2 min read
داخل محاكمة علاء م #108: سِجْنٌ مَدى الْحَياة، جَسامَةُ ذَنْبٍ شَديدَةٌ، وَحَبْسٌ احْتِرازِيّ: نِهايَةُ بَحْثٍ عَنِ الْحَقيقَةِ دامَ ثَلاثَةَ أَعْوامٍ وَنِصْف

داخل محاكمة علاء م #108: سِجْنٌ مَدى الْحَياة، جَسامَةُ ذَنْبٍ شَديدَةٌ، وَحَبْسٌ احْتِرازِيّ: نِهايَةُ بَحْثٍ عَنِ الْحَقيقَةِ دامَ ثَلاثَةَ أَعْوامٍ وَنِصْف

محاكمة علاء م.

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الثامن بعد المئة والأخير

تاريخ الجلسة: 16 حزيران / يونيو 2025

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ حيّةً للتعذيب أو الاغتصاب أو صورٍ أخرى من العنف.

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

في هذا الموجز، [المعلومات الموجودة بين قوسين معقوفين هي ملاحظات من مراقبينا في المحكمة] و"المعلومات الواردة بين علامتي اقتباس هي أقوال أدلى بها الشهود أو القضاة أو المحامون". كما تمّ حجب أسماء الشهود والمعلومات التي قد تحدّد هويتهم.

[ملحوظة: يواظب المركز السوري للعدالة والمساءلة على تقديم موجز للإجراءات مع حجب بعض التفاصيل حمايةً لخصوصية الشهود وصَونًا لنزاهة المحاكمة.]

يسرد تقرير المحاكمة الثامن بعد المئة الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليوم السابع والثمانين بعد المئة من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا، والذي اختُتمت به محاكمةٌ استمرت لأكثر من ثلاثة أعوام.

أصدرت المحكمة اليوم حُكمها على علاء م وقَضَت بما يلي:

يُعدّ المتهم مذنبا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق قتل [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] عمدا ضمن هجوم منهجي وموسّع ضد المدنيين وفقًا للفقرة 7 (1)(1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي.

ارتكب المتهم جرائم ضد الإنسانية عن طريق تعذيب سجناء في عهدته وفقا للفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. ليس هناك شكٌّ في جسامة الاعتداء، وخصوصا طبيعته، ويجب تقييم مداه الفعلي. ولا يُشترط إلحاق ضرر دائم بالصحة.

يُعدّ المتهم مذنبا بمحاولة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق حرمان الشخص من القدرة على الإنجاب، بموجب الفقرة 7 (1)(6) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والمادة 22 من القانون الجنائي الألماني. بالاقتران مع جرائم ضد الإنسانية عن طريق التعذيب بموجب الفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي.

تُشكّلُ ثلاثُ حالات جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنسانية: إذ ارتكب المتهم جريمة حرب ضد أشخاص أضرت بـ[حُجب الاسم] وفقًا للفقرة 8 (1)(1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي، وفي حالتين وفقًا للفقرة 8 (1)(3) من القانون نفسه.

يتحمّل المتهم مسؤوليةً جنائيةً عن القتل العمد بموجب الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني. وهدفَ التبجّحُ بقتل [حُجب الاسم] إلى ردع أي تمرد ضد النظام القمعي، وجعْلِه عبرة، وهو ما يستوفي شرط الدوافع الدنيئة المنصوص عليه في الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني.

العقوبة المُجمَّعة:

 في حالات الجمع بين عدة عقوبات تشمل السجن المؤبد وعقوبات محددة المدة، يُلزِمُ القانونُ فرضَ عقوبة السجن المؤبد بوصفه العقوبة المُجمَّعة.

ارتكب المتهم جرائم ضد الإنسانية عن طريق تعذيب سجناء في عهدته وفقا للفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. ليس هناك شكٌّ في جسامة الاعتداء، وخصوصا طبيعته، ويجب تقييم مداه الفعلي. ولا يُشترط إلحاق ضرر دائم بالصحة.

 جسامة الذنب الشديدة:

 عموما، تنطبق الفقرة 57 (أ) من القانون الجنائي الألماني. غير أنه إذا ثبتت جسامة الذنب الشديدة، فلا ينطبق تعليقُ ما تبقى من العقوبة بعد انقضاء 15 عاما، ويتوجب على المحكمة أن تتخذ تدابير مناسبة طويلة الأجل. ويُبرّر جسامةَ الذنب الشديدة ما يلي: ارتكابُ جريمتين تتضمّنان القتل، وتُشكّل إحداهما كذلك جريمةَ حرب بموجب الفقرة 8 (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي مُرتكبةً في فعل واحد، وجريمةَ قتل عمد أخرى بموجب الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني، وثمانية أفعال أخرى. وإضافة إلى ذلك، عند أخذ شهادة P57 بعين الاعتبار، كان لحالات قتل المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية في تشرين – رغم أنها لم تكن جزءا من لائحة الاتهام – وزنٌ كبير ضمن مجمل النتائج المستخلصة.

الحبسُ الاحترازي:

قرّرت المحكمة فرض الحبس الاحترازي وفق الفقرة 66 من القانون الجنائي الألماني، آخذة بعين الاعتبار إفادةَ الخبير الدكتور بيرجر عن نزعة المتهم لارتكاب أقسى الجرائم وميوله الساديّة، ويُعَدّ تقرير الخبير مفهوما واضحا وسَلَّط الضوءَ على خطورة العودة إلى ارتكاب الجرائم. ومن السمات الأخرى التي دفعت المحكمة إلى ذلك الاستنتاج كان أنّ [المتهم ارتكب] أخطر أعمال العنف إلّا أنّ الدفاع لم يشكّك في ميل المتهم لارتكاب جرائم كتلك.

وفي هذا السياق، لم يغِب عن عِلم المحكمة أنّ المتهم لم يَعُدْ إلى ارتكاب الجرائم منذ دخوله ألمانيا، غير أنّ ذلك لا يغيّر من تكهّن المحكمة بالخطر المستمر. إذ ترى المحكمة بأنّ المتهم كان منشغلا بالحصول على تصريح مزاولة مهنة الطب في ألمانيا. وقال الخبير بيرجر إنّ المرء يمكنه أن يكبت النزعة الساديّة فترةً طويلةً إلّا أنها تظلّ ما لَم تُعالج. ورغم تخلّيه عن تصريح مزاولة مهنة الطب، تعتقد المحكمة أنّ كون المتهم طبيبا يساعده على ممارسة ميوله تلك. ونظرا لخطورة ذلك، ترى المحكمة أنّ فرض الحبس الاحترازي بالاقتران مع السجن المؤبد هو أمرٌ لا بُدّ منه. وتُسَلَطُ كذلك الضوءَ على وجوب تقديم الدعم للمتهم خلال فترة سجنه، لا سيما عن طريق العلاج الاجتماعي وفقا للفقرة 66 (ج)(2) من القانون الجنائي الألماني.

 اليوم السابع والثمانون بعد المئة - 16 حزيران / يونيو 2025

قبل أن تبدأ جلسةُ اليوم، دخل المتهم يستر رأسه بسترة ثم هوى برأسه على الطاولة أمامه وظلّ مطأطئا رأسَه ساترا له إلى أن بدأت الجلسةُ وخرج مصوّرو الصحافة. وحينها دخل المدعي [حُجب الاسم] P4 الذي تريّث حتى خرج المصوّرون قبل أن ينضمّ إلى المدّعيَين الآخرَين في قاعة المحكمة، [حُجب الاسم] P1 و[حُجب الاسم] P8، وجلسوا بجوار محاميهم.

ثم وفد القضاةُ إلى قاعة المحكمة فهبّ الحضورُ قياما. وافتتح القاضي كولر آخر جلسة في هذه المحاكمة بإعلان الحكم والعقوبة، فقرأ:

«باسم الشعب، صدر الحكم التالي: أُدين المتهم علاء م بارتكاب جريمتَي قتل، تمثّل إحداهما جرائمَ ضد الإنسانية عن طريق القتل، والأخرى جرائمَ حرب عن طريق القتل العمد، مقرونة بجرائم ضد الإنسانية عن طريق التعذيب، وثماني جرائم ضد الإنسانية، وحالتين من جرائم ضد الإنسانية عن طريق الحرمان من القدرة الإنجابية. وحُكم على المتهم بالسجن المؤبد بصفته عقوبةً تراكمية. أُثبتت جسامةُ الذنب وأُمر بالحبس الاحترازي بعد السجن. ويتحمل المُدان تكاليف المحاكمة، ومنها نفقات المدعين».

بعدما انتهى رئيس المحكمة من قراءة الحُكم، شرع بعضُ الحضور بالتصفيق، فنهرهم ونوّه إلى أنه سيطلُب ممن سيفعل ذلك مجدّدا أن يغادر القاعة.

ثم أشار القاضي كولر إلى أنه يمدّد الآن أمر الاعتقال الصادر في 19 حزيران / يونيو 2020 حتى 19 كانون الثاني / يناير 2021.

اعتباراتٌ أوّلية

تابع رئيس المحكمة سردَ ما توصّلت إليه المحكمة: آذى المتهمُ بنفسه تسعةَ أشخاص أذًى بدنيّا ونفسيّا جسيمًا، وقتل شخصين، وكان جزءا من نظام الظلم تحت حُكم بشار الأسد منذ أوائل عام 2011. قَمَع نظامُ الأسد المظاهرات التي تاقت للحرية بلا رحمة، وأطاع مؤيدوا الأسد الأوامر من الجهات العُليا. وأوضح القاضي كولر أنّ الجرائم ضد الإنسانية تختلف عن الجرائم الأخرى لأنها لا تُرتكب ضد أشخاص آخرين فحسب، بل ضد شعوب بأَسْرِها والمجتمعِ الدولي برُمّته، وتمثّلُ بذلك جرائمَ فادحةً لحقوق الإنسان ومسؤوليةً على ألمانيا.

قبل أن يخرّ نظامُ الأسد، حاول التأثير على المحكمة، وسُرّبت معلوماتٌ عن المحاكمة لم تُذكر في جلساتها، وهُدّد أقارب بعض الشهود وأصدقاؤهم وكان لا بُدّ من حمايتهم. كان لزاما على المحكمة أن تأخذ كل ذلك بالحسبان وأن تتحقّق مما جرى، فكان العمل شاقّا. ولأنّ على المحاكم الدولية أن تلاحق قضائيّا مثل هذه القضايا، كان من واجب المحكمة أن تضمن ألّا تُنسى معاناة الشعوب. وترسَّخَ في حُكم محكمة نورمبرج عامَ 1946 أنّ «مَن يرتكب الجرائم ضد القانون الدولي هم البشر، لا محضُ كيانات، وأنه لا يمكن إنفاذُ أحكام القانون الدولي إلّا عن طريق معاقبة الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم». فهذه محاكماتٌ لمن ارتكب جرائم ضد شعوب بأسْرِها، حتى وإن كانوا يَمثُلون أمام محكمة في فرانكفورت. فلن يستطيع أحد أن يفرّ من مسؤوليته.

أكّد رئيس المحكمة أنّ هذا الحكم يعبّر عن تفهّم المحكمة للمعاناة التي قاساها الشهود، واستحضر قول أحد الشهود، [حُجب الاسم] P19 «لن أجد الراحة النفسية مطلقا، وكلّ ما أريده هو العدالة والحرية». وأشار القاضي كولر إلى أنّ المدّعين الثلاثة قالوا إنهم يريدون ألّا تتوارى معاناةُ المعتقلين في الخفاء، وأن تلتئم جروح الماضي، وأن يُشيَّدَ مجتمع حر.

أوضح رئيسُ المحكمة أنّ أُسُس المحاكمة بُنيت على التحقيقات التي أجراها مكتب المدعي العام - متمثّلا في المدعية العامة العليا تسابيك والمدعية العامة شليب - والوحدةُ [حُجبت المعلومة] في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألماني، وخصّ بالذّكر السيدَ دويْسِنج و[حُجب الاسم] و[حُجب الاسم]. وأعرب القاضي كولر عن شكره وتقديره لأهمية دور الوحدة [حُجبت المعلومة] لحماية الشهود، مشيرًا إلى أنه يعرف أنه يؤثرون ألّا يذكر أسماءهم.

ثم استحضر رئيسُ المحكمة المترجمَ الشفوي الراحلَ السيدَ ضياء فرّاج، الذي أحزنت وفاتُه المفاجئةُ المحكمةَ، والذي سخّر خبرتَه باللغة العربية لا لشرح المعاني فحسب، بل لإيصال المعنى المقصود إلى الأفهام. ثم خَلَفَه أخوه السيدُ أحمد فرّاج الذي تولى تلك المهمة وحمل الراية من بعده مواصلا بنفس الجودة. وشكر القاضي كولر السيدَ بركات، مترجمَ المتهم الشفوي، على عمله الدؤوب وأدائه مهمة الخبير اللغوي للغة العربية و[حُجبت المعلومة]. وأردف كولر بشكر محامي الدفاع والمدعين.

خصّ القاضي كولر بالشكر الشهودَ وأشار إلى ما عايشوه من آلام وتجارب مريرة، والذين ما كان لهذه المحاكمة أن تكون لولا شجاعتُهم. ونيابة عن القضاة، شكر كولر المدعين [حُجب الاسم] P8 و[حُجب الاسم] P1 و[حُجب الاسم] P4، الذين بفضلهم وبفضل غيرهم من الشهود، تمكنت المحكمة من التوصّل إلى الحقائق بسردهم الوقائعَ على عدّة جلسات. وتدرك المحكمة أّن سرد ذلك شقّ عليهم، إذ رَوُوا كيف اعتُقلوا بغير حق وعُذّبوا وأصدقاؤهم وكانوا في خوف دائم من أن يكونوا هم اللاحقين في طابور الموت، منوّها أنّ لسردهم وقعا كبيرا. وأضاف القاضي كولر أنه يودّ يعزّيَ نيابةً عن المحكمة المدعيَ [حُجب الاسم] P8 في أخيه [حُجب الاسم]، وتمنى له ولعائلته السلامَ وراحة البال.

تعليلُ الحُكم

وُلد المتهم الذي يبلغ الآن أربعين عاما في حمص ونشأ في [حُجب المكان] مع والديه في وادي النصارى. كان والده مستشارا ضريبيّا وأمه معلمة. وكانوا مسيحيين أرثوذكس. وله أخٌ وأختٌ يصغرانه، وعاشوا طفولة سعيدة. ارتاد مدرسةً خاصةً في حمص والتحق بالجامعة في [حُجب المكان]، فبدأ بدراسة الطب في أيلول / سبتمبر 2003 وخطط للعمل خارج سوريا، فدرس اللغة الإنجليزية في مانشستر - المملكة المتحدة عامَ 2006. وحصل على شهادة التخرج من كلية الطب في [حُجب المكان] عامَ 2009. وبعد تخرجه، عمل في مشفى الأهلي التخصصي، وبدأ تعلم اللغة الألمانية لكي يعمل في ألمانيا لاحقا. أراد أن يختص في جراحة العظام، فلجأ إلى إدارة الخدمات الطبية العسكرية سعيا إلى الاختصاص، فحصل على وظيفة في مشفى 608 العسكري في حمص المسمّى بمشفى عبد القادر الشقفة في كانون الثاني / يناير 2010. وبعد حلول الربيع العربي عام 2011، استحال الوضع عصيبا في حمص بسبب الصراع، لذلك انتقل إلى مشفى 601 العسكري في المزة، والمسمّى بمشفى يوسف العظمة، ليواصل تخصصه في دمشق التي كانت آمنة نسبيّا بادئ الأمر. وكان يعمل بدوام جزئيّ في مشافٍ خاصة. ووقعت في تلك المشافي جرائم في هذا الوقت، وستُوصّف أدناه.

رغم أنه كان يعمل في المزة، ظلّ المتهم على ارتباط بحمص، إذ كانت تعيش هناك زوجته الحالية وكان يزورها بانتظام وظلّ معها على علاقة عن بُعد. وفي كانون الأول / ديسمبر 2012، أصيب المتهم برصاصة في ساقه اليسرى، فتابع العمل طبيبا مدنيا في مشفى عسكري في طرطوس ذات الأغلبية العلوية والبعيدة عن [حُجب المكان]، مسقط رأس زوجته الحالية. وبعد حفل الزفاف، أضحى وادي النصارى مكان إقامتهم.

في أيار / مايو 2014، رجع المتهم إلى دمشق وعمل في مشفى تشرين العسكري الأكبر في دمشق، ولم تذهب معه زوجته. وبعد أسابيع أُخبر أنّ عليه العمل في مشفى حرستا العسكري، إلّا أنه رفض ذلك بحجة أنّ حرستا نائيةٌ تجري فيها معارك ولأنّ زوجته كانت حاملا في شهرها [حُجبت المعلومة]. عَرَض رئيسُ المشفى آنذاك - [حُجب الاسم] - المساعدةَ، ولكنه عجز عن منع أمر النقل. فأخذ المتهم عطلة مرضيّة وتغيّب عن العمل إلى أن أُنهيت خدماته لانقطاعه عن العمل بلا عذر. وفي صيف عام 2014، انتقل المتهم للعمل في مشفى المجتهد المدني التابع لوزارة الصحة مع أخذ سنوات تخصصه في الحسبان.

قدّم المتهم طلبا في السفارة الألمانية ببيروت للحصول على تأشيرة سفر. وأكمل تخصصه في جراحة العظام في نيسان / أبريل 2015 بتقدير جيد جدّا، وحصل على تصريح مزاولة مهنة الطب. ثم غادر إلى ألمانيا وظلّت زوجته في سوريا. وأقام في [حُجب المكان] في ولاية سكسونيا ودرس فيها اللغة الألمانية وحصل على شهادة مستوى C1 في آب / أغسطس 2015. ثم انتقل إلى مدينة [حُجب المكان] في ولاية هيسِن في شباط / فبراير 2016. وأتت امرأتُه إلى ألمانيا في تشرين الثاني / نوفمبر 2016. ووُلدت ابنتُه في [حُجب الزمان] 2017.

عمل المتهم طبيبا مقيما حتى آذار / مارس 2019 في مشفى Hessisch Lichtenau. وخطّط للانتقال إلى مدينة جوتِنجِن ليعمل طبيبا مقيما في جراحة الرضوض. وآنذاك، أصدر موقع زمان الوصل تقريرا عن المتهم وأورد فيه اتهامات له بارتكاب انتهاكات في مشافٍ عسكرية. ولكن ذلك لم يؤثّر على المتهم، بل اجتاز في آب / أغسطس 2019 امتحانَ مزاولة مهنة الطب في ولاية سكسونيا في جراحة الرضوض، ليصبح مختصّا في جراحة العظام في تشرين الأول / أكتوبر 2019. وتراوح راتبه الشهريّ الصافي بين 7 آلاف واثني عشر ألف يورو.

ثم زادت وطأةُ الضغط الإعلامي على المتهم في أيار / مايو 2020 بعد أن أصدرت صحيفةُ دير شْبيجل وقناةُ الجزيرة تقاريرَ صحفية عنه. وفي هذا السياق، تواصل المتهم مع السفارة السورية في ألمانيا خلال جائحة كوفيد 19 ينشُد فرصًا للسفر إلى بلده الأم هربا إلى سوريا. فأصدرت محكمة العدل الاتحادية قرارا لتوقيفه مساءَ نفس اليوم في 19 حزيران / يونيو 2020، وعُدّل قرار تمديد احتجازه من المحكمة في 19 حزيران / يونيو 2022. ولا يزال المتهم في الحبس الاحتياطي  منذ 20 حزيران / يونيو 2020 دون انقطاع.

وفي ضوء تلك الاتهامات، علّقت ولاية هيسين ترخيصَ المتهم لمزاولة مهنة الطب في 13 تشرين الأول / أكتوبر 2020، واستُلم طلبه للتخلي عن ترخيص مزاولة مهنة الطب في تشرين الثاني / نوفمبر 2020. وفي 3 نيسان / أبريل 2025، أرسل رسالة إلى سوريا قال فيها إنه أراد أن يعيد ترخيص مزاولة مهنة الطب السوري لأنه لم يَعُد يرغب في العمل طبيبا. ولا يوجد سجلٌّ إجراميٌّ للمتهم في ألمانيا حتى الآن.

التطورات في سوريا والمشافي العسكرية

قال القاضي كولر إنه يريد توضيح السياق بكلمات قبل أن يتطرّق إلى الجرائم المنسوبة إلى المتهم. سرعان ما اجتاحت الاحتجاجات سوريا فأنشأ نظامُ القمع الخليةَ المركزية لإدارة الأزمة السورية التي حَوَت رؤساءَ أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية والعسكرية لإصدار أوامر لقمع المظاهرات. فبدأت في 20 نيسان / أبريل 2011 مرحلةٌ جديدة لمواجهة من صُنّفوا بأنهم إرهابيون. وسُخر الجيشُ وأجهزةُ المخابرات في إخماد الاحتجاجات، وأطلق القناصةُ النار على المتظاهرين، وضربهم عناصرُ الأمن. ووقعت مداهمات للأحياء والبلدات كالرستن وتل كلخ.

أفضت هذه المرحلة الأولية إلى حرب أهلية بداية عام 2012. وكانت المشافي العسكرية مراكز لقمع المعارضين، لا سيما السّنّة منهم. وشارك في ذلك الأطباءُ الموالون للنظام. ووصل الأمر حتى إلى قتل المعارضين وإعدامهم جماعيا عن طريق حَقنهم بالمواد القاتلة. مَقَت بعضُ الأطباء تلك الأفعال، إلّا أنه لم يكن في وُسعهم فعل شيء خشية أن يخاطروا بأنفسهم، إلّا أنّ آخرين شاركوا في ذلك.

مع بداية الثورة، تغيّرت الأوضاع في المشافي العسكرية. إذ بات الجرحى الذين يُجلبون إلى العلاج مشتبها بهم، وكان الهدف ألّا يُعالجوا. وإن كانت هناك رعايةٌ طبية، فلم تهدف إلّا إلى إبقاء المرضى أحياءَ لاستجوابهم. وكان [المعتقلون المرضى] يُقتلون للتخفيف من اكتظاظ الزنازين. وكانوا يُؤخذون إلى المشافي العسكرية إما لإذلالهم أو «للتدرب عليهم» أو التخلص منهم [بالألمانية: Entsorgung]. وكانت الجُثث ملقاةً في باحة المشفى حيث كانت تُجمّع وتُعطى أرقاما بصورة بيروقراطية وتُصوَّر، وما صورُ قيصر عنا ببعيد. وتراكمت الجثث التي خُزّنت في المشفى، وكانت تُسلَّم في بعض الأحيان للأقارب مقابل رشوة.

وكان مما تُوصَم به المشافي العسكرية أنّ إساءة معاملة المعتقلين المرضى تبدأ فور وصولهم إلى قسم الطوارئ، وكانت تُدعى بـ «طقوس الاستقبال». وشارك فيها عناصرُ الأمن والطاقمُ الطبي وطاقمُ التنظيف. وضُرب المعتقلون ورُكلوا معصوبي الأعين. وبعد أخذهم إلى جناح المرضى، لم يكن مصيرهم إلّا القتلُ أو مزيدٌ من الضرب. وكانوا يُنقلون أحيانا إلى جناح آخر حيث كانوا معصوبي الأعين ومقيّدين بالأسِرّة.

كان مشفى حمص العسكري مركزا للقمع العنيف الاستبدادي، فبعد إساءة معاملة المعتقلين، كانوا يُؤخذون أحيانا إلى منطقة خاصة في قسم الجراحة العامة أو القبو أو إلى السجن الذي كانت الظروف الصحية فيه رديئة فاقمت من الالتهابات والجروح. لم تكن هناك قيودٌ على أساليب إساءة المعاملة، إذ كانت تعود إلى تقدير الأفراد. كان طبيب الدم العميد [حُجب الاسم] قائدا وحلقة وصل مع الفرع 261، فرع مخابرات الأمن العسكري الذي يوجد قرب محطة القطار في حمص. ولم يكتف [حُجب الاسم] بالتنسيق مع المخابرات، بل أشرف على تصاريح الدخول إلى [السجن وغرف المعتقلين] وتعيين الأطباء الموالين لأداء تلك المهام، كما كان الأمرُ نفسُه بالنسبة للعمليات العسكرية والمهمات الخارجية، وشارك بإساءات المعاملة بنفسه. وكان [حُجب الاسم] مسؤولا عما تعرض له المعتقلون من إصابات وقتل. وكان ممن ساعده وعاونه أسامةُ النقري وشعيب النقري والمتهمُ، الذين عُرفوا بأنهم «مجموعة تصفية».

أفعالُ المتهم غير المشروعة والعناصرُ الذاتية

كان المتهم شاهدا على التغيرات في سوريا، خاصة التي طرأت في منطقته، ومن ذلك إسعافُ مصابين بأعيرة نارية. وأيّد المتهمُ استخدام الدولة للعنف ضد المعارضين. فكان من شريحة النظام بصفته مؤيدا لبشار الأسد. ومع أنه مسيحي لا علوي، إلّا أنه كان يعُدّ نظامَ الأسد القوّةَ الحامية للمسيحية، وعدّ المسلمين السُّنّة «صراصيرَ وإرهابيينَ» يستحقّون السّحقَ والحرقَ بالأفران.

أظهر المتهم تضامنه مع نظام الأسد - خاصة في مشفى حمص العسكري والفرع 261 - عن طريق زيادة إذلال السجناء وتعذيبهم. وكان هدفه معاقبةَ السجناء، ورآها فرصةً سانحةً لإشباع ميوله السادية بممارستها على من يدنوه. واستغلّ أنّ السجناء كانوا تحت رحمته، دون حاجة إلى مواجهة جسدية، وأدرك أنهم كانوا يتلمّسون حمايةً منه وأنّ حمايتَهم كانت مسؤولية على عاتقه بصفته طبيبا.

ارتكب المتهم الأفعال التالية:

  • الحالة رقم 1: في يوم ما عامَ 2011، جلب جنديان إلى مشفى حمص العسكري صبيّا بلغ 14 أو 15 ربيعا، في بدايات فترة البلوغ. اعتُقل وقُيّد وأُمر بأن يواجه الحائط. ثم أهانه المتهم، فبكى وتوسّل إليه بـ «يا عمّاه». إلّا أنّ المتهم لم يتأثّر بذلك، بل عذّبه نفسيّا وجسديّا، وجلب الكحول قبل أن يسأل الصبيَّ «أتخال نفسَك رجلا؟»  ثم أنزل بنطال الصبي وسكبها [على منطقة العانة] وأضرم فيها النار. استحال ذاك الصبي عقيما، وعلى أقل تقدير، تضرّرت خصوبته بصورة لا يمكن إصلاحها. وبينما الصبي يصرخ، إذ حاول جندي أن يطفأ النار وتساءل عما إذا كان يريد المتهم أن يحرق المكان. ما زال مصير الصبي مجهولا.
  • الحالة رقم 2: بين شهري تموز / يوليو وتشرين الثاني / نوفمبر عامَ 2011، أُدخل مصابٌ إلى قسم الطوارئ، ما لبث حتى أخذ طاقمُ التمريض والتنظيف يضربونه، ثم أُخذ إلى غرفة الفحص. قذعه المتهمُ وأهانه، ثم خلع سروالَ المصاب وصبّ الكحول [على منطقة العانة] وأضرم فيها النار. فقد السجينُ المصابُ القدرةَ على الإنجاب. وبينما السجين يصرخ، أطفأ العناصر النار ثم ضُمّدت حروقه في منطقة العجان وأُصيبت أنسجته بالالتهابات.
  • الحالة رقم 3: بين شهري تموز / يوليو وتشرين الثاني / نوفمبر عامَ 2011، جُلب سجينٌ غير مصاب في ما بدا وكان مقيّدا ومعصوب العينين، وأُجبر على الجلوس على السرير لإجراء فحص دم لم تكن له ضرورةٌ طبية. ضربه المتهمُ على وجهه، فسأله عن السبب. فأمسكه ممرّضٌ من وراء ظهره وجعله في وضع لا حول له فيه ولا قوة. أخذ المتهم قسطرة بولية ونقف بها وجهَ السجين، فأشاح وجهَه. أعاد الممرضُ وجهَ السجين إلى ما كان عليه، فضرب المتهمُ السجينَ على رأسه بالقسطرة مرةً أخرى. ثم أهان السجينَ وقذعه بـ «كـ* أختك أخو الشرمو*ـة»، ولكمه ههنا لكمة قوية لدرجة أنّها كدمت يدَه، وعلّق المتهمُ بأنّ رأس السجين كان صلدا.
  • الحالة رقم 5: لكم المتهمُ مريضا لكمةً متوسطة الحدة أحدثت تورّما.
  • الحالة رقم 8: أمسك المتهمُ الأعضاءَ التناسلية لسجين، وكان مما أمسك خصيةٌ على الأقل، ثم اعتصرها، والسجينُ يصيح والمتهمُ يضحك.
  • الحالة رقم 11: في شهر تشرين / نوفمبر 2011، أُدخل مشفى حمص العسكري مريضٌ لديه كسرٌ في الفخذ يستلزم تثبيتا. ورغم أنّ المتهم لم يكن مؤهلا لإجراء ذلك بمفرده، إلّا أنه رأى في ذلك فرصة لزيادة خبرته ولتعذيب المريض في الوقت نفسه لأنه كان يعُدُّه إرهابيا. فأجرى المتهمُ الجزءَ الأوّلَ من العملية دون تخدير رغم توفّر المخدّر، وتألّم المريضُ بشدّة إلى أن فقد وعيه، واستمر ذلك دون تخدير إلى أن بدأ تثبيتَ الكسر، إذ لا يمكن ذلك دون تخدير. وبُعَيد ذلك، أخذ المتهم يتبجّح ويتباهى في غرفة الأطباء بفعلته وأنه أجرى عملية لمريض من الألف إلى الياء دون تخديره.
  • الحالة رقم 12: في 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، اعتقل الأمنُ العسكري الشاهدَ [حُجب الاسم] P8 وأخاه [حُجب الاسم] وابنَ عمه [حُجب الاسم] P11 في [حُجب المكان]، [حُجبت المعلومة] حمص. إذ لُفّقت لـ P11 تهمة إيواء متظاهرين وأسلحة. وكان أخو P8 مريضَ صرع، فتدخلت والدته وهمّت بإعطاء كيس أدوية كان يتناولها لمرضه، إلّا أنّ الجندي رفض قائلا إنه سيُرجعه وأخاه قريبا. وبعد توقّف في فرع الأمن العسكري في [حُجب المكان]، أُخذ المعتقلون إلى مقر الفرع 261 في حمص، حيث ضُربوا ضربا مبرحا وعُرّوا من ملابسهم، وزُجّوا في جناح به زنازين.وفي يوم 24 أو 25 تشرين الثاني / نوفمبر. أصابت [حُجب الاسم] نوبةُ صرع، وعَلِم P8 أنّ هناك أطباءَ يزورون السجن، فعزم على إخبارهم بحال شقيقه. وفي صباح اليوم التالي، غشيَ السجنَ المتهمُ و[حُجب الاسم] وجنديان. أخبر P8 المتهمَ عن صرع أخيه، فطلب المتهمُ منه أن يحضر أخاه [حُجب الاسم]. فأخذ P8 أخاه إلى مدخل جناح السجن. وبدل أن يهتم المتهمُ بالأخ طبيّا، سأل المتهمُ P8 عن أصله، فأخبره P8 أنه من [حُجب المكان]، فصفع المتهمُ بيده الأخَ وأسقطه أرضا، وصاح بـ P8 ليرجع أخاه إلى الزنزانة. وأُصيب [حُجب الاسم] لاحقا بعدّة نوبات صرع، فلم يرَ P8 خيارا آخر سوى أن يطلب مساعدة من الطبيب مرة أخرى.وفي اليوم التالي، أخبر P8 المتهمَ - الذي كان يرافقه [حُجب الاسم] وحارسٌ - أنّ أخاه تدهورت حالته. طلب المتهم من P8 أن يُحضر أخاه. سأل P8 عن دواء أخيه، إلّا أنّ المتهم لم يأبه بالسؤال، بل وصفهما بـ «إخوان الشرمو*ـة» وادعى أنّ [حُجب الاسم] كان يتمارض، قائلا «تظاهر بأنك مريض». ثم ضرب [حُجب الاسم] على وجهه ولم يتمكن P8 من إمساك أخيه الذي سقط أرضا. ثم ركل المتهمُ مرةً على الأقل رأس [حُجب الاسم] الذي أصابته نوبةُ صرع، غير أنّ المتهم لم يكترث لذلك. وطلب المتهمُ من الحارس أن يناوله خرطوما أخضر، ثم أخذ يضرب P8 وأخاه ويسخر من الأخ قائلا «خذ، هذا علاجُك». استطاع P8 أن يجذب أخاه إلى الزنزانة.ولما غادر المتهم الزنزانة، أخذ في نفسه قرارا بقتل [حُجب الاسم]، إذ لم يكن في نظره إلّا مصدرَ إزعاج ومعارضًا يستحق الموت، ولم يرَ داعيا لأن يظل في فرع الأمن العسكري. أحضر المتهمُ قرصَ دواء قاتل وطلب أن يُجلب المريض. اعترض P8 قائلا إن ذلك لم يكن دواء أخيه، ورفض أن يعطيَ أخاه الدواء، فما كان من المتهم إلّا أن أعطى الأخ الدواء بنفسه فابتلعه، إذ كان فاقدا للإدراك. وغادر المتهمُ الزنزانةَ بعد أن تأكد من أنّ المريض أخذ قرص الدواء. وبعد نحو نصف ساعة، بدأ مفعول الدواء يظهر، فاستحال [حُجب الاسم] عاجزا عن الحركة، ولم يستطع أن يتجاوب مع أخيه P8 إلّا بالضغط على يده، ثم توفي. إمّا في الصباح الباكر وإمّا في اليومين التاليين، نُقلت الجثة إلى المدخل حيث تسلّمها موظف السجن، ثم نُقلت إلى مشفى حمص العسكري في 7 كانون الأول / ديسمبر 2011 [حيث استلمتها العائلة] بعد دفع رشوة.
  • ملاحظات أوّلية حول الحالة رقم 16 إلى 18: في نهاية أيلول / سبتمبر 2011، اعتُقل [حُجب الاسم] P4 الذي يتجذّر من مدينة [حُجب المكان] المعارِضة للنظام بتهمة الاستخفاف بالمشاعر الوطنية ضد الدولة. وانتهى به المطاف في سجن حمص المركزي في النصف الأول من عام 2012. وهناك التقى بـ[حُجب الاسم] P1 الذي يتجذّر من [حُجب المكان] كذلك [وفي نيسان / أبريل 2012] اعتُقل بسبب أصله وعائلته بعد انشقاق [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] الذي كان صديقا لبشار الأسد. وكان معتقلا في السجن كذلك [حُجب الاسم] الذي يتجذّر من مدينة [حُجب المكان] المعارضة. واحتُجزوا هناك في شهرَ تموز / يوليو 2012. ثم اندلعت انتفاضة في السجن في شهر رمضان. وآل المآل بعدها بسجناء، ومنهم P1 وP4 و[حُجب الاسم]، إلى نقلهم والتحقيق معهم في فرع الأمن العسكري في حمص. وفي شهر آب / أغسطس أو أيلول / سبتمبر 2012، نُقلوا إلى مشفى حمص العسكري بعد شكاوى طبية أثناء الاعتقال، واحتُجزوا هناك في غرفة جماعية. وكان المتهم مكلّفا بعمل جولات على السجناء، وكان مهتما بذلك لا لتقديم الرعاية لهم، بل لتعذيب السجناء المعارضين.
  • الحالة رقم 16: بعد أن ضَرب [P1] مرارا عند مدخل الزنزانة شخصٌ يدعى عليا، أخذه عليٌّ وثلاثةَ أو أربعةَ سجناء آخرين إلى زنزانة، وبدأ يضربهم هو ومرافقون آخرون باستخدام هراوات. ثم أُخذ باقي السجناء وأُبقي P1. ثم علّق عليٌّ P1 بسلسلة إلى السقف، ثم ضُرب وأُهينت عائلته بإهانات جنسية، ثم فقد وعيه. وفي نهاية المطاف، أُنزل P1 وفُكّ وثاقه، إلّا أنّ ذلك لم يكن خاتمة محنته. إذ سكب المتهمُ كحولا على ذراع P1 وأضرم فيها النار. ثم صاح المتهمُ بأحدهم أن يطفئ النار وأن يأخذ هذا «الكلب» إلى الزنزانة. أُصيب P1 نتيجةً لذلك بحرق مؤلم في ذراعه اليسرى التي تقيّحت وخلّفت ندوبا.
  • الحالة رقم 17: بعد أيام، قرّر المتهمُ أن ينتقم ممن انتقد سوء المعاملة وانعدام الرعاية. فدخل الزنزانة مع علي، والتفت إلى P4 وسبّ أصله واتهمه بأنه «أخو شرمو*ـة وأنّ أهل [حُجب المكان] خونة». ثم كشف عن ذراع P4 اليمنى وقال إنه سيُري [السجناء] كيف يعالَج الجرح. ثم قال لـ P4 أن ينبطح أرضا، وكان وجهُ P4 عن يمينه، ووطئ المتهمُ على ذراع P4 إلى أن نضحت دما وقيحا، ثم سكب الكحول على الذراع وأضرم فيها النار. ثم أخذ يهرّج ويتهكّم بأن تلك هي الطريقة المثالية لتعقيم الجروح. ثم صاح المتهمُ بعليّ أن أطفئ النار، فظلّ يدوسها ويطؤها حتى خمدت. ثم أهان P4 المتهمَ ومُرافقَه، فقذعه المتهمُ بالقوّا* وركله في فمه. لم يعرف P4 في البداية أنه فقد ثلاثة أسنان. وبعدما ضربه في رأسه، فقد P4 الوعي. وقبل أن يذهب المتهم صاح بأن يتركوا P4 يموت حتى ينتن. وعانى P4 من ندبة طولها 6 سنتمترات في ذراعه ومن أخرى في رأسه.
  • الحالة رقم 18: غشيَ المتهمُ زنزانة السجناء الجماعية يرافقه اثنان أحدهما علي. كان P1 وP4 لا يزالان موجودَين. سأل المتهمُ المعتقلَ [حُجب الاسم] عن أصله، وعندما عَلِم أنه من مدينة [حُجب المكان]، وصف أهلها بأنهم «أولاد عاهـ*ات»، فأهان [حُجب الاسم] بشارَ الأسد. فغضب المتهم منه وأخبره أنه «يكبّر رأسه وأنه سيكسّره». كان [حُجب الاسم] رجلا ضخما، وانهال عليه المتهم ضربا بهراوة ولكما وركلا. حاول [حُجب الاسم] أن يدافع عن نفسه وطلب من المتهم أن يفكّ وثاقه. ثم سقط [حُجب الاسم] أرضا خائر القوى. وبمفهوم الحوريات سياقيّا، صاح المتهم «أتريد الحرية؟ هل تريد الحوريات؟ سأرسلك إلى إلهك القوّا*»، ثم حقنه. أراد المتهم بذلك أن يثبت أنه لا حول ولا قوة لشخص أمامه وإن كان شخصا قويّا كـ[حُجب الاسم]، وأراد أن يردع معارضي النظام. ولذلك أبقاه المتهمُ مقيّدا وغادر ثم عاد ومعه حقنة قاتلة. بَرَك المتهمُ مقرفصا وحقن [حُجب الاسم] في أعلى ذراعه الأيسر. وقبل أن يبدأ مفعول الحقنة القاتلة، طلب المتهم من [حُجب الاسم] أن يسلّم على ربه ويقول له أن يحجز له حوريتَين. بعد ذلك، بدأ [حُجب الاسم] يشعر بالبرد ويرتجف، وطلب أن يبلّغوا أمَّه سلامَه، ثم فقد وعيه وخرجت إفرازات من فمه. توقّف نبضُ [حُجب الاسم] وتنفّسه واصفرّ وجهه. وجاء عناصر الشرطة العسكرية بعد ساعات ووضعوه في كيس بلاستيكي، ثم أُخذ. ويُرجّح أنّ [حُجب الاسم] توفي بسبب الحقنة.
  • الحالة 4 و6 و7 و9 و10 و13 إلى 15: بناء على طلب الادعاء العام وبموجب قرار المحكمة الصادر في 20 أيار / مايو 2025، أُنهيت هذه الحالاتُ مؤقتًا، وفقًا للفقرة 154 من قانون الإجراءات الجنائية الألماني، لأنّ تلك الحالات ليست ذوات أهمية كبيرة مقارنةً بالحالات الأخرى.

أنكر المتهم بشدة الجرائم المسندة إليه. واستمعت المحكمة إلى أكثر من خمسين شاهدا وخبيرا، وعاينت مئات الوثائق التي تتعلق بتلك الجرائم. اعترف المتهمُ أنه كان يعمل طبيبا مدنيّا في حمص قبل انتقاله إلى دمشق، ولكنه أنكر مشاركته في أي إساءة للمرضى أو مشاهدته لها. وأقرّ بأنه سمع عن حالات وفاة عزاها إلى إساءة المعاملة. لا سيما في الحالة رقم 12 و16 إلى 18، ادعى المتهم أنه لم يكن في حمص وقت وقوع تلك الجرائم، بل كان يعمل في ذلك الوقت في مشفى المزة بدمشق دون انقطاع ثم انتقل إلى طرطوس بعد ذلك. ولذلك السبب، يزعم أنه لا يمكن أن يكون مسؤولا عن تلك الجرائم. وبخصوص P1 وP4، يزعم المتهم أنّ اتهاماتهم متأثّرة [بأشخاص آخرين] وأنهم أسقطوا عليه تجاربهم. وزعم المتهم أنّ هناك مؤامرةً حاكها زميلُه السابق الذي افترى عليه تلك الاتهامات انتقاما، وأنّ ثمّة خلافاتٍ وقعت بينه وبين زميله [حُجب الاسم] تعود إلى رمضان صيف 2011. إذ زعم المتهم أنه خرج من غرفة الطوارئ للتدخين بعد مشكلة وقعت معه هناك، فذكّره زميلُه [حُجب الاسم] [حُجبت المعلومة] بأنّ ذلك كان شهر صيام وأنه بالتدخين يكون غيرَ مبالٍ بغيره وأنّ ذلك يُظهر عدم الاحترام. فبالغ المتهمُ في ردّه على زميله بأسلوب فظّ، ثم اعتذر منه لاحقا. ووفقا للمتهم، اتصل [حُجب الاسم] في شهر نيسان / أبريل 2012 بالمتهم وطلب منه مساعدة في علاج جرحى المعارضة في مشفى ميداني، فتساءل المتهم إن كان زميلُه قد جُنّ وتبادلا الشتائم بعد المكالمة، ومنها أنّ زميله قال إنّ المسيحيين كلهم خنازير. وزعم المتهمُ أنّ زميله نسب إليه تلك الاتهامات الباطلة بعد تلك الواقعة.

يتوجّب التنويه استباقيّا إلى أنّ هذا كان محورَ استراتيجية الدفاع. غير أنّ مسألةَ المؤامرة مُختلَقة، ثم دُحضت خلال جلسات الاستماع، لأنّ أقوال المتهم لم تكن قاطعة ولم يكن التوفيق بينها ممكنا. فَلِمَ قد يقول مسلمٌ سنّيٌّ لمسيحيّ أن يلتزم بالتعاليم الإسلامية، وقد يكون ذلك أمرا خطرا أصلا. فكما ذكر [حُجب الاسم] P49، هذا المكان حساس، وحتى مجرد الصلاة سيثير شكوكا وريبة. ويزيد ذلك من صحة أنّ المتهم عمل في مشفى حمص العسكري مع [حُجب الاسم]، الذي لو كان سنّيّا يحرّض ضد النظام، فسيعرّض نفسه للخطر بفعل ذلك. ولِمَ قد يطلب [حُجب الاسم] من المتهم أن يساعده في علاج المعارضين. إذ يبدو هذا الادعاء سخيفا حينما يعلم المرء أنّ المتهم كان مؤيّدا للنظام، وقد اعترف المتهم أنه كان كذلك. وتبيّن ذلك كذلك خلال المحاكمة، فذكر مثلا زميلُ المتهم السابق [حُجب الاسم] P38 أنّ المتهم كان يضع ملصقا لبشار الأسد بحجم الديناصور على زجاج سيارته، وذكر [حُجب الاسم] P15 كيف كان يركن المتهمُ سيارتَه في فناء المشفى ويشغّل بصوت عالٍ أغنيةَ «منحبك يا كبير» في مدح بشار الأسد. ومن المؤكّد أنّ المتهمَ كان آخر شخص سيطلب منه [حُجب الاسم] مساعدةَ المعارضين. وزَعْمُ المتهم أنّ [حُجب الاسم] كان إرهابيا لا يتناسب مع أقواله. ووقائعُ الحرق خصوصا لم يكن بإمكان [حُجب الاسم] اختلاقُها. ونشرت قناة Channel 4 تقريرا في 6 آذار / مارس 2012 ظهر فيه أحدهم يتهم شخصا بإضرام النار في عانة صبي، ونفى المتهم أنه شهد تلك الواقعة.

إن كانت تلك الادعاءات افتراءات، فكان على [حُجب الاسم] أن ينسّق شبكات من شهادات زور مع [حُجب الاسم] P15 و[حُجب الاسم] P18 و[حُجب الاسم] P12 و[حُجب الاسم] P25، ناهيك عن الشاهد الذي أُخفيت هويته Z10 [أي، P45]. ويتطلّب هذا سنوات من العمل على شهادات زور مدبَّرة ومنسَّقة وإعداد شهود بالوكالة. غير أنّ المتهم عجز عن تفسير ذلك الافتراء الجماعي، واستشهد بأنّ جميعهم اتفقوا عليه، وأنهم زعموا أنه من الحواش رغم أنه من [حُجب المكان]. وعندما يذكر [حُجب الاسم] [حُجب المكان]، فربما لأنها مركز المنطقة وفيها الجامعة، فاختار اسمها عوضا عن [حُجب المكان].

وليس في سلوك [حُجب الاسم] مع شهود آخرين إشارةٌ على تنسيق مدبّر، بل العكس. ففي محادثاته مع P49 في صيف 2020، لم يَبْدُ أنّ [حُجب الاسم] أرشده أو لقّنه ما يقول، بل أقرّ جرائم النظام ثم أضاف في رسالة صوتية «أتمنى أن تُدليَ بشهادتك وتصف الجرائم. إن لم يوجد عليك خطر، فأدلِ بشهادتك ضد جرائم النظام. ولكن، أنت أدرى».

وها هو [حُجب الاسم] كذلك في محادثته مع [حُجب الاسم] P52 في 2019 لم يُظهر رغبة في تجريم المتهم [بالألمانية: mangelnde Belastungstendenz]، إذ أخبره [حُجب الاسم] أنه سيتصل بمعارفه ليسأل عن معلومات بذلك الصدد. ففي تلك المحادثة، تطرّق [حُجب الاسم] إلى ذِكر الجثث وأسماء من كان يَقتُل ويعذِّب، ولم يركّز على المتهم، بل على [حُجب الاسم]، وذكر [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] ثم المتهمَ. ولو كان [حُجب الاسم] يترصّد ما يجري في القضاء ويترقّبه رغبةً في الانتقام، لكان ركّز على المتهم في حديثه مع P52. بَيْدَ أنّ [حُجب الاسم] ذكر قصة الراعي الذي لَم يَبْدُ عليه المرض، إلّا أنه توفي في غرفة العمليات مع [حُجب الاسم]، وهذه تدلّ أيضا على الإعراض عن التركيز على المتهم. ولم يذكر [حُجب الاسم] المتهمَ إلّا لاحقا في روايات أخرى. فهذه استراتيجيةُ دفاعٍ فاشلةٌ مبنيةٌ على ادعاءات غير صحيحة.

تقييم الجرائم

  • الحالة رقم 1 و2: يتبيّن مما قاله [حُجب الاسم] ومن تقارير أخرى أنّ الأقوال دقيقة، فرغم أنّ حرقَ الأعضاء التناسلية لم يشهده شاهدٌ بنفسه، إلّا أنّ الواقعة تُعَدّ ذات مصداقية، إذ شهد P15 أنه عالج حروقا في منطقة العجان، وأبلغ زملاءُ المتهم أنه كان الفاعل. ورغم أنّ استجواب [حُجب الاسم] لم يتيسّر، إلّا أن مزاعمه موثوقة وأكّدتها مزاعم [حُجب الاسم] P15. وذكر [حُجب الاسم] وقائع إضرام النار بأشخاص عندما تحدّثا في [حُجب المكان]. وحتى أنّ P18 ذكر تلك الواقعة، وأنّ المتهم أضرم النار في المنطقة التناسلية لمريض وأنّه قال إنّ على المتمردين أن يُسحقوا.ويؤيّد ذلك أيضا شهادةُ الشاهد P45 الذي تحدث عن حرق المتهم لأعضاء مريض تناسلية. ولا تَعُدّ المحكمةُ هاتَين روايتَين مختلفتَين، بل تُمايز بينهما، لأن [حُجب الاسم] وصف شخصا بالغا، أمّا P45 فوصف صبيّا ذا 14 ربيعا أو 15 على أكثر تقدير، شعرُ عانته لم يكن ظاهرا، وثُبّت إلى الحائط. وبهذا لا تشير الشهادات إلى ذكريات عن واقعة يتيمة، بل إلى واقعتَين منفصلتين لضحيّتَين. كانت أقوال P45 ذات مصداقية، وعمل في قسم الطوارئ. ووصف أنّ المتهم كان ساخطا على الصبي الذي كان يحاول أن يفكّ نفسه. فسكب المتهم كحولا على منطقة الصبي الحساسة وأضرم فيها النار. ولم يُوَصِّف الشاهدُ P45 المشهدَ وكأنّ السامع يراه رأي العين فحسب، بل كانت شهادته عاطفيةً إذ هو يروي الواقعةَ، وغلبته دموعُه، وتأجّج فيه صراعٌ داخلي لأنه كان عاجزا عن مساعدة الصبي.
  • الحالة رقم 3 و5 و8: أفاد P45 عن ضرب المتهم لمرضى بالقسطرة البولية وإمساك خصيتَيهم. كانت إفادتُه ذات مصداقية، حتى وإن لم يستطع أن يقدّم تفاصيل عن الحالة رقم 5 و8، لأن الاعتداء على المرضى في قسم الطوارئ كان يوميا، وأيّد ذلك P15 إذ ذكر أنّ ذلك الأمر كان روتينيّا. لم يستطع P45 أن يقدّم تفاصيل حول الوقائع كما في الحالة رقم 6 التي أُنهيت مؤقّتا. ولم يكن لديه ذكرياتٌ عن ذلك، رغم أنه كان بوُسعه أن يزعم خلاف ذلك، وهو ما يهزّز مصداقيته.
  • الحالة رقم 11: إجراء عملية تمديد كسر الفخذ دون تخدير. تبجّح المتهم في غرفة الأطباء أمام زملائه وتفاخر بأنه أجرى عمليةَ تمديدٍ لكسر في الفخذ من الألف إلى الياء دون تخدير. وكانت الإفادات بهذا الصدد قاطعة، إذ غادر الشاهدُ [P15] المشهدَ صَعِقا وحملق في زميله الآخر في ذهول. وقد يكون هذا الافتراضُ معقولا وتؤيّده شهادةُ P18: فرغم زعم المتهم أنّ إجراء ذلك غير ممكن دون تخدير، إلّا أنّ البروفيسور الدكتور روتشيلد جزم بأنّ إجراء الجزء الأول من العملية ممكنٌ دون تخدير، فصحيحٌ أنّ المريض سيكون في تلك الحالة يصرخ [من الألم]، إلّا أنه ممكن، أمّا تثبيتُ الكسر فيلزمه أن يظلّ المريض ساكنا بلا حراك.
  • الحالة رقم 12: قضية إساءة معاملة [حُجب الاسم] P8 وشقيقه [حُجب الاسم] الذي توفي فيما بعد. اعتمدت المحكمةُ على شهادة ثلاثة شهود على الأقل، أولهم P8. إذ سعى طيلة المحاكمة إلى تذكر التفاصيل بعناية. ولا تنسى المحكمةُ كيف رفض التسليم بموت أخيه والاعتراف بذلك، فأخذ جوربيه وألبسهما قدمَي أخيه، وكان يقول للمعتقلين الآخرين أنّ أخاه سيعود.وتنبّهت المحكمة إلى التباين بين إفادة الشاهد للشرطة وشهادته في المحكمة؛ فإذا ما ضُرب بالخرطوم في المرة الأولى أم الثانية، وإذا ما رُكل [الشقيقُ] في رأسه، هي أمورٌ جانبية، أمّا الأساسُ فهو قتلُ [حُجب الاسم]. وبالنسبة لهذا الحدث، إذا لم يكن به ثغرات، بل اتّساقٌ تامّ [بالألمانية: völlige Widerspruchsfreiheit] في كل الاستجوابات - بعد مضيّ اثني عشر عاما - لَجَعل ذلك المحكمةَ متشككة مرتابة، إضافة إلى أنها تتطابق مع الأحداث التي رواها [حُجب الاسم] P11.وبالنسبة إلى التباينات حول إساءة معاملة [حُجب الاسم] قبل إعطاء قرص الدواء، يقول الدفاع إنّ هناك تناقضات بين ما رواه P8 وما رواه P11 بشأن ما إذا وقعت اعتداءات في المرة الأولى أم الثانية. ويمكن حلُّ ذلك بالنظر إلى تموضع P11 في الزنزانة، وبذلك لم يشهد إساءة المعاملة إلّا لما عندما [خرج إلى] الزنزانة الجماعية.ورواية [حُجب الاسم] P19 متّسقةٌ مع ما رواه P8، لا سيما ما دار حول الوفاة. فرغم أنه لم يقدّم تفاصيل، إلّا أنه ذكر أنّ أحدهم كان متوفيا وجثتَه كانت في الزنزانة مع شخص أثقل كاهلَه التعذيبُ والذي شكى إليه أنّ أخاه المصابَ بالصرع قد قُتل. ولا يساورُ المحكمةَ شكٌّ بأنّ تلك كانت جثةَ [حُجب الاسم] وأنّ ذلك الشخصَ كان P8. ولا تأبه المحكمةُ إلى أنّ P19 أفاد سابقا بأنّ الشخص كان من عائلة [حُجب الاسم] أو أنه تأثر بما ذُكر في وسائل الإعلام، إذ كان الشاهد P19 هناك في نفس الوقت والتقى نفس الشخص.ولا يراود المحمةَ شكٌّ بأنّ المتهم ارتكب تلك الجرائم وأنه يفتقر إلى حجة غياب. وتعرّف عليه الشهودُ ولَم يُبدِ اعتراضا على ذلك ولا على ذِكر أنّ ممرضَين بيّنا اسمه واسم [حُجب الاسم] وأصل كلٍّ منهما. ودوّن P8 اسمَيهما وأصل كلٍّ منهما على ورقة، ولم يدّع أنه كتب ذلك بنفسه، بل طلب ذلك من امرأته، وجدّد الورقة بعد أن باتت بالية. وتُعَدّ شهادةُ P19 تأكيدا لأنه شهد إساءة معاملة من [حُجب الاسم] و«الطبيب علاء» وأبي سيفو مسؤول الزنزانة، حتى قبل نقله [إلى الزنزانة الجماعية]. وبعد نقله لاحقا، أخبره شخصٌ من فتحة باب الزنزانة أنّ ذلك الطبيب هو من «إخواننا المسيحيين ويُدعى علاء م».وها هو P12 سمع كذلك عن مجموعة من الأطباء، من بينهم المتهم، كانوا يُقتادون إلى سجن خارجي. ورغم أنّ الغرض من ذهابهم كان علاج السجناء، إلّا أنهم كانوا يتسلّون بهم ويعذّبونهم.وليس لدى المتهم حجةُ غياب موثوقة. فبسبب بيرُقراطية النظام، أصدر الفرع 261 قائمة بأسماء المعتقلين فيه، وكان منهم [حُجب الاسم] وP8 و P11 [اللذين أفادا للشرطة أنهما اعتُقلا في] شهر تشرين الأول / أكتوبر. ووفقا لوثيقة من لجنة العدالة الدولية والمساءلة CIJA ووثائق أخرى، تبيّن أنهم كانوا معتقلين في 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011. وجاء في الوثائق أن الأشخاص الثلاثة اعتُقلوا بسبب العثور على أسلحة في المنزل. [وترتئي المحكمةُ أنّ] الاعتداء وقع في 25 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 وأنّ [حُجب الاسم] توفي في 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2011. وشهد المتهم على ذلك [بالألمانية: Einlassung] وزعم أنه لم يكن في حمص آنذاك، بل في المزة. وبالتحديد، أقرّ المتهم بأنه أخذ في 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 وثيقةً من إدارة الخدمات الطبية من حمص وذهب إلى المزة حيث قدّم نفسَه لرئيس القسم وأخبره موظف الموارد البشرية أنّ لديه مهلةً إلى 27 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 [ليسلّم بعض المستندات]، ومكث المتهم مع زميله [في دمشق] وبدأ العمل في 28 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 إلى نهاية عام 2012. ولإثبات ذلك، قدّم المتهمُ وثائقَ من إدارة الخدمات الطبية مؤرّخةً في 28 تشرين الثاني / نوفمبر 2011، وهو تاريخ عمله في المزة ونقله من حمص، وأنه خرج من حمص في 23 تشرين الثاني / نوفمبر 2011 وانتقل إلى المزة.غير أنّ المحكمة ترى أنّ ذلك كان بيانا كاذبا [ملحوظة: رأى مراقبُ المحاكمة المتهمَ ههنا يطأطئ رأسَه في قاعة المحكمة]، إذ كان بإمكان المتهم أن يحصل على تلك الوثائق بمساعدة [حُجب الاسم]، والد إشبينه، وعمار سليمان، صديق بشار الأسد. فلا دليل مستقلّ على صحة تلك الوثائق. وأكّد المتهم أنه انتقل في آخر تشرين الثاني / نوفمبر 2011 وأنه لم يقترف الجرائم بحق الأخوين [حُجب الاسم] وأنه أدلى بوقت تغييره مكان عمله بدقة.حصل المتهم على وظيفة في مشفى الأهلي وعمل من 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2012 عشرةَ أيام. بل من الممكن أنّ المتهم لم يكن في 28 تشرين الثاني / نوفمبر 2012 في دمشق في الفترة المعنية، بل في حمص. وبيّن الخبير اللغوي السيد فراج للمحكمة أنّ التعبير قد يعطي يوما أو اثنين مجالا، أي في فترة وقوع الجريمة. وهذا لا يستبعد رحلات عودة المتهم إلى حمص، إذ قال المتهم إنه رجع ليحصل على وثيقة كانت تنقصه. وتتناقض أقوالُ المتهم - إضافة إلى رسائل المحادثات - مع عمله في مشفى الأهلي الذي لم يذكره في فترة تجريمه إلّا بعدما جابهته المحكمةُ بذلك، فأخفى فترةَ عمله في حمص بكل بساطة.

العناصر الذاتية [بالألمانية: Subjektive Tatseite]: إعطاءُ حبة الدواء

استطرد رئيسُ المحكمة قائلا: «دعوني أشرح الحالة رقم 12 وما يتعلّق بقرص الدواء». تعرّض [حُجب الاسم] لعنف شديد وعُرض على المتهم يومين. وحاله المزرية جليّةٌ حتى للعاميّ. وفي اليوم الثاني، أُخبر المتهمُ والحارسُ أنّ [حُجب الاسم] يتعرّض لنوبات صرع، فرآه المتهم شخصا ضعيفا وكال إليه مزيدا من الضربات، ونظرا لمعرفة بعواقب العنف، وبإقراره معرفتَه الأساسيةَ بالصرع، تصرّف - على الأقل - بنيّة مشروطة للقتل [بالألمانية: bedingter Vorsatz]، ثم بنيّة من الدرجة الثانية [بالألمانية: unbedingter Vorsatz]، تجسّدت بقرص الدواء. ورغم أنّ المحكمة لم تتمكّن من تحديد المادة به، إلّا أنّ مفعولها بدأ بعد نحو 15 - 30 دقيقة وأدى إلى الوفاة. يمكن استبعاد أنّ المتهم أعطاه دواء مسكّنا للآلام لأنّ سلوكه لم يتّسم برعاية المرضى، بل بالعداء والكراهية. واتّضح أنه أعطى [حُجب الاسم] قرصَ الدواء بعدما رفض أخوه ذلك، ولاحظ أنّ [حُجب الاسم] ابتلعه. ويبدو أنّ المتهم أضجرته شكاوى المريض المتتالية وكان يَعُدُّه معارضا وإرهابيا. وفي مُجمل الحقائق، خلصت المحكمة إلى أنّ المتهم تصرف بنيّة القتل.

  • الحالة رقم 16 و18: [حُجب الاسم] P1 و[حُجب الاسم] P4 وقتلُ [حُجب الاسم]. استمعت المحكمة إلى شهادات عن إساءة معاملتهم ومقتل [حُجب الاسم]. كانت الشهاداتُ مفصّلة ومتسلسلة، وبرزت تبايناتٌ فرديةٌ مع ما ذكره P4 في الشرطة، إلّا أنها لم تكن محورية. إذ شهد الشاهدُ باتّساق أنّ معاملته أُسيئت أمام السجناء، ويُفهم مما أفاده في الشرطة أنّ ذلك كان أمام الزنزانة. ولكن هذا تباينٌ نسبيّ، إذ يمكن أنه اقتيد إلى أمام الزنزانة، وهذا يجب أن يكون مرئيّا لزملائه ليكون عبرةً لغيره. ولم يظهر الشاهدُ رغبةً مفرطةً في تجريم المتهم، فلو كان حريصا على تجريمه، لم يكن ليقلّل من حدّة أقواله، بل لكان بالغ فيها. فعلى سبيل المثال، شهد بأنه لمّا أُحرق، اشتعلت النار برهةً، كما شهد بأنّ إهانةَ زملائه أكثر حدّةً من الضرب. ليس لدى المحكمة أيّ شكوك جدّيّة حول مصداقية P4.وما كان على تطبيق تيك توك لا يُنسب إلى النظام، بل كانت تعاملات خاصة مع أهله في [حُجب المكان]. وعلى العكس، تتعلّق الرسائل الأخرى بالموضوع إذ قيل فيها: «نعلم أنّ الأمر انتهى، ولكننا لن نتركك، وستندم على دخول المحكمة والخروج منها. ولو ذهب طبيب، فعندنا ألفٌ غيره».تساءلت المحكمة عما قد يدفع P4 لاختلاق روايته، وذكّرت بأنه كان خارج ألمانيا ولم يكن ملزَما بالمثول أمام المحكمة. إضافة إلى أنّ ما قدّمه فريقُ الدفاع من وثائق لجُنحٍ جنائية يُزعم أنّ P4 اقترفها عُدّ غير موثوق [ملحوظة: رأى مراقبُ المحكمة المحاميَ العجي يطأطئ رأسه ويسنده على يده]، وكانت الطريقة التي حصل بها المحامي العجي على تلك الوثائق مريبة. واستمُع إلى العجي في المحكمة شاهدا حيث أقرّ بأنه ناقش موضوع [P4] مع أطراف أخرى، كالمحامي أنطون عازار، وادعى أنه لا يعلم من أرسل [له تلك الوثائق]، وزعم صحتَها وأنّ هناك عقوبات صارمة في سوريا على تزوير الوثائق. وناقض أقوالَه أمام قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية حيث قال إنه تلقى [تلك الوثائق] من السلطات السورية. ويتناسب هذا مع سلوك علاء المتلاعب. وقيّم الخبيرُ اللغوي الراحل، ضياء فرّاج، تلك الوثائق وأخرج ما بها من أخطاء لغوية وشخصية، فحثّه المتهمُ لاحقا قائلا «لا تصوّب كثيرا». وبالنسبة لبصمات الشاهد المذكور على الوثائق، فيمكن تفسير ذلك بأنه أُجبر على إعطاء بصماته [على أوراق فارغة أثناء اعتقاله] كي يستخدمها النظام لتزوير وثائق. وأكّد سجناء [سابقون] تلك المزاعم، مثل P8 وP11 اللذين أُجبرا كذلك على إعطاء بصماتهما.وعند تقييم شهادة P4، يجب عدم نسيان شهادة P1 الواضحة الموثوقة الذي وصف بوضوح الضرب الجماعي وتعليقه إلى السقف وحرقه. وبخصوص مقتل [حُجب الاسم]، وصف كلٌّ من P1 وP4 الموقف من منظوره. غير أنه لا يوجد تناقضٌ صريح بين أقوال P1 السابقة وشهادته في المحكمة، إذ كان هناك صعوباتٌ لغوية عند استجوابه، فكانت [لهجةُ] المترجمة الشفوية عراقية وتعلّمت اللغة [حُجبت المعلومة] بنفسها. وبالنظر إلى هذا السياق، لا يمكن استبعاد وقوع تعقيدات. وأُكّدت أقوال P1 من طريق أخرى، إذ ذكر أنه ضُرب في القبو في المبنى الرئيسي حيث كان هناك مَقسَمٌ وغُرفةُ المعتقلين. وذكر [حُجب الاسم] في [حُجب المكان] أنّ احتجاز المعتقلين كان في القبو.المحكمة مقتنعة بارتكاب علاء للجرائم في الحالات رقم 16 إلى 18. إذ تعرف  P1 وP4 على المتهم ولم يُؤثَّر عليهما. ولم تكن هذه تمثيلية للانتقام من النظام. إذ رأى P4 صورة لثلاثة أشخاص وأكّد أنّ أحدهم كان المتهم بنسبة 80 - 90%. وعُرضت عليه صورٌ لثمانية أشخاص، فأخذ صورةَ المتهم وقبّلها وقال إنه لا يمكن أن ينساها، وكان المتهم محتجزا [آنذاك] في ألمانيا. وقال P4 إنه تعرّف على الطبيب [حُجب الاسم] الذي أتى الزنزانةَ ولكنه لم يضرب أحدا. وبعرض ذلك على أقوال P1، يُلاحظ أنه ذكر أنّ هناك أطباء عذبوا المعتقلين وآخرين أبدَوا تعاطفاهم. وأفاد P1 [في مقابلة سابقة] بأنه كان متأكدا من المتهم بنسبة 70%، ولكنه صرّح بأنه تعرّف على المتهم في جلسة المحاكمة. ولمّا اعترض المتهم على الترجمة، ادّعى P1 كذلك أنه تعرّف على صوته. وليس هناك دليلٌ على تأثّر P1 بما نُشر على وسائل الإعلام. بل على النقيض، عندما رأى صورةً نُسبت إلى المتهم زورا، قال إنّ تلك الصورة كانت تظهر فيها أسماء الأسد و[حُجب الاسم].خلال الفترة التي وقعت فيها الجرائم في الحالة رقم 16 و18، كان المتهم يعمل في مشفى المزة العسكري. إلّا أنّ ذلك لا يمنع أنه شارك في تلك الجرائم، إذ كان على علاقة عن بُعد مع زوجته الحالية وعاد إلى حمص عدة مرات. ويتّسق هذا مع ما قاله صديقُه [حُجب الاسم] P26 الذي أفاد في المحكمة أنّ المتهم كان يسافر كثيرا إلى حمص. وأفاد [حُجب الاسم] P34 كذلك أنّ المتهم كان يتردّد إلى حمص مرارا. وقال بذلك [حُجب الاسم] P40 و[حُجب الاسم] P41. وزعم المتهم أنّ تلك الرحلات تستغرق ست ساعات، غير أنّ الشهود قدّروها بساعتين أو ساعتين ونصف. قد يكون هناك تأخير في حالات فردية بسبب الحرب. وبذلك، كان لدى المتهم فرصٌ لزيارة المشفى، فزعم أنه بم تكن لديه سلطة، ولكنه كان يعرف [حُجب الاسم] وزملاءَ آخرين كـ[حُجب الاسم]، الذين كانوا يشكّلون مع المتهم مجموعة تصفية، كما أفادت الشاهدةُ [حُجب الاسم] P51 التي امتنعت عن تجريم المتهم. وبالنسبة للمتهم، كانت تلك فرصةً سنحت له التواصلَ مع أقرانه أمثاله وإلحاقَ الألم بالآخرين، لا سيما المعارضين الأراذل والأقلّ شأنا في نظره، كما أمكنته من المشاركة في التعذيب الذي ترتكبه الدولة.

    التقييم النهائي للأدلة: تقييم شهادة [حُجب الاسم] P57:سلوك المتهم عديم الضمير وعن قتل [حُجب الاسم]. كان P57 ضابطا سابقا رفض الخدمة، وبعد إصابة أُخذ إلى سجن صيدنايا ثم إلى مشفى تشرين العسكري. وبدل أن يتلقى العلاج، وجد نفسه يُضربُ بقضبان معدنية، ومكث معتقلا مع سجناء آخرين على فُرُش متشرّبة بفضلاتهم. وكان يأتي شخصٌ يرتدي معطفا أبيض وأخذ حقنة من حقيبة وحقنها لسجناء ما لبثوا أن فارقوا الحياة، ثم وُضعت جُثثهم في أكياس ونُقلت خارجا. وتعرّف P57 على من حَقَن المرضى مع أنه لا يعرفه؛ كان شعره أقصر وفي وجهه وحمة، وكانت العرجةُ واضحةً في مشيته. وهذه الحقيقة تتناسب مع تبعات طلق ناري في ساق المتهم في كانون الأول / ديسمبر 2012. وقال P34، صديقُ المتهم، إنه ساعد المتهمَ آنذاك وكان يعرج. ولا تُهمُّ الأوصافُ التي تشير إلى مشفى تشرين أو المزة، لأن مشفى تشرين كان ذا مرتبة عليا وكان الانتقال إليه ممكنا لفترات قصيرة وكان يُطلب من الأطباء الموالين للنظام تصفيةُ السجناء.

التقييم القانوني

بناءً على التهم في الحالتَين 12 و18، يُعدّ المتهم مذنبا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق قتل [حُجب الاسم] و[حُجب الاسم] عمدا ضمن هجوم منهجي وموسّع ضد المدنيين وفقًا للفقرة 7 (1)(1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي.

في الحالة رقم 12 و1 و2 و 3 و5 و17 و16، ارتكب المتهم جرائم ضد الإنسانية عن طريق تعذيب سجناء في عهدته وفقا للفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي. ليس هناك شكٌّ في جسامة الاعتداء، وخصوصا طبيعته، ويجب تقييم مداه الفعلي. ولا يُشترط إلحاق ضرر دائم بالصحة.

الحالة رقم 3 كانت جسيمة كذلك: إذ أساء المتهم معاملة مريض بضربه بيده وبقسطرة بولية، وكان السجينُ معصوب العينين ومقيدا، وهو ما يعني أنه كان أعزل. وأُخذت بالاعتبار الإساءات اللفظية.

الحالة رقم 3: لكمة على الرأس سبّبت من شدتها إصابة في يد [المتهم].

الحالة رقم 1 و2: يشكّل إضرامُ النار في الأعضاء التناسلية - والذي يُحتمل أنه سبّب عُقما - محاولةً لارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق حرمان الشخص من القدرة على الإنجاب، بموجب الفقرة 7 (1)(6) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والمادة 22 من القانون الجنائي الألماني. بالاقتران مع جرائم ضد الإنسانية عن طريق التعذيب بموجب الفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي.

تُشكّلُ ثلاثُ حالات جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنسانية: إذ ارتكب المتهم جريمة حرب ضد أشخاص أضرت بـ [حُجب الاسم] وفقًا للفقرة 8 (1)(1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي، وفي الحالتين 16 و17، وفقًا للفقرة 8 (1)(3) من القانون نفسه. كان هؤلاء الأفراد يتمتعون بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني، إذ كانوا جرحى ومرضى. واستُهدفوا لأنّ أصلهم من [حُجب المكان]، ولأنهم مسلمون سُنّة، وبسبب آرائهم السياسية. وكان حَسْبُهم أنهم سُنّة ومعارضون للأسد، ولا يلزم أن يكونوا قد حرّضوا ضد [نظام الأسد]. ولأنّ P1 كان مُعارضًا سُنّيّا للأسد، وبسبب أصله وعائلته، سُجن لأسباب سياسية ونُقل إلى فرع الأمن العسكري. أمّا P4 فسُجن بسبب خلفيته السُنّية وأصله من [حُجب المكان] أو ريف حمص، ونيله من هيبة الدولة. وكان سببُ [قتل] [حُجب الاسم] هو أصلُه وتعاطفه [مع السجناء].

وفي الحالة رقم 18، يتحمّل المتهم مسؤوليةً جنائيةً عن القتل العمد بموجب الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني. وهدفَ التبجّحُ بقتل [حُجب الاسم] إلى ردع أي تمرد ضد النظام القمعي، وجعْلِه عبرة، وهو ما يستوفي شرط الدوافع الدنيئة المنصوص عليه في الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني.

العقوبة

  • في الحالة رقم 12 و18، تُفرَضُ عقوبة السجن المؤبد بموجب الفقرة 7 (1)(1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني.
  • تستلزم الحالات الأخرى الواقعة تحت الفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي عقوبةَ سجنٍ تتراوح بين 5 إلى 15 سنة.
  • تَعُدُّ المحكمةُ قبولَ الحالات الأقل خطورة بموجب الفقرة 7 (2) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي أمرًا بعيدًا عن نظرها. ويشمل ذلك الحالات 3 و5 و8، التي تتضمن الضرب بقسطرة بولية، واعتصار الخصيتين، واللكم. ورغم أنّ المتهم ليس لديه سجل إجرامي سابق في ألمانيا، إلّا أنه أقرّ أنه عمل في مشافٍ عسكرية، واعترف لاحقا بأنه كان مؤيّدا للأسد. وسلّمت المحكمة بأنه ساعد زملاءه (أي، زملاءه في السجن في ألمانيا). إضافة إلى ذلك، كان اسمه وصورته منتشرَين على وسائل الإعلام ، فأدى إلى أحكام مسبقة ضده. ولكن، في المجمل، وبالنظر إليها في سياقها، لم تثبت أي حالات أقل خطورة. وتستلزم هذه الحالات عقوبةً بالسجن لستّ سنوات.
  • في الحالتين 1 و2، تبلغ العقوبة المفروضة على الفعل الواحد 12 سنة،  لا سيما بسبب الإذلال، إذ عُدَّت محاولةً لارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق حرمان شخص من القدرة على الإنجاب بموجب الفقرة 7 (1)(6) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي والفقرة 22 من القانون الجنائي الألماني.
  • الحالة 11: يستلزم تمديدُ كسر الفخذ دون تخدير عقوبةً تصل إلى 10 سنوات للتسبب بألم شديد.
  • الحالتان 16 و17 للإضرار بالمدعين: يعكس حرق P1 وP4 طاقةً إجرامية؛ لأنه P1 عُلّق أولا، وضُرب ثم حُرق. أمّا ذراع P4 فوُطِئت بالأقدام حتى نضَحَت قيحا. وقد تصرّف المتهم بإجرامية بليغة ودرجة عالية من عدم المشروعية، ويستلزم هذا عقوبةً تصل إلى 11 سنة بصفتها جرائمَ ضد الإنسانية بموجب الفقرة 7 (1)(5) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي  وجرائمَ حرب وفقا للفقرة 8 (1)(3) من القانون ذاته.

العقوبة المُجمَّعة:

في حالات الجمع بين عدة عقوبات تشمل السجن المؤبد وعقوبات محددة المدة، يُلزِمُ القانونُ فرضَ عقوبة السجن المؤبد بوصفه العقوبة المُجمَّعة.

جسامة الذنب الشديدة:

عموما، تنطبق الفقرة 57 (أ) من القانون الجنائي الألماني. غير أنه إذا ثبتت جسامة الذنب الشديدة، فلا ينطبق تعليقُ ما تبقى من العقوبة بعد انقضاء 15 عاما، ويتوجب على المحكمة أن تتخذ تدابير مناسبة طويلة الأجل. ويُبرّر جسامةَ الذنب الشديدة ما يلي: ارتكابُ جريمتين تتضمّنان القتل، وتُشكّل إحداهما كذلك جريمةَ حرب بموجب الفقرة 8 (1) من القانون الألماني للجرائم ضد القانون الدولي مُرتكبةً في فعل واحد، وجريمةَ قتل عمد أخرى بموجب الفقرة 211 من القانون الجنائي الألماني، وثمانية أفعال أخرى. وإضافة إلى ذلك، عند أخذ شهادة P57 بعين الاعتبار، كان لحالات قتل المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصية في تشرين – رغم أنها لم تكن جزءا من لائحة الاتهام – وزنٌ كبير ضمن مجمل النتائج المستخلصة.

الحبسُ الاحترازي:

قرّرت المحكمة فرض الحبس الاحترازي وفق الفقرة 66 من القانون الجنائي الألماني، آخذة بعين الاعتبار إفادةَ الخبير الدكتور بيرجر عن نزعة المتهم لارتكاب أقسى الجرائم وميوله الساديّة، ويُعَدّ تقرير الخبير مفهوما واضحا وسَلَّط الضوءَ على خطورة العودة إلى ارتكاب الجرائم. ومن السمات الأخرى التي دفعت المحكمة إلى ذلك الاستنتاج كان أنّ [المتهم ارتكب] أخطر أعمال العنف إلّا أنّ الدفاع لم يشكّك في ميل المتهم لارتكاب جرائم كتلك.

وفي هذا السياق، لم يغِب عن عِلم المحكمة أنّ المتهم لم يَعُدْ إلى ارتكاب الجرائم منذ دخوله ألمانيا، غير أنّ ذلك لا يغيّر من تكهّن المحكمة بالخطر المستمر. إذ ترى المحكمة بأنّ المتهم كان منشغلا بالحصول على تصريح مزاولة مهنة الطب في ألمانيا. وقال الخبير بيرجر إنّ المرء يمكنه أن يكبت النزعة الساديّة فترةً طويلةً إلّا أنها تظلّ ما لَم تُعالج. ورغم تخلّيه عن تصريح مزاولة مهنة الطب، تعتقد المحكمة أنّ كون المتهم طبيبا يساعده على ممارسة ميوله تلك. ونظرا لخطورة ذلك، ترى المحكمة أنّ فرض الحبس الاحترازي بالاقتران مع السجن المؤبد هو أمرٌ لا بُدّ منه. وتُسَلَطُ كذلك الضوءَ على وجوب تقديم الدعم للمتهم خلال فترة سجنه، لا سيما عن طريق العلاج الاجتماعي وفقا للفقرة 66 (ج)(2) من القانون الجنائي الألماني.

منعُ مزاولة المهنة:

امتنعت المحكمة عن فرض منع من مزاولة مهنته وفقا للفقرة 70 (1) من القانون الجنائي الألماني، إذ لم يُعَدّ فرضُ هذا الحظر أمرا ضروريا لأنّ المتهم تنازل عن رخصته الطبية، ولأنّ الإفراج المبكر من السجن المؤبد غير ممكن.

معلوماتٌ قانونية:

يمكن للمتهم أن يطعن بالحكم خلال أسبوع عن طريق محامي دفاعه، ويجب أن تكون أسباب الطعن مقدَّمةً خلال شهر واحد يعد إصدار الحُكم. يمكن الاستئناف ضد قرار الحبس الاحترازي اليوم ويجب أن يكون كتابيا أو [...] إلكترونيا. ويُعَدّ قرار الحبس الاحترازي السالب للحرية نافذا بدءا من اليوم.

القرار:

تأمر المحكمة باستمرار حبس المتهم. يمكن للمتهم أن يقدّم شكوى ضد هذا القرار [بالألمانية: Haftbeschwerde]. ويمكنه في أي وقت أن يطلب مراجعة قرار الحبس [بالألمانية: Haftprüfung].

قبل اختتام جلسة، سأل القاضي كولر عما إذا كان لدى أحد أطراف الدعوى أي بيانات يودّ الإدلاء بها، فنفى جميعهم. وبهذا اختتم القاضي كولر الجلسةَ بقوله: «انتهت الجلسة».

ثم ختم رئيسُ المحكمة القاضي كولر بهذه الكلمات: «ونكون هكذا قد أنهينا الجلسة».

 انتهت الجلسة في الساعة 1:18 بعد الظهر.

وبانتهاء هذه الجلسة، يكون قد أُسدل الستار عن هذه المحاكمة التي تُعَدّ تكليلا لجلساتٍ استمرت أكثر من نحو ثلاثة أعوام ونصف وجهودٍ امتدّت لأكثر من ذلك.

[ملحوظة: طعن المتهم بالحكم. ولهذا لا يُعَدُّ الحكم نهائيا بعد.]

________________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.