1 min read
داخل محاكمة علاء م #76: مُخْتَلَقٌ مِنَ الْعَدَم

داخل محاكمة علاء م #76: مُخْتَلَقٌ مِنَ الْعَدَم

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة السادس والسبعون

تاريخ الجلسة: 4 و 6حزيران / يونيو 2024

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة السادس والسبعون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم الثالث والرابع والثلاثين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع، مَثَل شاهدٌ جديدٌ في المحكمة. P41 هو طبيب [حُجبت المعلومة] عمل مع المتهم في مشفى المزة العسكري. بطلب من القضاة، شرح P41 الفوارق بين المشافي العسكرية والمدنية، وكيف أثّرت الاضطراباتُ في سوريا على حياته الشخصية والعملية. طُلب من P41 أن يصف كيف كان يُجلب المرضى المعتقلون إلى المشفى وكيف يُعاملون وحالتَهم وإصاباتِهم.

أخبر P41القضاةَ أنّ المعتقلين كانوا يُضربون ويُشتمون، وأنه كان يتدخّل لإيقاف ذلك كلما أراد فحصهم، وهو ما أثار استغراب القضاة الذين سمعوا من شهود آخرين أنّ ذلك كان أمرًا لا يجرؤ أحدٌ على فعله. روى P41 أين كان يوضَع المعتقلون في المشفى، وأقرّ بسماعه عن حالات وفاة بينهم. وقال إنّ عناصر المخابرات هم مَن كانوا يجلبون المعتقلين إلى المشفى.

حينما سأله القضاةُ إن بدّل بعضُ زملائه مكان عملهم من المشافي العسكرية، أقرّ P41 بأن زملاءه الذين فعلوا ذلك كانوا من السّنة، ولكنه أضاف أنه لم يلاحظ أنهم كانوا يتعرضون للمشاكل ولا أنه كان يُضَيّقُ عليهم.

وفي ختام الجلسة، تمحورت أسئلة القضاة حول المتهم وما يعرفه الشاهدُ عنه. حكى P41 كيف تعرف على علاء، ووصفه بأنه كان يفرط الثقة في نفسه إلا أنه لم تكن بينهما مشاكل، بخلاف ما سمعه P41 من زملاء آخرين وصفوا علاءً بأنه كان محبًّا للتباهي ومغرورًا.

خُصّص اليوم الثاني لاستكمال استجواب P41. تذكّر الشاهد واقعة عَدَل فيها علاء عن استشارة الطبيب المختص بخصوص حالة طارئة، بل اتخذ القرار بنفسه. خلص القضاة إلى أنّ P41تخطّى صلاحياته وقتها، فأقرّهم P41 على استنتاجهم، ولكنه لم يتذكر أي أحداث أخرى تجسّد حُكمه على علاء. وعند سؤاله عن موقف علاء المؤيد للنظام، نفى P41 أن يكون قد سمع شيئا محددا، ولكنه استشفّ ذلك من تصريحات علاء المباشرة وغير المباشرة. وروى الشاهد أيضا أن علاء أُصيب إصابةً، ولكن وقتها بدقة ظلّ مبهمًا.

شهد P41أنه لم ير علاءً مرة أخرى في ألمانيا ولم يكن بينهما أي تواصل، إذ كان آخر لقاء لهما في حفل زفاف في عام 2015. وعلم بالادعاءات ضد علاء في مجموعة على فيسبوك تسمى «الأطباء السوريون في ألمانيا» حيث نُشر تحقيق دير شبيجل. وردًّا على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الاتهامات صحيحة، أجاب: «بصراحة، اعتقدت أنها مختلقة من العدم». استفسر القضاة عن الأسباب التي جعلته يعتقد ذلك، ولكن الشاهد لم يستطع تقديم تفاصيل حول كيفية تعامل علاء مع المرضى لأنهما غالبا ما كانا يعملان بشكل مستقل. قال P41إنه لم يسمع عن إرسال علاء في مهمات خارجية، وجزم نافيًا ادعاء أنّه كان يُسمح للأطباء المدنيين بذلك. ونفى أنه سمع عن أي نزاع بين علاء وزميل له حينما كانا في حمص. ونفى كذلك معرفته بأن علاء طُلب منه العمل في مشفى ميداني، ونفى علمه بأن علاء كان لديه أساليب «غير تقليدية» في العلاج.

أراد محامي المدّعين بانز معرفة ما في وسع الشاهد أن يخبر المحكمة عنه بخصوص القسم 40، ولكن كشف أخذٌ وردٌّ أنه ليس في جُعبة الشاهد أي معلومات عنه، وأنه عالج المرضى الذين جُلبوا من الفرع كأيّ مريض آخر قبل أن يُنقلوا مجدّدًا. أثار علاءٌ عدة أسئلة تتعلق بمجموعة الفيسبوك وبعض الأشخاص، وعلى رأسها ما إذا كان هناك صلة قرابة تجمع شخصين معيّنين لهما اسم العائلة نفسه، وهو ما نفاه الشاهد بسبب اختلاف ديانتهما. وبخصوص تساؤل عما إذا كان الزواج المختلط بين المسلمين والمسيحيين في سوريا ممنوعا، رُفعت الجلسة مع إشارةٍ إلى إمكانية استدعاء عالم أعراق.

اليوم الثالث والثلاثون بعد المئة - 4  حزيران / يونيو 2024

في جلسة اليوم، مَثَل شاهدٌ جديدٌ في المحكمة. [حُجب الاسم]، P41، هو طبيب جراحة عامة يبلغ من العمر تسعة وثلاثين عامًا. وُلد في [حُجب المكان] وترعرع فيها، وهناك ارتاد المدرسة حتى عام [حُجب الزمان]، ودرس الطب فيها حتى تخرج في [حُجب الزمان]. ثم باشر اختصاصه الطبي في مشفى المزة العسكرية في [حُجب الزمان] وأنهاه في [حُجب الزمان]. وتخلل تلك الفترةَ تناوباتٌ إلى مشافٍ أخرى كمشفى في [حُجب المكان] في [حُجب الزمان]، وفي مشفى تشرين العسكري [حُجب الزمان]. ثم غَشِيَ ألمانيا في [حُجب الزمان] بتأشيرة بحث عن عمل، وعمل في مشفى بتصريح عمل مؤقت إلى أن أُغلق المشفى لأسباب مالية. ولمّا عرف القضاةُ أنه لم يكن يمتلك تصريح مزاولة المهنة الطبية في ألمانيا، تساءلوا كيف سُمح له العملُ فيها، فوضّح لهم P41 أنه يمكن العمل بتصريح العمل المؤقت بشروط معينة.

ظهر الشاهد بصورة دفاعية للغاية كلما سُئل عن ظروف عمله. ورغم أنّ القضاة طلبوا في أول الجلسة وغير مرة خلالها أن يُدلي بشهادته باللغة العربية، ظل الشاهد يبدّل بين اللغة الألمانية والعربية، وتحتّم على القضاة مرارًا أن يطلبوا منه الرجوع إلى العربية مرة أخرى كلما عَصِيَ عليهم فهمُه. في كثير من الأحيان، أجاب الشاهد عن أسئلة لم يسألها القضاةُ بسبب لَبس في فهم السؤال، وتعيّن على المترجم الفوري أن يوضّح له تلك الأسئلة.

طلب منه رئيسُ المحكمة كولر أن يشرح الفوارق بين مهام المشافي العسكرية والمدنية، فوضّح P41أنّ عقده في المشفى العسكري كان عقدَ طبيب مدني، وأنه لا تطوّع في الجيش ولا علاقة له به، وأنّ عقده انتهى بانتهاء اختصاصه، وأنّ كان تابعًا لوزارة الصحة لا الدفاع. فأخبره القاضي كولر أنّ ذلك لَم يكن سؤالَه وأعاد له السؤال، فأجاب P41بأن المشافيَ العسكرية تختصّ بعلاج أفراد الجيش والضباط وعائلاتهم، أما المدنيةُ فمسؤولةٌ عن كافة أفراد الشعب. أراد كولر أن يوضّح له P41التراتبية بين الأطباء في المشافي العسكرية، فبيّن له P41أنّ السلطة كانت بالتأكيد في يد الأطباء العسكريين الذين استحوذوا على المناصب العليا، أما الأطباءُ المدنيون فكانوا أطباء مقيمين فحسب.

أشار القاضي كولر إلى أنّ الاضطرابات بدأت في سوريا عام 2011 وأراد أن يعرف كيف أثّرت على حياة P41 الشخصية والمهنية. أوضح P41أنّ الأوضاع في دمشق كانت هادئة نسبيا في أول الاضطرابات مقارنة بالمناطق الساخنة الأخرى، وكان الأطباء مجبرين على العمل 15مناوبة شهريا، وكانت المشافي العسكرية مسؤولة أكثر عن المصابين العسكريين بينما أُرسل المدنيون للعلاج في المشافي المدنية. سأل كولر عن أنواع الإصابات التي كانت تَفِدُ إلى المشفى، فأجاب P41 بأنها تراوحت بين عيارات نارية وحروق وشظايا قذائف وطعنات سكاكين أحيانا.

تساءل القاضي كولر إن كان هناك مرضى مدنيون في المشافي العسكرية، فردّ P41 بأن قواتٍ عسكريةً كانت تجلب بعض المصابين المدنيين [حُجبت المعلومة]. أراد كولر أن يعرف أين كان يوضع أولئك المرضى، وبعد شيء من اللَّبس في فهم السؤال وضّحَهُ المترجم الفوري للشاهد، بيّن P41أنّ المرضى كانوا في قسم خاص في [حُجبت المعلومة]. أراد كولر أن يعرف تفاصيل أكثر عن حالة المعتقلين، فقال P41 إنهم كانوا ضعافَ الأجساد نُحّلًا ومنهكين. وبعد أن ذكّره القضاة بما أفاد به للشرطة، أقرّ P41أنه رأى المعتقلين [حُجبت المعلومة] مرة أو اثنتين. فعاود القضاة اقتباس أقواله من محضر استجواب الشرطة الذي أفاد فيه P41 أنّ المعتقلين غالبًا [مشدّدا على «غالبًا»] ما كانوا [حُجبت المعلومة]، فردّ P41 بأنهم غالبًا ما كانوا كذلك، ولكن في قسم [حُجبت المعلومة]، وبأن الأطباء العسكريين هم من كانوا يحددون من كان ينبغي إرسالُه إلى القسم، ولذلك لم يصل من المعتقلين [حُجبت المعلومة] إلى القسم إلّا قليل. فقال القاضي كولر «آها.. إذًا كان الأمرُ كذلك..» وتنهّد كولر محبطًا على ما يبدو لأنه اضطر إلى اقتباس محضر الشرطة عدة مرات بسبب إجابات الشاهد المبتورة، ثم ذكّره بواجبه بأن يجيب عن الأسئلة بإجابات كاملة.

أراد رئيس المحكمة أن يعرف ما إذا عالج P41المرضى المعتقلين وكيف عالجهم. أقرّ P41 بأنه فحص بعضهم، ولكن إزالةَ [حُجبت المعلومة] كان أمرًا لم تسمح به إدارة المشفى ولا الأطباءُ المسؤولون عن أولئك المعتقلين. أنكر P41 وجود حرس أو عناصر مخابرات حين فحصِ المرضى. أراد القضاةُ أن يعرفوا كيف كان يُعامَلُ المعتقلون، فردّ P41بأنه لم يكن مثاليًّا، إذ كان البناءُ قديمًا، وعددُ المرضى في الغرفة الواحدة كثيرًا، والتعقيمُ شحيحًا ضنينًا. وفيما يتعلّق بإساءة معاملة المرضى المعتقلين، أخبر P41 القضاةَ أنَ العسكريين كانوا يشتمون ويضربون المعتقلين الذين كانوا يجلبونهم إلى المشفى، وأنكر أنّ موظفي المشفى شاركوا في ذلك.

تساءل القاضي رودِه إن تدخّل P41حينما كان المرضى يُضربون، فأكّد P41 أنه فعل وطلب من العسكريين التوقف، ونجح في ذلك بصعوبة إذ كان عليه أن يُهدّأهم، وفقًا لما ذكر الشاهد. أراد رودِه أن يعرف لِمَ كان يضرب العسكريون المرضى، فردّ P41 بأنه كانت بين الطرفين أحقادٌ بسبب إطلاق النار والإصابات التي تسبب بعضهم فيها إلى بعض، إذ كانوا أفرادًا متخاصمين؛ أطراف نزاع. وعندما استوضحه القضاة، قال P41إنه تدخّل وطلب وقف الضرب مرة أو اثنتين. تساءل رودِه إن كان لذلك تبعاتٌ على P41وإن فعل ذلك غيرُه، فنوّه P41 بأنه طبيبًا عليه أن يفحص المرضى ويعالجهم، فذلك واجبه. وأضاف بأنه كان حذرًا في تلك المواقف لكيلا يثير المشاكل، وأنه سمع بالتأكيد من أطباء آخرين أنهم تدخلوا لإيقاف الضرب كذلك. أبدى القضاةُ استغرابًا وأشاروا إلى أنهم سمعوا شهادات شهودٍ كُثُرٍ عن التعامل في مشفى المزة وتشكّل لديهم انطباعٌ بأن تدخلًا كهذا كان صعبًا للغاية وقد يودي إلى اعتقال الطبيب، ولذلك أراد رودِه أن يعرف أسماء أولئك الزملاء. لم يتذكر P41إلا واحدًا يدعى [حُجب الاسم]، وكان مسيحيا ولكنه في سوريا لا في ألمانيا. وبعدما استوثق رودِه من أنّ P41 كان مسيحيا أرثوذكسيا، سأل عن ديانة الأطباء الآخرين الذين تدخلوا لإيقاف الضرب، فقال P41 إنهم كانوا من ديانات مختلفة.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

بعد العودة من الاستراحة، أراد رئيسُ المحكمة كولر أن يعرف ما إذا رأى P41 آثارًا لإساءة معاملة المرضى على أجسادهم أو سمع عنها. ولمّا أنكر P41، اقتبس له كولر من محضر الشرطة قولَه إنّ الرضوضَ التي كانت على أجساد المرضى لم يكن لها تفسيرٌ سوى أنها كانت ناجمةً عن التعذيب. فأقرّ P41 بذلك وأضاف أنه لا يستطيعُ أن يحدّد إن كان الضربُ باليد أم باستخدام أدوات، وأنه سمع المرضى يُشتمون بصوت عالٍ وبعضهم كان يتأوّه على أسرّة مجاورة للمريض الذي كان يفحصه، ولكنه لم يكن يعرف ما إذا كانت التأوُّهاتُ والصراخُ بسبب الضرب أو آلام طبية. تساءل كولر كيف تجاهل P41إلقاء نظرة على المريض المجاور ليتأكد من أنه كان على ما يُرام، فردّ P41بأن الأطباء لم يتمكنوا من الإحاطة بجميع المرضى إذ كان عددهم كثيرًا، وأنّ هناك ممرضين يعتنون بالمرضى الآخرين، وأنها كانت حالاتٍ فرديةً لم تحدث بانتظام. فردّ كولر بأن هذا أمرٌ فادحٌ وإن كانت حالاتٍ فردية.

أشار القاضي رودِه إلى أنّ P41 وضّح بأن المعتقلين كانوا يوضَعون في [حُجبت المعلومة] وتساءل إن كانت ثَمّةَ أماكنُ أخرى يودَعون فيها. أجاب P41بأن هناك قسمًا آخر مخصّصًا للمعتقلين في [حُجبت المعلومة] وكانت عليه حراسة عسكرية، ويعتقد P41 أنّ المرضى وُضعوا فيه بعد أن أُجريَت لهم عملياتٌ جراحيةٌ كبيرةٌ أو لضرورات أمنية. وعندما استفسر رودِه عما عناه P41بقوله هذا، وضّح الشاهد أن الموضوع كان أمنيا أو عسكريا ويتعلق بالتحقيقات [مع أولئك المعتقلين تحديدًا]. وأضاف P41 أنَ دخول ذلك القسم كان حِكرًا على الأطباء العسكريين، ورغم أنّ دخول الأطباء المدنيين كان نادرًا، إلا أنه دخله مرةً واحدة.

بعد ذلك، أراد القاضي رودِه أن يعرف ما إذا سمع P41 عن حالات وفاة في المشفى. فأقرّ P41 بأنه سمع من زملائه بأن [بعض] المرضى الذين عالجوهم توفوا لاحقًا. وردًّا على سؤال آخر، لم يعرف P41 إن كان هناك ما يدلّل على وجود موتى، فرغم أنّ هناك رائحة [كريهة] استشرت في المشفى إلّا أنه لم يتمكن من تحديد ما إذا كانت رائحة جثث، ولم يكن يعرف أين يُحتفظ بالجثث إذ كانوا [أي الأطباء المدنيون] غيرَ مسؤولين عنهم.

تساءل القاضي رودِه عما إذا تحدث P41 مع زملائه عن المعتقلين، فنفى P41 ذلك وقال إنّ ذلك لم يكن مسموحًا خلا الحديث مع الطبيب العسكري المسؤول عنهم. وعندما سأل رودِه عن العواقب التي يخشاها P41 إن تحدث عنهم، أجاب P41 بأن لديه عائلة في سوريا ولم يُرد أن يخاطر بهم. فذكّره كولر بأنه أخبر القضاة سابقًا أنه لم يكن مهددًا، فأقر P41 بذلك، ولكنه أضاف أنه كان يخشى عليهم رغم ذلك.

***

[استراحة لستين دقيقة]

***

بعد الاستراحة، أراد القاضي رودِه أن يعرف كيف كان يُنقل المعتقلون إلى المشفى ومن كان يجلبهم. بيّن P41أنّ المعتقلين كانوا يُنقلون في مكروباصات، يجلبهم إلى قسم الطوارئ عناصر المخابرات [حُجبت المعلومة]. لم يتذكر P41 أرقامَ أفرع المخابرات التي ينتمي إليها العناصر، فذكّره القضاة بأنه أفاد إلى الشرطة أنه كان القسم 40.

انتقل القاضي رودِه للسؤال عن أطباء مدنيين بدّلوا مكان عملهم من مشفى المزة إلى مشافٍ أخرى مدنية، وأراد أن يعرف السبب الذي دفعهم إلى ذلك. أقرّ P41 بأن ثَمّةَ أطباء فعلوا ذلك وسمع أن الأسباب كانت [حُجبت المعلومة] ضافة إلى [حُجبت المعلومة]. وعندما سأله رودِه عن ديانتهم، أجاب P41 بأنهم كانوا [حُجبت المعلومة]. تساءل القاضي رودِه إن كان الوضع صعبًا على زملائه [حُجبت المعلومة] في مشفى المزة، فردّ P41بأنه لم يلاحظ ذلك وإنما سمع كلامًا قيل مفادُه أنّ الوضع السياسي في البلد لم يكن سليمًا وأنّ التعامل يجب أن يكون غير ذلك. أراد رودِه أن يعرف إن كان [حُجبت المعلومة] يتعرضون للمشاكل أو كانوا معزولين في المشفى، فنفى P41ذلك وقال إنه لم يشعر بذلك بصورة تامّة. فسأله رودِه: «طيّب، وبصورة غير تامّة؟» فردّ P41 بأنه لم يكن لديه مشاكل معهم، ولكن ربما كان لدى غيره معهم.

طلب منه رودِه أسماء زملائه الذين كانوا معه في القسم، فذكر P41 [حُجبت الأسماء]. ثم أشار رودِه إلى أنّ P41مسيحيًّا وأراد أن يعرف إن كان يتواصل مع أطباء مسيحيين آخرين كـ P38، وP26، وP28، وP36، وP40، فوضّح P41 أنّ العلاقة بينهم كان حصرًا في العمل، وأنّ صديقيه كانا [حُجبت الأسماء] فحسب.

بعد ذلك، تطرّق القاضي كولر إلى ما يخصّ المتهم وأراد أن يعرف كيف ومتى تعرف عليه P41. قال P41إنّ زوجة عمه - التي تنحدر من قرية المتهم - أخبرته في عام 2012 عن علاء وأنه كان يعمل في مشفى المزة، وبعدها تعرّف P41على علاء في قسم الطوارئ. تساءل كولر إن كان بإمكان P41 أن يحدد أكثر وقت لقائه بعلاء، ولكن P41 لم يتمكن من ذلك. ولم يتذكر P41كثيرًا من التفاصيل الشخصية عن علاء، إذ لم يعملا معًا كثيرًا. وبالحديث عن ذلك، أراد كولر أن يعرف إن كان العمل مع علاء سارًّا، فردّ P41بأن لا مشكلة لديه مع علاء، ولكنه سمع من آخرين وجهة نظر أخرى. إذ لاحظ P41أنّ ثقة علاء بنفسه كانت مفرطةً مبالغًا فيها، ولكنه استشفّ من آخرين أنّ علاء كان مغرورًا، يحب التبجّحَ. تساءل كولر كيف استنبط P41أنّ علاء كان يبلغ في ثقته بنفسه، فقال P41 إنّ علاء كان يبالغ في ثقته الزائدة حين يتخذ قرارًا يخصّ مدى خطورة الإصابة مثلًا. رجّح كولر أنّ P41 لم يستطع التعبير بسبب العوائق اللغوية، وضرب له مثالًا امرأةً تبلغ من العمر 18 سنة، حصلت توّا على رخصة القيادة وتملك سيارة فيراري، ما لبثت أن ركبتها وتوجّهت إلى الطريق السريع تقودها بسرعة 300 كم/ساعة. قال كولر إنّ هذه المرأة ذات ثقة زائدة بنفسها. وأضاف مازحًا أنّ عمر المرأة في المثال قد يكون 40 عامًا. ثم سأل كولر الشاهدَ إن كان هناك شيءٌ استنبط منه P41 أنّ ثقة علاء بنفسه كانت مفرطة، ولكن P41 اعتذر وقال إنه لا يتذكر.

أعلن رئيسُ المحكمة انتهاء جلسة اليوم على أن تُستكمل في الجلسة اللاحقة.

رُفِعت الجلسة في الساعة 2:58بعد الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 6حزيران / يونيو 2024، في العاشرة صباحًا.

اليوم الرابع والثلاثون بعد المئة - 6  حزيران / يونيو 2024

ي يوم المحاكمة هذا، استأنف القضاة استجواب P41. وعَودًا على بَدْء، تحدث الشاهد بالألمانية معظم الوقت، ولكنه استعان مرارًا بالمترجم الفوري، السيد فراج. وظلّ P41 يُراوح بين اللغتين الألمانية والعربية طيلة الجلسة. استفتح القضاةُ باستجواب P41 حول ثقة علاء في اتخاذ قرارته التي أشار إليها الشاهدُ في نهاية الجلسة السابقة. استحضر الشاهدُ واقعةً أصرّ فيها علاء على ألّا يستشير الطبيب المختصّ أثناء حالة طارئة، بل اتّخذ القرار بنفسه. وارتضى P41الاستنباطَ الذي انتهى فيه القضاةُ إلى أنّ علاءً كان يتخطّى صلاحياته ويتعدّاها آنذاك، ولكن P41 لم يتذكر أي أحداث أخرى تجسّد أمثلة على حكمه على علاء. وعجز الشاهد عند استجوابه عن تقديم تفاصيل محددة عن سبب وسمه علاءً بأنه مؤيد للنظام من باب أولى - مثلما أدلى في شهادته خلال الجلسة السابقة - وإنما استنبط موقفَ علاءٍ من الأحاديث العامة فحسب. نفى P41 أن يكون قد سمع شيئًا معيّنًا، ولكنه استنبط ذلك مما صرّح به علاء أو ضمّنه في حديثه. ونفى أن يكون قد سمع علاءً يندد بالمتظاهرين، إلّا أنّ P41ذكر شخصًا يُدعى [حُجب الاسم] تحدّث حول متاعب العمل مع علاء، ولكن الشاهد لم يتمكن من تقديم تفاصيل محددة حول هذه الذكرى، موضحًا أنه لم يتوسّع في التحري، واعتذر لأن هذه الأحداث وقعت منذ أكثر من 12عامًا وهو ما تفهّمَهُ القضاة. وبعد مزيد من الاستجواب، روى الشاهد أنّ علاءً أُصيب إصابةً ربطها بالوقت الذي كان الشاهد يعمل فيه في مشفى تشرين في منتصف عام 2013وعاد فيه إلى مزة 601. وخلص إلى أنّ الإصابة لا بدّ أنها أحاقت بعلاء في نهاية [حُجب الزمان]. وبخصوص احتمالية أن يكون ذلك قد وقع في نهاية عام [حُجب الزمان]، قال P41 إن هذا الاحتمال واردٌ، إلّا أنّ ما ذكر أعلاه هو ما في ذاكرته الذي ربطه بعودته إلى مزة 601 في منتصف عام 2013. وردًّا على أسئلة القضاة، قال P41 إنه لا يتذكر أنه رأى علاءً في المزة مجدّدًا بعد عودته، إذ كانت المرة الأخيرة في حفل زفاف عام 2015، وهو ما تباحثه الشاهدُ مع والديه بين جلستي المحاكمة. ولم ير علاءً مرة أخرى في ألمانيا ولم يكن بينهما أي تواصل.

أراد القضاة أن يعرفوا كيف علم P41بالادعاءات ضد علاء، فوضّح أنه سمع عنها عن طريق مجموعة على فيسبوك تدعى «الأطباء السوريون في ألمانيا» حيث نُشر التحقيق الذي أجرته دير شبيجل. ولم يتذكّر ما إذا علّق أحدهم على المنشور في المجموعة، ولكنه قال باحتمالية كون أحد الأعضاء المشرفَ الذي أدار التعليقات، أي أنه حظر إمكانية أن تعلّق المجموعة [على المنشور] درءًا للمشاكل. وردًا على سؤال حول رأيه الشخصي حول حقيقة الاتهامات، قال P41إنه لا يتذكر. وعندما سُئل عمّا إذا كان غير مبالٍ، أجاب P41بأنه لم يلاحظ أي شيء ليس إلّا. وعندما سأله القاضي رودِه عمّا إذا كان لديه أي مؤشرات تشير إلى صحة الاتهامات أو ما إذا كان يعتقد أنها مختلقة من العدم، أجاب الشاهد: «بصراحة، اعتقدت أنها مختلقة من العدم». استفسر القضاة عن الأسباب التي جعلته يعتقد ذلك، ولكن الشاهد عجز عن تقديم تفاصيل حول كيفية تعامل علاء مع المرضى، لأنهما كانا يعملان في كثير من الأحيان كُلًّا على حدة. ووفقًا للشاهد، حينما كانا يعملان معًا في قسم الطوارئ، كان عملُ علاء طبيعيًّا ولم يبالغ ويغالي خلا مرة واحدة أوضحها الشاهد.

بعد ذلك، أراد القضاة معرفة ما إذا كان الشاهد على علم بمهمات خارجية. قال P41 إنه لم يسمع عن ابتعاث علاء في مهمات خارجية، ونفى جازمًا الادعاءَ بأن الأطباء المدنيين كان يُسمح لهم بذلك. ونفى أنه سمع عن أي نزاع بين علاء وزميل له حينما كانا في حمص. وعند استجوابه، نفى الشاهدُ معرفته بأن علاءً طُلب منه أن يعمل في مشفى ميداني، ونفى علمه بأن علاءً كان يمتلك أساليبَ «غير تقليدية» للعلاج. وبعد هذه الأسئلة المعتادة التي سُئل عنا جميع الشهود حتى الآن، أعلن القضاةُ عن استراحة للنقاش قبل إعطاء الكلمة لأطراف القضية.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

عند العودة من الاستراحة، طلبت القاضية كريفالد من الشاهد أن يبيّن في أي سنين الاختصاص كان هو وعلاء. افترض P41أنهما كانا في نفس السنة، ونفى وجود تراتبية بينهما وقتَ الواقعة المتعلقة بالصلاحيات. أوضح P41 أنه كان من واجب علاء - رغم ذلك - أن يستشير الطبيب المختص، ولكن الأمر كان يتعلق عمومًا بتباينٍ بين رأيه ورأي علاء. ثم أراد القاضي رودِه أن يعرف ما إذا أدّى P41 الخدمة العسكرية الإلزامية، وهو ما نفاه الشاهد موضحًا أنه ظلّ يأجّلُها أثناء دراسة الطب والاختصاص. وأوضح أنه تحتّم عليه أن يقدّم إثباتًا من الجهة الطبية المعنية كل عام تقريبًا في شهر [حُجب الزمان] والذي كان يُقَدَّم إلى السلطات ويُدَوَّن في دفتر العسكرية. ووفقًا للشاهد، لم تُدَوَّن تفاصيلُ التناوبات بين المشافي في الدفتر، وإنّما أنّ التدريبَ الطبي كان لا يزال مستمرًّا. لم يكن لدى القضاة مزيدٌ من الأسئلة، فأعلنوا عن استراحة قصيرة لاحتساء القهوة قبل أن يثير الأطرافُ أسئلتَهم.

***

[استراحة لثلاثين دقيقة]

***

اعتذر القاضي كولر عن التأخير وسأل المدعيتَين العامتَين إن كان لديهما أسئلة، فنفتا ذلك. أقرّ محامي المدّعين بانز بأنه نادرًا ما يكون لديه أي أسئلة، ولكنه كان مهتما بمعرفة ما إذا كان P41يعلم ما حلّ بالمرضى الذين جلبهم إلى المشفى القسمُ 40التابع للمخابرات العسكرية. أجاب الشاهد بأنه لا يتذكر شيئًا عن القسم 40. فلفت بانز الانتباه إلى سمعة القسم الشّائنة، ولكن الشاهد لم يتذكر شيئًا محدّدًا سوى أن للفروع أرقاما. استمر بانز  في سؤاله عما يعرفه عن القسم 40، فروى الشاهد أن الممرضين أخبروا الأطباء عن الفروع التي يصل منها المرضى. واستفسر بانز عمّا إذا كانت ثَمّة عواقبُ معيّنة - لعلاج المرضى مثلًا - تترتّب على الفرع الذي يُجلبون منه، ولكن الشاهد نفى ذلك. لم يتذكّر P41فيما يتعلق بالقسم 40 إلّا أنَ طبيبًا مختصًّا كان يرافق المرضى وكان مسؤولًا عن عمليات التسليم. ووفقًا لما ذكره P41، لم يُسمح له ولا لزملائه بالتحدث إلّا مع هذا الطبيب وكانوا يعالجون المرضى في المشفى الذي يعملون فيه إلى أن يُنقل المرضى منه. وردًّا على سؤال المحامي بانز، افترض الشاهد أن مهام الأمن والحراسة في المشفى كانت مسؤولية الجنود، لا عناصر المخابرات.

لم يكن لدى محامي الدفاع أسئلة، إلّا علاءً الذي أثار عدة أسئلة تتعلّق بمجموعة فيسبوك وبعض الأشخاص. أراد علاء أن يعرف عدد أعضاء مجموعة «الأطباء السوريون في ألمانيا»، والذي قدّره الشاهد بأكثر من [حُجبت المعلومة]، مبيّنًا أنّ العديد منهم لا يزالون في سوريا. واستفسر علاء من الشاهد عن رئيس مشفى المزة، [حُجب الاسم]، وصديق الشاهد، [حُجب الاسم]، اللذين لديهما نفس اسم العائلة. أراد علاء أن يعرف ما إذا كانا أقارب. بعدما نوّه الشاهدُ على أنّ [حُجب الاسم] كان مسلمًا و[حُجب الاسم] كان مسيحيا من [حُجب المكان]، استبعد P41 أي صلة قرابة بينهما. فقال علاء، «بالضبط، شكرًا لك، لا مزيد من الأسئلة».

بعدما صُرف الشاهد، أراد المحامي إندريس أن يعرف ما إذا كان «الزواج المختلط» بين المسيحيين والمسلمين محظورًا في سوريا، وما إذا كان بإمكان المحكمة أن تسأل المترجمَ الفوري السيد فرّاجًا بحُكم خبرته. أقرّ رئيس المحكمة بأن هذا السؤالَ سيكون مثيرًا للاهتمام، وأشار على المحامي إندريس أن يقدّم طلبًا يحثّ المحكمة على أخذ أدلة معيّنة [يسمى بالألمانية Beweisanregung]. وأوضح كولر أنه لا يمكن للمحكمة من الناحية الإجرائية أن ترجع إلى السيد فرّاج بصفته خبيرًا، لأنه أدى اليمين بصفته مترجمًا فوريًا، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، خلص كولر إلى أنه هذا يجب أن يستكشفه ويَسْبِرَه عالمُ أعراق على سبيل المثال.

رُفِعت الجلسة في الساعة 12:15بعد الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 10حزيران / يونيو 2024، في العاشرة صباحًا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.