1 min read

داخل محاكمة مجدي ن. #3: شهادة الشاهد ستيفان فالتر المختص بالسياق

محاكمة مجدي ن.

محكمة الجنايات – باريس، فرنسا

الملخص مراقبة المحاكمة الثالث

تاريخ الجلسة: 30 نيسان/أبريل 2025

 

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ حيّةً للتعذيب أو الاغتصاب أو صورٍ أخرى من العنف.

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و«المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون». وحُجبت أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يقدّم المركز السوري للعدالة والمساءلة موجزا للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

[ملاحظة: رتّب المركز السوري للعدالة والمساءلة تقارير محاكمة مجدي ن. بحسب المواضيع وعلى نحو متّسق بناءً على محتوى الجلسات بدلًا من نشرها حسب التسلسل الزمني، ليسهّل الوصول إلى المواد بتسليط الضوء على القضايا الرئيسية والروابط بين مجريات الجلسات.] 

يسرد تقرير مراقبة المحاكمة الثالث الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل الجلسة التي عُقدت بعد ظهر اليوم الثاني من محاكمة مجدي ن. في باريس، فرنسا. في يوم المحاكمة هذا، قدّم ستيفان فالتر W1، وهو شاهد مختص بالسياق وأستاذ اللغة والحضارة العربية في جامعة ليون في فرنسا، معطياتٍ حول التاريخ السياسي لسوريا الحديثة، مع التركيز بخاصة على التعايش الطائفي. واستعرض الشاهد فالتر صعود حزب البعث وتنامي نفوذ العلويين، مشيرًا إلى أنهم كانوا مجتمعًا معزولًا إلى حد كبير. وقدّم تحليله لصعوبات التعايش بين الطوائف الدينية في سوريا، ووصف وجود مناخ من العنف طويل الأمد. وأشار فالتر أيضًا إلى أن حكم الجماعات الإسلامية لم يكن بالضرورة أسوأ من حكم النظام السوري. وانتهز محامي الأطراف المدنية، بالي، فرصة شهادته لعرض مقابلة مع رجل من الغوطة أصيب بجروح جرّاء هجمات جيش الإسلام، ثم اعتُقل وتعرّض لتعذيب شديد على يد هذا الفصيل لأكثر من عام.

اليوم الثاني – 30 نيسان/أبريل 2025

جلسة بعد الظهر

طلب الادّعاء العام في البداية تقديم الفيلم الوثائقي "بشار الأسد: سيد الفوضى" لغرض المناقشة ولعرضه خلال المحاكمة. فوافق رئيس المحكمة القاضي لافيغن على الطلب في البداية، ولكن في النهاية، لم يكن هناك متّسع من الوقت لمشاهدة الفيلم.

أفاد الشاهد فالتر أنه سافر إلى سوريا أول مرة بين عامي 1985 و1986، وعاد إلى دمشق بين عامي 1992 و1997 لكتابة أطروحته حول تأريخ النظام السوري في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى (IFPO). وركّز بشكل خاص على بناء الدولة والعلاقات بين الطوائف. وكانت آخر زيارة له إلى دمشق في عام 2012.

ونشر الشاهد فالتر مقالات حول العدالة المستندة إلى الشريعة والجماعات الإسلامية في سوريا. وأوضح أنه مهتم بالمذهب العلوي، ويسعى إلى فهم لماذا يعتبر أهل السُنّة هذا المذهب بدعةً ضالة. ويتأرجح عمله باستمرار بين البعدين الديني والسياسي.

أسئلة القاضي لافيغن لستيفان فالتر

استفسر القاضي لافيغن عن أصل حدود سوريا الحديثة. فأوضح الشاهد فالتر أن سوريا كانت إحدى ولايات الإمبراطورية العثمانية، مضيفًا أن حدودها الحالية حُددت بموجب اتفاقيات سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى. وقال إنها حدود مصطنعة إلى حدٍ ما. وقال إن البلاد كانت مهدًا لطوائف دينية مختلفة، وهو ما أدّى إلى توترات بعد استقلال سوريا عام 1946.

أراد القاضي لافيغن أن يستوضح ما إذا كان حزب البعث علمانيًا أم طائفيًا، وأين وُجد. أوضح الشاهد فالتر أن حزب البعث تأسس على يد سُنّي، وعلوي، ومسيحي، بهدف التغلب على الانقسامات الطائفية. ونادى حزب البعث بالهوية العربية والاشتراكية والقومية. وأشار الشاهد فالتر إلى أن للحزب فروعًا في سوريا والعراق ولبنان والأردن، ولكن فروعه الأكثر نفوذًا هي تلك الموجودة في سوريا والعراق.

وأوضح الشاهد فالتر أنه قبل الانتداب الفرنسي، كانت الطائفة العلوية مهمّشة. غير أن العلويين انخرطوا في الجيش في ظل الانتداب الفرنسي، وهو ما سمح لهم بالارتقاء الاجتماعي، لا سيما في الأجهزة الأمنية. وبعد استقلال سوريا عام 1946، تولّى الضباط السُنّة السلطة. ولكن الشاهد فالتر وضّح أنه إلى جانب صعود حزب البعث، برزت نواة علوية قوية في الجيش.

وأشار إلى أن الانقلاب الذي قام به حزب البعث [عام 1963] أثار جدلًا، لأن أيديولوجيته لم تتوافق مع الآراء الإسلامية التقليدية، وخاصة فيما يتعلق بالمُلكية الخاصة. إذ كان حزب البعث في الواقع حزبًا ذا ميول اشتراكية، يتألف في الغالب من علمانيين وعلويين. وأوضح الشاهد فالتر أن الحزب بدأ بتأميم الصناعات الخاصة، وهو ما أشعل احتجاجات في مدينة حماة وأطلق دعوة للجهاد. فردّت القوات الحكومية بقصف المساجد.

ثم ذكر الشاهد فالتر الانقلاب الداخلي الماركسي داخل حزب البعث عام 1966 [الذي قادته اللجنة العسكرية للحزب، داعمةً الفصائل اليسارية الراديكالية]. وعقبه الانقلاب الذي قاده حافظ الأسد في تشرين الثاني/نوفمبر 1970، ومشروعه الدستوري عام 1972. وأدت هذه المبادرة إلى اضطرابات خطيرة، إذ رفض السكان السُنّة فكرة أن الإسلام لن يكون الدين الرسمي للدولة ولم ينظروا إلى الأسد على أنه سُنّي حقيقي.

وتابع الشاهد فالتر أنه في عام 1976، نفّذت معارضة سُنية قوية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين – وبدعم من الأردن والمملكة العربية السعودية – تفجيرات واغتيالات في جميع أنحاء سوريا. وفي حزيران/يونيو 1980، أقدمت الحكومة على ذبح قرابة 500 سجين سياسي في سجن تدمر. وفي نيسان/أبريل 1981، [عقب انتفاضات الإخوان المسلمين، نفذت الحكومة السورية] مذبحة حماة وحمص. وخلص الشاهد فالتر إلى أن العنف اندلع مرة أخرى في عام 2011، بعد سنوات من التوترات المتراكمة.

وردًا على استفسار القاضي لافيغن بشأن الطوائف الدينية، أوضح الشاهد فالتر أن الدروز والمسيحيين والعلويين لم يكونوا متدينين جدًا. غير أن بعض المتطرفين السُنّة كانوا يرون بأنه يمكن معاقبة من ارتدّوا عن الإسلام بالموت، مع أن الشاهد فالتر أكّد أن ليس كل السُنّة متطرفين.

سأل رئيس المحكمة القاضي لافيغن عمّا إذا كان العلويون فرعًا من الشيعة. فأكّد الشاهد فالتر أنهم كذلك إلى حدٍ ما. وفي ثمانينيات القرن الماضي، بُذلت محاولات لتقريب العلويين من المذهب الشيعي الرسمي، لكن الشاهد فالتر أكد أنها لم تُفلح، لأن أعضاء حزب الله لم يعتبروهم شيعة "ملتزمين".

وأشار الشاهد فالتر إلى أن معتقدات العلويين ظلت مجهولة تمامًا، وصوّروها على أنها ديانة باطنية [ذات طقوس سرية]. وأفاد الشاهد فالتر أنهم يُبجّلون ابن عمّ النبي، مؤكدًا أن [أصل معتقدهم] لا يزال غامضًا. وأضاف الشاهد فالتر أن العلويين في البداية لم يبنوا مساجد لأنهم كانوا فقراء، وكانوا يصلّون في منازل وجهاء المجتمع. وقال إنهم بدأوا الآن في بناء بعض المساجد.

وقال الشاهد فالتر إن المسيحيين والعلويين كانوا يعيشون معًا في الجبال [غرب سوريا]، وإن العلويين كانوا يشاركون غالبًا في الأعياد المسيحية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى فقرهم وأيضًا لأنه كان بإمكانهم شرب الخمر في الاحتفالات. وأكّد الشاهد فالتر أن المنطقة كانت متخلفة، وتتسم بالجهل، وتفتقر إلى أي مراكز ثقافية، وأن العلويين كانوا فقراء ومعزولين. وأن العديد من السمات التي اتصفوا بها هي نتيجة لوضعهم الاجتماعي والاقتصادي.

وسأل رئيس المحكمة القاضي لافيغن الشاهد فالتر أيضًا عن ارتباط العلويين بالسلطة وصعوبات التعايش التي تواجه الطوائف الدينية. وأفاد الشاهد فالتر أن السُنّة لم يقبلوا صعود العلويين إلى السلطة في القرن العشرين وأكّد أن العلويين كانوا [الآن] في كثير من الأحيان الأقرب إلى السلطة. وأشار الشاهد فالتر إلى فقيه سُنّي اعتقد، في عام 1305، أن الأقليات الإسلامية قد انحازت إلى صف الصليبيين. وبعد ذلك، أصدر ذلك الفقيه فتوى، كانت في جوهرها بمثابة دعوة إلى إبادة جماعية ضد العلويين. وأشار الشاهد فالتر إلى أن هذه الفتوى لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية. وردًا على القاضي لافيغن، عرَّف الفتوى بأنها رأي فقهي أو حكم شرعي صادر عن فقيه إسلامي.

وسأل القاضي لافيغن عن العدالة المستندة إلى الشريعة في سوريا. فأجاب الشاهد فالتر بأن العدالة التي فرضتها الجماعات الإسلامية ليست بالضرورة أسوأ من النظام الأمني التابع للنظام السوري. ووصف مناخًا طويل الأمد من العنف في البلاد، مشيرًا إلى أن الناس طيبون للغاية، لكنهم "قد يتحولون فجأة إلى وحوش ضارية إذا خالفتهم الرأي".

وسأله القاضي لافيغن عمّا إذا كان السجناء يمثلون مصدرًا مُدرّا للربح. فقال الشاهد فالتر إن عمليات تبادل الأسرى كانت موجودة، ولكنها لم تكن شائعة جدًا؛ غير أن الاختطاف مقابل فدية كان أكثر انتشارًا. وذكر أنّ هناك شخصًا علويًا اختَطَف عمَّه للمطالبة بفدية. وأعرب الشاهد فالتر عن أسفه لأن الناس فقدوا بوصلتهم الأخلاقية بعد العنف، وأن الضائقة المالية أفسدت كل شيء.

أشار الشاهد فالتر إلى قصة إحدى طالباته السُنيات في ليون، والتي أخبرته أن عمّها، من حمص، سُجن على يد الثوار الذين زعموا أنه كسب ماله بالحرام، وأنه يجب عليه أن يَرُدّ كل شيء لإطلاق سراحه.

تساءل رئيس المحكمة القاضي لافيغن عمّا إذا كان مصطلح "التوبة" [اسم أحد سجون جيش الإسلام قرب دوما] يُستخدم في العدالة المستندة إلى الشريعة. حاجج الشاهد فالتر بأن "استتابة" المرء عن جرائمه أمر أوصى به القرآن، لكن استخدامه يعتمد على القاضي والضغوط الخارجية. وأوضح فالتر أنه عندما يجلس القاضي بمفرده، يكون من الصعب عليه منح التوبة إذا أرادت الجماعة المسلحة [التي ألقت القبض على المتهم] إعدامه.

قاطع محامو الدفاع الشاهدَ ليطلبوا منه ذكر مصادره. فأجاب الشاهد فالتر بأنه استند في أقواله إلى شهادات اعتبرها ذات مصداقية. وذكّر رئيس المحكمة القاضي لافيغن الشاهدَ بأن يُشير بوضوح إلى الحالات التي تُعدّ فيها أقواله مجرّد فرضية.

وعندما سُئل الشاهد فالتر عن زهران علوش [قائد لواء الإسلام ثم جيش الإسلام]، قال إن لواء الإسلام كان يتمتع في البداية بشعبية نسبية بين السُنّة. بَيْد أن هذه الشعبية تضاءلت عندما أطلق هذا الفصيل صواريخ من الغوطة على الأحياء التي عدّوا أنها كانت متعاونة [مع النظام] بصورة فاعلة أو غير فاعلة. على سبيل المثال، أفاد الشاهد فالتر أن لواء الإسلام استهدف حيًا فقيرًا يؤوي لاجئين فلسطينيين وأكرادًا وعراقيين شمال دمشق.

وأضاف الشاهد فالتر أن زهران علوش أساء استخدام سلطته عن طريق إنشاء نظام ابتزاز لتمويل فصيله، مشيرًا إلى أنه لم يكن الوحيد؛ فجميع الفصائل العسكرية العلوية كانت تفعل ذلك أيضًا. وفي كانون الأول/ديسمبر 2014، احتج سكان دوما على الاحتكار التجاري الذي مارسه هذا الفصيل.

وفي عام 2015، وبالقرب من جوبر، أفاد الشاهد فالتر أن حافلةً تقلّ جنديات – يُحتمل أنهن علويات – أُصيبت بصاروخ، فتسبّب بمقتل 55 امرأة. وأضاف الشاهد فالتر أنه في خريف عام 2016، في مكان ما بالغوطة، زُعم أن جيش الإسلام هاجم منظمي مؤتمر حول الحقوق السياسية للمرأة بتهمة "الفحشاء". وأعرب الشاهد فالتر عن استيائه من ازدراء كلا الجانبين للنساء؛ فقد قُتِلن أو اغتصبن أو وقعن في الأسر.

أسئلة محامي الأطراف المدنية لستيفان فالتر

طلبت الأطراف المدنية عرض مقطع فيديو يُظهر إعدام رجل في ساحة عامة بثلاث رصاصات في الرأس وينسب ذلك إلى جيش الإسلام. حاجج الدفاع في البداية بأن الذكاء الاصطناعي استُخدم في ترجمة المقطع، فردّ القاضي لافيغن بأن مترجمًا مُحلفًا هو من ترجم المقطع. وأكد الدفاع أن مجدي ن. لم يُتهم بتلك الأفعال، وأن قوانين الحرب لا تحظر عقوبة الإعدام. وفي النهاية، عُرض الفيديو على المحكمة.

ثم طلب المحامي بالي عرض مقابلة مسجلة بالفيديو لرجل، F1، وترجم المقابلةَ المترجمُ الشفوي.

في الفيديو، ذكر F1 أنه في 18 حزيران/يونيو 2018، كان مع قائد جيش الأمة [جماعة معارضة إسلامية في الغوطة أصبحت خصمًا لجيش الإسلام. ولم تفهم مراقبةُ المحاكمة السياق الدقيق الذي تواصل فيه F1 مع جيش الأمة في عام 2018]. وفي أحد الأيام، استيقظ في الصباح على صوت انفجار [حُجبت المعلومة]. ووفقًا لـF1، كانت المتفجرات المستخدمة في الهجوم من مواد لا يمكن لفصيل الوصول إليها سوى جيش الإسلام.

وبعد عشرين يومًا، وقع هجوم على جيش الأمة. سمع F1 أن جيش الإسلام كان يطلب من أعضاء جيش الأمة الاستسلام. وكان في المنزل حينها، برفقة زوجته، وأطفاله، وشقيقه، وزوجة شقيقه، وأطفالهما. وأفاد شقيق F1 أنه رأى عدة أشخاص ملثمين خارج المنزل، وسأله إن كان يعرفهم. فأجابه بالنفي. ثم اتصل بجهة مسؤولة عن العمليات [لم يُحدد الفصيل الذي انتمت إليه هذه الجهة]، ولكنه لم يتلقَّ أي رد. ولأن [حُجبت المعلومة].

وأوضح F1 أن هؤلاء الأشخاص الملثمين اقتحموا منزل الجيران دون استئذان، وهو أمرٌ غير مقبول ثقافيًا، كما أشار، خاصةً مع وجود نساء في المنزل. وأخذ الغرباء كل شيء، ومن ذلك عداد الكهرباء، والنساء والأطفال أيضًا. وذكر F1 أنه اختبأ لمدة يومين أو ثلاثة أيام بعد الحادثة.

وأرسل أحد أفراد العائلة، وهو عضو في جيش الإسلام، رسالةً إلى F1، مفادها أنه إذا سلّم نفسه، فسيكون بخير وسيُطلَق سراحه في غضون ثلاثة أيام. وبعد ذلك، قرر F1 الذهاب لرؤيتهم.

ووصف أنه احتُجِز في زنزانة بجوار سجين آخر، [حُجب الاسم]، W11، وهو [حُجبت المعلومة] من عدرا. وتذكّر F1 أن رائحة ذراعه كانت كريهة للغاية واعتقاده بأنه قد يتعيّن بترُها.

وأفاد F1 أن جلسات التحقيق معه كانت تجري من منتصف الليل حتى الساعة 6 صباحًا، بينما كانت جلسات التحقيق مع الآخرين تجري خلال النهار. ولأن F1 كان [حُجبت المعلومة]، وجد صعوبة في الصعود إلى الطابق الثاني حيث كانت تُجرى الجلسات. وزعم أن المحققين سخروا منه قائلين إنه كان يقفز مثل الأرنب.

وادّعى أنه اتُّهم بجرائم لم يرتكبها قط. وزعم أن المحقق عرض على F1 عدة اتهامات ليختار منها وطلب منه اختيار التهمة الأنسب له. وعندما أنكر F1 ارتكاب أي من الجرائم، زعم أن المحقق استخدم دبّاسة لثقب أذنيه. ومن أشكال التعذيب التي وصفها F1 كان وضع أقلام الرصاص بين أصابعه والضغط عليها حتى انكسرت أصابعه. وبعد كل جلسة تعذيب، ذكر F1 أنه أُجبر على الوقوف أمام الكاميرا وعلى قول إنه كان هناك بسبب اتهامات موجهة إليه. وذكر أن جيش الإسلام لم يسمح لأحد بأن يَمثُل أمام قاضٍ قط.

وُضع F1 في الحبس الانفرادي لعام ونصف. ثم جاء قاضٍ للتحقيق معه. غير أن F1 كان معصوب العينين، لذلك لم يستطع حتى معرفة من كان يتحدث إليه. وأوضح F1 أن هذا القاضي كان أول رجل يراه منذ عام ونصف. وكان سعيدًا جدًا بالتحدث إلى شخص ما لدرجة أنه أخبر القاضي بكل ما فعله به آسروه، مثل إجباره على تقديم اتهامات باطلة وتعذيبه.

وزعم أن القاضي طلب منه التحدث، فطلب منه F1 تأكيدًا على أنه لن يُعاد إلى السجن. وزعم أن القاضي وعده بذلك. وعلى الرغم من هذا الوعد، قال F1 إنه سُجن مجددًا [فات مراقب المحاكمة جزءًا يُرجّح أنه يُشير إلى إطلاق سراح F1]، وأنه هارب منذ ذلك الحين.

ثم طلب المحامي بالي عرض مقطع فيديو آخر لم يكن مترجَما، فطلب رئيس المحكمة القاضي لافيغن أن يُترجَم المقطع أولًا قبل عرضه في المحكمة.

وأشار المحامي بالي إلى مقال للشاهد فالتر كتب فيه أن المجتمع المدني السوري يرفض فكرة العدالة الدينية، وطلب من الشاهد فالتر التعليق. قال الشاهد فالتر إنه بعد عام 2011، أصبح كل طرف ينظر إلى الطرف الآخر على أنه عدو ينبغي قتله، وأن العدالة ليست مهمة.

أسئلة الادّعاء العام لستيفان فالتر

طلبت المدعية العامة من الشاهد فالتر تعريف السلفية. فأوضح فالتر أن "السّلفية" مشتقة من كلمة "السّلف"، وتعني "الأسلاف". ويشير المصطلح، من حيث الأصل اللغوي، إلى فكرة العودة إلى الأجيال الأولى من الإسلام. إلا أن الشاهد فالتر أوضح أن هذا المصطلح قد اتخذ بُعدًا سياسيًا ودينيًا، ويشير الآن إلى من يريدون تطبيق شكل من أشكال الإسلام مستوحى من النموذج الأصلي، والذي يتسم أحيانًا بالصرامة الشديدة، بل وحتى يتخذ طابع القرون الوسطى. وأضاف الشاهد فالتر أن هناك سلفيين يقتصرون على الوعظ، وآخرين يتخذون إجراءات عملية.

وأشارت المدعية العامة إلى كتابات الشاهد فالتر حول ضرورة قيام الجماعات المسلحة بإعادة بعض النظام بعد انتهاء القتال، أي فرض نمط حياة متزمّت وإنشاء قوة شرطة إسلامية مهمتها فرض السيطرة. وقال الشاهد فالتر إن سوريا تتكون أساسًا من مناطق تقليدية، حيث تختلف عقلية الناس عن عقليتنا. وعندما ينهار نظام، لا بُدّ من إعادة بناء شيء ما – وفي ذلك السياق، لا يوجد بديل سوى الدين، وهو الإسلام التقليدي. وقال الشاهد فالتر إن الناس في سوريا ليسوا مُسيَّسين بل متديّنين، ربما باستثناء الأكراد. فإلى جانب دمشق وجبال العلويين، ظلت بقية سوريا تقليدية إلى حد كبير.

وأضاف الشاهد فالتر أنه منذ بداية الثورة، ظهرت أعمال انتقامية [ضد العلويين]. وذكر أنه دعا أصدقاء علويين لحفل شواء في باريس. ولم يكونوا موالين للنظام، ولكنهم أشاروا إلى البراميل المتفجرة على أنها "براميل مباركة" – وخلص إلى أن "الناس قد فقدوا عقولهم".

أسئلة محامي الدفاع لستيفان فالتر

سأل المحامي غْويز الشاهدَ فالتر عمّا إذا كانت الثورة السورية حركة دينية انتقامية قادها السُنّة ضد العلويين أم أنها حركة سياسية. فأكّد الشاهد فالتر أنها كانت أيضًا حركة اجتماعية، جاءت بعد سنوات عجاف. وبحسب الشاهد، بدأت الثورة في جنوب سوريا، وهي منطقة أقل حظًا عانت من مستويات عالية من الفساد. ويعتقد الشاهد فالتر أنه كان هناك عدد من العوامل [تفسّر اندلاع الثورة]، إلى جانب قضية دينية كامنة انفجرت في نهاية المطاف.

وتساءل المحامي غْويز عمّا إذا كانت أفعال جيش الإسلام نابعة من انتقام ديني، أم أنها رد فعل على انتهاكات عشيرة بشار الأسد. وألمح الشاهد فالتر إلى مجموعة من العوامل، مضيفًا أن العنصر الديني كان حاضرًا بقوة. وشدّد على أن الزواج بين الطوائف لم يكن موجودا، وهو ما عزّز انعدام الثقة بين الطوائف. ويعتقد الشاهد فالتر أن هناك قضايا متجذرة خلقت ثقافة شبه منهجية من انعدام الثقة، والتي قد تكون نابعة من الفتوى الصادرة في عام 1305.

وذكر المحامي غْويز تعذيب الأطفال في درعا الذي أشعل ثورة 2011. فأكّد الشاهد فالتر ذلك، مضيفًا أن الحكومة لم تعتقل الجناة. لكن الشاهد فالتر أشار إلى أن الأمر سرعان ما اكتسب بعدًا طائفيًا، ونقل عن السُنّة قولهم [بالعربية]: "المسيحي إلى بيروت، والعلوي إلى التابوت".

 ________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.