داخل محاكمة علاء م #29: كانت الشتائمُ كشُربِ الماء
المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا
موجز مراقبة المحاكمة التاسع والعشرون
تاريخ الجلسات: 13 و 15 كانون الأول / ديسمبر 2022
تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب
يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.
في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.
يسرد تقرير المحاكمة التاسع والعشرون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين السادس والأربعين والسابع والأربعين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. استمر القضاة في استجواب الشاهد P11 بسؤاله باستفاضة عن حادثة وفاة ابن عمه. نظرًا لوجود اختلافات بين إفادته السابقة في الشرطة إضافة إلى شهادة P8، واجه القضاة P11 مستشهدين بفقرات عديدة من كلتيهما. كانت هنالك بعض الصعوبات في تحديد الوقت وترتيب الأحداث التي أفاد بها الشاهد، ولكن كانت هناك أيضًا نظراتٌ متعمقةٌ حول ما كان على المعتقلين مكابدتُه من ظروف الاعتقال وسوء المعاملة والتعذيب. وتم إيقاف يوم المحاكمة الثاني بَغتة لاحتمال إعادة تعرض الشاهد لصدمة نفسية. وقبل استراحة الغداء، استُجوب P11 مرارًا حول تفاصيل اعتقاله ووفاة ابن عمه. تَولَّد من رحم ثلاث ساعات من الاستجواب شاهدٌ تغلبه العاطفة ويعتريه الإرهاق بشكل بادٍ للعيان والذي لم يعُد إلى قاعة المحكمة بعد الاستراحة. وحبّذت وحدة حماية الشهود التابعة للمكتب الاتحادي للشرطة الجنائية وقفَ الاستجوابِ بسبب مخاوفَ صحيةٍ خطيرةٍ على الشاهد، فأخذ القضاة بتلك النصيحة ورفعوا الجلسة.
أبرز النقاط:
اليوم السادس والأربعون - 13 كانون الأول / ديسمبر 2022
كرّس القضاة الجزء الأول من الجلسة لاستجواب P11 حول وفاة ابن عمه، وأرادوا أن يستوضحوا عن التفاصيل التي قدمها الشاهد ويميّزوا بين ما رآه بنفسه وسمعه وأخبره عنه آخرون. وبينما حاول الشاهد تصنيف الأحداث، إذ غشّى الترجمةَ ضبابيّةٌ لإمكانية أن يكون لبعض المصطلحات معانٍ متباينة، مثل "إدراك". حاول المترجم أن يوضّح أنه لم يكن قادرًا دائمًا على تحديد ما إذا كان الشاهد قد أدرك شيئًا ما أم رآه أم تذكره. ولذلك تقصّى القضاةُ الظروفَ المحيطةَ بالوفاة كَرّةً بعد كَرّةٍ وطلبوا توصيفَ أشخاصٍ وأماكنَ الأحداثِ وتسلسلَها. وفي كثير من الأحيان، أعاقت التفاصيلُ المُبهمةُ وغيابُ الترتيب الزمنيِّ محاولةَ إعادةِ صياغةِ الأحداثِ في يوم القتل المزعوم. ومع ذلك، فقد أعطى الشاهد انطباعًا عميقًا وحيًّا عن المعاملة التي عانى منها المعتقلون. ووفقًا لما قاله P11، فقد تعرضوا للإهانات والضرب والعقاب بشكل يومي.
في الجزء الثاني من الجلسة، استَثبت القضاةُ بدقة من عدد المرات التي رأى الشاهدُ فيها المتهمَ ومن وقت حدوثها. وسأل القضاة P11 عن عدد المرات التي تعرض فيها ابن عمه للضرب، وأرادوا أن يعرفوا بالضبط المكان الذي ضُرب وتوفي فيه في المشفى العسكري. ولفهمٍ أفضل، أحالت المحكمة إلى المخطط الذي كان قد رسمه P11 في يوم المحاكمة السابق، حيث عُرض في قاعة المحكمة وتباحثته أطراف الدعوى. واستنادًا إلى المخطط، تمكن P11أيضًا من توضيح الأحداث التي تمكن من رؤيتها من المكان الذي كان يمكث فيه. إضافة إلى ذلك، استُجوب الشاهد حول معتقلين مصابين آخرين وحول الأشخاص الذين أخذوا جثة ابن عمه. كرّس القضاةُ الكثيرَ من الوقت لسؤال P11 عن الظروفِ التي عَلِم فيها أسماءَ الأطباء. وقد أدّت بعض التفاصيل إلى البَلبَلة والحيرة بدلا من التوضيح والتبيين. وواجه P11 صعوبات في حلّ بعض الإشكالات حينما قوبِلَ بمقتطفات من شهادة P8 ومن إفادته السابقة في استجواب الشرطة.
اليوم السابع والأربعون - 15 كانون الأول / ديسمبر 2022
استمر القضاة في استجوابهم لـ P11 وسُئل مجددًا عن تفاصيل اعتقاله. وطلب منه القضاةُ أن يصف الزنزانة من الداخل. كما عدّد P11 الوجبات ووقتها وما كان يُقدّمُ في الفطور والعَشاء، فاستنبط القضاةُ أن المعتقلين مُنحوا بالكاد ما يكفيهم للبقاء على قيد الحياة. وعندما سُئِل الشاهدُ عن الظروف الصحية، وضّح الظروف الضَّنْكة والقذرة التي كان عليهم العيشُ فيها. فإلى جانب نقص البطانيات خلال أيام الشتاء الباردة، استشرت الحشرات وتفشّت الأمراض. كما طُلب من P11 أن يصف ملابسه، مما أدى إلى وجود اختلافات مع المعلومات الأخرى المتاحة للمحكمة.
ثم أدلى P11 بشهادته عن معتقلين آخرين. فكان لدى أحدهم إصابةٌ بالغةٌ في بدنه. ووفقًا للائحة الاتهام، أجرى المتهم عملية جراحية لتلك الإصابة دون تخدير. وأوضح P11 أثناء الجلسة أن هذه المعلومات كانت إشاعات متداولة بين السجناء. واستعلم القضاة كذلك عن مصير طالبٍ يُفترض أنه توفي بعد اعتقاله. إلّا أن P11 لم يتذكر أي تفاصيل عن الوفاة وذكر أنه بسبب ما تعرض له من تعذيب في سوريا والسكتة الدماغية التي حدثت له مؤخرا، فقد كان يعاني من فقدان ذاكرة ولم يستطع تذكر كل شيء. وتمكن P11 رغم ذلك من تذكر أن العديد من المعتقلين كانوا مصابين ولديهم جروح ملوثة، وهو ما عّده أمرًا طبيعيًا. كما كان القضاة مهتمين بأساليب التعذيب والاستجواب المستخدمة في القسم، فشرح P11بالتفصيل كيف أُخضع المعتقلون لتلك الأساليب وأين حدث ذلك.
وكان ثمة أمرٌ مُشكلٌ متكررٌ هو استخدامُ الشاهدِ لـ "نحن" مما تطلب من القضاة التماس توضيح. فبيّن المترجم الشفوي استخدام الضمائر في الثقافة العربية وأوضح أن العربي المتعلم لا يتحدث بصيغة "أنا". ونتيجة لذلك، كان على القضاة أن يستوضحوا مرارًا عما إن كان الشاهد يتحدث عن نفسه أو ما إذا كان هناك أشخاص آخرون معنيون، لا سيما فيما يتعلق بإفاداته السابقة. ورغم أن الشاهد لم يُقحَم في كافة عمليات التعذيب، إلّا أنه أدلى بما عنده بشكل مستفيض حول ما عاناه شخصيًّا.
بعدما استُجوب P11 عن تجاربه الخاصة، سأله القضاة مرة أخرى عن ظروف وفاة ابن عمه. فبيّن P11 المرة تلو الأخرى متى أُعلم بوفاته، وما إذا كانوا قد توثّقوا من الوفاة وكيف فعلوا ذلك، ومتى عرف أسماء الطبيبَين. واستلزمت الاختلافاتُ بين الشهادةِ والمعلوماتِ السابقةِ إجراءَ مزيدٍ من التدقيق إلى أن غضِب الشاهد. وحاول رئيس المحكمة تبيان الإجراءات المتّبعة والتزامات القضاة، مشدّدًا على أن الاختلافات تتطلب توضيحًا، غير أنه لا ينبغي لـ P11 أن يعُدّها اتهامات بالكذب. وأخبر الشاهد المحكمةَ أنه تعرض للتعذيب مرة أخرى قبل مغادرته البلاد مما فاقم حالته وقدرته على تذكر التفاصيل.
قبل الإعلان عن استراحة الغداء، استمر الاستجواب بخصوص المعطيات الوقائعية والزمانية المتعلقة بوفاة ابن عم P11. وقد أفضى تكرارُ الأسئلة نفسها ومعارضة الشاهد بأقوالٍ وشهاداتٍ أخرى إلى إنهاك الشاهد وانفعاله عاطفيًّا بشكل جليٍّ إذ بدأ يتنفس بصعوبة وبكى قبل مغادرة قاعة المحكمة. وتسبب تكرار استحضار الحدث في احتمال إعادة إصابة الشاهد بصدمة نفسية، والذي لم يَعُد بعد الاستراحة. وأوصت وحدة حماية الشهود التابعة لمكتب الشرطة الجنائية الاتحادية بوقف الجلسة بسبب الخطر على صحة P11. وقُبَيل مغادرته قاعة المحكمة صاح P11 بالعربية "نفس الجرح، كل مرة نفس الجرح" وهو ما لم يُترجم. وأخذ القضاة بالتوصية وعلّقوا الجلسة لكيلا يعرّضوا صحة P11 للخطر.
وبعد انتهاء الجلسة شرع المتهم بالبكاء والتفت إلى رئيس المحكمة. ما دار بينهم كان غير مسموع لأن الميكروفونات كانت قد أغلقت.
_____________________________
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.