داخل محاكمة حسناء أ. #2: حق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما والبيانات الختامية لمكتب المُدّعي العام
محكمة مقاطعة لاهاي – مجمع سخيبول القضائي، هولندا
التقرير الثاني لمراقبة المحاكمة
تاريخ الجلسة: 16 تشرين الأول/أكتوبر، 2024
تحذير: تتضمن بعض الشهادات أوصافًا للتعذيب.
يُرجى ملاحظة أن هذا التقرير ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميّ لجلسات المحاكمة.
في هذا التقرير، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما حُجِبت أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.
يسرد التقرير الثاني للمركز السوري للعدالة والمساءلة لمراقبة المحاكمة وقائع اليوم الثاني من محاكمة حسناء أ. في مجمع سخيبول القضائي في بادهوفدورب بهولندا. إذ خُصِّصَ النقاش خلال هذا اليوم من المحاكمة لحق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما وإثارة الأسئلة وتقديم طلبات إضافية بشأن دعاوى التعويضات والبيانات الختامية، بالإضافة إلى مناقشة الحكم الذي طالب به الادعاء العام.
يوم المحاكمة الثاني – 16 تشرين الأول/أكتوبر، 2024
بدأت الجلسة في اليوم الثاني من المحاكمة في الساعة 10:45 صباحًا في مجمع سخيبول القضائي في بادهوفدورب بهولندا، أمام دائرة الجرائم الدولية في محكمة مقاطعة لاهاي. بدأت الجلسة متأخرة عن الموعد المُحدّد نتيجةً لتأخّر نقل حسناء أ. إلى مجمع سخيبول القضائي. كان عدد الحاضرين أكثر من عددهم في اليوم الأول من المحاكمة، وكانوا موجودين في شرفة الجمهور المُطلّة على قاعة المحكمة والمفصولة عنها بواجهة زجاجية، وكان الصحفيون موجودين داخل قاعة المحكمة كما في اليوم الأول.
افتتاح يوم المحاكمة الثاني
افتتح رئيس المحكمة الجلسة بالترحيب بالمُدّعيتين، P1 التي كانت حاضرةً داخل قاعة المحكمة في غرفة منفصلة، وP2 التي كانت حاضرةً عبر الاتصال المباشر بالإنترنت. ورحّب القاضي بالجمهور الحاضر في الغرفة وعبر الإنترنت. ثم وجّه القاضي حديثه إلى حسناء وأخبرها أنها لن تحتاج إلى تقديم إجابات في هذا اليوم، ولكن عليها الانتباه لما يُقال.
أوضح رئيس المحكمة بعد ذلك برنامج الجلسة بالتفصيل. إذ ستُخصَّص فترة الصباح لحق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما ومطالباتهما بالتعويضات، على أن تتولّى محاميتيهما، د. باربرا فان سْتْراتن ود. بريختْيِه فوسنبرج، تقديم هذه المطالبات بشكل رئيسي، إلا أن P1 ستدلي بمداخلة موجزة عقب اليوم الأول للمحاكمة وتعليقات حسناء أ. [جاءت مداخلة P1 مُخالفة للبرنامج الأصلي]. أما فترة ما بعد الظهر، فستُخصَّص لبيانات مكتب المُدّعي العام الختامية وإجراءات إصدار الحكم المطلوب.
حق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما: سياق ما كابدته المُدّعيتان
افتتحت د. باربرا فان سْتْراتن حق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما (مُعلّقةً بأنها ستتحدث بوتيرة أبطأ مُراعاةً لعمل المُترجم الشفوي). وأوضحت فان سْتْراتن أنها ستتناول بالتفصيل سياق تعرّض المُدّعيتين للاستعباد وكونهما سبيّتين إيزيديتين، في حين ستتطرّق زميلتها د. بريختْيِه فوسنبرج إلى سرد القصص الشخصية لكل من P1 وP2.
استهلت فان سْتْراتن حديثها بالتأكيد على مرور عشر سنوات على هجوم تنظيم داعش على الإيزيديين، الذي وقع في صيف عام 2014. وأوضحت كيف أُعدِم الرجال، واقتيد الفتيان دون الثانية عشرة من العمر لتجنيدهم في صفوف التنظيم بصفتهم مقاتلين، في حين سُبيت النساء والفتيات واقتدن إلى معاقل الخلافة ليُستعبدن (جنسيًا). وأشارت محامية المدّعيتين إلى وجود فارق جوهري بين مفهوم الإبادة الجماعية من الناحية القانونية وبين مفهومها المتداول بين عامة الناس. وأضافت أن الإبادة الجماعية بمفهومها العام تُعدّ اعتداءً على الهوية والدين والثقافة ونمط العيش، وهي ليست مجرد جريمة عادية، بل تتجاوز ذلك. وبيّنت أن جريمة القتل في سياق الإبادة الجماعية لا تُخلّف ألمًا بالغًا نتيجة فقدان الأحبة وأفراد العائلة فحسب، بل تتعداه إلى ألم فقدان النسل بأكمله واندثار مجتمع بأكمله. وأوضحت أن الجرائم المرتكبة تأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية. وأوضحت محامية المدّعيتين أن لمفهوم الإبادة الجماعية أثرًا بالغًا على الأفراد، ولا سيما على موكلتيها. وبيّنت أن كلًا من P1 وP2 وقعتا ضحية مباشرة لجريمة الإبادة الجماعية التي استهدفت المجتمع الإيزيدي، إذ إنهما تنتميان إلى هذه الثقافة، ولكنهما باتتا محرومتين من العودة إلى ديارهما. وأوضحت محامية المدّعيتين أن P1 وP2 اختُطفتا من مسقط رأسهما وغُسل دماغهما. وأشارت إلى أن كلتا الموكلتين تفتقدان أفراد عائلتيهما.
تابعت فان سْتْراتن موضحة أن P1 وP2 كانتا ضحيتين لسلوك المتهمة، وأنهما أُجبرتا على العمل لدى حسناء أ. بصفتهما سبيتين في المنزل. وأشارت إلى أنه على الرغم من أن التهم الموجهة ضد المتهمة تتعلق بجرائم فردية ضد الإنسانية، إلا أنه لا يمكن فصل ما كابدته موكلتاها عن هجوم الإبادة الجماعية الذي استهدف الإيزيديين. وأوضحت محامية المدّعيتين أن جرائم الاستعباد والاغتصاب ربما تُعدّ أكثر الجرائم التي لا تُنسى التي ارتكبها تنظيم داعش. وأوضحت أن أبحاث الأمم المتحدة تُشير إلى اختطاف حوالي ستة آلاف فتاة إيزيدية (لا يزال 2,700 منهنّ في عداد المفقودات) وأن 80% منهنّ عُرضن على مقاتلي التنظيم عبر أسواق للرقيق على الإنترنت وأسواق فعلية. وسلّطت محامية المدّعيتين الضوء على استغلال فتيات لا تتجاوز أعمارهنّ التسع سنوات بصفتهن سبايا جنس، وأن إهداء سبايا المنازل والجنس بين مقاتلي التنظيم كان ممارسة شائعة. وأضافت أن زوجات مقاتلي التنظيم كنّ شريكات في هذه الجرائم، مثل حسناء. وباسم موكلتيها، شددت محامية المدّعيتين على أن ما حدث يُشكّل إبادة جماعية، مُطالبةً الادعاء العام بتقديم تفسير لعدم توجيه تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
ثم انتقلت فان سْتْراتن لتُبيّن أنه على الرغم من عدم توجيه تهمة الإبادة الجماعية للمتهمة، فإن جميع أركان جريمة الاستعباد، بصفتها جريمة ضد الإنسانية، مُتحققة. واستشهدت محامية المدّعيتين بالأحكام والسوابق القضائية الألمانية، مُقتبسةً من حكم قضائي نصّ على أنه في حالة زوجات مقاتلي تنظيم داعش، لا يشترط إثبات دفع المتهمة أموالًا للسبايا، بل ينبغي التركيز على القصد. وفي القضية المذكورة، ثبت أن المتهمة كانت تُحكم سيطرتها على حركة السبايا، وتمنعهن من ممارسة شعائرهن الدينية الإيزيدية، وتُجبرهن على رعاية أطفالها، مع توافر القصد الجنائي اللازم. وقد تجلّى هذا القصد في علمها بالاعتداء على الإيزيديات واحتجازهن قسرًا. وطرحت محامية المدّعيتين أنه في القضية المرفوعة ضد حسناء، لم تكن هناك حاجة لإثبات شراء المتهمة لموكلتيها بالمال، بل يكفي إثبات شعورهما بالتقييد والإجبار على العمل. وأضافت أن P1 وP2 قد أكّدتا ذلك. وأوضحت أن P2 أفادت بأنها توسلت إلى حسناء لمساعدتها في العثور على أطفالها، لكن حسناء لم تُحرّك ساكنًا. وذكرت P2 أن حسناء كانت على علم باحتجازها هي وP1 قسرًا، وأنها بدلًا من مساعدتهما، استغلتهما وأساءت معاملتهما بصفتهما سبيتين. وأضافت فان سْتْراتن أن موكلتيها لا يساورهما أي شك في تورط المتهمة في ممارسات الاستعباد التي ارتكبها تنظيم داعش.
اختتمت فان سْتْراتن مُرافعتها باقتباس من كتاب نادية مراد "الفتاة الأخيرة" [كانت نادية نفسها سبية إيزيدية أيضًا، إذ كتبت أن الإرهابيين ظنّوا أن الضحايا لن يتمكنّ أبدًا من الفرار أو الانفصال عنهم، وأنهنّ سيشعرن بالخجل من التحدث عما اقترفوه بحقهنّ. لكن نادية كانت تشعر في كل مرة تروي فيها قصتها بأنها تُعاود عصيانهم وتقوّض مزاعمهم. وسلّطت فان سْتْراتن الضوء على أهمية حضور P1 وP2، مُشيرةً إلى أن P2 أرادت الحضور شخصيًا [واجهت P2 صعوبة في الحصول على تأشيرة دخول بسبب وضع لجوئها في أستراليا]. وأضافت أن P1 كانت ممتنة لحضورها الجلسة شخصيًا، وأنها قررت استخدام حقها في الإدلاء بأقوالها مباشرة إلى المتهمة، ثم أحالت فان سْتْراتن الكلمة إلى زميلتها.
حق المُدّعيتين في الإدلاء بأقوالهما: ما كابدته P1 وP2 شخصيًا
أوضحت د. بريختْيِه فوسنبرج أنها ستتناول القصص الشخصية للمُدّعيتين والاتهامات الموجهة ضد حسناء. وأوضحت أن حجج موكلتيها كانت أن ما ارتكبه تنظيم داعش بحقهما يُعدّ حُكمًا مدى الحياة، وأنه أمر لا إنساني بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وأضافت أن P1 وP2 تشعران بالألم الجماعي الذي يُعانيه الإيزيديون بسبب الاضطهاد والجرائم الدولية التي ارتُكبت بحقهم. ووصفت فوسنبرج موكلتيها بأنهما بنتان وأختان ووالدتان وعمّتان/خالتان نجيتا من فظائع. وأكّدت أن هذا الحق في التحدث لم يكن هيّنًا على الضحيتين، لأنه يُعيدُهما إلى أحلك فترات حياتهما. وذكرت فوسنبرج أنها ستترك للادعاء العام مهمة التطرّق لتملص حسناء وتَهرُّبها من الإجابة عن الأسئلة المُتعلّقة بالاستعباد. وأضافت أن الطريقة التي قدمت بها حسناء نفسها يوم الاثنين بصفتها أَمَة، في نفس منزلة P1 وP2 وP6، ونفيها القاطع لأي دور لها في استعبادهنّ، قد آلمت P1 وP2 وقلبت حياتهما رأسًا على عقب، وأنهما اعتبرتا إفادة حسناء كذبة. وأكّدت فوسنبرج أن P2 قالت إنها "اشتعلت من الداخل" عندما سمعت أقوال حسناء في المحكمة يوم الاثنين.
ثم شرعت فوسنبرج في تفصيل وقائع تهمة الاستعباد، موضحةً كيف اختُطفت كل من P1 وP2 وP6 [وهي شاهدة وسبية إيزيدية أخرى] إثر هجوم تنظيم داعش في آب/أغسطس 2014، وكيف بِعن لمقاتلي التنظيم. وأوضحت محامية المدّعيتين أن كلًا من P1 وP2 وP6 وابنة P1 البكر اقتدن إلى "شارع الانتفاضة"، حيث أخذ أبو أحمد P1 وأخذ أبو عبد الله P2 وأخذ أبو وليد P6 وأخذ أبو أنس ابنة P1. وأضافت محامية المدّعيتين أن النساء تعرضنّ للاعتداء الجنسي، وسُلِبت إرادتهنّ وعشنَ في رُعبٍ دائم، وتعرّضن للصفع والضرب، ووُصفن بالكافرات والزنديقات، مُؤكدةً أن هذه المعاناة طالت آلاف النساء الإيزيديات. أكّدت محامية المدّعيتين، فيما يتعلق بكل من P1 وP2، أن حسناء كانت تعلم أنهما امرأتان إيزيديتان، بل وأبلغتهما مرارًا وتكرارًا بأن الإيزيديين يستحقون هذه المعاملة. وأشارت محامية المدّعيتين إلى أنه على الرغم من أن حسناء لم تُقدِم على ضربهما، إلا أن التهديد بالعنف كان يُشكّل رُعبًا حقيقيًا بالنسبة لـP1 وP2. وأضافت أن حسناء ساهمت في تعريضهما للمعاملة الوحشية التي كان أبو أحمد وأبو عبد الله يمارسانها، وذلك في فترة غيابهما عن المنزل وبقاء P1 وP2 معها بمفردهما.
ثم انتقلت فوسنبرج لتناول حق P2 في الإدلاء بأقوالها وما كابدته شخصيًا، مُوضحةً أن جلّ ما كانت تصبو إليه P2 هو تحقيق العدالة ومُحاسبة حسناء على ما اقترفته من جرائم بحقها وبحق غيرها. وبيّنت محامية المدّعيتين أن P2 حاولت الفرار مع عائلتها في آب/أغسطس 2014، ولكن قُبِض عليها بعد يوم واحد من هجوم تنظيم داعش في العراق. وقالت فوسنبرج إن P2 ذكرت أن الرجال فُصِلوا عن النساء، وأنها بيعت لأبي عبد الله. وذكرت P2 أنها حاولت الفرار بمساعدة مُهرّب، ولكنها أعيدت إلى أبي عبد الله وتعرضت لإساءة المعاملة، إلا أن ذلك لم يُثنِها عن مُحاولاتها المُتكرّرة إلى أن تمكّنت من الفرار في نهاية المطاف. وأضافت محامية المدّعيتين أن P2 فقدت 14 فردًا من أفراد عائلتها بسبب هجوم تنظيم داعش، وأن 11 منهم ما زالوا في عداد المفقودين. وذكرت P2 أنها عايشت على الأرجح جميع أنواع الانتهاكات التي يُمكن أن يقترفها تنظيم داعش، وأنها تُحمّل حسناء المسؤولية الكاملة عن هذه التجارب المؤلمة، نظرًا لضلوعها فيها. وأشارت P2 إلى أنه في عام 2016، أقامت حسناء في منزل أبي عبد الله بموجب اتفاق يقضي بأن يكون لها سلطة على P2. وأضافت فوسنبرج أن P2 ذكرت أن حسناء لم تُعدّ الطعام قط، وأنها كانت تُعبّر مرارًا عن سعادتها لما حلّ بالإيزيديين، وأن مصيرهم إلى الجحيم. وأوضحت P2 أيضًا أن حسناء كانت تنظر إليها بصفتها سبية لها ولتنظيم داعش، وأنها كانت لا تستطيع أن تنظر إليهن بصفتهن بشرا. وأضافت محامية المدّعيتين أن P2 لم تستطع استيعاب افتقار حسناء لأي تعاطف معها، وأنها تريد معرفة الدافع وراء أفعالها، ولكنّها في الوقت نفسه تُدرك تمامًا أنها لن تتلقّى أي جواب من حسناء.
ثم أدلت P1 بأقوالها باللهجة الكرمانجية [مع وجود ترجمة شفوية إلى اللغة الهولندية]، وبدأت حديثها بتوجيه الشكر للمحكمة لإتاحة هذه الفرصة لها. ووصفت P1 أنه بعد سماع ما قالته حسناء أمام المحكمة يوم الاثنين إنها لا تستطيع العيش دون أطفالها، تأثّرت مشاعر جميع الأمهات بلا شك. لكنّ P1 قالت إنها عجزت عن فهم كيف تمكنت حسناء من العيش معها وهي تعلم بفصلها عن أطفالها. ووصفت P1 كيف كان قلبها يعتصر ألمًا لرؤية حسناء مع ابنها [حُجب الاسم] في حين أنها لم تستطع أن تكون مع أطفالها. وأوضحت P1 أنها فقدت ابنتين جرّاء دعم حسناء لتلك الأفعال. وأضافت أن أمثال حسناء ارتكبوا إبادة جماعية بحق الإيزيديين، وأنه حتى بعد مرور عشر سنوات، ما زلنا عاجزين عن إحصاء حجم الجرائم. وذكرت P1 أن 5,600 إيزيديًا قُتلوا أو ما زالوا في عداد المفقودين أو يعيشون في مخيمات حتى يومنا هذا. واختتمت P1 شهادتها بتوجيه الشكر للمحكمة للسماح لها باستخدام حقها في الإدلاء بأقوالها.
عقب إدلاء P1 بأقوالها، تابعت فوسنبرج حديثها بتوضيح خلفية P1 وما كابدته بصفتها سبية. وأوضحت أنه كان لدى P1 أربعة أطفال، ثلاث بنات وابن واحد. وعُدَّت بناتها جميعهنّ في سنّ يسمح لمقاتلي تنظيم داعش بأخذهن. وسلّطت المحامية الضوء على أن P1 ذكرت أن حسناء كانت تعلم ذلك، بل وأنها التقت بابنها وابنتها سابقا. وذكرت P1 أن حسناء كان بإمكانها أن تُحدث تغييرًا، لكنّها آثرت عدم تقديم يد العون على أقل تقدير (إذ فقدت P1 ابنتين، بينما قضت ابنتها الأخرى سنوات في قبضة تنظيم داعش). وأشارت محامية المدّعيتين إلى أن P1 ذكرت أن حسناء كانت دائمة الانشغال بجهاز الحاسوب المحمول وهاتفها والعالم الخارجي، وأنها كانت ترفض طلبات P1 دائمًا حتى عندما كانت تتوسل إليها. واصلت محامية المدّعيتين عرض شهادة P1، والتي ذكرت فيها أنها شعرت أن أقسى ما عانته من حسناء، رغم كل ما تعرّضت له من جرائم (من إجبارها على رعاية ابن حسناء وأداء الصلوات والخوف الدائم من أن تُباع أو تقتل)، هو افتقارها إلى التعاطف تجاهها. وأضافت أنها كانت ترى في حسناء عضوةً مُخلصةً في تنظيم داعش، لأنها اتخذت قرارًا بالسفر إلى مناطق الخلافة عمدا، رغم أنها كانت تعيش في بلد آمن. وأشارت محامية المدّعيتين إلى أن P1 أوضحت أن حسناء ما كانت لِتُقدِم على هذه الأفعال لولا إقرارها بالتنظيم، وهو أمرٌ استعصى على P1 فهمه. وذكرت P1 أن حسناء كانت تتحدث أمامها بصراحة مُطلقة، لاعتقادها بأن P1 لن يُطلق سراحها أو أنها لن تعود إلى هولندا. وأوضحت P1 أنها قررت الانتباه إلى أقوال حسناء لاستخدامها في تحقيق العدالة. وأوضحت محامية المدّعيتين أن P1 ذكرت أنها ما إن وصلت إلى فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (UNITAD) وأيقنت بنجاتها من الفظائع، اختارت التحدث ضد حسناء. وأوضحت فوسنبرج أنه بالنسبة لـ P1، لا توجد عقوبة قاسية بما يكفي تعادل ما اقترفته حسناء، وأنها لا تريد رؤيتها طليقة أبدًا. وتابعت المحامية أن P1 كانت تأمل أن تُبدي حسناء ندمًا يوم الاثنين، ورغم أنها لم تفعل ذلك، لا تزال P1 تأمل في أن تتحمل حسناء مسؤولية أفعالها في نهاية المطاف وأن تُراجع نفسها.
اختتمت فوسنبرج مُرافعتها بالتأكيد على أهمية إجراءات المحاكمة هذه، ليس لموكلتيها فحسب، بل أيضًا للمجتمع الإيزيدي بأكمله، ليشهد تحقيق العدالة ومعاقبة المُجرمين. وأوضحت فوسنبرج أن هذا هو الدافع وراء تعاون موكلتيها مع مُنظمات مثل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش ومنظمة يزدا ولجنة العدالة الدولية والمساءلة (CIJA). وتابعت محامية المدّعيتين قائلةً إنه لم يحدث تقدّم كبير في السنوات العشر الماضية على صعيد تحقيق العدالة والمُساءلة، ولكن ظهور المزيد من القضايا يُعد خطوةً مهمةً إلى الأمام. وخلصت فوسنبرج إلى أن إجراءات محاكمة مثل هذه تُثبت أن الظروف قابلة للتغيير، وأن الخلافة يمكن أن تسقط، وأن الجُناة مُعرّضون للعقاب، وأن دولًا مثل هولندا لا يمكن أن تكون ملاذًا آمنًا لهم.
شكر رئيس المحكمة المُدّعيتين على بياناتهما، وشكر P1 على حضورها. ثم التفت القاضي إلى حسناء ونوّه بأنها كانت تبكي أثناء تلاوة الشهادات، وسألها عن رأيها فيما ورد فيها من أقوال. فأجابت حسناء بانفعال شديد [أجهشت بالبكاء] بأنها لم تسمع إلا أقوالًا غير صحيحة، وإنها وإن كانت تشعر بمعاناة الضحايا، إلا أن ما ذُكر ببساطة عارٍ من الصحة.
[استراحة لمدة 25 دقيقة]
أوضح رئيس المحكمة أن سبب أخذ فترة استراحة طويلة (التي كان من المُفترض أن تكون 15 دقيقة في الأصل) يعود إلى مشاكل في الاتصال مع P2. ثم أوضح القاضي أن المُدّعيتين تقدّمتا في 16 أيلول/سبتمبر بطلب تعويض قدره 30 ألف يورو لـ P1 و25 ألف يورو لـ P2 استنادًا إلى تقرير خبير. وسأل القاضي عما إذا كانت المُدّعيتان ترغبان في تقديم أي توضيحات إضافية، فأجابت محامية المدّعيتين بأنهن على استعداد للإجابة عن أي أسئلة من المحكمة. فقال رئيس المحكمة إن لديهم سؤالين: يتعلق السؤال الأول بقيمة التعويض المطلوبة، إذ إنها تستند إلى سوابق قضائية سورية وهولندية في قضايا الاستغلال، وتودّ المحكمة الحصول على مزيد من التوضيح بشأن هذا. أما السؤال الثاني فيتعلق بتوضيح حول تفسير المُدّعيتين لمطالباتهما، إذ تريان أن وجود انتهاك واضح للمعايير يكفي لقبول الدعوى، ولا يشترط تقديم أدلة طبية. فأجابت محامية المدّعيتين بأنه نظرًا لاحتمال تطرّق الدفاع لهذه النقاط في بياناته، فإنها تقترح تأجيل الإجابة عن هذين السؤالين إلى جلسة الرد في اليوم الثالث، وهو ما وافق عليه القاضي.
[استراحة لمدة 75 دقيقة]
تقديم البيانات الختامية للادعاء العام
افتتح المدعي العام كرون مرافعات الادعاء العام بإعادة التأكيد على ما قاله قبل عام ونصف عندما نُشرت هذه القضية لعامة الناس، مُشيرًا إلى أن هذا اليوم يُشكّل يومًا فارقًا بالنسبة للمجتمع الإيزيدي. وأشار الادعاء العام إلى قلة عدد القضايا المشابهة التي تُرفع حول العالم بشأن هذه الجرائم، وأن جلسات المُحاكمة هذه تُمثّل خطوةً بالغة الأهمية نحو تحقيق المُساءلة. ومع ذلك، نوّه المدعي العام بأن حسناء لم تتحمّل أي مسؤولية عن أفعالها خلال جلسة يوم الاثنين، بل ترى نفسها ضحية بسبب زوجها السابق وفترة شبابها التي كانت صعبة وتنظيم داعش، في حين أن الضحايا الحقيقيين هُنّ النساء الإيزيديات. وأعلن المدعي العام أيضًا أن مرافعاته ستركز على الوقائع التي يُمكن إثباتها، مُعربا عن إدراكه بأن حجم المشكلة يتجاوز نطاق هذه القضية بكثير. وأشار المدعي العام إلى أن ما حدث للمجتمع الإيزيدي لا يوصف، مُشيرًا إلى أن تنظيم داعش لم ينظر إليهم بصفتهم بشرا، بل تعامل معهم على أنهم سلع، وأن هذه القضية ليست سوى حبة رمل في صحراء من الجرائم التي ارتُكبت على مدى عشر سنوات. ونوّه الادعاء العام بوجود عدد لا يُحصى من الأفراد والمُنظمات، مثل المُنظمات غير الحكومية التي تُعنى بجمع الأدلة، والشرطة، ومُنظمات دعم الضحايا، التي تعمل بتضافر جهودها من أجل تحقيق العدالة. وأشار المدعي العام إلى أنه على الرغم من أن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش تبدو وكأنها وقعت منذ فترة طويلة نظرًا لسقوط الخلافة قبل أكثر من خمس سنوات، إلا أن هذه الجرائم لم تنته بالنسبة للمجتمع الإيزيدي، إذ لم يمضِ سوى أسبوعان على تحرير ضحية أخرى كانت مُحتجزة منذ عام 2014. ورحّب المدعي العام صراحةً بالحاضرين من المجتمع الإيزيدي في شرفة الجمهور، مُشدّدًا على أهمية حضورهم الذي يُرسل رسالةً مهمة مفادها أن الضحايا ليسوا وحيدين. أوضح المدعي العام أيضًا أن مُصطلح "ضحية" هو مُصطلح قانوني مُعتمد في هولندا، وسيُستخدم في جميع مُرافعاته، لكنه نوّه بأن مصطلح "ناجية" يُفضّل استخدامه في كثير من الأحيان، مشيرًا إلى أنه لا يرغب في أن يُقلّل استخدام مُصطلح "ضحية" من أهمية ذلك. ورحب المدعي العام بـ P1 وP2، منوّهًا بأنه يدرك أن أيام المُحاكمة هذه تُعيد إليهما ذكرياتٍ مؤلمةً من أسوأ أيامهما، وأضاف أنهما قويتان، ولكنه أشار أيضًا إلى أنهما معرضتان للخطر وأنهم سيظلون خائفين على سلامتهما. وأكّد المدعي العام أن سلامة P1 وP2 أمر بالغ الأهمية لمكتبهم، مُشدّدًا على ضرورة الحفاظ على هويتهما مجهولة. وقال المدعي العام إنهم سعيدون بأن المحكمة ووسائل الإعلام عملت بجد لحماية سلامة الضحايا.
البيانات الختامية للادعاء العام: تهمة الضلوع في منظمة إرهابية
أشار المُدّعي العام كرون إلى أنه رغم التركيز بشكل كبير على تهمة الاستعباد، فإن ضلوع حسناء في تنظيم داعش يظلّ ذا أهمية بالغة، نظرًا لأن التنظيم لا يزال نشطًا ويعيد تجميع صفوفه في مناطق مُتعدّدة، من بينها إسرائيل وغزة. وأوضح المُدّعي العام أنه سيتناول أولًا التحقيقات والجرائم المُتعلّقة بتهم الإرهاب، على أن تتولّى المُدّعية العامة الثانية لاحقًا تناول لائحة الاتهام المُتعلّقة بالاستعباد والحكم المناسب.
أوضح المُدّعي العام أنه في 25 شباط/فبراير، 2015، أبلغ والد حسناء عن اختفاء ابنته وابنها، وعلى إثر ذلك فتح مكتب المُدّعي العام الوطني تحقيقًا جنائيًا تحت اسم القضية (26Banning). وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر، 2016، أصدر مكتب المُدّعي العام مذكرة اعتقال بحق حسناء. وأوضح المُدّعي العام أن فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش قدّم لمكتب المُدّعي العام معلومات وأدلة تتعلق بـ P1 وP2 وP6، تُشير إلى وجود اشتباه في ارتكاب حسناء جريمة الاستعباد بصفتها جريمة ضد الإنسانية. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر، 2022، عادت حسناء إلى هولندا برفقة 11 امرأة هولندية أخرى وقُبِض عليها فور وصولها [اقرأ المقال الإخباري هنا].
البيانات الختامية للادعاء العام: سياق الجريمة
ثم خاض المُدّعي العام كرون في تفاصيل الجرائم الإرهابية، مشيرًا إلى التهم الثانية والثالثة والرابعة الواردة في لائحة الاتهام [راجع تقرير المحاكمة الأول للاطلاع على لائحة الاتهام التي قدّمها الادعاء العام]، وبدأ بتقديم خلفية حول نشأة تنظيم داعش والخلافة. وأوضح المُدّعي العام أن الربيع العربي في عام 2010 أدى إلى انتفاضة شعبية في سوريا في عام 2011 تحت حكم نظام الأسد، تخلّلتها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان. وبيّن المُدّعي العام أن سوريا، في خضمّ الحرب الأهلية، أصبحت أيضًا عُرضةً للمُنظمات الإرهابية، مثل تنظيم داعش الذي كان ينشط في الأراضي السورية والعراقية. وأوضح المُدّعي العام أن تنظيم داعش بدأ في البحث عن أعضاء لقمع المنطقة بشكل أكبر وبدأ في البحث عن أجانب متشابهين في التفكير ليصبحوا أعضاء. وقال المُدّعي العام إن هذا دفع العديد من الرجال والنساء إلى ارتكاب أكبر خطأ في حياتهم بالسفر إلى منطقة الحرب على أمل أن تكون جنة، كما فعلت المتهمة. وفي 29 حزيران/يونيو، 2014، تأسست الخلافة في سوريا والعراق، وامتدّت رقعتها لتُعادل تقريبًا مساحة المملكة المتحدة. وأوضح المُدّعي العام أن تنظيم داعش شرع إثر ذلك في ارتكاب جرائم بشعة، مثل عمليات قطع الرؤوس التي اعتقد الجميع أنها كانت تحدث فقط في العصور الوسطى. ومع بداية عام 2019، سقطت الخلافة وقُتل مُعظم عناصر التنظيم أو وُضِعوا في مخيمات أو سُجنوا، ورجّح المُدّعي العام أن حسناء كانت ضمن مجموعة صغيرة تمكّنت من السفر خارج المنطقة إلى هولندا.
البيانات الختامية للادعاء العام: الولاية القضائية والإطار القانوني للجريمة
ثمّ تطرّق المُدّعي العام إلى مسألة الولاية القضائية والإطار القانوني للتهم المُوجّهة إلى المُتهمة. ففيما يتعلّق بإثبات الولاية القضائية، أوضح المُدّعي العام أن المادة 4 من قانون العقوبات الهولندي، بالإضافة إلى الأحكام والسوابق القضائية، تُجيز ممارسة الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية فيما يتعلّق بالتهم الثانية والثالثة والرابعة المُوجّهة إلى حسناء وانتقل المُدّعي العام بعد ذلك إلى تناول الإطار القانوني المتعلق بالتهم المُوجّهة إلى حسناء. ففيما يتعلق بالتهمة الثانية، أوضح المُدّعي العام أن المادة 140أ من قانون العقوبات الهولندي المتعلقة بالجرائم التي تُخلّ بالنظام العام تشكل الأساس القانوني الرئيسي في هذه الحالة (المادة 140أ باعتبارها تُجرّم المُشاركة في مُنظمة تهدف إلى ارتكاب أفعال إرهابية). وقد عرّف المُدّعي العام الجرائم الإرهابية بموجب المادة 83أ بأنها الجرائم التي تُرتكب بقصد بثّ الرُعب الشديد في نفوس السكان، أو جزء منهم، في دولة ما، أو لإرغام حكومة أو مُنظمة دولية بصورة غير قانونية على أداء فعل ما أو الامتناع عنه أو التساهل معه، أو لإحداث خلل أو تدمير البُنية السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية الأساسية لدولة أو مُنظمة دولية بشكل جسيم. وأشار المُدّعي العام إلى أن الأحكام والسوابق القضائية قد أثبتت أن تنظيم داعش منظمة تهدف إلى ارتكاب جرائم إرهابية وأن المشاركة في منظمة إرهابية يمكن إثباتها بمُجرّد الانتماء إليها.
أوضح المُدّعي العام أنه في حالة تنظيم داعش، فإن الأجانب الذين سافروا إلى مناطق الخلافة فعلوا ذلك بناءً على طلب التنظيم لتعزيز التنظيم، وبالتالي يُمكن اعتبار ذلك مُشاركةً في أنشطته. وفيما يتعلّق بالنساء، أشار المُدّعي العام إلى أن الزواج من أحد مُقاتلي تنظيم داعش يُمكن اعتباره أيضًا شكلًا من أشكال المُشاركة. وبالنسبة للتهمة الثالثة، وهي ارتكاب أعمال تحضيرية بقصد إرهابي، فقد استند المُدّعي العام إلى المواد 83أ و96(2) و48 من قانون العقوبات الهولندي. وتتناول المادة 96(2) الأفعال التي تُرتكب بقصد التحضير لجرائم بقصد إرهابي أو الترويج لها (كما هو مُعرّف في المادة 83أ)، وتُعد هذه الأفعال شكلًا من أشكال المشاركة في ارتكاب الجريمة. وأوضح المُدّعي العام أن المادة 48 تتناول المشاركة في ارتكاب الجريمة التي تتمثّل في توفير الفُرصة أو الوسائل أو المعلومات عن قصد لارتكاب جرائم (في هذه الحالة، جرائم بقصد إرهابي كما هو مُعرّف في المادة 83أ). وأكّد المُدّعي العام أنه فيما يتعلّق بهذه التهمة، يكفي إثبات مُساعدة حسناء لتنظيم داعش في أيّ من جرائمه، مع توفّر النيّة لديها لفعل ذلك، ولا يهمّ نوع الجريمة المُرتكبة طالما أن مُساهمتها كانت ذات صلة سببية بارتكابها "الفِعلي". وبناءً على ذلك، رأى المُدّعي العام أن المُشاركة في سكن مُشترك مع أحد مُقاتلي التنظيم يُمكن اعتبارها شكلًا من أشكال المُساعدة في ارتكاب جرائم إرهابية، بالنظر إلى أن حسناء كانت تعتني بزوجها من خلال إعداد الطعام له وأداء الأعمال المنزلية، وهو ما كان له علاقة سببية في ارتكابه اللاحق لجرائم إرهابية بصفته مُقاتلا في تنظيم داعش. [فيما يتعلّق بالتهمة الرابعة المُتعلّقة بتعريض ابنها القاصر للخطر، يُرجّح الاستناد إلى المادة 255 من قانون العقوبات الهولندي].
ثمّ استفاض المُدّعي العام في شرح وضع المرأة داخل تنظيم داعش، وأوضح أن الرواية القائلة بأن المُسافرات إلى الخارج كن ضحايا لا أساس لها من الصحّة. فقد كان التنظيم يُسنِد للمرأة دورًا هامًا في أداء الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال والاهتمام بالرجال. وأضاف المُدّعي العام أن النساء شاركن أيضًا بأدوار فاعلة بصفتهن طبيبات ومُعلّمات، وشاركن في إنتاج الدعاية الإعلامية (بهدف تشجيع نساء أخريات على الانضمام للتنظيم)، بل انخرطن أيضًا في صفوف "الحسبة" [الشرطة الإسلامية التابعة لتنظيم داعش] (في لواء الخنساء) وفي كتائب مثل كتيبة نُسيبة داخل مناطق الخلافة. وبالتالي رأى المُدّعي العام أن فكرة اختزال دور المرأة في تنظيم داعش في مُجرّد ربة منزل تحتاج إلى مزيد من التدقيق. وأشار إلى أن النساء الأجنبيات كُنّ يحظين بمزيد من الحقوق والامتيازات (مثل الرعاية الصحية)، وكان التنظيم يعتبرهنّ عنصرًا أساسيًا لا يُمكن الاستغناء عنه، وهو ما يتّفق معه الادعاء العام.
البيانات الختامية للادعاء العام: الأدلة وتطبيق القانون على التهم المحددة
ثمّ قدّم المُدّعي العام سيلًا من الأدلة المُتعلّقة بالبيئة الاجتماعية لحسناء عام 2014، ومسار تشددها خلال الأشهر التي سبقت سفرها إلى سوريا. واستشهد المُدّعي العام بشهادة زميل لها من مكان تدريبها، إذ أفاد الشاهد بأن حسناء كانت تتحدّث باستمرار عن تنظيم داعش، وكانت ترى أن ما يفعله التنظيم أمرٌ صائب، بل ذهبت إلى حدّ القول بأن قطع التنظيم لرأس ابنها سيُدخله الجنّة. ونوّه المُدّعي العام بأن شاهدًا آخر أفاد بأنه رأى صورة صفحتها الشخصية على الفيسبوك تحمل علم تنظيم داعش وبنادق من طراز كلاشينكوف (AK47)، وهو ما دفعه إلى إبلاغ الشرطة. وأشار المُدّعي العام إلى أن الشاهدين ذكرا أن حسناء بدأت فجأة في كانون الأول/ديسمبر 2014 بارتداء اللباس الإسلامي، وكانت تُعاني من مشاكل مالية، وأنها تحدّثت عن أصدقاء لها سافروا إلى مناطق سيطرة التنظيم وكانت ترغب في الانضمام إليهم. وأشار المُدّعي العام إلى شهادة مُستشارها الدراسي الذي ذكر أن حسناء كانت تتحدّث بطريقة مُختلفة مع الطلاب الآخرين، وأنها عبّرت عن اعتقادها بأن ما يحدث في سوريا أمرٌ جيد، وأنها كانت تُشاهد مقاطع فيديو لعمليات قطع الرؤوس. وأشار المُدّعي العام إلى شهادة والدها الذي ذكر أنه رآها فجأة ترتدي فساتين طويلة.
حاجج الادعاء العام بأن حسناء تلقّت، في اعتقادهم، توجيهات حول كيفية السفر إلى سوريا للزواج من مُقاتل من تنظيم داعش. وأوضح الادعاء العام أنها استخدمت في 12 شباط/فبراير، 2015، شركة سفر وهمية للسفر إلى أنطاليا، وأرسلت رسالة نصية إلى والدتها في 16 شباط/فبراير، 2015 تُفيد بسفرها من هولندا إلى سوريا. وفي 3 آذار/مارس، 2015، أرسلت رسالة إلى شقيقتها، P7، تُخبرها بأنها موجودة في مضافة مع ابنها [حُجب الاسم]. وفي 10 آذار/مارس 2015، أرسلت حسناء رسالة في مجموعة دردشة على تطبيق الواتساب خاصة بمكان تدريبها، تُعلن فيها عن هجرتها إلى سوريا وأنها لن تعود أبدًا. وفي رسائلها إلى ابنة عمها، ذكرت حسناء أنها أمضت ثلاثة أشهر في المضافة قبل زواجها من أبي زبير.
ثمّ استعرض المُدّعي العام الأدلة المُتعلّقة بزوج المُتهمة، مُشيرًا إلى أن حسناء أفادت خلال شهادتها يوم الاثنين بأنها لا ترغب في ذكر اسمه الكامل، وبأنه كان دائم التغيّب عن المنزل ويمتلك سلاحًا. ووفقًا للمُدّعي العام، فقد أفادت P7 بأن حسناء كانت مُتزوجة من مقاتل في تنظيم داعش، وهو ما أكّدته أيضًا P1 وP6. وأوضحت شهادة P1 أن حسناء كانت تمتلك أكثر من سلاح، وكانت عضوة في مجموعة مُقاتلة تابعة لإدارة تنظيم داعش. وتابع المُدّعي العام قائلًا إن حسناء أنجبت ثلاثة أطفال من أبي زبير، فتاتين [حُجب الاسمان] وصبيا [حُجب الاسم]، وأنها كانت تقيم في الغالب في سوريا، ولكنها سافرت أيضًا إلى العراق. حدّد المُدّعي العام (بالاستناد إلى رسائل الواتساب الخاصة بها)، جدولًا زمنيًّا لتحرّكاتها، إذ تأكّد وجودها في العراق بتاريخ 3 أيلول/سبتمبر، 2015، ووجودها في سوريا بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر، 2016، في حين ظلّ تاريخ عودتها من العراق إلى سوريا مجهولًا. وتابع المُدّعي العام قائلًا إنها مكثت بعد ذلك في مدينة الرقة، مع إقامة قصيرة في مدينة الطبقة، ثمّ في مدينة الميادين (إذ انضمّ إليها أبو زبير في الميادين)، وبحلول نهاية عام 2016/بداية عام 2017 أرادت حسناء الطلاق. ووفقًا للمدعي العام، لم يتمّ الطلاق رسميًا إلا في عام 2018، بسبب تخوّف حسناء من احتمال فقدان أطفالها. وبعد الطلاق، بقيت في مناطق سيطرة تنظيم داعش، حيث سجّلت نفسها في إدارة التنظيم وتلقّت منه مُساعدات.
أوضح المُدّعي العام أنها طلبت من عائلتها الانضمام إليها في سوريا عدة مرات كما يتّضح من رسائل الواتساب التي أرسلتها إلى والدها وعمّتها تدعوهما فيها إلى القدوم. واقتبس المُدّعي العام إحدى الرسائل التي أرسلتها حسناء بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر، 2016، والتي جاء فيها "من فضلك تعال إلى الجنة، استمع إلى كلام الله وتعال، لا تضل". وسلّط المُدّعي العام الضوء على صور لأطفالها يرتدون فيها أوشحة تحمل شعار تنظيم داعش ويرفعون أصابع السبابة. واستشهد المُدّعي العام بعدّة رسائل أخرى، منها رسالة إلى والدها تقول: "هناك قنابل، ادعُ لنا وللمُجاهدين، إن شاء الله نصبح شهداء". وأرسلت حسناء رسالة إلى والدها تقول فيها إنها سمعت أنّ ”الكلاب الآن يحظرون النساء اللاتي يلبسن النقاب/البرقع“ [في إشارة على الأرجح إلى السياسات الهولندية] و”ها أنت ترى يا أبتي كيف يعاملنا نحن المسلمين هؤلاء الكفارُ القذرون، متى ستأخذ هذا الطريق [...] اتق الله يا أبتي فهذه الدنيا لا قيمة لها“. وحاجج المُدّعي العام أيضًا fأن حسناء وصفت الإيزيديين بأنهم كُفّار ويجب قتلهم. وتابع المُدّعي العام أن حسناء غادرت أراضي تنظيم داعش في بداية عام 2019، وتوقّف صرف مُخصّصاتها من التنظيم في نهاية شهر شباط/فبراير 2019 عندما سقطت الخلافة. وقد سجلت قوات سوريا الديمقراطية حسناء ضمن قائمة النساء اللواتي استسلمن باعتبارهنّ نساء داعشيات. ثم انتقلت حسناء إلى مخيمي روج والهول، ورُحِّلت في عام 2022 إلى هولندا.
أوضح المُدّعي العام أن الأدلة المذكورة أعلاه تُتيح استخلاص عدّة استنتاجات. أولًا، أن تنظيم داعش كان حاضرًا في ذهن حسناء قبل سفرها إلى سوريا بسبب تشددها. ووصف المُدّعي العام تشددها قائلًا إن حسناء، رغم أنها كانت حرّة في اختيار مُعتقداتها، اختارت أن تكون متشددة تؤمن بشرعية العنف المُمارس ضدّ الآخرين، وقد تصرّفت في نهاية المطاف على هذا الأساس. وطرح المُدّعي العام أن حسناء كانت على علم بخلافة تنظيم داعش وجرائمه البشعة، حتى أنها قالت بنفسها إنها "بحثت عن معلومات على الإنترنت". وأوضح المُدّعي العام أنها كانت تُخطّط للذهاب إلى سوريا بغرض الزواج من أحد مُقاتلي التنظيم، وأن أيّ ادّعاء يُخالف ذلك ما هو إلا مُجرّد ستار.
زعم المُدّعي العام أن الهجوم الذي وقع في آب/أغسطس 2014 على الإيزيديين حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق، وأن شهادة حسناء بأنها لم تكن تعلم شيئًا عن ذلك الهجوم لا يُمكن تصديقها. واستشهد المُدّعي العام أيضًا بالتغطية الإعلامية الواسعة النطاق التي أحاطت بواقعة قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي، وبالفيديو الذي نُشر في 3 شباط/فبراير، 2015 لطيار أردني يُحرق حيًا على يد تنظيم داعش (وأشار المُدّعي العام إلى أن حسناء سافرت إلى سوريا بعد ذلك بعشرة أيّام). ورأى المُدّعي العام أنه بالنظر إلى توقيت سفر حسناء إلى سوريا، فإن أيّ مزاعم بسذاجتها لا يُمكن تصديقها، وقال إن أيّ شخص ذهب إلى سوريا في ذلك الوقت كان يعلم "تمام العلم" ما الذي ينضمّ إليه. وتابع المُدّعي العام قائلًا إن شهادة حسناء بأنها كانت تعتقد أن الخلافة ستكون سلمية، وأنها أرادت العيش هناك بمفردها بصفتها امرأة لا يُمكن تصديقها أيضًا، وقال إنها كانت ترغب في الزواج من مُقاتل في تنظيم داعش. وأوضح المُدّعي العام أنه يعتقد أنه من العار أن حسناء وصفت نفسها بأنها امرأة ضعيفة وسريعة التأثّر، ومع ذلك اختارت ألّا تتحمّل أيّ مسؤولية عن أفعالها. وقال المُدّعي العام إنه لو كانت قد اعترفت بمسؤوليتها، لكان من المُمكن فتح باب النقاش، ولكنّ اختيارها الكذب جعلها أكثر عُرضة للمُساءلة. وخلص المُدّعي العام إلى أن حسناء كانت ضالعة بالانضمام إلى تنظيم داعش عن قصد وكانت عضوة فيه من خلال زواجها من أحد مُقاتليه وأدائها للأعمال المنزلية لصالحه، وأشار إلى أن عضويتها في التنظيم استمرّت حتى بعد طلاقها بسبب تسجيلها لدى إدارة التنظيم.
تابع المُدّعي العام قائلًا إن ادّعاء حسناء بأن زوجها هو من أرسل رسائل الواتساب لا يُمكن تصديقه، خاصّةً وأن الرسالة التي أُرسلت مع صورة أطفالها كانت مكتوبة باللغة الهولندية. وأشار أيضًا إلى أن P2 ذكرت في شهادتها أن حسناء هي من التقطت الصور بنفسها وكانت تتباهى بنشرها في صحيفة هولندية. وأشار المُدّعي العام إلى أن حسناء دعت عائلتها للانضمام إلى تنظيم داعش، مُعتبرًا أنه على الرغم من أن ذلك لا يرقى إلى مستوى الدعاية [إذ يجب إثبات تمجيد تنظيم داعش]، إلّا أنه يُظهر مُوافقة حسناء على أفعال تنظيم داعش وسيطرته على الأراضي. وأشار المُدّعي العام إلى أن المؤيدين المتشددين لتنظيم داعش فحسب هم من يبقون في مناطق سيطرته حتى النهاية، وهو ما فعلته حسناء دون أي مُحاولة للهرب أو الفرار. وذكر المُدّعي العام أيضًا أن حملها للسلاح وزواجها من مقاتل في تنظيم داعش وأداء المهام المنزلية يُمكن اعتبارها جميعًا أشكالًا من التحضير والترويج لجرائم إرهابية. وأضاف المُدّعي العام أن حسناء كانت على عِلم بجرائم التنظيم وكانت ترغب في الضلوع فيها بناءً على أفعالها.
أشار المُدّعي العام أيضًا إلى أن اصطحاب حسناء لابنها الذي كان معرضًا للخطر بالفعل [بسبب إصابته بالتوحّد الشديد وصغر سنّه] إلى سوريا لم يعرضه إلّا لمزيد من المخاطر. وزعم المُدّعي العام أن عدم بحث حسناء عن طريقة للهروب أو محاولة الهرب يشير إلى ارتكابها جريمة تعريض آخرين للخطر.
اختتم المُدّعي العام بتحديد الإطار الزمني لكلّ جريمة، إذ بدأت التهمة الثانية المُتعلّقة بضلوعها في مُنظمة إرهابية بوصولها إلى سوريا والخلافة اعتبارًا من 16 شباط/فبراير، 2015، واستمرّت حتى وجودها في المُخيّم بتاريخ 1 آذار/مارس، 2019. واعتبر الادعاء العام أن التهمة الثالثة المُتعلّقة بالتحضير والترويج لجرائم إرهابية بدأت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، 2014 مع بداية تشددها، وانتهت في 1 آذار/مارس، 2019 عند وصولها إلى المُخيّمات. أمّا التهمة الرابعة، المُتعلّقة بتعريض حسناء ابنها البالغ من العمر أربع سنوات للخطر، فقد بدأت مع مُغادرتها هولندا بصحبته في 16 شباط/فبراير، 2015، وانتهت بوصولها إلى المُخيّمات في آذار/مارس 2019 إذ إنها لم تعد مشاركة في أعمال العنف التي كانت تجري.
البيانات الختامية للادعاء العام: الاستعباد بصفتها جريمة ضد الإنسانية
شرعت المُدّعية العامة بلوم في تناول مسألة الاستعباد بصفتها جريمة دولية ضد الإنسانية، وارتكاب حسناء لهذه الجريمة بحقّ P1 وP2. وأوضحت المُدّعية العامة أنها ستقدّم بدايةً السياق، ثم تتناول الإطار القانوني والأدلة ذات الصلة، يلي ذلك تطبيق هذه الأدلة لإثبات ارتكاب حسناء للجريمة. وأعلنت المُدّعية العامة أنها استخدمت في مُرافعاتها كلمتَي "مُلكية" و"سبية"، مُدركةً تمامًا ثِقل هاتين الكلمتين على مسامع الإيزيديين، إلّا أنها ستضطرّ لاستخدامهما لأنّ القانون يعتمد عليهما.
البيانات الختامية للادعاء العام: سياق الجريمة
أوضحت المُدّعية العام بلوم أن سياق هذه الجريمة يقتضي تناول هجوم عام 2014 واضطهاد الإيزيديين. وعرّفت المُدّعية العامة الإيزيديين بأنهم جماعة دينية عرقية تعود أصولها إلى إقليم كردستان في شمال العراق وتركيا وسوريا. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن الإيزيديين عانوا من التمييز على مدى قرون، وكثيرًا ما وُصفوا بأنهم غير مؤمنين وعبدة الشيطان (مثلما فعل تنظيم داعش). ثمّ قدّمت المُدّعية العامة تفاصيل حول الهجمات التي شنها تنظيم داعش في آب/أغسطس 2014 [وقد استُمدّت مُعظم هذه التفاصيل من تقرير للأمم المُتّحدة صادر عن مجلس حقوق الإنسان بشأن جرائم تنظيم داعش بحقّ الإيزيديين في حزيران/يونيو 2016، والذي يمكن الاطلاع عليه من هنا]. وذكرت أن تنظيم داعش شنّ في 3 آب/أغسطس، 2014 هجومًا مُنظّمًا ومُحكمًا في سنجار بالعراق. وكانت قواعد تنظيم داعش التي قادت الهجوم بمُشاركة آلاف المُقاتلين مُتمركزة في الموصل بالعراق وتل اعزاز في سوريا. وأكّدت المُدّعية العامة أن عشرة آلاف إيزيدي فرّوا، بينما قاتل بعض الرجال الإيزيديين بشجاعة وساعدوا في عمليات الهروب من سنجار إلى الجبال. وواجه النازحون الإيزيديون في الجبال أزمة إنسانية في ظلّ درجات حرارة بلغت 50 درجة مئوية، وهو ما أدّى إلى وفاة العديد منهم بسبب الظروف في الجبال. واستولى تنظيم داعش في النهاية على السلطة، إذ اقتيد الإيزيديين إلى الموصل وتيبر وفرش، حيث جرى فصل الرجال عن النساء. وأوضحت المُدّعية العامة أن العمر والجنس كانا من المعايير الأساسية للفصل، وقد اعتمد على فحص شعر الإبط والوزن بالنسبة للفتيان لتحديد أعمارهم. وأُجبر الفتيان المختارون على الخضوع لعمليات غسل أدمغة أيديولوجية وتدريبهم ليُصبحوا جنودًا. أمّا الفتيان والرجال الذين رفضوا الانصياع، فقد أُعدِموا رميًا بالرصاص في الرأس والحلق.
أشارت المُدّعية العامة إلى أن النساء اللواتي زُجّ بهنّ في السجون إمّا شاهدنَ أو سمعنَ عمليات القتل. وقد نُقلت النساء والأطفال إلى أماكن مُختلفة، وجرى فصلهم أيضًا قبل سجنهم. وكان الأطفال دون سنّ الثامنة يبقون مع أمّهاتهم، في حين فُصلت النساء بناءً على حالتهنّ الاجتماعية، متزوجات أو غير متزوجات. وقبل بيعهنّ بصفتهن سبايا، تعرّضت النساء والأطفال لظروف مُروّعة، إذ حُرِموا من الطعام والماء والدواء. وأوضحت المُدّعية العامة أن النساء والأطفال المسجونين كانوا يُعتبرون مُجرّد ممتلكات أو "سبايا"، ويقدمون لمقاتلي تنظيم داعش للاعتداء عليهم جنسيًا، مُعتقدين أنّ استعبادهم يُعدّ واجبًا دينيًّا بموجب الشريعة الإسلامية. وأوضحت المُدّعية العامة أنّه جرى تسجيل المعلومات الشخصية للنساء والفتيات الإيزيديات و"تثمّينهنّ" قبل بيعهنّ في أسواق الرقيق، وكذلك في أسواق النخاسة. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن 80% من النساء الإيزيديات بِعنَ لأفراد مثل مقاتلي تنظيم داعش ليَمتلكوهنّ، بينما احتفظ التنظيم بنسبة 20% منهنّ للتنظيم. وعند بيعهنّ لأفراد، كان من الشائع أن يشتري مُقاتل من تنظيم داعش عدّة سبايا دفعة واحدة لإعادة بيعهنّ خارج مناطق سيطرة التنظيم. وذكرت المُدّعية العامة أنّ هذه الأسواق كانت تُقام عادةً في مواقع عسكرية مثل الحسكة وحلب والرقة (ولكنّها كانت تُقام أيضًا عبر الإنترنت) وكانت تُنظّمها لجنة. وتراوحت الأسعار بين 200 و1,500 دولار أمريكي وذلك بحسب وضع السبية ومظهرها وعمرها وعدد أطفالها وحالتها الاجتماعية (أي ما إذا كانت عذراء أم لا). وأوضحت المُدّعية العامة أنّه عقب البيع، كانت النساء الإيزيديات يُستخدمن بصفتهن سبايا في المنازل، سواءً داخل قرية بأكملها أو مبنى سكني أو لعدة عائلات. ووصفت المُدّعية العامة أن النساء الإيزيديات كن مُحتجزات جسديًا ونفسيًا، ولا يستطعن الهرب. وسردت المُدّعية العامة أمثلة عن محاولات هروب انتهت بالاغتصاب وقتل أطفالهنّ أمامهنّ والعقاب الجماعي والضرب. وأوضحت أيضًا أنّه في بعض الحالات، كانت الأمّهات اللواتي يَبكينَ عند مقتل أطفالهنّ يتعرّضنَ للاغتصاب، وأنّ مُحاولات الانتحار كانت تُعاقب بالاغتصاب الجماعي أو التعذيب باستخدام الأسلاك الكهربائية.
قدّمت المُدّعية العامة أيضًا بعض السياق حول دور نساء تنظيم داعش في ارتكاب جرائم الاستعباد بحقّ النساء الإيزيديات. وأوضحت أنّ العديد من الإيزيديات تعرّضن للاغتصاب وسوء المعاملة والإجبار على العمل (سواءً لأداء الأعمال المنزلية أو لرعاية الأطفال)، وأن نساء تنظيم داعش أجبرنهنّ على أداء هذه الأعمال. وذكرت المُدّعية العامة أنّه نظرًا إلى أنّ نساء تنظيم داعش كنّ مسؤولات عن المهام المنزلية، فإنّ امتلاكهنّ لسبية إيزيدية في المنزل جعلهنّ مسؤولات أيضًا عن استعبادها. وشرحت المُدّعية العامة وجود أدلة تُثبت أنّ أطفال السبايا الإيزيديات استُخدموا أيضًا لأداء الأعمال المنزلية وكانوا يعاقبون إذا لم تمتثل أمهاتهم للتعليمات. وأشارت المُدّعية العامة أيضًا إلى أنّ نساء تنظيم داعش كُنّ يُشاركنَ أحيانًا في بيع الإيزيديات.
البيانات الختامية للادعاء العام: الولاية القضائية والإطار القانوني للجريمة
ثم تناولت المُدّعية العامة مسألة الولاية القضائية والإطار القانوني للتهم الموجهة إلى المتهمة. وأوضحت أنّه يُمكن إثبات الولاية القضائية استنادًا إلى المادّة 2 (1)(ج) من قانون الجرائم الدولية، التي تُجيز مُحاكمة أيّ شخص هولندي على ارتكاب إحدى الجرائم الدولية [ومن بينها جريمة الاستعباد بصفتها جريمة ضدّ الإنسانية] حتى لو ارتُكبت هذه الجريمة خارج الأراضي الهولندية. ثم أوضحت المُدّعية العامة أنّ الأساس القانوني لاعتبار الاستعباد جريمة ضدّ الإنسانية منصوص عليه في المادة 4 (1)(ج) من قانون الجرائم الدولية. إذ عُرِّف الاستعباد بموجب المادة 4 (2)(ب) على أنه ممارسة أي من السلطات المترتبة على حقّ الملكية، أو هذه السلطات جميعها، على شخص ما، بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في سبيل الاتجار بالأشخاص، ولا سيما النساء والأطفال. فرّقت المُدّعية العام بين مفهومَيّ الاستعباد التقليدي والاستعباد الحديث، إذ يتّسم الأول بوجود الملكية للأشخاص وأسواق بيع الرقيق، بينما يرتبط الثاني بالسلطات المُتّصلة بحقّ الملكية. وتناولت المُدّعية العامة المادة 7(1)(ج) من نظام روما الأساسي وأركان الجرائم المُتعلّقة بالاستعباد، وذلك قبل أن تخوض في تفاصيل الأركان السياقية لجريمة ضدّ الإنسانية.
تتمثل أركان الاستعباد فيما يلي: (1) أن يمارس مرتكب الجريمة إحدى أو جميع السلطات المتصلة بالحق في ملكية شخص أو أشخاص كأن يشتريهم أو يبيعهم أو يعرّيهم أو يقايضهم أو كأن يفرض عليهم ما ماثل ذلك من معاملة سالبة للحرية؛ (2) أن يرتكب السلوكَ جزءا من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين؛ (3) أن يعلم مرتكب الجريمة بأن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد سكان مدنيين. وقالت المُدّعية العامة إن معظم أشكال الملكية المُشار إليها في الركن الأول من الجريمة كانت من سمات الاستعباد التقليدي، في حين أنّ الشكل الأخير المتمثل في "أن يفرض عليهم ما ماثل ذلك من معاملة سالبة للحرية" يمكن تطبيقه على مفهوم الاستعباد الحديث. وطرحت المُدّعية العامة أيضًا أنّ وجود مبادلات نقدية أو معاملات تجارية ليست شرطًا لجريمة الاستعباد وأن الأشكال الحديثة للاستعباد مثل الاتجار بالبشر والعمل القسري والعبودية تنطبق أيضًا على هذا التعريف، وذلك استنادًا إلى الحاشية رقم 11 من أركان الجرائم.
واستشهدت المُدّعية العامة بقضية أونغوين أمام المحكمة الجنائية الدولية والتي أقرت عشرة معايير تتعلق بممارسة السلطات المرتبطة بحق الملكية. وأوضحت أن هذه المعايير هي: (1) مراقبة حركة شخص ما أو فرض قيود عليها، وبشكل أوسع، التدابير المتخذة لمنع الهروب أو ردعه؛ (2) السيطرة على البيئة المادية؛ (3) السيطرة النفسية أو الضغط النفسي؛ (4) القوة أو التهديد باستخدامها أو الإكراه؛ (5) مدة ممارسة السلطات المرتبطة بحق الملكية؛ (6) تأكيد الحصرية؛ (7) التعرض للمعاملة القاسية وسوء المعاملة؛ (8) السيطرة على الحياة الجنسية؛ (9) العمل الجبري أو إخضاع الشخص لوضع العبودية؛ و(10) ضعف الشخص والظروف الاجتماعية - الاقتصادية التي تمارس فيها السلطة [يُمكن الاطّلاع على حُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة أونغوين من هنا، وتحديدًا في الفقرة 2712]. وأوضحت المُدّعية أنّ هذه المؤشّرات ليست تراكمية، وأنّ مفهومَيّ الاستعباد والمِلكية يُمكن فهمهما أيضًا بطريقة غير تقليدية. واستشهدت المُدّعية بحُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة كاتانغا، الذي نصّ على أنّ الاستعباد يتحقّق عندما يُنظر إلى الشخص باعتباره ملكية ولا يتطلّب بالضرورة وجود مُعاملة تجارية [يُمكن الاطّلاع على حُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة كاتانغا هنا، وتحديدًا في الفقرة 976]. وزعمت المُدّعية أنّ هذا يُشير إلى أنّ الشخص الذي لا يَمتلك عبدًا، يُمكن أن يَرتكب أيضًا فعل الاستعباد من خلال مُعاملة شخص آخر على أنّه عبد. وتناول حكم المحكمة الجنائية الدولية في قضية نتاغاندا العوامل التي يمكن أخذها في الاعتبار في تحديد ممارسة السلطات المرتبطة بحق الملكية، وتشمل هذه العوامل: مراقبة حركة الضحيّة وطبيعة البيئة المادية، والسيطرة النفسية، والتدابير المتخذة لمنع الهروب أو ردعه، واستخدام القوّة أو التهديد باستخدامها أو استخدام أيّ شكل آخر من أشكال الإكراه الجسدي أو النفسي، والمدة، وتأكيد الحصرية والتعرض للمعاملة القاسية وسوء المعاملة، والسيطرة على الحياة الجنسية والعمل الجبري وضعف الضحية [يُمكن الاطّلاع على حُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة نتاغاندا هنا، وتحديدًا في الفقرة 952].
ثم تناولت المُدّعية العامة عاملين من العوامل التي جرى تناولها في قضيّة أونغوين، والتي اعتبرتهما مرتبطين بالقضية. تناولت المُدّعية العامة بدايةً مسألة مراقبة حركة شخص ما أو فرض قيود عليها، وبشكل أوسع، التدابير المتخذة لمنع الهروب أو ردعه. وسلّطت المُدّعية العامة الضوء على حُكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضيّة كوناراك، إذ قضت الدائرة القضائية بأنّ مؤشّرات الاستعباد تشمل أركان السيطرة والملكية مثل تقييد أو التحكم في استقلالية الفرد أو حرية الاختيار أو حرية التنقل [يُمكن الاطّلاع على حُكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضيّة كوناراك هنا، وتحديدًا في الفقرة 542].
أشارت المُدّعية العامة تحديدًا إلى أنّ السبايا في هذه القضية كُنّ يحملنَ مفاتيح المنزل، إلّا أنّ التهديدات النفسية التي كانت تُمارَس عليهنّ لمنعهنّ من الهرب تُثبت وجود السيطرة، كما ورد في قضيّة أونغوين. واستشهدت المُدّعية العامة أيضًا بالمقرر الخاص للأمم المتحدة الذي أكّد هذه الحجة أيضًا. أمّا العامل الثاني الذي سلّطت عليه المُدّعية الضوء من قضيّة أونغوين فهو العمل الجبري أو إخضاع الشخص لوضع العبودية، إذ يُمكن اعتبار الزواج القسري والعمل الجبري من أشكال المِلكية هذه. واستشهدت المُدّعية العامة بحُكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضيّة كوناراك، الذي اعتبر أنّ وجود خيار للعبد في العمل من عدمه هو العامل الحاسم في تحديد هذا الشكل من المِلكية [يُمكن الاطّلاع عليه في الفقرة 542 من حكم المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في قضية كوناراك]. رأت المُدّعية العامة أيضًا أنّ وقوع الإساءة ليس شرطًا لإثبات الاستعباد، وأنّ غياب الإرادة أو الموافقة ليس شرطًا أيضًا. وأكّدت المُدّعية العامة أنّ الاستعباد يُمكن أن يقع في حالات يكون فيها المُستَعبَدون يرتدون ملابس جيدة ويُعتنى بهم، إلّا أنّ الأمر الجوهري هو فقدانهم لاستقلاليتهم وعدم قدرتهم على تغيير الوضع الذي هم فيه.
تابعت المُدّعية العامة إثبات الأركان السياقية لجريمة ضدّ الإنسانية، وهي أربعة أركان منصوص عليها في المادّة 4 من قانون الجرائم الدولية. الركن الأول، هو وجود هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد السكان المدنيين. وأوضحت المُدّعية العامة أنّ الهجوم لا يقتصر على الأعمال الجسدية أو استخدام الأسلحة، كما تقرّر في قضيّة فيشر الهولندية، بل يشمل أيضًا ارتكاب المنظمة أو الدولة (وليس الجاني) للأفعال بشكل متكرر [يُمكن الاطّلاع على حُكم قضيّة فيشر الصادر عن المحكمة في لاهاي هنا، وتحديدًا في القسم 6.4.1.16]. وأضافت المُدّعية العامة أنّ الهجوم يجب أن يتبع سياسة مشتركة، والتي لا تحتوي بالضرورة على شروط صارمة، ولكنّها تستبعد أعمال العنف العشوائية. علاوةً على ذلك، أوضحت المُدّعية العامة أنّ الهجوم يجب أن يكون موجها ضد السكّان المدنيين. ثانيًا، يقتضي شرط الارتباط أن يكون سلوك المتهم مرتبطًا بالهجوم الواسع النطاق والمنهجي. وأوضحت المُدّعية العامة أنّه يجب أن يكون المُتهم على عِلم بسياق الهجوم، ولكن ليس بالضرورة أن يكون قد ارتكب الفعل بسبب هذا الهجوم تحديدًا. ثالثًا، يُمكن أن يحدث الفعل المُرتكب ضد السكان المدنيين سواءً كان هؤلاء من سُكّان المُنظّمة أو الدولة نفسها أو غيرهم. وبيّنت المُدّعية العامة أنّ المدنيين يجب أن يكونوا جزءًا من الفئات المُستهدفة في الهجوم، أمّا استهداف أسرى الحرب والجنود فقط فلا يُعد جريمة ضدّ الإنسانية [بل يُصنّف ضمن جرائم الحرب والقانون الإنساني الدولي]. واستشهدت المُدّعية العام بالقضية الهولندية ضد فيشر، إذ لم يشترط استهداف مجموعة سكانية بأكملها، بل يكفي استهداف جزء كبير منهم لاعتبار الهجوم واسع النطاق. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن الهجوم واسع النطاق يُقيّم بناءً على حجمه مع وجود العديد من الضحايا؛ في حين يُمكن استنتاج وجود هجوم منهجي من خلال وجود أنماط مُتكرّرة بين الأفعال المختلفة المُرتكبة، ممّا يستبعد وقوع هجمات عشوائية. رابعًا، ذكرت المُدّعية العامة أنّ أركان المعرفة تقتضي أن يكون المُتهم على عِلم بسياق الهجوم، وبالتالي لا يشترط أن يكون المتهم قد أيّده أو وافق عليه.
وبناءً على ذلك، أوضحت المُدّعية العامة بلوم أنّها ستُثبت في قضيّة حسناء أنّ كلًا من العمل الجبري وتقييد الاستقلالية والسيطرة من خلال القيود المفروضة على الحركة يُعتبران من أشكال الاستعباد ذات الصلة بـ P1 وP2. وأضافت أنّها ستقدّم أيضًا أدلّة تُثبت أن حسناء كانت على عِلم بأنّ فعلها كان جزءًا من الهجوم الواسع النطاق والمنهجي ضدّ السكّان المدنيين.
[استراحة لمدة 20 دقيقة]
البيانات الختامية للادعاء العام: الأدلة وتطبيق القانون على تهم محددة
استعرضت المُدّعية العامة الأدلة والاعتبارات التي أثيرت في محاكمة حسناء بتهمة الاستعباد. وأشارت المُدّعية العامة أولا إلى أن أفعال المتهمة يجب أن تكون جزءًا من هجوم منهجي وواسع النطاق، وهو ما أُثبت في قضية الإيزيديين وفقًا للمدعية العامة. وأوضحت المُدّعية العامة أن الأدلة المفتوحة المصدر [تستند أدلة المُدّعية بشكل أساسي إلى تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المُتّحدة الصادر في حزيران/يونيو 2016 المذكور أعلاه] تشير إلى أن الرجال الإيزيديين قُتلوا، بينما استُعبدت النساء وطوردنَ، وكلّ ذلك وفقًا لتخطيط تنظيم داعش. ووصفت كيف وضع تنظيم داعش آليّة عمل لفصل الإيزيديين على أساس الجنس والعمر، ونظّم عمليّات نقل النساء ليصبحن سبايا. وأوضحت المُدّعية العامة أنّ آليّة عمل تنظيم داعش في الهجوم على الإيزيديين كانت تعد مُبرّرة استنادًا إلى آيات في القرآن الكريم تُجيز امتلاك العبيد. ونشر تنظيم داعش كُتيّبات وإرشادات حول كيفيّة التعامل معهم وإدارة سوق العبيد. وأوضحت المُدّعية العامة أيضًا أنّه في إطار تنظيم داعش والشريعة الإسلامية، كانت السبايا تُعد جزءًا من التنظيم، وكانت ممارسة الاستعباد في الحياة اليومية أمرًا طبيعيًا. وسلّطت المُدّعية العامة الضوء على تقرير الأمم المُتّحدة حول الإيزيديين الصادر في حزيران/يونيو 2016 [تستند جميع الأدلة المُتعلّقة باضطهاد الإيزيديين تقريبًا إلى هذا التقرير، ويُمكن الاطّلاع عليه هنا]، الذي قدّم أدلّة تُثبت أنّ 80% من السبايا كُنّ مُتاحات للبيع بشكل فردي لمُقاتلي تنظيم داعش. وذكر التقرير أيضًا أنّ نساء تنظيم داعش لم يكُنّ على عِلم بمُمارسة الاستعباد فحسب، بل كُنّ أيضًا يستخدمنَ السبايا الإيزيديات في منازلهنّ ويُجبرنهنّ على العمل.
أوضحت المُدّعية العامة أنّ أقوال المُدّعيات أكّدت هذه العناصر المُتعلّقة بالهجوم على الإيزيديين أيضًا. فقد ذكرت P2 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش أنّها سمعت على التلفاز أنّ تنظيم داعش هاجم الإيزيديين بهدف سبي النساء والفتيات وقتل الرجال. وذكرت P2 أيضًا أنّها سمعت على التلفاز أنّ تنظيم داعش يبيع السبايا، وأنّ حماها نجا من إعدام جماعي. وذكرت P6 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش أنّ حارسًا مصريًا أخبرها أنّه اشترى سبايا إيزيديات. وذكرت P6 أيضًا أنّها اشتُريت لأبي وليد باعتبارها هدية له. وذكرت P1 أيضًا أنّ أبا أحمد اشتراها، وأنّ أبا عبد الله اشترى P2. وبناءً على ذلك، أكّدت المُدّعية العامة أنّ هذه الأقوال وتقرير الأمم المُتّحدة تُثبت وقوع هجوم تضمّن أفعال مُتعدّدة ضدّ المدنيين على يد تنظيم (تنظيم إرهابي في هذه الحالة) كان قادرًا على التخطيط لهذه الأعمال وتنفيذها. وتابعت المُدّعية العامة أنّ تنظيم داعش اعتمد على آليّة عمل برّرها من خلال تفسيره المُتشدد للدين الإسلامي، واعتبر الإيزيديين "كفّارًا". وأشارت المُدّعية العامة أنّ الهجوم كان منهجيًا نظرًا إلى أنّ الهجوم في سنجار والأفعال اللاحقة في سوريا كانت مُخطّطًا لها وليست حوادث مُنعزلة، وكان واسع النطاق نظرًا للعدد الكبير من الضحايا في سنجار والقرى المُحيطة التي استُهدفت. وأوضحت المُدّعية العامة أنّ ذلك يتماشى أيضًا مع الأحكام والسوابق القضائية الألمانية الصادرة عن محكمة فرانكفورت (المعروفة بأنّها أصدرت أحكامًا في العديد من قضايا الضلوع في منظمة إرهابية والاستعباد بصفتها جريمة ضدّ الإنسانية)، إذ اعتبرت هذه القضايا أيضًا الهجمات على الإيزيديين واسعة النطاق (أي عدد مُهاجمي تنظيم داعش والعدد الكبير من الضحايا و300 ألف إيزيدي) ومنهجية (أي مُخطّط لها ومُتّسقة في الإجراءات والوسائل التي استخدمها المُقاتلين، مثل الحافلات والأسلحة، وعمليّات بيع السبايا ودور نساء تنظيم داعش) لاعتبارات مُماثلة. ورأت المُدّعية العامة أيضًا أنّ هذه الاعتبارات تتّفق مع القانون الجنائي الدولي.
البيانات الختامية للادعاء العام: الأدلة وتهمة استعباد P1
ثم تناولت المُدّعية العامة الوقائع والأدلة المُتعلّقة بكلّ مُدّعية على حِدة، وذلك لتناول الأركان الأخرى المطلوبة لإثبات الجريمة (أي الارتباط بالهجوم وعلم المتهمة بالهجوم وسلوكها الذي ساعد وحرّض على ارتكاب الهجوم). بالنسبة لـP1، اشارت المُدّعية العامة أن حسناء اعتبارًا من 1 أيار/مايو، 2015 (ستحدد التواريخ بدقّة لاحقًا) ساعدت وحرّضت على الاستعباد بصفتها جريمة ضد الإنسانية من خلال إجبارها على العمل في منزلهما وإعداد الطعام ورعاية ابنها. وذكرت P1 أنها سبيت على يد أبي أحمد وأن امرأة هولندية جاءت للعيش معهما لفترة من الوقت مع ابنها [حُجب الاسم] عندما كان أبو زبير في العراق. وأوضحت P1 أنها أُجبرت على أداء أعمال منزلية، وأن حسناء لم تكن لطيفة معها وأجبرتها على الصلاة وغسل ملابسها ورعاية ابنها. وذكرت P1 أن حسناء لم تضربها، لكنها كانت تعمل لمدة 12 ساعة يوميًا. ووفقًا للمدعية العامة، ذكرت P1 أنها كانت تشعر وكأنها ميتة، وكانت تخشى دائمًا التعرض للضرب أو البيع أو القتل. وأوضحت P1 في إفادتها أنه حتى لو مارست شعائر دينية إسلامية، مثل قراءة القرآن، فإنّها كانت ستُعامل معاملة سيئة. وذكرت P1 أيضًا أن [حُجب الاسم] كان يُعاني مشاكل، وأنّها كانت مُضطرّة للاعتناء به. وأضافت P1 أنها كانت تنظف منزل حسناء وأبي زبير قبل زواجهما، وأنّها كانت تُساعدهما كثيرًا عندما انتقلا إلى منزل أكبر. وذكرت P1 أن حسناء أقامت في منزل أبي أحمد عشر مرات على الأقل (إحداها استمرّت شهرًا كاملًا، والباقي لفترات أقصر) وكانت مُلزمة بفعل كلّ شيء لها عندما تكون في المنزل. وأفادت P1 أيضًا بأنّ [حُجب الاسم] كان يُثير المشاكل، وأنّه في إحدى المرّات رمى البيض واضطرّت لتنظيف المكان. ووفقًا للمدعية العامة، فقد ذكرت P1 أن أبا أحمد كان يغيب عن المنزل من الساعة السادسة صباحًا حتى الساعة السادسة مساءً، وكانت حسناء خلال هذه الفترة تستحمّ وتأخذ قسطًا من الراحة وتقضي وقتها على هاتفها أو حاسوبها المحمول أثناء النهار. وذكرت P1 أن حسناء لم تسمح لها باستخدام هاتفها للاتصال بعائلتها عندما طلبت ذلك. ووفقًا لإفادة P1، فقد كانت حسناء تخبرها بأنها سبية وعليها أداء كل الأعمال المنزليّة لأنّها اشتُريت. وذكرت P1 أنها اضطرت للذهاب كل يومين إلى منزل حسناء لتنظيفه، ولم تحصل أبدًا على تعويض مقابل عملها. وأشارت إفادة P1 إلى أن حسناء كانت تعرف أبناءها، وأنها التقت بابنها وإحدى بناتها. وذكرت P1 أن حسناء كانت تعلم أن ابن P1 كان في معسكر تدريب وأن حسناء قالت إنّها كانت تودّ إرسال [حُجب الاسم] إلى معسكر تدريب أيضًا، ولكنه كان مريضًا عقليًا وبالتالي غير قادر على ذلك. وقالت P1 إنها لم تكن تمتلك مفاتيح المنزل وكانت تُحبَس فيه (تغيّر هذا الوضع لاحقًا وفقًا لـ P1 لأنهم كانوا يعرفون أنها لن تغادر أبدًا دون ابنها)؛ وكانت حسناء تمتلك المفاتيح وهو ما أتاح لها المُغادرة متى شاءت، في حين كانت P1 لا تستطيع المُغادرة إلّا برفقتها. وسلّطت المُدّعية العامة الضوء على أنه في قضية كونوراك التابعة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، خلصت المحكمة إلى أنه حتى لو كان لدى المُستَعبَد مفتاح، فإنه لا يزال من الممكن اعتبار ذلك استعبادًا بالنظر إلى أنّه لا يستطيع المُغادرة على أرض الواقع، لأنّ P1 لن تترك ابنها. وذكرت P1 أيضًا أنّ حسناء كانت تغضب إذا لم تُطِع أوامرها، وتصفها بـ"السبية" وتُخبرها بأنّهم اشتروها للعمل لديهم. وأوضحت P1 أنها كانت تخاف من حسناء وأنها أساءت معاملتها، وأن التعامل مع ابنها [حُجب الاسم] كان صعبًا. وذكرت P1 أن حسناء كان بإمكانها مُساعدتها لأنّهما كانتا غالبًا بمفردهما، وأنّها توسّلت إليها مرارًا لاستخدام هاتفها، لكنّها كانت ترفض دائمًا، وقالت P1 إنّ حسناء استخدمتها بصفتها سبية. ورأت المُدّعية العامة، استنادًا إلى حُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة أونغوين، أنّ P1 تعرّضت للعمل الجبري وتقييد حريّة التحرك، وأنّ مفهوم "حريّة التحرك غير الواقعيّة" ينطبق عليها، نظرًا إلى أنّها لم تكُن تستطيع الهرب من دون ابنها، وأنّ حسناء كانت تعلم ذلك.
ثم تناولت المُدّعية العامة الإفادات المُؤيِّدة التي أدلت بها كلّ من P2 وP6 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش، والتي أكّدت فيها كلتاهما أن حسناء أُجبرت P1 على الطهي والتنظيف، وأن حسناء كانت متزوجة من أبي زبير وأقامت في منزل P1.
تناولت المُدّعية العام أقوال حسناء أمام مفوض المحكمة الهولندية التي ذكرت فيها أنّها أقامت في منزل P1، لكنّها حافظت على مسافة بينهما ولم تكُن تعلم شيئًا عن الإيزيديين. وعلى غرار ذلك، تناولت المُدّعية العامة شهادة حسناء في اليوم الأول من المحاكمة [يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة الأول]، إذ زعمت المُدّعية العامة أن حسناء قيّدت علاقتها بـ P1 بشكل أكبر، بادّعائها أنّه كان لديها "شعور" بأن P1 كانت سبية إيزيدية بدلًا من الاعتراف بمعرفتها بذلك كما ذكرت أمام مُفوّض المحكمة الهولندية. وقال المدعية العامة إنهم وجدوا أقوالها غير قابلة للتصديق إطلاقا. ووفقًا للمدعية العامة، فقد ذكرت P1 أن حسناء كانت تتحدّث اللغة العربية، وأنّها تعرف اللغة لأنّها كانت تتحدّث بها مع أبي زبير. وأضافت المُدّعية العامة أنّه لا بدّ أنّ حسناء كانت قادرة على فهم زوجها، نظرًا إلى أنّها شهدت أيضًا يوم الاثنين بأن زوجها أعطاها تعليمات بشأن الإقامة في منزل أبي أحمد. وأوضح الادعاء العام أنهم وجدوا أن أقوال حسناء فيما يتعلق بوجبات العشاء التي كانت تقام ليلة الجمعة وادعائها بأنها كانت الضحية وأنها كانت تعد الطعام بأكمله بينما كانت P1 وP2 وP6 جالسات غير قابلة للتصديق، خاصة وأن حسناء كانت تعلم أنهنّ سبايا إيزيديات.
قدّمت المُدّعية العامة بعد ذلك شرحًا مُوجزًا للفترة الزمنيّة التي ارتُكبت فيها التُهم من 1 أيار/مايو، 2015 إلى 1 تشرين الثاني/نوفمبر، 2015 ومكان وقوعها في الرقة بسوريا [عُدِّل التاريخ ليصبح 1 تشرين الثاني/نوفمبر، 2015 بعد جلسة يوم الاثنين، يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة الأول]. ووفقًا للمدعية العامة، فقد أجبرت حسناء P1 في أيار/مايو 2015 على تنظيف منزلها، وأقامت في منزل أبي أحمد مع P1 في حزيران/يونيو 2015. وأوضحت المُدّعية العامة أنّه في شتاء عام 2015، أُنقِذت P1 وابنها في حلب، وأنّ آخر إقامة لحسناء معها كانت في تشرين الأول/أكتوبر 2015. وتناولت المُدّعية العامة أيضًا شهادة حسناء يوم الاثنين التي لم تستطع فيها تحديد جدول زمني دقيق لوجودها في العراق خلال هذه الفترة [يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة الأول].
تناولت المُدّعية العامة بعد ذلك مسألة ارتباط سلوك حسناء بالهجوم الواسع النطاق والمنهجي. وزعمت المُدّعية العامة أنّه قد ثبُتت إدانة حسناء بجريمة الاستعباد. ولأنّه ليس من الضروري إثبات أنّ حسناء نفسها كانت جزءًا من الهجوم الشامل، فيُمكن إثبات الارتباط على أساس أنّ الاستعباد كان فعلًا قد ارتُكب في سياق هجوم واسع النطاق ومنهجي على يد تنظيم داعش، وأن حسناء ارتكبت جريمة الاستعباد. ثم تناولت المُدّعية العامة العناصر العقلية المُتعلّقة بعِلم حسناء بالهجوم الواسع النطاق والمنهجي. واستندت المُدّعية العامة إلى الأدلة المُستقاة من أقوال P1 وP2 أمام مفوض المحكمة الهولندية، إذ ذكرتا أن حسناء وصفتهما بالكافرتين، وأعربت عن تأييدها لتنظيم داعش وكانت سعيدة بإساءة معاملة الإيزيديين، وأنّها كانت تُحبّ تنظيم داعش وتُبدي ردود فعل حماسيّة تجاه مقاطع الفيديو التي ينشرها التنظيم لعمليات قطع رؤوس. وأشارت أقول P1 وP2 إلى أنّه عندما كانتا تعرضان على حسناء آثار الكدمات والاغتصاب الذي تعرّضتا له، كانت حسناء تقول إنّ ذلك لا يهمّ، وتهزّ رأسها وتنصرف. وذكرت P2 أن حسناء كانت سلبية للغاية، ووصفتها بالزنديقة الكافرة وكانت تقول لها أن عليها أن تعتنق الإسلام وتنجب أطفالًا. وأشارت أقوال كل من P1 وP2 إلى أن حسناء كانت على علم باستعباد الإيزيديين وبأنّهما إيزيديتان وبما كابدتاه خلال الهجوم. واختتمت المُدّعية العامة حديثها عن تُهمة استعباد P1 بتناول مساعدة حسناء الصريحة في هذا الاستعباد والتحريض عليه باعتباره شكل من أشكال المسؤوليّة. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن P1 ذكرت أنه على الرغم من أن أبا أحمد كان مالكها، إلا أن حسناء ساعدت وحرضت على الاستعباد عندما كانت بمفردها مع P1 طوال اليوم وجعلتها تنظف المنزل. وأشارت المُدّعية العامة بشكل هامّ إلى أنّه ليس من الضروري أن تكون حسناء قد لعبت دورًا في كيفية تحول P1 إلى سبية، وأن استخدام P1 بصفتها سبية كان كافيًا لاعتباره مساعدة وتحريضًا.
البيانات الختامية للادعاء العام: الأدلة وتهمة استعباد P2
تناولت المُدّعية العامة بلوم بعد ذلك تهمة حسناء بالمساعدة والتحريض على الاستعباد بصفتها جريمة ضد الإنسانية بحق P2. وقدمت المُدّعية العامة أدلة من إفادة P2 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش، إذ ذكرت P2 أن حسناء عاشت بالقرب منها بعد قصف منزل حسناء وأبي زبير، وأنها جعلت P2 تؤدي أعمال التنظيف والعمل الجبري في منزلهما الجديد. وأشارت إفادة P2 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة في 19 أيلول/سبتمبر، 2021 إلى أن حسناء عاشت لفترة وجيزة مع أبي عبد الله وP2 بعد قصف منزلهما، ثم انتقلت إلى منزل قريب. وذكرت P2 أن حسناء أعطتها تعليمات بالتنظيف والطهي والصلاة؛ وأن حسناء كان لديها غرفتها الخاصة في منزلهما ومكثت هناك مع ابنها [حُجب الاسم] وابنتها [حُجب الاسم]. وذكرت P2 أنها لم تكن مضطرة لرعاية الأطفال ولكن كان عليها إعداد الطعام بأكمله والتنظيف. وقالت P2 إنها لم تتلقَّ أي أموال مقابل عملها، وأنّها كانت تُضرَب إذا رفضت العمل. وذكرت P2 أيضًا أنه عندما حاولت الهروب ذات مرة، هددها أبو عبد الله بالقتل وقطع رأسها.
ذكرت المُدّعية العامة أن P2 لم تستطع تذكر كل ما قالته أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (إذ ذكرت P2 أمام فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة أن حسناء لم تُعطِها أيّ تعليمات) لكنّها ذكرت أمام مُفوّض المحكمة الهولندية أنّ حسناء أعطتها تعليمات بالتأكيد في منزل أبي عبد الله. وذكرت P2 أيضًا أنها تتلقّى علاجًا لفقدان الذاكرة، وبات بإمكانها الآن تذكّر أنّها تلقّت تعليمات من حسناء. وحاججت المُدّعية العامة بأنهم يعتقدون أن P2 تقول الحقيقة وأوضحت أنّ الأبحاث المُتعلّقة بتنظيم داعش وأقوال P1 تؤيد أيضًا ما قالته P2 أمام مفوض المحكمة الهولندية. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن P1 وP2 لم تتعاملا أو تتواصلا مع بعضهما منذ وجودهما في سوريا، وبالتالي لم تُؤثّر إحداهما على الأخرى. وبالتالي، ترى المُدّعية العامة أن أقوال P2 كانت واضحة ومحدّدة وجديرة بالتصديق (إذ أكّدت حسناء أيضًا عدّة حقائق حول وجود كلّ من P1 وP2 في سوريا).
سلّطت المُدّعية العامة الضوء، بالاستناد إلى حُكم المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة أونغوين، على أنّ رُكني العمل الجبري والتقييد النفسي للحركة (المُستمدّين من التهديدات بقطع رأس P2 إذا حاولت الهرب) كانا حاضرين في استعباد P2. ورأت المُدّعية العامة أنّه عندما تستند الأدلة في الجرائم إلى أقوال الشهود، يُشترط أن تكون هذه الأدلة "دليل الاقتران" أو "دليل الربط" [في هذه المرحلة، لوحظ أنّ حسناء أغلقت صفحات مرافعة الادعاء العام، وجلست مُتكئة على كرسيّها وهي تنظر حول الغرفة بلامبالاة]. وأوضحت المُدّعية العامة أن دليل الاقتران يتطلب وجود أنماط مُتشابهة وقابلة للتحديد في إفادتين تتعلّقان بسياق وظروف الجريمة [انظر تقرير المحاكمة الثالث لمزيد من التوضيح حول دليل الاقتران]. وأوضحت المُدّعية العامة الأفعال التي وصفتها كلّ من P1 وP2 عن حسناء كانت قابلة للتحديد ومُتشابهة. وأشارت المُدّعية العامة إلى أن كلًا من P1 وP2 ذكرتا بشكل مستقل عن بعضهما أن حسناء لم تكن تفعل شيئًا، وأنها كانت تمضي وقتًا طويلًا على هاتفها ولم تكن تؤدي أي أعمال منزلية، وأجبرتهما على تأدية الصلاة؛ الأمر الذي جعل شهادة حسناء بأنّها لم تكُن تستطيع الوصول إلى هاتفها غير قابلة للتصديق. وذكرت كلّ من P1 وP2 أيضًا أن حسناء وصفتهما بالكافرتين وأن مصيرهما إلى الجحيم، وأنّهما رأتاها خلال النهار في منزلهما عندما كان الرجال خارج المنزل (وهو ما يتناقض مع شهادة حسناء بأنها كانت تبقى دائمًا في غرفتها). وطرحت المُدّعية العامة أنّ هناك أوجه تشابه ملحوظة بين أقول P1 وP2 تُؤكّد صحّة تلك الأقوال، وأن حسناء استخدمت الأسلوب نفسه مع كلتيهما.
اختتمت المُدّعية العامة حديثها بالإشارة إلى أن الهجوم الواسع النطاق والمنهجي، وارتباط حسناء ومعرفتها به، يُمكن تطبيقه بالطريقة نفسها المُتّبعة مع P1. وفيما يتعلق بمساعدة حسناء في الجريمة والتحريض عليها، سلّطت المُدّعية العامة الضوء على إفادة P2 بأنها كانت سبية لأبي عبد الله، ولكنّها في الواقع كانت أمَة لحسناء نظرًا إلى أنّها كانت غالبًا بمفردها معها، وكان عليها أن تطبخ وتنظف لها. وذكرت المُدّعية العامة أنّه ليس من الضروري أن تكون حسناء ضالعة في شراء أبي عبد الله لـ P2، بل يكفي أن تكون قد ساهمت في استمرار استعباد P2. وخلصت المُدّعية العامة إلى أن الفترة الزمنية لاستعباد P2 كانت من 1 أيار/مايو، 2016 إلى 1 آب/أغسطس، 2016 في الرقة بسوريا.
قبل أن يتناول الادعاء العام طلبه بشأن إصدار الحُكم على حسناء، أوضح أنّ التعويضات المُطالب بها، وقيمتها 30 ألف يورو لـ P1 و25 ألف يورو لـ P2، تستند إلى تقرير خبير حول القانون السوري، وسلّط الادعاء العام الضوء على إمكانيّة المُطالبة بتعويضات عن الأضرار غير المادية/المعنوية في القانون السوري. وذكرت الادعاء العام أنّ العمل القسري لا يُعد جريمة دوليّة في القانون السوري، بل جريمة جنائيّة عاديّة، في حين يُعد الاستعباد جريمة دوليّة ترتبط بها أضرار غير مادية/معنوية جسيمة (وأشارت المُدّعية العامة إلى أنّ كلًا من P1 وP2 راجعتا أطباء لعلاج الصدمة). وأوضحت المُدّعية العامة كيف استندت قضية تحطم طائرة الركاب الماليزية MH17 إلى القانون الأوكراني في تحديد التعويضات المُطالب بها، وحاججت بالتالي بوجود سابقة قانونيّة لمثل هذه المُطالبة في الأحكام والسوابق القضائية الهولندية. وبناءً على ذلك، حاجج الادعاء العام بأنّه يتّفق مع مُحاميتي المُدّعيتين، وطلب من المحكمة منحهما التعويضات المُطالب بها.
طلب الادعاء العام بإصدار الحكم
اختتمت المُدّعية العامة مرافعات الادعاء العام بتقديم طلب بإصدار الحُكم. بدأت المُدّعية العامة بالتوضيح أنّه في قرارهم بشأن الحُكم المطلوب، أخذوا في الاعتبار شدة الوقائع، وتأثيرها على المُدّعيتين، وضلوع حسناء في تنظيم داعش وإيمانها المُطلق به. وأشارت المُدّعية العامة أنه لولا أعضاء تنظيم داعش لما كان لهذا التنظيم وجود، وأنّه لولا وجود مواطنين لما كانت هناك خلافة. وأضاف أن تنظيم داعش بثّ الرعب في العراق وسوريا، وأن حسناء كانت على علم بذلك. وأنّ الإبادة الجماعيّة التي تعرّض لها الإيزيديون، والتي شملت الاغتصاب والاستعباد الجنسي والنزوح الكامل للمجتمع الإيزيدي، قد تركت هذا المجتمع في حالة من اليأس. وأوضح الادعاء العام أن الإيزيديين لم يُنظر إليهم بصفتهم بشرا، وأن حسناء كانت ضالعة في هذا الأمر من خلال تعامُلها مع امرأتين بصفتهما سلعتين. فقد أجبرت حسناء P1 على أداء الصلاة والتنظيف ورعاية ابن شخص غريب، ولم تتمكن P1 من رؤية أطفالها. وأوضح الادعاء العام أن P1 ذكرت أن حسناء كانت تُبدي ارتياحًا تجاه المُسلمين، في حين كانت الإيزيديات تعامَلن دائمًا بصفتهن سبايا (مع حرمانهن من الحقوق الأساسيّة). وأشار الادعاء العام إلى أنهم لا يستطيعون فهم قرار حسناء باصطحاب ابنها البالغ من العمر أربع سنوات والذي يُعاني من إعاقة إدراكيّة إلى سوريا. وسُلِّط الضوء على أن [حُجب الاسم] قضى أكثر من نصف حياته (أي 7 سنوات) في سوريا، وهو ما سيكون له آثار قصيرة وطويلة الأمد.
أوضحت المُدّعية العامة أن شهادة حسناء في اليوم الأول من المُحاكمة، والتي زعمت فيها شعورها بالندم على ما فعلته، يُمكن دحضها لأن مُجرّد الادّعاء بالشعور بالندم يختلف عن الشعور الحقيقي به. وسلّط الادعاء العام الضوء على أنّ التحليل النفسي لحسناء [يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة الأول، تحت بند ظروفها الشخصيّة] أظهر أنّها غير قادرة على إدراك عواقب سلوكها على نفسها أو على الآخرين، وهو ما يجعل ندمها غير حقيقي. وأشارت المُدّعية العامة إلى أنهم يعتقدون أن حسناء تشعر بالأسف على ما مرّت به (وجعلت نفسها ضحية) ولكنها لا تشعر بالمسؤوليّة عمّا فعلته بالآخرين. وأكّدت المُدّعية العامة أن حسناء لم تتحمّل في شهادتها مسؤوليّة أفعالها ضدّ النساء الإيزيديات، ولم تُعبّر عن أيّ ندم تجاه المجتمع الإيزيدي، ولم تُظهِر أيّ بوادر تعاطف. وتناول الادعاء العام ما شهدت به حسناء في المحكمة في وقت سابق من اليوم عقب مُمارسة المُدّعيتين لحقّهما في الإدلاء بأقوالهما، إذ اكتفت بالقول إنّ ذلك غير صحيح، وإنّها تشعر بالأسف تجاههما، ولكنّهما تكذبان. وقالت المُدّعية العامة إنّ هذا الأمر أُخِذ في الاعتبار عند تحديد عقوبة حسناء.
قالت المُدّعية العامة بعد ذلك إن الظروف الشخصية لحسناء تشير إلى أنّها عاشت طفولة بائسة وعانت من أمراض نفسيّة، من بينها اضطراب الشخصيّة الحَدّي. وسلّطت المُدّعية العامة الضوء على أنّ التقارير التي أعدّها الخبراء لم تستطع الجزم بشأن تأثير أمراض حسناء النفسيّة على تُهمة الاستعباد، ولذلك قرّر الادعاء العام الاعتماد على الحقائق المعروفة. وحاججت المُدّعية العامة بأن تحليل شخصيّة حسناء أظهر أنّها كانت انتهازيّة في استغلال الآخرين لتحسين وضعها، وأنّها كانت أنانيّة وغير قادرة على تقدير عواقب أفعالها. وبالتالي، أشارت المُدّعية العامة إلى أنه لا يمكن اعتبار حسناء مسؤولة جنائيًا بشكل كامل عن تُهمة الاستعباد أو التُهم الأخرى بسبب أمراضها النفسيّة، ولكنّها تحتاج إلى توجيه كبير لمنع تكرار ارتكابها الجريمة [وهو ما تناولته التقارير الأخرى في تقرير المُحاكمة السابق]. وأشارت المُدّعية العامة إلى أنهم أخذوا في الاعتبار أن حسناء قضت فترة في مُخيّم بعد سقوط الخلافة، وأنّ الفترة التي قضتها هناك كانت صعبة. وعلّق الادعاء العام بأنها كانت المسؤولة الوحيدة عن انتهاء الأمر بها في مخيم بسبب المخاطر المُصاحبة لوجودها في منطقة حرب، وأنّه لولا أفعالها لما انتهى المطاف بأطفالها هناك أيضًا.
خلصت المُدّعية العامة بلوم إلى أن الحُكم المناسب ليس بسيطًا، إذ يتطلّب فرض عقوبة صارمة مع مُراعاة ظروفها الشخصيّة. وأكّدت المُدّعية العامة على أنّه في حين تُعد الجرائم المُرتكبة خطيرة للغاية كلّ على حدة، ينبغي النظر إليها بشكل تراكمي. أوضحت المُدّعية العامة بعد ذلك الأحكام والسوابق القضائية الهولندية في التُهم المُشابهة، وفي قضية الاستعباد بصفتها جريمة ضدّ الإنسانيّة، استند إلى الأحكام والسوابق القضائية الألمانية (نظرًا إلى أنّ هذه هي القضيّة الأولى من نوعها في هولندا). وقد أدّى تعريض طفل للخطر في هولندا، في قضية ثلاثة أطفال اصطحبوا إلى سوريا، إلى عقوبة بالسجن لمدّة 24 شهرًا، وسلطت المُدّعية العامة الضوء على أن هذه القضية تتعلّق بطفل معرض للخطر بشكل خاص. وذكرت المُدّعية العامة أن الضلوع في منظمة إرهابية أدى إلى صدور أحكام بالسجن لمدة 4 سنوات، ولكنّ جريمة الاستعباد بصفتها جريمة ضدّ الإنسانيّة لم يسبق البتّ فيها في هولندا. وبالتالي، أوضحت المُدّعية العامة سوابق قضائية ألمانية، مُستشهدةً بقضيّتي نورتين ج. وسارة أ.، ونطاق الأحكام في هاتين القضيّتين من 3 إلى 6 سنوات بتُهمة الاستعباد بصفتها جريمة ضد الإنسانية. وخلص الادعاء العام إلى أنّ حسناء يجب أن تواجه عقوبة السجن غير المشروط لمدة 8 سنوات.
رُفعت الجلسة في تمام الساعة 4:40 عصرا.
ستُعقد جلسة يوم المحاكمة التالي في تمام الساعة 9:30 من صباح يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر، 2024.
________________________________
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.