1 min read
داخل محاكمة علاء م #75: روحُ مَسيحِيّ

داخل محاكمة علاء م #75: روحُ مَسيحِيّ

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الخامس والسبعون

تاريخ الجلسة: 27 و 28أيار / مايو 2024

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة الخامس والسبعون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم الحادي والثاني والثلاثين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. في يوم المحاكمة الأول هذا الأسبوع، مَثَل شاهدٌ جديدٌ في المحكمة. قال الشاهدُ P40 إنّ بيئة العمل في مشفى المزة كانت غير مريحة يسودها الرعب. عندما سُئل عن رأيه في نظام الأسد، صرّح بأنه ضد الأنظمة الدكتاتورية، ولكن كلَّ كلماته محسوبة عليه ولا يرغب في أن يفقد ميزة السفر إلى بلده. قال P40 إن السنّة وغير العلويين كانوا يُنظر إليهم بريبة ومراقبين من الأطباء العسكريين، واختفى بعضهم فإما خُطفوا وإما حدث لهم مكروه.

وصف الشاهد الأوضاع السيئة للمرضى المعتقلين ونوع الإصابات التي كانت عليهم. وسمع أن هؤﻻء المرضى تعرضوا للضرب والتعذيب. وضح الشاهدُ أن صراخ المرضى كان مسموعًا في المشفى، ولكنه لم يجزم ما إذا كان نتيجة للضرب، وسمع عن حالات وفات بين المعتقلين وتخزين جثثهم، ولكنه لم يجزم أيضا بوجود رائحة جثث في المشفى. سُئل الشاهدُ عن زملاء آخرين وعن علاء تحديدًا. قال الشاهدُ إنّ علاء لم يكن معارضًا للأسد وإنّ مظهره الروحي يوحي بذلك.

في الجلسة الثانية هذا الأسبوع، استُؤنف استجواب P40. استفاض القضاة أكثر في السؤال عن علاء وإصابته. وتعجبوا حين أخبرهم أنه لا يتذكر أنه أجرى عمليةَ جراحيةً لإصابة علاء رغم أنّ P36 أخبرهم بخلاف ذلك. سُئل الشاهدُ عن زملاء آخرين في مشفى المزة، والمناوبات فيه، وعن الخدمة العسكرية الإلزامية.

ملاحظة: لم تنته المحكمة بَعدُ من استجواب الشاهد P38. ووفقًا للقضاة، ستُستأنَف شهادة P38 في 20 حزيران / يونيو 2024. ونظرًا لسياسة المركز السوري للعدالة والمساءلة التي تتجنب كشفَ معلوماتٍ من شهادات الشهود الذين لم يُصرفوا بَعدُ، سيُمسك المركز عن نشر تقرير المحاكمة رقم 74إلى أن ينتهي P38 من شهادته.

اليوم الحادي والثلاثون بعد المئة - 27أيار / مايو 2024

في جلسة اليوم، مَثَل شاهدٌ جديدٌ في المحكمة. [حُجب الاسم] هو طبيب عظام يبلغ من العمر أربعين عامًا. وُلد وترعرع ودرس في [حُجب المكان]. وفيما يتعلق باختصاصه الطبي، وضّح P40 أنّ خياراته عقب إنهاء دراسة الطب اقتصرت على ثلاثة: فإما المشافي الجامعية (ولكن درجاته لم تكن كافية)، وإما مشافي وزارة الصحة (ولكنه قد يستغرق وقتًا أطول للتسجيل فيها)، وإما المشافي العسكرية وهي ما استقرّ عليه. كثيرًا ما ردد P40 طيلة شهادته أنه كان يحاول القيام بواجبه الطبي ما أمكن، وأنّ معظم عمله كان في غرف العمليات، وأنّ بيئة العمل كانت غير مريحة ويسودها الرعب. وظهر الشاهد بصورة دفاعية للغاية كلما سُئل عن ظروف عمله. ورغم أنّ القضاة طلبوا من غير مرة أن يُدلي بشهادته باللغة العربية، ظل الشاهد يبدّل إلى اللغة الألمانية، وتحتّم على القضاة مرارًا أن يطلبوا منه الرجوع إلى العربية مرة أخرى كلما عَصِيَ عليهم فهمُه.

سرد P40 الأماكن التي أدى فيها اختصاصه الطبي وأين ارتحل بعدها وصولًا إلى ألمانيا وأين عمل بها. أشار القضاةُ إلى أنّ المرء قد يكون وُلد في مكان ما وترعرع فيه إلّا أنه قد ينحدر من مكان آخر، وتساءلوا إن كانت هذه هي الحال مع P40. أقرّ P40 بذلك ووضّح أنّ عائلته تنحدر بالأصل من قرية [حُجب المكان] في درعا، رغم أنهم قطنوا [حُجب المكان]. دارت أسئلة القضاة بعد ذلك حول P36 والعلاقة التي جمعته بـ P40. روى P40 تفاصيل صداقتهما المتينة وكيف درسا معًا في المدارس والجامعة، وعملا معًا في المشافي، قدّما معًا طلب تأشيرة إلى ألمانيا، وامتحنا معًا امتحان اللغة الألمانية. تساءل رئيسُ المحكمة القاضي كولر عمّا إن تحدث P40 مع P36حول المحاكمة، فأقرّ P40 بذلك وتساءل إن كان ذلك ممنوعًا. فنفى كولر، ولكنه وضّح أنّ الإعراض عن الحديث بين الشهود هو الأَولى والمُستحسَن. وعندما سُئل P40كيف استطاع حلّ مشكلة الخدمة العسكرية، ردّ P40بأنه سافر إلى [حُجب المكان إلى حين تمكّنه من تأجيلها، ثم دفع بدل الخدمة العسكرية بعد أربع سنوات.

أشار القاضي كولر إلى أنّ P40ترعرع في سوريا وأراد أن يعرف موقفه من الأسد ونظامه، فردّ P40بأنه مدنيٌّ ضد العنف ومؤمنٌ بالسلام وضد الأنظمة الدكتاتورية. قال كولر إنه يمكنه استنباطُ أنّ P40 كان يقصد الأسد عندما ذَكَر الأنظمة الدكتاتورية، وتساءل إن كان ما فهمه صحيحًا، فردّ P40بأن كلَّ كلمة محسوبةٌ هنا وأنه يخاف على عائلته في سوريا رغم أنّ أسرته خارجها. فوضّح رئيسُ المحكمة القاضي كولر أنّ هذه كانت الحال مع شهود آخرين، وأنه يكرّر ما قاله لهم آنذاك: النظام السوري يسعى إلى الاعتراف به دوليا ومؤخرا بالعودة إلى جامعة الدول العربية، ولن يكون من الفطنة أن يحاولوا التعرّض إلى شهود المحكمة. وطلب رئيسُ المحكمة من P40 أن يُبلغه إن وقع شيءٌ مثل ذلك. قال P40إنه يستطيع زيارة بلده مرةً كل عام وإنه لا يريد أن يخسر تلك المزيّة.

أشار القضاةُ إلى أنّ اضطرابات بدأت في سوريا في 2011، وأرادوا أن يعرفوا كيف أثّرت على حياة P40 الشخصية والمهنية. روى P40كيف بدأت أحداثُ الربيع العربي في 2011 أو 2012سلمية أوّل الأمر، ثم بدأ أمرٌ ما يتأجّج شيئًا فشيئًا إلى أن تزايد العنف من النظام والمتمردين المسلحين. وتطوّر الوضع رويدًا رويدًا وكان P40وغيره تحت ضغط شديد ومخيف لأنه يعمل في مكان محاطًا بعناصر عسكريين ومن المخابرات يراقبون كل خطوة. وإن أراد P40 أن يبتعد عن المكان الذي يعمل فيه فسيتعرض للمساءلة، خصوصًا أنّ العديد من زملائه اختفوا ولا يُعلم أين هم. صار الطريق إلى العمل محفوفًا بالمخاطر وكان الجميع يعرفون أنّ المخابرات كانت في كل مكان في دمشق وحتى في المشافي.

وضّح P40 أنّ السنًة - أو بالأحرى غيرُ العلويين - كانوا مصدر قلق في المشافي كـ P40وغيره من زملائه، [وكان يُنظر إليه إليهم بريبة]، وكانوا تحت رقابة الأطباء العسكريين. تساءل القاضي رودِه عما عناه P40 بأن زملاءً اختفوا، فوضّح P40 بأنهم خُطفوا أو وقع لهم أمرٌ ما، إذ لم يَعُد يرهم P40 وزملاؤه، وأنّ هذه كانت أحاديث تُحكى خلف الجدران. وعندما أراد رودِه أن يعرف إلى أي الطوائف كان ينتمي المختفون، أجاب P40بأن معظمهم كانوا من السنّة. كان P40 يعلم أنّ مكروهًا قد وقع بهم، إذ لم تكن حالات فردية، وكان كثيرٌ منهم من مناطق كدرعا وإدلب حيث كانت عائلاتهم تعيش تحت القصف، وبدّل هؤلاء الأطباءُ مكان عملهم.

***

[استراحة لخمس عشرة دقيقة]

***

بعد الاستراحة، أخبر رئيسُ المحكمة الشاهدَ أنّ القضاة ارتأَوا أنّ سيكون من الأفضل أن يُدلي الشاهدُ بشهادته باللغة العربية، ثم أردف بسؤال عن وظائف المشافي العسكرية مقارنة بالمدنية وأنواع الإصابات التي كانت تُرى في المشافي بعد بدء الاضطرابات. بيّن P40 أنه لا فرق بين تلك المشافي في التعامل مع المرضى، إلّا أنّ المشافي العسكرية كانت مخصصةً لعلاج العسكريين وعائلاتهم إضافة إلى المتقاعدين. وبالنسبة للإصابات، شهد P40إصابات ناجمة عن أعيرة نارية، وكسورًا ورضوضًا وجروحًا. وأضاف أنّ المرء بات يرى زيادة في تواتر تلك الإصابات في المزة وحرستا مقارنة بتشرين.

سأل القاضي كولر عن المرضى المعتقلين، فحكى P40أنهم كانوا من المدنيين والعسكريين، لا يُسمح السؤالُ عنهم، ويرِدون المشفى بأرقام دون أسماء معصوبي الأعين ومكبلين، يرافقهم عسكريون أو عناصرُ مخابرات. وكانت حالتهم العامة سيئةً كما كانت تغذيتُهم كذلك، مع جروح ورضوض والتهابات مزمنة. وعندما لم يستطع P40 أن يحدّد في شهادته سببَ تلك الإصابات، ذكّره القضاةُ بما أدلى به في استجواب الشرطة حين ذكر أنّ تلك الإصابات والجفافَ ونقصَ التغذية كانت بسبب الإهمال الطبي وربما التعذيب، فأقرّ P40بذلك. ووضّح P40 أنّ المرضى المعتقلين كانوا يوضعون في قسم خاص يُمنع ولوجُه وفي قسم آخر في المشفى. ودائمًا ما كان P40يحاول إرسال من يصغُرُه من الأطباء إلى ذلك القسم ما أمكن تفاديًا لأن يذهب هو إليه. وبطلب من القضاة، وصف P40 القسمَ والغرفَ التي كان المعتقلون يُحتجزون فيها مشيرًا إلى أن الوضع فيها كان كارثيا ومرعبا وتحت رقابة دائمة من عناصر المخابرات المسلحين.

سأل القاضي رودِه عن ردّ فعل عناصر المخابرات حين يعالجُ الطبيبُ أولئك المعتقلين، فبيّن P40أنه كان يُطلب منه الانتهاءُ بأسرع ما يمكن، وأنّ إظهار أي تعاطف معهم سيُعَدُّ تهمة، فكان وضعُ المرء هناك وكأنه يسير على خيط رفيع يفصل بين واجبه الطبي من جهة والخوف على نفسه من جهة أخرى. أراد القاضي أن يعرف العواقب التي قد تحيق بـ P40 إن أظهر تعاطفًا، فقال P40 إنه كان يخشى على نفسه وعائلته أن يتعرضوا لمكروه، أو أن يُدمّر مستقبلُه الطبّي على أقل تقدير.

ثم عُرضت في المحكمة صورة أقمار صناعية لمشفى حمص العسكري كانت قد عُرضت على P40 خلال استجواب الشرطة وبيّن عليها آنذاك أقسام المشفى. ثم طلب منه القضاة أن يشرحها وسألوه عنها.

***

[استراحة لثمانين دقيقة]

***

استأنف القضاةُ الجلسة وأرادوا أن يعرفوا إن سمع P40 عن تعذيب المرضى المعتقلين. وضّح P40أنه لم يَرَ بنفسه أي شيءٍ، ولكنه سمع أنهم كانوا يُعذَّبون. وعندما تساءل القضاة عمّن كان يعذِّبهم، تساءل P40 إن كان آمنا أن يتحدّث عن الأمر مبديًا قلقه من التهديدات [في تلميح إلى الحضور]. فسأله رئيسُ المحكمة إن كان قد تعرّض لتهديد ما، فنفى P40 ذلك، ولكنه أبدى خوفه على عائلته أو أنه شخصيا لن يتمكن من السفر إلى بلده. بيّن القاضي كولر أنّ المحكمة لا تستطيع حماية من هم في سوريا وإنما الذين على أراضيها، ثم ذكّر P40بما صرّح به كولر سابقًا عن النظام السوري الذي يرجو الاعتراف به. قال P40إنّ التعذيب كان على يد عناصر الأمن والمخابرات بشكل رئيسي، وأردف أنه سمع أنّ العسكريين من الممرضين والأطباء ربما شاركوا فيه كذلك. لم يعرف P40كيف كان يُعَذَّبُ المرضى، ولكن حكى أنّ المرء كان يرى آثاره من جروح وكدمات. وذكر P40اسم زميلَيه السنّيَّين - [حُجب الاسمان] - اللذَين أخبراه عن التعذيب وكانا مع P40 وP36 في مجموعة واحدة. وعندما سُئل P40 عن الوضع في قسم الاستقبال، روى P40أنه لم ينزل بنفسه كثيرا إلى الاستقبال من قسم العمليات إلّا أنه أُخبر كذلك أنّ التعامل مع المرضى المعتقلين كان قاسيًا وربما تعرضوا للضرب.

وحينما سُئل P40 عن أقسام أخرى وما إن كان يُسمع منها صراخُ المعتقلين، أشار P40إلى أنّ الوضع العام كان سيئًا، ولكنه لا يستطيع تمييز ما إذا كان الصراخ نتيجة للتعذيب أو المرض، فلم يستطع استثناء أحد الخيارين، ولكن زملاء مختلفين أخبروه أنّ المعتقلين كانوا يُضربون. ووضّح P40 أنّ هناك أطباء عسكريين كانوا مسؤولين عن المعتقلين، مثل [حُجب الاسمان]. وسأل القاضي رودِه عن [حُجب الاسم]، فأجاب P40أنه كان جزئيا مع مجموعة P40 ويظن P40أنه أتى إلى ألمانيا. وأضاف أنّ هناك طبيبًا آخر يدعى [حُجب الاسم] ولكن P40 لم يلتق به كثيرا خلال العمل. سأل رودِه إن كان P40يتبادل أخبار المعتقلين مع هذين الطبيبين اللذين ذكرهما P40، فنفى P40 ذلك موضحًا أنهما كانا [حُجبت المعلومة] وأنّ تعاملهما معه شخصيا كان جيدًا، ولكنه لم يكن يتحدث عن الأمر مع أحد.

سأل القاضي رودِه إن سمع P40 عن حالات وفاة في المشفى، فردّ P40 بأنه سمع عن معتقلين توفوا في المشفى وعن جثث كان تُجمَّع وتُخزَّن في مكان ما إلى حين وصول سيارات المخابرات لنقلهم. ولمّا نفى P40 رؤية جثث بنفسه، تساءل القضاةُ إن شمّ رائحتها في المشفى. فبيّن P40 أنه لا يستطيع الجزم بأنها كانت رائحة جثث تحديدًا، إذ تعدّدت الروائح الكريهة وأسبابُها.

***

[استراحة لخمس دقائق]

***

بعد استراحة وجيزة للنقاش، أراد القاضي كولر أن يعرف كيف تعرّف P40 على علاء وتجربتَه معه. قال P40إنه تعرف على علاء حينما أتى علاءٌ إلى مشفى المزة في 2012، وفقًا لما يتذكّره P40. وعرف P40علاءً عن طريق [حُجب الاسم] P28. وروى أنّ علاء أصيب في أواخر 2012واختفى بعدها فلم يَعُد إلى العمل، ورجع علاءٌ إلى المزة في 2012 أو 2013. وبعدها أصيب P40بكسر وتغيّب عن العمل شهرين أو ثلاثة في 2013، وعندما عاد P40 إلى عمله في المزة، وجد أنّ علاءً لم يَعُد يعمل في المشفى.

بيّن P40 أنه كان يلتقي علاءً في العمل كل يوم تقريبًا، وأقرّ بأن علاء ساعده في بعض العمليات حينما ذكّره القضاةُ بما ذكره في استجواب الشرطة، ولكنه وضّح أنه لا يتذكر تلك العمليات في هذا اليوم. أراد القضاة أن يعرفوا كيف كانت شخصية علاء، فوصف P40علاء بأنه شخصٌ يحب الحياة، من خلفية مسيحية، وحالته المادية ميسورة إذ كان يملك سيارته الخاصة. وأضاف P40 أنّ علاء لم يكن انطوائيا، يحب الحديث مع الآخرين وعن نفسه، وذو شخصية جاذبية «كاريزما». وبعدما ذكّره القضاةُ بنا أدلى به للشرطة بأن علاء كان يحب التباهي والتبجح، أقرّ P40بذلك. ونوّه P40 إلى أنّ تعامله مع علاء اقتصر على الصعيد المهني ولم يلتق به خارج العمل.

تساءل القاضي كولر عما إن صرّح علاءٌ عن موقفه السياسي من نظام الأسد، فبيّن P40 أنهما لم يتحدثا عن الأمر، ولكنه أضاف أنّ علاءً لم يكن ضد الحكومة؛ لم يكن معارضًا. وعندما سأله القاضي كيف خرج بهذه الفكرة، ردّ P40 بأن المرء في سوريا لا يتحدث عن السياسة عمومًا، ولكن مظهرَ علاءٍ الروحيَّ العامَّ كان يوحي بذلك. أراد القاضي كولر أن يعرف ما يعلمه P40 عن [حُجب الاسم] P28، فقال P40 إنّ P28 من عائلة مسيحية في حمص، وكان والدُه مسؤولًا عن المشافي العسكرية، ولم تجمعه بـ P40إلا علاقة زمالة وتبادُل التهاني في الأعياد والمناسبات. أراد القاضي كولر أن يسأل P40 عن عمّ P28، ولكن القضاة الآخرين تشاوروا معه فعَدَلَ كولر عن الأمر. ثم أشار القاضي رودِه إلى أنّ P40وغيره من الأطباء المسيحيين كعلاء وP28 كانوا يشكّلون مجتمعًا مسيحيًّا في المشفى وتعجّب أنهم لم يكونوا على تواصل رغم ذلك. وضّح P40أنه لم تكن بينهم علاقة صداقة كأن يخرجوا معًا بعد العمل، بل اقتصرت علاقتهم على العمل. فقال رودِه انّ هذا بالضبط هو سبب استغرابه. فردّ P40بأنّ لديه أصدقاء آخرين وذكّر أنّ العمل آنذاك لم يكن طبيعيا إذ ساد الخوف وضغط العمل، وكان جُلُّ همه هو الخروجُ من البلد في أقرب وقت ممكن.

رُفِعت الجلسة في الساعة 3:40بعد الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 28أيار / مايو 2024، في العاشرة صباحًا.

اليوم الثاني والثلاثون بعد المئة - 28أيار / مايو 2024

في الجلسة الثانية هذا الأسبوع، استُؤنف استجواب P40. لم يكن لدى P40 ما يودّ إضافته إلى شهادته البارحة، فباشر القضاة استجوابه. استحضر القاضي رودِه أنّ P40ذكر بأنه التقى بعلاء في العمل كل يوم تقريبا، وأراد رودِه أن يعرف إن مرّت أوقاتٌ لم يَرَ P40 فيها علاءً بتاتًا كأن يكون علاء في عطلة. قال P40 إنّ الأمر مضى عليه سنينُ عديدة وإنه لا يتذكر شيئًا محدّدًا خلافًا لعطل نهاية الأسبوع أو عطل مرضية. تساءل رودِه إن كان علاءٌ يسافر ليرى أهله أو خطيبته آنذاك، فأقرّ P40بذلك مضيفًا أنّ علاء كان يسافر بالسيارة إلى حمص بانتظام، وأنه علم بذلك من القيل والقال وليس بالضرورة من علاء مباشرة. ثم أشار رودِه إلى أنّ P40أخبر المحكمة أنّ علاء كان يملك سيارتَه الخاصة وتساءل إن كان هذا أمرًا استثنائيا. فردّ P40 بالإيجاب وأوضح أنّ معظم الزملاء كانوا من الطبقة المتوسطة أو أدنى منها، وكان معظمهم طلابًا أو في مرحلة الاختصاص، ولهذا كان أمرًا جَلَلًا أن يكون لدى أحدهم سيارتُه الخاصة بخلاف أن يستعمل الشخص سيارة والديه.

انتقل القاضي رودِه بعد ذلك إلى موضوع إصابة علاء وأراد أن يعرف ما يتذكره P40 عنها. أراد P40 أن ينبّه أولًا إلى أنّ تغيّبَ زميل عن العمل لأسابيع في ذلك الوقت كان يُثقل كاهل زملائه. وسمع P40 من زملائه أنّ علاءً أصيب في [حُجبت المعلومة] في خريف أو شتاء عام 2012. أشار رودِه إلى أنّ P40 ذكر في استجواب الشرطة أنّ الإصابة وقعت في كانون الأول / ديسمبر 2012 ثم شطب P40ذلك آخر الاستجواب وأضاف بخط يده أنّ الإصابة كانت في آخر عام 2012. ردّ P40 بأنه لا يتذكر الآن وقت الإصابة بالتحديد، وذكّر بأنه تباحث الأمر مع P36 وقد يكون لحديثهما تأثيرٌ على P40جعله يغيّر تلك المعلومة.

استحضر رودِه أنّ المحكمة استجوبت P36 عن إصابة علاء، فأخبر P36 المحكمةَ بأنه أجرى العملية لعلاء بعد إصابته. ردّ P40 بأنه لا يستطيع تذكر ما إذا كان P36 هو من أجرى تلك العملية الجراحية.  تساءل رودِه باستغراب: «أتعرف الشخصَ الذي أخبرنا P36أنه أجرى العملية معه؟ قال لنا إنه كان أنت». أجاب P40بأنه لا يتذكر أنه أجرى العملية الجراحية لعلاء. تعجب رودِه مشيرًا إلى غرابة ألّا يتذكر امرؤٌ أنه أجرى عمليةً جراحيةً لزميله، إذ إنها أمرٌ فريدٌ وغير مألوف. كرّر P36بأنه لا يتذكر الآن أنه أجرى تلك العملية.

***

[استراحة لخمس دقائق]

***

بعد استراحة قصيرة تناقش فيها القضاة، عُرض في المحكمة تقريرٌ طبيٌّ عن إصابة علاء. سأل القضاة P40 عن الوثيقة عدة أسئلة، فوضّح P40 أنّ اختلاف تاريخ الإصابة المذكور وتاريخ إصدار الوثيقة هو أمرٌ طبيعي، إذ قد يكون طلبُ استصدار ذلك التقرير حدث لاحقًا عقب أشهر من الإصابة.  ولم يتمكن P40 من تحديد وقت إصابة علاء بشكل دقيق استنادًا إلى وقت إصابة P40بكسر عام 2013. سأل القاضي رودِه الشاهدَ إن كان يعلم أين انتقل علاءٌ بعد المزة، فأجاب P40بأنه أُخبر أنّ علاء ذهب إلى [حُجب المكان] ولكن P40 لم يكن متأكدًا إلا من أنّ المشفى لم يكن في [حُجب المكان]. تساءل رودِه إن كان المشفى الذي انتقل إليه علاءٌ هو مشفى طرطوس العسكري، فردّ P40بأنه أمرٌ واردٌ، ولكنه لم يكن يعرف.

تعقيبًا على أسئلة القضاة، وضّح P40أنه لم يتحدث مع علاء عن المعتقلين، بل ومع أيٍّ كان إذ كان يخشى الحديث عن هذا الموضوع. ولم يَقُم P40 بجولات وزيارات مع علاء للمرضى المعتقلين، بل كانا معًا في الجولات الصباحية فحسب. ولم يكن بينهما تواصل في سوريا إلّا مرتَين في ألمانيا؛ هنأه علاءٌ في إحداها وعزّاه في أخرى. وسمع P40 عن الاتهامات ضد علاء في وسائل الإعلام، ولكنه لم يتصل بعلاء ويستعلم عن الأمر. أراد القاضي رودِه أن يعرف كيف كان ردُّ فعل P40 حينما سمع عن الاتهامات. تساءل P40 «وكيف ينبغي أن يكون رد فعلي؟» وأضاف أنه لم يعلم بالأمر من علاء وأنّ الأخبار كانت مزعجة لكل من يسمعها [تُرجمت إلى أنّ P40كان مصدومًا من الخبر، فصوّب P40 الترجمةَ إلى أن الخبر كان بالأحرى مزعجًا]. تساءل رودِه إن حدّثت الشاهدَ نفسُه وقتها بما إن كان ممكنًا أن يكون علاء قد فعل ما زُعم، فردّ P40 بأن هذه نقطةٌ مصيريةٌ حاسمةٌ فلن يخوض فيها. تساءل رودِه عما إن شعر P40 بالأسى تجاه علاء، فقال P40«ماذا عسايَ اقول؟» وأضاف أنه لا يستطيع إلا أن يقول إن الوضع سيكون صعبًا على أيٍّ كان. استحضر رودِه إفادةَ P40 في الشرطة إذ قال إنه لا يعرف إذا ما ارتكب علاءٌ ما زُعم، ولكنه يتعاطف مع الذين عُذّبوا ومع علاء لأن لديه امرأةً وأولادا. أخبر P40 القضاةَ أنه قال ما قاله لأن لدى علاء أسرة، فلذلك يأسف لأسرته كما يأسف لكل من وقع عليه هذا الأمر [المزعوم في الاتهامات].

بعد ذلك، سأل القاضي رودِه عن مظهر علاء الخارجي أيام عمله في المزة. قال P40 إنّ علاء كان شخصًا شكلهُ لطيفٌ دائمًا، جميلٌ لباسُه، ذو جاذبية «كاريزما»، ومنفتحٌ على العالم. فقال رودِه إنّ سؤالَه كان يخصّ مظهره الخارجي. ولما ظلّ P40 صامتًا كأنه لم يستوعب السؤال، تدخّل القاضي كولر وسأل إن كان علاءٌ أنحل أم أبدن مما هو عليه الآن. فردّ P40 بأن علاء كان كما هو الآن [ملحوظة: قد يُعَدّ علاءٌ نحيلًا نسبيًّا، إذ وصفه كثيرٌ من الشهود السابقين بأنه كان أبدن في سوريا مما هو عليه الآن]. فقال كولر: «آها.. كما هو الآن..» وسأل عن شعره فردّ P40 بأنه نفسُه، ولكن علاءً يبدو الآن أكبر عمرًا بالتأكيد. [حُجبت المعلومات. وصف الشاهدُ مظهرَ علاء ولباسَه.]

سأل القضاةُ P40 إن كان الاسمُ [حُجب الاسم] [D5] يعني شيئًا له، فأقرّ P40 وأخبر القضاةَ أنه كان طبيبًا [حُجبت المعلومة] يعيشُ في حي المزة، ولديه عيادةٌ خاصةٌ وعقدٌ مع المشفى بصفته طبيبًا مختصًّا وهو ما لم يكن شائعًا في سوريا. ورغم أنه لم يكن طبيبًا عسكريا، كان لديه عقدٌ خاصٌّ ومناوباتٌ مع الأطباء العسكريين، وكان يدرب الأطباءَ ويرشدهم، ولكنّ علاقته بعلاء كانت أوثق. وردًّا على سؤال القضاة، بيّن P40أنّ D5 كان بالتأكيد مع النظام.

أشار القاضي رودِه إلى الخدمة العسكرية الإلزامية وسأل P40 إن كان لديه دفتر خدمة عسكرية، فروى P40كيف أجّل خدمته العسكرية ووضّح أن المرء كان يأجّل من منطقته إن كانت آمنة، وإن لم تكن كذلك، فكان هناك مركز خاص في دمشق للتأجيل. وأضاف أن على الطبيب تقديم ورقة من المشفى تفيد بأنه في مرحلة الاختصاص حتى يتسنى له تأجيل الخدمة العسكرية. وتساءل رودِه إن كان يُسجَّل في دفتر العسكرية الانتقالات بين المشافي، فنفى P40ذلك.

استحضر القاضي رودِه ما رواه P40 في الجلسة الفارطة عن المعتقلين وإساءة معاملتهم في مشفى المزة العسكري، وأراد أن يعرف إن كان هناك مرضى معتقلون في مشفى تشرين العسكري. ردّ P40بأن تلك الفترة سادت فيها مظاهراتٌ سلمية، وأنّ الإصابات التي كانت تصل إلى المشفى يُمنع على الأطباء التعاطي معها إلا الأطباءُ العسكريون والمقربون منهم من الأطباء المدنيين. وقيل لـ P40 إنّ هؤلاء المعتقلين كانوا في القبو، وعندما كانوا يصلون إلى قسم الاستقبال، كان يتعامل معهم أطباءُ مخصصون.

لم يكن لدى المدعين العامين ولا محامي المدعين أسئلة للشاهد، فاستهل محامي الدفاع بون أسئلة فريق الدفاع. أراد بون من P40 أن يشرح نظام المناوبات في المزة. بعد شرح مبهم بالألمانية، طلب القضاةُ من P40 أن يعيد الشرح بالعربية [كما فعلوا في كثير من الأسئلة]، فبيّن P40أنّ ثَمّة ثلاث مجموعات تقريبًا، تحوي كلُّ مجموعة أطباء من مختلف سنوات الاختصاص. وعندما ينتهي دوام النهار، تبدأ المناوبات الليلة. ويذهب أطباء إلى العمليات وآخرون إلى الاستقبال. يبدأ دوام النهار من 8:00 - 8:30إلى 1:30 - 2:00وتستمر المناوبات 24 ساعة. ثم سأل بون عن الجولات الطبية، فوصف P40 أنّ هناك مسلحين كانوا مع الأطباء أينما ذهبوا ليراقبوهم، ويكون الطبيب تحت عدة ضغوط منها نفسيةٌ ومنها أخلاقية، ومن المستحيل على الطبيب فيها أن يقدّم عناية كافية للمريض.

سأل محامي الدفاع العجي عن التفجير الذي وقع في دمشق، وبيّن P40 أنه لا يتذكر أين كان آنذاك، ولكنه لم يكن في الدوام مع علاء. ثم سأل العجي عن المركز الذي يمكن للمرء أن يأجّل خدمته العسكرية فيه في دمشق، فوضّح P40 أنه كان [شعبة تجنيد] «[حُجب الاسم]». أشار العجي إلى أنّ P40 أفاد بأن علاء كان يسافر إلى حمص، واستوضح إن كان يعني المدينة أم الريف، فردّ P40 بأنه كان يقصد الريف لأن علاء ليس من المدينة.

ثم انبرى علاء للسؤال وأعاد أسئلة أجيب عنها مسبقًا. وبعد نفاد أسئلته، قال له القاضي كولر إنه فهم من P40سابقًا نفس الأجوبة.

بعدما انتهت الأسئلة، شكر رئيسُ المحكمة الشاهدَ ثم صرفه.

رُفِعت الجلسة في الساعة 12:48بعد الظهر.

سيُعقد يوم المحاكمة التالي في 4حزيران / يونيو 2024، في العاشرة صباحًا.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.