1 min read
مـــحـــاكـــمـــة ســـمـــيـــر الـــشـــيـــخ

مـــحـــاكـــمـــة ســـمـــيـــر الـــشـــيـــخ

محكمة المقاطعة الأمريكية للمنطقة الوسطى من كاليفورنيا

موجز مراقبة المحاكمة الأول

تاريخ الجلسة: 30 آب / أغسطس 2024

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون".

تُعَدُّ تقارير مراقبة محاكمة سمير الشيخ ثمرةَ شراكةٍ بين المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) وعيادة لويولا للعدالة في مواجهة الفظائع (LJAC) في كلية حقوق لويولا - جامعة لويولا ماريماونت. وإلى جانب مراقبة المحاكمات، يدعم المركز السوري للعدالة والمساءلة السلطات التي تسعى إلى مقاضاة الجرائم الفظيعة المرتكبة في سوريا عن طريق إجراء تحقيقات والوصل بين الشهود والادعاء العام («بناء القضايا»). ولا يشارك فريق مراقبة المحاكمات التابع للمركز السوري للعدالة والمساءلة معلومات مع فريق بناء القضايا التابع للمركز. ولذلك، لا يملك فريق بناء القضايا إمكانية وصول إلّا إلى التقارير المنشورة المتاحة للعامة.

1- مـــقـــدمـــة

أُلقي القبض على سمير عثمان الشيخ (الذي سيشارُ إليه في التقرير بـ «المدعى عليه» أو «الشيخ» اختصارًا) في مطار لوس أنجلس الدولي («LAX») في 10 تموز / يوليو 2024 لإدلائه بإفادات كاذبة في طلباته للحصول على الإقامة الدائمة والجنسية الأمريكية. تستلزم هذه الطلبات من مقدميها أن يفصحوا عن أي تاريخ أو تورط سابقَين في أي عمليات قتل خارج إطار القضاء، أو أعمال عنف، أو اضطهاد سياسي.  إلّا أن الشيخ كان مديرًا لسجن دمشق المركزي، الذي ذاع صيتُه السيئ عن إساءة معاملة السجناء البليغة وتعذيبهم المزعوم تحت إشرافه من 2005 إلى 2008، ولكنه لم يفصح عن تورطه السابق هذا.

يُحتجز الشيخ، منذ إلقاء القبض عليه، في مركز احتجاز العاصمة («MDC»)، وهو مركز احتجاز فيدرالي في وسط مدينة لوس أنجلس. في 22 أغسطس/آب 2024، قدم الشيخ طلبًا مصحَّحًا لمراجعة/إعادة النظر في القرار الذي يحدد شروط إخلاء السبيل/الاحتجاز (والذي سيُشار إليه بـ «الطلب» اختصارًا)، يلتمس فيه أن يُفرج عنه من احتجاز ما قبل المحاكمة.

في يوم الجمعة، الموافق 30 آب / أغسطس 2024، في الساعة 11:00 صباحًا، عُقدت جلسة الاستماع بخصوص «الطلب» أمام الموظفة القضائية باتريشيا دوناهْيو من محكمة المقاطعة الأمريكية للمنطقة الوسطى من كاليفورنيا في قضية الولايات المتحدة ضد الشيخ، رقم [2:24-cr-00483-HDV]. كان هناك مترجمٌ للعربية وتحدث مباشرة إلى المدعى عليه عبر سماعة الرأس. ومَثَلَ جوشْوا أ. ماوْزر نيابة عن المدعي الولايات المتحدة (التي سيُشار إليها بـ «المدعي» أو «الولايات المتحدة» اختصارًا)، ومَثَلَ بيتر هارْدين نيابة عن المدعى عليه سمير عثمان الشيخ (الذي سيُشار إليه بـ «المدعى عليه» أو «الشيخ» اختصارًا).

سبق بدءَ جلسةِ الاستماعِ دخولٌ مبهرجٌ للمدعى عليه إلى قاعة المحكمة. إذ وقف نحو 25 فردًا من الجمهور خارج قاعة المحكمة ينتظرون الدخول إليها قبل أن تبدأ الجلسة. ثم تباعد الحشدُ بغتةً إلى الجدران بينما شقّ المدعى عليه طريقَه بينهم ترافقُه قواتُ إنفاذ القانون إلى قاعة المحكمة مصفَّدا. ونادى العديد من المؤيدين وأفرادُ أسرته على المدعى عليه باللغة العربية أثناء مرافقته إلى قاعة المحكمة. وما إن دخلوا قاعةَ المحكمة حتى منع حاجبُ المحكمةِ أيَّ متفرج من الجلوس في الجانب الأيسر من قاعة المحكمة الأدنى من الشيخ، بل أرشد الجميعَ إلى ثلاثة صفوف من المقاعد خلف محامي الولايات المتحدة. وحجبت المنصةُ وشاشةٌ للمترجم رؤيةَ المتهم كلّيًا عن عديدٍ من المتفرجين.

2- وصف الإجراءات

وفقًا للفقرة 3142 من الباب 18 من قانون الولايات المتحدة الأمريكية، يجوز إخلاء سبيل المدعى عليهم جنائيا من احتجاز ما قبل المحاكمة بكفالة، «إلّا إذا قرر الموظف القضائي أنّ إخلاء السبيل هذا لن يضمن بصورة معقولة مُثول الشخص على النحو المطلوب أو أنه سيعرض سلامة أي شخص آخر أو المجتمع للخطر».

أ - ما إذا كان هناك مجازفة بهروب الشيخ

استفتح السيد هارْدين بالإشارة إلى أنّه لم يكن هناك مجازفة بهروب المدعى عليه وأن شروط الكفالة قد تساعد في التخفيف من حدة المجازفة. وصوّر السيدُ هارْدين الشيخَ وعائلتَه، التي كان عديدٌ من أفرادها من بين المتفرجين، عقب فرارهم من سوريا خلال الربيع العربي على أنهم تعريفٌ للحلم الأمريكي. وصوّر العائلة على أنهم من أهالي جنوب كاليفورنيا الاعتياديين من مقاطعة أورانج ولونْج بيتش ذوي الوظائف المكتبية والإدارية وأنهم كانوا «والدين تقليديين». ورغم أنّ الشيخ هاجر إلى الولايات المتحدة في وقت متأخر عن عائلته، إلا أنه استقرّ مع أفراد أسرته في الولايات المتحدة ورسّخوا بُنيانَهم فيها بعد أن صاروا مواطنين بصورة قانونية. وأشار السيد هارْدين إلى أن ثلاثة من أبناء الشيخ الأربعة (وجميعهم بالغون) يعيشون في جنوب كاليفورنيا، وكذلك أحفاده (ذوو العامين أو الثلاثة) الذين كانوا أيضًا بين المتفرجين. واستخدم السيد هارْدين هذه المعلومات ليحاجج بأن الشيخ «لا يريد الهرب، بل يريد البقاء، ويعلم أن الهروب سيدمر حتمًا حياة أولاده في الولايات المتحدة». بَيْدَ أنه في أخذٍ وردّ مع محامي الولايات المتحدة لاحقا، وصف السيد هارْدين المدعى عليه بأنه «غريب في بلاد غريبة»، وأنّ وجودَه في الولايات المتحدة هو حلٌّ «مؤقت فحسب، للهروب من ماضٍ عنيف»، كما حاجج السيدُ ماوْزر.

حاجج السيد هارْدين كذلك بأنه لم تكن هناك مجازفة بهروب المدعى عليه بسبب «ظروفه الصحية الخطيرة». ووصف المدعى عليه بأنه رجلٌ «هَرِمٌ» بلغ من العمر 73 عامًا، ويعاني من آلام مزمنة في ظهره، وسرطان حنجرة محتمل، وثلاثة أسنان فاسدة تتسبب في التهاب فكه. وذكر المحامي أنّ المدعى عليه لم يكن يتلقى رعايةً صحيةً مناسبةً في مركز الاحتجاز الفيدرالي حيث يُحتجز، على الرغم من طلباته، وأنّ المترجمين الشفويين للغة العربية في مركز الاحتجاز الفيدرالي يتحدثون لهجةً مختلفةً تجعل فهمَ المدعى عليه لهم مُحالا. وكلما ذكر السيدُ هارْدين مشاكلَ المدعى عليه الصحيةَ في قاعة المحكمة، سعل الشيخُ عاليًا (ولم يسعل في سواها). حاجج السيد هارْدين بأن التهابَ الفك هو عينُ سببِ وجودِ الشيخ في مطار لوس أنجلس يومَ اعتقاله، إذ كان بحاجة إلى جراحة فمٍ كانت تكلفتُها في سوريا أقلّ بكثير منها في الولايات المتحدة. حاجج السيد هارْدين بأن استخدام المدعى عليه لتذكرة «ذهاب فقط» إلى بيروت بلبنان - حيث كان يُغلق المطار الدولي الرئيسي دوريًّا بسبب الحرب في غزة - لهو أمرٌ شائعُبل وضروري، وأنّ المسافرين إلى لبنان يحملون معهم أموالًا نقدية في معظم الأحوال. وأقرّ بأنه كان بحوزة المدعى عليه حينَ سفره ووقتَ إلقاء القبض عليه حوالي 6000 دولار أمريكي نقدا.

على النقيض، بيّن محامي الولايات المتحدة، السيد ماوْزر، بأن المجازفة بهروب المدعى عليه كانت كبيرة. وأشار إلى أنّ سوريا، كما كوريا الشمالية وكوبا، لا تملك علاقاتٍ دبلوماسية ولا معاهدةً مع الولايات المتحدة لتسليم المطلوبين، وهو ما يستبعد تحديد مكان المتهم إذا غادر البلاد ويعزز من المجازفة بهروبه. و«نادرًا ما يُسَلَّمُ المطلوبون» الهاربون إلى تلك الدول الثلاث أو يُحَمَّلون مسؤوليةَ ما اجتنحوه.

أشار السيد ماوْزر كذلك إلى أنّ الشيخ كان رئيسَ سجنِ عدرا وشغل سابقًا منصبَ محافظٍ في سوريا. وعندما ألقي القبض عليه في مطار لوس أنجلوس الدولي، كان في جُعبة هاتفه عديدٌ من جهات الاتصال الرفيعة المستوى في الحكومة السورية، سواء الآن أو من سنين خَلَت، ومنهم رئيس المخابرات الأمنية الحالي، ومدير الأمن السابق، والسفير السوري الحالي لدى الأمم المتحدة، وماهر الأسد (شقيق الرئيس السوري بشار الأسد). وفطّن السيدُ ماوْزر بأن لدى المدعى عليه أيضًا ابنٌ وأحفادٌ لا يزالون يعيشون في سوريا، وأنه يمتلك منزلا بقيمة 300 ألف دولار أمريكي. ومن ثَمّ، حاجج المحامي بأن الكفالة لا تكفي للتخفيف من المجازفة بهروبه، وأنّ حلولًا أخرى كسوار الكاحل سيكون سهلًا إزالتُه ثم الهروب.

ب - ما إذا كان الشيخ يشكل خطرًا على المجتمع

حاجج السيد هارْدين بأن المدعى عليه كان «مواطنًا ملتزمًا بالقانون» خلال وجوده في الولايات المتحدة مع سجل جنائي نظيف. وادعى السيد هارْدين أنّ الشهود في القضية لا يهابون المدعى عليه، وبالتالي فهو لا يشكل أي خطر لأنهم من مناصري حقوق الإنسان جهارا. وصرّح بأن «هؤلاء القوم [أي، الناشطون] مع ما لديهم من يوتيوب وإنستجرام وفيسبوك ليسوا خائفين، لأنهم يعلمون أنه لا يمكن المساس بهم». بل حاجج السيد هارْدين بأن مناصري حقوق الإنسان يستغلون الشيخَ «كأداة للقبض على الأشخاص الحقيقيين [أي، الجناة]» بسبب جرائمهم المزعومة في سوريا وأنّ «هدفَ [المؤثرين] ليس هو، بل [الهدف هو] النظام». وحاجج السيد هارْدين بأن الجرائم التي يُزعم أنّ الشيخ قد ارتكبها عندما كان في سوريا لا برهان عليها وأنه سيكون قد مرّ ما يربو على عقد من الزمان منذ وقوعها، مُأطّرًا هذه المسألة كخلافٍ وقائعي يتعيّن على هيئة المحلفين البتُّ فيه.

في الجهة المقابلة، حاجج السيد ماوْزر بأن المدعى عليه يشكل خطرًا على المجتمع ولا سيما على الشهود الذين بادروا بالمساعدة خلال مرحلة التحقيقات. وحاجج بأن احتجاز المدعى عليه هو السبب الوحيد الذي دفع العديد من الشهود إلى الإدلاء بشهاداتهم، لأنهم يعلمون أنه لن يستطيع أن ينتقم منهم أو يخوّفهم من الإدلاء بشهاداتهم. وقد يعرّض السماحُ بدفع كفالة هؤلاء الشهودَ للخطر فضلا عن المخاطرة بتمريغ محاكمة عادلة.

أردف السيد ماوْزر محاججًا بأن الشيخ كان رئيسَ سجن عدرا، وهو سجنٌ يُزعم اشتهارُه بما يتعرّض له نزلاؤه من شدة في التعذيب والقسوة وإساءة المعاملة. وعادةً ما توصي التوجيهاتُ الفيدراليةُ للعقوبات بالسجن 57 شهرًا عند الإدانة بتهمة الاحتيال في أمور الهجرة؛ إلّا أنّ ثَمّةَ مَطعنًا إضافيا قد يزيد العقوبة إلى 25 عامًا للتورط في «جرائم حقوق إنسان خطيرة». وعُرّفت كلمة «خطيرة» على أنها انتهاك لقانون حقوق الإنسان تتعلق على سبيل المثال لا الحصر بالإبادة الجماعية أو التعذيب أو تجنيد الأطفال. ووفقًا للسيد ماوْزر، تكافئ توجيهات عقوبات التعذيب في الولايات المتحدة مثيلاتها في حالات الاعتداء والاختطاف. وأشار السيد ماوْزر إلى أنه رغم استمرار مرحلة التحقيقات، تقدّم مؤخرًا العشرات من الضحايا/الشهود الذين أكدوا ما زُعم من إساءة المعاملة والضرب والتعذيب عن طريق تجاربهم في سجن عدرا الذي كان المدعى عليه مسؤولا عنه. ووصف السيد ماوْزر بعض أساليب التعذيب التي ذكرها الشهود، مثل «بساط الريح» (جهاز تعذيب خشبي قابل للطي)، والصلب والتعليق، والجلد بالأسلاك، وحشر الرؤوس في الإطارات، والسجن على الكراسي لأيام، والحرق بمِهْماز الماشية المعدني، وغيرها من أعمال العنف الجسدي والجنسي. وحاجج السيد ماوْزر بأن الكفالة لن تخفف من الخطر على العامة، لأن الشيخ سيُعفى من الرد على ما اقترف سابقًا بالإضافة إلى جرائمه الحالية المتعلقة بالهجرة.

ختاما، حاجج السيد ماوْزر بأن سجل الشيخ الإجرامي في الولايات المتحدة لم يكن نظيفًا إلّا لأنه كان هنا لفترة قصيرة، وكان من المنطقي أن يحاول المدعى عليه «التواري عن الأنظار» لأن «هدفه الحقيقي كان الاختباءَ من ماضيه».

3- المحصلة

رفضت المحكمة «الطلب»، إذ ارتأت أنّ المدعى عليه أبدى بوادر جديّة على احتمال هروبه. وأمّا أواصرُه الوطيدةُ ببلد لا يملك علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وعلاقاتُه العائلية في سوريا، وصِلاتُه مع أعضاء رفيعي المستوى في الحكومة السورية «فليست العوامل الوحيدة، بل أحد العوامل» التي أبدت خطرًا على المجتمع. ورغم أنّ هذه «قضيةٌ فريدةٌ للغاية» لعدم وجود سجلٍّ إجرامي للشيخ في الولايات المتحدة، صرّحت القاضية دوناهْيو بأنها «لا تستطيع تجاهل الادعاءات المروّعة المذكورة في الإفادة الخطية والشكوى». وأردفت بأنه كان من المعقول أن يخشى الشهودُ من المدعى عليه أو من نفوذه إذا لَم يكن محتجَزا.

وبناءً على ذلك، أمرت المحكمة باحتجاز المدعى عليه في انتظار المحاكمة. وأصدرت المحكمة ملخصًا طبيّا إلى مركز الاحتجاز الفيدرالي لضمان حصول المدعى عليه على رعاية طبية ملائمة و/أو مترجم شفوي مختلف لمساعدته في مشاكله الصحية، ومن ضمنها مذكرة لفحص الأسنان.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.