1 min read
داخل محاكمة أحمد ح #12: فَـــلْـــسَـــفَـــةُ الـــدّفـــاع

داخل محاكمة أحمد ح #12: فَـــلْـــسَـــفَـــةُ الـــدّفـــاع

المحكمة الإقليمية العليا الهانزية - هامبورج ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثاني عشر

تاريخ الجلسة: 10 و 11 أيلول / سبتمبر 2024

 تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و«المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون». وحُجبت أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة الثاني عشر الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومَين التاسع عشر والعشرين من محاكمة أحمد ح في هامبورج، ألمانيا.  في اليوم الأول، أدلت P17، زوجةُ الشاهد P4، بشهادتها في المحكمة حول ما مرّت به وزوجُها عند اعتقال قوات الدفاع الوطني لهما. وتحدّث كزوجها عن ثلاث وقائع اعتُقل فيها P4، واختفى زوجها عدةَ أشهر في ثالثها. وكان الاعتقالُ الثالثُ معلومةً جديدةً بالنسبة للمحكمة، إذ لم يتحدث الشاهدان إلّا عن اعتقالَين خلال مقابلتَيهما في الشرطة، ولكنهما ذَكَرا الاعتقال الثالث في المحكمة. ولم تشهد الشاهدةُ بنفسها المتهمَ أحمد ح يعتقل P4، ولكن زوجَها أخبرها أنّ «أبا حيدر» كان موجودًا وضربه أثناء اختطافه الأول. وعرّفت الشاهدةُ المتهمَ على أنه أبو حيدر في المحكمة وفي صورة عرضها عليها القاضي. بَيْدَ أنّ القاضي عرّف الشخصَ الموجودَ في الصورة على أنه شخص آخر يُدعى كذلك أبا حيدر.

اختُتم اليومُ بشهادة صانع قرار سابق من المكتب الألماني الاتحادي للھجرة واللاجئین (BAMF)، والذي أجرى وقتها مقابلة مع أحمد ح، وأفاد بأنه لم يستطع تذكر المقابلة إطلاقًا، لأنه كان يعمل على أكثر من ألفَي قضية حينها.

في اليوم الثاني، مَثَلَ شاهدان جديدان أمام المحكمة. كان الشاهدُ الأولُ، [حُجب الاسم]، P19، هو الطبيبَ النفسيّ المعالجَ للشاهد P4. ولم يكن يعرف الطبيبُ سوى أنّ P4 كان قد اعتُقل وضُرب على رأسه وذراعَيه في سوريا. سُئل P19 عن أعراض وآثار اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) على الذاكرة، وتحديدًا على تذكّر ترتيب الأحداث زمنيّا. وكان P8 هو الشاهدَ الثاني لهذا اليوم، إذ استُدعيَ سابقا وتخلّف عن الحضور. وفي يوم المحاكمة هذا، أدلى بشهادته حول اعتقال قوات الدفاع الوطني له عندما كان في الثالثة عشر من عمره فحسب. ولم يتمكن من التعرف على المتهم.

 اليوم التاسع عشر - 10 أيلول / سبتمبر 2024

استُجوبت اليومَ في المحكمة شاهدةٌ جديدةٌ تدعى السيدة [حُجب الاسم]، P17، وهي زوجة P4 [يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #6]. تعيش P17 في [حُجب المكان] منذ سبع سنوات إلّا أنها ولدت وترعرعت في سوريا. وهي [حُجبت المعلومة]. ثم انتقلت وعائلتُها إلى التضامن ومكثت هناك عامَين قبل أن تفرّ إلى لبنان. وأوضحت أنها انتقالها وعائلتِها إلى التضامن كان بسبب الغارات الجوية المستمرة على [حُجب المكان]. وأضافت أنه كان عليهم أن يظلّوا في [حُجب المكان] بدلًا من الانتقال إلى التضامن لو عاد بهم الزمن إلى الوراء، لأن ما عانوه في التضامن كان أسوأ بكثير.

حكت P17 أنها كانت تعيش وعائلتَها في خوف دائم، وأنها فقدت شقيقها وحماتها وأربعةً من أشقاء زوجها. وبينما كانت تروي هذا الأمر، إذ التفتت إلى المتهم قائلة «أخي مفقودٌ منذ اثني عشر عامًا، ولا يعرف ما إذا كان لا يزال حيًّا إلّا شخصٌ واحدٌ موجودٌ هنا». فسأل القاضي الشاهدةَ عمّا إذا كانت تعرف أحمد ح، فأجابت «نعم، فالجميع يعرفه. المجرم مختبئ. كان دائمًا في الأرجاء يقود دراجتَه النارية أو حفارةً صفراء». وعندما سألها القاضي عمّا فعله المتهم، أجابت الشاهدة بأن أحمد ح هو أحد الذين اختطفوا شقيقها، ثم قالت للقاضي: «في الواقع، أريد أن أسأله عمّا إذا كان يعرف مكان أخي وإن كان ما زال حيّا». فردّ القاضي بأنه هو من يسأل الأسئلة الآن.

أراد القاضي أن يعرف متى وأين رأت الشاهدةُ المتهمَ أحمد ح، فقالت P17 إنّ ذلك حدث في المخبز الآلي وعند حاجز. وأفادت بأن أبا حيدر و[حُجب الاسم] كانا يديران الحواجز. سأل القاضي عمّا إذا كانت الشاهدة تعرف أكثر من شخص يدعى أبا حيدر، فنفت الشاهدة. [ملحوظة: كان هناك شيءٌ من الخلط واللَّبس طيلة الجلسة بخصوص شخصين كلاهما يُدعى أبا حيدر: أحدهما هو أبو حيدر تركس والآخر أبو حيدر [حُجب الاسم]].

أراد القاضي أن يعرف كم مرة اختطفت قوات الدفاع الوطني زوجَها، وقارن إجاباتها بشهادة زوجها. رَوَت P17 أنّ زوجها اختُطف ثلاث مرات، إذ احتُجز مرةً ستَّ ساعات، واختفى في المرة الثانية لـ 25 أو 26 يوما، وفي الثالثة لخمسة أشهر أو ستة. واستحضرت P17 أنّ هناك كدمات كانت على زوجها، وأفادت بأنّ زوجها أخبرها أنّ أبا حيدر كان موجودًا ويعرف أنّ لزوجها مالًا على [حُجب الاسم] مقابل تركيب البلاط الذي عمل عليه P4 [يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #6].

بينما كانت الشاهدة تحكي عن اعتقال زوجها، إذ سألها القاضي زاكوت إن كان لدرعا، أصلِ زوجها، يدٌ في الأمر. أجابت P17 أنّ لذلك دورًا جوهريّا [أي أنه كان سببًا لاعتقال قوات الدفاع الوطني زوجَها] إذ بدأت الثورة في درعا.

أوضحت P17 أنّ زوجَها أُخذ من منزل العائلة في المرة الأولى بحجّة أنه كان ثَمّةَ حاجةٌ إليه في عمل معيّن. وأُخذ في المرة الثانية من حاجز، وفي الثالثة من سيارته بينما كان يعمل سائقَ أجرة. وأفادت الشاهدة بأن زوجها أخبرها أنه عُذّب في كل مرة اختُطف فيها. وأوضحت أنّ آخر مرة كانت أسوأها، إذ ضُرب زوجُها وسُكب على رأسه الماءُ البارد وعُلّق من قدمَيه لساعات. وتذكّرت P17 أنّ زوجها كان في حالة نفسية يُرثى لها بعد المرة الثالثة، وصار يتحدث مع نفسه، وكان يخاف من مغادرة المنزل، ثم فرّ إلى لبنان.

تذكرت P17 أنّ قوات الدفاع الوطني كانت تبحث عن زوجها وغشِيَت منزلَها. وعندما عزموا على أخذ P17 معهم، تشبّثت بها ابنتُها ذات السنوات السبع أو الثماني، فضرب رأسَ الابنة أحدُ عناصر قوات الدفاع الوطني ببندقيته، وتحتّم خياطةُ [جرح] الابنة بقُطَب فيما بعد. وأثناء الواقعة، غُطّيَ رأسُ P17 وعيناها بقطعة قماش وأخذتها قوات الدفاع الوطني. واحتجزوها تسعَ ساعات في غرفة رطبة جعل P17 تعتقد أنها كانت تحت الأرض. وأفادت أنها ضُربت وهُدّدت بأنهم سيأتون لأخذها لاحقا. وأوضحت P17 أنّ إخوة زوجها، الذين كانوا يعيشون مع P17 وعائلتها في ذلك الوقت، أُخذوا كذلك ولكنهم لم يعودوا أبدا.

ثم سأل القاضي الشاهدةَ عن صور عُرضت عليها أثناء استجواب الشرطة التي طلبت منها تحديد شخص معين. أوضحت P17 أنها تعرفت على أبي حيدر. أراد القاضي أن يعرف كيف وصفت للشرطة مظهرَه حينما كان في التضامن، فأوضحت أنّ أبا حيدر الذي كانت تعنيه لم يكن شعره كثيرَ الشّيب كما اليوم [وهي تنظر إلى المتهم]، وكان يتجول دائما بملابس عسكرية، وكان أبدن مقارنةً باليوم.

ثم طلب القاضي من P17 أن تدنوَ منه وأراها مجموعة صور [لم يستطع الجمهور رؤيتَها]. وذهب محامي الدفاع مشرف إلى منصة القضاة للاطلاع على الصور. قالت P17 إنّ هذه كانت المرة الأولى التي ترى فيها كثيرًا من هذه الصور. وأشار القاضي إلى أنّ هذه الصور عُرضت عليها أثناء استجواب الشرطة، غير أنّ الشاهدة لم تتذكر أنها رأتها. ثم طلب منها القاضي أن تتعرّف على شخص في إحدى الصور، فعرّفته بأنه أبو حيدر، ووصفت الصورة قائلةً إنّ هذه هي الحفارة التي كان يقودها [المتهم]. فوضّح القاضي زاكوت بأن الشخص في الصورة كان يُعرف في الواقع باسم أبي حيدر [حُجب الاسم] وأنه ليس المتهم. إلّا أنّ P17 كان واثقةً بأنه كان المتهمَ الجالس في قاعة المحكمة، وقالت للقاضي: «تفضل واسأله عمّا إذا كان يعرفني. أمّا أنا فأعرفه حتى بشعره الشائب».

تابع القاضي زاكوت بسؤال الشاهدة عمّا إذا كان زوجها قد تغيّر بعد الأحداث التي مرّ بها. فوصفت P17 أنّ زوجها كان يبكي ليلا ويجلس القرفصاء في زاوية الغرفة. وأشارت الشاهدة إلى أنّ زوجها تحسّن بعد تلقيه علاجًا نفسيّا وطبّيّا في ألمانيا.

عندما سألها القاضي عن جلسة استماع طلب لجوئها، وعن سبب إغفالها ذِكرَ أبي حيدر وأنّ زوجها لم يُخطف مرة واحدة فحسب، بل ثلاثا، أجابت بأن الشخص الذي كان يدير جلسة الاستماع طلب منها أن توجز في كلامها، وبأنها أرادت أن تقدم مزيدًا من التفاصيل وقتها، ولكن الشخص قاطع حديثها.

أثار اهتمامَ القاضي كيف ساعدت P17 في إطلاق سراح زوجها، إذ إنها ذكرت في استجواب الشرطة أنها تمكنت من تحريره عن طريق «معارف شخصية». وأوضحت الشاهدة أنّ شقيق زوجها كان يعمل أيضا في الحاجز الذي كان يعمل فيه أبو حيدر. فسأل القاضي الشاهدةَ عن احتمال أنها وزوجَها يقصدان شخصَين مختلفَين يُدعى كلٌّ منهما «أبا حيدر»، ولكن الشاهدة نفت ذلك. وأوضحت أنّ الشخصَ الذي رأته في الصورة هو «أبو حيدر» والشخصَ الذي كان يجلس أمامها الآن هو الشخص نفسه. غيّر القاضي زاكوت الموضوع وأراد أن يعرف ما إذا تعرّضت P17 أو زوجُها إلى إصابات نتيجة اعتقالهما. أوضحت الشاهدة أنّ هناك آثارًا للضرب لا تزال ظاهرة على كتفَي زوجها، وأنّ لديه ندبةً لإصابة في رأسه تعرّض لها خلال اعتقاله. واضطرت P17 إلى استبدال أسنانها، ولكنها نوّهت أنها لم تذكر ذلك أثناء استجواب الشرطة.

أراد القاضي زاكوت معرفة ما إذا أخبرها زوجها عما كان يحدث أثناء جلسات العلاج. فأوضحت P17 أنه تحدث أحيانًا ولم يتحدث في أخرى. وأشارت إلى أنّ حالتَه ساءت قليلًا بعدما شهد في المحكمة، وأنه كان يجلس أحيانًا في الظلام ويبكي متمايلًا إلى الأمام والخلف. ثم سأل القاضي الشاهدةَ عمّا إذا أخبرها زوجها بما قيل في المحكمة ذلك اليوم، فأجابت بأنه لم يفعل، إذ قيل له بأن الحديث عن ذلك ممنوع. بدا التعب جليّا على مُحَيّا الشاهدة وتساءلت عمّا إذا كان الاستجواب سيستمر طويلا، فأعلن القاضي عن استراحة قصيرة.

***

[استراحة لعشر دقائق]

***

عقب الاستراحة، طلب أحمد ح من المترجم الشفوي أن يخبر القاضي بأنه يودّ أن يغادر لتناول الغداء لأنه يحتاج إلى عشرين دقيقة للذهاب والعودة، ويخشى ألا يصل في الوقت المناسب. قاطعته الشاهدة قائلةً إنّ طريقها إلى المحكمة اليوم استغرق ثلاث ساعات. ثم قال القاضي إنه يريد استكمال استجواب الشاهدة قبل المضي إلى الغداء.

ومن ثَمّ، تسلّم الادعاء العام دفّة الاستجواب. بدايةً، أرادت المدعية العامة جْريتْش أن تعرف أين عاشت الشاهدةُ وعائلتُها. [حُجبت المعلومات]. ثم طلبت المدعية العامة من الشاهدة أن تصف مجدّدا المرةَ الأولى التي اعتُقل فيها زوجها. فشرحت الشاهدة كيف تنامت اعتقالاتُ قوات الدفاع الوطني عموما. فتدخّلت المدعية العامة وطلبت من الشاهدة أن تفرّق بوضوح بين ما شهدته بنفسها، وما أبلغها به زوجها، وما كان «معروفًا عموما». بدا أنّ الشاهدة وجدت صعوبة في تمييز ذكرياتها وفقًا للأوجه التي طلبتها المدعية العامة. أرادت جْريتْش أن تعرف بالتحديد مَن كان حاضرًا وقت اعتقال زوجها للمرة الثانية. فأجابت الشاهدة أنّ زوجها أخبرها أنّ أبا منتجب وأبا حيدر كانا موجودَين، وأضافت أنه «ضربه [أي أنّ أبا حيدر ضرب زوجها]».

ثم سأل الادعاء العام الشاهدةَ عن حال زوجها النفسية وكيف تغير سلوكه بعد الاعتقالات الثلاثة. فأفادت الشاهدة بأنه كان يرى كوابيس، وأنه كان يبكي أحيانا، وأنه كثيرًا ما يكون فاقدًا للتركيز حينما تتحدث إليه، وأنها كانت تجده أحيانا جالسا في الظلام يضمّ ركبتَيه إلى صدره ويتقَلْقَلُ للأمام والخلف. وأوضحت الشاهدة أنّ هذه المشاكل تحسّنت كثيرًا بعدما بدأ زوجها في العلاج النفسي وتناول الدواء، ولكنها عجزت عن تحديد نوع الدواء [ملحوظة: استُدعي معالجُ زوجها النفسيُّ لجلسة اليوم التالي].

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

بعد الاستراحة، أغرق فريق الدفاع في استجواب الشاهدة. وتمحورت الأسئلة حول وقت دخولها إلى ألمانيا وتقديمها طلب اللجوء بالضبط، فأجابت P17 عنها بدقة. ثم أخذ محامي الدفاع مشرف يسأل الشاهدةَ عن سبب تقديمها طلب اللجوء، فأجابت P17 بأنه لم يكن ثَمّة سببٌ معيّن. ثم سأل الدفاعُ الشاهدةَ: «إذن فقد أسأتِ استخدام النظام بلا سبب؟» فتدخّل القاضي زاكوت فورًا وادّعى أنّ في هذا لمزًا وسَجحًا بشيء من الكلام من طرف الدفاع، وطلب من المحامي أن يعيد صياغة السؤال، فامتثل المحامي. وأجابت P17 بأنها أرادت الحصول على وضع اللجوء لأنها أرادت العمل في ألمانيا.

ثم سأل المحامي مشرف الشاهدةَ مرة أخرى عن الوقت المحدد الذي ضُربت فيه ابنتها بالسلاح وعمّن كان يعتني بالأطفال أثناء اعتقال P17. استحضرت P17 أنّ ذلك وقع في عام 2013، وأنّ ابنتها كانت تبلغ من العمر ثمانية آنذاك، وأنّ جيرانها اعتنوا بالأطفال أثناء غيابها.

ثم تساءل المحامي لِمَ تغافلت P17 عن ذِكر تفاصيل في جلسة استماع طلب لجوئها ثم ذكرتها اليوم في المحكمة، وعمّا إذا كانت قد خلطت هي وزوجها بين شخصَين مختلفَين يدعى كلٌّ منهما «أبا حيدر» [أي أبو حيدر تركس وأبو حيدر [حُجب الاسم]] عند الحديث عن الأحداث. ولمّح الدفاع إلى أنّ رواية الشاهدة التبس فيها بين ما شهدته بنفسها وما أُشيع. اعتقدت الشاهدة في النهاية بأنها تتذكر جيدًا أنَ زوجها أخبرها بأنّ أبا حيدر و[حُجب الاسم] كانا موجودَين أثناء اعتقالات زوجها الثلاثة، ولكنها لم تَعُد متأكدة من ذلك. وبعد مزيد من أسئلة الدفاع، تبيّن أنّ P17 لم ترَ أحمد ح يقود الحفارة الصفراء فعلًا، بل قالت: «كان معروفًا عمومًا».

عند مرحلة معيّنة أثناء استجواب الدفاع، استاءت الشاهدة وقالت بانزعاج: «لماذا تُشعرني بأنني أنا المتهمة؟» فردّ محامي الدفاع مشرف: «هذه وظيفتي». فما كان من القضاة والمدعية العامة إلّا أن هزّوا رؤوسهم يمنةً ويسرة، ثم قالت جْريتْش: «كلا، ليست هذه وظيفتك يا سيد مشرف، كما أنها ليست المرةَ الأولى التي يُفصح فيها شاهدٌ عن شعوره هكذا». وقالت الشاهدة إنها لا تستوعب كيف يمكن لمحامي الدفاع أن يدافع عن شخص قتل نساءً وأطفالا. فردّ المحامي مشرف بأن هذا ليس ما اتُهم به أحمد ح، وادعى أنّ الشاهدةَ تشهّر بالمتهم وتقدح فيه. تدخل القاضي وبيّن أنه كان واضحًا بأن الشاهدة كانت مستنزفة عاطفيا. فأجاب المحامي مشرف بأنه يمكنه تفهّم ذلك لأنه كان شهد أشياء مماثلة.

قبل أن تُصرف الشاهدة، أوضحت أنها كانت تخشى على أطفالها، وطلبت حمايتهم لأنها تخاف من أن يكون لأحمد ح معارفُ قد يستخدمهم لإيذاء أطفالها. أوضح القاضي أنّ لا عِلم له بأي تهديدات إلى الآن. فاختتمت الشاهدة شهادتها داعيةً الله ألّا يسامحه [أي المتهم].

بعد صرف الشاهدة وفي الوقت اليسير الذي تبقى من الجلسة، أدلى بشهادته شاهدٌ آخر هو السيد كريستوف ماريا زِلْبِرْت، P18. كان السيد زِلْبِرْت أحد صنّاع القرار في إجراءات اللجوء، وأدار جلسة استماع طلب لجوء أحمد ح. وفي المحكمة، لم يستطع تذكر المتهم أو جلسة استماعه إطلاقا. وعندما استجوبه القاضي، سرد P18 الإجراءات العامة لجلسات استماع طلبات اللجوء. غير أنه أفاد بأنه أدار أكثر من ألفَي جلسة وبأنه لا يتذكر جلسة أحمد ح.

 رُفِعت الجلسة في الساعة 3:40 عصرا.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 11 أيلول / سبتمبر 2024، في التاسعة صباحا.

 اليوم العشرون - 11 أيلول / سبتمبر 2024

مَثَل في المحكمة هذا اليوم شاهدان جديدان. أولهما، [حُجب الاسم]، P19، طبيب P4 النفسي. وكان P4 أحد مرضاه [حُجب الزمان]، إلى أن ذهب الطبيب في إجازة أبوّة. وروى P19 أنّ مترجمًا شفويّا كان حاضرًا أثناء الجلسات. وبعد أن أحال مركزُ الرعاية الأولية للاجئين P4 إلى P19، عاينه الطبيب كل ستة أسابيع. وأوضح P19 أنه لم يُجرِ علاج صدمة نفسية لـ P4، ولذلك لم يكن يعرف تفاصيل الأحداث التي شهدها P4. إذ لم يعرف إلّا أنّ P4 اعتُقل في سوريا وضُرب على رأسه وذراعيه.

عندما سأل القاضي عن الأعراض التي كان يعاني منها P4، أفاد P19 أنّ P4 كان يعاني من الأعراض النمطية المصاحبة لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهي اضطراب الاكتئاب، والكوابيس، واسترجاع ذكريات الاعتقال، وسرعة الانفعال. وكان P4 يعاني من صداع مرتبط بالضرب على الرأس. وأوضح الطبيب أنه ناقش مع P4 العلاجَ الطبي والجوانب الاجتماعية التي تتعلق بوضع الأُسرة السكنيّ على سبيل المثال.

تضمنت الأدوية التي وُصفت لـ P4 [حُجبت المعلومة]. وأوضح P19 أن الدواء الأول هو مضاد للاكتئاب، والثاني مهدئ للمساعدة في النوم، والأخير له تأثير على خفض ضغط الدم لتقليل احتمالية حدوث هياج عاطفي مفرط.

أبلغ القاضي الشاهدَ أنّ زوجة P4 استُجوبت في اليوم السابق، وسرد ما قالته للمحكمة بخصوص أعراض زوجها. فأكّد الطبيب أن كلّ المعلومات كانت صحيحة.

بعد ذلك، أخبر القاضي زاكوت الشاهدَ أنّ P4 حكى في استجواب الشرطة وأثناء جلسة استماعِ طلبِ لجوئه أنّ قوات الدفاع الوطني اعتقلته مرة واحدة فحسب، غير أنه شهد في المحكمة أنه اعتُقل ثلاث مرات. وأراد القاضي أن يعرف من الطبيب ما إذا كان لهذه التصورات الخاطئة علاقةٌ باضطراب ما بعد الصدمة لدى P4. فأوضح P19 أنّ أحداثًا كالموت أو كالتي تهدّد الحياة مقرونةٌ بضغط هائل على الشخص، والذي قد يكون له تأثيرٌ على ذاكرة الشخص. وحتى بعد مرور زمن طويل، قد يواجه الشخص الذي عانى من أحداث أليمة كهذه صعوباتٍ في إعادة سرد الأحداث زمنيا، وقد يختلط الحابل بالنابل في تسلسل الأحداث الزمني. ووضّح P19 أنّ ذلك يسمى «تجزئة الذاكرة»، وأنه كلما تقادمت الأحداث في الماضي، عَسُر تذكر تسلسلها الزمني بدقة.

دارت أسئلة الادعاء حول ما إذا كان من المحتمل أن تؤدي شهادةُ شاهدٍ في المحكمة إلى تفاقم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لديه، وما إذا كان من الممكن أن تُغيّرَ ذكرياتِ الشاهد عن الأحداث الماضية والأليمة. أكّد الطبيب أنّ كلا التأثيرَين ممكن، وأشار إلى أنّ إدلاء الشهادة في المحكمة قد يكون محفزًا يفاقمُ أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

لم يكن لدى الدفاع أي أسئلة، فصُرف الشاهد.

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

[خلال الاستراحة، تباحث محاميا الدفاع غاضبَين أنّ «الادعاء العام يمكنه الآن أن يستخدم هذه الشهادة [شهادة الطبيب] في كل شيء.»]

بعد الاستراحة، استُجوب شاهدٌ جديدٌ، P8، يُدعى [حُجب الاسم]، ويبلغ من العمر أربعة وعشرين عاما. كان من المفترض أن يُستمع إلى الشاهد في يوم سابق، ولكنه لم يحضر وقتها. ويعيش حاليا في [حُجب المكان] ولكنه نشأ في [حُجب المكان]. كان P8 ذا ثلاثة عشر ربيعًا حينما اعتقلته قوات الدفاع الوطني في مناسبتَين مختلفتَين. إذ كان يلعب في الحديقة لمّا اعتُقل في المرة الأولى. وتذكر أنّ بطاقة هويته أُخذت، وحُمّل مع آخرين في حافلة. وتذكّر أيضا أنّ الحافلة سارت 15 إلى 20 دقيقة حتى خرج منها في «مكان لا بدّ أنه كان مدينة أخرى لأنه كان مدمّرا تماما». وروى الشاهد أنه عمل 4 أو 5 ساعات بلا طعام أو ماء، ولم يحصل على الماء إلا مع إهانة الحرّاس له بعد انتهاء العمل. واستحضر أنه كان يملأ أكياس الرمل وينقلها إلى موقع معيّن. وبعد 4 أو 5 ساعات من العمل، أُخليَ سبيله بالقرب من المخبز الآلي. وروى P8 أنّ المرة الثانية كانت تمامًا كالأولى، غير أنه كان في طريقه إلى المسبح مع شقيقه الذي اعتُقل كذلك مع P8.

ثم أطلع القاضي الشاهدَ على صورة وأخبره أنه أفاد خلال مقابلة الشرطة بأنه تعرّف على الشخص في صورة أو ملصق كان عند الحاجز. أوضح الشاهد أنه يعتقد بأنه رأى الشخص وجهًا لوجه لا في صورة عند الحاجز. وأوضح الشاهد أن صور الأشخاص عند الحواجز لم تكن تُظهر إلّا أمواتًا فحسب. وعلى أي حال، لم يتمكن الشاهد من تحديد هوية الشخص الموجود في الصورة بالضبط.

ثم سأل القاضي الشاهدَ عما إذا رأى أثناء اعتقاله أي شخص يتعرض للأذى. فأوضح الشاهد أنه كان ثَمّةَ شيءٌ ما، ولكنه كان يجاهد نفسَه بشدة لطرده من مخيّلته، لأنه لا يريد أن يتذكر هذه الأشياء. أعرب القاضي عن تفهّمه، ولكنه وضّح أنّ المحكمة كانت بحاجة إلى صورة دقيقة للأحداث. أوضح P8 أنه تحدّث آنفًا عن هذا الأمر ثلاث مرات، في جلسة طلب اللجوء، ومع ضباط مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني (BKA)، [ولم يحدّد متى كانت المرة الثالثة] وأنه كان يشقّ عليه ويؤلمه ما يكابده حينما يتحتّم عليه أن يعيد سرد الأحداث كلَّ مرة. رد القاضي بأن على المحكمة أن تتقصّى تفاصيل الأحداث مع الأسف. فروى الشاهدُ أنّ هناك شابَّين اعتُقلا مع P8 في المرة الثانية، وطُلب منهما - كلًّا على حدة - أن يسيرا إلى خط المواجهة، حيث كُدِّست أكياس الرمل، من أجل اختبار الترس الواقي، فأُطلق عليهما النار وتوفيا فورا.

وبعد استحضاره هذه الذكريات الأليمة، روى P8 كذلك أنّ عمه اعتُقل واختُطف أربعةَ أشهرٍ دون سبب محدد. فقرر والد P8 بعدها أنّ عليهم المغادرة إلى منطقة أخرى من دمشق.

قال الشاهدُ إنه لم يتعرّف على المتهم حينما سأله القضاة عن ذلك.

لم يكن لدى الادعاء العام ولا الدفاع أي أسئلة. وقبل أن يصرف الشاهدَ، سأله القاضي عن سبب عدم حضوره جلسةَ الاستماع التي استُدعيَ إليها. فأجاب P8 أنّ جانبا من ذلك يعود إلى أنه كان مشغولا تماما بالانتقال، ولأنه أخبر مكتب المدعي العام أنه لا يريد أن يشهد مرة أخرى حول التجارب التي مرّ بها، ولأنه كان يخشى على عائلته من جانب آخر. فأقرّ القاضي الخوفَ على الأسرة عذرًا كافيًا لإصدار أمر بإعفاء الشاهد من دفع الغرامة المفروضة على الشهود الذين يتخلفون عن المثول أمام المحكمة [ملحوظة: وفقاً للفقرة 51 من قانون الإجراءات الجنائية الألماني].

رُفِعت الجلسة في الساعة 1:50 بعد الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 18 أيلول / سبتمبر 2024، في التاسعة صباحا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.