1 min read
توسيع نطاق البحث عن الضحايا المفقودين على يد تنظيم داعش: إدلب وحلب

توسيع نطاق البحث عن الضحايا المفقودين على يد تنظيم داعش: إدلب وحلب

قام المركز السوري للعدالة والمساءلة مؤخرًا بتوسيع النطاق الجغرافي لبرنامجه المعني بالأشخاص المفقودين ليشمل المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش سابقًا في محافظتي إدلب وحلب. وعلى الرغم من أن المركز السوري قد قام سابقًا بتوثيق حالات اختفاء قسري على يد تنظيم داعش في هذه المناطق – بالإضافة إلى عمله المستمر في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة – فإن هذا التوثيق غالبًا ما ينبع من تحقيقات أجريت بشأن جناة محددين من تنظيم داعش. غير أن المركز السوري يسعى الآن بنشاط لتوثيق حالات الاختفاء القسري التي حدثت حول مناطق مختلفة في محافظتي إدلب وحلب خلال فترة سيطرة تنظيم داعش. حيث يمثل التوثيق في هذه المناطق خطوة أخرى في البحث عن ضحايا داعش من المفقودين، مع ما تأتي به هذه الخطوة من فرص وتحديات جديدة.

قرر المركز السوري توسيع برنامجه المعني بالأشخاص المفقودين ليشمل إدلب وحلب لسد فجوة جغرافية في أعمال التوثيق التي يقوم بها، ولأن القيام بذلك سيعزز جهود البحث في جميع أنحاء سوريا التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش سابقًا. حيث إن السلطات المحلية في هذه المناطق، كما في مناطق أخرى في سوريا، لم تُفلِح في مساعدة العائلات السورية في بحثهم عن ذويهم المفقودين. يهدف المركز السوري إلى معالجة هذه المشكلة من خلال إجراء مقابلات مع العائلات بشأن ظروف اختفاء ذويهم ووضع نظريات حول مصيرهم وأماكن وجودهم بناءً على التوثيق الذي سبق وأن جمعه من مئات المقابلات الأخرى التي تم إجراؤها مع العائلات ومن وثائق تنظيم داعش الداخلية وصور الأقمار الصناعية ومعلومات مفتوحة المصدر. وإن المركز السوري حريص على التعلم من هذه العائلات وكذلك الناجين من معتقلات تنظيم داعش والشهود المطلعين بشأن طبيعة الاختفاء القسري في شمال غرب سوريا. حيث سيساهم هذا في زيادة فهمالمركز السوري لجهاز الاعتقال لدى تنظيم داعش، مما يتيح له تحديد العلاقة بين مرافق الاعتقال الجديدة ومواقع المقابر لتضييق نطاق المصير المحتمل وأماكن وجود أولئك الذين اختفوا في إدلب وحلب. وبالنظر إلى أن تنظيم داعش قد فَقَدَ السيطرة على أراضٍ في شمال غرب سوريا في أواخر عام 2013 وأوائل عام 2014 وأعقب ذلك قيامه بنقل المحتجزين من هذه المنطقة إلى الشمال الشرقي، فإن معرفة الذين قام التنظيم باعتقالهم في البداية في حلب وإدلب سيساعد في توضيح هويات أولئك الذين كانوا ما زالوا يحتجزونهم في الرقة ومعاقل داعش الأخرى في الشمال الشرقي.

وقد تكون مدة وطبيعة وجود داعش في إدلب وحلب، والتي تم تحديدها من خلال ديناميكيات ساحة المعركة المتقلبة بدلًا من السيطرة السياسية المستقرة نسبيًا، قد أدت إلى أنماط مختلفة من حالات الاختفاء. وعلى الرغم من أن الإطار الزمنيلانتشار تنظيم داعش معقد ولا يتّسم بالوضوح المباشر، فمن الواضح أن التنظيم قد حافظ على وجوده في معظم مناطق شمال شرق سوريا بين منتصف عام 2013 وأواخر عام 2017. ولكن لم يعمل تنظيم داعش على نطاق واسع في أنحاء الشمال الغربي إلّا في الفترة ما بين مطلع عام 2013 ومطلع عام 2014 تقريبًا. [1]وتم إخراج تنظيم داعش من إدلب ومدينة حلب بحلول حزيران/يونيو 2014، ومثلّت مدينة الباب الحدود الغربية التقريبية لسيطرته حتى شباط/فبراير 2017 تقريبًا.

وفي مواجهة المعارضة المسلحة المستمرة في الشمال الغربي، بين عامي 2014 و2017، ركز تنظيم داعش بشكل متزايد على تعزيز سيطرته في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة والأراضي التي استولى عليها في العراق. وفي الواقع، بينما كان تنظيم داعش قادرًا على إنشاء جهاز قضائي وأمني طويل الأمد في شمال شرق سوريا، فقد كان منشغلًا في الغالب بالاشتباكات العسكرية المباشرة في الشمال الغربي مع الجماعات السلفية الجهادية الأخرى مثل جبهة النصرة وفصائل المعارضة المسلحة بشكل عام. حيث إن السياق العسكري المتقلب الذي عمل فيه تنظيم داعش في الشمال الغربي، لا سيما في إدلب، يعني أن أولئك الذين احتجزهم التنظيم واختفوا في عامي 2013-2014 كانوا على الأرجح مقاتلين مسلحين أكثر من كونهم مدنيين. وعلى الرغم من أن تنظيم داعش استهدف بالطبع أعضاء المعارضة المدنية أينما كان يعمل، فقد يكون التنظيم قد اعتقل مدنيين بأعداد أقل في الشمال الغربي نظرًا لأنه كان بالفعل في موقع عسكري ضعيف، وسعى إلى تجنب تنفير السكان المدنيين في هذه الفترة المبكرة من نشأته. وهذا يتناقض مع أماكن مثل الرقة، حيث نمت الأجهزة الأمنية لتنظيم داعش لتشمل كلًا من قوات شرطة الآداب وقوات الشرطة النظامية التي اعتقلتا مئات إن لم يكن آلاف المدنيين لأسباب متنوعة وعلى مدى عدة سنوات.

تشير جهود التوثيق الأولية التي يبذلها المركز السوري في الشمال الغربي إلى أن الملفات التعريفية لمعتقلي داعش هنا كانت مختلفة بالفعل. فعلى سبيل المثال، تحدث منسقو التوثيق في المركز السوري الذين يغطون هذه المنطقة مع أحد الناجين من اعتقال تنظيم داعش والذي كان معتقلًا في منشأة بالقرب من مدينة حلب ووجدوا أنها كانت مأهولة بالكامل تقريبًا بأسرى من مقاتلي الجيش السوري الحر. وزعمت تقارير أن تنظيم داعش قد قام بإعدام معظم مقاتلي الجيش السوري الحر في المنشأة نفسها بعد إعلان بأنهم مرتدون، كما فعل لاحقًا مع العديد من المعتقلين المدنيين الذين يعيشون تحت سيطرته. ويجب على المركز السوري جمع المزيد من التوثيق من الشمال الغربي قبل أن يتمكن من وضع نظريات حول مصير ومكان وجود أعداد كبيرة من الأشخاص الذين فُقِدوا خلال فترة سيطرة تنظيم داعش.

وهناك العديد من التحديات الرئيسية لجهود التوثيق في الشمال الغربي، وبعضها فريد من نوعه بالنسبة للظروف في هذا الجزء من البلد. أولًا، إن الفترة الزمنية القصيرة نسبيًا التي كان فيها تنظيم داعش طرفًا رئيسيًا في النزاع في شمال غرب سوريا، بالإضافة إلى التغير السريع في السيطرة السياسية على المنطقة، تجعل تحديد الظروف والجناة المحتملين المتورطين في حالات الاختفاء القسري أكثر صعوبة. ففي عام 2013، كان من الصعب في كثير من الأحيان التمييز بين تنظيم داعش والجماعات السلفية الجهادية الأخرى مثل جبهة النصرة، على سبيل المثال، بسبب الولاءات المتغيرة لمنتسبيهم. ثانيًا، يجعل عدم الاستقرار السياسي المستمر في شمال غرب سوريا إجراء المقابلات بصورة آمنة هناك أكثر صعوبة من إجرائها في الشمال الشرقي، خاصة مع وجود هجوم عسكري تركي آخر وشيك في المنطقة. وأخيرًا، لا يزال بناء الثقة مع عائلات المفقودين والناجين من اعتقال تنظيم داعش والشهود المطلعين يمثل تحديًا في جميع أنحاء سوريا التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش سابقًا. حيث إن الخوف من انتقام الخلايا النائمة لداعش منتشر، بينما في إدلب على وجه التحديد، تعرب العائلات عن قلقها من أن السلطات المحلية المرتبطة بجبهة النصرة ستتهمهم بأنهم من أنصار داعش.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فمن الضروري الاستمرار في توسيع النطاق الجغرافي للبحث عن ضحايا داعش من المفقودين. فإن كان من بين ذويكم شخص مفقود من الأجزاء التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش سابقًا في إدلب وحلب أو أي منطقة أخرى في سوريا وترغبون في توثيق قضيته عند المركز السوري للعدالة والمساءلة، يرجى الاتصال بنا على [email protected].


[1] للحصول على وصف تفصيلي لداعش خلال هذه الفترة، ارجع إلى تشارلز ليستر، الجهاد السوري: الجهاد السوري: القاعدة، الدولة الإسلامية، وتطورات الانتفاضة" (أوكسفورد: مطبعة جامعة أوكسفورد، 2015)، صفحة 119-218.