1 min read
داخل محاكمة علاء م #54: الرجوعُ عن الخطأ خيرٌ من التمادي في الباطل

داخل محاكمة علاء م #54: الرجوعُ عن الخطأ خيرٌ من التمادي في الباطل

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الرابع والخمسون

تاريخ الجلسة: 5 و 7 أيلول / سبتمبر 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة الرابع والخمسون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم التسعين والحادي والتسعين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. عُرضت في المحكمة لقطات شاشة من المحادثات التي دارت بين P19 وأنور البني، وتُرجم ملخص المقابلة التي أجراها مركز البني معه. أدلى المتهم بعد ذلك بتصريح وضّح فيه ما يرى أنها تناقضاتٌ بين إفادات سابقة لبعض الشهود وشهاداتهم في المحكمة. وختامًا، عُرض جزء من فيديو المقابلة التي أجرتها الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM) مع P15 وتُرجم في المحكمة، إلّا أن استكمالها أُجّل إلى جلسة لاحقة.

في يوم المحاكمة التالي، مَثَل أنور البني شاهدًا في المحكمة. واستُجوب حول الظروف التي أجرت فيها منظمتُه، المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية (SCLSR)، مقابلةً مع الشاهد P19. أبدى القضاةُ والدفاعُ اهتمامًا بمعرفة الاستراتيجية التي اتبعها مركز البني. وضّح البني أنهم استمعوا إلى أولئك الذين رغبوا في أن يدلوا بشهادتهم، وأحالوا محاضر المقابلات إلى الشرطة والادعاء العام بعد تقييم مصداقيتها. أثار حنقَ القضاةِ والدفاعِ أنّ البني كان يقرّر مَن الصادقُ ومَن الكاذب، وانتقدوا بشدة غربَلَتَهُ لأقوال الشهود. وأقلقهم أن تتولى منظمةُ البني مهامَّ التحقيق في الدولة وتُهَيمن عليها، وهو زعمٌ رفضه الادعاء العام. وأراد القضاةُ والدفاعُ معرفةَ ما إذا كان البني قد تواصل مع الشهود حول محتوى المحاكمة أو أثّر عليهم بطريقة ما، فنفى البنيُّ ذلك وأوضح أنه لم يتحدث إلّا عن النواحي العامة ولم ينشر سوى الجوانب الإجرائية أو التقارير التي نشرها غيرُه وكانت متاحةً على الإنترنت. وقال رئيس المحكمة للبني بشكل حاسم إن سلوكه قد يُعرّض نزاهة المحاكمة للخطر.

أبرز النقاط:

اليوم التسعون - 5 أيلول / سبتمبر 2023

في مُستهلّ جلسة هذا اليوم، عُرضت في المحكمة لقطات شاشة للمحادثات التي دارت بين P19وأنور البني عبر واتسآب وفيسبوك، ومَثَل الخبيرُ اللغوي لترجمتها. تبيّن من المحادثات أن P19 ذكّر البني بأنه تواصل معه قبل عام بخصوص قضية علاء وأخبره أنه كان معتقلًا وأن البني وعده أن يتواصل معه لكي يشهد في القضية. ولاحقًا طلب P19 من البني أن يرسل إليه ملخصَ المقابلة التي أجراها مركز البني معه وتسجيلَها المصور. عُرض بعدها سجلُّ المكالمات الهاتفية بين P19 والبني والذي  أظهر تاريخَ المكالمات ومدَّتها.

أعرب المتهم علاءٌ بعد ذلك عن رغبته في الإدلاء ببيان توضيحي. كان بيانُ المتهم مكتوبًا وقرأه من الأوراق التي أمامه. [عند بدء الجلسة، نُسخ البيان ووُزعت نسخٌ مصوّرةٌ منه على أطراف القضية]. أشار علاءٌ في بداية تصريحه إلى أنه عقب تقرير صحيفة دير شبيجل، نصحه محاميه السابقُ آنذاك أن يجمع بعض الأدلة كتلك التي تُظهر الأماكن والأوقات التي عمل فيها في سوريا. وشدّد علاءٌ على أنه لم يوجه إليه P1 وP4 حتى ذلك الوقت تهمًا بالتعذيب.

ثم قال علاءٌ إن P8 وP11 زعما في إفاداتهما إلى الشرطة أنهما كانا معتقلَيْن في فرع الأمن العسكري في الشهر العاشر، إلّا أنهما غيّرا تلك الإفادة وزعما في المحكمة أن اعتقالهما كان في الشهر الحادي عشر. ورجّح علاءٌ أن سبب تغيّر إفاداتهما هو وجود تقرير، نشرته لجنة العدالة والمساءلة الدولية (CIJA) وأشار إليه مكتب المدعي العام، يفيد بأن أشخاصًا اعتُقلوا في ذلك الشهر. ويزعم علاءٌ أن أحدًا ما أخبر الشاهدَيْن عن ذلك التقرير.

قال علاءٌ إن P19 زعم أنه التقى أثناء اعتقاله بشخص، في إشارة إلى أنه كان P8. وحاجج علاءٌ بأنه لا بد أن يكون P19قد استقى المعلومات من الإنترنت، واستند علاء في زعمه إلى أن هناك لَبسًا حول اسم الشاهد، وانعكس ذلك في منشور على الإنترنت.

أكّد علاءٌ أنه لم يضحك على P19 أثناء شهادته، بل كان محض استغراب من تضارب بين ما أفاد به أثناء مقابلته مع مركز البني حول نقطة معينة وبين ما أدلى به في شهادته في المحكمة. أضاف علاءٌ أنه مضى على اعتقاله أشهرٌ عديدة، وأن هذا أمرٌ مصيريٌّ له، فليس لديه رغبة في الضحك لأنه في وضعٍ يُدمي القلب.

أشار علاءٌ إلى وثيقة ناقش محتواها في جلسة فارطة وتُبيّن - وفقًا لما يزعم المتهم - أن P4 كان معتقلًا في سوريا بسبب جنحة جنائية. يرى علاءٌ أن تاريخ اعتقال P4 بسبب تلك الجنحة يتناسب مع تاريخ الاعتقال الذي أدلى به P4 في المحكمة. ولذلك يفترض علاءٌ أن P4غيّر روايته لتبدو وكأنها تشير إلى اعتقاله [لكونه معارضًا للنظام]، بينما زعم علاءٌ إلى أن هذا يشير في حقيقة الأمر إلى أن P4 كان معتقلًا بسبب تلك الجنحة. أضاف علاءٌ أن P4 أدلى في شهادته بأنه كان يتنقل للعمل في دولتين مجاورتين لسوريا غير أن سجلّات إدارة الهجرة والجوازات تفيد بأن آخر سفر لـ P4 إلى إحدى تلك الدولتين كان قبل أعوام كثيرة من العام الذي صرح به P4 في المحكمة، وبأن P4 لم يزر قطّ الدولة الأخرى. وحثّ علاءٌ المحكمة على التواصل مع حكومتي تلك الدولتَيْن للتثبّت من الأمر، وطلب من القضاة أن يضيفوا تلك الوثيقة إلى الأدلة إذ ما زال أخذُ الأدلة مفتوحًا.

أراد رئيس المحكمة كولر أن يعرف كيف استُخرجت تلك الوثيقة وكيف حصل عليها المتهم. قال المحامي العجي إن والد علاء تواصل مع محامٍ في سوريا والذي استخرج تلك الوثيقة. سأل كولر العجي عن اسم المحامي فتلكّأ العجي في الإجابة وراوغ السؤال، فتدخّل علاءٌ وذكر اسم المحامي. أراد كولر أن يعرف كيف صُدّقت تلك الوثيقة مشيرًا إلى أن المتهم قدّم صورة عن نسخة مصدّقة وليس الوثيقة الأصلية. أجاب علاءٌ بأن مكتب القضاء أو مكتب الادعاء العام في حمص كان من قام بالمصادقة عليها، مذكّرًا بأنه أعطى وكالة عامة لأبيه لاستخراج مستندات كتلك. ونوّه علاء على أنه قدّم تلك الوثيقة سالفًا للمحكمة إلّا أنها رُفضت.

عُرضت بعد ذلك النسخة العربية من ملخص المقابلة التي أجراها مركز الني مع P19 وتَرجَمه مترجمُ المحكمة الشفوي في المحكمة.

وبعدها استُؤنفت ترجمة فيديو المقابلة التي أجرتها الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM) مع P15. سُئل P15 عمّن كان مخوّلًا له دخول السجن في مشفى حمص العسكري وعن التراتبية في إدارة المشفى وسجنه. ثم طُلب من P15 أن يصف الوضع العام في المشفى وتغيّرَه منذ بدء الثورة.

بسبب بعض الظروف الشخصية التي طرأت لأحد القضاة، لم يُستكمل عرض الفيديو وأُجّل استكمالُه إلى وقت لاحق، ثم رفع رئيس المحكمة الجلسة.


اليوم الحادي والتسعون - 7 أيلول / سبتمبر 2023

في يوم المحاكمة هذا، رحّب القاضي كولر بالمدعية العامة شرونتس، كبيرة المدعين العامين الاتحاديّين في محكمة العدل الاتحادية، والتي حلّت محل المدعية العامة تسابيك. لم يكن واضحًا سببُ حضور مسؤولة بهذا المستوى الرفيع في يوم المحاكمة هذا، ولكن ربّما كان لحضورها تأثيرٌ على سير الجلسة. وبعد افتتاح الجلسة رسميًّا، مَثَل الشاهدُ أنور البني أمام المحكمة. استُدعيَ البني لأن الشاهدَ الذي أدلى بشهادته في الجلسات السابقة، P19، قدّم تفاصيل حول مقابلته الأولى التي أجرتها معه منظمة البني، المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية (SCLSR).

[ملاحظة حول خلفية الموضوع: عندما مَثَل P19 في المحكمة، أبلغ القضاةَ أنه تحدث إلى البني. أجرت المنظمة معه مقابلة باللغة العربية عبر تطبيق "زووم" وأُوجزت في ملخصٍ مكتوب تُرجم إلى الألمانية وأُرسل إلى المحكمة. ونظرًا لافتقار الملخص إلى اتباع المعايير الدنيا، عُدَّ الملخصُ أقلّ من أن يُجابَهَ الشاهدُ بمحتواه. أَرسَل P19 بعد ذلك تسجيل "زووم" الكامل إلى المحكمة حيث تُرجم إلى الألمانية وقُرئت ترجمتُه. وفي الجلسة الأخيرة مع P19، قُيِّم محتوى المقابلة وجُوبِه P19بأن الملخصَ المكتوبَ تضمّن تفاصيل لم تكن موجودةً في تسجيل "زووم" المصوّر. لم يعرف P19 كيف أُقحِمت معلومات كتلك في الملخص وطلب من القضاة أن يستفسروا من البني عن تلك المسألة. ولذلك استُدعيَ البني لتوضيح ملابسات استجواب P19.]

في بداية الجلسة، طُلب من أنور البني أن يقدّم تفاصيل عن خلفيته الشخصية وعن المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية الذي يُديره، فوضّح البني هدف المركز وكيفية تنظيمه وتمويله. وعدّد البني أهداف المركز التي كان من بينها سعيُ المركزِ لتحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات والجرائم الجسيمة. تساءل رئيس المحكمة كولر بشكل ناقد عن نوع الاستراتيجية التي يتبعها المركز، وأوضح أن في العادة سياستَين تتبعهما المنظمات غير الحكومية. أُولاهما، وفقًا لكولر، هي ما أسماها السياسة المحايدة، وتعني أن هذه المنظمات غير الحكومية توثق المعلومات ثم تختبرها وتُقلّب النظر فيها بشكل ناقد. أمّا السياسة الأخرى، التي كان القاضي كولر على دراية بها، هي ما أسماها السياسة الجزئية التي وصفها بأنها تشمل تلك المنظمات غير الحكومية التي تصدّق كل ما يقوله الضحايا وتثق فيه دون اختباره وتمحيصه. ضرب كولر مثالًا وقال إن هناك منظمات توثق العنف الجنسي ضد الأطفال والاعتداء عليهم. فالمنظمات غير الحكومية كهذه لا تمحّص شهادة الأطفال الضحايا ولاتشكّك فيها، بل تصدّق كل ما يُقال لها [ملاحظة: من المرجّح أن القاضي كولر كان يشير إلى المَيل مؤخرًا نحو اعتماد استراتيجية "صدّق الناجين" التي إذ انبثقت من حركة "أنا أيضًا MeToo" وتُقرُّ بشيوع العنف الجنسي في ثقافتنا.

وعلى هذه الخلفية، أوضح البني أن مركزه يخدم الضحايا بشكل أساسي، ولكن يمكنهم اكتشاف الأكاذيب بالاعتماد على خبرته وخبرة موظفيه. وأضاف أنهم يجرون بحثًا شاملًا للتأكد من شهادة الشهود وبالتالي تقييم مدى صدقها. سأل رئيس المحكمة بحنق عن الغرض من توثيق شهادات الشهود، فردّ البني قائلًا إن الهدف هو كشفُ الحقيقة، وتحقيقُ العدالة، وإنصافُ الضحايا، وإعطاءُ أمل بالتوصّل إلى حلول سلمية، ونزع فتيل الاحتقان. بعد هذا الرد، جزم رئيس المحكمة القاضي كولر أنه في دولة تتبع سيادة القانون، جميعُ هذه الأهداف تُحقّقها مؤسسات الدولة مثل مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية والمدعي العام الاتحادي. وأخبر كولر البنيَّ بشكل مباشر وحازم أنه ينتقد عمله بشدة حيثما تولّى مهام التحقيق. ونظرًا إلى أن البني لم يكن محاميًا يُرخَّصُ له العملُ في ألمانيا، وبالتالي لا يمكنه العمل بكامل قدرته لصالح موكّله بصفته محاميًا مفوّضًا، فقد أعرب القاضي عن عدم موافقته ووجد أن تحيّز البني محلُّ شكّ. وحاول أنور البني توضيح أنهم لا يُجرون استجوابات مثل الشرطة، إلا أن القاضي كولر تدخّل وقال إن الفيديو المسجَّلَ الذي تلقّته المحكمةُ يثبت عكس ذلك. أصرّ البني على أن الشهود أتوا إليهم طواعية، واستمعوا إلى قصصهم في المركز ليس إلّا. وعندما حدّد المركزُ إفادةً ذات صلة ورأى أنها جديرةٌ بالثقة، أحالها المركزُ إلى المدعي العام الاتحادي الألماني. لم يتمكن القاضي كولر من إخفاء ارتيابه وشكوكه حول عمل البني وانتقل لاستجوابه بشأن تسجيل مقابلة P19 ومحضرها – وهو سبب استدعاء البني في المقام الأول.

استفسر القاضي كولر من البني كيفية سير العملية مع P19 إلى أن أُعدّ المحضر. قدّم البني تفاصيل حول الإجراءات التي يقوم بها مركزه عادة عندما يريد أحد الشهود التحدث إليهم، لكنه لم يستطع تذكر تفاصيل تتعلق بما جرى مع P19 تحديدًا. وتذكّر البني أن تواصله  مع P19 اقتصر على برنامجي ماسنجر والواتسآب، إلّا أن البني لم يُجر المقابلة بنفسه ولم يرَ P19 شخصيًّا على الإطلاق. ووفقًا لما ذكره البني، بنى المركز وساند عدة قضايا في ألمانيا ودول أخرى مثل فرنسا وهولندا والسويد، ولذلك لا يتذكر تفاصيل عن أمور محددة. أراد القضاة بعد ذلك أن يعرفوا كيف يمكن أن يتضمن الملخص المكتوب الذي أُرسل إلى المدعي العام معلومات لم تُذكر في تسجيل "زووم" المصوّر، فأجاب البني بأن هذا أمرٌ غير ممكن عمومًا. وأضاف أنه لا يتراءى له إلا احتمالُ أن يكون الشاهدُ قد تذكر شيئًا ما بعد انتهاء مكالمة الفيديو، ولربما أراد أن يضيفه بعد انتهاء التسجيل في نفس اليوم أو بعد أيام عدّة. بَيْدَ أن البني لم يتمكن من تقديم تفاصيل بشأن حالة P19 على وجه التحديد.

أوضح البني أنه وزملاءه لم يُرسِلوا سوى المقابلات التي أجريت مع أشخاص وَسَمُوهم بالمصداقية. تقَلقَل رئيسُ المحكمة كولر ومحامي الدفاع إندريس وأثار امتعاضَهما أن البني وزملاءه أصدروا أحكامًا حول مصداقية الشهود ومن ثَمَ غربلوها سَلَفًا. وانتقد كلاهما بشدة أن البني وأربعة محامين آخرين معظمهم من السوريين (وفقًا للبني) كانوا يقررون مَن الصادقُ ومّن الكاذب. أرادا أن يعرفا مالذي جعله يظنّ أنه قادر على الحكم على المصداقية. وبحسب البني، كان ذلك قائمًا على خبرته في الدفاع عن آلاف المعارضين وعلى تجربته الشخصية التي اكتسبها من اعتقاله عدة مرات. وتابع البني موضحًا أنه إن طرأت مشكلة ما، على سبيل المثال، عندما يكونون غير متأكدين من مصداقية شاهد ما، فإنهم يجتمعون في مجموعة من الخبراء الحقوقيين ويتناقشون معًا، ولكن أردف البني أن القرارَ النهائي دائمًا ما يكون في يده. صُعق رئيس المحكمة القاضي كولر فيما بدا للعيان وأبدى اعتراضه على هذا الإجراء لأن مركز البني تولى بذلك مهامَّ مؤسسات سلطة الدولة بشكل جليّ، وتساءل كولر عما إذا كان ذلك قد تم بعلم وحدات التحقيق أم بالتعاون معها. رفضت كبيرة المدعين العامين الاتحادين شرونتس بشدة هذا الاتهام.

بعد هذا الأخذ والرد، أثار القضاةُ وفريقُ الدفاع أسئلة مفصلة حول التواصل المحتمل بين البني والشاهد P19، لتقصّي ما إذا كان البني قد أثّر على الشاهد. أراد رئيسُ المحكمة وكذلك الدفاعُ أن يعرفوا ما إذا كان البني يهيئ الشهودَ ويجهزهم للإدلاء بشهاداتهم، فسألوا عما إذا كان أملى على الشهود ما عليهم قوله في المحكمة أو كيف يتصرفون. نفى البني ذلك عمومًا ولكنه أقرّ بأنه طلب من جميع الشهود أن يركّزوا على أسئلة القضاة، أي أنّ عليهم أن يجيبوا بأدق ما يمكن على السؤال المحدد بدلًا من سرد قصصهم بأكملها. ورفض البني افتراض المحكمة بأنه تحدث إلى الشهود حول مضمون المحاكمة. جابهت المحكمةُ البنيَّ بأسماء عدة شهود باستثناء من لم يُكشف عن هويتهم في ملف القضية. ولم يُذكر في هذه الجلسة من كانوا تحت الحماية، ولكن قد تسأل المحكمة عن بعض الأشخاص في جلسات مقبلة بعد التحقق من وضعهم. وذُكر أفرادٌ آخرون مثل باتريك كروكر. أوضح البني علاقته بالأفراد وما إذا كان على تواصل بهم، وأكد أنه لم يتواصل مع الشهود بخصوص الإجراءات. لكنه أضاف أنه كان يعرف أحيانًا بعض التفاصيل من الأصدقاء والمعارف الذين حضروا الجلسات. وعند سؤاله، أفاد البني أمام المحكمة بأنه لم ينشر أو يُعِد نشر إلّا تلك المعلومات التي نشرها آخرون وكانت متاحة على الإنترنت. وأوضح أيضا أنه لم ينشر سوى تفاصيل تتعلق بالجوانب الإجرائية للمحاكمة، مثل أن المحاكمة ما زالت جارية أو أن شاهدًا ما قد مَثَل في المحكمة، وأردف أنه أعاد نشر ما كان متاحًا على الإنترنت مثل لائحة الاتهام. وعقّب القاضي كولر بأن هذا الأمر قد يكون مشكلًا. وحينما سأل البني ببراءة "لماذا؟ "، غضب كولر مجدّدًا وقال للبني إن سلوكه موضع شكّ ومحلّ تساؤل لاحتمال تأثيره على الشهود، وأبلغه بحزم أن عمله يعرض المحاكمة للخطر.

تدخل الدفاع وسألوا عن الجلسات الأولى للمحاكمة، وما إذا كان البني قد نشر محتوى مفصّلًا عنها. وقبل أن يتسنّى للبني الإجابة، ردّ رئيسُ المحكمة كولر بأن المركز السوري للعدالة والمساءلة نشر في بادئ الأمر تقارير مطوّلة، ولكن المركز تواصل مع المسؤولة الإعلامية في المحكمة وحذف تلك التقارير، وهو ما دأب القاضي كولر على التحقق منه.

وفي الختام، مُنح المتهمُ الحقَّ في طرح الأسئلة. عدّد علاء أسماء عدة أفراد وأراد أن يعرف ما إذا كان البني يعرفهم. لم يكن واضحًا ما كان يرمي إليه بهذا. وقبل نهاية الجلسة، ذكر علاء مازن درويش وأراد أن يعرف ما إذا كان يعمل مع "CIJA". نفى البني ذلك وأوضح أن "CIJA" هي منظمة غير حكومية أمريكية، وأنه يعرف مديرها. قال البني إن مديرها يُدعى محمد العبد الله [المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة]، وأضاف البني أن علاقتهما انفطرت وانتهت نظرًا لخلافهما حول أمور تتعلّق بمحاكمة كوبلنتس. [ملاحظة:  CIJA هي لجنة العدالة والمساءلة الدولية، ومؤسسها ومديرها التنفيذي هو ويليام ه. ويلي. ويبدو أن البني خلط بينها وبين SJAC].

قبل صرف البني، أخبره القاضي أنه عليه العودة لمزيد من الاستجواب لأنه لم يكن هناك وقتٌ كافٍ لاستجوابه. ونظرًا لازدحام جدول المحكمة، يُحتمل أن يتم يُستدعى البني لجلسة في كانون الأول / ديسمبر المقبل.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.