
ورقة موقف مشتركة حول كتاب وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل
ندعو إلى تعليق القيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية والعمل على توسيع المساحة المدنية
الأربعاء: 22 تشرين الأول/أكتوبر، 2025
أصدرت السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، في الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر 2025، كتاباً إلى السادة مدراء [مديريات] الشؤون الإجتماعية والعمل في المحافظات تلزم فيها المدراء أن المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مختلف المحافظات قد قبلت بالفعل تمويلات وتبرعات من جهات خارجية دون الحصول على الموافقات المسبقة اللازمة.
تطلب الوزيرة في كتابها من السادة مدراء [مديريات] الشؤون الإجتماعية والعمل التعميم على كافة المنظمات غير الحكومية العاملة في محافظاتهم بالتقيد بأحكام القانون رقم 93 لعام 1958، لا سيما المواد رقم 21، 66، و 69 والتي تفرض على الجمعيات الحصول على موافقة مسبقة قبل الاشتراك في أي جمعية أو اتحاد أو هيئة خارج سوريا، كما تحظر على الجمعيات قبول أو إرسال أي أموال لأشخاص أو جمعيات خارج سوريا دون موافقة السلطات الإدارية المسبقة.
لا يقتصر كتاب الوزيرة إلى مدراء [مديريات] الشؤون الإجتماعية والعمل على المنظمات غير الحكومية، بل يفرض ذات الشروط على المؤسسات الخاصة، ويستند في ذلك إلى المادة 69 التي تشير صراحة أن ما يسري على الجمعيات (المنظمات غير الحكومية)، يسري على المؤسسات بأنواعها.
تعرب المنظمات الموقعة على هذه الورقة عن مخاوفها العميقة من آثار تطبيق كتاب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل والنهج التقييدي الذي يعتمده الكتاب، استناداً إلى قانون جمعيات تقييدي، لطالما استخدمه النظام السابق في تقييد عمل المنظمات غير الحكومية وملاحقة أعضائها وسجنهم. يتعارض كتاب وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل مع المادة 14 من الإعلان الدستوري الذي يقرّ بحرية تكوين الجمعيات والنقابات، ومع المادة 12 من الإعلان الدستوري حول التزام سوريا بالمعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سوريا، وأبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي ينص في مادته 22 على أن لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، وتحظر المادة 22 تقييد هذا الحق إلا بقيود محددة ينصّ عليها القانون، على أن تكون تلك القيود ضرورية وفي مجتمع ديمقراطي، لتحقيق غايات مشروعة حصراً.
تم تبني القانون رقم 93 أثناء الوحدة بين مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة (1958–1961)، وتبنى بشكل أساسي أفكار الحكم العسكري وقتها ورؤيته لدور الدولة بالتحكم في المجتمع وتوجيهه. ولاحقاً، عمل نظام البعث على تعديل بعض أحكام القانون في عام 1969 عبر المرسوم التشريعي رقم 224 بحيث زاد من تحكم السلطات بالجمعيات ومنحها صلاحية دمج الجمعيات التي تؤدي أعمالاً متشابهة لتقليل التكرار في تقديم الخدمات، وحل الجمعيات إدارياً دون اللجوء إلى المحاكم، وذلك لأسباب مثل خروج الجمعية عن أهدافها أو عدم عقد اجتماعاتها، ومنح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مسؤولية إدارة القانون وممارسة سلطة حل الجمعيات.
يعتبر القانون رقم 93 ولائحته التنفيذية قانوناً تقييدياً، تمت صياغته في سياق وواقع مختلفين تمام الاختلاف عن التحديات والفرص التي تواجهها سوريا في الوقت الحاضر، ومن شأنه أن يعيق مساهمة المنظمات غير الحكومية في خطوات التعافي في المرحلة الإنتقالية.
تثمن المنظمات الموقعة على هذه الورقة الدور الهام الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في تقديم قسم كبير من الخدمات لفئات مهمشة ومتضررة، ومجتمعات الضحايا والناجيات والناجين، إضافة إلى المساهمات الهامة بإعادة تأهيل منظومات القطاع الصحي والتعليمي والخدمي في أكثر من محافظة، لا سيما في هذه الفترة العصيبة التي تمر على سوريا وعجز الحكومة السورية عن الاضطلاع بهذا الدور بمفردها.
ولا يخفى على المتابعين أن شبكة المنظمات غير الحكومية التي يطالها تقييد وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، عملت لسنوات على تقديم مثل هذه الخدمات وبالاعتماد على مانحين دوليين خارج سوريا أو مانحين سوريين من المقيمين في المغترب، وهم الشريحة الأكثر قدرة وملاءة لتقديم الدعم المالي للمنظمات غير الحكومية.
تدرك المنظمات الموقعة على هذه الورقة ضرورة وجود إطار قانوني ينظم عمل المنظمات غير الحكومية، إلا أنها ترى في الاعتماد على القانون رقم 93 نكوصاً كبيراً وضربة قاسية للمنظمات غير الحكومية السورية التي عملت بحرية كبيرة في شمال سوريا والمنافي قبل بدء عودة بعضها إلى سوريا. وتعرب المنظمات الموقعة على هذه الورقة عن قلقها من أن إعادة تفعيل القانون رقم 93 سيخلق بيئة عمل صعبة وطاردة للمنظمات غير الحكومية، الأمر الذي سيصعب مهمة هذه المنظمات بالاستجابة لاحتياجات السوريين والسوريات في هذه المرحلة الحرجة، ويصعب مهمة المانحين والمتبرعين الدوليين والسوريين الراغبين بدعم المرحلة الإنتقالية في سوريا، في الوقت الذي تنتظر فيه المنظمات غير الحكومية إتمام رفع العقوبات الاقتصادية على سوريا لزيادة حجم تعاونها والتي قد يقيدها الكتاب الأخير الصادر عن وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل.
وإستناداً إلى المرجعيات الدولية وتوصيات المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات (A/HRC/23/39) فإن إلزام الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بإبلاغ الحكومة بمصادر تمويلها واستخداماتها يشكل تهديداً مباشراً لاستقلالها الوظيفي، وقد يستخدم كذريعة لإسكات الأصوات الناقدة أو المعارضة. ويؤكد تقرير المقرر الخاص أن الجمعيات، المسجلة وغير المسجلة، يجب أن تكون قادرة على السعي للحصول على التمويل والموارد واستلامها واستخدامها من أفراد أو جهات، محلية أو دولية، دون إذن مسبق أو عقبات غير مبررة. ويشدد على أن القيود المفروضة لتحقيق أهداف مشروعة، مثل مكافحة الفساد أو غسل الأموال، يجب أن تكون ضرورية ومتناسبة وتمثل أقل الوسائل تدخلاً. أما اشتراط توجيه التمويل عبر قنوات الدولة، أو الإبلاغ التفصيلي عن جميع الموارد الأجنبية، أو الحصول على موافقة مسبقة لتلقيها، فيُعد انتهاكاً لحرية تكوين الجمعيات. كما يوضح أن تبرير تقييد التمويل الأجنبي بذريعة حماية السيادة الوطنية ليس مصلحة مشروعة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بل على العكس، تُلزم المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدول باتخاذ خطوات تمكّن الجمعيات من الحصول على الموارد المتاحة من المجتمع الدولي.
وعليه، فإن أي نظام قانوني أو إداري في سوريا يفرض إبلاغاً إلزامياً مفصلاً عن مصادر التمويل الأجنبي واستخداماته، خصوصاً إذا كان مرهقاً أو مصمماً للتدخل في الأنشطة أو مراقبتها، يتناقض مع جوهر هذه المعايير الدولية وروح التقرير الأممي الذي يدعو صراحةً إلى تسهيل وصول الجمعيات إلى التمويل دون عوائق لا مبرر لها.
توصيات:
تتقدم المنظمات الموقعة على هذه الورقة إلى الحكومة السورية الإنتقالية، ممثلة بالسيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، بالتوصيات التالية:
1- تعليق العمل بالمواد المقيدة الواردة في القانون رقم 93 لعام 1958، إلى حين إصدار قانون جمعيات جديد متوافق مع المعايير الدولية، لا سيما تلك التي تفرض الحصول على موافقات مسبقة من السلطات قبل الشروع بتنفيذ الأنشطة، وتلك التي تتيح لوزارة الشؤون الإجتماعية والعمل حل أو إغلاق المنظمات دون المرور بإجراءات قضائية، بوصفها ممارسات تقييدية للمساحة المدنية، وتعود بالسوريين والسوريات إلى سنوات القمع وسطوة الأجهزة الأمنية.
2- العمل مع المجتمع المدني على إصدار قانون جمعيات جديد، يضمن خلق بيئة قانونية وبيروقراطية ملاءمة تشجع عمل الجمعيات غير الحكومية وتضمن دخولها إلى سوريا، ويزيل مختلف المعوقات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية ويسهل عمليات تسجيل وشهر الجمعيات غير الحكومية، ويحافظ في الوقت ذاته على الموجبات القانونية وضرورات الشفافية والمحاسبة.
3- تنظيم العلاقة بين السلطات السورية والمنظمات غير الحكومية من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصفتها جهة تنسيق مدنية، وبما لا يمسّ باستقلالية الجمعيات أو يخضعها لإشراف أمني.
4- إنهاء العمل بنظام الموافقة المسبقة، وانتهاج إجراءات شفافية مالية تخضع الجمعيات بموجبها لموجبات تقديم تصريح ضريبي وكشف مالي سنوي، يعرض الجميعات للمساءلة في حال المخالفة.
5- السماح للجمعيات بعقد العلاقات مع غيرها من الجمعيات التي تعمل في مجالات تتصل بمجال عملها على المستويات المحلي والوطني والدولي، مما يعزز فرصة كسب الخبرات وتبادلها بين المنظمات السورية والدولية.
6- تخفيف القيود المفروضة على التمويل والسماح للجمعيات بجمع التمويل وتلقي الدعم الوطني والدولي.
7- تسهيل إجراءات التسجيل والإشهار قبل صدور قانون الجمعيات الجديد.
المنظمات الموقعة:
1. العدالة من أجل الحياة
2. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
3. المركز السوري للعدالة والمساءلة
4. دولتي
5. بدائل
6. المركز السوري لبحوث السياسات
7. مساواة
8. حقوقيات
9. مركز وصول لحقوق الإنسان
10. النساء الآن
11. حملة من أجل سوريا
12. سين- السلم الأهلي
13. لأجل النسوية
14. مركز دعم وتمكين المرأة
15. سوريانا الأمل
16. الحركة السياسية النسوية السورية
17. تطوع لنبني
18. المركز المدني
19. بيل- الأمواج المدنية
20. مسارات إبدالية
21. فريق أتحرر
22. تجمع سوريات من أجل الديمقراطية
23. شبكة قائدات السلام
24. مؤسسة سلام للأمل
25. بيتنا
26. دودري
27. كش ملك
28. جمعية شاوشكا للمرأة
29. اليوم التالي
30. الجمعيه النسائيه السورية
31. فريق غُصنْ التنموي