1 min read
داخل محاكمة علاء م #49 : "أأنت معنا؟"

داخل محاكمة علاء م #49 : "أأنت معنا؟"

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة التاسع والأربعون

تاريخ الجلسات: 11 و 13 تموز / يوليو 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.


يسرد تقرير المحاكمة التاسع والأربعون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين الثمانين والحادي والثمانين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. مَثَل شاهد جديد في المحكمة ليدلي بشهادته فيها. روى الشاهد كيف اعتُقل من بيته مع ابن عمه وكيف نُقلا إلى فرع الأمن العسكري مرورًا بأماكن مختلفة. ووصف الشاهد الضرب والتعذيب الذي تعرضا له والأوضاع المزرية في زنازين المعتقلين. ثم شرح الشاهد الأحداث التي جمعته بالمتهم وكيف تعرف على هويته وأين وممّن.

في يوم المحاكمة التالي، استفتح فريق الدفاع الجلسة بالتذمّر واشتكى إلى القضاة من أن الشاهد كان يحيد في إجاباته عن الأسئلة. وحاول الدفاع أن يهوّل من الأمر إلّا أن رئيس المحكمة أنهى المشكلة. عُرض بعد ذلك في المحكمة مخططٌ توضيحي رسمه الشاهد لمكان اعتقاله وبيّن عليه الأماكن وشرح أين وقعت الأحداث التي أخبر المحكمة عنها. ثم روى الشاهد تفاصيل عن وقائع شهدها في الزنزانة وأشخاصٍ التقى بهم فيها. وختم الشاهد بتصريح موجز أكّد فيه على أنه يقول الحقيقة غير مكترث بالنظام وأذنابه لأن هناك مئات آلاف المعتقلين والمفقودين الذين لا يعلم أحدٌ عنهم شيئًا.

أبرز النقاط:

اليوم الثمانون - 11 تموز / يوليو 2023

مَثَل في هذا اليوم شاهد جديد ليدلي بشهادته في المحكمة. أعلم الشاهد P19 القضاة في مستهل الجلسة بأنه يعاني من مشكلة في ظهره ولذلك لن يستطيع الجلوس لفترة طويلة تتجاوز الساعة. فطمأنه رئيس المحكمة كولر بأنه سيعقد استراحات متعددة. بعد عدة أسئلة حول معلومات عامة عن P19، أراد كولر أن يعرف أين كان يسكن P19 حينما بدأت الأحداث في سوريا في عام 2011 وكيف كان وضعه العام. قال P19 إنه كان يعيش في ريف حمص في منزل والده المتوفى، ويغدو إلى مدينة حمص ويروح منها. قال P19 إن المظاهرات ضمت مشاركين من كافة الأطياف، إلّا أن هناك من دسّتهم أفرع المخابرات فيها ليُكرِّهوا الناس بها. أراد كولر أن يعرف كيف اعتُقل P19، فأجابه P19 بأنه قفل إلى بيته مرة في عطلة نهاية الأسبوع وزاره ابن عمه هناك. وبينما هم جلوس في داره، إذ أحاط مسلحون بالمنزل وانتهى الأمر باعتقاله مع ابن عمه وأُخذا إلى إحدى القرى حيث استجوبه محقق أراد أن يعرف ما إن شارك P19 في مظاهرات أو إن كان يعرف أشخاصًا شاركوا فيها، فأنكر P19 ذلك. قال P19 إن المحقق وعده بإطلاق سراحه إن دفع له رشوة، إلا أنه بعد مضي بعض الوقت باشر مسلحون في ضرب P19 وابن عمه، ثم ساقوهما إلى فرع الأمن العسكري حيث تعرضا للضرب عند وصولهما وفي الطريق إليه.

قال P19 إنهما أُخذا إلى زنزانة تعجّ بالمعتقلين. ووصف P19 الزنزانة وبعض الأفراد فيها بدقة. حكى P19 للقضاة كيف عُصبت عيناه وابن عمه قبل أن يُؤخذا إلى مبنى آخر تعرضا فيه للضرب والشبح وخضعا للتحقيق الذي تبين لـ P19 خلاله أن سبب اعتقاله كان وشاية أحد أقاربه به. بينما كان P19 يسرد قصته، إذ لاحظ القاضي رودِه أن المتهم علاء كان يضحك. فسأله رودِه إن كان هناك أمرٌ ما يدعوه لذلك، وأجاب علاءٌ بأنه كان متعجبا فحسب. سأله القاضي رودِه إن كان هناك [عند وقوع تلك الأحداث]، فأكد علاء ذلك. إلا أن علاء استدرك خطأه وأوضح أنه كان سوء فهم منه، إذ ظن أن القاضي سأله عما إن كان متابعًا لما يجري في قاعة المحكمة ولذلك أجاب بالإيجاب، ولم يقصد أنه كان مع الشاهد آنذاك. [التعبير الذي استخدمه القاضي في سؤاله قد يُفهم منه أنه يسأل عن الأحداث التي يرويها P19، وقد يُفهم منها أن السؤال كان "هل أنت معنا؟" ولذلك طرأ ذلك الإشكال في الفهم.]

تمحورت أسئلة القضاة بعد ذلك عن أوضاع المعتقلين في الزنزانة، فوصف P19 الأوضاع السيئة فيها وبعض المعتقلين الذين التقى بهم فيها، كان من بينهم معتقلٌ أخبر P19 أنه أُسعف إلى مشفى حمص العسكري وسمع شخصًا يقول إن عليهم أن يقصوا خصيتي ذلك المعتقل، فردّت عليه طبيبة قائلة "لو سمحت يا دكتور علاء اخرج، فهذا ليس من اختصاصك"، ثم أجرت له العملية الجراحية. ولاحقًا في الزنزانة، تعرف ذلك المعتقل على المتهم علاء وقال لـ P19أنه كان نفس الطبيب الذي طلبت منه الطبيبة في المشفى الخروج من الغرفة. وكان ذلك عندما أتى علاء مع شعيب النقري إلى الزنزانة لعلاج المعتقلين المرضى. استفاض القضاة في السؤال عن تلك الواقعة وأرادوا أن يعرفوا متى قرن P19 بين الاسم "علاء" وشخص بعينه، فأجاب P19 بأنه رأى المتهم علاء من فتحة في باب الزنزانة في واقعة أخرى ولم يكن يعرف اسمه حينها، إلّا أنه بعد أن رأى صوره التي انتشرت على الإنترنت، تذكر أنه كان الطبيب الذي رآه في الواقعة الثانية، وعلم أن اسمه كان علاء عن طريق معتقلين آخرين. أسهب القضاة بالسؤال عن الواقعتين معربين عن تفهمهم بأن لدى P19 الكثير ليرويه ولذلك أجلوا الحديث عن الأمر للجلسة القادمة. [ملاحظة: كان من الجلي أن في جعبة الشاهد الكثير ليرويه. إذ استفاض في سرد الأحداث وذكر كثيرًا من القصص وأسماء أشخاص وأماكن عديدة. وبدا أن كل تلك المعلومات قد غشيت القضاة وأطراف القضية.]

اليوم الحادي والثمانون - 13 تموز / يوليو 2023

في بداية جلسة هذا اليوم طلب محامي الدفاع العجي من مترجم المحكمة أن ينوه متى ما استخدم الشاهد لهجة أخرى في حديثه [كأن يقلّد شخصًا ما في أسلوب حديثه]، مشيرًا إلى أن الشاهد فعل ذلك في الجلسة السابقة. استأنف القضاةُ بعد ذلك استجواب الشاهد P19. استفتح القضاة بطرح أسئلة توضيحية لما ذكره P19 في الجلسة الماضية. اشتكى محامي الدفاع إندريس من أن P19 كان يحيد في إجاباته عن الأسئلة إلى مواضيع أخرى، وطالب القضاةَ بإلزام الشاهد بالإجابة عن الأسئلة بدقة. وادعى أن الشاهد كان يتحدث لدقيقتين ليُتبعه مترجم المحكمة بترجمة مقتضبة. قاطع رئيس المحكمة القاضي كولر إندريس وقال إن ما وصفه إندريس كان غلوًّا ومبالغة، واوضح أن القضاة لم يرغبوا في مقاطعة الشاهد ليتركوا له مساحة للتعبير ولئلّا ينسى معلومات يودّ قولها.

عُرض بعد ذلك مخطط توضيحي للمكان الذي كان P19 معتقلًا فيه، فشرحه P19 وبيّن أين وقع كل حدث ذكره آنفًا. ثم روى P19 كيف دخل إلى الزنزانة مع ابن عمه ليجدا جثة ملقاة فيها، ووصف P19 الرائحة القوية للجثة وكيف نقلوها خارج الزنزانة في اليوم التالي. وبعد أن أمضيا وقتًا في الزنزانة التي تفوح منها رائحة نتنة، جُلب شخص تبيّن لاحقًا أنه كان أخ المتوفى الذي كانت جثته في الزنزانة. وصف P19 كيف كان يبكي ذلك الشخص ويصيح وكيف انكبّ على الأرض يقبّل المكان الذي كانت فيه جثة أخيه. ثم حكى ذلك الشخص لـ P19 ومن معه عن أخيه الذي كان مصابًا بالصرع وكيف توفي. أردف القضاة بأسئلة مستفيضة عن تلك الواقعة وعن أحداث وأشخاص ذكرهم شهودٌ سابقون أثناء شهادتهم في المحكمة. [ملاحظة: عندما كان يسرد الشاهد قصته، كان يتحدث بسرعة لم تُمكّن إحدى القضاة[1] من مجاراته في الكتابة. فطُلب من الشاهد ألّا يبدأ في جملة جديدة قبل أن يشار إليه بأن الجملة السابقة قد انتهت].

وأخيرًا، روى P19 قصة شخص كان معتقلًا معه وطريقة شبحه وإصاباته، وقال إنه التقى بعد إطلاق سراحه بأحد أقارب ذلك المعتقل والذي أخبره أن ذلك المعتقل توفي تحت التعذيب في مشفى حمص العسكري بعد أن نُقل إليها. وسأل بعدها القضاة عن معتقلين معيّنين وصفهم شهودٌ سابقون في جلسات سابقة. وفي ختام الجلسة، قال P19 إنه يقول الحقيقة التي شهدها بنفسه كما يُملي عليه ضميرُه وواجبُه وإنه لم يخف من شيء حين كان معتقلًا كما لا يخاف شيئًا الآن، خلا خوفه على عائلته لأنه يعرف أن النظام المجرم له أذنابٌ كُثر من جنسيات عدة. وأضاف أنه سيقول كلَّ ما يعرفه عن أي مجرم وأنه يودّ إيصال الحقيقة لأنه هناك مئات المفقودين الذين لا يُعرف عنهم شيءٌ ولا تعلم عائلاتهم مصيرهم. شكر رئيس المحكمة كولر الشاهد ورفع الجلسة.


[1] من بين القضاة الخمسة، هناك قاضية مكلفة بكتابة محضر شهادة الشهود

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.