الساعة 10 صباحًا حيث سيتم إعلان الحكم ضد أنور.



[1] في هذا التقرير، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقب المحكمة الخاص بنا] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". يرجى العلم بأنه لا يُقصَد من هذا التقرير أن يكون مَحضرًا لجلسات المحاكمة؛ وإنما هو مجرّد ملخّص غير رسمي للمرافعات. وحُجِبَت أسماء الشهود