1 min read
لأول مرة، محكمة هولندية تمنح تعويضًا لضحـية سورية استنادًا إلى تقرير خبير صادر عن المركز السوري للعدالة والمساءلة

لأول مرة، محكمة هولندية تمنح تعويضًا لضحـية سورية استنادًا إلى تقرير خبير صادر عن المركز السوري للعدالة والمساءلة

  الملخّص

في سابقة قضائية بارزة للضحايا والناجين السوريين، قضت محكمة الاستئناف في لاهاي بمنح مبلغ 40,000 يورو لضحـية سوري تعرّض للتعذيب. وأكدت المحكمة إدانة مصطفى أ.، القائد السابق في ميليشيا لواء القدس الموالية للنظام، وقررت تشديد عقوبته إلى 13 عامًا من السجن بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والمشاركة في منظمة إجرامية. استندت المحكمة أيضًا، وعلى نحو لافت، إلى القانون السوري المتعلق بالمسؤولية التقصيرية لإلغاء حكم الدرجة الأولى، ومنحت الضحـية كامل التعويضات المعنوية التي طالب بها.

الحكم الابتدائي

أصدرت محكمة لاهاي في كانون الثاني/يناير 2024 حكمًا أوليًا بحق مصطفى أ.، وأدانته بالتهم التالية:

  • المشاركة في حرمان مدني سوري من حريته بشكل غير قانوني، واعتبار الفعل جريمة ضد الإنسانية؛
  • التواطؤ في جريمة التعذيب اللاحقة، واعتبارها أيضًا تعذيبًا وجريمة ضد الإنسانية؛
  • المشاركة بصفته قائدًا في منظمة إجرامية (ميليشيا لواء القدس) هدفت إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وتولّى مصطفى، الذي شغل منصبًا قياديًا في لواء القدس، دورًا محوريًا في اعتقال ونقل أحد الضحايا السوريين إلى إدارة المخابرات الجوية المعروفة بسمعتها السيئة، حيث جرى احتجاز أحد الضحايا الممثلين في هذه القضية لمدة 20 يومًا تعرّض خلالها للتعذيب. ورأت المحكمة الابتدائية أنّ هذه الأفعال تشكل جزءًا من نمط منهجي وأوسع نطاقًا من الانتهاكات والقمع برعاية الدولة لمن يُنظر إليهم على أنهم معارضون منذ اندلاع انتفاضة 2011، وبناءً على ذلك حكمت المحكمة على مصطفى بالسجن لمدة 12 عامًا.

مع ذلك، اعتبرت المحكمة نفسها أنّ مطالبة الضحية بالحصول على تعويضات غير مقبولة بسبب افتقاد الفهم الكافي للقانون السوري. ففي هولندا، كما هو الحال في العديد من الدول الأوروبية، تُحدد التعويضات المدنية في مثل هذه القضايا بناءً على قانون الدولة التي وقع فيها الجرم، وهي سوريا في هذه الحالة. غير أنّ المحكمة لم تمتلك الوسائل الكافية لتحديد كيفية تطبيق القانون السوري. ونتيجة لذلك، لم يحصل الضحايا على تعويضات. وللأسف، كان هذا هو مصير العديد من القضايا المماثلة التي تخص ضحايا سوريين.

مساهمة المركز السوري للعدالة والمساءلة

استجابةً لطلب ممثل الضحية للحصول على دعم خبير، أعدّ المركز السوري للعدالة والمساءلة تقريرًا يوضح الجوانب الأساسية للقانون السوري المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية في دعاوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن السلوك الإجرامي. وقد قام مستشار المركز القانوني، السيد رياض علي، القاضي السوري السابق، بالتعاون مع مدير فريق بناء القضايا، آلان حاجي، بصياغة تقرير الخبير الذي ساعد محكمة الاستئناف في تفسير القانون السوري للمسؤولية التقصيرية بما يتوافق مع اجتهادات المحاكم السورية المحلية. وقدّم براكين دوليفيرا، الممثل القانوني للضحية، تقرير الخبير إلى محكمة الاستئناف حسب الأصول.

قرار محكمة الاستئناف

أصدرت محكمة استئناف لاهاي في 27 آب/أغسطس 2025 قرارها القضائي غير المسبوق بتأكيد الصحة القانونية للنتائج الأصلية للمحكمة الابتدائية فيما يتعلق بجميع التهم، وقررت تشديد عقوبة السجن لتصبح 13 عامًا. وأكدت المحكمة تهمة “العضوية في منظمة إجرامية”، وبالاستناد إلى تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة حول القانون السوري المتعلق بالمسؤولية التقصيرية، أشارت المحكمة إلى أن لديها أساسًا كافيًا لاعتبار مطالبة التعويضات مقبولة، ومنحت الضحية مبلغ 40,000 يورو كتعويض معنوي.

ملاحظات ختامية

تؤكد هذه القضية التزام النظام القضائي الهولندي بضمان العدالة لضحايا الجرائم الدولية، وتوجّه رسالة قوية مفادها أن هولندا، شأنها شأن الدول التي تنتهج مبدأ الولاية القضائية العالمية، لن تكون ملاذًا آمنًا لمرتكبي الجرائم الدولية. كما تبرز الدور المحوري لمنظمات المجتمع المدني في دعم آليات العدالة المحلية والدولية عبر سد الثغرات الكامنة في السعي العالمي لتحقيق العدالة والمساءلة الجنائية عن الجرائم الدولية.

ويأمل المركز السوري للعدالة والمساءلة أن يدفع هذا الحكم دولًا وأنظمة قانونية أخرى إلى توفير تعويضات عادلة وكريمة لضحايا الجرائم الدولية في القضايا الواقعة ضمن نطاق ولاياتها القضائية. ومن أجل دعم الجهود المستقبلية، سيقوم المركز بنشر تقريره حول القانون السوري المتعلق بالمسؤولية التقصيرية باللغتين العربية والإنجليزية خلال الأسابيع المقبلة.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.