1 min read

حلحلة في القيود المفروضة على جواز السفر لكن المشاكل لا تزال قائمة

لاجئون سوريون في مخيم الأبرار في بر إلياس- البقاع، لبنان الصورة لعدسة لاجئ سوري

في أواخر شهر نيسان/أبريل، أعلنت الحكومة السورية تغيير سياستها بشأن إصدار وتجديد جوازات السفر. فبدلاً من تحويل كل طلب لمراجعته من قبل المخابرات في سوريا، ستقوم السفارات والقنصليات الآن بإصدار جوازات السفر مباشرة لمقدمي الطلبات السوريين. ووفقاً للبلاغ الرسمي الذي تسلّمه موظفو السفارات، تم إبلاغ المسؤولين بالتغاضي عن الوضع القانوني لمقدمي الطلبات، حتى وإن كان في حوزتهم وثائق مزورة سابقاً. وكانت السياسة القديمة قد رفضت فعلياً قبول جميع الطلبات المقدّمة لإصدار جوازات سفر مما خلّف ملايين السوريين دون وسيلة لإثبات الهوية أو للسفر بمجرّد مغادرتهم سوريا. وبالتالي، لاقى هذا الإعلان إرتياحاً، ولو أنه جاء متأخراً جداً.

غير أن هذا القرار صدر بالاقتران مع تنبيه واحد: حيث تنوي الحكومة أن تضاعف رسوم إصدار جوازات السفر الجديدة وتجديدها لتصبح 400 دولار للإصدار و200 دولار للتجديد، وقلّصت فترة صلاحية جواز السفر لتصبح سنتين فقط. ويُقصَد من رفع الرسوم، المقترن بالحد من العقبات البيروقراطية، زيادة الإيرادات المالية للحكومة السورية التي تواجه حالياً أزمة في احتياطي النقد الأجنبي وهي في حاجة ماسّة إلى العملات الأجنبية.

وفي حين أن تغيير السياسات سيعود بالنفع على العديد من السوريين الذين يحتاجون إلى وثائق السفر، إلّا أن التكاليف المرتفعة ستكون باهظة بشكل تعجيزي للعديد من السوريين الآخرين الذين يفتقرون لأية وسيلة تدرّ عليهم دخلاً يكفي لجواز سفر فرد واحد، ناهيك عن عائلة بأكملها. وإن هذه السياسة الجديدة هي كمن يدسّ السّم في الدّسم، حيث تضع السوريين في موقف يحتّم عليهم أن يختاروا ما بين دفع الرسوم التي من شأنها أن تساعد في تمويل الحرب التي تقودها الحكومة أو البقاء عالقين دون وثائق سفر.

تعتبر حرية التنقل حق أساسي من حقوق الإنسان. وفي حين يُسمَح للحكومات بأن تقيّد، بل وأحياناً تحظر حركة أحد الأفراد، فإن رفض إصدار جوازات السفر بالجملة لجميع السوريين الذين فرّوا بسبب العنف والحرمان هو أمر جائر. ولأكثر من أربع سنوات، لم يتمكّن السوريون من السفر بشكل قانوني بسبب رفض طلبات معظمهم “لأسباب أمنية”، هذا إن تم تقديم مبرر أصلاً. ومن المثير للإهتمام، أن السياسة الجديدة تجاهلت جميع المخاوف الأمنية، مما يقلب الأمر في الاتجاه المعاكس تماماً من خلال السماح لأي شخص بالحصول على جواز سفر بغض النظر عن مدى صلته الوثيقة في الواقع من نشاط إجرامي أو إرهابي.

يأمل المركز السوري للعدالة والمساءلة بأن يكون لدى أولئك الذين فرّوا من سوريا خيارات بشأن اختيار مكان العيش والسفر والعمل. وأما بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في لبنان حيث يُعتبر اللاجئون الذين لا يملكون وثائق سفر مهاجرين غير شرعيين، ستتيح جوازات السفر قدراً أكبر من الحريات والفرص، بما في ذلك خيار مغادرة لبنان إلى بلد مثل تركيا، حيث يلقى اللاجئون السوريون ترحيباً أكبر ويتمتعون بإمكانية الحصول على قدر أكبر من الموارد.

وللأسف، سيستمر غالبية السوريين الذين لا يقدرون على تحمّل التكاليف الباهظة لإصدار جواز سفر في مواجهة الصعوبات. السيناريو المثالي يقتضي بأن تصدر الحكومة السورية جوازات السفر مجاناً أو بتكلفة منخفضة على الأقل. ولكن من غير المحتمل أن تتحقق هذه التدابير، ولذلك يتعيّن على المجتمع الدولي أن يتدخل. إذ أن قضية جواز السفر متجذّرة أساساً في المشاكل الهيكلية المتعلّقة بمعاملة اللاجئين دولياً. ومن شأن عدم استعداد المجتمع الدولي للتصدي بشكل شامل لأزمة اللاجئين الهائلة أن يضع السوريين في موقف يحتّم عليهم الرضوخ للرسوم الاستغلالية. وكما نوقش في نشرة الأسبوع الماضي، تقتضي الحاجة إعداد خطة شاملة لإعادة توطين اللاجئين وتعيين وضع قانوني لأولئك الذين ليس لديهم أوراق أخرى لكي لا يُضطروا للاعتماد على أهواء الحكومة السورية في تلبية احتياجاتهم الأساسية.

لمزيد من المعلومات أو لتقديم الملاحظات والآراء، يرجى الاتصال مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected].