1 min read
التقصي عن المقابر الجماعية باستخدام صور الأقمار الصناعية
مقبرة التاج الجماعية - الجمعية الأميركية لتقدم العلوم مركز حقوق الإنسان في جامعة دايتون

التقصي عن المقابر الجماعية باستخدام صور الأقمار الصناعية

خلال عمله على إعداد تقريره الأخير حول الأشخاص المفقودين في المناطق السورية التي كانت خاضعة لسيطرة داعش، تعاون المركز السوري للعدالة والمساءلة مع الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم ومركز حقوق الإنسان في جامعة دايتون على تحليل صور أقمار صناعية تبين مواقع تسع مقابر جماعية تم تنقيبها في شمال شرق سوريا. فصور الأقمار الصناعية يمكن أن تكون أداة مهمة في التقصي عن المقابر، ولكن قد يكون من الصعب تحديد ملاءمة هذه الصور وقيمتها في التحقيق. يستعرض المركز السوري للعدالة والمساءلة هنا اليوم بعض الدروس المستفادة من استخدامه لصور الأقمار الصناعية، على أمل أن يساعد ذلك المحققين في جرائم حقوق الإنسان في تحديد ما إن كانت صور الأقمار الصناعية من الأدوات التي يمكن استخدامها في عملهم.

صور الأقمار الصناعية ليست الأداة الأفضل لتحديد موقع القبر في غياب أدلة داعمة.

يبحث محللو صور الأقمار الصناعية في تقصيهم عن المقابر عن تغيرات في التربة، كوجود حُفر أو خنادق. وفي حين يمكن أن تدل هذه الصور على وجود مقبرة، إلا أن هذه التغيرات يمكن أن تكون ناشئة عن نشاطات حميدة كالزراعة وأنظمة الري. فعلى سبيل المثال استخدم تنظيم داعش في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، شبكة معقدة من الخنادق لنقل الوقود النفطي شبه المكرر. فبحسب معلومات أطلعت الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم المركز السوري للعدالة والمساءلة عليها، يمكن أن تبدو هذه الخنادق كمقابر ضخمة للوهلة الأولى، حتى لمحققين لديهم سنوات من الخبرة في التعامل مع صور الأقمار الصناعية. حيث يجعل عدم الإلمام بالسياق المحلي الاعتماد على صور الأقمار الصناعية فقط في البحث عن المقابر مهمة صعبة للغاية، ويجب اعتبار أي نتائج يتم التوصل إليها نتائج مبدئية لحين الحصول على المزيد من الأدلة التي تدعم هذه النتائج، كشهادات الشهود على سبيل المثال. وبالتأكيد، كانت عمليات التوثيق التقليدية مثل مقابلات الشهود وغيرها – لا صور الأقمار الصناعية – هي التي قادت إلى تحديد مواقع المقابر بشكل أولي في سياقات ما بعد النزاع، مثل يوغسلافيا وسيراليون. وفي الوضع الأمثل يجب على المحققين استخدام صور الأقمار الصناعية للبحث عن المقابر في مناطق محددة، بعد أن يتم جمع الوثائق التي تثبت ذلك والتحقق منها.

يمكن لصور الأقمار الصناعية أن تساعد في تحديد إطار زمني دقيق للوقت الذي تم فيه حفر واستخدام كل قبر بصفة فردية.

خلال عملية البحث والتقصي عن المقابر الجماعية، سواء لغرض المحاسبة أو التعرف على الرفات، فإنه من المهم أن نحدد متى تم حفر القبر. حيث يمكن للإطار الزمني الدقيق أن يساعد المحققين في فهم هوية الضحايا الذين يمكن أن يكونوا مدفونين في مقبرة معينة عن طريق المقارنة ما بين وقت اختفائهم والوقت الذي تم فيه الانتهاء من حفر قبر. كما قد يتمكن المحققون من الربط ما بين قبر ومجزرة معينة أو جريمة أخرى بتاريخ محدد أو بمجرمين محتملين نشطوا في المنطقة وقت حفر القبر.

المصدر: الجمعية الأميركية لتقدم العلوم مركز حقوق الإنسان في جامعة دايتون

وفي حالة التحقيقات التي أجراها المركز السوري للعدالة والمساءلة والجمعية الأمريكية في أمر المقابر التي وجدت في شمال شرق سوريا، تمكنت الجمعية الأمريكية من تحديد الأطر الزمنية لعدة مقابر. ففي الصور الواردة أدناه، يمكن أن ترى حديقة البانوراما في الرقة في شباط/فبراير 2017 والتي لا يبدو فيها أي علامات تدل على وجود مقابر. ولكن في أيار/مايو 2017 بدأت الخنادق تظهر في الحديقة. وفي صورة بتاريخ شباط/فبراير 2019 لا تزال الخنادق ظاهرة، ولكنها بدأت تتلاشى، ولم تظهر أي خنادق جديدة في الفترة ما بين الصورتين. ويمكن للمركز السوري للعدالة والمساءلة الآن أن يستخدم هذه المعلومات لمحاولة تحديد الضحايا الذين يمكن أن يكونوا موجودين في المقبرة، ومحاولة إيجاد سكان المنطقة الذين كانوا يعيشون فيها في تلك الفترة والذين قد يكونوا شهدوا على الجرائم التي وقعت هناك.

توفر صور الأقمار الصناعية صورا مهمة لأغراض المناصرة

يمكن لصور الأقمار الصناعية، خاصة في غياب عمليات تنقيب القبور أن توفر ما هو أقرب ما يكون لصورة الجريمة نفسها. حيث أن زيادة الوعي بالجرائم في غياب الأدلة المرئية يمكن أن يكون مهمة صعبة، ولكن يمكن لصور الأقمار الصناعية أن تسد هذه الفجوة. حيث تبين عدد من الصور التي وجدتها الجمعية الأمريكية خلال عملية البحث ظهور خنادق ضخمة بشكل جلي في منتصف مدينة الرقة، والتي مثلت رمزًا صارخا للرعب الذي بثه تنظيم داعش في المدينة.

وكما هي الحال في معظم التحقيقات في جرائم حقوق الإنسان، لا يحمل دليلٌ منفردٌ قيمةً كبيرةً لوحده عند التحقيق بشأن المقابر الجماعية. وكذلك لا يمكن لصور الأقمار الصناعية وحدها أن تثبت موقع المقبرة، تمامًا كما أنه لا يثبت عدم توفرها أن المقبرة غير موجودة. ففي بعض الحالات، قد لا تتوفر صور للتواريخ المطلوبة، كما يمكن أن يكون المجرمون قد تمكنوا من إخفاء جميع العلامات التي تدل على وجود المقبرة عن طريق توريتها باستخدام طرق أخرى قد تبدو حميدة، ولذلك يجب على التحقيقات سواءً كانت بهدف تحقيق المساءلة أو أي من الإجراءات الأخرى المتعلقة بالعدالة أن تعتمد على مجموعة كبيرة من الأدوات المتنوعة. وفي حالة التحقيق في عمليات القتل والمقابر الجماعية المرتبطة بها يمكن أن تكون صور الأقمار الصناعية مهمة إذا ما استخدمت جنبًا إلى جنب مع مقابلات الشهود والتحقيقات الجنائية والطب الشرعي وعمليات استخراج الجثث والرفات.

__________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.