1 min read

ضرورة رصد جميع مرافق الاحتجاز في سوريا

داخل سجن صيدنايا: التعذيب في السجن في سوريا، فيديو لمنظمة العفو الدولية

تُعتبر السجون بطبيعتها أماكن معزولة ومحجوبة عن الأنظار حيث يمكن أن تحدث الانتهاكات دون أن ينتبه لها أحد، وفي الدول التي تشهد صراعات مستمرة، غالبا ما تعجّ السجون بانتهاكات حقوق الإنسان. وبالفعل، فقد قدّم مصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية للعالم أدلة على وجود حالات تعذيب على نطاق واسع في سوريا من خلال ما يُعرف الآن باسم ملف قيصر. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، قام السجناء في جميع أنحاء سوريا بأعمال شغب احتجاجاً على ممارسة الحكومة لعمليات الإعدام بمحاكمات صورية موجزة، حيث يتم تفويض محاكم ميدانية عسكرية بمحاكمة الأفراد من المدنيين والعسكريين على حد سواء، والحكم على المعتقلين بعقوبة الإعدام دون محاكمة عادلة. في حماة وحلب، قام السجناء بأعمال شغب عندما كان من المقرر أن تُنفذ أحكام بالإعدام صادرة عن محكمة ميدانية ضد زملائهم من السجناء. وفي الآونة الأخيرة، في 3 آب/أغسطس، قام سجناء في مرفق احتجاز للمدنيين في السويداء بأعمال شغب بسبب سوء المعاملة ونقل أربعة من المعتقلين إلى فرع الأمن في دمشق لإعدامهم. وعلى الرغم من عدم السماح لأي مراقبين بالوصول إلى أي من مرافق الاحتجاز هذه، فقد عمدت منظمة العفو الدولية إلى إنشاء نموذج تفاعلي ثلاثي الأبعاد لسجن صيدنايا لإعطاء العالم فهماً أفضل عن الأوضاع داخل السجون السورية.

تحظر اتفاقيات جنيف المعاملة اللاإنسانية لأشخاص لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم المقاتلين رهن الاعتقال. وعلى وجه التحديد، تحظر الاتفاقيات القتل والمعاملة القاسية أو المعاملة المهينة والتعذيب و”تنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلاً قانونياً تكفل . . . الضمانات القانونية”. وكانت سوريا قد وقّعت وصادقت على اتفاقيات جنيف في عام 1953، وصادقت سوريا في عام 1976، على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على ما يلي: “يعامَل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة”. واستناداً إلى العديد من تقارير سوء المعاملة والإعدامات بمحاكمات صورية موجزة، فإن الحكومة السورية ترتكب انتهاكاً واضحاً لهذه المعاهدات. ويقتضي البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب إجراء زيارات دورية يقوم بها مراقبون دوليون إلى مراكز الاحتجاز. وعلى الرغم من أن سوريا صادقت على الاتفاقية (مع التحفظ على المادة رقم 20 التي توصي بإجراء زيارات لمراكز الاحتجاز من قبل هيئة الأمم المتحدة)، فإنها لم توقّع أو تصادق على البروتوكول الاختياري حتى لا يتم تكليف المراقبين من قبل أي هيئة من هيئات معاهدة الأمم المتحدة. ومع ذلك، يمكن للأمم المتحدة الضغط على أطراف النزاع لقبول زيارة السجون كجزء من دورها كوسيط في المفاوضات الجارية.

لقد بات حل قضية المعتقلين أحد أولويات المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا. إذ من شأن الاتفاق على قضية المعتقلين أن يكون تدبيراً هاماً لبناء الثقة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الثقة بين الحكومة والمعارضة حول قضايا شائكة أكثر فيما يتعلق بالانتقال السياسي. وكما أشار المركز السوري للعدالة والمساءلة و21 من منظمات حقوق الإنسان السورية الأخرى في 21 آذار/مارس، فإن الخطوة الأولى نحو معالجة شاملة لقضية المعتقلين هي إجراء زيارات يقوم بها مراقبون دوليون محايدون إلى السجون. ومنذ بداية الصراع، لم يُسمح رسمياً لدخول مراقبين دوليين إلى مرافق الاحتجاز في سوريا. وبالنظر إلى أن المقاتلين الموالين للحكومة معتقلون في مراكز احتجاز يُحظر الدخول إليها تحت سيطرة المعارضة المسلحة حيث تشير تقارير إلى تفشّي الانتهاكات، فإن السماح بدخول مراقبين خارجيين هو مفيد لجميع الأطراف. ولكن الأهم من ذلك، هو أن إجراء كهذا سيكون له تأثير هائل على السوريين العاديين، حيث يخشى كثير منهم على سلامة ذويهم المحتجزين حاليا في مرافق الاحتجاز. ويمكن كذلك أن يساعد المراقبون الدوليون على وقف دورة سوء المعاملة في السجون — من اعتقالات وتعذيب ومحاكمات تعسفية وإعدامات — التي لطالما كانت واحدة من أخبث ممارسات الدولة السورية، والتي شهدت زيادة كثيفة خلال الصراع وامتدت لتطال ممارسات المعارضة المسلحة كذلك.

وفي بلدان أخرى، كان للمراقبين الدوليين أثر إيجابي على أوضاع المعتقلين أثناء الصراع المباشر. ويوجد تاريخ طويل للجنة الدولية للصليب الأحمر في زيارة مرافق الاحتجاز في مناطق الصراع. منذ عام 1980، دأبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على زيارة السجون العراقية وإجراء مقابلات مع السجناء والتحدث مع الحراس ومراقبة أوضاع السجون. ووفقاً لمسؤولين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فقد أثبتت هذه الزيارات فعاليتها في تحسين الأوضاع على مر الزمن. وتعمل زيارات اللجنة الدولية أيضاً على إتاحة تواصل أفضل بين العائلات والمعتقلين، الأمر الذي توجد حاجة ماسة له حيث غالباً ما تفتقر العائلات لأي اتصال مع أحبائها في مراكز الاحتجاز. وعلى الرغم من أنه غالباً ما يكون من الصعب أن نرى نتائج فورية من مراقبة السجون، أحياناً يكون فعل المراقبة بحدّ ذاته كاف لتحفيز الحكومات أو الجماعات المسلحة لتحسين الظروف. ففي العام الماضي، قام أحد أعضاء فريق التوثيق الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة بزيارة غير رسمية لمعتقل تابع لإحدى جماعات المعارضة المسلحة وتحدّث على انفراد مع معتقلين وحرّاس. وبعد أشهر، علم المركز بأن تلك الجماعة حسّنت من ظروف الاعتقال نتيجة للزيارة التي قام بها المركز لأن المجموعة لم ترد أن توجّه إليها تهمة انتهاك حقوق السجناء علناً.

وإن تيسير التوصّل إلى اتفاق بشأن مراقبين دوليين محايدين بين جميع أطراف النزاع يجب أن يكون أولوية قصوى بالنسبة للأمم المتحدة إذا استُؤنِفت أو عندما تُستأنف المفاوضات في جنيف. وحتى يتم إحراز تقدم حقيقي في كسر دورة الاحتجاز وإنهاء الحصار ضد السكان المدنيين، سيكون من الصّعب جداً تناول أهداف أسمى مثل التحول السياسي والإصلاح الدستوري. وإن التصدّي الناجح لملف المعتقلين سيكون له كبير الأثر على الطريقة التي ينظر بها السوريون لمفاوضات جنيف، مما يساعد على زيادة قبول العملية على المستوى المحلي. ولكن الأهم من ذلك، هو أن المراقبين الدوليين سيساعدون في إرسال رسالة إلى جميع السوريين بأكثر العبارات صراحة وبساطة — مفادها بأنه بغضّ النظر عن الجريمة الموجّهة إلى الشخص المعتقل، فلا أحد يستحق هذا النوع من سوء المعاملة والظروف غير الإنسانية والخوف من الإعدام التعسفي الذي سبق وأن عانى منه كثيرون في سوريا.

لمزيد من المعلومات أو لتقديم الآراء وردود الأفعال، يرجى الاتصال مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected].