1 min read
فهم دور الحمض النووي في الكشف عن هوية الأشخاص المفقودين
مؤسسة إنثروبولوجيا الطب الشرعي في غواتيمالا

فهم دور الحمض النووي في الكشف عن هوية الأشخاص المفقودين

عند الحديث مع أسر الأشخاص المفقودين، تكون من أوائل الأسئلة التي غالبا ما تُطرح على المركز السوري للعدالة والمساءلة هي: "هل يمكن استخدام الحمض النووي في الكشف عن هوية الأشخاص المفقودين؟" إن الجواب البسيط هو نعم؛ يتطلع المركز للعمل مع شركائه في مؤسسة إنثروبولوجيا الطب الشرعي في غواتيمالا إلى استخدام الحمض النووي مع الأدوات الأخرى للكشف عن هوية الأشخاص الذين فُقدوا خلال فترة سيطرة داعش. ومع أن هذا العمل يركز أساسا على الكشف عن هوية البقايا البشرية التي تم استخراجها في شمال شرق سوريا، من الضروري أيضا البحث عن الأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة.

إلا أن العديد من الأسر تفترض بأن الحمض النووي هو المفتاح السحري الذي سيؤدي إلى الكشف السريع والسهل عن الهوية. لسوء الحظ، فإن الواقع أكثر تعقيدا، فالحمض النووي هو مجرد واحدة من أدوات عملية الكشف عن الهوية، وهي عملية قد تستغرق عدة سنوات للانتهاء منها. اليوم، يسعى المركز إلى توضيح بعض المفاهيم الخاطئة حول دور الحمض النووي في التحقيقات وكيف يمكن لتحليل الحمض النووي أن يساعد في يوم من الأيام في الكشف عن هوية الأشخاص المفقودين في سوريا.

ما هو الحمض النووي؟

الحمض النووي هو المخطط الجزيئي لجميع الكائنات الحية. يرث الإنسان الحمض النووي من الأبوين وهو الكود داخل جسمك الذي يحدد كثيرا من خصائصك الجسدية، وهو خاص بك وحدك. تتشارك أنت بنسبة كبيرة من حمضك النووي مع أبويك وإخوتك وأبنائك، وبنسبة أقل مع أبناء عمومتك وأخوالك وخالاتك، وبنسبة أقل بكثير مع الأشخاص خارج أسرتك. تحتوي كل خلية في جسمك على الحمض النووي والذي يمكن جمعه من مصادر مختلفة، ومنها شعرك وعظامك ودمك ولعابك.

كيف يمكن للحمض النووي المساهمة في تحديد هوية الشخص المفقود؟

لأنك تشترك بأجزاء من حمضك النووي مع أقاربك الجينيين، يمكن لاختصاصي الوراثة المدرب أن يقارن ملفك الجيني مع الملف الجيني الخاص بالشخص غير محدد الهوية لتحديد ما إذا كانت تجمعكم قرابة بيولوجية.

على سبيل المثال، يمكن لأحد أفراد الأسرة تقديم عينة جينية عبر مسحة الخد، والتي تعمل على جمع الخلايا الظهارية من داخل الفم، وبعد ذلك يستعمل المختص تلك العينة للحصول على الملف الجيني، والذي تتم مقارنته بالملف الجيني للرفات غير محدد الهوية (غالبا باستخدام قطعة عظم صغيرة). تُستخدم المقارنة لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة بيولوجية تجمع الشخصين معا.

حاليا، يُركّز المركز أساسا على استخدام الحمض النووي لتحديد هوية البقايا البشرية التي تم استخراجها من المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش في سوريا. إلا أنه يمكن استخدام الحمض النووي أيضا لاكتشاف هوية الأشخاص الأحياء، فقد تكون مفيدة بشكل خاص في تحديد هوية صغار السن الذين تعرضوا للخطف، أو النزوح، أو الضياع وهم أطفال ولا يتذكرون أسرهم الأصلية.

هل يمكن إحضار آلة الحمض النووي إلى سوريا؟

هناك بعض الآلات المتوفرة تجاريا والقادرة على بيان الملفات النووية للأشخاص الأحياء دون وجود اختصاصي جيني، إلا أن هذه الآلات تفتقر إلى دقة تحليل الحمض النووي الذي يتم في المختبر التقليدي، ولا يمكن لها تحليل عينات الهياكل العظمية. كما أن بناء الملف الجيني هو واحد من نواحي تحليل الحمض النووي المتعددة، فما زالت هناك حاجة للاختصاصي الجيني للإشراف على عملية الكشف عن الهوية. لهذا السبب، عندما يبدأ المركز في تحليل الحمض النووي، سيتم إرسال العينات إلى خارج الدولة إلى مختبر جيني معتمد.

هل يمكن الحصول على عينة حمض نووي من رفات تعرض للحرق أو دُمر بطريقة أخرى؟

الأمر يعتمد على عدة عوامل، فالطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كانت عينة العظام تحتوي على الحمض النووي هي دراسة العينة بالمختبر، فحتى الهياكل العظمية التي قد تبدو بأنها محفوظة جيدا قد لا تحتوي على الحمض النووي، ربما بسبب الضرر الناتج عن الشمس، أو التربة الحمضية، أو العوامل الأخرى. قد يكون الرفات الذي تعرض للحروق البالغة أقل احتواء على الحمض النووي، إلا أن هناك تقنيات جديدة يجري العمل عليها سنويا لتحسين فرص الحصول على ملفات جينية من العينات المتضررة.

هل يمكن الكشف عن هوية الرفات بواسطة الحمض النووي فقط؟

في حين يعد الحمض النووي أداة مهمة للكشف عن الهوية، إلا أن المعلومات الإضافية ضرورية للكشف عن البقايا البشرية. عند تحليل ملفات الحمض النووي، يعتمد الاختصاصيون الجينيون على المعلومات الخاصة بخلفية الشخص العرقية وطبيعة العلاقة البيولوجية بين الشخص المفقود وأقربائه لتحديد رابط فيما بينهم. كما يتم جمع المعلومات الإضافية من الأسر عبر تحليل الطب الشرعي للبقايا البشرية، مثل النوع الاجتماعي للشخص، وطوله، وعمره، الأمور التي تساعد على تأكيد الهوية.

في بعض الحالات، قد لا يتمكن الاختصاصي الجيني من بناء ملف جيني كامل من عينة العظام، بمعنى أنه يتم التوصل إلى فهم جزئي للحمض النووي الخاص بالشخص. في هذه الحالات، سيعتمد المحققون بشكل أكبر على المعلومات غير الجينية لبناء العلاقة.

ماذا يفعل المركز السوري للعمل على الكشف عن الهويات الآن؟

يعمل المركز السوري حاليا بشكل وثيق مع مؤسسة إنثروبولوجيا الطب الشرعي في غواتيمالا وفريق شؤون المفقودين والطب الشرعي السوريعلى بناء الأساس للكشف عن الهويات، ويشمل هذا العمل تحليل الحمض النووي. ويندرج ضمن هذا العمل إجراء تحليل محدود للحمض النووي، بحيث تتمكن الفرق ذات الصلة من بناء المهارات التي تحتاج إليها لإطلاق هذا العمل على نطاق أوسع. في هذه الأثناء، يُركّز المركز على توثيق الأشخاص المفقودين وإجراء التحقيقات السياقية.

إن المقابلات مع أسر الأشخاص المفقودين في سوريا خلال فترة سيطرة داعش أساسية في البحث عن المفقودين. قبل بدء عملية الكشف عن الهويات، يحتاج المركز إلى المعلومات المعمقة حول الأشخاص الذين يجري البحث عنهم وأي خصائص جسدية مميزة يمكنها المساهمة في الكشف عن هوياتهم.

كما أن التحقيقيات السياقية تسمح للمركز بفهم السياق المحيط بالاختفاء والسجون ومواقع المقابر. ولهذه المعلومات مزايا كثيرة، فمن خلال التحقيقات السياقية يمكن للمركز صياغة فرضيات حول هويات البقايا المستخرجة. تساعد هذه الفرضيات المحققين على التواصل مع الأسر المحددة لإجراء اختبارات الحمض النووي المستهدف، مما يوفر الموارد ويزيد من فرص تحديد الهويات بنجاح. كما من شأن هذه التحقيقات مساعدة المحققين على تحديد مواقع المقابر الجديدة وتوفير معلومات إضافية للأسر حول مصير أحبتهم.

كيف يمكنني تقديم عينة حمض نووي للمركز؟

لم يبدأ المركز وشركاؤه بجمع عينات مرجعية للحمض النووي بعد، مع أننا نأمل أن نبدأ بالعمل على ذلك قريبا جدا. حاليا، نعمل على جمع المعلومات حول الأشخاص المفقودين من أسرهم، من أجل التأسيس لعمليات الكشف عن الهويات. في حال رغبت بإجراء مقابلة، أو التعرف أكثر على برنامجنا، يمكنك التواصل معنا على الموقع [email protected]أو على صفحتنا على موقع فيسبوك.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.