1 min read
داخل محاكمة علاء م #36: "صحافةٌ مخزية"

داخل محاكمة علاء م #36: "صحافةٌ مخزية"

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة السادس والثلاثون

تاريخ الجلسات: 7 و 9 آذار / مارس 2023

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

يسرد تقرير المحاكمة السادس والثلاثون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين التاسع والخمسين والستين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. كُرِّست جلسة المحاكمة الأولى من هذا الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على استجواب الشاهد P12. ولكن قبل دخول الشاهد إلى قاعة المحكمة، هاجم الدفاعُ الصحافةَ بسبب مقال نشرته سابقًا صحيفة FAZ الألمانية. ولمّح المحامي إندريس إلى أن الصحافة ازدرت حقوق المتهم. وفي الاستجواب الذي أعقب ذلك، أدلى P12 بشهادته بخصوص بضعة أسئلة تبقّت لفريق الدفاع وتتعلق بإفاداته السابقة، ومقابلة طلب لجوئه، ومعلومات في سيرته الذاتية. وفي اليوم الثاني، سُئل المتهم عن بطاقة هاتف محمول "SIM" صادرتها الشرطة، وتلت المحكمة مذكرةً صاغتها الشرطة الاتحادية بعد مراقبتها لهاتف المتهم. وخُتمت الجلسة باستجواب كبير محققي مكتب الشرطة الجنائية الفدرالية، السيد دويْسينج، الذي مَثَل بصفته خبيرًا في القضية.

أبرز النقاط:

اليوم التاسع والخمسون - 7 آذار / مارس  2023

خُصّصت جلسة المحاكمة هذه لإتمام استجواب الشاهد P12، زميل علاء السابق. وقبل أن يُطلب من الشاهد ولوج قاعة المحكمة، طلب محامي الدفاع إندرس أن يُدليَ ببيان. بدا إندريس مهتاجًا وبدأ في مهاجمة الصحافة مشيرًا إلى مقال نشرته في الأسبوع السابق صحيفة FAZ، وهي صحيفة محلية ذات جمهور واسع وسمعة طيبة. ووفقًا لما ذكره المحامي إندرس، فإن المقال غير دقيق وحوى بعض التفاصيل الخاطئة. وصرّح قائلًا: "إن تمت تبرئة المتهم، فلن نعرف ما إذا كان هو. وإذا تمت إدانته، فما زلنا لن نعرف ما إن كان هو". وفجعه حال الصحافة إذ لم تحترم افتراض أن المتهمَ بريءٌ حتى تثبت إدانته. كما صرّح بأن الصحافة لعبت "دورًا مَشينًا" في هذه المحاكمة. وحذّر في كلمته التي راوح فيها بين القضاة تارةً والجمهور تارةً أخرى من أن هذه المحاكمة ستُعدّ باطلة بشكل مرجّح إذا ما عُقدت في الولايات المتحدة، بسبب مفهوم "ازدراء المحكمة".

[ملاحظة توضيحية: يشير "ازدراء المحكمة" وفقًا لقانون الولايات المتحدة إلى عمل ينمّ عن عدم احترام المحكمة أو عصيانها أو التدخل في سير عملها المنظم مثل تعطيل إجراءات المحكمة أو عصيان أمر صادر عنها أو ترهيب الشهود. ويمكن أن تُبطِل محكمةٌ أمريكيةٌ إحدى المحاكمات إذا وُصمت هيئة المحلفين المدنية بالفساد بسبب عرض أدلة غير مقبولة عليها. ومع ذلك، لا توجد محاكمات تحوي هيئة محلفين في ألمانيا.]

ردّ محامي المدعين رايجر بأنه ينبغي أن يحترم المحامي إندريس حرية الصحافة وإن لم يستسغ المضمون. بيد أن رئيس المحكمة كولر تبنّى موقف إندريس حول المقال الذي نشرته صحيفة FAZ آخذًا تصريح إندريس في الاعتبار. وبعد أن استوضح رئيس المحكمة من الأمر، تبيّن أن المحامي رايجر لم يقرأ المقال، وإنما كان يصرّح بشكل عام.

[ملاحظة: لم يَعُد المقال متاحًا على موقع FAZ الالكتروني في يوم المحاكمة. ولم تُعرف ملابسات إزالته.]

بعد هذا "البيان الافتتاحي"، استُدعي الشاهد ليستجوبه فريق الدفاع الذي بدأ في إثارة أسئلته في الجلسة السابقة ولكنه لم ينته منها. وتسلّم محامي الدفاع بون زمام المبادرة. وخلافًا لأعضاء فريقه، كان من الملاحظ أنه اصطفى أسئلته برَوِيَّة وعُنِيَ بانتقاء الكلمات والألفاظ تلافيًا لأي تدخل محتمل من القضاة. ورغم ذلك، رُفضت عدةُ أسئلة. وكان الدفاع مهتمًّا  بشكل عام بإزالة الضبابية التي  أحاطت بتفاصيل وردت في استجواب الشرطة الجنائية الاتحادية. ونظرًا لأن بعض الأسئلة كانت في الواقع مسائل إدارية، فقد تم تأجيلها إلى اليوم التالي الذي سيُدلي فيه محققٌ من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية بشهادته. وأراد الدفاع معرفة المزيد عن الأشخاص الذين عدّهم P12 شهودًا محتملين في القضية. إذ ذكر P12 أحد زملائه السابقين مرات عدّة فسأله فريق الدفاع عما إذا كان يعرف مكانه، ولكن الشاهد نفى ذلك. وسأل الدفاع عما إذا كان يعرف مكان الشخص الذي زعم علاءٌ أنه اتهمه زورًا، فنفى الشاهد ذلك مرة أخرى.

بعد أن استنكر الدفاع كثيرًا مما ورد في إفاداتٍ ومذكراتٍ سابقةٍ تضمنتها ملفات القضية، سأل عن مقابلة طلب لجوء P12 الخطية. ووفقًا لملف القضية، نفى P12 أنه قد شَهِد انتهاكاتٍ أو جرائم جسيمةٍ لحقوق الإنسان في سوريا أو أنه قد تعرّض لها.

[ملاحظة توضيحية: في عامي 2014 و 2015، قام المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين بإجراءات خطية سريعة للفارين من سوريا وإريتريا وللمنتمين إلى أقليات معينة من العراق. وقد استُعيض عن المقابلات الشخصية بالاستمارات الخطية. وطُلب من ملتمسي اللجوء أن يجيبوا عن أسئلة معينة عن طريق التأشير على "نعم". ويقتضي  السؤال الذي أشار إليه الدفاع من مقدمي الطلب أن يُبيّنوا ما إذا كان لديهم علمٌ بجرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم ارتكبها مقاتلون ضد مدنيين، أو عمليات الإعدام والمقابر الجماعية، أو استخدام الأسلحة الكيميائية.]

بما أن P12 أشّر على "لا" في استمارة الطلب، تباحث أطراف القضية ما إذا كان ينبغي أن يُعتَدّ بما أورده في شهادته من قيل وقال وبالحادثتين اليسيرتين اللتين كان شاهد عيان عليهما ويُؤخذا بعين الاعتبار حين الإجابة على هذا السؤال. إلّا أن هذه المسألة ظلّت دون إجابة.

وختامًا، تناول محامي الدفاع العجي والمتهم بعض التفاصيل التي أوردها P12في سيرته الذاتية. وأراد كلاهما أن يعرفا سبب إعراضه عن ذِكر مواقع وأسماء المشافي التي يُفترض أنه عمل بها. ورغم أن P12 قدّم تفسيرًا معقولًا، ماحَك علاءٌ مرارًا بأن P12 لم يذكر أنه مشفى عسكري، ليدفعه بإلحاحٍ إلى تقديم مزيدٍ من التفاصيل. بَيْد أنّ P12 لم يضطرب أو يرتبك وكرّر ردّه.

في نهاية الجلسة، وبعد أن تذمّر علاءٌ واشتكى، اعتذر محامي الدفاع إندريس عن تصريحه السابق بأنه لا يعرف ما إن كان المتهم بريئًا أم لا، وأوضح أنه لا يزال يؤمن ببراءة موكله.


اليوم الستون - 9 آذار / مارس  2023

خُصّص  اليوم الستون من جلسات محاكمة علاء م لاستجواب المتهم بخصوص بطاقة الهاتف المحمول التي صادرتها الشرطة، ولقراءة مذكرة صاغتها الشرطة الاتحادية بعد مراقبة هاتف محمول، ولاستجواب كبير المحقّقين في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، السيد دويْسينج، بصفته خبيرًا في القضية.

بعد افتتاح الجلسة، أوضح القضاة أنه تم فحص بطاقة هاتف محمول صادرتها الشرطة أثناء تفتيش ممتلكات المتهم. واكتشفت الشرطة بالتالي أنها كانت مسجلة باسم "فازانا فازانا". ولهذا أراد القضاة أن يعرفوا سبب تسجيل بطاقة الهاتف المحمول بهذا الاسم ومن كان هذا الشخص. أوضح علاءٌ أنه لم يشترِ البطاقة بنفسه، بل طلب من أحد أقاربه أن يفعل ذلك من أجله بعدما أُثيرت الادعاءات ضده. وتابع علاءٌ قائلًا إن قريبه اشترى البطاقة من أفغانيٍّ في متجر صغير في المدينة التي كان يقطنها. وأوضح أنها بطاقة مسبقة الدفع، وكانت مُفعّلة بشكل مباشر، ولم يكن مضطرًا إلى إضافة أي بيانات شخصية ولم يتعيّن عليه أن يقوم بالتسجيل. ولهذا السبب،  لم يستطع علاء أن يقدّم أي تفاصيل عن هوية الشخص أو اسمه.

بعدما أوضح علاءٌ ما يتعلق بالبطاقة، تمت تلاوة التقرير الذي أعده مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية عقب مراقبة هاتف علاء المحمول. وراقبت الشرطة أربعة أرقام مختلفة، استمرت مراقبة ثلاثة منها مدة أسبوعين تقريبًا. وبترت شركة الاتصالات عملية مراقبة أحد الأرقام بعد أسبوع واحد لأن الشرطة لم تُسلّم الأمر القضائي الأصلي. وتضمن التقرير تفاصيل عدة مكالمات هاتفية أجراها علاءٌ أو وردت إليه. وتتعلّق هذه المكالمات بالاتهامات، وبمعلومات عن خلفية القضية، وبمساعي علاء إلى مغادرة البلاد. ووفقًا لتقييم الشرطة، فقد تم رصد معظم المكالمات على أنها محادثات مع معارف بخصوص فيلم الجزيرة الوثائقي، ومقالات زمان الوصل، وتقارير صحيفة دير شبيجل الألمانية. وذكر تقرير مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية أن علاءً استمر في إنكار جميع الاتهامات. وقدم في المكالمة تفسيرات محتملة لسبب تعرضه للهجوم. وذكر مجدّدًا أن شخصًا معينًا اتهمه زورًا بسبب ديانته المسيحية. وحددت الشرطة هوية أطراف المحادثة وأجرت تحريات عن خلفيتهم، وكان لأحدهم سجل عريض في الشرطة. لاح على علاء القلق بشأن السجل الجنائي لهذا الشخص وطلب من القضاة أن يشرح العلاقة التي تربطهما بعد الانتهاء من قراءة الملف. أوضح علاءٌ أنه التقى بهذا الشخص في ألمانيا في ورشة الميكانيك التي كان يديرها. وكانت علاقتهما قائمة على أن علاءً كان يصلح سيارته عنده، إضافة إلى جنسيتهما السورية. لم يكن القضاة مهتمين بأي تفاصيل أخرى بخصوص ذلك الشخص.

أورد تقرير مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية تفاصيل عن العديد من أطراف المحادثات الآخرين. وتم تحديد شخص على أنه دبلوماسي من السفارة السورية في برلين. ووفقًا لملف القضية، اتصل بعلاءٍ لإبلاغه بأن العودة إلى سوريا قد أُقرّت. وعَرض على علاءٍ أن يغادر في غضون يومين، وهو ما رفضه علاء. وبرّر علاءٌ بأنه لم يكن مستعدًّا بعد، ولكنه تساءل عما إذا كان السفر متيسّرًا في مواعيد أخرى، إلّا أن الدبلوماسيّ لم يستطع أن يضمن له وجود بدائل. وأدلى علاء في وقت لاحق بإفادات إضافية عن الأشخاص والأحداث، غير أنه اجترّ نفس الحجج التي دفعته إلى رفض الاتهامات الموجهة إليه.

كُرّس الجزء الأخير من يوم المحاكمة لشهادة كبير محققي مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية دويْسينج الذي استُدعي بصفته شاهدًا في القضية. أجرى السيد دويْسينج استجواب الشرطة الأول للشاهد P12 وطُلب منه تقديم تفاصيل تتعلق بمحتوى الاستجواب وشؤونه الإدارية. وأشار القضاة عدة مرات إلى أنهم يعرفون أن طريقة عمل دويْسينج دقيقة ونَيِّقة. وردًّا على استفسار رئيس المحكمة، أوضح دويْسينج أن معظم ما يستحضره مبنيٌّ على ما استقاه من وثائق ملف القضية وليس من ذاكرته الحاضرة. وقد أكد دويْسينج بشكل جوهري جميع التفاصيل التي دُوِّنت في المحضر. وعندما نشأت تبايناتٌ بين أقوال P12 في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية وبين شهادته في المحكمة، أوضح دويْسينج أنه لا يستطيع الحكم على أي معلومات خارج نطاق الاستجواب الذي أجراه بنفسه.

بعد أن أنهى القضاة استفساراتهم، ونأى المدعون العامون ومحامو المدعين عن السؤال، أثار فريق الدفاع بعض الأسئلة. وفي حين أن معظم الأسئلة بدت مُزجاة، برز سؤال واحد. إذ كان مدوَّنًا أن دويْسينج سأل P12 عما إذا كان قد تحدث إلى زميل معيّن عن المتهم، فنفى الشاهد ذلك بشدة. إلّا أن P12 شهد في المحكمة بأنه أجرى محادثة حول شائعات التعذيب وسوء المعاملة التي تحوم حول علاء. وصُرف دويْسينج بعد أن أكّد أن P12 كان حازمًا في رده لدرجة أنه لم يطرح مزيدًا من الأسئلة، وبدا أن الدفاع كان قرير العين بردّه.

______________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.