1 min read
دور حزب الله في سوريا تحت المجهر في سياق محاكمة تاريخية بألمانيا

دور حزب الله في سوريا تحت المجهر في سياق محاكمة تاريخية بألمانيا

استُهلت يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في المحكمة الإقليمية العليا في ألمانيا جلسات أول محاكمة في العالم لأحد عناصر حزب الله بتهمة ارتكاب جرائم في سياق النزاع السوري. وتُعد تلك المحاكمة فرصة فريدة من نوعها لجمع الأدلة المتعلقة بمعرفة تفاصيل دور حزب الله في دعم نظام الأسد في حربه الوحشية التي يشنها على شعبه.

يمثُلُ عمّار أ.، وهو مواطن سوري يبلغ من العمر 32 عاما، أمام المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ووفقا لما ورد في بيان صحفي صادر عن المدعي العام الاتحادي بألمانيا، وُجهت لعمار تهمة قيادة ميليشيا شيعية موالية للأسد قبل انضمامه إلى صفوف حزب الله لاحقا. ودأبت الميليشيا التي قادها عمار على استهداف المدنيين في منطقة بصرى الشام بهدف ترويعهم وطردهم قسرا من مناطق سيطرة النظام عن طريق ممارسة العنف بحقهم، وأعمال النهب، وتدمير الممتلكات.

وجاء في لائحة الاتهام ما يفيد أيضا بمشاركة عمار في هجوم آب/ أغسطس 2012 الذي استهدف منزل أسرة سنية أسفر عن مقتل أحد أفرادها برصاص أحد عناصر الميليشيا التي يقودها عمار قبل أن تتعرض محتويات المنزل للنهب، والتخريب، ومن ثم إضرام النيران فيه عمدا. كما يُفترض بأن المتهم كان ضالعا في واقعتين أخريين عامي 2013 و2014 عمد خلالهما إلى اعتقال مدنيين سُنّة وإساءة معاملتهم قبل تسليمهم للمخابرات العسكرية التابعة للنظام التي تولت تعذيبهم وهم في عهدتها. وانضم أحد أولئك الضحايا وشقيق الضحية في واقعة النهب إلى جلسات المحكمة بصفتهما طرفين من المدّعين في هذه القضية.

وسيحرص المركز السوري للعدالة والمساءلة على مراقبة محاكمة شتوتغارت، ونشر ملخصات لمجريات سير جلساتها أسبوعيا التي يمكن الاطلاع عليها من خلال الرابط هنا.

فرصة لجمع الأدلة حول دور حزب الله في الحرب الأهلية السورية

منذ بدء الانتفاضة السورية، لجأت حكومة الأسد إلى ممارسة العنف الوحشي بحق منتقديها، ومحاولة وضع حد للاحتجاجات السلمية، وترهيب عموم سكان سوريا من المدنيين. وعقب التصعيد الذي حصل في الأوضاع وتحولها إلى حرب أهلية مكتملة المعالم، وقفت القوات السورية التابعة للدولة بوجه جماعات المعارضة المسلحة.

وقام حزب الله بدور محوري في مساندة حكومة الأسد من خلال إرسال ما يُقدر بنحو 7 آلاف من عناصره لمساعدة قوات النظام في مجابهة جماعات المعارضة السنية. وبرر حزب الله تدخله بادئ الأمر بأنه يأتي في إطار اتخاذ تدابير لحماية المواطنين من حملة الجنسية السورية واللبنانية المزدوجة في المناطق القريبة من الحدود بين البلدين، ولكنه سرعان ما أعلن صراحة عن أن ضلوعه في الصراع جاء وفاءً لالتزاماته بدعم "محور المقاومة". واضطلعت قوات عناصر حزب الله بدور مباشر في القتال، وتحكمت في التخطيط للعمليات وتنفيذها، كما تولت مهام تأمين المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية. وكان الحزب ضالعا في حصار مضايا والتجويع المدمر لسكانها عام 2015.

وإلى جانب ذلك، كان حزب الله ضالعا بالضرورة في تدريب عناصر الميليشيات الموالية للأسد لا سيما في مناطق دمشق، وحمص، وحلب. وعليه، فقد حرص حزب الله على أن يصبح هو المظلة الجامعة لمختلف المليشيات السورية الشيعية تحت عباءته، وتجنيد عناصرها وتدريبهم بطريقة تحاكي فكر حزب الله الأيديولوجي، وبنيته الهيكلية. وبحلول نهاية العام 2013، أصبح لمعظم تلك الميليشيات وجود ملموس على الساحة مستخدمةً شعارات الحزب ومواده الدعائية، رافعةً رايته التي تظهر عليها صورة الذراع الممدودة الممسكة بالبندقية فوق رمز الكرة الأرضية. ولعل محاكمة شتوتغارت تتيح التعرف على الظروف المحيطة بتفاصيل عمل ميليشيا عمار أ.، وكيف انتهى بها المطاف إلى الانضمام إلى صفوف حزب الله. ومجددا، تُعد المحاكمة فرصة نادرة لكشف النقاب عن استراتيجيات عمل حزب الله في تدريب الميليشيات الشيعية السورية وتنسيق تحركاتها إلى جانب معرفة آليات تكليفها بوظائفها كأذرع للحزب وامتداد نفوذه داخل سوريا.

كما تكتسب محاكمة شتوتغارت أهمية من كونها تسلط الضوء على تفاصيل علميات حزب الله في بصرى الشام بصفتها من المناطق التي لطالما ظلت خارج نطاق المعاقل المعتادة لهيمنة الحزب. وفي الوقت الذي تركزت فيه معظم أنشطة حزب الله على طول الحدود بين سوريا ولبنان ومناطق من قبيل دمشق، وحلب، وحمص، فإن تدخل الحزب في مناطق جنوب سوريا لا سيما محافظة درعا يعكس توسع نطاق نفوذه وتأثيره في النزاع الدائر. ولعل محاكمة شتوتغارت تتيح نظرة معمقة على تفاصيل استراتيجية الحزب في التوسع مناطقيا، وتبين تعاظم نفوذه في عموم أنحاء سوريا خلال الحرب الأهلية. كما بوسع الأدلة التي يتم إبرازها للمحكمة في سياق سير مجريات المحاكمة أن تسلط الضوء على تفاصيل المعاملات المالية المرتبطة بحزب الله.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.