
داخل محاكمة أحمد ح #15: إِنَّ الْكَلْبَ لَيُعامَلُ خَيْرًا مِنّي
محاكمة أحمد ح.
المحكمة الإقليمية العليا الهانزية - هامبورج ألمانيا
موجز مراقبة المحاكمة الرابع عشر
تاريخ الجلسة: 8 و 9 تشرين الأول / أكتوبر 2024
تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب
يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.
في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و«المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون». وحُجبت أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.
[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]
يسرد تقرير المحاكمة الخامس عشر الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين الرابع والخامس والعشرين من محاكمة أحمد ح في هامبورج، ألمانيا. شهد في اليوم الأول الشاهد الجديد P23، الذي كان يعرف المتهم من وقت قضياه معا في مركز للاجئين في ألمانيا. قابل رئيس المحكمة القاضي زاكوت الشاهدَ P23 بما أفاده في سابقا في الشرطة، ومنه أنّ أحمد ح عاش أكثر من شهر مع P23 في عام 2023، وأخبره أحمد وقتها أنه أُجبر على العمل في حاجز في سوريا لإعالة أسرته. أكّد P23 أنّ أحمد ح ذكر أنه كان يتمتع بسلطة في سوريا، ولكنه تردد في مشاركة التفاصيل. وادّعى الشاهد أنه لا يتذكر أنه أدلى بتلك التصريحات. وقبل انتهاء الجلسة، طلب أحمد ح أن يستعيد ملابسه التي احتفظ بها P23 له، واستفسر الشاهد عن زيارة المتهم. أبلغ رئيس المحكمة القاضي زاكوت الشاهدَ أنّ ذلك يستلزم موافقة رسمية.
في جلسة اليوم التالي، كان من المقرر أن يدلي ضابطان من الشرطة الألمانية الاتحادية بشهادتَيهما، ولكن الإجراءات تعطلت حين وصل أحمد ح متأخرا دون وشاحه الذي كان يستخدمه طوقَ عنق زاعما ألما شديدا في رقبته. وأوضح المتهم أنّ الحراس حرموه وشاحَه، فأدى ذلك إلى خلاف بين القاضي والدفاع وحراس السجن حول ما إذا كان للطوق ضرورةٌ طبية. وبعدما استُشير طبيب، تقرر أنه لا وجود لوصفة طبية، ولكن أحمد ح أصرّ على أنه لم يُفحص جيدا. أصيب أحمد ح بانهيار عصبي، زاعما أنه عومل أخسّ من الكلب. تشككت المدعية العامة جْريتْش من أنّ ذلك كان تمثيلا، بينما أكّد محامي الدفاع مشرف على أنّ أحمد ح قبع في الحبس الانفرادي طويلا. ورغم محاولات القاضي مواصلة الاستجواب، تفاقمت نوبة هلع أحمد ح، فقُطعت الجلسة ثم رُفعت لاحقا.
اليوم الرابع والعشرون - 8 تشرين الأول / أكتوبر 2024
في يوم المحاكمة هذا، أدلى بشهادته شاهدٌ جديدٌ يدعى [حُجب الاسم] P23. وعندما سأله القاضي عن عمره، ادّعى P23 أنه يبلغ من العمر [حُجبت المعلومة] عاما، إلّا أنه وفقا للقاضي زاكوت، أظهرت بطاقة هويته أنه كان يبلغ من العمر [حُجبت المعلومة] عاما. وأكد P23 أنه يعرف المتهم لأنهما عاشا في نفس مركز اللاجئين. وعندما سأل القاضي زاكوت الشاهدَ عمّا إذا كان أحمد ح قد تحدّث عن الفترة التي قضاها في سوريا، أوضح P23 أنّ أحمد ح كان من مكان يُدعى [حُجب المكان] وكان يعرف P23 وعائلتَه. ومع ذلك، وأوضح الشاهد أنه كان حينها P23 صغيرا جدا، فلم يتذكر المتهم. وعندما سأل القاضي الشاهدَ عمّا كان يفعله أحمد ح آنذاك، روى P23 أنّ أحمد ح «كان يمتلك شاحنة، ويعمل بها».
لم يبدُ الشاهد راغبا في توضيح التفاصيل، فبدأ القاضي يجابهه بأقواله التي أدلى بها في مقابلتين مع الشرطة. أولا، قرأ القاضي إفادة الشاهد التي ادّعى فيها أنّ أحمد ح كان «مرحباً به» في منزل P23. وأوضح الشاهد أنّ هذا يشير إلى أنّ أحمد ح عاش مع P23 شهرا و10 أيام في عام 2023. ثم روى P23 كيف أخبره أحمد ح بأن كان مجبرا على الانحياز لطرف خلال وجوده في سوريا، وكيف كان عليه أن يعيل أسرته فشعر بأنه مضطر للعمل عند حاجز. وأفاد P23 أنّ أحمد ح أخبره أنه ساعد الناس على الفرار من الحي الذي اعتُقلوا فيه. وعندما سأل القاضي عن الحاجز الذي أشار إليه المتهم، عجز P23 عن تقديم اسم محدد، ولكنه ذكر أنه كان «قريبا من شارع نسرين».
ثم قرأ القاضي زاكوت مقطعا من مقابلة الشرطة ذكر فيه الشاهدُ أنّ أحمد ح أظهر في سلوكه سرعة انفعال وعصبية، وعندما كان يفعل ذلك، كان يثرثر ويدّعي أنه كان يتمتع بالسلطة في سوريا. فأكّد P23 ذلك. وسأل القاضي زاكوت الشاهدَ عمّا إذا كان يتذكر أنه سمّى أثناء مقابلة الشرطة أشخاصا عمل معهم أحمد ح في الحاجز، وتحديدا «[حُجب الاسم]» و«[حُجب الاسم]». فقرأ القاضي اسم «[حُجب الاسم]» فتذكره الشاهد. وأضاف P23 أنه كان يُعرف باسم «[حُجب الاسم]» وكان اسمه الأول «[حُجب الاسم]». وأوضح P23 أنّ هذين الشخصين كانا يعيشان في نفس مركز اللاجئين مثله ومثل أحمد ح. وذكر P23 أنهما استفزّا أحمد ح وأساءا إليه وافتعلا نزاعا. ثم تلا القاضي أنّ P23 أفاد أثناء مقابلة الشرطة أنّ أحمد ح أخبره أنّ هؤلاء لم يكونوا ليجرؤوا على التفوّه بشيء في سوريا لأنه كان يتمتع بالسلطة آنذاك. ومرة أخرى، أكد P23 ذلك وأضاف، «نعم، لأنه كان مسؤولا عن حاجز». ثم استفسر القاضي زاكوت عمّا إذا كان أحمد ح قد أخبر الشاهد بما كان يفعله بالضبط عند الحاجز. فأجاب P23 أنّ المتهم قال إنه كان يوقف الأشخاص والمركبات عند الحاجز ويفتشهم. وأوضح P23 أنّ الأشخاص الذين ذُكرت أسماؤهم من قبل، [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] و[حُجب الاسم]، أخبروا P23 أنّ أحمد ح كان يرتشي، ويجبر الأشخاص الذين يمرون بالحاجز على الدفع. وأضاف P23 أنّ أحمد ح أوضح له أنّ النظام كان ظالما، ولكن المرء كان مجبرا على اتباع النظام، وإلا فسيُقتل.
ثم عرض القاضي زاكوت على P23 صورتين. فتعرّف الشاهد على منزله، وتحديدا على الأريكة والطاولة والكراسي. وقال القاضي: «يمكن للمرء أن يرى حزم أموال وساعات... » فأجاب الشاهد دون تردد «لم أرَ هذه الأشياء من قبل».
سأل الادعاء العام عن الاسم الذي كان P23 يعرف به أحمد ح، فأوضح P23 أنّ الاسم كان «أبا حيدر»، وأنه لم يعرف اسم «أبا حيدر تركس» إلا لاحقا عن طريق مقطع فيديو على اليوتيوب. أراد الدفاع معرفة ما إذا تعاطى المتهم الكحول والماريجوانا عام 2016، وهو ما لم يتمكن P23 من الإجابة عنه بصورة مؤكدة.
قبل صرف الشاهد، قال أحمد ح للقاضي إنه يود الحصول على الملابس التي تركها في منزل P23 لأنه كان يرتدي نفس الشيء عاما [مشيراً إلى ملابسه الحالية]. أعطى محامي الدفاع شابَه الشاهدَ بطاقة عمل، دون أي تعليق. سأل الشاهدُ رئيسَ المحكمة عمّا إذا كان من الممكن أن يزور أحمد ح، فأجابه القاضي بأنّ عليه أن يقدّم طلبا رسميا. وسأل P23 القاضيَ عمّا إذا كان مسموحا له أن يصافح أحمد ح، وهو ما رفضه القاضي. فنظر الشاهد والمتهم كلٌّ منهما إلى الآخر، وقالا «الله معك» [كما ترجمها المترجم الشفوي لاحقا].
رُفِعت الجلسة في الساعة 10:20 صباحا.
سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 9 تشرين الأول / أكتوبر 2024، في التاسعة صباحا.
اليوم الخامس والعشرون - 9 تشرين الأول / أكتوبر 2024
كان مقررا في جلسة اليوم أن يُستمع إلى شهادة ضابطَين من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني (BKA) اللذين استجوبا عدة شهود استُجوبوا في المحكمة، ولكن اليوم انتهى بشكل غير متوقع.
بدأت الجلسة متأخرة لأن المتهم أُحضر متأخرا. إذ دخل دون وشاحه الأزرق الفاتح الذي كان يستخدمه طوقَ عنق في الجلسة السابقة، وسار مطأطئا رأسَه إلى الأمام. أخبر أحمد ح القاضيَ فورا أنه لم يكن قادرا على رفع رأسه وأنّ رقبته كانت تؤلمه. وأوضح المتهم أنه كان بحاجة إلى الطوق، وأنه رغم طلبه من حراس السجن، إلّا أنهم رفضوا. اشتكى المحامي مشرف إلى رئيس المحكمة، معربا عن عدم استيعابه للرفض لأن أحمد ح كان يلبس الطوق في معظم الجلسات. حتى القاضي بدا متحيّرا وأكّد أنه لا يعارض لبس المتهم للوشاح. ثم التفت القاضي إلى الحارس الجالس في قاعة المحكمة وسأله عمّا إذا كان بإمكانه أن يقول شيئا عن الموقف. فأوضح الحارس أنه سمع عن الموقف، وذكر أنّ أحمد ح حُرم من لبس الوشاح لعدم وجود وصفة طبية له، وأعرب عن موافقته على ذلك. ثم انقطعت الجلسة ساعة، حتى يتمكن طبيب من رؤية المتهم. وأراد القاضي توضيح ما إذا كانت هناك ضرورة طبية.
***
[استراحة لستين دقيقة]
***
بعد العودة من الاستراحة، كان المتهم جالسا في قاعة المحكمة دون طوق، مُحدَوْدِبا ومطأطئ الرأس. أوضح القاضي زاكوت أنّ الطبيب أبلغه أنّ المتهم لم يكن بحاجة إلى طوق من الناحية الطبية. قاطع أحمد ح القاضيَ وادّعى أنه لم يفحصه طبيبٌ أثناء الاستراحة. تجاهل القاضي ادعاء أحمد ح، ولكنه تفهّم أنّ أحمد ح شعر براحة أكبر مع وشاحه. وقال القاضي زاكوت إنه لا يمانع أن يستخدم المتهم منشفة لوضعها حول رقبته وأنه يمكن الحصول على هذه المنشفة بعد استراحة الغداء. وسأل القاضي الحارسَ عمّا إذا كان هناك مشكلة إذا لبس المتهم منشفة أثناء جلسة المحكمة، ولكن ليس داخل مرفق الاحتجاز. فأجاب الحارس بإصرار أنّ لديه مشكلة شخصيا لأن المتهم لم يكن لديه وصفة طبية، واقترح أن يرتدي أحمد ح وشاحا عاديا. فتدخل محامي الدفاع مشرف محاججا بأنه لا يفهم الفرق الذي سيحدثه استخدام المتهم وشاحا أو منشفة.
وبصوت باكٍ، أوضح أحمد ح أنه عاجز عن رفع رقبته، واتهم رئيس المحكمة قائلا «أنت تعامل الكلب أفضل مني». بدا الاستياء على المدعية العامة جْريتْش، وجاهرت بأن هذا السلوك أصبح صعبا. وانحازت إلى اقتراح القاضي المعقول، مضيفةً أنّ على المتهم ببساطة أن يصبر ساعة ونصف حتى يحصل على منشفته. صرخ أحمد ح عاليا وبدا هائجا «لا تصرخي في وجهي من فضلك، الجميع يصرخ في وجهي. كما لو كنت كلبا. حتى الكلب سيُعامل أفضل مني». وبصوت مرتجف بدأ في البكاء، ورأسه يغوص الطاولة أكثر فأكثر. حاول القاضي زاكوت تهدئته، ولكن أحمد ح واصل البكاء عاليا. فطلب محامي الدفاع شابَه استراحة لخمس دقائق حتى يهدأ المتهم، وتمت الموافقة على ذلك. وبقي الجميع في قاعة المحكمة باستثناء القاضي.
***
[استراحة لخمس دقائق]
***
أثناء الاستراحة، ظل الاستياء باديا على أحمد ح وتحدث إلى المترجم الشفوي ومحامي الدفاع على انفراد. فأجاب المحامي شابَه بصوت مسموع «كلنا ندرك أنّ ظروف الاحتجاز ليست على ما يرام». كان المتهم يلهث بشدة وظل يردد: «أنا خائف من الموت، لا أستطيع التحمّل أكثر من ذلك، أنا خائف من الموت، أنا خائف من الموت، أنا خائف من الموت». قالت المدعية العامة جْريتْش ببرود إنها لا تعرف لِم عليهم [أي، الادعاء] أن يجلسوا ويشاهدوا ذلك. أشار محامي الدفاع مشرف إلى أنّ المتهم كان في الحبس الانفرادي لمدة أحد عشر شهرا. لم يُحدث ذلك وقعا في نفس المدعية العامة جْريتْش التي قال: «أنت تعرف بالضبط سبب وجوده هناك يا سيد مشرف». وأثناء هذا النقاش، واصل أحمد ح البكاء وأخذ يردد اسم عائلته «ح.، ح.، ح...» وأعرب عن شعوره بالبرد. عندما عاد القاضي من الاستراحة ورأى المتهم يبكي، علّق قائلا إنّ المحكمة سمعت روايات شهود عانوا من فظائع، وإنّه لا مقارنة إطلاقا بينها وبين ما كان يعانيه أحمد ح هنا في المحكمة.
ثم حاول القاضي بعد ذلك إجراء الاستجواب مع الضابط الأول من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني، والذي كان حاضرا طوال الوقت شاهدا على سلوك المتهم. ولكن قاطع القاضيَ المتهمُ باستمرار، إذ ظل يردد أنه لم يعد بإمكانه التحمّل وأنه خائف من الموت. وإلى جانب التنفس بصعوبة، كان أحمد ح يصدر أصواتا كما لو كان على وشك التقيؤ. ساعد المترجم الشفوي المتهمَ، وسأل الحارس بصوت مرتفع: «لمَ لا تساعدني؟» فناول الحاجبُ أحمد ح صندوقا ليريح فيه نفسه، وانقطعت الجلسة إلى ما بعد الغداء.
***
[استراحة لمائة وعشرين دقيقة]
***
عند العودة من استراحة الغداء، أبلغ الحارس المناوب الجمهور أنّ جلسة اليوم قد توقفت، وأنّ المحاكمة ستُستأنف في الأسبوع القادم، في 16 تشرين الأول / أكتوبر، في الساعة 9 صباحا.
رُفِعت الجلسة في الساعة 1:00 ظهرا.
سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 16 تشرين الأول / أكتوبر 2024، في التاسعة صباحا.
________________________________
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.