داخل محاكمة علاء م #59: لا تَمارَضوا فتَمرَضوا
المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا
موجز مراقبة المحاكمة التاسع والخمسون
تاريخ الجلسة: 31 تشرين الأول / أكتوبر و 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2023
تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب
يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.
في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.
يسرد تقرير المحاكمة التاسع والخمسون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين التاسع والتسعين والمئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. مَثَل شاهدٌ جديدٌ في المحكمة، وهو صديقٌ مقرّبٌ من المتهم وكان طبيبًا في سوريا. تذكّر الشاهد أحداثًا سبقت عام 2010 وتَلَت 2014، إلّا أن ذاكرته سَهَت عما بينهما. صرّح الشاهدُ أن المتهم أتى دمشق في 2014، خلافًا لما زعمه المتهم في شهادته. ولم يتذكَر الشاهدُ ظروف إصابة مزعومة لحقت بالمتهم في سوريا، بَيْدَ أن استراحةً عقدها رئيسُ المحكمة ونبّه قبلها الشاهدَ إلى واجبه في قَول الحقيقة، آتى أُكُلَه بعدها. إذ تذكّر الشاهدُ أن إصابة المتهم لم تكن إصابةً حقيقيةً سبّبها عيارٌ ناري خلال اشتباكات مسلحة - كما ادعى المتهم سابقًا - بل أراد المتهمُ بذلك أن يتلقّى تقريرًا طبيًّا ليدعم طلبَ نقله إلى مشفى في حمص ليعود إلى جوار أهله. تخلّل الجلسةَ عرضُ هاتَين الوثيقتَين على شاشات العرض في قاعة المحكمة.
بدأ يوم المحاكمة الثاني بتأخير مُباغت. عند افتتاح الجلسة، أبلغ القضاةُ جميع الحاضرين أنهم سيصدرون إخطارًا قانونيًا بُعَيْدَ دقائق. وكانت العِلّة من التأخير أن هذا الإخطار أُرسل مسبقًا إلى فريق الدفاع بسبب وَقْعِه المحتمل على المدعى عليه. وأُبلغ علاءٌ عن طريق الإخطار القانوني بأن المحكمة تنظر في إصدار أمرٍ بوضعه في الحبس الاحترازيّ، وهو إجراءٌ غير عقابيٍّ يمكن أن يُؤمَر به إذا عُدَّ المجرمُ المدانُ خطيرًا. ولهذا لن يُفرج عنه بعد أن يقضيَ فترةَ عقوبته. وارتأى القضاةُ أنه بناءً على شهادات المدعين وزملاء المدعى عليه السابقين، فإنّ المحكمة ترى أنه من المعقول الاعتقادُ بأن المدعى عليه سيُحكم عليه في ثلاث تهم على أقل تقدير ستُفضي إلى عقوبة لا تقل عن ثلاث سنوات. وسَيَسْتَقْصي أحدُ الخبراء سلوكَ علاء ويسبِرُه خلال جلسات الاستماع القادمة. بعد هذه الأخبار المفاجئة، استأنف القضاة استجوابَ الشاهدِ P26 الذي أقرّ أن إصدار الوثائق المزورة في سوريا كان أمرًا مألوفًا يحدث باطّراد. وشهد أن علاءً كذب في وثيقة زيّف فيها تواريخ وأماكن وقدّمها إلى السلطات الألمانية.
أبرز النقاط:
اليوم التاسع والتسعون - 31 تشرين الأول / أكتوبر 2023
مَثَل في يوم المحاكمة هذا شاهدٌ جديد في المحكمة. هو صديقٌ مقرّب من علاء وكان يعمل طبيبًا في سوريا. أراد رئيس المحكمة القاضي كولر من P26في مُستهلّ الجلسة أن يحكي له عن حياته ونشأته ودراسته بشكل عام. سرد P26 تلك التفاصيل موضحًا أنه ينحدر من عائلة أطباء. سأل كولر بعدها كيف تعرف P26 على علاء وعن العلاقة التي ربطتهما معًا، ثم أراد أن يعرف إن التقيا معًا قبل أن يغادر P26 حمص. استحضر P26 أنه زار علاء في مشفى حمص العسكري في عام 2010 قبل الحرب في سوريا، وارتشفا القهوة هناك، مفصّلًا مكان لقائهما ومن كان حاضرًا آنذاك.
وعند استجوابه عن ظروف انتقال علاء إلى دمشق قادمًا من مشفى حمص العسكري، بدا وكأن على ذاكرة P26 غِشاوة، فلا هو تذّكر متى قدم علاء إلى دمشق أو أين قطن فيها، ولا هو عرف أين كان يعمل علاء قبل ذلك. قدّر P26أن علاء انتقل إلى دمشق حوالي عام 2014 [ملحوظة: يناقض هذا ما زعمه علاءٌ في إفادته في المحكمة حين ادعى أنه ”لم يكن موجودًا في المكان والزمان اللذين يُزعم أنه ارتكب فيها ما اتُهم به، لأنه ترك مشفى حمص العسكري قبل ذلك وانتقل إلى دمشق“]. حاول القضاةُ استحثاث ذاكرة P26لعله يستحضر أين كان يعمل علاء أو يقبع بين عامي 2010 و2014، ولكن دون جدوى. فلم يتذكر P26 إلا لقاءه بعلاء في مناسبة واحدة. استغرب القاضي كولر وارتاب من كَون P26 صديقًا مقربًا لعلاء، وتساءل كيف يمكن لشخص ألّا يعرف أين كان يعمل صديقُه المقرّب طيلة تلك السنين.
بعد أن استجوب القضاةُ الشاهدَ عن بعض أقارب المتهم، تساءلوا عما إذا كان يتذكر P26 حادثةً استثنائيةً وقعت لعلاء في نفس الإطار الزمني آنف الذكر. ولمّا لم يتفطّن P26 لمُراد القضاة، سألوه إن سمع شيئًا ما عن إصابة ما أُصيب بها المتهم. لم يتذكر الشاهد كيف ومتى وأين أُصيب علاء، سوى أن الإصابة كانت محض إصابة سطحية. أثارت الإجابة غيظ رئيس المحكمة الذي أشار إلى أن صديقًا أُصيب هو أمرٌ جللٌ بصرف النظر عن خطورة الإصابة نفسها. واستغرب كيف يعُدُّ أحدُهم نفسَه صديقًا مقرّبًا من شخص أُصيب ولا يتواصل معه ليسأل عن إصابته وأحواله. ردّ P26 بأن ليس لديه من التفاصيل الكثيرَ، فقاطعه القاضي كولر قائلًا إنه لم يكن يسأل عن تفاصيل بل عن أساسيات بحتة، وأشار إلى أن P26 استحضر تفاصيل مناسَبةٍ جمعته بعلاء عام 2010 وتذكّر P26 ما احتسياه آنذاك ومن كان حاضرًا، إلّا أنه عاجزٌ عن تذكّر واقعة ذات شأنٍ أكبرَ وعهدٍ أقرب. أعلن رئيس المحكمة أنه سيعقد استراحةً أوصى P26 أن يستغلّها لاستذكار بعض الأحداث بين عامي 2010 و 2014، وذكّر الشاهدَ بحقوقه وواجبه بأن يقول الحقيقة. ونوّه كولر إلى أن ممثلي الادعاء العام حاضرون وأن من حقهم أن يتحرَّوا ويحققوا في ما إن كان أحد الشهود لا يقول الحقيقة وفقًا للفقرة 153 من القانون الجنائي الألماني، مضيفًا أن هذا شيءٌ يودّ كولر تجنُّبَه. فَور إعلانه للاستراحة، طلب رئيس المحكمة من جميع أطراف القضية وفيهم المتهمُ أن يدنوا من منصة القضاة، ومن الشاهد وبقية الحضور أن يغادروا قاعة المحكمة، ليتباحث القضاةُ وأطرافُ القضية أمرًا ما على انفراد.
بعد الاستراحة، أراد رئيس المحكمة أن يعرف إن جدّ جديدٌ مع الشاهد، فأجاب P26 أنه يودّ أن يُمايز بين ما سمعه من علاء وما سمعه عنه. استحسن القاضي كولر أن ينتهج الشهودُ هذا المنحى ويفرّقوا في إفاداتهم بين هذا وذاك، ثم أشار إلى P26أن هاتِ ما عندك. استرسل P26 موضّحًا أن علاءً أخبره بأن إصابته تلك نجمت عن عيار ناري أيام عمله في مشفى المزة. وأمّا ما سمعه P26 من قريبه - الذي أخبره علاءٌ عن الأمر - فكان أن تلك الإصابة لم تكن في الواقع إصابةً حقيقيةً بعيار ناري، ولم تكن بسبب اشتباكات مسلحة، بل كانت مجرّد إصابة سطحية، أراد علاءٌ أن يظفر منها بتقرير مرضيّ من الطبيب. ولذلك لم يسأل P26 علاءً عنها أو يُعِرها اهتمامًا. [ذُهلت قاعة المحكمة وغَشِيَت الصدمةُ وجوهَ من كان فيها. واختلطت ردود أفعال الأطراف، فمنهم من رُئي فاغر الفاه، ومنهم من تبسّم كالشاهد نفسه.] بعد أن استوعب ما تفوّه به P26، أراد كولر أن يعرف لم قد يفعل علاءٌ ذلك. ردّ P26 بأن علاءً لم يكن سعيدًا في دمشق بشكل عام، لأنه كان بعيدًا عن عائلته وامرأته اللتين كانتا في إحدى قرى حمص. وخمّن P26 أن علاءً لم يَعُد يودّ العمل في دمشق وحبّذ الرجوع إلى حمص. أراد كولر أن يعرف متى سمع P26 عن إصابة علاء، فوضّح P26 أنه ليس متيقّنًا من ذلك ولكنه افترض أنها كانت في عام 2014 [ملحوظة: زعم علاء في إفادته في المحكمة أنه أُصيب في آخر عام 2012].
عُرض في المحكمة طلبٌ للنقل إلى مديرية صحة حمص قدّمه علاء. بيّن القاضي رودِه للشاهد أن المتهم يزعم أنه أُصيب في عام 2012، وهذا أبكر من الزمن الذي افترضه P26. استغرق P26 في التفكير برهةً ثم أخبر القاضي أن ليس لديه ما يقوله. أعقب ذلك عَرضُ التقرير الطبي المفصل عن إصابة علاء الذي زعم فيه أنه أُصيب بعيار ناري وحكى فيه ملابسات تلك الواقعة. سأل القاضي رودِه الشاهدَ عما إن أطلعه علاءٌ على تلك الوثيقة سابقًا. بدا P26 غارقًا في التفكير وظلّ صامتًا. أعلن رئيس المحكمة عن استراحة قصيرة للنقاش بات فيها علاءٌ مبتسمًا ومحمرّ الوجه يحملق في P26. بعد الاستراحة، استُجوب P26 حول المكان الذي لَبِثَت فيه عائلةُ المتهم في دمشق، وعما إن كان ممكنًا افتراضُ مساعدة والد P26 لعلاء وتيسير انتقاله إلى دمشق، وهو أمرٌ نفاهُ الشاهد بشكل غير جازم. ثم رفع رئيس المحكمة الجلسة.
اليوم المئة - 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2023
بدأ يومُ المحاكمة هذا بمنأى عن أنظار الملأ، إذ لم يُسمح لهم بدخول شرفة الجمهور في الوقت المُجَدول. وأبلغ الضباطُ جميعَ المتفرجين أن القضاة "يناقشون أمرًا ما" وسيُعلمونهم حالما يُصبح الدخول متاحًا. من الشائع أن يتباحث القضاةُ بعض الأمور قبل أن يفتتحوا الجلسة رسميًا في قاعة المحكمة، ولكن عادة ما تكونُ شرفةُ الجمهور مفتوحة بينما يتناقش القضاةُ في غرفة خلفية. أما في هذا اليوم، فظلّت شرفة الجمهور مغلقةً حتى إشعار آخر. وبعد 30 دقيقة، تمكن المتفرجون من دخول الشرفة. تبيّن أن جميع أطراف القضية وصلوا في هذا الوقت. ومن المفترض أن الأمر كان مجرد تأجيلٍ للجلسة بشكلٍ عام لا استبعادًا للجمهور، ولكن ذلك أمرٌ لم يتسنّ التأكدُ منه.
عند افتتاح الجلسة، أبلغ القضاةُ جميعَ الحاضرين أنهم سيصدرون إخطارًا قانونيًا خلال دقائق معدودة. وأوضح رئيس المحكمة القاضي كولر أن سببَ التأخير كان إرسالَ هذا الإخطار سلفًا إلى فريق الدفاع لِوَطئِه الشديدِ ووَقْعِهِ المرجّحِ على المدعى عليه. فأراد القضاةُ منحَ محامي الدفاع وقتًا لإبلاغ علاءٍ وفسحةً له ليستوعب محتواه.
أصدر القضاةُ الإخطارَ القانونيَّ التالي [الفقرة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الألماني]:
أُبلغ المتهمُ بأن المحكمة تنظر في إصدار أمرٍ بوضعه في الحبس الاحترازيّ [الفقرة 66 من القانون الجنائي الألماني. ملاحظة: الحبس الاحترازيّ هو إجراءٌ غير عقابيٍّ يمكن أن يُؤمَر به إذا عُدَّ المجرمُ المدانُ خطيرًا. ويهدف هذا الاجراءُ إلى منع وقوع مزيدٍ من الجرائم والاحتراز والوقاية منها. وهو شكلٌ من أشكال الاحتجاز الذي يُفرض بعد انقضاء عقوبة السجن، ولا يجوز أن يَصدُر أمرٌ به إلا إذا كانت هناك مجازفةٌ ومخاطرةٌ شديدةٌ لمعاودة ارتكاب جرائم أو إذا كان المحتجَز يعاني من إدمانٍ أو اضطرابٍ عقليّ]. وفي الحالات التي تنظر فيها المحكمةُ في إجراء كهذا، فإنها تكون ملزمةً باستشارة خبير يتولى سَبْرَ المدعى عليه ومعاينتَه [الفقرة 246 أ من قانون الإجراءات الجنائية الألماني].
وترى المحكمة أن وضعَ المدعى عليه علاءٍ في الحبس الاحترازيّ هو أمرٌ مرجّحٌ بصورة معقولة للأسباب التالية:
(1) استوفِيَت الشروطُ الرسميةُ استنادًا إلى طبيعة التهم (الجرائم الموجهة ضد الحياة والجرائم التي تُعَدُّ جرائمَ ضد القانون الدولي). ويصدر أمرٌ بالحبس الاحترازيّ عندما يرتكب المدعى عليه ثلاث جرائم فأكثر من الجرائم المنصوص عليها في هذا البند [الفقرة 66 البند الأول].
(2) ترتئي المحكمةُ بصورة معقولة رجحانَ أن تكون المتطلباتُ الماديةُ قد استوفِيَت. وبناءً على شهادات المدعين وزملاء المدعى عليه السابقين، فإنّ المحكمة ترى أنه من المعقول الاعتقادُ بأن المدعى عليه سيُحكم عليه في ثلاث تهم على أقل تقدير ستُفضي ذلك إلى عقوبة لا تقل عن ثلاث سنوات. [الفقرة 66 البند الثاني].
بعد قراءة الإخطار القانوني، التفت القضاة إلى علاء في شفقة وأوضحوا أنه ستُطلب مشورة أحد الخبراء قريبًا. وأعلموا علاءً أن هذا الخبير سيكون حاضرًا أثناء عدة جلسات استماع لسَبْرِ سلوك علاء واستقصائه. وبعد انتهاء ما يسمى بـ "السَّبْر والاستقصاء"، سيقدّم الخبيرُ إلى المحكمة رأيه المتخصّص عن حال علاء. خيّم الصمت على قاعة المحكمة، وبدا أن علاءً وجميعَ الأطراف الأخرى كانوا يتفكّرون في المعاني التي يحملها هذا الإخطار. خاطب رئيس المحكمة شخصيًا علاءً وأوضح له أن هذا إجراءٌ قانونيٌّ يتعيّن على المحكمة الشُّروع فيه.
شكر فريقُ الدفاع المحكمة على منحهم وقتًا قبل بدء الجلسة لإنباء موكلهم بالإخطار القانوني خارج قاعة المحكمة. بدا علاءٌ متهالكًا وفاتر القوى. وذكر محامي الدفاع إندريس أنهم تحدثوا إلى علاء لما يربو عن الساعة. وأعلم رئيس المحكمة علاءً وفريقَ الدفاع أنه كان وما زال بإمكانه الانتفاعُ من تلقّي الدعم النفسي الاجتماعي أثناء الحبس العادي.
رغم ما بدا من شَظَفِ مواصلة المحاكمة، استأنف القضاةُ بعد هذا الإخطار استجواب الشاهد P26. أراد القضاة معاودةَ التأكيد على أن P26 كان صديقًا مقربًا جدًا من علاء وأنهما كانا على تواصل بانتظام، فأقرّ الشاهد ذلك. وأضاف حينما سُئل عن الأمر أن تواصله مع علاءٍ كان أوثق حتى من تواصلِ شقيقِه – الذي سيُستدعى إلى المحاكمة أيضًا – مع علاء.
بدا طَوال الجلسةِ نفورُ الشاهدِ من الإجابة عن الأسئلة وتردُّدُه فيها. وكثيرًا ما تلكَّأ قبل الرد، أو أجاب بإيجاز، أو صرّح بعجزه عن تقديم معلومات حول مسألة معينة تناولها أسئلة القضاة. وعندما أراد القضاةُ أن يعرفوا ما شاهده P26 في مشفى تشرين حيث كان يعمل، وخاصة ما تعلّق بالمرضى المعتقلين، لم يُجب بشكل مباشرٍ ملموسٍ بل راوغ في إجابته. نفد صبرُ القاضي وبدا عليه الانزعاج، وذكّر الشاهدَ مرارًا وتكرارًا بواجبه في قول الحقيقة والإدلاء بشهادة كاملة.
رغم ما تخلّل العملية من وُعورة وضَنك، أثارت المحكمة عدة مسائل مختلفة. فعلى سبيل المثال، حين سُئل الشاهدُ عن شِجار مزعوم خلال شهر رمضان بين علاء وزميله، لم يتمكن الشاهدُ من تأكيد ذلك. وفي الوقت نفسه، حكى P26 عن الشحناء والبغضاء بين بقاع وأصقاع معينة تتبع انتماءاتٍ دينيةً معينة. أراد القضاةُ بعد ذلك أن يعرفوا ما كان في جُعبة P26 عن إساءة علاءٍ لمعاملة المرضى. فأفاد الشاهد أنه لم يسمع شيئًا عن إساءة معاملة يُزعم أن علاءً ارتكبها حينما كانا في سوريا. وأضاف أنه تواصل مع علاء بعد أن جُهر بهذه المزاعم علنًا في ألمانيا. وعند سؤاله عن رد فعله حين سماعه الخبر، قال الشاهد إنه دُهش واعترته الصدمة.
زهاء ختام الجلسة، عُرضت وثائقُ شملت شهادة عمل علاء وسيرته الذاتية وخطاب دوافعه. وعرضت المحكمة أيضًا سيرة الشاهد الذاتية وخطاب دوافعه. كان الخطابان متطابقين، واعترف P26 بأنه وعلاءً أعدّا معًا مستندات طلب التأشيرة نسخًا ولصقًا. أبدى القضاة اهتمامهم بكيفية سير تلك العملية، فذكر P26 أنه ذهب مع علاء إلى موعد في السفارة في بلد مجاور. استفاض القضاةُ في سؤال P26 عن سبب إعراضه عن إدراج مشفيَي [تشرين والمزة] في السيرة الذاتية وإغفال ذِكر أنهما عسكريان. فأوضح P26أن تشرين هو ”المشفى الأم“ وهو المسؤول إداريًا، وبالتالي سيُدرج الجميع تشرين فحسب. تساءل القضاة بارتياب لِمَ لَمْ يُضف الشاهدُ ولا علاءٌ معلومات تفيد بأن هذين المشفيَين عسكريان، عندما قدّما طلبًا إلى السفارة الألمانية للحصول على تأشيرة سفر وقدّما طلبات العمل عند وصولهما إلى ألمانيا. فاجترّ الشاهد تأكيده على أن كونَه مشفى عسكريًّا هو أمرٌ جليٌّ لأي شخص في سوريا يقرأ ”تشرين“. وعند مجابهته بأقواله التي أدلى بها أثناء استجواب الشرطة، إذ قال P26 إن الإفصاح عن ذلك قد يخلّف عواقب سلبية، آثر الشاهدُ الصمتَ في المحكمة.
حصل القضاة على شهادتَي عمل علاء وشقيق الشاهد وقارنا إحداهما بالأخرى. أراد القاضي رودِه أن يعرف كيف يمكن أن تحتوي كلتاهما على نفس الخطأ المطبعي. فافترض محامي الدفاع العجي أن ذلك كان خطأً في الترجمة [كانت الوثائق مكتوبة باللغة الألمانية]. فأخبر القاضي رودِه المحاميَ العجي أن الوثائق كانت مكتوبة في الأصل باللغة الألمانية وهكذا قُدّمت إلى السفارة. وبعد عدة مقارنات وأسئلة، أوضح الشاهد أن الجميع كان يستخدم تلك النصوص، وقد يكون المحتوى كاذبًا. طُلب منه معاينة شهادة عمل علاء التي ذُكر فيها فترة عمله في دمشق، فأكَد الشاهد أن ذلك كان تلفيقًا. وردًّا على سؤال حول ما إذا كان إصدارُ الوثائق المزوّرة أمرًا يحدث بانتظام في سوريا، أكّد الشاهد ذلك.
قبل أن يرفع رئيسُ المحكمة الجلسة ويُطالب P26 بالعودة في الجلسة التالية، أبلغ الشاهدَ أنه لم يتم يُصرف بالكامل بعد. وأضاف القاضي أنه لا يقصد بما يلي إنذارَه بل إخبارَه بمعلومات قانونية، ويعني أنه إن أدلى الشاهدُ بشهادة زور أو إفادة غير كاملة، فعنده فرصة لتصويب ذلك خلال الجلسة التالية ولن يواجه عواقب سلبية.
________________________________
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.