1 min read
داخل محاكمة علاء م #80: عَبْـــــــــدُ الرَّئــــــــــيس

داخل محاكمة علاء م #80: عَبْـــــــــدُ الرَّئــــــــــيس

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثمانون

تاريخ الجلسة: 15 و 16 و 18 تموز / يوليو 2024

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة الثمانون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم الحادي والثاني والثالث والأربعين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا، وكان هذا أحد أطول أسابيع المحاكمة. في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع، مَثَل شاهدٌ جديدٌ (P45) في المحكمة، كان يعمل مع علاء م في مشفى حمص العسكري وحظِيَ بحماية الشهود أثناء المحاكمة. سرد P45 بالتفصيل أثناء شهادته إساءةَ معاملة المرضى الشديدةَ وتعذيبَهم المنهجي في مشفى حمص العسكري. ووصف كيف بدأت إساءةُ معاملة الأشخاص الذين وُسموا بالإرهابيين واستُهِلّ تعذيبُهم في قسم الطوارئ، حيث تعرضوا للضرب والركل والإهانة. وأوضح أنّ قسمَ الجراحة استحال في النصف الثاني من عام 2011 سجنًا يُعَذّبُ فيه المعتقلون بأسلاك الكهرباء. ونبّه P45خصوصًا إلى انغماس علاء م في هذه الأفعال، وسرد واقعتَين في قسم الطوارئ أهان فيهما علاءٌ المرضى وضربهم بيديه وبقسطرة بولية. وشهد علاءً يسكب الكحولَ على المنطقة التناسلية لصبي ويضرم فيها النار. واسترعى انتباهَ P45أنّ علاءً كان بإمكانه ولوجُ المناطق المحظورة في المشفى - ومنها السجن - رغم كونه طبيبًا مدنيا.

في ثاني أيام هذا الأسبوع، استجوبت المحكمة السيد كريستوفر إنجِلْز من لجنة العدالة والمساءلة الدولية (CIJA). شرح السيد إنجِلْز رسالةَ لجنة العدالة والمساءلة الدولية التي تهدف إلى جمع الأدلة على جرائم الحرب في سوريا ووضّح منهجياتِها ومصادرَ تمويلها. وبيّن أنّ لجنة العدالة والمساءلة الدولية تُجري مقابلات مع الشهود أو المنشقين في سوريا، وتسألهم أسئلةً مفتوحةً لاستيعاب تجربة المرء الشخصية بخصوص مواضيع محددة، كالجرائم في مراكز الاعتقال. ووصف إنجِلْز الخليةَ المركزية لإدارة الأزمة في سوريا بأنها هيئةٌ أُسّست لقمع الثورة، وتألفت من قادة من الأجهزة الأمنية والجيش والقيادة السياسية لتنسيق السياسات من دمشق.

وفي الشطر الثاني من يوم المحاكمة، استجوبت المحكمة P45 مرة أخرى. إذ سرد P45بالتفصيل الواقعةَ التي أحرق فيها علاءٌ باستخدام الكحول الأعضاءَ التناسليةَ لصبي، ورسم مخطّطاتٍ توضيحيّةً لقسم الطوارئ وأماكن تموضع المشاركين في الواقعة. ووصف P45 حالات أخرى من إساءة المعاملة ارتكبها علاء م، وحكى P45 عن دَيْدَنِ علاءٍ بالتبجّح بما كان يفعله من تعذيب وبوَسْمِه معارضي النظام «بالصراصير».

في اليوم الثالث من هذا الأسبوع، وصف P45علاءً بأنه أرعنُ متهورٌ يُحقِّرُ الحياةَ البشرية ويزدريها، ووَسَمه «بعبد الرئيس» الذي يُذعن للأوامر دون عَرْضِها على المبادئ الأخلاقية. وروى أنّ العمليات الجراحية كانت تُجرى للمرضى دون تخدير، لا لنقص المسكنات بل وسيلةً للتعذيب، إذ تذرّع الجنود بأنهم لا يريدون إهدار التخدير على «هؤلاء الأشخاص». وعُرض في المحكمة مقطعُ فيديو يُظهر مرضى عراةً مقيدين إلى الأسرّة بالسلاسل في قسم الجراحة الذي استحال سجنًا. وعرّف P45أسلاكَ الكهرباء التي ظهرت في الفيديو على أنها أدوات تعذيب، على الرغم من أنه لم يرها تُستخدم بنفسه. وصُرف الشاهدُ في نهاية الجلسة.

اليوم الحادي والأربعون بعد المئة - 15 تموز / يوليو 2024

في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع، أبلغ رئيس المحكمة القاضي كولر الأطرافَ بأن القضاة ألمّوا بنصوص محاضر استجوابات الشرطة للشهود P38 وP41 وP42 وP35 في [حُجب المكان] (إجراء القراءة الذاتية، الفقرة 249 (2) من قانون الإجراءات الجنائية الألماني). [ملحوظة: تباحثت المحكمة هذه المحاضر في الأسبوع السابق في يوم المحاكمة #139. لمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #79.]. وقرأ علاء م المحضرَ دون الحاجة إلى مساعدة مترجم شفوي.

كان من المقرر أن تستجوب المحكمة هذا الأسبوع شاهدًا جديدًا حظِيَ بحماية الشهود (P45). وقبل أن يجلس P45على كرسي الشهود، تباحثت الأطراف وثيقةً قانونيةً من محاميته، السيدة مِينَه. طالبت المحامية في الوثيقة بعدّة تدابير لحماية هوية P45. أعرب القضاة عن حيرتهم بشأن الوثيقة، لأنهم ناقشوا تدابير الحماية مع المحامية في الأسبوع السابق أثناء مكالمة هاتفية. ثم استُعرضت تدابير الحماية المطلوبة: رفض القضاةُ طلبَ تغيير الصوت لتعذّر تطبيقه تقنيّا. كما رُفِض طلبُ وضع جدار يفصل الشاهدَ عن الدفاع لأنه سيُخِلّ بحق المتهم في معاينة الشاهد. إضافة إلى ذلك، طلبت محامية P45 أن تُمنح حقَّ الاطلاع على الملفات، فاحتج الدفاع بشدة على الطلب ورفضه القضاةُ كذلك. وبعد مناشدة المدعية العامة تسابيك حلَّ هذه المشكلة دون مُناكَفات، وافقت الأطراف على إقرار إجراءين للحماية، إذ سُمح لـ P45 أن يُواريَ مظهره الخارجيَّ وأن يجيبَ عن الأسئلة باللغة الإنجليزية بدلًا من العربية التي كانت لغتَه الأم. لم يستحسن القضاةُ الإجراءَ الثاني، ولكنهم نبّهوا إلى أنه لم يكن لديهم أي وسيلة لإجبار الشاهد على التحدث بلغة معينة. وكان بإمكان محامية P45الجلوس بجواره عند منصة الشهود. وبعد نقاش وجيز مع المحامية، وافق جميع الأطراف على هذه الشروط.

ثم عرّف القاضي كولر بالمترجم الشفوي للغة العربية، السيد فرّاج، الذي عاون المحكمةَ مرارًا بصفته خبيرًا لغويّا. ورحّبت المحكمة أيضًا بالمترجمة الشفوية للغة الإنجليزية، السيدة فْغولِش.

بعد ذلك، دخل P45قاعةَ المحكمة واضعًا شعرًا مستعارًا رماديًّا ونظارات كبيرة، وساترًا وجهَه بقبعة. ورافقه ضابطان من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني (BKA). وظلّ علاءٌ يتلوّى ويَميدُ طيلةَ الاستجواب ليتمكّن من رَمق الشاهد.

حيّا القاضي كولر الشاهدَ P45وأرشده إلى حقوقه وواجباته بصفته شاهدًا، وأبلغه أنّ القضاة كانوا يحبّذون أن يتحدث P45 بلغته العربية الأم لضبط الدقائق اللغوية، ولكنهم سلّموا بأنهم لا يستطيعون إجباره على ذلك. أخبر P45المترجمةَ الشفويةَ للغة الإنجليزية أنه كان خائفًا جدًّا من التحدث بالعربية خشيةَ أن تَكشِف لهجتُه هويتَه. ورَسَت بُنيةُ الجلسة على أن يسأل القضاةُ باللغة الألمانية أسئلةً تُترجم إلى العربية للشاهد، ثم يهمس P45إجاباتِه باللغة الإنجليزية إلى المترجمة الشفوية التي تعيدُ ترجمتَها إلى الألمانية.

استفتح القاضي كولر الاستجوابَ بالسؤال عن مهنة P45 في سوريا عام 2011. فأجاب الشاهد أنه كان يعمل في مشفى حمص العسكري، ولكنه لم يكشف عن مهنته بدقة حمايةً لهويته. ثم استفسر القاضي كولر عن الاختلافات بين المشافي العسكرية والمدنية، فأوضح P45أنّ المشافيَ العسكريةَ كانت تعالج الجنود وعائلاتهم، أمّا المشافي المدنية فكانت تعالج المدنيين. تساءل رئيس المحكمة عمّا إذا تغيّر الوضع في مشفى حمص العسكري عقب الاضطرابات السياسية في سوريا في ربيع 2011، فأجاب P45أنّ المشفى صار مكانًا لتعذيب المتظاهرين ضد النظام.

أراد القاضي كولر أن يعرف كيف وصل هؤلاء الأشخاص إلى المشفى، لم يكن P45 يعرف بالضبط، ولكنه تذكّر أنّ بعضهم كان يصل في سيارات وآخرون في سيارات إسعاف أو حافلات صغيرة. تساءل القاضي كولر عمّا حدث للمرضى عند وصولهم، وأخبر الشاهدَ أنّ المحكمة بحاجة إلى إفادة مستفيضة ومفصّلة، مع التفريق بين ما شهده مباشرة وما أُشيع. أوضح P45أنّ المرضى كانوا على نوعين: جنودٌ عوملوا بصفتهم جنودًا ونودوا بأسمائهم، وآخرون وُسموا بأنهم إرهابيون وأُسيئت معاملتهم وعُذّبوا فورَ دخولهم المشفى. طلب القاضي كولر تفاصيل عن أساليب التعذيب، فوصف P45 كيف كان يُضرب الأشخاص بالأيدي وكِعاب بنادق الكلاشينكوف.

استطرد P45 في شهادته يصف عديدًا من الأطباء والممرضين الذين كانوا يعذّبون المرضى، وذكر شخصَين محدّدَين. أحدهما ممرضٌ يُدعى [حُجب الاسم]، خبط رأس مريض بالحائط، و[حُجب الاسم] الذي ضرب مريضًا وأهانه. وفي حالة أخرى، رأى الطبيب [حُجب الاسم] يفعل الشيءَ نفسه. وضرب علاءٌ الناس بيده، ورآه الشاهدُ يعذّب المرضى بقسطرة بولية. ووصف الشاهد أنّ علاءً كان يمطّ الأنابيب المطاطية ويَنتُرها بقوة لإيذاء المرضى. وتذكّر أنّ علاءً عذّب مريضَين بهذا الأسلوب، بيديه وبالقسطرة البولية. وتذكّر P45أنّ علاءً كسر الذراع اليمنى لأحد المرضى. وفي واقعة أخرى تذكّرها الشاهد، عذّب علاءٌ طفلًا، إذ سكب الكحولَ على قضيب الصبي الذي كان لا يزال يلبس ملابسه. ثم غيّر P45 شهادته وقال إنّ علاءً سكب الكحول على المنطقة التناسلية للصبي. وأمسك الصبيَّ جنديٌّ حاول لاحقًا إخماد النار، وسأل الجنديُّ علاءً مذهولًا «أتريد إضرام النار في الجميع؟». أوضح P45 أن جميع الوقائع التي وصفها حدثت في قسم الطوارئ.

ثم سأل القاضي رودِه عن نظام المشفى العسكري في حمص، وتحديدًا عما إذا كان التعذيب منهجيًّا أم عشوائيّا. فأجاب P45أنّ التعذيب في قسم الطوارئ كان عَرَضيًَا ويعتمد على الموظفين، ولكن ما كان يحدث في قسم الجراحة كان منهجيًّا، إذ كان الأشخاص مربوطين إلى أسرّتهم وموصولين بأكياس بول ملأى. وفي هذا القسم، كان الأشخاص يُعذَّبون بأسلاك الكهرباء. لم يشهد P45التعذيبَ، ولكنه رأى آثارَه على الأشخاص، ورأى أسلاكَ الكهرباء، وسمع أصواتًا وصراخًا حينما كان المرضى يُعذَّبون.

أوضح الشاهد أنّ دخولَ قسم الجراحة لم يكن مسموحًا إلّا لثُلّة قليلة من الأطباء والممرضين، وكان ثَمّةَ حارسان يفتّشان كلَّ من أراد دخول القسم. سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان جميع المرضى مصفّدين بالسلاسل وما إذا كان بعضهم معصوبي الأعين. فبيّن P45 أنّ بعض الأشخاص كانوا يُنعَتون بالإرهابيين، وكانوا معصوبي الأعين عند دخول قسم الطوارئ.

في هذا الوقت، أمر القاضي كولر بفترة استراحة، وكان الغضب باديًا على محيّاه. وطلب كولر من محامية P45 أن تشرح لموكلها ضرورة سرد السياق قبل التفاصيل. احتجّت المدعية العامة تسابيك قائلةً إنّ الشاهد كان يفعل ذلك إلا عندما كان يقاطعه القاضي. وفي كلّ الأحوال، أخذت المحكمة استراحة.

***

[استراحة لعشرين دقيقة]

***

بعد انتهاء الاستراحة، أعرب محامي الدفاع إندريس عن استيائه من همس الشاهد في أذن المترجم الشفوي، محاججًا بأن هذا الأمر يزيّف الانطباع الشخصي عنه. اعتذر القاضي كولر عن مقاطعة الشاهد وطلب منه أن يواصل شهادته.

أوضح P45 أن قسم الجراحة في مشفى حمص العسكري كان يُستخدم بادئ الأمر كأي قسم جراحة في مشفى آخر، ولكن استخدامه تغيّر في مرحلة ما، وأصبح شبيهًا بالسجن، مع وجود حارسين عند مدخله. وكان العديد من المرضى في هذا القسم عراةً ومقيّدين بالأغلال إلى أسرّتهم وموصولةٌ بهم أكياسُ بول ملأى. وكانت أعينهم معصوبة لكيلا يتمكنوا من رؤية ما يجري حولهم. وعُذّب المرضى بأسلاك الكهرباء، وعانَوا من الجوع والعطش، وكانوا في حالة سيئة عموما. وأكّد مرة أخرى أنه لم يشهد تعذيبًا بل رأى آثاره على الجثث بعد ذلك وسمع صرخات قادمة من قسم الجراحة. وتابع موضحًا أنّ دخول القسم لم يكن متاحًا للجميع، فقد كان المشفى يقرر من يمكنه الدخول، ولديه قائمة بالموظفين المصرح لهم بذلك، ولا يمكن للآخرين الدخول إلا عندما يُستعاض بهم عن أولئك المدرجة أسماؤهم في القائمة إن غابوا بسبب المرض.

ثم وصف الشاهد قسمَ الطوارئ حيث وصل معظم المرضى وبدأ تعذيبُهم. وُسِم بعض اﻷشخاص بأنهم إرهابيون ولم يُنادَوا بأسمائهم بل رُقِّموا. أمّا المرضى العاديون فكانوا الجنودَ وخوطبوا بأسمائهم. وأوضح أنه لم يكن في مقدور الموظفين العاديين في المشفى إيقافُ التعذيب، لأن القيام بذلك سيجعلهم أنفسَهم مستهدفين. وكان عليهم أن يلتزموا الصمت وعجزوا عن إبداء رفضهم للتعذيب.

عندما سُئل P45عمّا رآه في قسم [حُجبت المعلومة]، تذكّر P45 مريضًا قَدِم المشفى مصابًا بتلف في الأنسجة وكسور في العظام بسبب جرح ناجم عن عيار ناري. وتذكّر الشاهد أنّ المريض فُقد في اليوم التالي، وأخبر ممرضٌ P45أنّ المريض قد توفي. فأثار ذلك حِنقَ P45، [حُجبت المعلومة].

سأل القاضي كولر الشاهدَ عما إذا كان ثَمّةَ سجنٌ في مشفى حمص العسكري. أوضح P45 أنّ في كل مشفى عسكري في سوريا مكانٌ مخصصٌ للسجن. وكانت إمكانية دخول السجن في مشفى حمص العسكري مقيّدة، وتذكّر الشاهد أنه كان هناك مرة واحدة فحسب. ورأى هناك مريضًا عُذّب قُبَيل وصول P45. ورأى آثارًا على وجه وصدر الرجل شبه العاري الذي كان مربوطًا إلى كرسي ومعصوبَ العينين. كان المعتقل يصرخ، «لا أعرف»، وكان الجنود يسخرون منه. بصق أحد الجنود على المعتقل وقال: «سأريك لاحقًا».

طلب القاضي كولر من P45 أن يتوسّع في توضيح الظروف الصحية لمشفى حمص العسكري. أوضح P45أنّ جميع الأقسام، خلا قسم الجراحة، كانت نظيفة وصحية، حالها حال أي مشفى آخر، ولكن قسم الجراحة بات أشبه بالسجن منه بأقسام المشافي.

سأل القاضي رودِه عن السجن الذي رأى فيه الشاهدُ الرجلَ المعذّب، وطلب من P45 وصف الموقع في مجمّع المشفى. أوضح P45أنّ السجن كان خارج مبنى المشفى الرئيسي، ولكن داخل أراضي المشفى. وكان يحوي غرفةً تُسمى «البرّاد»، ويُشاع أنّ الجثث كانت تُخزّن فيها. وكانت الغرفة الرئيسية التي وُضع فيها المعتقلون ذات جدران بيضاء وحجارة سوداء. سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان P45 قد شهد اجتماعات للموظفين في السجن. فأجاب P45 أنّ السجن لم يكن المكان الأمثل لهكذا اجتماعات. أراد القاضي رودِه أن يعرف ما إذا كان للسجن أي وظائف تتعلق بمراسم التشييع، عندما يهلك الجنودُ ويُوارون الثرى على سبيل المثال. تذكّر P45 أن الجنائز كانت تُقام دائمًا في الخارج، لا في السجن. وتذكّر أنّ الأشخاص كانوا يُعذّبون في قسم الجراحة أثناء هذه الجنائز. وتذكّر ذلك لأنه كان يسمع صراخهم عادةً في المساء وأحيانًا في الصباح.

استفسر القاضي رودِه عمّن كان بيده قرارُ اختيار الذين يصرَّح لهم دخولُ منطقة السجن. قال P45إنه لم يَرَ القائمة، ولكنه سمع أنّ [حُجب الاسم] كان يقرّر مَن يمكنه دخولُ السجن وقسم الجراحة. وأوضح P45 أنه كان يعرف أنّ [حُجب الاسم] كان طبيبًا مختصًّا عسكريًَا. واستحضر أنّ [حُجب الاسم] كان يلبس دومًا زيًَا عسكريًّا بدلًا من المعاطف البيضاء التي يرتديها الأطباء الآخرون. كان طويل القامة، جِلفًا، وعنيفًا، وبصحة جيدة. وسمع P45 شائعات بأن [حُجب الاسم] كان مسؤولًا عن أمن المشفى، ولم يكن يشارك في تعذيب الضحايا فحسب، بل كان يشرف عليه كذلك. حتى أنّ P45سمع شائعات بأن [حُجب الاسم] قتل معتقلًا، ولكنه لم يتذكر التفاصيل.

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

بعد الاستراحة، واصل القاضي رودِه استجواب الشاهد، وأراد معرفة الأطباء المصرّح لهم دخولُ السجن في مشفى حمص العسكري. فأجاب P45أنه لم يطّلع على قائمة بأسماء الأطباء المسموح لهم بالدخول، ولكنه يتذكر الأسماء التالية: [حُجب الاسم]، و [حُجب الاسم]، وعلاء م، و [حُجب الاسم]. وتذكّر أنّ الممرض [حُجب الاسم] كان يُسمح له بالدخول. ثم طُلب من P45 أن يصف الموقفَ الذي رأى فيه علاءً يدخل منطقة السجن. تذكّر P45أنه رأى علاءً يدخل قسم الجراحة في النصف الثاني من عام 2011، ولكنه لم يكن يعرف ماذا كان يفعل علاءٌ هناك. إلّا أنه لاحظ أن الجنديَّ الذي كان يحرس المدخل تعرّف على علاء ولم يتحقق من بطاقة هويته، رغم أنه عادة ما كان يفعل ذلك مع الآخرين الذين يحاولون دخول قسم الجراحة.

ثم طلب القاضي رودِه من P45 أن يصف بمزيد من التفصيل الواقعةَ التي حدثت في قسم الطوارئ الذي رأى فيه علاءً يضرب مريضًا بقسطرة بولية. تذكّر P45 أنّ علاءً كثيرًا ما كان يحمل قسطرة بولية في جيبه. واستحضر الشاهد أنّ علاءً استخدمها عدة مرات لتعذيب المرضى. ثم وصف الشاهد بالتفصيل واقعتَين في قسم الطوارئ شاهد فيهما علاءً يعذّب مريضًا - معصوبَ العينين ومكبّلًا - باستخدام قسطرة بولية.

تساءل القاضي رودِه عمّا إذا كان علاء يحمل قسطرة بولية معه دائمًا، فأكّد P45 ذلك.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

استفسر القاضي رودِه عمّا إذا استخدم علاء كذلك عاصبةً لتعذيب المرضى. وأوضح أنه أثار هذا السؤال لأن الشاهد فرّق بين القسطرة البولية والعاصبة في إفادته للشرطة. أقرّ P45 بأنه ربما استخدم كلمة «عاصبة/مِرقأة» لوصف القسطرة البولية لأنه يمكن استخدام القسطرة كالعاصبة. هكذا فسّر اختلاف الكلمات، ولكنه أكّد مجدّدًا أنه كان يقصد أنّ علاءً ضرب المرضى بقسطرة بولية في كلتا الواقعتَين اللتين سردهما.

تحدّث P45 بإسهاب عن الواقعة التي أحرق فيها علاء المنطقة التناسلية لصبي. [ملحوظة: حُجبت تفاصيل هذه الواقعة حمايةً للشاهد.] في هذه اللحظة، بدا أنّ الوضعَ كان يشقّ على P45وطلب استراحة.

***

[استراحة لعشرين دقيقة]

***

بعد الاستراحة، طمأن القاضي كولر الشاهدَ بأنهم لن يخوضوا أكثر في الاستجواب هذا اليوم لأكثر من خمس وأربعين دقيقة.

سأل القاضي رودِه P45عمّا إذا كان يتذكر ما صرخ به الصبي. تذكّر P45أنّ الصبي كان يصرخ خائفًا ويصيح على الجنود ليتركوه. وطُلب من P45 أن يبيّن بتأنٍّ جميع حركات علاء في الواقعة، ففعل الشاهد. [ملحوظة: حُجبت تفاصيل هذه الواقعة حمايةً للشاهد.]

اقترحت القاضية فون أرنيم عَقْدَ استراحة حتى يتمالك الشاهدُ نَفْسَه.

***

[استراحة لخمس دقائق]

***

بعد الاستراحة، استمر الشاهد في تصوير تفاصيل حية عن الواقعة. وبدا جليًّا أنّ الذكريات استثارت عاطفةَ P45فاضطر إلى التوقف.

سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان الشاهد يتذكر أنه قال شيئًا عن «عَمٍّ» في استجواب الشرطة. فأكد P45، موضحًا أنّ الأطفال والشباب في سوريا يخاطبون الرجالَ الأكبر سنًّا على أنهم أعمام، وهذا ما قصده في استجواب الشرطة.

في تلك الأثناء، جاهر علاءٌ بإنكاره وجحوده، وقال إنّ الاتهامات باطلة. وقد كان يهز رأسه مرارًا يُمنة ويُسرة خلال شهادة P45. فوبّخه القاضي رودِه وقال إن هذه كانت مقاطعة للاستجواب.

سأل القاضي رودِه الشاهدَ عمّا إذا كان يتذكر عمر الصبي. أوضح P45 أنه يعتقد أن الصبي كان يبلغ من العمر حوالي [حُجبت المعلومة] عامًا.  [ملاحظة: دلّل الشاهد بإطناب على هذا الاستنتاج. وحُجبت التفاصيل حمايةً للشاهد.]

وأخيرًا، أراد القاضي رودِه أن يعرف كيف كان يرتدي علاءٌ معطفه. أوضح P45 أن علاءً كان يرتدي [حُجبت المعلومة]. كان الأطباء الآخرون يغلقون أزرار المعطف، بخلاف علاء. وافترض P45أنّ أكمام المعطف كانت مشمَّرة لأن الوقت لم يكن شتاءً.

في ختام ثالث أطول يوم في المحاكمة حتى الآن، شكر القاضي كولر الشاهدَ على شهادته وصرفه لهذا اليوم، على أن يُستأنف استجوابُه اليومَ التالي في الساعة 1:30 ظهرًا.

رُفِعت الجلسة في الساعة 5:20عصرًا.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 16تموز / يوليو 2024، في العاشرة صباحًا.

اليوم الثاني والأربعون بعد المئة - 16 تموز / يوليو 2024

في الجلسة الثانية هذا الأسبوع، استجوبت المحكمة السيد كريستوفر إنجِلْز من لجنة العدالة والمساءلة الدولية (CIJA) [ملحوظة: سيشار إليها طيلة التقرير بـ «اللجنة» اختصارًا]. وأبلغ رئيس المحكمة القاضي كولر السيدَ إنجِلْز أنه قد يكون عونًا نافعًا بصفته خبيرًا، رغم أنه استُدعيَ شاهدًا.  ولذلك، أرشده إلى حقوقه وواجباته بصفتَيه هاتَين.

في البداية، سأل القاضي كولر السيدَ إنجِلْز عن مسيرته المهنية. أوضح السيد إنجِلْز أنه اكتسب خبرة بصفته محاميًا دوليًّا منذ عام 2004. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، عمل إنجِلْز لدى اللجنة. وهو مدير التحقيقات والعمليات، ويشرف على العمل في عدّة بلدان وعلى التحقيقات المتعلقة بتنظيم داعش.

عندما سُئل إنجِلْز عن هدف اللجنة وتأسيسها وتمويلها، أوضح أنّ اللجنة هي مؤسسة هولندية مقرها لاهاي. وقد تأسست في الأصل تحت اسم لجنة سوريا للعدالة الدولية، ثم وسّعت بؤرةَ تركيزها وغُيّر اسمُها إلى لجنة العدالة والمساءلة الدولية. وتتمثل الفكرة من اللجنة في جمع الأدلة على جرائم الحرب بينما لا يزال النزاع قائمًا. ولهذا الغرض، جُمعت الوثائق في المناطق التي انسحب منها النظام السوري. إضافة إلى ذلك، حددت اللجنة شهودًا قد يكونون نافعين في القضايا المستقبلية. ثم حوّلت اللجنة مسارَ تركيزها إلى جمع الأدلة لاستخدامها في المحاكم المحلية، أخذًا بعين الاعتبار أنّ معظم قضايا النزاع السوري يُرجّح أن يُبَتّ فيها هناك. ثم سلّمت اللجنة ملخصات هذه الشهادات إلى سلطات إنفاذ القانون. أما جُلُّ عمل اللجنة حاليًّا فهو الاستجابة لطلبات سلطات إنفاذ القانون. إذ تتلقى اللجنة حوالي 250 طلبًا سنويًّا من عدة دول في أوروبا وأمريكا الشمالية.

شرح إنجِلْز منهجية استجوابهم للشهود، وذكر أنّ اللجنة لديها محاورون يجرون المقابلات في سوريا (سمّاهم «محققين»). ويحاول المحاورون تحديد الشهود والتواصل معهم معتمدين على شبكة علاقاتهم في سوريا. وغالبًا ما يُجرون مقابلات مع شهود عيان أو منشقين عن النظام السوري. يتلقى المحاورون تدريبًا أوليًّا والعديدَ من الدورات التدريبية الإضافية الرسمية كل عام، ويسألون أسئلة مفتوحة ثم يعقّبون على ما قد يكون ذا صلة بالموضوع. وإضافة إلى الأسئلة العامة، قد يسأل المحاورون عن مواضيع معيّنة، كالجرائم في مراكز الاعتقال أو أسماء ذوي السلطة لتحديد تسلسل المسؤولية الهرمي. وفي أغلب الأحيان، يُجري المقابلةَ باللغة العربية محاورٌ يدوّن الملاحظات أثناءها. ثم يلخّص المحاورُ تلك الملاحظات ويرفع الملخصَ إلى قاعدة بيانات اللجنة. إمكانية البحث في قاعدة البيانات متاحةٌ ويمكن أن يستخدمها محللو اللجنة حالما يتلقون طلبات من هيئات إنفاذ القانون.

تلقت اللجنة منذ نشأتها تمويلًا حكوميًّا من عدة دول، من بينها المملكة المتحدة وهولندا وألمانيا والدنمارك والولايات المتحدة وكندا وسويسرا والنرويج. وحاليًّا، تتلقى اللجنة تمويلًا من ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لعملها المتعلّق بالنزاع السوري. سأل القاضي كولر السيدَ إنجِلْز عمّا إذا كان للدول المموّلة أي تأثير على عمل اللجنة، أقرّ إنجِلْز بأن لهذه الدول قَدرٌ من التأثير على عمل اللجنة باختيارها المشاريع التي ستموّلها، ولكن ليس لها أي تأثير على محتوى العمل أو نتاج التحليلات أو بؤرة الاهتمام الذي تحدده اللجنة. فعندما تتلقى اللجنة طلبات من سلطات إنفاذ القانون، فإنها لا تعرف عادةً ما الذي تدور حوله القضية الأساسية، وتكتفي بمشاطرة المعلومات المتاحة لديها بموضوعية.

بعد ذلك، سألت القاضية أدلهوخ السيدَ إنجِلْز عما يعرفه عن الخلية المركزية لإدارة الأزمة في سوريا [ملحوظة: سيشار إليها طيلة التقرير بـ «الخلية» اختصارًا]. أوضح إنجِلْز أنّ الخلية أُنشأت لإدارة الأزمة في سوريا. وتألفت من قادة الأجهزة الأمنية وممثلي الجيش وأعضاء القيادة السياسية. ونسقوا اتخاذ سياسات وتنفيذها لقمع الثورة ضد النظام. ووفقًا لفهم إنْجِلز، فإنه استنادًا إلى الوثائق التي أتيحت للجنة، صدرت الأوامر في دمشق وانتشرت إلى محافظات أخرى. وكان الرئيس الأسد هو صانعَ القرار وشايعَه كلٌّ من المخابرات العسكرية وأمن الدولة والمخابرات العامة والأمن السياسي ووزارة الدفاع.

أوضح إنجِلْز أنّ الخليةَ أُنشأت في آذار / مارس 2011. وأظهرت وثيقتان بتاريخ 18 و 20نيسان / أبريل 2011 مستوى التصعيد. فبينما سمحت الوثيقة المؤرخة في 18 نيسان / أبريل بالتفاوض مع المتظاهرين، قَضَت الوثيقة المؤرخة في 20نيسان / أبريل باستخدام القوة، بعد يومين فحسب. وفي آب / أغسطس 2011، أنشأت الأجهزة العسكرية والأمنية مجموعةً عسكريةً مشتركةً مع تعليمات صريحة باعتقال خصماء النظام والتحقيق معهم. وتضمّن المستهدَفون منظمي الاحتجاجات، والممولين، وأعضاء لجان التنسيق، وأعضاء المعارضة، ومَن نشروا محتوى إعلاميّا ناقدًا.

أرادت القاضية أدلهوخ أن تعرف كيف حصلت اللجنة على الوثائق التي يعود تاريخها إلى نيسان / أبريل وآب / أغسطس 2011 والتي ذكرها إنْجِلز. أوضح إنجِلْز أنّ الوثيقتَين التي يعود تاريخهما إلى نيسان / أبريل 2011كانت نسخًا من قرارات أُرسلت إلى جميع المناطق. وعُثر عليها في فرع الأمن العسكري في إدلب بعد انسحاب النظام السوري من المنطقة. لم تكن اللجنة تبحث فعليًّا عن هذه الوثائق، بل وجدها شخص من إدلب وأرسلها إلى اللجنة عندما علم أنها كانت تَجمع الأدلة. وأشار إنجِلْز إلى أنّ الوثائق التي عثرت عليها اللجنةُ أو أُتيحت لها لم يُجلب إلّا قسمٌ ضئيلٌ منها من دمشق، أمّا أغلبها فعُثر عليها في مناطق أخرى من سوريا.

ثم تساءلت القاضية أدلهوخ كيف عَلِم إنجِلْز بأنّ الوثائق كانت أصلية. قدّم إنجِلْز عدة أسباب، وأوضح أنّ الوثائق عُثر عليها رزمًا في مكتب مهجور للمخابرات العسكرية في إدلب. وعُدَّت هذه الرزمةُ أصليةً لأن لغة الوثائق وصياغتها كانتا متسقتَين مع وثائق أخرى للخلية عُثر عليها في أماكن أخرى. وإضافة إلى ذلك، تم التثبُّت من صحة الوثائق لأن العديد من الأحداث الموصوفة فيها وقعت فعلًا. وثَمّةَ فارقٌ مهم مايَز الوثيقتَين الصادرتَين في نيسان / أبريل 2011 عن معظم الوثائق الأخرى التي عُثر عليها: إذ لَم يكن بهما رقم فاكس. إلّا أنّ هذا يمكن تعليلُه بأن أجهزة الأمن كانت تسلّم وثائقها يدًا بيد. وكان مصدر هاتين الوثيقتَين الصادرتَين في نيسان / أبريل 2011 هو مكتبَ الأجهزة الأمنية هذا.

ثم عُرضت على الشاهد وللحضور على الشاشات صورةٌ لوثيقة مكتوبة باللغة العربية. أرادت القاضية أدلهوخ أن تعرف إذا ما تعرّف إنجِلْز على هذه الوثيقة. فأكّد إنجِلْز ذلك وحدّد أنها وثيقة يعود تاريخها إلى 20نيسان / أبريل 2011. وعُرضت عليه وثيقة أخرى تحصّلت اللجنة عليها من إدلب، فتعرّف عليها عن طريق رقم الملف الخاص باللجنة. وعُرضت وثيقة أخرى تضم قائمة طويلة من الأسماء مكتوبة باللغة العربية، فتعرّف إنجِلْز عليها لأن اللجنةَ تسلّمت العديد من القوائم المماثلة. [ملاحظة: لم تتمكن مراقِبة المحاكمة من تحديد ماهية القائمة، إذ لَم تُترجم علنًا]. ثم عُرضت على إنجِلْز قائمة أخرى شبيهةٌ بسابقتها، فتعرّف عليها عن طريق الرمز التعريفي والرقم الخاصَّين باللجنة.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

بعد الاستراحة، سعى القاضي رودِه إلى توضيح تباين يتعلق بمصدر القائمة الأخيرة المعروضة. إذ أظهرت القائمة الرقم 261الذي كان مقرونًا بالأفرع العسكرية في حمص، إلّا أنه يُزعم العثورُ على الوثيقة في إدلب التي يُشار فيها إلى الأفرع العسكرية بالرقم 271. بيّن إنجِلْز هذا التباين معلّلًا بأن معظم الأوامر صدرت من دمشق، إلّا أنّ هناك أوامر ومعلومات تبادلتها مناطقُ مختلفةٌ أفقيًا فيما بينها. ولذلك، لم يكن من الغريب أن تتضمّن الوثيقةُ رقمَ الفرع العسكري في حمص.

أشارت القاضية أدلهوخ إلى المقابلات التي أجرتها اللجنة في سوريا، واستفسرت تحديدًا عمّا إذا استجوبت اللجنة شهودًا حول المشافي العسكرية. فأكد إنجِلْز ذلك، وأوضح أنهم اكتشفوا - عن طريق المقابلات التي ركّزت على إساءة المعاملة أثناء الاعتقال - أنّ إساءة المعاملة في المشافي العسكرية كان مسألةً متكررة. وبالتالي، أدرجت اللجنة لاحقًا أسئلةً موجّهة عن تجارب الشهود في المشافي، وسعت إلى تحديد الشهود الذين تعرضوا فيها لإساءة المعاملة.

سعت القاضية أدلهوخ إلى توضيح ما يتعلق بالعديد من الشهود الذين أجرت معهم اللجنةُ مقابلاتٍ حول تجاربهم في حمص، لا سيما كيف جرت المقابلة مع [حُجب الاسم]، P15. فأجاب إنجِلْز أنه لا يتذكر تفاصيل هذه المقابلة بدقة، إذ أجرت اللجنة ما يقرب من 2,500إلى 3,000 مقابلة في سوريا. وبعدما أذِنَ له القضاة، راجع إنجِلْز ملاحظاته ثم وضّح بأن المقابلة مع P15جرت في [حُجبت المعلومة] في [حُجب الزمان] 2020وأنّ صديقًا مشتركًا أحال P15 إلى المحاور.

لفتت القاضية أدلهوخ انتباه إنجِلْز إلى وثيقة زوّدت اللجنةُ بها المحكمةَ في 14 كانون الثاني / يناير 2022، وأدرجت أسماءَ عدد من الشهود الذين اعتُقلوا في الفرع 261[لمزيد من المعلومات، يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #78]. أرادت القاضية معرفة كيف جرت هذه المقابلات. أجاب إنجِلْز أنّ العملية كانت مشابهة للحالات التي تم نقاشها آنفًا. وضرب مثَلًا الشاهدَ رقم 067[ملحوظة: الرقم من اللجنة]، الذي كان زوج شاهدة سابقة، والشاهدَ 142الذي كان جارًا لأحد المحاورين. استفسرت القاضية أدلهوخ عمّا إذا أُجريت هذه المقابلات تحديدًا لجمع معلومات عن الفرع 261. فأكّد إنجِلْز أنهم كانوا يسعون للحصول على معلومات من الأفراد المحتجزين في مراكز الاعتقال العسكرية والمرتجلة. وسألت القاضية أدلهوخ عمّا إذا تناولت اللجنةُ موضوعَ الأطباء خلال مقابلاتها، فأكّد إنجِلْز ذلك، ولكنه أوضح أنّ ذلك حدث دون تخطيط مسبق.

بعد ذلك، استفسرت القاضية أدلهوخ عن اسمي شاهدين محتملين، وهما [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] [P31]، اللذين أرسلت اللجنة اسمَيهما إلى المحكمة في 31تموز / يوليو و5 آب / أغسطس 2020. أوضح إنجِلْز أنّ هذين الشاهدين هما طبيبان أحالهما طبيب آخر إلى اللجنة. ولا توجد سجلاتٌ لمقابلتَيهما مع اللجنة لأنهما لم يكونا في سوريا عندما أٌثير اسماهما، وبحلول ذلك الوقت، كانت الإجراءات في هذه المحكمة قد بدأت بالفعل. وفي مثل هذه الحالات، لا تُجري اللجنةُ مقابلات مع الشهود، بل تترك الأمر لسلطات إنفاذ القانون.

استفسرت القاضية أدلهوخ كذلك عن الشاهد 944، فأوضح إنجِلْز أنّ أحد أصدقاء هذا الشاهد كان حلقة التواصل مع اللجنة. وأُجريت مقابلة مع الشاهد في أيلول / سبتمبر 2020 قدّم فيها إفادة حول عمله سابقًا في المشفى العسكري. وذكر أنه عمل في مشفى حمص العسكري حتى غادره في عام 2011، وشهد عدة حالات من إساءة المعاملة هناك. ووفقًا للشاهد، اقترف إساءةَ المعاملة في المقام الأول [حُجب الاسم] وعلاء م [حُجب الاسم]. وذكر الشاهد أنّ أحد هؤلاء الأطباء سكب الكحول على قضيب أحد المرضى وأشعل النار فيه، ولكنه لم يستطع تذكر الطبيب الذي ارتكب هذا الفعل.

ختامًا، استفسرت القاضية أدلهوخ عن الشاهد 035. قال إنجِلْز إنّ أحد أقارب هذا الشاهد أشار إليه، ولكن نظرًا لأنه يعيش في منطقة عسكرية يسيطر عليها النظام، لم يعد يرغب في المشاركة في أي إجراءات قانونية. ورغم ذلك، قرأ إنجِلْز ملخص إفادة الشاهد 035 إلى اللجنة. ذكر الشاهد أنه أُدخل المشفى عقب إصابته أثناء اعتقاله. وفي المشفى، كان يُنظر إليه على أنه مؤيدٌ للمعارضة وتعرض لإساءة المعاملة والتهديدات. وذكر أنّ الأطباء ارتأَوا بترَ ساقه بسبب إصابته، إلّا أنه رفض عملية البتر بعدما رأى العديد من الأشخاص الذين خضعوا لعمليات بتر وعمليات جراحية دون تخدير.

لم يكن ثَمّةَ أسئلةٌ أخرى لإنجلز، فصُرف.

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

بعد استراحة الغداء، استُؤنف استجواب P45. أراد الشاهد إعادة سرد الواقعة التي أحرق فيها علاء الأعضاء التناسلية لفتى، إذ استحضر خواطرَ غابرةً بعد الجلسة السابقة وتذكّر الآن تفاصيلها بوضوح أكبر. ثم أعاد وصف الموقف بتفاصيل مستفيضة. [ملحوظة: حُجبت التفاصيل حمايةً للشاهد.] تساءل القاضي رودِه عمّا إذا كان اللذان يمسكان الصبي جنديَّين أم ممرضَين. فأجاب P45 أنهما كانا جنديَّين يلبسان الزي العسكري دون معاطف بيضاء. ثم سأل القاضي رودِه الشاهدَ عمّا إذا كان قد رأى هذين الجنديَّين من قبل، فقال P45إنه لا يتذكر. ذكّر القاضي رودِه الشاهدَ بقراءة محضر استجواب الشرطة حيث ذكر الشاهد أنّ إساءة المعاملة في قسم الطوارئ كانت دومًا بفعل نفس الجنود، وأنّ جنديَّين منهما شاركا في الواقعة مع الصبي. قال P45 إنه لا يزال لا يعرف اسمي هذين الجنديَّين، وأوضح أنه كانت لديه قائمة بالأشخاص الذين شاركوا في التعذيب، وأنه لو شارك هذان الجنديان في عدة حالات من إساءة المعاملة، لكان اسماهما على تلك القائمة، ولكنهما لم يكونا كذلك. فرجّح P45أنّ هذا كان سوء تفاهم في استجواب الشرطة.

ثم سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان الصبي واقفًا أم جالسًا على سرير المشفى. تذكّر P45 أنّ الصبي كان واقفًا ورطماه الجنديان بالحائط. كان قسم الطوارئ مكتظًّا للغاية، ولم يُولّ الصبيَّ أيُّ ممرض اهتمامَه. طلب القاضي رودِه من P45 أن يرسم مخطّطًا يوضّح فيه قسمَ الطوارئ والموقفَ الذي حدث مع الصبي، ففعل P45 ذلك. ورسم P45مخطّطًا توضيحيّا للواقعة التي وصفها في اليوم السابق بخصوص إساءة معاملة مريض بقسطرة بولية في إحدى غرف قسم الطوارئ. طلب القاضي رودِه من P45توضيح هذا المخطّط. أوضح P45 أنّ الموقف حدث في إحدى غرف قسم الطوارئ. إذ ضرب علاءٌ المريضَ بيده، ولكن P45 لم يتذكر أي يد استخدم علاءٌ. صرخ المريض بعدما ضُرب، فنَتَرَه علاءٌ بالقسطرة البولية على وجهه. حاول المريض مواراة وجهه بذراعه. وأصابت النّترة الثانية بالقسطرة البولية مؤخرةَ رأس المريض. وفصّل P45مكانه أثناء الواقعة.

بعد ذلك، استفسر القاضي رودِه مرة أخرى عن الواقعة مع الصبي. أوضح P45 أنها حدثت في النصف الثاني من عام 2011. تحرّى القاضي رودِه مع P45 الوقتَ من اليوم الذي حدثت فيه الواقعة. قال P45إنه لا يتذكر، ولكنه كان يعرف أنه لم يكن في الصباح الباكر ولا في المساء. ولم يتذكر P45 المكانَ الذي نُقل إليه الصبي بعد الواقعة.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

تساءل القاضي رودِه إن سمع الشاهدُ شيئًا عمّا حلّ بالصبي، فأجاب P45 أنه لم يسمع أي شيء. أراد القاضي رودِه أن يعرف ما إذا قال علاءٌ شيئًا عن الصبي. فنفى P45ذلك، وطلب استراحة للتشاور مع محاميته.

***

[استراحة لعشرة دقائق]

***

أوضح القاضي كولر للشاهد أنّ القضاة لا يريدون تعريضه للخطر وأنهم على وعي تام بذلك، وطلب منه إبلاغ القضاة إذا لم تطمئنّ نفسُه إلى الإجابة عن سؤال ما، بدلًا من إعطاء إجابة خاطئة كما فعل توّا. فاعتذر P45، قائلًا إنه ينسى أشياءَ أحيانًا، ولكنه يسترجع ذكرياته عنها لاحقًا. ووعد بالامتثال لتعليمات القاضي كولر.

بعد أن حاول القاضي رودِه أن يستَجلِيَ التباينات، أراد أن يعرف سبب هَذْرِ علاء وحديثه حول الحرق. أوضح P45 أنّ علاءً كان يتباهى بتعذيب الناس ويَعتَدُّ بذلك. وكان ينعتهم بالصراصير ويخبطُ الأرضَ يدُبُّها بقدمه محاكاةً كما لو أنه يسحقهم. وأشار P45إلى أنّ علاء تصرّف هكذا عمومًا مع الذين لم يؤيدوا النظام. وحاكى هذا الدبيبَ والسحقَ بعد أن فعل شيئًا لمريض، ولكن P45 لم يتذكر الموقف الذي حدث فيه.

ختامًا، سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان P45 قد رأى إصابةً حلّت بعلاء وما إذا تغيّر بعدها أسلوبُه في إساءة معاملة الناس. تذكّر P45أنّ علاءً كان يضع ضمادةً على يده [حُجبت المعلومة]، وتذكّر الشاهدُ ذلك لأن علاءً كان يمسك بها سجائره. واستنبط P45 أنّ الإصابة كانت مغبةَ ضربِ علاءٍ مريضًا على رأسه، إذ ذكر علاء أنّ لدى المريض «رأسٌ صُلب». لم يتذكر P45 أي تغيّر طرأ على أسلوب علاء في إساءة معاملة الناس بعد الإصابة. إذ شاهد علاءً يرفس أشخاصًا آخرين - أحيانًا في خصيتَيهم - ولكنه لم يستطع تأكيد ما إذا حدث ذلك بعد أن أُصيب علاء في يده.

في نهاية يوم آخر طويل على غير العادة، شكر القاضي كولر الشاهدَ على شهادته وصرفه لهذا اليوم، على أن يُستأنف استجوابه في اليوم التالي.

رُفِعت الجلسة في الساعة 4:45عصرًا.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 18تموز / يوليو 2024، في العاشرة صباحًا.

اليوم الثالث والأربعون بعد المئة - 18 تموز / يوليو 2024

في ثالث جلسات هذا الأسبوع، أبلغ رئيس المحكمة القاضي كولر الأطرافَ بأن القضاة قد ألمّوا بنصوص محاضر استجواب الشرطة لـ[حُجب الاسم] في [حُجب الزمان] (إجراء القراءة الذاتية، الفقرة 249 (2) من قانون الإجراءات الجنائية الألماني). [[ملحوظة: تباحثت المحكمة هذا المحضر في الأسبوع السابق في يوم المحاكمة #140. لمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على تقرير المحاكمة #79.] وقرأ علاءٌ المحضرَ دون الحاجة إلى مساعدة مترجم شفوي.

واصل القضاة استجواب P45كما في اليومين السابقين 141 و142. ومرة أخرى، ساعد السيدُ فراجٌ الشاهدَ بالترجمة الشفوية للغة العربية، وتولى مترجمٌ شفويٌّ جديدٌ يدعى السيد كورْتْس مهامَّ الترجمة من اللغة الإنجليزية. ورافق الشاهدَ محاميةٌ جديدةٌ تُدعى السيدة شْتودْزِنْسْكي.

وصف P45 عمومًا أنّ علاءً ارتكب أصنافًا مختلفة من إساءة معاملة المرضى في مشفى حمص العسكري. واستحضر الشاهدُ أنه رأى علاءً يرفس المرضى، ويمسك خصيتَيهم، ويضربهم بيده وبقسطرة بولية. وغالبًا ما كان يستهدف رؤوس المرضى، ونادرًا ما كان يدَعُ المرضى وشأنَهم، ودائمًا يسيء معاملتهم. وردًّا على سؤال القاضي رودِه حول ما إذا كان علاء قد غيّر أساليبه بعد الإصابة، أوضح الشاهد أنه يتذكر الآن أنه بعدما أُصيب علاء، صار يضرب غالبًا منطقة البطن بدلًا من الرأس، لأن يده أُصيبت. وأوضح الشاهد أنّ علاءً لم يكن يريد أن يضرب المناطق «الصلبة» كالرأس، بل المناطق الأكثر ليونة كمنطقة البطن. وأكد الشاهد أنه شهد أكثر من عشر وقائع أساء فيها علاءٌ معاملةَ المرضى.

ذكّر القضاةُ الشاهدَ بحاجتهم إلى وصف أكثر تفصيلًا لكل واقعة على حدة، فوصف P45 عدة أمثلة باستفاضة، منهما واقعتان شهد فيهما علاءً يسيء معاملةَ مريض، ورسم مخطّطًا توضيحيّا لإحداهما. ورفض الإدلاء بشهادته حول واقعة أخرى خشية أن تُكشف هويته.

بعد استراحة قصيرة، تساءل القاضي رودِه عمّا إذا كان قد سمع P45 عن عمليات جراحية أُجريت لمرضى دون تخدير. فأكد الشاهدُ ذلك، وتذكّر أنه سمع عن هذه العمليات، ولكنه لم يشهدها. إلّا أنه رأى جروح المرضى قبل العمليات الجراحية وبعدها. وأوضح أنّ ذلك لم يكن بسبب نقص مسكنات الألم أو التخدير في المشفى، بل لتعذيب المرضى ليس إلّا. وروى أنّ الجنود ذكروا أنهم لم يريدوا إهدار التخدير على «هؤلاء الأشخاص». وتذكّر P45أنه سمع شائعات عن مشاركة علاء في هذه العمليات، ولكنه لم يرَ ذلك بنفسه.

بالإشارة إلى الموقف الذي أحرق فيه علاءٌ المنطقةَ التناسلية لصبي، سأل القاضي رودِه عمّا إذا كانت هناك حالات تصرّف فيها علاءٌ بمفرده أو إذا كان دائمًا ثَمّةَ جنديٌّ يمسك المريضَ الذي يسيءُ علاءٌ معاملتَه.  فأجاب P45أنه عندما كان علاءٌ يسيء معاملةَ مريض، فغالبًا ما كان المريض يُزجُّ به إلى الحائط، أو مقيَّد اليدين والرجلين. ثم ذكر P45أسماء عدة أطباء آخرين أساؤوا معاملة المرضى: [حُجب الاسم]؛ و [حُجب الاسم]، وممرض يدعى [حُجب الاسم]. سأل القاضي رودِه عمّا إذا كان الشاهد يتذكر ممرضًا يُدعى [حُجب الاسم]، فنفى P45 ذلك.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

طلب القاضي رودِه من P45 أن يصف شخصية علاء. فتذكّر الشاهدُ أنّ علاءً كان يختص في طب العظام. وقال P45إنّ علاءً كان متهورًا أرعنَ، حادّ الطباع سريعَ الغضب، ولم يَكُنْ يُكِنُّ للحياة البشرية أيّ احترام وتوقير. وكان علاءٌ يحب الرئيس السوري، ووصفه الشاهدُ بأنه كان «عبدًا» للرئيس، إذ كان يُذعن للأوامر دون عَرْضِها على المبادئ الأخلاقية. وكان يغني دومًا أغنية عن شَغَفه بالرئيس السوري. وقال الشاهد إنّ علاءً لم تكن لديه شخصية حقيقية.

عندما استُجوب الشاهدُ عن علاقة علاء بالجيش، ذكر P45 أنه رأى علاءً بالزي العسكري. وتذكّر أنّ علاءً لم يكُن طبيبًا عسكريّا، بل مدنيّا. وذكر أنّ لبعض الأطباء أواصرُ بأجهزة المخابرات العسكرية، وسمع شائعات بأن علاءً كان على صلة بالمخابرات العسكرية، ولكنه لم يكن يملك وثائقَ أو أدلةً تثبت أنّ علاءً كان يعمل لصالحهم. وسمع هذه الشائعات خلال عمله في مشفى حمص العسكري عام 2011. ووصف الشاهدُ مشادّةً بين علاء وجندي وبّخ علاءً وأنّبه لأنه كان يلبس الزي العسكري رغم أنه لم يكُن طبيبًا عسكريّا. وفي تلك الحادثة، كرّر علاء الحركةَ التي حاكى فيها سحق صرصور. [ملاحظة: تم نقاش هذا الأمر سلفًا في اليوم 142.] اقتبس القاضي رودِه من محضر استجواب الشرطة أنّ P45 أفاد بأن علاءً كان برتبة ملازم [أول]. أوضح الشاهد أنه لم يرَ شارةً، ولكنه تذكّر أنّ جميع الأطباء يَخْطون الخطوة الأولى في الجيش برتبة ملازم [أول].

ثم سُئل P45 عن عدة أطباء من مشفى حمص العسكري. فقال إنه لم يكن يعرف [حُجب الاسم] حقَّ المعرفة، ولكنه كان يعرف ابنَ عمه [حُجب الاسم]. وصف الشاهد [حُجب الاسم] بأن طولَه كان 1,70مترا على أقل تقدير، وكانت له لحية ليست بطويلة، وكان مهندمًا أنيقاً، وشعرُه داكنٌ وقد تكون عيناه داكنتَين. تذكّر P45 أن [حُجب الاسم] كان شخصًا استبداديّا متسلّطًا وشارك في تعذيب المرضى. وتعرّف على [حُجب الاسم]، وعلاء م، و [حُجب الاسم] في صورة كانت قد نُشرت في وسائل الإعلام. وتذكّر الشاهد أنّ [حُجب الاسم] كان يتمتع بسلطة في المشفى وكان الناس يتوخّون الحذر عندما يخاطبونه. واعتقد P45أنه كان طبيب مسالك بولية، ولكنه لم يكن متأكدا. كان [حُجب الاسم] مؤيّدًا للنظام. وتذكر الشاهد أنه رأى الصورة سابقًا في استجواب الشرطة أو ربما في وسائل الإعلام.

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

بعد الاستراحة، نقّح P45 ما أفاده بخصوص رؤيته علاءً بالزي العسكري، إذ تذكّر أنه رأى علاء مرةً مُقبلًا من غرفة خارج مبنى المشفى الرئيسي حيث يستريح الأطباء ويأكلون ويستحمون. وتذكر أنّ علاءً كان يلبس بنطالًا عسكريًا وقميصًا داخليًا أبيض، ولذلك لم يَرَ الشاهدُ شارةً. ولم يتذكر الحذاء الذي كان ينتعله علاء. تساءل القاضي رودِه عمّا إذا كان هذا هو الموقفَ الذي شهد فيه P45 المشادّةَ بين علاء والجندي، فنفى P45ذلك. ثم سأل القاضي عمّا إذا كان هذا يعني أنه رأى علاء مرتين بملابس عسكرية، فأكد P45ذلك.

بعد ذلك، جرى نقاشٌ عن قسم الجراحة في مشفى حمص العسكري. وعُرض على P45 مخطّطٌ للقسم رسمه علاءٌ في جلسة استماع سابقة.

تذكّر P45 أنّ قسم الجراحة بدا كما في المخطط، خلا أنّ غرفتين للأطباء كانتا في الممر المقابل. ومع ذلك، تذكّر أنّ الممر أُغلق في وجه الموظفين المدنيين في النصف الثاني من عام 2011، وكان المرضى يُعتقلون هناك ويعذّبون. واستحضر أنّ غرفة الأطباء نُقلت إلى مبنى آخر، لأن الأطباء المدنيين لم يَعُد بإمكانهم الوصولُ إلى قسم الجراحة. وردًّا على سؤال القاضي رودِه، ذكر الشاهدُ أنّ هذا التغيير حدث في غضون أيام قليلة، في النصف الثاني من عام 2011. ولم يتذكر P45 كم طال بعدها استخدامُه سجنًا.

قال الشاهد للقضاة إنّ هناك مقطع فيديو لقسم الجراحة الذي كان يُستخدم سجنًا. فأجاب القاضي كولر أنّ هذا الفيديو هو بالضبط ما أرادوا مناقشته مع الشاهد. عُرض الفيديو على الشاهد وعلى الشاشات للجمهور. وأظهر الفيديو مرضى عراةً مقيّدين بالأغلال إلى الأسِرّة، تغطيهم جزئيًّا بطانياتٌ، وتبدو على صدورهم علاماتٌ واضحة. توسل الشاهد إلى القضاة أن يوقفوا الفيديو، وقال إنه يعرفه. أراد القضاة مناقشة لقطةَ شاشة من الفيديو. توقف حاسبُ القاضي رودِه المحمول عن العمل ولم يتمكن من بثّ الفيديو. ولأن التأثُّرَ بدا جليًّا على الشاهد، اقترح القاضي كولر أن يأخذ استراحة ريثما تَحُلُّ المحكمةُ مشاكلَها التقنية.

بعد ذلك، عرض القاضي رودِه على P45أربع ثوانٍ من الفيديو، تَظهَر فيها طاولةٌ على الجانب وعليها شيئان طلب القاضي رودِه من P45 وصفَهما. قال الشاهد إنهما كانا سِلكَي كهرباء، وأخبر القضاةَ أنّ السّلكَين كانا يُلَفّان حول أصابع قدمَي المعتقل، ويوصلان بالكهرباء، ثم يَصُبّ الجلادون الماءَ عليه.

قال P45 إنه لم يَرَ أشخاصًا يُعذَّبون بأسلاك الكهرباء هذه، غير أنه سمع صراخًا من جهة قسم الجراحة، حوالي الساعة الثامنة مساءً في معظم الأحيان. ورأى آثارًا على أجساد الأشخاص، لأنهم كانوا عراةً ولا تغطيهم البطانياتُ كليّا. وأشار الشاهد إلى إمكانية رؤية معتقل مبتور اليد اليمنى في أحد أجزاء الفيديو. ووصف كيف كان المعتقلون مصفَّدين إلى الأسِرّة بسلاسل صدئة. ولفت انتباهَ القضاة إلى أكياس البول الملأى التي يمكن رؤيتها في الفيديو. وأوضح أنها يجب أن تكون فارغة حتى يخرج البول من الجسم، ولكنها أُبقيت ملأى عمدًا لفجع المعتقلين بالآلام. وأوضح أنّ البول كان داكنًا وثخينًا للغاية، وهذا يعني أنّ المعتقلين لم يُعطَوا ما يكفي من الماء وكان عندهم تلفٌ في الأنسجة، فأفضى ذلك إلى فشل كلوي. وقال إنّ المعتقلين كانوا معصوبي الأعين، وأصيبوا بتقرحات على ظهورهم لعجزهم عن الحركة. ووصف P45 أنّ المعتقلين كابدوا أيامًا عديدة وعوملوا معاملةً غير إنسانية. وأخبر P45 القضاةَ أنه كلّما هلَك أحد الجنود، ألقى أنصارُ النظام باللائمة على المعتقلين وعذّبوهم ثأرًا ونِقْمة.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

سأل القاضي رودِه الشاهدَ عمّا إذا شهد شجارًا بين علاء وطبيب أو ممرض آخر، فنفى الشاهد ذلك. عُرضت صورة للشاهد وعلى الشاشات للجمهور. [ملاحظة: كانت صورةً لـ[حُجب الاسم] من مقابلة له على الإنترنت.] ردّ الشاهد بأنه يعرف أنّ الشخص الظاهر في الصورة كان طبيبًا في مشفى حمص العسكري، ولكنه لا يتذكر حدوث شجارًا بينه وبين علاء. وتذكّر أنّ الشخص الظاهر في الصورة لم يشارك في تعذيب المرضى، ولم يتذكر الشاهد اسمه. بيّن القاضي رودِه أنّ هذا الشخص هو [حُجب الاسم]. فأجاب الشاهد أنه سمع هذا الاسم، ولكنه لم يتذكر إن كان هو الشخصَ في الصورة. سأل القاضي رودِه عن ديانة ذلك الشخص، فقال الشاهد إنه لا يعرف، ولكن إذا كان اسمه [حُجب الاسم]، فقد يَفترض أنه ليس مسيحيّا. أراد القاضي رودِه معرفة ما إذا كان في المشفى أطباءُ سُنّة متشددون جدًّا حيال الممارسات الدينية، وضرب رودِه اتباعَ قواعدِ شهرِ رمضانَ مثالًا. فأجاب P45أنه لا يعرف.

***

[استراحة لخمس دقائق]

***

طُلب من الدفاع أن يشرع في استجواب الشاهد. وصَونًا لهوية الشاهد، اقترح القاضي كولر أن تجري العملية كما يلي: يمكن لمحامي الدفاع إثارةُ أسئلتهم، فينظر القاضي كولر إذا كان في السؤال مخاطرةٌ بالكشف عن هوية الشاهد. ولن يترجمَ المترجمُ الشفوي للشاهد السؤالَ إلى اللغة العربية، إلّا إذا عَدّ كولر أنّ الإجابة عنه خاليةٌ من المخاطر.

بدايةً، سأل محامي الدفاع العجي عما إذا كانت القائمة التي تحدث عنها الشاهدُ في الأيام الآنفة قائمةً مكتوبة أم ذهنية ومتى بدأها. فأجاب الشاهد بأنها كانت قائمة مكتوبة، ولكنها لم تكن في حوزته بألمانيا، وشرع في تدوين القائمة عندما بدأ تعذيبُ المرضى في منتصف عام 2011تقريبًا. وإذا لم يعرف اسمَ شخص كان يعذب الناس، كان يتحرّى اسمَه ويدوّنه في القائمة. ثم سأل العجي عمّا إذا تواصل الشاهدُ مع لجنة العدالة والمساءلة الدولية (CIJA)، فقال الشاهد إنه لا يعرف ما تلك.

ثم أثار محامي الدفاع بون أسئلتَه التي حِيلَ دون جُلِّها، لأنها قد تكشف هويةَ الشاهد. بَيْدَ أنّ المحكمةَ سمحت بسؤال حول واقعة حرق الصبي. سأل بون عمّا إذا رأى P45 نارًا حقَّا أم مجرد وهجها. فقال الشاهد إنه رأى جزءًا من النار من طرف علاء الأيمن. أراد بون أن يعرف الذين حدّثهم الشاهدُ عن الواقعة، فأوضح الشاهد أنه أخبر عائلته، والصحفي في عام 2011، ومكتبَ الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني. وسُمح لبون بالسؤال عن المشفى الميداني الذي ساعد الشاهدُ فيه، فأوضح الشاهدُ أنه كان غرفة لا غير، يديرها رجلٌ مسن، وكانوا يساعدون الجميع هناك، جنودًا ومدنيين.

فيما تبقّى من وقت، سأل القاضي رودِه الشاهدَ عما يعرفه عن الجثث المخزنة في المشفى. أفاد الشاهد بأنه لم يَرَ أيًّا منها، ولكنه سمع أنّ هناك عددًا هائلًا من الجثث في حمص، ليس في المشفى فحسب، بل في جميع أنحاء المدينة. وترنّح حالُ العائلات بين جهلٍ بما حلّ بأقاربها ومنعٍ من استلام الجثث إلّا إذا وقّعت على وثائق تفيد بأن الشخص توفي لأسباب طبيعية، حتى ولو كانت الجثة بلا رأس. وتوجّب على العائلات أحيانًا دفعُ المال للسلطات لاستلام جثث ذويها.

في ختام ثاني أطول جلسات محاكمة فرانكفورت، صُرف الشاهد. وإجمالًا، استُجوب P45 على مدار يومين ونصف، كلها في أسبوع واحد.

رُفِعت الجلسة في الساعة 5:25عصرًا.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 23تموز / يوليو 2024، في العاشرة صباحًا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.