1 min read
داخل محاكمة علاء م #52: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار

داخل محاكمة علاء م #52: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثاني والخمسون

تاريخ الجلسات: 1 و 3 آب / أغسطس 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة الثاني والخمسون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين السابع والثمانين والثامن والثمانين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. كُرِّس يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع لقراءة ترجمة المقابلة التي أجرتها منظمة أنور البني مع P19 وصوّرتها عبر تطبيق زووم. جرت المقابلة مع الشاهد في لقاء على الإنترنت استغرق ساعة ونصف، وأُوجِزَت في ملخص ترجم إلى اللغة الألمانية وأرسل إلى المحكمة في فرانكفورت. ونظرًا لأن الموجز لا يفي بغرض مجابهة الشاهد بأقواله، تُرجم التسجيل بالكامل وعُرض كأحد الأدلة. في المقابلة، سُئل الشاهد عن الشخص الذي تتعلّق به شهادُته، وطُلب منه تقديم تفاصيل حول الأماكن التي اعتُقل فيها؛ ووقت تعرضه للضرب أو التعذيب؛ وما يعرفه عن علاء. أخبر الشاهد موظفي البني تفاصيل عدّة وأكّد أن علاء ضرب المرضى.

وفي يوم المحاكمة التالي، مَثَل الشاهد P19 مجدّدًا في المحكمة لاستئناف شهادته. نفى الشاهدُ في غُرَّة الجلسة أن يكون قد وكّل أنور البني محاميًا له. ثم جلّى ما أشكل من اختلافات بين شهادته في المحكمة وأقواله في مقابلة سابقة. ثم سأله القضاةُ عن وقائعَ وأشخاصٍ ذوي صلة باعتقاله. تبحّر الشاهد في إجاباته فاستوقفه القضاةُ أحيانًا للعودة إلى مسار السؤال الأصلي. سأل المدعون العامّون وحيدًا صُرف بعده الشاهد. وبعد ذلك مَثَل المترجم الشفوي بصفته خبيرًا لغويًّا ليوضح أمرًا يتعلق بالمتة أورده الشاهد في إفادته.

أبرز النقاط:

اليوم السابع والثمانون - 1 آب / أغسطس 2023

في يوم المحاكمة هذا، عُرضت في إجراءات المحاكمة ترجمةٌ من العربية إلى الألمانية لفيديو مقابلةٍ عبر تطبيق زووم صُوّر فيه الاستجواب الأول للشاهد P19 والذي أجراه المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية (SCLSR) التابع لأنور البني. وتم هذا وفقًا للفقرتين 255-أ [عَرضُ تسجيل صوتي ومرئي لاستجواب الشهود] و255 [قراءة تسجيل إفادات] من قانون الإجراءات الجنائية الألماني. كانت مدة التسجيل نحو ساعة و 30 دقيقة. أجرى المقابلةَ ذكرٌ ودوّنت ملاحظاتِها أنثى. قامت هذه الملاحظاتُ مقامَ ملخصٍ للمقابلة، وتَرجمه إلى الألمانية موظفو المركز الآنف الذِّكر، وأُرسل إلى المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت. ونظرًا لقصور هذا المحضر عن مجابهة الشاهد به، كما عُدَّ في جلسة سابقة، عُرض تسجيل المقابلة الأصلية كاملًا لإدراجه كأحد الأدلة في ملف القضية. وقبل أن يشرع الخبيرُ اللغوي في قراءة الترجمة، أبلغ القضاةُ أطرافَ القضية بأنه قد تم التواصل مع أنور البني وطُلب منه أن يَمْثُلَ شاهدًا في المحاكمة. وسيُحَدَّد موعدٌ قريبًا ليُدلِيَ فيه البني بشهادته ريثما يُجيب. ورافق الخبيرَ اللغويَّ السيدَ فرّاج شقيقُه الذي قرأ النص، إذ كان في صوت السيد فراج بُحاحٌ لعارضٍ عَرَضَ له.

عُرضت بتسلسُلٍ مشاهدُ من الفيديو تتراوح بين ثلاث إلى سبع دقائق، ثم أُوقِف الفيديو ليقرأ الخبيرُ اللغوي الترجمةَ الألمانية للجزء المعروض. أظهر الفيديو في باكورته المحاورَ الذي أجرى المقابلة وهو يقدم مشورةً فنيةً للشاهد. وتابع الشخصُ بطرح أسئلة تمهيدية كالتي تخصُّ التفاصيل الشخصية للشاهد. وبعد ذلك، طُلب من الشاهد أن يُقدّم معلومات عن القسم الذي اعتُقل فيه في سوريا، فاستفاض الشاهدُ في إجاباته عن هذه الأسئلة. واضطُرَت المحاورةُ أن تطلب منه التأنّيَ حتى تتمكن من تدوين الملاحظات. ثم سُئل الشاهد بأيّ الأشخاصِ اختصّت شهادُته. أوضح P19 الوقتَ الذي اعتُقل فيه والسجونَ التي زُجَّ بها. وقدم تفاصيل عن المواقف التي تعرض فيها للضرب وعن الأوضاع في السجون. وعندما سأل المحاورُ عن وقت بدء التعذيب، قدّم P19 تفاصيل بإسهابٍ وذكر اسم "الطبيبِ علاء" وطبيبٍ آخر. أراد المحاورُ أن يستقي مزيدًا من التفاصيل عن الظروف التي سمع فيها P19 اسم علاء، وعن آخرين انخرطوا في التعذيب في القسم، وعمّا إذا كان الشاهد متأكدًا من أن الشخص هو علاء. وهو ما أكدّه P19. وعند سؤاله، قال P19إنه كان يرى علاءً بشكل يومي وقتما كانوا يصطفّون للدواء. وأشار إلى واقعة دنا فيها علاءٌ من باب الزنزانة عندما طلب المعتقلون إطلاق سراح أحد القُصّر. وروى الشاهد التجربة التي مرّ بها حين تُركت جثة شقيق P4 في الزنزانة طَوال الليل. وأقرّ بأنه لم يرَ وجه الجثة لأن الظلام كان حالكًا في الزنزانة. سأل المحاورُ عمّا إذا كان الشاهد قد رأى كيف أساء علاءٌ معاملة المرضى، وهو ما أكدّه P19. وزاد P19 في ذِكر تفاصيلَ عن شخص سُمِطَ بماء مغلي أثناء "جلسة تعذيب". وذكر P19 أن أطباءَ أُحضروا لعلاج ذلك الشخص، ولكنهم ضربوه كذلك. وردًّا على استفسار المحاور، وضّح P19 أن علاءً كان من ضربه.

بعد أن أتمّ الشاهد روايةَ ما مرّ به وما يعرفه عن علاء، أردف المحاورُ بعدة أسئلة وتعقيبات تتعلق بالخطوات التالية للعملية. أراد المحاورُ أن يعرف ما إذا كان الشاهد يريد أن تظلّ هويته مجهولة، وما المستندات التي عليه أن يحضّرها لجلبها إلى استجوابه التالي (كالشهادات الطبية على سبيل المثال).

غَلب في الفيديو ظهورُ المحاورِ في مكتبه. وخلال الدقائق العشرين الأخيرة، غادر مكتبه وواصل المحادثة واقفًا في ممر المكتب. وبينما كانت المقابلة لا تزال جارية، إذ ارتدى قناعًا خاصًا بكوفيد-19. وقال الخبير اللغوي إن فهمَ ذلك الجزء أضحى عَسيرًا لذلك السبب. وفي الدقائق الأخيرة، أطفأ المحاورُ كاميرته، ولم يظهر على الشاشة سوى شعارُ المركز (SL) باللونين الأبيض والأسود. وقبل إيقاف التسجيل، أعاد الشاهدُ ذِكرَ جوانبَ معيّنةً ممّا مرّ به، وأضاف أن علاءً سيُحاسب في الدنيا والآخرة، وأنه تحدث نيابة عن جميع المتوفين.

بعد أن انتهى الخبير اللغوي من قراءة ترجمة الجزء الأخير من التسجيل، عقّب القضاةُ بعدة أسئلة لتوضيح اختلافاتٍ في الترجمة وسوءِ فهمٍ بسبب تباين المعاني أو الخَلط فيها.

اليوم الثامن والثمانون - 3 آب / أغسطس 2023

في يوم المحاكمة هذا، استأنف القضاةُ استجواب الشاهد P19. أراد القضاة في مستهلّ الجلسة أن يعرفوا ما إن وكّل P19 أنور البني محاميًا له، درءًا لانتهاك مبدأ السريّة بينهما، في حال أراد القضاة أن يتواصلوا مع البني بشأن P19. نفى P19 ذلك وأضاف أن بإمكان المحكمة أن تتواصل مع البني. عُرضت في المحكمة صورةُ شخص على الشاشات وأكّد P19 أنها صورة ابن عمه المتوفى الذي كان معتقلًا معه. أشار القاضي إلى المقابلة التي أجراها مركز البني مع P19والتي قال فيها إنه ضُرب في الطريق إلى مركز الاعتقال إلّا أنه أفاد برواية مغايرة في المحكمة إذ صرّح بأنه لم يُضرب في الطريق من بيته إلى مركز الاعتقال الأول، بل في الطريق بين مركزي الاعتقال الأول والثاني. أوضح P19 أن الأمر هو كما شرحه في المحكمة، وقد يكون ما ورد في المقابلة سوءَ فهمٍ ناجمًا عن تحدّثه بسرعة.

سأل القضاة بعد ذلك عن التهم التي وُجّهت إلى P19 أثناء اعتقاله وعن المعتقلين الآخرين الذين كانوا معه، فأجاب P19 عن الأسئلة ثم بدأ يحيد إلى أمورٍ أخرى، فأوقفه رئيس المحكمة قائلًا إنه يتفهّم أن لدى P19 الكثير ليَروِيَهُ للمحكمة، ولكن عليه أن يجيب عن الأسئلة بشكل محدد دون التطرّق إلى قصص أخرى. أراد القضاة أن يعرفوا ما إذا شهد P19 علاءً يضرب معتقلين أو جرحى حين قدومه إلى الزنزانة، فأجاب P19 إجابة رأى القضاة أنها كانت عامة. فاستوقف رئيس المحكمة P19 وسأله بشكل مباشر عمّا إن شاهد علاءً يضرب أشخاصًا، فرد P19 بالإيجاب مضيفًا أن علاءً ومن معه كانوا يضربون الجرحى. تمحورت أسئلةُ القضاة بعد ذلك حول شخص شاركه P19تجاربه في السجن، فقال P19 إن ذلك الشخص أخبره أن علاء كان أحقر وأقذر من الطبيب شعيب وإنه كان يسعّر غضَبه على المعتقلين ليُبدِيَ لشعيبٍ أن أداءه كان جيّدًا.

تحوّل القضاة إلى موضوع آخر واستفسروا عن الوقت الذي سمع فيه P19 أول مرة اسم علاء الكامل. ثم أَوْغلوا في السؤال عن واقعةٍ شاهد فيها P19 جثة مريض صرع في الزنزانة والتقى أخاه بعدها. أتبع القضاةُ بالسؤال عن وقائع أخرى، فروى P19 قصة تعذيب طفل في المعتقل وأردفها بقصة أخرى لشخص عَذبه أشخاصٌ في المعتقل وكان أحد المعذبين هو رئيسُ الفرع نفسه. ووفقًا لما ذكره P19، عُذّب ذلك الشخص بأساليب منها سَمْطُهُ بماء المتة الساخن الذي سُكب عليه قبل ضربه. بعد أن أجاب سؤال المدعين العامّين الوحيد، أعرب P19 عن تمنيه ألّا تطول الجلسة، إذ كان ذلك اليومُ ذكرى زواجه وأراد أن يقضي بعض الوقت مع عائلته. فصرفه رئيس المحكمة كولر بعد أن شكره.

بعدما صُرف الشاهد، أشار رئيس المحكمة إلى أن مترجم المحكمة الشفويّ أراد أن يعقّب على ذِكر "المتة" أثناء إفادة الشاهد، إلّا أن كولر آثر حينها الاستمرار بالشهادة وتأجيل سماع التعقيب. استدعى رئيسُ المحكمة مترجمَها الشفوي للمثول بصفة خبير لغوي وأخبره أن يُعْلِمَ المحكمة بما كان يريد قولَه. قال الخبير اللغويّ إن من المعروف في سوريا أن العلويين يشربون المتة، وتفسيرُه للأمر أنه بما أن الجنود الذين عذبوا الشخص كانوا يشربون المتة، فيمكنه استنتاج أنهم كانوا علويين [إضافة إلى أن P19 أشار إلى ذلك بتغيير لهجته]. سأل محامي الدفاع العجي الخبيرَ اللغويَّ إن كان يعرف أناسًا آخرين يشربون المتة. فأجاب الخبير اللغويّ أن بعض الألمان يشربونها. فسأل العجي الخبيرَ إن كان ذلك يعني أن الألمان علويون بناء على ذلك الاستدلال. فنفى الخبيرُ ذلك موضّحًا أنه أشار إلى الأمر لا لشيء إلّا لأن العجي طلب منه في جلسة سابقة أن يبرز اختلاف اللهجة العلوية حين يقلّدها الشاهد. أراد رئيس المحكمة أن يعرف إن كان P19 يتهكم حينما يقلّد اللهجةَ العلوية، فنفى ذلك الخبيرُ اللغوي وأوضح أن P19 كان يشدّد على حرف القاف عند النطق. شكر القاضي كولر الخبيرَ اللغوي وتمنى له الشفاء العاجل، إذ كان صوته لا يزال مبحوحًا من جلسات سابقة. فقال الخبير إنه سيحاول أن يشرب من المتة الكثير لعلّه يبرأ.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.