1 min read
الممارسات الفضلى للولاية القضائية العالمية

الممارسات الفضلى للولاية القضائية العالمية

لفتت إدانة أنور رسلان في عام 2022 بارتكاب 27 حالة قتل و4,000 حالة تعذيب الانتباه مجددًا إلى الجهود الدولية لتقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى العدالة في سوريا وبلدان أخرى. حيث يتم رفع هذه القضية، وقضايا مماثلة، في أوروبا بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية (UJ) الذي يستند إلى فكرة أن بعض الجرائم تعتبر خطيرة للغاية بحيث يمكن محاكمتها خارج البلد الذي ارتكبت فيه (أي خارج الحدود الإقليمية). ومع وجود هذه الفرص لتحقيق العدالة، يوجد العديد من التحديات مثل تحديد المشتبه بهم الذين يعيشون في الدول التي تطبّق مبدأ الولاية القضائية العالمية، والحصول على أدلة موثوقة ذات صلة، والتعاون بشكل فعّال مع وحدات جرائم الحرب المكلّفة بالتحقيق في الجرائم الفظيعة. وقام المركز السوري للعدالة والمساءلة، خلال عقد من الخبرة في توثيق جرائم الحرب ودعم وحدات جرائم الحرب، بتلخيص مجموعة من المبادئ التوجيهيّة والممارسات الفضلى التي تعتبر ضرورية للعمل بفعاليّة في دعم قضايا الولاية القضائية العالمية.

تعدّ بعض التحديات في رفع قضايا بموجب بند الولاية القضائية العالمية ذات انطباق عام. حيث تميل الدول التي تقاضي الجرائم المرتَكَبة خارج الحدود الإقليمية إلى إعطاء الأولوية للإرهابيين المشتبه بهم والمقاتلين المتطرفين والعائدين بسبب قضايا الأمن القومي. ونتيجة لذلك، يتم التغاضي عن جرائم أخرى، بما في ذلك الجرائم الجنسية والجرائم القائمة على النوع الاجتماعي، والاضطهاد الديني والسياسي، وحالات الاختفاء القسري. ويخلق نقص الموارد اللازمة لملاحقة قضايا الولاية القضائية العالمية عقبات أمام التحقيق في الجرائم التي حدثت خارج الدولة ومساعدة الضحايا الذين لا يحملون جنسية الدولة التي تقوم بالملاحقة القضائية. وفي معظم القضايا المرفوعة تحت بند الولاية القضائية العالمية، هناك اعتماد كبير على شهادات الشهود كما رأينا في محاكمة علاء م. في فرانكفورت بألمانيا والتي قد يكون من الصعب إثبات صحّتها دون وجود أدلة مادية (مثل الأدلة من مسرح الجريمة أو الأدلة الوثائقية). ففي كل من محاكمتي إياد الغريب وأنور رسلان، حضر شهود من خارج ألمانيا للإدلاء بشهاداتهم، مما أدى إلى حدوث مشاكل لوجستية ومشاكل تتعلق بالمواعيد وحماية الشهود.

يتردد العديد من الشهود السوريين في المشاركة في المحاكمات المرفوعة تحت بند الولاية القضائية العالمية خوفًا من الانتقام، مما يؤدي إلى إعاقة التحقيقات وقد يؤدي إلى عدم توافر أدلة كافية. على سبيل المثال، وجدت منظمة العفو الدولية زيادة في ترهيب الشهود وتهديد عائلات السوريين في الخارج بعد إدانة إياد الغريب. كما قد يتعرّض الشهود الذين يشاركون في محاكمات الولاية القضائية العالمية للانتقام في حالة عودتهم إلى سوريا، حيث أنه من المعروف أن الحكومة السورية تتعقّب تحرّكات أولئك الذين يعارضون الحكومة من خلال سفاراتها في الخارج. كما لاحظ المركز السوري للعدالة والمساءلة حدوث الترهيب عبر الإنترنت، حيث يقوم أفراد عبر الإنترنت بالكشف عن معلومات حول الشهود أو يهددون سلامتهم.

كما يجب مراعاة الأنظمة القانونية الخاصة داخل كل دولة أوروبية. ففي حين أن ألمانيا لديها قانون أكثر شمولًا لجرائم القانون الدولي، فإن قوانين الولاية القضائية العالمية تعدّ أكثر محدودية في العديد من الدول الأخرى. حيث توجد في هولندا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا سياسات وتعريفات أكثر تقييدًا. ولا تزال ألمانيا، على الرغم من امتلاكها القدرة على مقاضاة عدد كبير من الجرائم في ظروف مختلفة، تعاني عند مواجهة صعوبات في الترجمة الشفوية. وتشمل التحديات البيروقراطية الأخرى عدم كفاية الإجراءات للحصول على الأدلة والشهود والمشتبه بهم خارج ألمانيا.

ومن أجل مساعدة وحدات جرائم الحرب، التي تعتمد على المجتمع المدني للحصول على الأدلة والمعلومات السّياقية والصّلات مع الشهود، حدد المركز السوري للعدالة والمساءلة الممارسات الفضلى التالية للمجتمع المدني السوري:

التوثيق

  • يجب أن يتبع التوثيق أعلى المعايير الدولية لتقديم أدلة موثوقة وإثباتية للسلطات. قام المركز السوري للعدالة والمساءلة بنشر سلسلة من التدريبات باللغة العربية تحدّد معايير التوثيق المعتمدة من قبل المدعين العامين والمحاكم.
  • تُعدّ السرية أمرًا أساسيًا لحماية كل من الشهود والناجين الذين يقدّمون التوثيق، ولبناء علاقة مع سلطات العدالة أيضًا.
  • تقوم السلطات بإجراء تحقيقات محدَّدة للغاية. يجب على الموثّقين مشاركة البيانات ذات الصّلة والموثوقة فقط مع آليات العدالة، فضلًا عن تقديم شهود موثوقين فقط لهذه القضايا والتحقيقات. حيث يقلل هذا من احتمالية تأخير البت في القضايا ويحول دون الكشف عن هوية الشهود الذين قد لا يكونون ذوي صلة بتحقيق معين.
  • تهتم السلطات بالحقائق. يجب أن تستخدم عمليات التوثيق وجمع الأدلة لغة موضوعيّة وأن تتجنب أي تحيّز. ويجب الرد على الطلبات الواردة من وحدات جرائم الحرب والمدعين العامين بمهنية ودقّة. حيث أن تقديم ردود مفصلة وواضحة يحدّ من حدوث سوء فهم وتأخير. كما أن هناك حاجة إلى وضع سياسات تنظيمية صارمة لمشاركة الطلبات مع الأشخاص المعنيين. حيث يجب أن تحترم هذه السياسة سريّة وحساسيّة الأدلة والتحقيق.
  • نظرًا لأن البيانات يتم نقلها بين أعضاء الفريق الداخلي وخارجيًا إلى السلطات، فإن وجود سياسة نقل بيانات واضحة وصارمة تساعد على احترام خصوصية الشهود وسرية التحقيق بالإضافة إلى ضمان أمن البيانات.
  • إن التدريب المستمر على التوثيق والتدريب القانوني والتدريب في مجال التحقيقات لأولئك الذين يقومون بجمع الأدلة يضمن توثيقًا عالي الجودة مما يساعد السلطات على ربط التحقيقات ببيانات واضحة ودقيقة.

دعم الشهود

  • غالبًا ما يكون لدى الشهود والناجين أسئلة قانونية حول الإدلاء بشهادتهم أو حتى ما إذا كان لديهم توثيقات قد تكون ذات صلة بالتحقيقات. تُزَوّد كتيبات الولاية القضائية العالمية التي أطلقها المركز السوري للعدالة والمساءلة القراء بخطوات حول كيفيّة السعي لتحقيق العدالة لقاء الجرائم المرتكبة في سوريا في ست دول أوروبية مختلفة. وغالبًا ما لا تعطى الأولوية للتمثيل القانوني عند التعامل مع الشهود، ولكن التأكد من أن الشهود على دراية بحقوقهم وإجراءات الدولة التي يُدلون فيها بشهادتهم يعدّ أمرًا ضروريًا.
  • ينبغي تقسيم مسؤوليات جمع التوثيق والتواصل مع السلطات والتواصل مع الشهود بين عدة أفراد لضمان مراقبة الجودة والحفاظ على سرية الشهود. وينبغي على أعضاء الفريق الذين يتواصلون مع الشهود والضحايا أن يخضعوا لتدريبات ذات صلة تشمل مبادئ الدعم النفسي الاجتماعي وعدم إلحاق الضرر.
  • لاحظ المركز السوري للعدالة والمساءلة أن الدعم النفسي الاجتماعي باللغة العربية للشهود والضحايا شبه منعدم. فبينما يتعين على المحاكم اتخاذ الخطوات اللازمة لزيادة هذا الدعم، عملت العديد من منظمات الدعم النفسي الاجتماعي السورية على سدّ هذه الفجوة من خلال عقد جلسات دعم نفسي اجتماعي افتراضية. كما نشر المركز السوري للعدالة والمساءلة نشرة معلومات عن الدعم النفسي الاجتماعي في ألمانيا وهولندا لتوجيه السوريين خلال خدمات الدعم النفسي الاجتماعي المتاحة في كلا البلدين.

التواصل مع الجمهور

  • تعدّ المشاركة السورية أمرًا حيويًا للجهود المبذولة لتحقيق العدالة. حيث يسعى المركز السوري للعدالة والمساءلة إلى إبقاء المجتمع السوري على اطّلاع بجميع التحديثات المتعلقة بالقضايا المرفوعة بموجب الولاية القضائية العالمية، وإبلاغهم بحقوق وواجبات الشهود والضحايا. وإن المبالغة في الوعود بتحقيق نتائج العدالة تؤدي إلى تثبيط المشاركة. وبدلًا عن ذلك، ينبغي إبلاغ المجتمع السوري بالتوقعات الصادقة والواضحة.
  • ينبغي أن يكون تركيز التواصل مع الجمهور منصبًا على إظهار الحقيقة وليس على أيديولوجية سياسية أو دينية محددة. حيث أنه عند تقديم الحقائق بشكل غير واضح، يكون هناك مجال أكبر للمعلومات المضللة، والتي يمكن أن تثني السوريين عن المشاركة في عمليات العدالة.
  • يعتمد التوثيق على الشبكات. حيث تساعد الشراكات مع مجموعات ومجتمعات المجتمع المدني الأخرى على بناء شبكة من السوريين يمكنهم مشاركة البيانات بسرية.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.