1 min read
سياسة الباب الدوار التي يتّبعها الطغاة: عنف وانتهاكات على خطوط المواجهة السورية

سياسة الباب الدوار التي يتّبعها الطغاة: عنف وانتهاكات على خطوط المواجهة السورية

قبل تعرّضه للاعتقال والتعذيب من قبل تنظيم داعش، اعتقلت سامي* جبهةُ النصرة. وقبل ذلك، اعتقلت سامي مليشيا فلسطينية تابعة للمعارضة، وقبل ذلك، سجنه سلاح الجو السوري خلال عملية نقله من الاعتقال من قبل مليشيا فلسطينية موالية للحكومة. حيث قامت كل جهة من الجهات التي احتجزت سامي باتهامه بدعم فصيل منافس، بل زُعم أنه يدعم الفصائل التي اعتقلته ظلما قبل أشهر.

كابد سامي كل هذه المعاناة خلال أربع سنوات من العيش في مخيم اليرموك، وهو منطقة حضرية في الطرف الجنوبي من دمشق، وكان في السابق موطنًا لأكثر من 160 ألف فلسطيني قبل الحرب. وفي المراحل الأولى من الثورة السورية، انقسم مخيم اليرموك سياسيًا بين الفصائل الموالية للحكومة والفصائل المعارضة، وعدّته الفصائل الموالية للحكومة والمعارضة قاعدة دعم قوية محتملة كما عدّته من الناحية الاستراتيجية بمثابة "بوابة إلى العاصمة". ونتيجة لذلك، تنافست الفصائل المتحاربة بشدة على المخيم من أجل السيطرة السياسية والعسكرية.

وبعد أن قام سلاح الجو السوري بقصف مخيم اليرموك في عام 2012، انتهزت قوات المعارضة المختلفة – ومنها جبهة النصرة – الفرصة لاجتياح المخيم، وطردت منه الميليشيا الفلسطينية الرئيسية الموالية للحكومة. وردًا على ذلك، ضربت الحكومة السورية حصارا على المخيم في تموز/يوليو 2013، وفرضت ظروفًا قاسية على سكانه. وفي عام 2015، أحكم تنظيم داعش سيطرته، وكان ذلك في بداية الأمر بدعم من جبهة النصرة التي أصحبت تُعرف لاحقًا باسم هيئة تحرير الشام، والتي اشتبكت لاحقًا مع تنظيم داعش داخل مخيم اليرموك. حيث سيطرت هاتان المجموعتان على المخيم حتى أدى هجوم قادته الحكومة لمدة شهر إلى طرد المجموعتين في عام 2018.

وبالنسبة لسكان مخيم اليرموك، فقد جلب لهم العيش على خط المواجهة خلال كل تغيير يحدث للقوى المسيطرة موجات من الرعب والمعاناة. فمنذ اندلاع الحرب في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمان، عانى أكثر من نصف المجتمعات في جميع أنحاء البلد من العنف المصاحب لتغيير جيوب السيطرة. ومنذ 2014، سيطر طرفان مسلحان مختلفان على من كافة المجتمعات السورية 47% ، وسيطر مزيج من ثلاث جهات فاعلة على ما يقرب من 15% من تلك المجتمعات.

وبحسب التوثيقات التي قام بها المركز السوري للعدالة والمساءلة، أشار عدد كبير من الأشخاص إلى معاناتهم في التعرض إلى انتهاكات على يد أكثر من جهة فاعلة، مما يسلط الضوء على أن العديد من الناجين قد تعرضوا لانتهاكات من قبل العديد من الجناة.

وأثناء وجوده خارج المعتقلات، كان سامي ضحية وشاهدًا على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من قبل أطراف متعددة. حيث تعكس تجربة سامي نموذجًا مصغرًا للعديد من الصدمات التي تسببها الحياة على خطوط المواجهة في الحرب. ومع ذلك، فقد كانت هناك معاناة مختلفة في كل منطقة في سوريا – بل وفي كل حي من أحيائها – اعتمادًا على عوامل منها القرب من خطوط المواجهة المتغيرة، وعدد المرات التي تتغير فيها الجبهات، والجهات الفاعلة التي مارست السلطة، وطول فترة سيطرتها.

يستحق الضحايا والناجون من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا أن يحصلوا على العدالة وأن يُحاسَب كل من ارتكب تلك الجرائم بحقهم – بغض النظر عن الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم أو تحت أي مظلة يعملون.

*تم تغيير الاسم

_____________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.