1 min read
افتتاح محاكمة اليرموك في كوبلنتس، ألمانيا

افتتاح محاكمة اليرموك في كوبلنتس، ألمانيا

في التاسع عشر من تشرين الثاني / نوفمبر 2025، افتُتحت محاكمة المتهمين جهاد أ.، ومحمود أ.، ومزهر ج.، وسمير س.، ووائل س. أمام المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنتس بألمانيا. يُواجه المتهمون الخمسة تهمًا بالقتل وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لما زُعم عن انخراطهم في قمع الحكومة السورية العنيف للأصوات المعارضة في حي اليرموك بدمشق بين عامي 2012 و2014، وذلك بصفتهم أعضاءً في الميليشيات المسلحة "حركة فلسطين الحرة" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة". 

تجدُر الإشارة إلى أنّ المدعي العام الاتحادي أضاف تهمةً إضافية، بعد شهر من صدور لائحة الاتهام الأولية، وهي استخدام تجويع المدنيين أداةً للحرب. ولهذه المحاكمة أهميةٌ تاريخيةٌ بسبب تهمة التجويع هذه، فلم يسبق أن اتُّهم بها أحد بموجب القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. لقد كان لتجويع المدنيين حيّزٌ أساسيٌّ من المعاناة التي كابدها المدنيون الفلسطينيون والسوريون خلال الحصار. وبالنظر إلى عمليات الحصار المماثلة في دير الزور والغوطة الشرقية في سوريا، يمكن لهذه المحاكمة أن تُرسي سابقةً قانونيةً بالغةَ الأهمية تُؤوّلُ التجويعَ بأنه أداةُ حرب محظورة، وهو ما سيكون له أصداء تتجاوز نطاق القضية الحالية. 

دعم المركزُ السوري للعدالة والمساءلة والمركزُ الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR) طلبًا سيقدّمه باحثون بارزون في القانون الجنائي الدولي لتسجيل وقائع المحاكمة صوتيّا لأهداف تاريخية وعلمية، استنادًا إلى الفقرة 169 (2)(1) من قانون دستور المحاكم الألمانية. وقد عُدّلت هذه الفقرة مؤخرًا للسماح بتسجيل وقائع الإجراءات ذات الأهمية القانونية والسياسية التي تتجاوز ألمانيا. وسيكون لتسجيل هذه المحاكمة مغزى كبيرٌ للمجتمعات السورية والفلسطينية والمجتمعات المتضررة من النزاعات على نطاق أوسع، لأنّ محاكماتٍ كهذه تُساهم في إثراء الأدلة على جرائم الحرب، وتُعَدّ اعترافًا رمزيّا بالانتهاكات التي عانت منها المجتمعات وإسهامًا في جهود المساءلة المستقبلية. وقد وقَّع المركزُ السوري للعدالة والمساءلة ومنظماتٌ أخرى من منظمات المجتمع المدني السوري رسالةَ تأييدٍ لتسجيل المحاكمة. وسيقُدَّم هذا الطلبُ قريبا. 

وكان لأحد محامي دفاعِ واحدٍ من المتهمين هدفٌ مماثل، إذ قدّم في افتتاحية المحاكمة طلبًا لتسجيل وقائع الجلسات بالصوت والصورة. وأحال في طلبه إلى مسوّدة قانونٍ "لتوثيق الإجراءات الجنائية رقميّا" والذي كان مبادرةً من الحكومة الاتحادية السابقة. ورغم أنّ هذا القانون لم يُعتمد قطّ، رأى المحامي أنّ على المحكمة تسجيل هذه الإجراءات استنادا إلى روح القانون المقترح. وحاجج بأنّ جودة الإجراءات يمكن أن تتحسن بتوفير هذه التسجيلات للأطراف في نهاية كل أسبوع من جلسات الاستماع. وقد انضم محامو الدفاع الآخرون إلى هذا الطلب. 

ردّت المدعية العامة بأنّ ثمّةَ بندًا كهذا بالفعل، وتحديدا الفقرة 169 من قانون دستور المحاكم الألمانية — والذي يشكّل أساسَ طلبِ المركزِ السوري للعدالة والمساءلة والمركزِ الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR) —ولكنها رأت أنّ القضية الحالية لا تلبي معايير الأهمية التاريخية والعلمية، وأنّ النزاع السوري خضع فعلا لكثيرٍ من الدراسات العلمية، وأنه لم يكن لهؤلاء المتهمين مناصب رفيعة المستوى. وسترُدّ المحكمة على هذا الطلب في 3 كانون الأول / ديسمبر. 

يشكّل توفير الترجمة الشفوية جانبًا مهمّا آخر يُمَكّن المجتمعات المتضررة من متابعة هذه الإجراءات. ويمكن للمتحدثين بغير الألمانية الحصول على الترجمة الصوتية المتاحة فعلا لأطراف الدعوى دون بذل جهد أو تكلفة إضافيَين. إذ إنّ الحصول على الترجمة الشفوية يضمن حقوق الضحايا ويكفل قدرة المجتمع المتضرر على متابعة المحاكمات التي أثارت وقعًا في حياتهم. 

وبعد أمر قضائي أوليّ أصدرته المحكمة الدستورية الاتحادية عام 2020 يتعلق بمحاكمة المتهمين إياد ا. وأنور ر. أمام نفس المحكمة، مُنح الصحفيون المعتمدون ممن لهم صلةٌ خاصة بسوريا إمكانيةَ الحصول على الترجمة الشفوية، لأنّ قيود جائحة كوفيد-19 حالت دون السماح بالترجمة الهمسية - التي تمكّن الحاضرين من إحضار مترجم إلى المحكمة لتوفير ترجمة فردية آنيّة. 

ومنذ محاكمة عام 2020، عُدّل البند المعنيّ في قانون دستور المحاكم الألمانية الذي يمنح الترجمة الشفوية لغير الناطقين بالألمانية في الدعوى، ليُسهّل تحديدا حصولَ ممثّلي وسائل الإعلام الدولية أيضًا على الترجمة الشفوية للمحكمة (الفقرة 185 (رقم 4) من قانون دستور المحاكم الألمانية). وكان الهدف من ذلك هو تقليل العبء التنظيمي والمالي المترتب على إحضار مترجم همسي ومنع التباينات في تصوّر الإجراءات بين أطراف الدعوى والمستمعين. 

وبسبب طبيعة الولاية القضائية العالمية - التي تتناول أخطر الجرائم التي وقعت في بلدان أخرى - سيعود ترسيخ هذه الممارسة على نطاق أوسع بفائدة عظيمة على المجتمعات المتضررة. في عام 2024، حصل مراقبا المركز السوري للعدالة والمساءلة السوريان على الترجمة الشفوية التي قدمتها المحكمة للمتهمين في محاكمة محمد أ. وإسماعيل ك. في دِسلدورف. واتباعًا لهذه الممارسة الفضلى، سعى المركز السوري للعدالة والمساءلة للحصول على إمكانية الحصول على الترجمة الشفوية في قضية اليرموك في كوبلنتس، وبعد رفض أوليّ، مُنح إمكانية الحصول على الترجمة حال توفر المعدات التقنية. وفي غرّة المحاكمة، تسلَّم مُراقب المركز السوري للعدالة والمساءلة المعدات الصوتية اللازمة وتمكّن من متابعة افتتاح المحاكمة باللغة العربية. 

يواصل المركز السوري للعدالة والمساءلة دعوة المحاكم التي تنظر في قضايا الولاية القضائية العالمية، وتتجاوز المحاكمات الفردية، للموافقة على طلبات الترجمة الشفوية لضمان وصول المجموعات المتضررة إلى إجراءات العدالة. 

سيؤدي المركز السوري للعدالة والمساءلة دوره في المساهمة في السجل التاريخي للمحاكمات المتعلقة بسوريا. ويخطط المركز لمراقبة الإجراءات مراقبةً شاملةً ولنشر تقاريرَ باللغتين الإنجليزية والعربية على موقعه الإلكتروني لضمان وصول الناجين والعائلات إلى هذه الإجراءات. 

بالإضافة إلى ذلك، يُحاكم شخصٌ آخر – يُدعى محمود س. - في سولنا، السويد، لدوره في جرائم الحرب المرتكبة في حصار اليرموك، بصفته تابعًا للميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الأسد. وينسّق المركز السوري للعدالة والمساءلة مع جامعة ستوكهولم ومركز ضحايا التعذيب لمراقبة الإجراءات ونشر تقارير المحاكمة باللغتين الإنجليزية والعربية منذ افتتاح المحاكمة في السويد في 20 تشرين الأول / أكتوبر 2025. 

 ________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.