1 min read
داخل محاكمة علاء م #25: قرصنةٌ لِنَهْبِ الحقائق

داخل محاكمة علاء م #25: قرصنةٌ لِنَهْبِ الحقائق

محاكمة علاء م.

المحكمة الإقليمية العليا - فرانكفورت ألمانيا

موجز مراقبة المحاكمة الخامس والعشرون

تاريخ الجلسات: 31 تشرين الأول / أكتوبر و 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2022

تحذير: قد تتضمن بعض الشهادات توصيفاتٍ للتعذيب

يُرجى ملاحظة أن هذا الموجز ليس نسخة حرفية لمحضر المحاكمة؛ بل مجرّد ملخّص غير رسميٍّ لإجراءات المحاكمة.

يسرد تقرير المحاكمة الخامس والعشرون الخاص بالمركز السوري للعدالة والمساءلة تفاصيل اليومين الأربعين والحادي والأربعين من محاكمة علاء م. في فرانكفورت، ألمانيا. استجوب القضاة المترجم الشفوي الذي كان حاضرًا في مقابلة تقديم طلب اللجوء الخاص بـ P4، إلّا أنه لم يتمكن من تذكر أي شيء عنها. عرض القضاة بعد ذلك وثائق رسمية وتباحثوها مع الخبير اللغوي. ثم قرأ القضاة تقارير أعدها مكتب الشرطة الاتحادية الألمانية (BKA) والاستخبارات الألمانية (BND) والتي كشفت أن المتهم تواصل مع أشخاص من بينهم المسؤول الإعلامي في برلين الذي عرض على المتهم مقاعد في رحلة جوية إلى سوريا. واصل القضاة في اليوم الثاني استجوابهم للشاهد والناجي الثالث في المحاكمة. وعقد القضاة مقارناتٍ بين أقوال P8 في شهادته داخل المحكمة وإفادة ابن عمه خلال استجوابه. وحينما شرع القضاة في سؤال P8 عن الظروف التي اكتنفت استلام أهله لجثة أخيه من المشفى العسكري، غلبت P8 مشاعرُه. بدأ استجواب المدعين العامين لـ P8وانتهى في نفس اليوم. شرح رئيس المحكمة لـ P8 برنامج الدعم النفسي الاجتماعي للشهود في ألمانيا وحثّه على طلب المساعدة من أحدها في مكان إقامته.

أبرز النقاط:

اليوم الأربعون - 31 تشرين الأول / أكتوبر 2022

دشّن القضاة الجلسة باستجواب P9 وهو المترجم الشفوي الذي كان حاضرًا أثناء مقابلة طلب اللجوء الذي قدمه P4. صرّح P9 بأنه مجرد هاوٍ وأن أحد أقربائه كان من دعاه للعمل بالترجمة الشفوية في المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين (BAMF). سأل القضاة P9 إن كان قد ترجم حرفيًّا ما كان يقوله P4 أثناء استجوابه أم أنه قام بتلخيص أقواله، فأجاب P9 بأنه عادة ما كان يترجم ما يقوله الشخص في المقابلة كما يفهمه منه، مذكرًا القضاة بأنه لم يكن مترجمًا رسميًّا. أراد القضاة أن يعرفوا كيف سارت المقابلة مع P4 تحديدًا، إلّا أن P9لم يستطع تذكره ولا ما جرى في المقابلة. حاول القضاة إنعاش ذاكرة P9 بشتّى السّبل لعلّه يتذكر شيئًا عن P4 أو المقابلة التي أُجريت معه، فقدموا تلميحاتٍ له وقاموا باقتباس أجزاءٍ من محضر الاستجواب معرّجين على الدول التي مرّ بها P4 في رحلة لجوئه، إلا أن جهودهم كانت دون طائل. شكر القضاة P9 لحضوره قبل أن يُصرف.

عرض القضاة بعد ذلك لقطات شاشة لقصاصة أبرزها P8 خلال التحقيق معه ولمحادثاتٍ أجراها على الإنترنت، وطلبوا من الخبير اللغوي ترجمة محتواها. ثم عُرضت وثائق ومستنداتٌ رسمية تخصّ P8 كان من بينها تصريحٌ لدفن أخيه، يُملي فيه النظام السوري على أهل المتوفى قيودهم، كمكان وزمان الدفن اللذين يجب الالتزام بهما. ثم طلب القضاة من مترجم المحكمة توضيحًا لمصطلح عامّي معيّن عكف على ترجمته حرفيًّا في جلسات آنفة إلى تعبيرٍ غريبٍ غير مألوف، فبيّن مترجم المحكمة المقصود وأزال الغشاوة واللَّبس عن الأمر. وفي حال انبثقت تعبيرات كتلك في جلسات مقبلة، طلب القضاة من مترجم المحكمة أن يعدل عن ترجمتها حرفيًّا إلى ترجمة فحواها.

ثم عرض القضاة تقارير أعدتها الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية والاستخبارات الألمانية عن علاء م. وقرؤوا أجزاءً منها. تضمنت التقارير صورة لمستندٍ يتمحور حول بحثٍ أُجري حول P8 وكان جزءًا من تواصلٍ بين علاء وآخرين. كما استعرض تقريرٌ الأخذ والردّ بين علاءٍ وأحد قراصنة الإنترنت "الهاكرز" والذي تضمّن سؤال علاء عن الجيش السوري الالكتروني الخاضع للنظام السوري. ثم قرأ القضاة أجزاءً من التقارير بيّنت أمورًا عدّة منها تواصل علاء مع أشخاص في الولايات المتحدة والمراسلات التي دارت بينه وبين أكثم سليمان الذي طمأنه وأخبره عن رحلة طيران نظمتها السفارة السورية لإجلاء مواطنيها الطلاب من ألمانيا بسبب تفشي جائحة كوفيد. سأل القضاة علاءً إن كان لديه ما يوضّحه بهذا الصدد، فكشف علاءٌ بأن "الهاكر" الذي تواصل معه كان محض طالبٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات (IT) في سوريا. وبرّر علاءٌ تواصله معه بأنه كان شحيح الخبرة في مجال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي انتشرت فيه تقارير عنه، كتقرير الجزيرة الذي وجد في أحد التعليقات عليه تعليقًا لـ P8 يزعم فيه أن علاءً عذبه وأخاه، إضافة إلى تقرير على زمان الوصل مع ادعاءات مشابهة، وهو ما صدمه وأصابه بالذّعر. وكان علاءٌ قد طلب من بعض أقاربه أن يسعفوه في محاولته البحث عن دلائل إلى أن أصدر الادعاء العام لائحة اتهام ضده، فتواصل مع "الهاكر" راجيًا أن يتمكن من سلب بعض المعلومات من حساب P8 على الفيسبوك، كأن يتعرّف على من أرسل P8 في إثر علاءٍ، إلّا أنه عاد إليه بخُفّي حُنَيْن. أراد القضاة أن يستوضحوا عن الطريقة التي كان يفكر علاءٌ فيها وكيف كان سيُتاح له انتزاع معلومات من حساب P8على الفيسبوك، فوضّح علاءٌ بأنه كان يُمنّي نفسه بأن يعثر في حساب P8 الشخصي على مراسلات يؤلّب فيها زميلُ علاءٍ السابقُ P8 على علاء.

ثم نكص علاءٌ إلى موضوع الجيش السوري الالكتروني مشيدًا به وموضّحًا أنه يتألف من أفراد وليس منظمة عسكرية كما قد يضلّل اسمه. وهرف علاءٌ الجيش الالكتروني وأطرى عليه مادحًا بأنه كان ينشر أدلة ومقاطع فيديو ضد تنظيم داعش في 2013 و2014. وعلل علاءٌ بذلك طلبه منهم أن يزوّدوه بمعلومات حول الأشخاص الذين برزت أسماؤهم في التقارير المنشورة ضده. وزعم علاءٌ بأن جمع المعلومات كان اقتراحًا من محاميه الألماني السابق، وأنه لم يكن يريد استخدام "هاكر" لذلك الغرض.

تناول علاءٌ بعد ذلك موضوع تواصله مع أشخاص في الولايات المتحدة موضّحًا أن أحدهم كان أخاه الذي عرض على علاء أن يأخذ عطلة يسافر فيها على حسابه إلى خارج ألمانيا، إذ كان أخوه قد قرأ ما كُتب ونُشر في وسائل التواصل الاجتماعي عن علاءٍ وأولاده. استوضح القضاة من علاءٍ ما عناه أخوه بـ "أخذ إجازة وترك المانيا" إذ قد يُفهم من ذلك أن أخاه كان يحثّه على الهرب، فأقر علاء بذلك وقال إنه رفض عرض أخيه رغم ذلك وأخبره بأنه يريد البقاء في ألمانيا والقتال حتى النهاية إذ أن له حقوقًا سينبري لها، ولكنه خسر المعركة ضد الصحافة الألمانية، لأن صحيفة كبيرة كـدير شبيجل تُقزّم من يقف ضدها. وبيّن علاءٌ أن الشخص الآخر الذي حاول التواصل معه في الولايات المتحدة كان صحفيًّا في صحيفة "واشنطن بوست" ويعرفه أكثم سليمان. أراد علاءٌ أن يرسل له أدلة على أن زميله السابق كان يحرّض على العنف ضد اليهود والمسيحيين، ولكن علاءً فشل في مسعاه.

وفيما يتعلّق بموضوع أكثم سليمان، أوضح علاءٌ أن أحد أقربائه كان من ساعده بالتواصل مع أكثم، وأنه كان يعرف أن أكثم كان صحفيًّا يعمل في مكتب الجزيرة في برلين حتى عام 2012، وأراد منه أن يتواصل مع زميله السابق فيصل القاسم ويطلب منه التوقف عن نشر تقارير ضد علاء، فمتابعوه على وسائل التواصل الاجتماعي كُثُر وكان قد بدأ بالنشر ضد علاء منذ عام 2019، فقال أكثم أنه لم يعد على تواصل مع فيصل ولا يستطيع مساعدة علاء في ذلك الأمر، إلّا أنه عرض على علاء مساعدته في ترجمة مستنداته. وأثنى علاء على أكثم الذي ساعده دون مقابل. واقترح أكثم على علاء أن يسافر على متن رحلة تنظمها السفارة السورية إلى سوريا عبر بيروت.

أراد القضاة أن يعرفوا ماهية العلاقة التي تربط أخاه ببشار الجعفري، فوضّح علاءٌ أن أخاه حاول مساعدته فحسب، وقال أنه يريد مساعدة علاء ولكنه لا يعرف أحدًا في الولايات المتحدة كما أنه لا يوجد تواصل بين حكومتها والسفارة السورية، فارتأى أخوه أن الحل الناجع قد يكمن في الأمم المتحدة والتواصل مع الجعفري. وأكّد علاءً بأنه لا يعرف الجعفري شخصيًّا إلّا عبر التلفاز، ولم يتواصل هو في حياته ولا أحدٌ من أقاربه مع الجعفري.

اليوم الحادي والأربعون - 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2022

واصل القضاة استجواب الشاهد والناجي الثالث في المحاكمة، واستفتحوا بسؤاله إن كان قد هُدّد في هذه القضية أو كانت هناك محاولات للتأثير عليه، وهو ما نفاه P8. استحضر القضاة الواقعة التي زُعم أن علاءً أعطى فيها حبة دواء لأخ P8وسألوه عنها ثم طلبوا منه مزيدًا من التوصيف للمكان الذي كان معتقلًا فيه. ثم أورد القضاة اقتباسات من محضر استجواب الشرطة لابن عم P8 مشيرين إلى بعض أوجه التباين بين أقوالهما، فشرح P8 ما كان يُشْكِل من الأقوال مبيّنًا أنه كان يصف ما مرّ به شخصيًّا حتى وإن وصف ابن عمه شيئًا مغايرًا. سأل القضاة P8 بعد ذلك عما إن حدث تواصلٌ بينه وبين ابن عمه بعد استجوابهما في الشرطة وعن محتوى ما دار بينهما.

انتقل القضاة إلى موضوع آخر وشرعوا في استجواب P8 عن الموقف الذي استلم فيه أقرباؤه جثة أخيه من المشفى العسكري وحالة الجثة التي استلموها، فغلبت P8 مشاعرُه. بعد استراحةٍ أعلنها رئيس المحكمة للترويح عن P8، وصف P8 كيف استلم أقرباؤه جثة أخيه وكيف أنهم لم يتمكنوا من التعرف على جثة أخيه إلا عن طريق علامة في وجهه، إذ طغت على الجثة آثار التعذيب. ثم طرح القضاة أسئلة حول قصاصة كانت بحوزة P8وعما إن تواصل مع معتقلين سابقين عقب إطلاق سراحه. وسأل القضاة P8 عما إن تواصل مع محامين معينين ومنظمات حقوقية وأرادوا أن يعرفوا كيف انتهى به المطاف بالتعرف على محاميه. ثم سلّط القضاة بأسئلتهم الضوء على أشخاص وردت أسماؤهم في فيديو الجزيرة وأرادوا أن يعرفوا إن حدث تواصل بينهم وبين P8. تمحورت أسئلة القضاة بعد ذلك حول استجواب P8 في الشرطة والظروف التي أحاطت به وكيفية سيره، فوضّح P8 أن كلّ شيء سار على ما يُرام.

بدأت المدعية العامة السيدة شليب، التي مثّلت الإدعاء العام بمفردها في ذلك اليوم لغياب زميلتها، استجوابها وسألت أسئلة معمقة حول تفاصيل ما طُرح سابقًا من وقائع وأحداث. وأوضحت أنه قد يكون لديها مزيدٌ من الأسئلة في الجلسة اللاحقة بعد أن تتباحث مع زميلتها ما طُرح من مواد ومعلومات. نظرّا لأن المراسلات التي دارت بين P8 من جهة وبين صحفيين وأشخاص آخرين من جهة أخرى كانت مخزنة على هاتف P8المحمول المعطل، تساءل القضاة إن كان ممكنًا أن يستعيروا ذلك الهاتف المحمول لعرضه على الجهات المختصة ليحاولوا استخراج أي معلومات منه تخص القضية، وطلبوا من P8 التشاور مع محاميه حول هذا الأمر، فأوضح P8 أن لا مانع لديه في ذلك.

في ختام الجلسة، أعلن رئيس المحكمة أن استجواب الدفاع للشاهد سيبدأ في الجلسة المقبلة التي ستكون آخر جلسة استجواب لـ P8. قال P8 إنه منذ أول يوم له في المحكمة لم يذهب إلى العمل إلّا يومًا واحدًا قضى فيه ساعتين ولم يستطع أن يكمل لأنه تذكّر خلال شهادته أمورًا حاول نسيانها. قال رئيس المحكمة أن هذا الأمر متفهمٌ وشرح لـ P8 أن هناك برنامجًا لدعم الشهود نفسيًّا واجتماعيًّا في ألمانيا، وأنه سيرى ما تستطيع المحكمة ومكتب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية عمله لمساعدة P8في موضوع عمله في البلد الذي يقيم فيه. بيّن رئيس المحكمة لـ P8 أن هنالك احتمالية -وإن كانت ضئيلة في بعض الأحيان- لإعادة تعرض الضحايا لصدمات نفسية عند استحضارهم لما مروا به سابقًا. وأضاف رئيس المحكمة أن ما قد يكون مصدر عون ومواساة لـ P8هو أن يعلم أن كثيرًا من الناس حول العالم يتابعون هذه القضية ومهتمون بها. تمنى رئيس المحكمة لـ P8 كل التوفيق وحثّه على زيارة طبيب نفسي في مكان إقامته.

______________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.