داخل محاكمة علاء م #45: ترهيب الشهود
المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا
موجز مراقبة المحاكمة الخامس والأربعون
تاريخ الجلسة: 1 حزيران / يونيو 2023
تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب
يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.
في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.
يسرد تقرير المحاكمة الخامس والأربعون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم الخامس والسبعين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. مَثَل في المحكمة هذا اليوم شاهدٌ كان زميلًا سابقًا للمتهم وعمل معه في مشفى حمص العسكري. استهلّ القضاة الجلسة بالسؤال عن طبيعة العمل في مشفى حمص العسكري، ثم أردفوا بالسؤال عن الوقائع التي أساء فيها الأطباء معاملة المرضى المعتقلين. وبعدما ساور القضاةَ إحساسٌ بارتباك الشاهد، أوقفت الجلسة وصرّح رئيس المحكمة للأطراف عن اشتباه تسريب معلوماتٍ قام به أحد أطراف القضية. وعندما استوضح رئيس المحكمة من الشاهد، أقرّ الشاهد أنه تعرض للتهديد وأن المخابرات السورية تعلم عن استجواب الشرطة له وعن شهادته في المحكمة. وبعد بيان صرّح فيه رئيس المحكمة بأن المحكمة مُلزمة بتقصي الحقيقة وحاول فيه طمأنة الشاهد، استأنف القضاة استجواب واستعلموا عن وقائع أُسيئت فيها معاملة المرضى المعتقلين. وخصّوا بالسؤال الوقائعَ التي يُزعم أن المتهم اقترف فيها تلك الإساءات.
[ملحوظة: يورد المركز السوري للعدالة والمساءلة تقاريرَ محايدةً عن مضمون الإجراءات، ويقدّم عادة الرواية الكاملة لكل شاهد طالما أنها تحترم نزاهة المحاكمة. تلقى العديد من الشهود في هذه المحاكمة تهديدات، وأصّل تحقيقٌ أجراه مؤخرًا المركز السوري للعدالة والمساءلةالمخاوفَ التي تتعلّق بترهيب النظام السوري للشهود. ولذلك قرّر المركز السوري ألّا يُفصح عن الشهادة الكاملة لحماية الشاهد وأقاربه.]
أبرز النقاط:
اليوم الخامس والسبعون -1 حزيران / يونيو 2023
في يوم المحاكمة هذا، مَثَل في المحكمة الشاهد P18 الذي كان زميلًا سابقًا للمتهم وعمل معه في مشفى حمص العسكري. أراد القضاة بادئَ بَدءٍ أن يستشفّوا معلومات عامة عن العمل في المشفى في بداية الأحداث في سوريا، فسرد P18 شرحًا عن طبيعة عمله وكيف أثّرت الحرب على العمل في المشفى. أراد القضاة أن يعرفوا إن كان العسكريون والمدنيون سوية يتلقون المعاملة نفسها في المشفى، فوضّح P18 أن ذلك كان يحدث بشكل عام، إلا أنه سمع عن ’حالات استثنائية‘ لم يشهد أيًّا منها. وحينما استوضح القضاة عما عناه P18 بـ ’الحالات الاستثنائية‘، بيّن أنه سمع عن حالات إساءة للمرضى وضربهم، وأن غالب من كان يقترف ذلك هم عسكريون وممرضون، وأضاف P18 أن إدارة المشفى لم تكن راضية عن ذلك الأمر وكانت توبّخ أي شخص يتناهى إلى مسامعها أنه كان يقوم بذلك. وعندما سأل القضاة عمَا إن توقفت تلك الممارسات عقب ذلك التوبيخ، أجاب P18 بأنه سمع عن ذلك الأمر[1] من الإعلام ولكنه لم يشهده بنفسه.
تجلّى على الشاهد الارتباك، فأعلن رئيس المحكمة كولر عن استراحة قصيرة ليتباحث القضاة فيما بينهم، عاد بعد انقضائها ليُفطّن الشاهد بأن لدى القضاة محضرَ استجواب الشرطة الذي بدا فيه أن الشاهد صرّح فيه بأقوال مغايرة لما أفاد به في المحكمة. قال رئيس المحكمة إن استجواب القضاة سيُستكمل باقتباسات من المحضر، غير أن فريق الدفاع اعترض محاجِجًا بأن الشاهد يروي ما يعرفه في الوقت الحاضر، فوافق رئيس المحكمة على استئناف الاستجواب دون اقتباسات في الوقت الراهن. استمر القضاة بالسؤال عن طبيعة العمل والمناوبات في المشفى، فبيّن P18 تلك الأمور ووضّح أن إساءة المرضى كانت تحدث إما في قسم الطوارئ أو قسم الموقوفين في قسم الجراحة العامة، ولكنه لم ير حالات تُفضي إلى الوفاة. ووصف الشاهد كيف كان المعتقلون المجهولو الهوية مقيّدين في أسرّتهم. وعدّد P18 أسماء بعض الأطباء الذين أساؤوا للمرضى وكان منهم علاء، وشدّد على أنه لم يعد على تواصل مع أي منهم منذ أن ترك العمل في المشفى. أراد القضاة أن يعرفوا مدى تواتر الإساءات، فوضّح P18أنه لم يكن يحضر كثيرًا إلى قسم الطوارئ حيث كانت تحدث. فبيّن القضاة أن P18 أدلى بإفادات مغايرة لذلك في استجواب الشرطة يُفهم منها أنه كان هناك بشكل يومي.
أوقف رئيس المحكمة الجلسة معلنًا عن استراحة قصيرة وطلب من الأطراف أن يدنوا من منصة القضاة لتباحث أمرٍ ما، ثم أغلق الميكروفون وخاطب الأطراف ليتبيّن بعدها أنه لم يُعلِم أحدًا بالشاهد الذي سيتم استدعاؤه لهذا اليوم خلا أطراف القضية عن طريق بريد إلكتروني بعثه إليهم. وأضاف أن تلك المعلومة - على ما يبدو - قد سربها أحدٌ ما، وبذلك إمّا أن يكون بريده الإلكتروني قد اختُرق وإمّا أن أحد أطراف القضية قد سرّب تلك المعلومات ووصلت إلى مسامع المخابرات السورية. طالب رئيس المحكمة الأطراف أن يستغلّوا الاستراحة للتفكّر في الأمر لأنه يريد معرفة من الذي قام بذلك. وأضاف أن الشاهد مُلزمٌ بقول الحقيقة، وأنه قد يتعرّض للعقاب إن أدلى بخلاف ذلك. [ثم نَفَر الأطراف إلى الاستراحة يتحدث بعضهم إلى بعض. سأل محامي الدفاع إندريس المتهمَ أثناء الاستراحة إن كان قد تحدث مع أحدهم عن ذلك الأمر خلال مكالمة أجراها على ما يبدو قبل البارحة، فأنكر علاءٌ ذلك].
بعد الاستراحة، أراد رئيسُ المحكمة كولر أن يتأكد من الشاهد إن كان قد مسّه تهديدٌ معيّن، فأقرّ الشاهد بذلك. طلب كولر من P18 أن يرويَ له ما حصل. [كُتمت الأقوال هنا لحماية الشاهد]. سأل رئيس المحكمة كولر الشاهدَ P18 إن كان لديه مخاوف على أهله بسبب إفاداته في المحكمة، فأقرّ P18 بذلك. تساءل كولر ما إذا كان يُراود P18 شعورٌ بأن حريّته لإعطاء أقواله كاملة كانت مقيّدة، فأقرّ P18 بذلك.
صرّح رئيس المحكمة القاضي كولر بأن هذا أمرٌ مُشكل، إذ أن القانون يفرض على المحكمة تحرّي الحقيقة. فالقضاة مُلزمون بإثارة الأسئلة والشاهدُ مُلزمٌ بالإجابة. وقد تُوفّر الدولة الألمانية الحماية للشهود وأقاربهم الذين يقطنونها. ولذلك، توخّى القضاةُ الحذرَ عندما أشعروا أطراف القضية بجلسة اليوم، ولم يُخبروا احدًا علانية. ويُريبُ القضاةَ أن أحد الأطراف الذين تلقوا البريد الإلكتروني من المحكمة قد سرّب تلك المعلومة. أشار القاضي إلى الادعاء العام وبيّن أن في يدهم صلاحيات ومسؤولية تنفيذ ملاحقات قضائية بهذا الصّدد، إن كانت هناك شبهة في عمل جنائي. طلب كولر من P18 أن يسمح له بتوجيه الأسئلة رغم أنه يعلم الوضع الصعب الذي يمرّ فيه. استحضر كولر مواقف مشابهة حدثت مع شاهد سابق، اضطرت المحكمة في أحدها إلى تأجيل شهادة أحد الشهود لبضعة أسابيع بسبب أمر مماثل. واستطرد كولر قائلًا إن الحكومة السورية ترجو أن يعترف بها المجتمع الدولي، وإن بعض الحكومات باتت ترحّب بالأسد. وأكّد كولر أن المحكمة لن ترضخ للنظام السوري، وأنه إن وقع ضررٌ ما على أحدٍ في سوريا بسبب إدلاء P18 بأقواله في القضية في ألمانيا، فإنه يصدع بصوت عالٍ أن على النظام السوري أن يعرف أن هذا سيُرفع إلى مجلس الأمن، إن حاول النظام السوري إعاقة عمل المحكمة. وذيّل كولر مقدّرًا وجود P18 في المحكمة.
بعد بيان رئيس المحكمة، استأنف القضاة استجواب P18 وسألوه عن وقائع شهدها أو سمع عنها وأساء فيها أطباءٌ معاملة مرضى معتقلين، ومنها الواقعة التي يُزعم أن علاء أحرق فيها المنطقة التناسلية لأحد المرضى. وبعد ذلك، سأل القضاة عن عمليات أجراها أطباءٌ، ومنهم علاء، لمرضى دون تخدير. وأسهب القضاة بالسؤال عن نوع العملية الجراحية التي أجراها علاء وزمانها ومكانها ومن شارك فيها. وراوح القضاة بين فينة وأخرى مقتبسين من محضر استجواب الشرطة تارة، ومن شهادة P15 تارة أخرى، وقارنوا بينهما وبين ما أدلى به P18 في المحكمة.
يبدو أن الشاهد كان يشير هنا إلى ”إساءة المعاملة“ وليس إلى ”توبيخ إدارة المشفى“. [1]
________________________________
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.