1 min read
داخل محاكمة علاء م #51: كالأطرش في الزفّة

داخل محاكمة علاء م #51: كالأطرش في الزفّة

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الحادي والخمسون

تاريخ الجلسات: 25 و 27 تموز / يوليو 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة الحادي والخمسون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين الخامس والثمانين والسادس والثمانين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. في يوم المحاكمة هذا، استُدعي ضابط الشرطة الذي استجوب P18. وأوضح للمحكمة أن الشرطة عثرت على الشاهد لورود اسمه في إحدى المواد المُصادرة من المتهم. وأخبر الضابطُ القضاةَ أن استجواب الشرطة استمر لعشرة ساعات. ورغم تقديم فترات استراحة قصيرة ومياه ووجبات خفيفة للشاهد، إلا أن الاستجواب طويلًا كهذا هو أمرٌ شاقٌّ ومرهق. وعندما طُلب منه إعادةُ سَردِ ما أفاد به الشاهد أثناء استجواب الشرطة، عجَزَ الضابطُ عن تذكر معظم التفاصيل. وعندما جُوبه بمحضر الاستجواب لاستثارة ذاكرته، أكّد المحتوى الوارد فيه.

في يوم المحاكمة التالي، قدّمت المترجمةُ الشفويةُ التي كانت حاضرة في مقابلة طلب لجوء P1 - التي تمّت في البلد الذي استُقبل به - إفادَتَها عبر مكالمة فيديو. لم يكن لدى الشاهدة أدنى فكرة عن المقابلة ولم تتذكر من تفاصيلها شيئًا. ثم مَثَل في المحكمة خبيرٌ لغوي لقراءة الترجمة الألمانية لمحضر تلك المقابلة وتقييمها، إلّا أن الخبيرَ اللغوي خيّب آمالَ القضاة إذ أتى إلى الجلسة دون استعداد وتحضير لها وزخرت ترجمتُه بأخطاءٍ وهفواتٍ أثارت حنق القضاة.

أبرز النقاط:

اليوم الخامس والثمانون - 25 تموز / يوليو 2023

في يوم المحاكمة هذا، مَثَل أمام المحكمة السيد كيسيل، وهو محقق في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني ويبلغ من العمر أربعة وعشرين عامًا وأجرى الاستجواب مع P18، وطُلب منه أن يقدّم تفاصيل عن الاستجواب. بادئ بدء، أراد القضاة أن يعرفوا كيف أعدّ العُدّة لجلسة الاستماع. وضّح السيد كيسيل أن الاستجواب جرى في أيار / مايو 2021، ولهذا أعاد قراءة المحضر لأنه لم يتمكن من استحضار جميع التفاصيل. على الرغم من التجهيز والتحضير، إلّا أن السيد كيسيل لم يستطع في مواضعَ كثيرةٍ أن يتذكر ما قاله P18 أثناء الاستجواب، فجُوبهَ بالجزء المعنيّ من محضر الاستجواب لتنشيط ذاكرته.

أراد القضاة بعدها أن يعرفوا كيف عثر مكتب الشرطة على الشاهد. فذكر ضابط الشرطة أن اسم P18 بَزَغ في إحدى الموادّ المُصادَرة من المدعى عليه. وبعد التأكد من أن الشاهدَ زميلٌ سابقٌ للمتهم وعمل في حمص في الفترة المعنيّة، أَذِنَ المدعي العام بالاستجواب.

ثمّ طلب القضاةُ من ضابط الشرطة أن يُقدّم تفاصيل عن ظروف الاستجواب، فأوضح السيد كيسيل أن الاستجواب كان مقرّرًا إجراؤه في الساعة التاسعة صباحًا، ولكن الشاهد لم يأت. وبعد مهاتفته، اتضح أن P18 تخلّف عن الموعد، ولكنه وافق على الحضور في أقرب وقت ممكن. وصل P18 إلى مكتب الشرطة زهاء العاشرة صباحًا، وبدأ الاستجوابُ في العاشرة وعشرين دقيقة صباحًا واستمر عشر ساعات تضمّنت إعادة ترجمة المحضر. أكّد ضابط الشرطة أنّ الشاهدَ مُنح فترات استراحة قصيرة وقُدّمت إليه المياه والوجبات الخفيفة. بَيْد أن استجوابًا بهذا الطول هو أمرٌ مرهقٌ ومحفوفٌ بالتحدّيات. ولو أُخذ بعين الاعتبار منحُ استراحة غداء أطول أو تقسيمُ الاستجواب على يومين أقصر، لكان هذا أنفع للشاهد إضافةً إلى أنه شيءٌ تدعمُه المعاييرُ الدوليةُ لاستجواب الشهود.

ذكرَ كيسيل أن الشاهد والمترجم تمكّنا من التواصل بشكل جيد، ولكن مستوى لغة الشاهد الألمانية كان متقدمًا لدرجة أنه استطاع تصويب الأخطاء بشكل مباشر. ووفقًا لما أورده ضابط الشرطة، صحّح الشاهدُ المحضرَ بنفسه أثناء عملية إعادة ترجمته، إلّا أنه لم يُجرِ سوى تعديلاتٍ طفيفة. وبعد عقدِ استراحة، وردًّا على سؤال القضاة، وضّح الضابطُ أن المترجم الشفوي هو من دوّن تلك التعديلات.

ثم تبحّر القضاةُ في معاينة المحضر واستفسروا عن تفاصيل الإفادات السابقة. تمحورت الأسئلة حول كيفية لقاء P18مع علاء، والظروف العامة لعمل P18 في المشفى ومغادرته سوريا، بالإضافة إلى نقاطٍ أخرى. أبدى القضاةُ اهتمامهم بما تذكّره P18 عن بداية إساءة معاملة المرضى بشكل عام، وعن الوقائع العمليّة التي تتعلق بعلاء. وطَوال شهادته، أكّد كيسيل محتوى المحضر حينًا وعجز عن تذكّر التفاصيل حينًا آخر. وعندما جوبه بالفقرات المعنيّة من المحضر، سلّم بوجوب صحتها على الشكل الذي دُوِّنت فيه.

وبعد أن فرغ القضاةُ من أسئلتهم، لم يكن لدى الادعاء العام ولا محامي المدعين أية أسئلة. أمّا فريق الدفاع، فلم يُثِر من الأسئلة إلّا واحدًا طرحه المحامي العجي عن الجدول الزمني لحدثين، ألا وهو ما إذا تباهى علاءٌ بأنه أحدث أسلوبَ تعذيبٍ جديدٍ قبل اجتماعٍ مع رئيس القسم أو بعده، إلّا أن ضابط الشرطة لم يتمكن من الإجابة. وبهذا صُرِف الشاهدُ ورُفعت الجلسة.

اليوم السادس والثمانون - 27 تموز / يوليو 2023

شهدت في المحكمة هذا اليوم المترجمةُ الشفويةُ التي كانت حاضرة خلال مقابلة طلب اللجوء التي أُجريت مع P1. قدّمت الشاهدة إفادتها عن طريق مكالمة فيديو من اليونان. ونُصبت كاميرا في قاعة المحكمة لنقل صورة القضاة وأطراف القضية إضافة إلى المتهم علاء. ومَثَل في قاعة المحكمة مترجمٌ شفوي للترجمة بين اليونانية والألمانية. بدأ رئيس المحكمة كولر بالسؤال عن معلومات شخصية ثم أراد أن يعرف متى بدأت الشاهدة العمل مترجمةً شفوية. أجابت الشاهدة بأنها عملت في مجال الترجمة نحوًا من عشرين عامًا إلّا أنها تركت العمل منذ سنتين لأسباب صحية. سألها رئيس المحكمة إن كانت ما تزال تتذكر المقابلة التي أُجريت مع P1، ولكنها نفت ذلك مضيفةً أنها تنسى أحيانًا أخذ أدويتها. حاول كولر تنشيط ذاكرتها من خلال إعطائها كلمات مفتاحية وسرْدِ بعض الوقائع التي ذكرها P1 في مقابلة طلب اللجوء، وظلّ يحاول مرارًا وتكرارًا، إلّا أنّ جهوده ذهبت سدى.

بعد ذلك، سأل القاضي رودِه بضعة أسئلة فأجابت الشاهدة أنها وُلدت وعاشت في العراق إلى أن قدِمت إلى اليونان في عام 1993. وعند سؤالها عن الأمر، أوضحت أن لغتها الأم هي العربية، التي تتحدثها دون استخدام لهجة معيّنة، وأنها لم تتعلم اليونانية في المدارس، بل عن طريق حياتها اليومية. شكر رئيس المحكمة كولر الشاهدة قبل صرفها.

[ملاحظة: بدا على مُحيّا الشاهدة كبرُ السن والإرهاقُ، وكان لها عصًا تتوكأُ عليها. ولم يبدُ أنها كانت تتحدث اليونانية بطلاقة، ونوّه على ذلك المترجمُ الفوري في قاعة المحكمة. بَيْدَ أن رئيس المحكمة أخبر المترجم الشفوي أنه سيسأله عن ذلك لاحقًا حين يَمْثُلُ بصفة خبير لغوي. ورُغم أن مترجم المحكمة الرسمي الذي كان يترجم خلال الجلسات الفارطة من العربية إلى الألمانية كان حاضرًا في القاعة، وبالرغم من أنه استُدعي لهذه الجلسة خصّيصًا لترجمة إفادة الشاهدة - إذ كانت المحكمة على علم بأنها تتحدث العربية، إلّا أن رئيس المحكمة فضّل أن تستمر ترجمةُ إفادتها إلى الألمانية من اليونانية بدل العربية، على الرُّغم من تواضُعِ لغتها اليونانية. ومن جهة أخرى، لم تُتح فرصةٌ لتمحيص ادعاء P1، بأنّ لهجة المترجمة الشفوية كانت غير مفهومة، ولا لإخضاعِه للاختبار. ولو طُلب منها أن تُقدّم إفادتها بالعربية، لَاستطاع مترجمُ المحكمة الرسميَُ من تفنيد هذا الادعاء أو تأكيده، ولَكان بالإمكان سماعُ ما إذا كانت تتحدث عربيةً فصحى دون لهجة أو إذا كانت تستخدم لهجة معيّنة. وصُرف المترجمُ الشفوي الرسمي بعد صرف الشاهدة دون الانتفاع من خبرته اللغوية، إذ جلس حبيس الدكة إلى أن صُرف.]

بعد استراحة قصيرة، استُجوب المترجمُ الشفوي، الذي كان يترجم إفادة الشاهدة من اليونانية إلى الألمانية، بصفته خبيرًا لغويًّا. أشار القاضي كولر إلى تعليق الخبير اللغوي على لغة الشاهدة أثناء إفادتها، وطلب منه توضيحًا لما كان يقصده. قال الخبير اللغوي إن اللغة اليونانية التي تحدثت بها الشاهدة كانت غير متقنة قواعديًّا وإن الشاهدة جنحت إلى استخدام مصطلحات بسيطة ولم تفهم مصطلحات متخصصة أخرى تفوّه بها هو. واختتم بأن يونانية الشاهدة كانت "محدودة".

عرض القضاةُ بعدها محضر المقابلة التي أُجريت مع P1 بلغته الأصلية اليونانية وطُلب من الخبير اللغويَ أن يقرأ الترجمة الألمانية التي أُرسلت إليه ودقّقها في وقت سابق. [ترجم المحضرَ مكتبُ ترجمةٍ معتمدٌ، وأَرسلت المحكمةُ الترجمةَ للخبير اللغوي ليطّلع عليها]. بدا الخبير اللغوي مشتّتًا وتوقف كثيرًا أثناء الترجمة ليُعيد ترتيب أوراق المحضر أمامه لأنه ضلَّ الفقرةَ التي كان عليه أن يقرأها. تنبه رئيس المحكمة لذلك وأعطاه نسخةً مرتّبة. ورغم ذلك، استمرت هفواتُ الخبير اللغوي وسقطاتُه، فأغفل ترجمةَ كلماتٍ تارةً وترجمها خطأً تارة أخرى. على سبيل المثال، ما انفكّ الخبيرُ اللغوي يترجمُ ضمير المُلكيّة على أنه "عرفت الطبيب من معاملتي" عوضًا عن "عرفت الطبيب من معاملته". وحتى بعد أن نبّههُ القاضي إلى الأمر في نقاشٍ مطوّلٍ وعَقَد استراحةً أعطاه بعدها نسخةً أقرّ الخبيرُ اللغوي أنّها أوضحُ من الأولى، عاد الخبير اللغوي ليترجمها خطأ مرة أخرى. استشاط رئيس المحكمة غضبًا وتعجب من قدومِ الخبير اللغوي إلى الجلسة دون تحضير مسبق وتبديدِ وقت المحكمة والتفريطِ فيه. قال الخبير اللغوي إن لديه سببًا لا يستطيع الجهر به أمام الملأ، فأُذن له بالاقتراب من منصة القضاة وأسرّ به إليهم. بعد الاستراحة، سأل رئيسُ المحكمة كولر الخبيرَ اللغويَّ إن كان كلُّ شيء على ما يرام فأكّد الخبيرُ اللغوي ذلك. ولكن، كأنك يا زيد ما غزيت! إذ عاد الخبير للسهو في الترجمة. وختم الخبيرُ اللغوي تقييمَه النهائيَّ للترجمة بأنها جيدة وأنه لم يعارضها إلّا في ترجمة جملةٍ يتيمةٍ. وبعد أن انتهى عرضُ محضر المقابلة كاملًا، رفع رئيسُ المحكمة الجلسة.

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.