1 min read

داخل محاكمة محمود س. #1: المرافعات الافتتاحية

محاكمة محمود س.

محكمة مقاطعة ستوكهولم - السويد

موجز مراقبة المحاكمة الأول

تاريخ الجلسة: 20 و21 و22 و24 تشرين الأول / أكتوبر 2025

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ حيّةً للتعذيب أو الاغتصاب أو صورٍ أخرى من العنف.

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و«المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون». وحُجبت أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يقدّم المركز السوري للعدالة والمساءلة موجزا للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

تقارير مراقبة المحاكمة في محاكمة محمود س. هي ثمرةٌ لشراكة بين المركز السوري للعدالة والمساءلة وجامعة ستوكهولم في السويد.

يسرد تقرير المحاكمة الأول الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل أول أربعة أيام من محاكمة محمود س. في مدينة ستوكهولم بالسويد. خُصِّص الأسبوع الأول من المحاكمة لعرض تفاصيل المرافعات الافتتاحية لكلٍّ من الادّعاء العام والدفاع. وكانت جلسات المحاكمة مفتوحة للجمهور في معظم مراحلها. إلّا أنّ بعض أجزاء الجلسات كانت مغلقة نظرًا للمعلومات الحسّاسة التي عُرضت خلالها.

اليوم الأول – 20 تشرين الأول/أكتوبر، 2025

التحقيق الأولي الذي أجرته الجهات السويدية

وُلد محمود س. في عام 1970 وهو فلسطيني الأصل يكنّى بأبي حديد، أقام بالقرب من مخيّم اليرموك حتى عام 2012. غادر سوريا في آب/أغسطس 2013 ووصل إلى السويد في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، 2013، ثم حصل على الجنسية السويدية في أيلول/سبتمبر 2017.

شملت التحقيقات في قضية محمود س. أكثر من 200 مقابلة. أُجريت هذه المقابلات داخل السويد وخارجها، ولا سيما في ألمانيا وفرنسا، وذلك عن طريق فريق تحقيق مشترك. وتشمل الأدلة تقارير من الآلية الدولية المحايدة والمستقلة – سوريا (IIIM)، والأمم المتحدة (UN)، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وعدد من المنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى ملفات قيصر.

أكّد المدّعي العام أن محمود س. كان له ارتباطات مع كلٍ من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وحركة فلسطين حرة، والجيش السوري الحر.

أصدرت محكمة الاستئناف الألمانية في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، 2023، حكمًا يقضي بسجن موفق د. مدى الحياة لارتكابه جرائم حرب جسيمة. وتُعدّ هذه القضية ذات أهمية سياقية، إذ تُظهر كيف جرى محاسبة أحد أعضاء هذه الفصائل على جرائم مماثلة.

التُّهم (المدّعون العامون)

دار نزاع مسلح غير دولي منذ ربيع عام 2012 على الأقل بين النظام السوري والميليشيات الموالية له من جهة، وعدد من الفصائل المسلحة في سوريا من جهة أخرى. وجُنِّد محمود س. في فترة خلال ربيع عام 2012 وأصبح عضوًا في ميليشيا مسلحة موالية للنظام، أو أبرم تحالفًا معها، في مخيّم اليرموك جنوب دمشق، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، أو ما يُعرف باسم "اللّجان الشعبية" التابعة لها، وحركة فلسطين حرة.

وبالتعاون والتنسيق مع آخرين، ارتكب محمود س. الأفعال الموصوفة أدناه (البندين 1 و2) في سوريا بين 13 تموز/يوليو، 2012 و31 تموز/يوليو، 2013.

المظاهرة التي جرت في مخيّم اليرموك بتاريخ 13 تموز/يوليو، 2012

بالتعاون والتنسيق مع أشخاص آخرين منتمين إلى ميليشيات موالية للنظام وأفراد من الشرطة أو أجهزة الأمن، في 13 تموز/يوليو، 2012، أصاب محمود س. وقتل عمدا عددًا من المدنيين في شارع فلسطين وشارع القدس في مخيّم اليرموك. حيث نسّق الجناة هجومًا باستخدام أسلحة آلية محشوة بالذخيرة الحية ضد مدنيين كانوا يشاركون في مظاهرة مناهضة للنظام السوري أو موجودين في محيطها. وقد شارك محمود س. في هذا الهجوم المنسّق ضد المدنيين، ومن بينهم الضحيّة 18 NN، أي P1، الذي كان يعمل مسعفًا. وقد ساهم محمود س. في تعزيز قوة الهجوم وأطلق النار بنفسه على المدنيين. أسفر الهجوم عن مقتل نحو عشرة أشخاص، من بينهم [حُجب الاسم] F1، و[حُجب الاسم] F2، و[حُجب الاسم] F3، وإصابة آخرين بجروح، من بينهم [حُجب الاسم] P2، و[حُجب الاسم] P3، و[حُجب الاسم] P4.

الحاجز الشمالي (كانون الأول/ديسمبر 2012 – تموز/يوليو 2013)

قصف النظام السوري في 16 كانون الأول/ديسمبر، 2012 عدّة أهداف مدنية في مخيّم اليرموك باستخدام طائرات ميغ، وشمل القصف مدارس ومسجدًا. وبعد ذلك بفترة وجيزة، فرَضت قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية، بدعم من ميليشيات موالية للنظام مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وحركة فلسطين حرة، حصارًا جزئيّا على مخيّم اليرموك، وأقامت حواجز على مداخله. وقد أجبر هذا الحصار الجزئي سكان اليرموك على الخضوع للتفتيش عند حاجز يقع بالقرب من مسجد البشير (الحاجز الشمالي) للدخول إلى المخيّم أو الخروج منه، حتى في الحالات المتعلقة بالحصول على الإمدادات الأساسية.

عمل محمود س. بين كانون الأول/ديسمبر 2012 وتموز/يوليو 2013 بصفته عضوًا في ميليشيا موالية للنظام السوري - أو متعاونًا معها - في الحاجز الشمالي، حيث حُرِم عدد كبير من الأشخاص من حريّتهم بشكل غير قانوني. وبالتعاون والتنسيق مع أفراد آخرين من الميليشيات الموالية للنظام وقوات النظام السوري والأجهزة الأمنية، شارك محمود س. في قتل مدنيين عمدًا وإلحاق معاناة شديدة بهم، شملت التعذيب النفسي والجسدي، وذلك عن طريق اعتقالهم عند الحاجز واحتجازهم في مرافق قريبة، قبل نقلهم إلى مراكز اعتقال تابعة لجهاز الأمن حيث تعرّضوا للتعذيب خلال فترة احتجازهم.

تضمّنت مشاركة محمود س. خدمة منتظمة في الحاجز الشمالي، حيث ساعد باستخدام معرفته بمخيّم اليرموك وسكانه في تحديد هوية المدنيين الذين يُشتبه بعدم ولائهم للنظام السوري وتسليمهم للأجهزة الأمنية لتعتقلهم. أدّت أفعاله إلى اعتقال عدد من المدنيين، من بينهم [حُجب الاسم] P5، و[حُجب الاسم] P6. واعتَقَل بنفسه مدنيين أيضًا، من بينهم [حُجب الاسم] P7، الذي كان يبلغ من العمر [حُجبت المعلومة] عامًا، واقتادهم إلى مرافق قريبة تمهيدًا لنقلهم إلى مراكز اعتقال تابعة للأجهزة الأمنية.

ارتكب محمود س.، عن طريق هذه الأفعال الموجَّهة ضد مدنيين يتمتّعون بحماية خاصة بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني (IHL)، انتهاكات جسيمة للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949، وللمبادئ المعترف بها عالميا في القانون الدولي الإنساني المطبّقة في النزاعات المسلحة. وقد ارتُكبت الأفعال المذكورة في سياق النزاع المسلح القائم في سوريا. وتُعد جريمة الحرب مشدَّدة الخطورة نظرًا إلى أن عددًا من الأشخاص قد قُتلوا وأصيبوا نتيجةً لها. ومن ناحية أخرى، يُمكن اعتبار أن محمود قد ساعد وحرّض على ارتكاب جرائم حرب مشدّدة عن طريق تقديم المشورة أو المساعدة على النحو المبيَّن أعلاه.

الأساس القانوني (البندان 1 و2)

الفصل 22، المادة 6، الفقرتان 1 و2 من قانون العقوبات السويدي (بالصيغة النافذة قبل 1 تموز/يوليو، 2014)، والفصل 23، المادة 4 من قانون العقوبات السويدي، والمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949، والمادتان 4 و13 من البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف.

موقف (الدفاع) بشأن مسألة مسؤولية المتّهم

أنكر محمود س. جميع الاتّهامات الجنائية الموجَّهة إليه، ورفض أي مطالبات بالتعويض. وجادل بأن القانون السوري هو الذي ينظّم أفعاله. وأشار المدّعي العام إلى أن سوريا صادقت على اتفاقيات جنيف عام 1953 وعلى البروتوكول الإضافي الأول عام 1983، لكنها لم تصادق على البروتوكول الإضافي الثاني؛ غير أن أجزاء كبيرة من أحكام البروتوكول الثاني تُعد من القانون الدولي العرفي.

وفيما يتعلق بالمظاهرة، ادّعى محمود س. أنه لم يعمل بالتنسيق مع الشرطة أو الميليشيات (الجيش السوري الحر)، وأنه لم ينسّق أو يشارك في قتل المدنيين. ولم يتمكن في هذه المرحلة من تقديم شهود لدعم أقواله.

أما فيما يتعلق بالحاجز، نفى محمود س. أي مسؤولية له في هذا الصّدد، مؤكدًا أنه لم يخدم هناك، ولم يعتقل أو يحدّد هوية الأشخاص المعارضين للنظام، ولم يعمل بالتنسيق مع أي جهة أخرى. ونفى تقديم أي شكل من أشكال المشورة أو المساعدة التي قد تثبت ضلوعه في الأفعال المنسوبة إليه.

أعلن فريق الدفاع أن جميع هذه النقاط ستُوضَّح خلال جلسة الاستماع المقرّرة يوم الجمعة، 24 تشرين الأول/أكتوبر، 2025.

مخيّم اليرموك

كان مخيّم اليرموك بين عامي 2011 و2018 مسرحًا لنزاع مسلح غير دولي معقّد شاركت فيه جهات فاعلة حكومية وغير حكومية. وعملت ميليشيات موالية للنظام، من بينها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وحركة فلسطين حرة واللّجان الشعبية، إلى جانب الجيش السوري، بينما عارضتها فصائل مثل الجيش السوري الحر وكتائب أكناف بيت المقدس. وبحلول عام 2013، كان الجيش السوري قد فرض حصارًا على المخيّم، وسجن نحو 18,000 شخص وتسبب في مقتل ما لا يقل عن 194 مدنيا. وسيّطر تنظيم داعش لاحقًا على المخيّم، إلى أن استعادت قوات موالية للنظام السيطرة عليه عام 2018. وربط الادّعاء العام محمود س. بهذا الهجوم استنادًا إلى أدلة مكونة من صور ومقاطع فيديو مصوّرة أظهرت وجوده في موقع الأحداث وقت وقوعها، وهو ما يشكل جزءًا من السياق المرتبط باتّهامات جرائم الحرب الموجهة إليه.

قائمة أعضاء حركة فلسطين حرة

أعدّ المركز السوري للإعلام وحرّية التعبير (SCM) قائمة لهيكل قيادة أعضاء حركة فلسطين حرة. وقد ركّز المدّعون العامون على بعض الأفراد الواردين في هذه القائمة، مسلّطين الضوء على أعضاء رفيعي المستوى يُزعم أن محمود س. كانت له صلات بهم. وقد استُنِد في إثبات هذه الصّلات إلى صور وصداقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى معلومات حول جهات اتصال مستخرجة من هواتفه. وحدّدت تقارير إعلامية أيضًا (منها ما نُشر في موقع "الحجر الأسود" و"صحيفة زمان الوصل") أن محمود س. كان عضوًا في حركة فلسطين حرة. وقدّموا قضية موفق د. باعتبارها دليلا، وهي القضية التي أصدرت فيها محكمة ألمانية حكمًا بالسجن المؤبد بحق عضو رفيع المستوى في حركة فلسطين حرة بتهمة ارتكاب جرائم حرب جسيمة (بتاريخ 1 تشرين الثاني/نوفمبر، 2023)، في إشارة إلى العواقب القانونية المحتملة التي قد يواجهها أعضاء حركة فلسطين حرة المتورّطون في أنشطة مماثلة.

اليوم الثاني – 21 تشرين الأول/أكتوبر، 2025

المظاهرة: البند الأول من لائحة الاتّهام

استعرض المدّعي العام الوضع في مخيّم اليرموك قبيل المظاهرة التي جرت في 13 تموز/يوليو، 2012. ووصف المدّعي العام كيف اختُطف ما بين 14 إلى 17 طفلًا فلسطينيا وتعرّضوا للتعذيب حتى الموت. ووُجهت أصابع الاتّهام إلى حكومة الأسد بأنها المسؤولة عن عمليات القتل تلك، والتي كانت السبب في اندلاع المظاهرة الكبرى في ذلك اليوم.

عُرِضَ مقطع فيديو من المظاهرة يُظهر تحرك الحشود الكبيرة في شوارع مخيّم اليرموك. وأظهر مقطع الفيديو لاحقًا تعرّض المتظاهرين لإطلاق النار بينما كانوا يفرّون للنجاة بحياتهم بحثًا عن مأوى في المنطقة. وحاجج المدّعي العام بأن الأجهزة الأمنية السورية خطّطت للهجوم بشكل مُحكم وبدرجة عالية من التنسيق، إذ إنها استخدمت ميليشيات موالية للنظام مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة لتنفيذ الهجوم. وادّعى المدّعي العام وجود مواقع قنص منتشرة حول المتظاهرين لإطلاق النار عليهم، مشيرًا إلى أن ذلك يُعدّ دليلًا على أن الهجوم كان مُخطّطا له ومنسّقًا مسبقًا.

أشار المدّعي العام إلى أن هناك تضاربًا في المعلومات المتعلّقة بعدد الضحايا الذين سقطوا خلال المظاهرة. ففي اليوم التالي للواقعة، أفادت مصادر سورية بمقتل 11 شخصًا، في حين خلصت الأمم المتحدة لاحقًا إلى أن عدد القتلى بلغ 10 أشخاص. أما المعلومات الأولية التي تلقّتها المحكمة السويدية فقد أشارت إلى مقتل 12 شخصًا، غير أن المحكمة أثبتت أن أحد الأفراد المدرجين في القائمة، وهو [حُجب الاسم] P2، وهو مدّعٍ في هذه القضية، لا يزال على قيد الحياة، لكنه أُصيب أثناء الأحداث. وحدّدت المحكمة أن اسم أحد القتلى، [حُجب الاسم] F2، قد أُدرج مرتين. وبناءً على هذه النتائج، خلصت المحكمة إلى أن العدد الإجمالي للوفيات هو 10 أشخاص.

علاوة على ذلك، شرع المدّعي العام في سرد أسماء الأشخاص المصابين وقدّم شهادات طبية توثّق إصاباتهم. وعقدت المحكمة جلسة مغلقة لحماية المعلومات الحساسة التي عُرِضت خلال هذه المرحلة من المحاكمة.

الحواجز: البند الثاني من لائحة الاتّهام

قدّم المدّعي العام تقريرًا يوضح مهمّة الحاجز الواقع عند المدخل الشمالي لمخيّم اليرموك وسبب استخدامه وكيفية توزيع العاملين فيه. وبحسب التقرير، كانت مهمّة الحاجز تتمثّل في مراقبة حركة الأفراد الداخلين إلى المنطقة والخارجين منها، والتحقّق من هوياتهم عن طريق قوائم بأسماء الأشخاص المطلوبين لدى السلطات. وكان الهدف المُعلن من إقامة الحاجز هو تحديد الأفراد المنتمين إلى الفصائل الثورية واعتقالهم.

أشار المدّعي العام إلى أن عددًا كبيرًا من المدنيين اعتُقِلوا عند هذا الحاجز، ومن ثَمّ نُقلوا إلى مراكز اعتقال وسجون تُديرها الأجهزة الأمنية السورية. ولإثبات هذه البيانات، عرض المدّعي العام مقاطع فيديو وأدلة فوتوغرافية تُظهر الحاجز المعنيّ والعمليات التي يؤديها.

أعدّت منظمات حقوقية تقارير تحليلية حول الحاجز الواقع عند المدخل الشمالي لمخيّم اليرموك، حيث يُزعم أن محمود س. كان يعمل.

وبحسب هذه التقارير، كان الحاجز تحت سيطرة فصيلين فلسطينيَين محليَين. كان الفصيل الأول هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل، F4. وكان الفصيل الثاني هو حركة فلسطين حرة، بقيادة ياسر قشلق، F5. وكان يُسمح للمدنيين بمغادرة المخيّم فقط بين الساعة 8:00 صباحًا و3:00 بعد الظهر وفي أيام محدّدة، واضطر كثيرون إلى الانتظار لعدّة ساعات عند الحاجز للدخول أو الخروج من المخيّم.

وقد وثّقت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا (AGPS) العديد من حالات الاعتقال التي جرت عند الحاجز في تقاريرها اليومية حول الوضع الميداني. وأشارت عدّة تقارير أيضًا إلى وجود أشخاص ملثّمين يعملون مخبرين، أدّت أفعالهم إلى اعتقال مدنيين وتعريضهم لاعتداءات جسدية. وقد قيل إن محمود س. كان ملثمًا أثناء عمله على الحاجز.

قدّم المدّعي العام أيضًا أدلة تعتمد على تحديد الموقع الجغرافي، شملت صورًا ومقاطع فيديو تُظهر شكل المدخل الشمالي لمخيّم اليرموك وظروفه في الفترة الزمنية ذات الصلة.

ضلوع محمود س.

زعَم المدّعي العام أن محمود س. كان يعمل بانتظام، بصفته عضوًا في ميليشيا مسلحة موالية للنظام أو مرتبطًا بها، في حواجز جرى فيها اختطاف واعتقال أفراد، معظمهم مدنيون، بشكل غير قانوني، وفي عدد من الحالات كانوا يُقتلون. وزعم أيضًا أن محمود س. أخضع المدنيين، عن طريق عمله على هذا الحاجز، لمعاملة لا إنسانية وألحق بهم معاناة شديدة، شملت أفعالًا ترقى إلى مستوى التعذيب.

ووفقًا للادعاء العام، شارك محمود س. في تحديد هوية المدنيين ومراقبتهم بهدف اعتقال من يُشتبه في عدم ولائهم للنظام السوري، ومن ثَمّ نقلهم إلى عهدة السلطات الحكومة السورية.

أفاد المدّعي العام بأن الأجهزة الأمنية السورية كانت تفرض سيطرتها على المنطقة عن طريق ميليشيات موالية للنظام. ويُزعم أن محمود س. كان يشغل منصبًا قياديّا في إحدى هذه الميليشيات، وأنه مارس هذه السلطة في تحديد هوية الأشخاص المشتبه بانتمائهم إلى قوى الثورة واعتقالهم. وأكّد المدّعي العام أيضًا أن محمود س. نقل المعتقلين إلى الأجهزة الأمنية السورية، حيث أُعدِم العديد منهم لاحقًا.

اليوم الثالث – 22 تشرين الأول/أكتوبر، 2025

الأجهزة الأمنية السورية

شرع المدّعي العام في وصف الهيكل التنظيمي للأجهزة الأمنية السورية وفروعها المختلفة. وركز بشكل خاص على شعبة المخابرات العسكرية (MID). وأوضح أن شعبة المخابرات العسكرية كانت تعمل عن طريق عدّة فروع، من بينها الفرع 215 (سريّة المداهمة)، والفرع 227 (فرع المنطقة)، والفرع 235 (فرع فلسطين) المرتبط بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة. وقد وُثِّقت ممارسة هذه الفروع لأنماط من العنف المنهجي والمنظّم، وكانت هذه الممارسات، وفقًا للادعاء العام، معروفة على نطاق واسع لكل من محمود س. والشعب السوري عمومًا. وادّعى المدّعي العام أن محمود س. كان على دراية تامّة بطبيعة التعذيب وسوء المعاملة اللذين كانا ينتظران الأشخاص الذين كان يعتقلهم عند الحاجز ويسلّمهم لاحقًا إلى الأجهزة الأمنية السورية.

كان الفرع 227 مرتبطًا بشكل خاص بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، من بينها التعذيب والإعدامات، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 20% من الضحايا الموثَّقين في صور "قيصر" يُنسَبون إلى هذا الفرع. وارتبط الفرع 235 بارتكاب انتهاكات مماثلة، شملت التعذيب والعنف الجنسي وإساءة المعاملة، ومن بينها حالات طالت نساء معتقلات.

إضافةً إلى ظروف الاحتجاز اللاإنسانية التي وصفها المدّعي العام، استنادًا إلى تقارير متعدّدة، بأنها جزء من نظام متعمّد للتعذيب يهدف إلى كسر إرادة الفرد، فقد أفيد بأن ممارسات تعذيب منهجية كانت تُمارس يوميّا. وكانت التحقيقات تتضمّن بصورة روتينية استخدام التعذيب لانتزاع المعلومات أو الحصول على اعترافات قسريّة. وشملت أساليب التعذيب الصعق بالكهرباء والحرق والضرب، فضلًا عن أساليب أكثر منهجية مثل "الدولاب"، إذ يُجبر الضحيّة على الدخول في إطار مطاطيّ ويُضرب داخله؛ و"بساط الريح" الذي يتضمن تقييد الضحيّة على لوح والاعتداء عليه جسديًا؛ و"الشّبْح"، إذ يُعلَّق المعتقل من معصمَيه، إما من الأمام أو من الخلف. وقيل أيضًا إن التعذيب كان يُمارس بشكل تعسفيّ داخل الزنازين والممرات، وهو ما ولّد حالة من الخوف الدائم بين المعتقلين من أن يكونوا الضحيّة التالية لهذه الممارسات.

اليوم الرابع – 24 تشرين الأول/أكتوبر، 2025

تقديم فريق الدفاع بيان الوقائع

في اليوم الرابع من المحاكمة، أشار فريق الدفاع إلى أن القضية تفتقر إلى أدلة ملموسة إلى حد كبير، وأنها تستند بشكل أساسي إلى إفادات شهود حول أحداث وقعت قبل ثلاثة عشر عامًا. وأوضح فريق الدفاع أن القضية تستند بشكل كبير إلى معلومات جمعتها أطراف ثالثة، وأن السلطات السويدية المختصة بالتحقيق لم تتدخّل إلا في مرحلة ثانية أو حتى ثالثة من سير التحقيق. وأضاف أنه يكاد يكون من المستحيل التحقّق من مصادر هذه الأدلة.

تابع فريق الدفاع مجادلًا بأنه لا يمكن التحقّق من أيّ من إفادات الشهود من الناحية التقنية، وأن العديد من الأشخاص الذين يجمعون هذه الإفادات مدفوعون بنزعة الناشطين. وأقرّ الدفاع بأن تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة هيومن رايتس ووتش قد أثبتت وقوع جرائم حرب جسيمة في سوريا، ارتكبتها كل من القوات الموالية للنظام وقوات المعارضة على حد سواء.

استشهد الدفاع بالمقولة المعروفة "عندما تقوم الحرب، تكون الحقيقة أول الضحايا"، مجادلًا بأن هذه المقولة تنعكس في الحكم، ودعا الدفاع المحكمة إلى توخي الحذر عند استخلاص النتائج في سياق حرب أهلية، وذلك لعدم وجود أدلة موثوقة تُثبت ذنب المتّهم. وخلص الدفاع إلى أنه ينبغي على المحكمة أن تلتزم بمبادئ اليقين القانوني وأن تصدر حكمًا ببراءة المتّهم.

ضلوع محمود س. في القوات الموالية للنظام

أكّد فريق الدفاع أنه لم يرد ذكر محمود س. في أي من التقارير الصادرة عن منظمات موثوقة ومستقلة، مثل لجنة العدالة الدولية والمساءلة (CIJA)، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، ومنظمة هيومن رايتس ووتش. وأن اسمه لم يظهر في أي من هذه المصادر. وأوضح أن هذه المنظمات لم تتمكن من تأكيد انتماء المتّهم لأي فصيل موالٍ للنظام في مخيّم اليرموك عندما طلبت منها الشرطة السويدية ذلك. وأضاف أن الوسائل الإعلامية الوحيدة التي ورد فيها ذكر محمود س. هي منصّات إعلامية موالية للمعارضة السورية، والمصنّفة على هذا النحو في تقرير "المشهد الإعلامي السوري الجديد" في الصفحات من 8 إلى 10 (معهد الشرق الأوسط، عام 2016، المشهد الإعلامي السوري الجديد). وأكّد الدفاع أن التقرير ذاته ذكر أن هذه المصادر الإعلامية مدفوعة بنزعة الناشطين، وبالتالي لا يمكن اعتبارها مصادر مستقلّة أو موضوعية.

قدّم فريق الدفاع مثالًا على المنصّات الإعلامية التي لا يمكن اعتبارها مصادر موثوقة، مشيرًا إلى المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الذي قدّم معلومات للشرطة السويدية. وأوضح أن تقارير المركز تستند في الغالب إلى اتصالات مع ناشطين، وشهادات لشهود لم يفصحوا عن هويتهم، وإفادات شهود جُمِعت عام 2023 بعد مبادرة من المركز نفسه للتواصل معهم. باختصار، فإن هذه التقارير تعتمد أساسًا على مواد مفتوحة المصدر، والتي لا يمكن اعتبارها موثوقة وفقًا للدفاع. فعلى سبيل المثال، زعم المركز أن محمود س. شارك في عمليات اعتقال تعسفيّة عند الحاجز عام 2015. غير أن الإشكالية في هذا الاتّهام تكمن في أن محمود س. كان موجودًا في السويد خلال تلك الفترة. وبالتالي، فقد وُجِّهت ضده مزاعم باطلة عبر نفس المنصة الإعلامية التي يُستند إليها الآن في إجراءات المحاكمة.

أكّد فريق الدفاع أنه لا توجد أي أدلة تشير إلى أن محمود س. كان في أي وقت من الأوقات منتميًا إلى حركة فلسطين حرة أو إلى أي قوى أخرى موالية للنظام، رغم الادّعاءات التي نشرتها بعض الوسائل الإعلامية، مثل "الحجر الأسود" و"زمان الوصل"، التي زعمت عكس ذلك. وأوضح الدفاع أن محمود س. أقام في مخيّم اليرموك حتى عام 2012. وأضاف أنه لم يكن عضوًا في حركة فلسطين حرة أو في أي فصيل موالٍ للنظام قط، ولم يكن منتميًا إلى أي فصيل معارض، مثل الجهاديين أو المنظمات الإسلامية الأخرى.

وعلى الرغم من أن بعض أصدقاء ومعارف المتّهم كانت لهم صلات بفصائل موالية للنظام، فإن ذلك لا يمكن اعتباره دليلًا على ضلوعه هو شخصيا في أي من تلك الفصائل. وإن حقيقة ظهوره في صور مع بعض المؤيدين للنظام خلال الفترة الزمنية من 2017 إلى 2018 لا تعني بالضرورة أنه موالٍ للنظام أو أنه كانت تجمعه علاقة وثيقة بتلك الشخصيات. وفيما يتعلق بمقطع الفيديو المؤرخ في عام 2018 الذي يُظهر المتّهم وهو يرقص حاملًا سلاحًا، فإن هذا المقطع لا يشكّل أساسًا لأي استنتاج بشأن التّهم المزعومة الموجّه إليه. إذ أن الرقص أو التباهي بالسلاح، لا سيما في المناسبات الاحتفالية، يُعد ممارسة ثقافية شائعة في الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، هناك عدد كبير من مقاطع الفيديو والصور الملتقطة خلال المظاهرة التي جرت في 13 تموز/يوليو، 2012. وعلى الرغم من تحديد هوية بعض الأشخاص الظاهرين في تلك الصور ومقاطع الفيديو، إلا أن محمود س. لا يظهر في أي منها.

تُظهر مقاطع الفيديو المصوّرة من مخيّم اليرموك بين عامي 2012 و2013 أن ميليشيات معارضة كانت موجودة في المنطقة. وتُظهر مقاطع الفيديو أيضًا اندلاع اشتباكات عنيفة بين العديد من الفصائل المعارضة والفصائل الموالية للنظام داخل مخيّم اليرموك. وكان مخيّم اليرموك يتعرّض للهجوم من الداخل والخارج في آنٍ واحد. ولا تشير أي من الأدلة المتاحة أو الوثائقية، مثل المواد المنشورة على الإنترنت، أو مقاطع الفيديو المنشورة على اليوتيوب، أو تقارير منظمة العفو الدولية، بأي شكل إلى ضلوع محمود س. في تلك الأحداث. وقد حُدِّدت هوية بعض الأفراد المنتمين إلى الفصائل عن طريق المقاطع المصوّرة. غير أن محمود س. لم يكن من بينهم.

ذُكِر محمود س. في تقرير إدارة عمليات الشرطة الوطنية التنفيذية السويدية (NOA) بصفته احتمالًا ممكنًا للتطابق مع "الشخص الملثّم" الذي ظهر في بعض الصور الملتقطة عند الحاجز. وأفاد المركز السوري للإعلام وحرية التعبير أنه كان هناك شخص واحد أو أكثر من الأفراد الملثّمين، وقد حُدّد محمود س. بأنه أحد المشتبه بهم المحتملين من بين 29 شخصًا آخر. وتُدير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، التي حدّدت محمود س. بأنه أحد الأفراد الملثّمين الذين يعملون بصفتهم مخبرين، حملة ضد جرائم الحرب في مخيّم اليرموك، وشجّعت الأفراد على الإدلاء بشهاداتهم لاحقًا بشأن محمود س.

أشار فريق الدفاع إلى أن معلومات مزوّرة تتعلق بمحمود س. قد انتشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما على منصّة فيسبوك. فعلى سبيل المثال، وُجِّهت إليه اتّهامات باطلة بالضلوع في مجزرة وقعت عام 2014، في حين أنه كان قد فرّ إلى السويد قبل ذلك. وزُعم زورًا أن محمود س. هو والدُ طفلٍ ظهر في صورة وهو يحمل أسلحة، رغم أنه ليس لديه ابن. وأكّد الدفاع أن هذا الكمّ الهائل من المعلومات الملفقة مدفوع إلى حد كبير بتوجّهات ناشطين.

 

ستُستأنف محاكمة محمود س. يوم الأربعاء 5 تشرين الثاني/نوفمبر، 2025

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.