2 min read
داخل محاكمة علاء م #106: بَيانُ الْادِّعاءِ الْعامِّ الْخِتامِيّ

داخل محاكمة علاء م #106: بَيانُ الْادِّعاءِ الْعامِّ الْخِتامِيّ

محاكمة علاء م.

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة السادس بعد المئة

تاريخ الجلسة: 27 أيار / مايو 2025

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة السادس بعد المئة الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم الخامس والثمانين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. في جلسة اليوم، طالب الادعاء العام بالسجن المؤبد لعلاء م.، مستشهدا بجريمتَي قتل وتهم كثيرة أخرى بالتعذيب وإساءة المعاملة. وصور الادعاءُ العامُّ علاءً على أنه طبيبٌ موالٍ للنظام جنّد سلطتَه الطبيةَ لتعذيب المعتقلين وإذلالهم وقتلهم. وبعيدا عن كونه مجرد مُذعنٍ مكتوفِ اليدين، صُوّر على أنه مشارك فاعلٌ يسوقه فِكرُه وأيديولوجيتُه في نظام يسوده القمع. ووصفه الشهود بأنه متعجرفٌ متغطرسٌ وقاسٍ ومنسلخٌ عاطفيّا؛ إذ كان شخصا يضحك أثناء التعذيب ويسخر من المصابين ويتفاخر بوحشيته. ولم يتعمّد ارتكابَ أفعاله فحسب، بل نفّذها بخبرة طبية، منتهكا بذلك أخلاقيات مهنته.

صوّرت كثيرٌ من شهادات الشهود المشافي العسكرية، ولا سيما في حمص، بأنها ديارُ رعبٍ وذعرٍ وليست دُورًا للتشافي والعلاج. كانت تلك أماكنَ تُعصبُ فيها أعينُ المعتقلين، ويُصفّدون، ويُحرمون من الطعام، ويعاملون معاملةً لا إنسانية. وصُنف قتلُ اثنين من المعتقلين - أحدُهما مصاب بالصرع وحُرم من الرعاية المناسبة، والآخرُ ضُرب حتى الموت لفرض الهيمنة - على أنه جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب وجريمة قتل عمد. ورغم أنه حاول أن يقلّل من أهميّة دوره أو يشوّه سمعةَ الشهود، إلّا أنّ الادعاء العام قدّم قضيةً مقنعة استندت إلى روايات متّسقة وموثوقة ومؤثّرة عاطفيّا، إضافة إلى أدلةٍ رقمية وتحليلاتِ خبراء. وفي النهاية، خلص الادعاءُ العام إلى أنّ علاءً تصرّف بعمدٍ ووعيٍ تامَّين، يسوسُه ولاؤه لنظام الأسد وتعطّشُه للهيمنة. ولم تكن جرائمه وقائعَ فرديةً منعزلة، بل جزءا من هجوم منهجي واسع على المدنيين. وصار شريكًا في بعض أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي والألماني باستغلاله دورَه طبيبا لإلحاق الأذى بدل العلاج.

واختتم الادعاءُ العامّ مطالبا بإدانة المتهم بعدّة تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتعذيب وجرائم حرب وجرائم أخرى لها صلة بالموضوع، وشدّد على جسامة جرم علاء البالغة. وطالب الادعاءُ العامّ باحتجازه احترازيّا وسحب تصريح عمله، وأن تحكم المحكمةُ بتحميل المتهم تكاليفَ المحاكمة.

 اليوم الخامس والثمانون بعد المئة - 27 أيار / مايو 2025

في جلسة اليوم، أدلى الادعاءُ العامّ ببيانه الختامي. وبسبب وجود مصوّر، دخل المتهم قاعةَ المحكمة مُخفيا وجهَه، ويلبسُ سترةً شتويةً تغطي قبّعتُها رأسَه الذي همد به على الطاولة. حضر جميع أطراف الدعوى. وأعلن الدفاع أنه لن يدليَ بأي بيانات أخرى خلا مرافعته الختامية المقرر أن يقدّمها في 5 حزيران / يونيو 2025، . ثم استفسر رئيس المحكمة عما إذا أُتيح لجميع الأطراف وقتٌ كافٍ لمراجعة الأدلة التي قُدّمت يومَ المحاكمة الثالث والثمانين بعد المئة الذي كان في 15 أيار / مايو 2025، وهو ما أُقرّ بالإجماع. قررت المحكمة بعد ذلك أنّ جمع الأدلة قد انتهى الآن بالاتفاق المتبادل وفقا للفقرة 273 (1) (أ) من قانون الإجراءات الجنائية الألماني، إذ لم تُقدَّم أي اعتراضات رسمية أو جوهرية. ووفقا لهذا الحكم، يجب أن يعكس سجلُّ المحكمة مسارَ أي اتفاق تمّ التفاوض عليه ومحتواه ونتائجَه وفقا للفقرة 257 (ج) من قانون الإجراءات الجنائية الألماني، فضلا عن الامتثال لما له صلةٌ من متطلّبات المعلومات والتوجيهات أو الإشارة صراحةً إلى عدم التوصّل إلى اتفاقٍ كهذا.

بعد ذلك، أعطى رئيس المحكمة الكلمة للادعاء العام. وسأل عما إذا كان من الممكن أخذ استراحة بعد حوالي ساعة، فأكدت المدعيةُ العامة الاتحادية تْسابيك ذلك، وأشارت إلى أنها ستنوّه إلى ذلك في الوقت المناسب، ثم بدأت في قراءة البيان الختامي. استهلّت مرحّبةً بالحاضرين وأعلنت أنها ستبدأ بتوضيح السياق، وهو الهجوم اللاإنساني الذي شنّته الحكومة السورية. وشدّدت على أنّ موضوع هذه المحاكمة هو الجرائم المنصوص عليها في القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. ووقع على عاتق جميع أطراف الإجراءات مسؤوليةُ توضيح الأفعال نفسها وسياقها الأوسع الذي يتّسم بحُكم النظام الذي ساده الإرهابُ والفظائع التي ارتكبها. وأضافت أنّ الشعب السوري لا يزال معرّضا للخطر. وقد توضّح مدى العنف خلال سير المحاكمة، من ذلك ما كان عن طريق تقرير الخبير البروفيسور روتشيلد والذي تضمن صورا لأشد أشكال الإيذاء الجسدي. وأبرز مصيرَ الأفراد عددُ الهجمات الهائلُ على المدنيين والصورُ المروّعةُ للجثث الهزيلة والتي كانت أمثلة على منهجية «نبذ المرء للموت»، وهو ما يوضح الأحداث عموما. واستحضرت تْسابيك صورةَ رجل متوفى تكاد تظهر علاماتُ إساءة المعاملة على كل جزء من جسده.

وأشارت الدكتورة تْسابيك كذلك إلى شهادة الشاهد [حُجب الاسم]، P19: «مررت بأوقات كنت أحسد فيها مَن مات». وشهد الشاهد [حُجب الاسم]، P57، أنه كان يتوق إلى إعادته إلى سجن صيدنايا الشهير بالتعذيب، بعد أن قضى وقتا في مشفى تشرين العسكري. وإذا لم يتمكن الشهود من مواصلة حديثهم، فذلك لأنهم كانوا يتذكرون الضحايا الذين عُذّبوا أو قُتلوا أمام أعينهم. على مدار 186 يوما من المحاكمة، استُمع إلى أكثر من 50 شاهدا وعدّة خبراء، إضافةً إلى الكثير من التقارير وسجّلات المحادثات. شدّدت المدعيةُ العامة على أنّ التحقيق كان ضروريّا، رغم عدم وجود بوادر لتوضيح قانوني في البلد الأصلي ورغم طول مدته. وأظهرت مرحلةُ جمع الأدلة مدى صعوبة تحقيق كهذا. ووفقا للادعاء العام، يُعَدّ هذا إشارةً مهمة على أنّ في وُسع القانون الجنائي الدولي في ألمانيا الاستمرار والبقاء.

واصل الادعاء العام بتناول الاستماع إلى الأدلة وبدأ بظروف المتهم الشخصية: فهو مواطن سوري، ولد في [حُجب الزمان] في حمص، ومن أتباع الديانة المسيحية. وبعد دراسة الطب في جامعة [حُجب المكان]، بدأ تخصصه الطبي طبيبا مدني في مشفى حمص العسكري في [حُجب الزمان] 2010. وفي نهاية عام 2011، انتقل إلى دمشق للعمل في مشفى المزة. وأكمل اختصاصه عام 2015 وحصل على تأشيرة دخول إلى ألمانيا. وحصل على رخصة ألمانية لممارسة جراحة العظام في ساكسونيا عام 2019. وهو متزوج ولديه طفلان. واعتُقل في 20 حزيران / يونيو 2020 في [حُجب المكان]؛ ولم يكن لديه سجل جنائي في ألمانيا حتى ذلك الوقت.

في تحديد وقائع القضية، أوضح الادعاء العام أنّ الأفعال التي يُتهم بها علاء ارتُكبت في سياق القمع العنيف لاحتجاجات الربيع العربي في سوريا. فبعد اندلاع المظاهرات في مدينة درعا في آذار / مارس 2011، باشر النظام السوري بإجراءات استهدفت قوى المعارضة. وكُلفت «خلية إدارة الأزمة المركزية» بمكافحة الانتفاضات منذ ذلك الحين. منذ 20 نيسان / أبريل 2011 على الأقل، استُخدم العنف منهجيّا ضد من سُمّوا «بالمتآمرين». واستخدم الجنودُ وعناصرُ المخابرات الغازَ المسيل للدموع والهراوات والذخيرة الحية. وكان المعتقلون يُعذَّبون بانتظام لترهيب المعارضة. ومنذ نهاية عام 2011، تحوّلت الاحتجاجات السّلمية إلى انتفاضة مسلحة، ثم إلى حرب أهلية بحلول عام 2012. واتّبعت قوات الأمن نمطا متكررا: إذ اعتُقل المتظاهرون السلميّون في مداهمات، وأُطلق النار على الفارّين، واحتُجز المعتقلون دون محاكمة أو جلسة استماع قانونية.

كان للمخابرات السورية التي كانت تتبع وزارة الدفاع مباشرةً دورٌ مركزيّ في هذا السياق. فقد أُنشئت مراكز احتجاز وتعذيب سرّية تحت مسؤوليتها. وامتدّ التعذيب إلى المشافي العسكرية والمؤسسات المدنية. وحُرم المعتقلون من التواصل مع العالم الخارجي واحتُجزوا في زنازين مكتظّة في ظروف صحية كارثيّة؛ واستُخدمت المراحيض لشرب المياه. ووُصفت حالاتُ الاغتصاب والاعتداء الجنسي – التي ارتكبها في بعض الحالات الطاقم الطبي – وكذلك الإعداماتُ خارج نطاق القضاء والعمليّاتُ الطبية التي لا داعيَ لها بأنها أمور شائعة. وذُكرت الطريقة المعروفة باسم «الشبح» (التعليق من السقف مع الاعتداء الجسدي).

واصلت المدعية العامة الاتحادية تْسابيك قراءةَ بيانها الختامي بالحديث عن الظروف الكارثية في الفرع 261 من المخابرات العسكرية في حمص. وكان للمشفى العسكري هناك دورٌ خاص، إذ كان يقدّم الخدمات الطبية وخاضعا لسلطة وزارة الدفاع. وكان مهيّأً خصيصا لعلاج المتظاهرين. ومن عام 2011 فصاعدا، عُذّب المدنيّون هناك واستُجوبوا. وكان بإمكان الطواقم الطبية في مختلف المشافي العسكرية أن يحصلوا على أمبولات البوتاسيوم، وهو ما مكّنهم من قتل المعتقلين في أي وقت. وكان السجناء المدنيّون يُجلبون إلى المشفى العسكري 608 أو مشفى عبد القادر الشقفة، حيث كان يُضمّ بعضهم إلى بعض، وتُعصب أعينهم، ويُصفّدون بالأغلال، ويُرقّمون، ويُجرّدون مما دون ملابسهم الداخلية، ويُتركون ليتدبّروا أمورهم بأنفسهم. ولم يُقدّم العلاج الطبي إلّابهدف التدريب أو انتزاع معلومات عن المعارضة أو إبقاء المعتقلين أحياء للاسترسال في تعذيبهم. وتُركت الجثث على الأرض وصُوّرت وسُلّمت إلى الأقارب مع سبب وفاة مزوّر. تم وكانت أجهزة المخابرات هي التي تُصدر أوامر العلاج الطبي وتُشرف عليه.

ثم شرح الادعاءُ العام وقائعَ القضية والجرائم التي اتُّهم بها المتهم والتي تعلّق بالأفعال المحصورة في الحالات 1 و 2 و 3 و 5 و 8 و 11 و 12 و 16 إلى 18، على النحو الذي تقرّر في 15 و 20 أيار / مايو 2025، بموجب الفقرة 154 والفقرة 154(1) من قانون الإجراءات الجنائية الألماني. وتسمح هذه الأحكام بإنهاء الإجراءات جزئيّا عندما لا تُرى ضرورةٌ لمقاضاة المتهم بتهم معيّنة، على سبيل المثال، عندما يكون المتهم قد تلقى عقوبةً أشدّ أو يُتوقع أن يتلقّاها لارتكابه جرائم أخرى. أولا، تناول الادعاءُ العام أنشطةَ المتهم في مشفى حمص العسكري عامَ 2011. فمن 28 كانون الثاني / يناير 2010 إلى نهاية تشرين الثاني / نوفمبر 2011، أكمل اختصاصَه الطبي هناك وعمل في قسم الطوارئ وجراحة العظام والرضوض. وأبدى علاءٌ إجلالَه بالحاكم بشار الأسد صراحةً حتى في بداية الاحتجاجات، وكان ينتمي إلى مجموعة من الأطباء المشايعين للنظام. ولأن المتهم فردٌ من تلك المجموعة، تمتّع - إضافةً إلى [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] - بامتيازات خاصة، كإمكانية الوصول إلى السجناء دون قيود. وفي محادثات عبر الإنترنت، وصف منتقدي النظام بـ «الحشرات» وحرمهم من حقّهم في الحرية، إضافةً إلى أنه شارك في التعذيب داخل المشفى العسكري.

تتعلق الحالة رقم 1 بفعل تعذيب قاسٍ جدا ضد صبي بلغ من العمر 14 عاما أو أقل، كان قد أُدخل المشفى العسكريَّ في صيف عام 2011. وبينما كان العساكر يحتجزونه، إذ بالمتهم يدخل قسمَ الطوارئ. توسّل الصبي إلى علاء باكيا ليطلق سراحه، سائلا اللهَ أن يوفّقه. ثم سأل المتهمُ الصبيَّ إن كان يعتقد أنه رجل، وأرخى سرواله، وسكب مطهرا على منطقة أعضائه التناسلية، وأشعل فيها النار. وأُقرّ فقدانُ الخصوبة الناجمُ عن ذلك. وفي الحالة رقم 2، شمل التعذيب رجلا من حي الخالدية في حمص كان قد أُدخل المشفى بحجّة أنه «إرهابي». ويُزعم أنّ علاءً اتّهم الرجل بمعارضة الرئيس ثم أشعل النار في أعضائه التناسلية. وأُصيب الضحيةُ بإصابات خطيرة متقيّحة. وبين نيسان / أبريل وتشرين الثاني / نوفمبر 2011، شارك علاء في تعذيب ما لا يقلّ عن أربعة أشخاص مجهولي الهوية. وفي الحالة رقم 3، يُزعم أنّ المتهم نعت مريضا «بالإرهابي»، وضربه بقسطرة بولية، وأهانه بقوله «كـ* أختك أخو الشرمو*ـة»، وظلّ يكيل له الضربات، منها مرتان على الأقل على رأسه. وفي الحالة رقم 5، يُزعم أنه ضرب بقبضته مريضا، كان يمسكه شخصٌ آخر، وخبط وجهه بالحائط. وفي الحالة رقم 8، يُزعم أنه سحق أعضاء المريض التناسلية. ويُقال إن الضغط استمر ثانيةً على الأقل. وفي الحالة رقم 11، يُزعم أنّ علاءً أجرى عملية جراحية لفخذ مكسور دون تخدير. ولم يُعطَ  المخدّر إلّا بعد بدء العملية.

ارتكب المتهمُ مزيدا من الانتهاكات في الفرع 261 من المخابرات العسكرية في حمص. وتناول الادعاءُ العامّ صراحةً الحالة رقم 2، التي تتعلق بالشاهد [حُجب الاسم]، P8. ففي 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، اعتُقل الشاهدُ P8 وشقيقُه [حُجب الاسم] وابنُ عمهما [حُجب الاسم]، P11، ونُقلوا إلى سجن في حمص، الفرع 261. واتُهم الشاهدُ P8 وشقيقُه بالمشاركة في مظاهرات، أمّا الشاهدُ P11 فاتُّهم بإيوائهما. وفي 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، أصيب شقيقُ P8 بنوبة صرع، تعافى منها مبدئيّا. وأخبر السجناءُ الشاهدَ P8 أنّ من المرتقب أن يأتيَ الأطباءُ في اليوم التالي. أبلغ P8 المتهمَ بحالة شقيقه وطلب منه المساعدة. فلَكَم علاءٌ الشاهدَ P8 في وجهه وأمر بأن يرجع الأخوان إلى زنزانتهما. ساءت حالة الشقيق، وأصابته ثلاث نوبات أخرى. لجأ P8 إلى المتهم مرةً أخرى طلبا للمساعدة، ولم يَعُد شقيقه قادرا على المشي بنفسه آنذاك.

في 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، عاد المتهم برفقة [حُجب الاسم] هذه المرة. وسأل الشاهدَ P8 عن دواء أخيه، فأخبره P8 باسم الدواء. ثم ضُرب أخو P8 مرةً أخرى، إذ صُفع أولا، ثم ضُرب على رأسه وبأُنبوب.

كان علاء يعلم - عن طريق اختصاصه الطبي - بأنّ العنف الجسدي قد يُفاقم الصرع، إلّا أنه أعطى شقيقَ الشاهد حبةَ دواءٍ ورديةَ اللون. رفض P8 السماحَ لشقيقه بتناولها بادئ الأمر، لأنه أدرك أنّ هذا لم يكن الدواء الصحيح. وكان المتهم يعلم أنّ الشقيق قد يموت، وقَبِلَ هذه العاقبةَ بمحض إرادته. وتوقّف شقيقُ P8 عن الحركة بعد أن تناول الحبةَ بحوالي 15 دقيقة. وطلّت حالته تتدهور في الساعات التالية. وفي 27 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، توفي، ونُقلت الجثة قبل الغداء. واختتم الادعاء العام بالتأكيد على أنّ وفاة الشقيق كانت نتيجةً لأفعال المتهم.

بعد ذلك، ذُكرت الأفعال التي ارتُكبت عامَ 2012 في مشفى حمص العسكري. وفي حالة أخرى، سُئل الشاهد [حُجب الاسم]، P1، عن اسمه وأصله عند حاجز عسكري بهدف تمييز المعارضين. وصُنّف معارضا بسبب لقبه ولأن أصله من الرستن. في منتصف حزيران / يونيو 2012، وعقب أعمال شغب في السجن، نُقل P1 ومعتقلون آخرون - كان فيهم الشاهدُ [حُجب الاسم]، P4، ورجلٌ يدعى [حُجب الاسم] - إلى السجن المركزي في حمص أولا ثمّ إلى مشفى حمص العسكري. كانت الظروف هناك سيئة للغاية. وبين آب / أغسطس ونهاية أيلول / سبتمبر 2012، احتُجز الشهود أسبوعين إلى ثلاثة في غرفة مساحتها 20 مترا مربعا مع 15 إلى 20 شخصا آخر. فضربهم علاءٌ وركلهم وأهانهم، وأخرجهم من الغرفة مرتين إلى ثلاث وعذّبهم. في الحالة رقم 16 التي تتعلّق بالشاهد P1، دخل المتهمُ الغرفةَ مرةً أخرى بعد يومين أو ثلاثة وضرب الشاهد. أُخذ P1 إلى غرفة أخرى وعُذّب فيها. وعُلّق من السقف بحبال وسلاسل حتى تقوّس جسده. وضُرب في هذا الوضع الذي لا حول له فيه ولا قوة. وعندما أُنزل، سالَت سوائل من فمه. وسكب المتهمُ سائلا على باطن ذراعه الأيمن وأضرم فيه النار. ولا يزال الشاهد يعاني حتى اليوم من آلام في الظهر وندبة من حرق. أخمد زميلُ علاءٍ النارَ ولكنه داس على الحرق. وبعدما عاد الشاهد إلى الزنزانة، ظلّ يعاني من إصابات واضحة وآلام. وفي الحالة رقم 17 التي تتعلّق بالشاهد P4، وقع تلاسنٌ مع المتهم بعد أن رأى P4 علامات التعذيب على P1. تفاقم الوضعُ مع تبادل الشتائم، خاصة عندما سُئل P4 عن أصله ووُصف بالخائن. بعد يومين أو ثلاثة، رمق علاءٌ أحد جروح P4 وقال إنه يعرف كيف «سيشفيه»: بإضرام النار فيه. وعرّض ممرضٌ آخر [سلامة] ذراع P4 الأخرى للخطر. ورُكل P4 في فمه وضُرب على رأسه بعصا، ففقد وعيه. وأُخبر أنه ينبغي تركه يموت إلى أن يتعفّن. ظلّت ثلاثةٌ من أسنانه مكسورة وعولجت لاحقا في [حُجب المكان].

تتعلق الحالة رقم 18 بقتل [حُجب الاسم]، الذي كان سجينا مع P1 و P4، عن طريق تعذيبه. فبعد يومين أو ثلاثة من تعذيب P4، دخل علاءٌ الزنزانةَ حيث كان [حُجب الاسم] الذي كان عاجزا عن الدفاع عن نفسه رغم بنيته القوية والعضلية لأن كلتا يديه كانت مقيّدة. سأله علاء عن أصله فأجابه [حُجب الاسم] بأنه من تل كلخ، فشتمه علاءٌ ونعته بابن الشرمو*ـة. فأخذ [حُجب الاسم] يشتم بشارَ الأسد وحاول مهاجمة المتهم. أخذه علاءٌ ورفيقاه إلى غرفة أخرى، وثبّتوه في الوسط، وضربوه. ضربه المتهمُ بعصا سوداء حتى أغمي عليه. ثم عاد علاء بحقنة، وحقن [حُجب الاسم] في ذراعه اليسرى، وأخبره أن يسلّم على «العاهرات». بعد ذلك، شكى [حُجب الاسم] ألمَه لزملائه السجناء، وبدأ يرتجف، وخرج سائلٌ أبيض من فمه. وقبل أن يتوفى، طلب أن يُسلَّم على والدته. أكّد الادعاءُ العام أنّ المتهم أراد أن يبرهن بهذا الفعل أنه لا يقوى على مواجهته حتى رجلٌ شديدٌ مثل [حُجب الاسم].

***

[استراحة لعشر دقائق]

***

بعد استراحة وجيزة، استرسل الادعاءُ العام في تقييم الأدلة وشدّد على أنّ تحديد الجرائم استند إلى عدد كبير من شهادات الشهود وآراء الخبراء والمحادثات والوثائق. وأوضح الادعاءُ العام كذلك أنّ المتهم قدّم معلومات مفصّلة عن نفسه وعن الادعاءات. وبدا تصديقُ شهاداتِه المتضاربةِ غيرَ ممكن نظرا للأدلة المقدَّمة. وحاول أن يقزّم من الاتهامات فخلق تناقضات.

في شهادته بخصوص مشفى حمص العسكري، أفاد علاء أنه بدأ تخصّصَه في [حُجب الزمان] كانون الثاني / يناير 2010، وأفنى وقتا في مشفى حمص العسكري حتى تشرين الثاني / نوفمبر من العام نفسه. وعمل في عدة أقسام هناك. وفي عام 2011، كان مسؤولا عن قسم العيادات الخارجية وجراحة الرضوض، وكان مناوبا في قسم الطوارئ لـ 24 ساعة مرةً في الشهر تقريبا. ولم يعمل خارج المشفى ولم يكن يعرف أي أطباء مدنيين مقرّبين من الجيش. وبعدما عاد من إجازة مرضية بسبب فتق، كانت الوضع في المشفى العسكري فوضويّا للغاية. وبصفته مدنيّا، لم يَعُد بالإمكان التحرك بحرية في المدينة بسبب الحرب.

أفاد المتهم أنّ الوضع في دمشق كان أفضل منه في حمص. ولذلك تقدم بطلب نقل في تشرين الأول / أكتوبر 2011 وسافر إلى دمشق في 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 ليعرّف عن نفسه. وقبل أن يبدأ العمل، كان لديه أسبوعٌ لتسوية أموره، ومن ذلك التقدُّم بطلب للحصول على شهادة تفيد بأن ليس عليه ديون. ولم يَعُد بعد ذلك إلى حمص أبدا. ومنذ 28 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، عمل طبيبا في مشفى المزة في دمشق وعاش هناك في شقة مشتركة حتى نيسان / أبريل أو أيار / مايو 2012. وانتهى عمله في المزة في 5 كانون الأول  / ديسمبر 2012، بعدما أصيب بطلق ناري في ساقه. ومن شباط / فبراير إلى أيار / مايو 2013، واصل تخصّصَه الطبي في طرطوس. وفي بداية تموز / يوليو 2014، أُبلغ أنّ عليه العمل في مشفى حرستا العسكري. فعمل هناك في البداية، ولكنه توقف عن الحضور خوفا من التعرض لمزيد من الإصابات. ثم سُرّح في آب / أغسطس 2014. وفي أيلول / سبتمبر 2014، عمل لفترة وجيزة في مشفى مدني في تل كلخ.

في عام 2015، تقدّم بطلب للحصول على تأشيرة سفر في السفارة الألمانية في بيروت ودخل ألمانيا في [حُجب الزمان] 2015. وحصل على رخصة مؤقتة لممارسة الطب في ساكسونيا في [حُجب الزمان] 2015. ومنذ ذلك الحين، عمل في مشافٍ مختلفة، كان آخرها واحدٌ في [حُجب المكان]. وأوضح الادعاءُ العام أنّ المتهم تجنّب عمدا استخدام كلمة «عسكري» عند الإشارة إلى الأماكن التي عمل بها لأنه كان يعلم أن ذلك سيُؤخذ عليه سلبًا في ألمانيا. وبخصوص آرائه السياسية، قال علاء إنه أشفق على السجناء وإنّ ذلك أدمى قلبَه. وبعد عرض محادثات الفيسبوك في المحكمة، صوّب أقواله وقال إنه لا يعرف شيئا عن السياسة بسبب التغطية الإعلامية المنحازة.

فيما يتعلق بالأجهزة والتطورات في حمص، قال المتهم إنه عالج إصاباتِ جنود وإصاباتٍ طفيفةً لمتظاهرين معتقلين. ولم يكن يُعرف السجناء بأسمائهم؛ بل أُعطوا أرقاما وقُيّدوا بالسلاسل إلى الأَسِرَّة في الغرف. أفاد علاء أنه شهد أحيانا السجناءَ يُضربون، وشاهد أوراما دمويةً على المرضى ولكنه لم يتمكن من تحديد سببها. وعزا وفاة المرضى إلى المعاملة الرديئة.

أنكر المتهم جميع ادعاءات [حُجب الاسم]، وزعم في شهادته في المحكمة أنّ [حُجب الاسم] أجرى عدة مقابلات على مدار السنوات الماضية واتهمه فيها. ووصف علاءٌ [حُجب الاسم] بأنه إسلامي، مشيرا إلى أنه كان طبيبا مقيما في قسم المسالك البولية، وأصغرَ من المتهم بسنة. وفقا لعلاء، رآه [حُجب الاسم] السُّنّيُّ يدخن خارج المشفى خلال شهر رمضان وطلب منه بلطف الامتناع عن التدخين. وعندما رفض المتهم ذلك، نشب جدال بينهما. وحينما كان يعمل المتهم في مشفى المزة، اتصل به [حُجب الاسم] وطلب منه المساعدة في مشفى ميداني، فرفض المتهمُ مرةً أخرى. وأشار الادعاء العام إلى أنّ علاء زعم مرارا خلال جلسات الاستماع الرئيسية أنّ لجميع التقارير صلةً بـ [حُجب الاسم] - وحتى تقريرٌ إعلامي ألماني بالتعاون مع [حُجبت المعلومة]. وعزا المتهمُ شهادات الشهود التي تدينه إلى مؤامرة حاكها [حُجب الاسم]. ووفقا لعلاء، خسر [حُجب الاسم] أفرادا من عائلته ولذلك كان يكره المسيحيين. وزعم علاء أنه لم يدخل حمص منذ [حُجب الزمان] تشرين الثاني / نوفمبر 2011. وكانت تنتشر صورٌ له على الإنترنت منذ عام 2018. ورغم أنّ المتهم يسلّمُ بأن الشاهد P57 عُذّب فعلا، إلا أنّ علاءً يرى أنّ تعرُّف P57 على علاءٍ بأنه الذي عذّبه كان تأثرا منه بتلميحات.

اعتمد الادعاءُ العام على شهادات عدة شهود وعلى استنتاجات الشاهد الخبير البروفيسور بيرجر لإثبات سلوك المتهم الشخصي [ملحوظة: لمزيد من التفاصيل عن شهادة البروفيسور بيرجر بخصوص التقييم النفسي الجنائي للمتهم، يُرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #97]. وشدّد الادعاءُ العام على أنه لا يمكن إثبات ارتكاب أي جرائم أخرى بعد الأفعال المذكورة آنفا بوضوح إلى وقت دخول المتهم إلى ألمانيا عامَ 2015. وبخصوص بتقييم الأدلة المتعلقة بالأحداث في سوريا، أحال الادعاءُ العام إلى الشرح والتحليل المفصّلَين اللذين قدّمهما الخبير في الشؤون الإسلامية الدكتورُ شْتايْنْبِرج [ملحوظة: لمزيد من التفاصيل عن شهادته، يُرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #55]، وإلى التقرير الطبي للدكتور روتشيلد حول صور قيصر التي تظهر أكثر من 6800 شخص متوفى [ملحوظة: لمزيد من التفاصيل عن شهادته، يُرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #42]، إضافةً إلى مساهماتٍ من كريس إنجِلز من لجنة العدالة الدولية والمساءلة (CIJA) [ملحوظة: لمزيد من التفاصيل عن شهادته، يُرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #80]، ومن كبير المحققين في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني (BKA)، دويْسِنْج [ملحوظة: أدلى دويْسِنْج بشهادته عدة مرات خلال هذه المحاكمة، لمزيد من التفاصيل عن شهادته المتعلّقة بملفات قيصر، يُرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #48]، ومن التقييم الإثنولوجي الذي أجرته تورمان في 1 حزيران / يونيو 2019 في سياق إجراء القراءة الذاتية. وفي هذا السياق، استُشهد بوثيقة أثبت كريس إنجِلز صحّتَها بشكل مقنع، إذ كانت متوافقةً مع مسار النزاع الموثق. وقدّم الدكتور روتشيلد حجّةً مقنعة على أنّ الجثث التي تظهر في ملفات قيصر كانت لضحايا انتهاكات منهجية.

وبرهنت كذلك على دور المشافي العسكرية الخبيرةُ الإثنولوجية تورمان، إضافة إلى الشاهدين [حُجب الاسم]، P12، و [حُجب الاسم]، P51، اللذين عملا ضمن الطاقم الطبي في هذه المرافق بين عامي 2011 و 2012، وشَهِدا بأنّ المعتقلين كانوا معصوبي الأعين. وقدّم الشاهدان [حُجب الاسم]، P36، و P51 روايات متطابقة بشأن سوء تغذية السجناء وقصور الرعاية الطبية وتفشّي رائحة الجثث. وبالمثل، وصف الشاهدان [حُجب الاسم]، P54، و[حُجب الاسم]، P40، الظروفَ بأنها كارثية. وأفاد الشاهدُ 10 [الذي حجبت المحكمةُ اسمَه لأسباب أمنية]، و[حُجب الاسم]، P38، و[حُجب الاسم]، P18، و[حُجب الاسم]، P51، بأنّ المعتقلين لم يعاملوا كمرضى، بل كأعداء. وتجلّى مدى الرعب في شهادة P51 التي استحضرت كيف كان يُنقل السجناء الأحياء إلى غرفة التبريد بناءً على أوامر [حُجب الاسم]. ووفقا لـ P51، كان المشفى كالمسلخ. ورسّخ الشاهد 10 هذه الصورة بوصفه أشخاصا عراةً معصوبي الأعين ومقيّدين إلى أَسِرَّة بسلاسل صدئة؛ وهي مشاهد حدثت في قسم الجراحة العامة وصُوّرت بالفيديو. وأظهر جميعُ الشهود علامات اضطراب عاطفي واضحةً أثناء سردهم لما شاهدوه وعايشوه.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

بعد الاستراحة، تسلّمت المدعيةُ العامة الاتحادية شْليب الرايةَ من زميلتها تْسابيك وواصلت البيانَ الختامي عارضةً تقييمَ الأدلة. وشدّدت على أنّ الكثير من شهادات الشهود عارضت شهاداتِ المتهم. وأشارت إلى السياق الثقافي، موضحةً أنّ بطش النظام السوري تسبب في ظهور سردٍ مختلف قَولَبَته الطريقةُ التي تربّى عليها الناس. ورأت أنّ التباينات بين الشهود يمكن تفسيرها. فقد استصعب كثيرون التحدثَ بصيغة المتكلم، لأن ذلك يُعَدّ سوءَ أدب في سوريا. ومرّ الشهود P19 و P57 و P1 و P11 بتجارب صادمة فضّلوا طمسَها. وأكّدت المدعيةُ العامة أنّ الشهود الضحايا أعربوا باستمرار عن شعورهم بأن بقاءهم على قيد الحياة لم يكن مضمونا في أي وقت. وتمكنوا من تحديد توقيت الأحداث عن طريق مراقبة موقع الشمس ونوع الطعام أو أساليب التعذيب المحددة التي استُخدمت. وشُدّد على اتّساق رواياتهم التي امتدّت لعدة أيام. فالشهادات التي تتطابق تماما إلى أدقّ التفاصيل كانت ستشير إلى وجود تآمر مسبق.

وبالتالي، يخلص الادعاءُ العام إلى أنه لا يوجد دليل على وجود حرص على التجريم بلا مبرّر، وأنّ الشهود أبدوا رغبة صادقة في تحقيق العدالة رغم قصور ذاكرتهم أحيانا. ونظرا لعدم وجود تأثّرٍ غير مسوَّغ  أو تناقضات بين الشهود، يجب رفض زعم الدفاع وجودَ نيّة متعمّدة للتجريم رفضا قاطعا. واستشهد بالشاهد P4 مثالا، إذ أكّد في شهادته أنّ ذراعه التي أضرم علاءٌ النار فيها احترقت لوقت قصير فحسب. وشدّد الادعاء على أنّ الشهود ميّزوا دائما بين الإصابات التي تسبب فيها النظام في سياقات أخرى وتلك التي نُسبت مباشرة إلى المتهم. إضافةً إلى ذلك، أفاد عدة شهود أنّ شهادتهم أدت إلى مواجهات مع أُسَرِهم في سوريا. وسلّط الادعاءُ العام الضوءَ على أدلة ولاء المتهم لبشار الأسد، كما اتضح من رسائله ومنشوراته على فيسبوك. وشهد الشاهد [حُجب الاسم]، P15، الذي كان زميل علاء، أنه سمع المتهمَ يستمع إلى هتافاتٍ للنظام. وشهد شاهد آخر (حجبت المحكمةُ اسمَه) أنّ المتهم كان يضع صورة بشار الأسد على سيارته. ووفقا للشاهد P54، قال علاء عامَ 2012 إنّ المتظاهرين يجب إيقافهم بالسلاح. وكان لدى P54 انطباع بأنّ المتهم وابنَي العم [حُجب الاسم] كانوا ضمن مجموعة أطباء يحابيهم النظام.

كانت نقطة الانطلاق للأفعال المرتكَبة في الحالة رقم 1 هي شهادة الشاهد 10. وشدّد الادعاءُ العام على أنه لا يوجد شكٌّ في مصداقيته. فربط روايته بتجارب عاطفية. وتميّزت شهادته بسبب التفاصيل غير العادية وسرده الرئيسي الوافي. ففي الحالة رقم 1، شهد أنّ الضحية - الذي كان صبيّا يبلغ من العمر، وفقا للمحكمة، 14 عاما على الأكثر - لم يكن لديه شعر على وجهه أو ساقيه. وأكّدت شهادةَ الشاهد 10 شهادةُ الشاهدَين P12 وP15. وأثبتت أقوالُ وشهاداتُ [حُجب الاسم] وP15 والبروفيسور الدكتور روتشيلد حرقَ أعضاء تناسلية لرجل من الخالدية، إلّا أنّ الاستماع إلى [حُجب الاسم] تعذّر في المحكمة. ولذلك، بُنيَ أساسُ الأدلّة على المحادثات بين [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم]، P52. ورغم أنّ القيمة الإثباتيّة لأقوال [حُجب الاسم] كانت محدودة، إلّا أنها كانت متّسقة، إذ قدّم رواياتٍ مفصّلةً في محادثاته مع P52. ويمكن ربط هذه الأفعال زمنيّا بالأحداث التي وقعت في الرستن. ويستند هذا التقييم إلى شهادة الشاهد P15 الذي أفاد عن حروق أصابت مريضا، ورأى أنّ تلك الإصابات لا يمكن أن يكون قد مضى عليها أكثر من يومين أو ثلاثة. وعلم الشاهدان [حُجب الاسم]، P25 و P18، عن أفعال علاء عن طريق [حُجب الاسم].

وأكدت المدعية العامة أنّ جميع الشهود فرّقوا بين ما لاحظوه بأنفسهم وبين المعلومات التي حصلوا عليها من مصادر أخرى. وبالنظر عموما إلى شهادات [حُجب الاسم] وP18 وP25 وP15، اتّضح أنّ الشخص المعنيّ هو الرجل من الخالدية، وليس الصبيَّ الذي وصفه الشاهد 10. واستندت الادعاءاتُ المتعلقة بكدمات على الأعضاء التناسلية والضرب بقسطرة بولية إلى شهادة الشاهد 10 أساسا. إذ تذكّر جيّدا ضحك المتهم في الواقعة التي حدثت فيها كدماتٌ في الأعضاء التناسلية. وبُنيَ على شهادات P15 و P18 والشاهد 10 أنّ جزءًا من عملية طبية أُجري دون تخدير. ووصف P15 أنه بينما كان في غرفة الأطباء مع زميله [حُجب الاسم]، إذ بعلاء يدخل ويصرّح متفاخرا أنه أجرى بنفسه عمليةً جراحية لمعتقل من البداية إلى النهاية. وظلّت هذه العبارة حيّةً في ذاكرة الشهود، خاصة لأن المتهم كان لا يزال في فترة التخصص الطبي آنذاك ولم يكن ليُسمح له بإجراء عمليات جراحية دون إشراف. كانت شهادة الشاهد 10 متسقة للغاية، إذ أقرّ صراحةً بوجود ثغرات في ذاكرته. ووفقا للبروفيسور الدكتور روتشيلد، تُعَدّ كسورُ عظم الفخذ كسورا مائلةً تؤدي إلى إزاحة من المكان. ورغم أنّ إجراء الجراحة دون تخدير أمرٌ ممكنٌ عمليّا، إلّا أنه سيكون مؤلما للغاية، وهو ما يشير إلى أنّ علاء أراد تعذيب المعتقل عمدا.

أبدى جميع الشهود شفافيةً بخصوص تواصلهم مع [حُجب الاسم]. وشدّد الادعاءُ العام على أنّ جمع الأدلة أظهر أنّ المتهم قد اصطفّ بوضوح مع النظام، أمّا [حُجب الاسم] فعارضه. ولذلك لم يَبْدُ مرجّحا أنّ وهبي أراد إقناع علاء بالعمل في المشفى الميداني. وأوّلَ الادعاءُ العام هذا الزعم بأنه جزء من رغبة المتهم في تجريم [حُجب الاسم]: إذ حاول علاء تصويره على أنه إسلامي خطير عن طريق حملةٍ لتشويه سمعته عمدا. على النقيض من ذلك، كان دافعَ [حُجب الاسم] رغبتُه في محاسبة المسؤولين عما قاساه. وحاجج الادعاءُ  العام بأنه يصعُب تصديق أنّ الشهود السوريين قد يعرّضون أنفسهم للخطر طوعا أمام المحاكم الألمانية بسبب خلافات شخصية سابقة. وحينما كان لدى الشهود ثغراتٌ في ذاكرتهم، نوّهوا إلى ذلك صراحةً. ووصف جميعُهم تقريبا علاءً بأنه شخص مرح لطيف، رغم أنه حتى المقرّبون منه وصفوه بأنه متبجّحٌ مغرور.

***

[استراحة لساعة]

***

بعد العودة من الاستراحة، شدّد الادعاءُ العام على أنّ شهادة P19 و P8، إضافة إلى قائمة السجناء التي في حوزة لجنة العدالة الدولية والمساءلة كانت بمثابة أدلة رئيسية. إذ وصف P19 و P8 بالتفصيل حالة الزنازين والسجناء. ولم يُوَلَّ اعتبارٌ لأي تناقضات طفيفة نظرا إلى اتساق الشهادات عموما. وفيما يتعلق بالأحداث المباشرة للجريمة، كانت الروايات خالية من أي تأثّرٍ بتلميحات من آخرين. وأدلى P8 بشهادته على مدى ستة أيام ووصف الأحداث باتساق. وكان قد أدلى بشهادته الأولى قبل خمس سنوات، في [حُجب الزمان] 2015، في [حُجب المكان]. وورد أنه وجد اسم المتهم أول مرة في مقال نشره زمان الوصل عامَ 2019. وأدلى الشاهد أنور البني بشهادة موثوقة أنه تلقّى الرواية من P8. وفي جلسة استماع للادعاء العام في 5 آب / أغسطس 2020، أدلى P8 بشهادة مفصّلة حول عدة جوانب رئيسية: معاملة زملائه المعتقلين؛ وأول لقاء له مع علاء؛ والصفعة التي تلقّاها شقيقُه؛ والأمر الذي أصدره المتهم بإعادة الشقيقين إلى زنزانتهما؛ ونوبات صرع شقيقه؛ وردّ فعل علاء الذي أهان شقيقه وصفعه وركله على رأسه. ووصف P8 تدهور حالة شقيقه ووفاته في اليوم التالي.

وشدّد الادعاء العام على أنّ شهادات الشهود يجب أن تكون متّسقةً في جوهرها، غير أنّ عدم إمكانية تذكّر كافة التفاصيل بسبب طول الوقت المنقضي هو أمرٌ متفهَّم. ومع ذلك، تميّزت شهادات P8 بقيمة إثباتية عالية، إذ وصف بالتفصيل ظروفَ اعتقاله، وحالَ زنازين السجن، والظروفَ التي قاساها المعتقلون الآخرون، والتعذيبَ الذي تعرض له تحت وطأة نظام الأسد، وإطلاقَ سراحه في نهاية الأمر. ومن بين المؤشرات على مصداقيته الطريقةُ التي سند بها P8 شقيقَه، وسحبُه أخاه مرةً أخرى إلى الزنزانة، ثم إلباسُ جواربه لشقيقه في قدمَيه بعد وفاته، فحاول إبقاءه دافئا وأبى التسليم بوفاته. ولم يكن هناك شكّ في مصداقية P8، وأكّدت شهادتَه شهادةُ P11.

في عام 2020، اطلع P11 على تقارير صحفية تتعلق بوفاة ابنِ عمه، شقيقِ P8. وخلال استجواب السلطات [حُجب المكان] له، ورغم أنّ الاستجواب لم يكن وفق ترتيب زمني، إلّا أنه أدلى بشهادة متّسقة. ووصف مظهر علاء و[حُجب الاسم] وكيف عَلِم باسمَيهما. وقدّم P11 روايةً مُحكَمَةً عن السجن والتعذيب، وفرّق بوضوح بين ما شهده بنفسه وما سمعه من الآخرين، وهو مؤشر قوي على المصداقية. ولم توجد تبايناتٌ لا يمكن التوفيق بينها في شهادات P8 وP11. وقد دعم P19 رواياتَيهما كذلك، إذ تواصل مع P23 فور علمه باعتقال علاء وأبلغه أنه على استعداد للإدلاء بشهادته.

وقدّم P11 تفاصيل موثوقة عن اعتقاله وتعذيبه في [حُجب الزمان] تشرين الثاني / نوفمبر 2011 على يد [حُجب الاسم]، وأثار مدى تلك التفاصيل الإعجاب. ولم يكن هناك شكّ في مصداقية روايته. وأكدت شهادات شهود أخرى أنّ P11 كان لديه فعلا عامَ 2016 ورقةٌ بها أسماء الأطباء المعنيّين وصرّح أنه لن ينساهم أبدا. وأشار الادعاء العام إلى أنّ علاء ظهر بالزي العسكري في عدّة مناسبات عامَ 2011، رغم أنه كان طبيبا مدنيا. وأفاد P19 أنّ P8 أخبره أنّ المتهمَ ضرب شقيقَه بأنبوب وركله في رأسه. وأُعيد رسم الإطار الزمني لوفاة الشقيق بين [حُجب الزمان] تشرين الثاني / نوفمبر 2011 بناءً على شهادات P8 وP11 وP19؛ فيُرجح أنه توفي في [حُجب الزمان] تشرين الثاني / نوفمبر 2011، كما وثّقه الطاقم الطبي. ورغم أنّ تحديد سبب الوفاة بصورة قاطعة لم يكن ممكنا، إلّا أنّ ثمّةَ ثلاثة احتمالات طُرحت: فإمّا أنّ الوفاة نجمت عن الإجهاد الشديد والتعذيب، وإمّا عن أدوية أُعطيت، وإمّا عن هذا وذاك. وفي هذا السياق، أُشير إلى أنّ العنف الجسدي والإجهاد النفسي قد يُفاقمان نوبات الصرع ويُنشّطان ما يُسمّى بالحالة الصرعية.

وقيل إنّ الشاهدين [حُجب الاسم]، P28، و[حُجب الاسم]، P26، لم يتذكرا أنّ المتهم ذكر أنه نُقل إلى دمشق أو أنه أقام هناك بمفرده. وأشار الادعاء العام إلى أنّ الوثائق التي قدّمها علاء ليدلّل على زعمه بأنه عمل في مشفى المزة خلال الفترة المعنيّة لم تكن أصليةً بل مجرّد نسخ. وأوضح الشاهد الخبير الدكتور شْتايْنْبِرج أنّ أنواعا كثيرةً من الوثائق الرسمية يمكن الحصول عليها في سوريا مقابل المال. ووفقا للادعاء العام، عدم وجود وثائق أصلية هو دليلٌ آخر على أنّ المتهم لا يمكن تصديقه. وشابَ الوثيقةَ المقدّمةَ كثيرٌ من الأخطاء النحوية. كانت هذه وثائقَ بسيطةً بختمٍ بسيطٍ فقط، وتتعلق بعلاقات العمل والفترات الزمنية للمتهم علاء. وأكّد الادعاء العام أنّ أصل هذه الوثائق يظلّ غامضا. وأُثيرت تساؤلات حول كيفية حصول والد علاء على معلومات شخصية تتعلق بالشاهد P4. وقُيّمت شهادةُ الشاهد P4 في هذا السياق. فرغم طعن الدفاع في رواية اعتقاله ونقله إلى المشفى العسكري، إلّا أنّ P4 وصف بالتفصيل، على مدار تسعة أيام من جلسات الاستماع، التعذيبَ والظروف التي كابدها. وخلص الادعاءُ العام إلى أنّ مصداقيته لا شك فيها.

***

[استراحة لعشرين دقيقة]

***

وأضافت المدعية العامة أنّ موظفي المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) استجوبوا الشاهدَ P4؛ وكانت جميع شهاداته متّسقةً مترابطة. إذ وصف ملابسات أعمال الشغب في السجن خلال شهر رمضان، واعتقالَه، وإساءةَ المعاملة، والتعذيبَ الذي قاساه، والذي تضمّن حرق ذراعه، وكذلك لقاءه الأول مع علاء، وكيف أُعطيَ زميلُه المعتقلُ [حُجب الاسم] حقنةً وكيف توفي لاحقا. وأثناء إجراءات اللجوء في [حُجب الزمان] 2021، أبلغ P4 بالفعل المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين عن اعتقاله وإساءة معاملته في مشفى حمص العسكري وعن قتل المتهم سجينا آخر بحقنه. ورغم أنّ المقابلة كانت موجزة إلى حدّ ما آنذاك بسبب طبيعة إجراءات اللجوء، إلّا أنّ العناصر الأساسية لشهادته توافقت مع روايته اللاحقة الأكثر تفصيلا خلال جلسات الاستماع الرئيسية.

وأفاد الشاهد P1 بأنه أبلغ سابقا في جلسة استماع طلب لجوئه عامَ 2021 عن إساءة معاملة معتقل وقتله بحقنه. إلّا أنّ شهاداته كانت أكثر إيجازا نظرا للسياق الإجرائي. وفي بعض الحالات، حادَت تفاصيل معيّنة عن الروايات السابقة، وخاصة عن محضر المقابلة [حُجب المكان] في [حُجب الزمان] 2020. وتعلّقت هذه التبايناتُ، على سبيل المثال، بتوقيت أول لقاء له مع علاء أو مدة إساءة المعاملة. وبيّن أخذُ الأدلة أنّ هذه التباينات كانت بسبب صعوبة التواصل أثناء الاستجواب في [حُجب المكان]. إذ لم تكن تلك اللغةَ الأم للمترجمة الشفوية التي شاركت في الاستجواب وكانت تفتقر إلى تدريب لغوي رسمي. وبخصوص عدّة فقرات، قال الشاهد إنه لم يقل ما كان مسجّلا وحاجج بأنّ المترجمة الشفوية أساءت فهمه. أمّا شهادة الشاهد P1 خلال الجلسة الرئيسية فتميّزت بقيمة إثباتية عالية جدا. إذ قدّم سردا مُحكَما مفصلا متسقا لاعتقاله وظروف احتجازه والتعذيب والقتل. فكانت سردُه طَلْقا سَلِسا ومعقولا، إذ استطاع إعادة تصوير مراحل سجنه بدقة. وأفاد P1 عن الإساءة التي عاناها وشاهدها على يدي المتهم، والعفن الأسود في الزنازين التي كان السجناء ينامون على أرضيتها الصلبة بملابسهم الداخلية فقط. ولم يُسمح لهم باستخدام المرحاض إلا مرةً في اليوم؛ وتبرّز كثيرٌ من السجناء في زنازينهم. وأكّدت إعادة سرده للمحادثات بين المتهم والسجناء على أنه عايش التجارب بنفسه. فعلى سبيل المثال، قبل أن يضرم المتهمُ النارَ في ذراع P4، جهر بأنه سيوضح الآن كيفية تطهير الجروح. وأخبر [حُجب الاسم] أنه يكبّر رأسَه وصرّح بأنه سيرسله إلى «العاهرات» بعد أن قال [حُجب الاسم]: «أنا أكبر منك ومن أسدك».

وصف الشاهد P1 بوضوح مشاعره ومشاعر السجناء الآخرين. ,بعد مقتل [حُجب الاسم]، خشي كغيره أن يكون التالي. كان P1 يعلم أنّ هناك ثغرات في ذاكرته وتحدث بصراحة عما ليس متأكدا منه. فعلى سبيل المثال، لم يستطع أن يجزم أين حُقن [حُجب الاسم] أو من تسبّب في وفاته. وتعسّر تقديرُ انقضاء الوقت في ظلّ ظروف إساءة المعاملة الشديدة: «إذا ضُرب شخصٌ مرارا إلى أن يفقد الوعي، فلا يمكنك تقديره بدقة». وكانت هناك اختلافات طفيفة بين شهادتي P1 وP4، ولكنها تعلّقت بجوانب هامشية، كمدة الاعتقال، أو صياغة بعض الشهادات، أو ما إذا كان P4 قد ضُرب كذلك بعصا. وعلّل P1 هذه الاختلافات بصورة مقنعة أنه كان يركّز على ما مرّ به بنفسه. ويُتوقع حدوث مثل هذه الاختلافات عند أخذ وقت وقوعها وطبيعة الإدراك النسبية بعين الاعتبار. ففيهما حجّة تفنّد أنّ هناك تآمرا في السرد.

أكّد الادعاءُ العام أنّ التباين في التفاصيل كان متفهَّما بالنظر إلى قِدَم وقت وقوع الأحداث. فأحد الأدلة الرئيسية التي تؤيّد الاعتقال كانت أعمالَ شغبٍ في السجن في بداية شهر الصيام بين 19 تموز / يوليو و18 آب / أغسطس 2012، والتي وصفها كلٌّ على حدة الشاهدُ P4 والشاهدُ الخبير الدكتور شْتايْنْبِرج. ويدعم هذا أنّ نقل P1 وP4 لاحقا من سجن حمص المركزي إلى مشفى حمص العسكري كان معقولا. وبخصوص وقت اعتقال الشاهدين P4 وP1 ومضمونه، فليس هناك شك في أنهما احتُجزا مع [حُجب الاسم] في مشفى حمص العسكري لأسبوعين تقريبا، في وقت ما بين أوائل آب / أغسطس ونهاية أيلول / سبتمبر 2012. ويرتكز هذا الاستنتاج إلى الاعتبارات الإثباتية التالية: شهد الشاهدان كلاهما دائما أنهما كانا في سجن حمص المركزي في بداية شهر رمضان الذي وقع خلاله الاستعصاء. وأكّد تقييمُ الخبير هذا الإطار الزمني ومعقولية التسلسل الموصوف للنقل من السجن المركزي إلى مركز اعتقال المخابرات العسكرية ثم إلى المشفى العسكري. وإضافة إلى ذلك، عُدَّ معقولا وصفُ نقل السجناء لاحقا، ففصّل أولا النقل إلى سجن المخابرات العسكرية، وبعد 15 إلى 45 يوما كحد أقصى، إلى مشفى حمص العسكري.

يُؤيّد وقوعَ الأفعال ضد P1 وP4 في مشفى حمص العسكري شهاداتُ عدة شهود، وكذلك شهاداتُ المتهم نفسه. واستحضر P4 رؤية الطبيب واللواء [حُجب الاسم] هناك، والذي استفسر عن حالة السجناء. وقد أكد ذلك المتهمُ والشاهدان P15 وP12 و[حُجب الاسم]. ووَرَد أنّ [حُجب الاسم] كان رئيس وحدة العناية المركزة وكان وتواصل بالمعتقلين. ويتطابق وصفُ سائلٍ قابل للاشتعال، استُخدم في الاعتداء وكان معبأً في قارورة بيضاء مزودة بخرطوم، مع شهادة الشاهد P18 الذي وصف مطهرات محفوظةً في قوارير كهذه في مشفى حمص العسكري.

وتُناقض شهادةُ الشاهدَين [حُجب الاسم]، P42، و[حُجب الاسم]، P34، زعمَ المتهم بأنه لم يَعُد إلى حمص بعد تشرين الثاني / نوفمبر 2011. فقد شهد كثيرٌ من الشهود بأنه كان نشطا بانتظام في منطقة حمص طوال عام 2012، رغم زعمه خلاف ذلك. وتُعَدّ شهادة الشاهد [حُجب الاسم]، P49، ذات موثوقةً جدا، إذ شهد بأنه عمل مع المتهم في مشفى حمص العسكري عامَ 2012.

حاججت المدعية العامة أيضا بأن المزاعم عن انتهاكات علاء تدعمها شهاداتُ الشهود P40 وP26 وP28 وP49 وP57. وهناك دليلٌ آخر يشير إلى أنّ المتهم عاد إلى حمص، ويتمثّل في رسالة محادثة مع [حُجب الاسم] بتاريخ 8 كانون الأول / ديسمبر 2011. وأوضح الشاهدان P28 وP26 أنّ توزيع الأطباء المدنيين مؤقتا على مشافٍ عسكرية مختلفة لم يكن غير شائع. وأكّد الشاهد P57 وجود مثل هذه المهام. ووصف بالتفصيل كيف رأى المتهم في جناح السجناء بمشفى تشرين العسكري أواخر عام 2012 أو أوائل عام 2013، حيث زُعم أنه قتل اثنين من المعتقلين بحَقنِهم.

تستند النتائج المتعلقة بوفاة السجين [حُجب الاسم] إلى شهادة شاهدَي العيان P4 وP1، إضافة إلى تقييم الخبير البروفيسور الدكتور روتشيلد. فوفقا للخبير، تُشير الأعراض التي وصفها P4 إلى عملية احتضار، ويُرجَّح أنّ سببها حقنةُ بوتاسيوم. ورغم أنّ الشاهد P4 لم يلاحظ علامات وفاة قاطعة، إلا أنّ خبير الطب الشرعي خلص إلى أنّ أعراضا مثل توقف التنفس وغياب النبض وبرودة الجلد هي مؤشراتٌ على حالة طبية طارئة. ولم تُقدَّم أي مساعدة طبية، ونُقل [حُجب الاسم] لاحقا في كيس جثث.

أمّا استخدامُ حقن البوتاسيوم عموما وسيلةً للقتل في مشفى حمص العسكري في عامي 2011 و2012 فتدعمه شهاداتُ الشهود P15 وP25 وP34 وP52 و [حُجب الاسم]، الذين تذكروا جميعا أنهم سمعوا بمثل هذه الوقائع. وفي المقابل، تُعَدُّ شهادةُ الشاهد [حُجب الاسم]، P47، محدودةَ القيمة. إذ لم يتمكن من تأكيد أي اعتقال أو إساءة معاملة في مشفى حمص العسكري، وأفاد بأنه كان طفلا في عام 2012 ولم تكن لديه ذكريات واضحة. وبالتالي، لا تدعم شهادتُه ولا تدحض شهادات P1 وP4 اللذين زعما أنهما كانا مسجونَين معه. ولا يزال غير واضح ما إذا استحضر P47 كاملَ ذاكرته عن الأحداث المعنيّة.

لم تُضعف مجملَ الأدلة شهاداتُ شهود آخرين زعموا رؤية علاء في مشفى المزة العسكري عام 2012 أو أفادوا أنهم قضوا أوقات فراغهم معه في دمشق. فهذه الشهاداتُ — وفقا للادعاء — إمّا غامضةٌ أو متناقضةٌ أو تفتقر إلى التحديد بخصوص الفترة المعنيّة. فعلى سبيل المثال، شهد الشاهد [حُجب الاسم]، P30، أنه كان يرى المتهمَ في دمشق أسبوعيا عام 2012، ولكنه ادعى أيضا أنّ علاءً لم يكن لديه سبب للسفر إلى حمص، ثم أكّد في الوقت نفسه أنّ المتهم كان يزور زوجَته المستقبلية بانتظام في تلك المنطقة. وشهد P34 أنه كان يرى علاءً يوميّا تقريبا، إلّا إذا كان مسافرا أو في مناوبات ليلية. وأضاف بما يتّسم بالمصداقية أنّ المتهم كان يزور خطيبته (غير الرسمية آنذاك) كلّما أمكن ذلك. وبالمثل، شهد زملاءُ سابقون آخرون من مشفى المزة العسكري أنهم كانوا يرَون المتهمَ هناك كثيرا، ولكنهم أكّدوا أيضا أنه كان يسافر مرارا إلى حمص. على سبيل المثال، أشار P40 إلى أنّ علاءً تغيّب في عدّة مناسبات لإجازة أو مرض.

ثم عادت الكلمةُ إلى المدعية العامة الاتحادية تْسابيك مرةً أخرى. وأوضحت في تقييمها القانوني أنّ الصلة الجنائية لأفعال علاء نشأت من أحكام مختلفة من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والقانون الجنائي الألماني. وعلى وجه التحديد، قيّم الادعاءُ العام قانونيّا الحالات 1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 8 و 11 و 12 و 16 إلى 18. وخلص إلى أنّ المتهم مذنب في حالتَين بارتكاب جريمة ضد الإنسانية بموجب الفقرة 7 من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والتي تعاقب على أفعال مثل القتل والتعذيب أو التسبب في أذى شديدٍ جسديٍّ أو عقليٍّ حينما تُرتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد سكان مدنيين. وكان مذنبا كذلك بارتكاب جريمة حرب بموجب الفقرة 8 (1) (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والتي تجرّم قتل الأشخاص المحميين بموجب القانون الإنساني الدولي أثناء نزاعٍ مسلّح، وبارتكاب التعذيب بموجب الفقرة 7 (1) (5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والتي تشير إلى إلحاق معاناة خطيرة جسديّة أو عقليّة بالمحتجزين. إضافةً إلى ذلك، حاجج الادعاءُ العام بأنه مذنب بارتكاب جريمة القتل العمد بموجب الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني والتي تُعرّف القتلَ العمدَ بأنه قتلٌ — على سبيل المثال — بدوافع دنيئة، أو بقسوة بالغة، أو بأسلوب خطير على العامة.

بصفته عنصرا سياقيّا لتصنيف هذه الأفعال جرائمَ ضد الإنسانية، شدّد الادعاء العام على أنّ هذه الأفعال ارتُكبت ضمن هجوم واسع النطاق ومنهجي على السكان المدنيين السوريين. وظلّ هذا الهجوم قائما منذ 27 أبريل 2011 على أقصى تقدير، مع قتل المتظاهرين في مدينة درعا. واستوفيَ كلا الشرطين في الحالة الحالية. وأيّد هذا التصنيفَ القانونيَّ تأكيدُ المراجعة المؤرخ في 29 أبريل 2011. كان هناك حوالي 200 حالة وفاة؛ وقد دبّر الجناةُ الجرائمَ ونفذوها منهجيّا. وبخصوص سياق جرائم الحرب وفقا للفقرة 8 (1) (1)-(9) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي، أوضح الادعاءُ العام أنّ هناك نزاعا مسلحا غير دولي قاتلت فيه عناصر الشرطة والميليشيات ضد متمردين وكان قائما منذ ربيع عام 2012 على أقصى تقدير. وينبغي تصنيف الشاهد P4 والمعتقل [حُجب الاسم] الذي قُتل على أنهما «أشخاص ينبغي حمايتهم» بموجب القانون الإنساني الدولي، لأنهما اعتُقلا بسبب أصلهما. وكانت للتفاصيل التي استمعت إليها المحكمة في 15 أيار / مايو 2025 أهميةٌ خاصة للحكم. فقد تصرّف علاء عالما تماما بالنظام السياسي والنزاع القائم طيلة فترة الجريمة.

وحاجج الادعاء العام كذلك بأنه في الحالتَين 12 و18، تصرّف علاء بنيّةٍ وقصدٍ وكان مذنبا بارتكاب جريمة ضد الإنسانية عن طريق القتل وفقا للفقرة 7 (1) (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. وفي الحالة رقم 12، شكّل القتلُ جريمةَ حرب وفقا للفقرة 8 (1) (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والقتلُ العمدُ وفقا للفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني. وكان قتلُ [حُجب الاسم]، [شقيق P8] منسوبا إلى المتهم، حتى لو لم يكن ممكنا توضيح سببيّة محددة بالكامل. ومع ذلك، حاجج الادعاء بأنّ كلَّ صِيَغ الفعل صُوره كان بإمكانها التسبب في الوفاة، والذي قَبِل به علاء رغم خبرته الطبية. فقد كان على علم بأنّ الضحية كان يعاني من الصرع وتحت ضغط كبير دون إشراف طبي. ولم تُقدّم الرعاية الطبية اللازمة رغم عِلمِ المتهم بأنها لازمة - وينتهك هذا مبدأَ «لا مسؤولية جنائية دون خطأ». ووفقا للمدعية العامة، في الحالة رقم 18، كان علاء مذنبا بالقتل عمدا بدوافع دنيئة، إذ توفي [حُجب الاسم] نتيجةً لأفعاله. وفي هذا السياق، كان مذنبا بارتكاب جريمة ضد الإنسانية بموجب الفقرة 7 (1) (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي، وجريمة حرب بموجب الفقرة 8 (1) (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي، إضافة إلى القتل العمد بموجب الفقرة 211 (1) و(2) من القانون الجنائي الدولي. وتحديدا، استوفيَ معيارُ الدوافع الدنيئة بموجب حكم القتل العمد: فقد كان الضحيةُ أعزلَ وذليلا، وارتكب المتهم فعلَه باستهجان خاص يستحقّ اللّوم - بدافع الغضب وبهدف مصرَّح به، وهو أن يبرهن للمعتقلين الآخرين أنّ المرءَ تحت رحمته عاجزٌ بائسٌ  وحتى لو كان رجلا شديدا مثل [حُجب الاسم].

إضافة إلى ذلك، خلصت المدعية العامة إلى أنّ علاءً عذب معارضين معتقلين في تسع حالات. ويشكّل هذا جريمةً ضد الإنسانية عن طريق التعذيب وجريمةَ حرب عن طريق التعذيب بموجب الفقرة 7 (1) (5) والفقرة 8 (1) (3) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. وشدّد الادعاء العام على أنّ التعذيب أخطر من محض إيذاء جسدي، إذ يجب أت تُؤخذ بالحسبان عواملُ مثل المدة والشدة والتّبعات الجسدية والنفسية. وتجاسمت خطورةُ الحالات التي أضرم فيها المتهمُ النارَ في الناس، وأجرى لهم عمليات جراحية دون تخدير، وأساء معاملتَهم، وأهانهم لفظيّا. وحُدّد وجودُ إيذاء نفسي كالإذلال أو الشتائم. وشكّلت الحالتان 1 و2 جريمةَ الحرمان من القدرة الإنجابية. ونظرا لعمر الضحية ولأنّ التأثير الفعليّ لا يمكن تحديده على يقينا، افتُرضت محاولةُ ارتكاب الجريمة لصالح المتهم حتى لو كان قد قَبِل بفقدان القدرة على الإنجاب. وقد اتخذت محكمة العدل الاتحادية بالفعل موقفا من هذا.

تقرّرت العقوبة وفقا للفقرة 52 (2) من القانون الجنائي الألماني، والتي تنصّ على أنه في حال انتهاك أكثر من قانون جنائي، تُحدَّد العقوبة بناءً على القانون الذي ينصّ على العقوبة الأشدّ، ويجب ألّا تقلّ عن الحد الأدنى المطلوب في القوانين الأخرى، أمّا بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، فتُحدَّد وفقا للفقرتَين 7 و8 من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. وأفضى التقييمُ العام إلى العوامل المخفِّفة التالية: لم يكن لدى علاء سِجِلٌّ جنائيّ سابق في ألمانيا، وأنه قد أمضى فعلا خمس سنوات في الحبس الاحتياطي، وأنّ الجرائم ارتُكبت منذ أكثر من اثني عشر عاما. ومع ذلك، يجب أن يدرك كلُّ جانٍ أنه سيُحاسب جنائيّا، مهما كان مكانُ إقامته الحالي.

رغم تأثّر المتهم بالترويج المضلّل وبالتشرُّب بالأفكار الأيديولوجية وباندلاع الحرب الأهلية منذ عام 2012 فصاعدا، إلّا أنّ هذا يُعادله أنه لم يكن عضوا في الجيش، بل سعى فاعلا للتواصل مع أجهزة الدولة القمعية بمحض إرادته. وبصفته طبيبا، انتهك واجباته المهنية عن طريق الإذلال والقسوة المتعمَّدة، وهو ما يصل إلى حدّ الجرائم ضد الإنسانية. وساهم في تشديد العقوبة أنّ أفعاله كانت موجّهةً ضد المدنيين وتضمّنت كثيرا من الجرائم الخطيرة.

طالب الادعاء العام بالعقوبات الخاصة التالية:

  • تعذيب ستة أشخاص مجهولين بموجب الفقرة 7 (1) (5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي: 5 سنوات
  • الحالة رقم 1: تعذيبُ قاصر لا حول له ولا قوة اعتقلَه جنديان، وحرمانُه من القدرة على الإنجاب: 11 سنة
  • الحالة رقم 2: تعذيب رجل من الخالدية عن طريق حروق في أعضائه التناسلية: 10 سنوات
  • الحالة رقم 3 و5 و8: الضربُ بالقسطرة، وضرباتٌ وركلاتٌ في الرأس، وإصاباتُ في الأعضاء التناسلية: 6 سنوات لكلٍّ منها
  • الحالة رقم 11: إجراء عملية جراحية دون تخدير: 9 سنوات
  • الحالة رقم 12: إساءةُ معاملة الشاهد P8 بأداة تشبه الأنبوب وقتلُ شقيقه [حُجب الاسم] المصاب بالصرع: السجن المؤبد
  • الحالة رقم 16: عُلّق الشاهد P1 (بعمرٍ بلغ 19 عاما) من السقف، وضُرب، وأُحرقت ذراعه: 11 سنة
  • الحالة رقم 17: رُكل الشاهد P4 وضُرب في جذعه ووجهه وجمجمته، وحُرق مِرفقُه: 11 سنة

أشار رئيس المحكمة إلى خلط بين الحالتَين رقم 16 و17، وهو ما أقرّه الادعاءُ العام. وأُقرّ طلبُ السجن المؤبد في الحالة رقم 18. وطالب الادعاءُ العام بالسجن المؤبد عقوبةً إجماليةً مؤكدا على جسامة الذنب، وباستبعاد الإفراج المشروط بعد 15 عاما. إذ قتل علاء شخصَين وارتكب ثمانيَ جرائم خطيرة أخرى، طالت ثمانية ضحايا على الأقل. وكان من الجسامة بمكان أن تُرتكب هذه الأفعال في إطار مهنته الطبية، ضدّ مرضى لجأوا إليه طلبا للمساعدة.

أكد الادعاءُ العام أنّ علاء خدم النظام السوري سنينَ طَوعا، واستغل الهياكل السياسية والمؤسسية عمدا للوصول إلى شريحة من السكان المستضعفين. وأثّرت ظروفُ قتل [حُجب الاسم]، شقيق P8، و[حُجب الاسم] بوضوح سلبا على المتهم. فقد توفي الضحيتان في ظروف قاسية، وأذلّهما كما أذلّ غيرَهما. وتحتّم على P8 على أن يشهد وفاةَ شقيقه.

إجمالا، قتل علاءٌ شخصَين وارتكب ثمانيَ جرائم حرب. واستهدفت هذه الأفعال ما لا يقل عن ثمانية أشخاص. ووفقا للادعاء العام، يُعَدّ وقفُ تنفيذ الحكم بعد 15 عاما أمرا غيرَ مبرَّر، نظرا لجسامة ذنب المتهم. ومن المُشين والمستهجَن جدا أن تُرتكب هذه الجرائم في سياق عمله الطبي مستهدفةً مرضى التمسوا منه المساعدة. وعوضا عن أداء واجبه المهني في حماية الآخرين ورعايتهم، انتهك علاء هذا الواجبَ منهجيّا وقابل طلباتِ المساعدة بالعنف. ويُمثّل هذا السلوك تناقضا صارخا لالتزاماته الأخلاقية طبيبا.

إضافة إلى الحكم بالسجن، طالب الادعاءُ العام بالحبس الاحترازي بموجب الفقرة 66 (2) من القانون الجنائي الألماني، محاججا باستيفاء الشروط المادية والشكلية المنصوص عليها في الفقرة 66 من القانون الجنائي الألماني. وبموجب هذا الحكم، يمكن فرض الحبس الاحترازي إذا ارتكب المدانُ عدةَ جرائم جسيمة - يُعاقَب على كلٍّ منها بالسجن لسنة على الأقل - وحُكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات عن إحداها أو أكثر، بشرط وجود احتمال كبير لارتكابه جرائم عنف خطيرة مستقبلا تُسبب أذًى بالغا للآخرين.

وشدّد الادعاءُ العام على أنه حتى إن لم يُشترط قرار دائم أو ملموس بشأن السلوك المستقبلي، إلّا أنّ وجود نزعة واضحة لارتكاب جرائم خطيرة كان جليّا. ووفقا للائحة الاتهام، استند هذا إلى تقييمٍ عامٍّ لشخصية علاء وسلوكه: إساءةُ معاملة المعتقلين الذين لا حول لهم ولا قوة مرارا، واستخدامُ الحرق، والضربُ بأدوات طبية، وصورٌ أخرى من التعذيب. كشفت هذه الأفعال عن نمط ساديّ راسخٍ متجذّر، إذ تبنّى المتهم أساليبَ النظام في التعذيب وأضفى عليها لمساته الشخصية. وذكر الادعاءُ العام أنّ المتهم تلذّذ بإلحاق الألم، بل وتبجّح بابتكار أساليب جديدة للتعذيب.

وفقا لرأي الخبير البروفيسور الدكتور بيرجر، كان المتهم يعاني من اضطراب نفسي يتّسم بأنانيّةٍ نرجسيّةٍ وساديّةٍ غير جنسيّةٍ. ورغم قدرته على التحكم في انفعالاته، إلا أنه ظلّ يشكّل خطرا على المجتمع. ورغم استقرار علاقاته الأُسَريّة وعدم وجود أي سلوكيات لافتةٍ للانتباه في ألمانيا، رجّح الادعاء أنّ هذا يُعزى إلى عدم وجود فرصة لارتكاب جريمة مجدّدا. وتجلّت خطورتُه المتواصلةُ في مدى جرائمه، وغياب التعاطف (مثل وصف السجناء «بالصراصير»)، وأكّدها تحليلُ الخبيرِ النفسيُّ التفاضليّ.

وفقا للادعاء العام، استغلّ المتهم عمدا الوضعَ السياسي في سوريا والظروفَ في المشافي العسكرية للوصول إلى المعتقلين. وأضاف الادعاء العام أنه استغلّ منصبه الطبي لإلحاق حروق وإصابات أخرى بالسجناء عمدا، مُفشيا بذلك مَثالِبَ نرجسية واضحة. وحاجج الادعاء العام بأنّ خطر فقدان رخصته الطبية، إلى جانب احتمال تعرضه للاضطهاد السياسي في سوريا، يزيد من خطر انتكاسه للعودة إلى ارتكاب الجرائم. ونظرا لخطورة الجرائم وطبيعتها، إضافة إلى السّمات الساديّة التي شُخِّصَت، لا يُمكن تبرير عقوبة أقل من الحبس.

سعى علاء جاهدا إلى التواصل مع الأطباء التابعين للنظام للوصول إلى المعتقلين، وكان يدرك أنّ مثل هذه الأفعال لن تُقاضى في سوريا - بخلاف ألمانيا حيث تُعَدّ جرائمَ جنائية.

اختتم الادعاءُ العام بيانه الختامي بالطلبات الخمس النهائية التالية:

1.      الإدانةِ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، والقتل العمد: مرةً بتهمة القتل، ومرةً بتهمة التعذيب، وثماني تهم أخرى بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق التعذيب وجرائم حرب والحرمان من القدرة الإنجابية

2.      إثباتِ جسامةٍ خاصةٍ للذنب

3.      أمرٍ بالحبس الاحترازي

4.      سحبِ تصريح عمل المتهم

5.      إلزامِ المتهم بتحمّل تكاليف المحكمة

سيُكرَّس يوم المحاكمة التالي للبيان الختامي لمحامي المدعين والدفاع، إضافةً إلى كلمة المتهم الأخيرة.

 

رُفِعت الجلسة في الساعة 4:40 عصرا.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 5 حزيران / يونيو 2025، في العاشرة صباحا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.