1 min read

لجنة التحقيق الدولية وإجراءات العدالة السليمة في سوريا

أعضاء لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا (يُشار إليها لاحقاً بـ “اللجنة”) أحدث تقريرلها في أواخر شهر شباط/فبراير،ويتضمن تفاصيل الفظائع واسعة الانتشار والمتزايدة “بشكل مضطرد” التي ترتكبها جميع الأطراف في الصراع السوري.

وفي حين سعى التقرير إلى تعبئة المجتمع الدولي للتحرّك ضد الجرائم المرتكبة في سوريا والتي “تتسبب في صدمة لضمير الإنسانية”، هدّدت اللجنة أيضاً بنشر أسماء ما يقارب من 200 من شخصيات النظام والمتطرفين والمعارضة ممن يُشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على مدار الصراع الذي دام لأربع سنوات.

ويأتي هذا التحذير الصادر قبل انعقاد الاجتماع القادم لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شهر آذار/مارس، مخالفاً للسياسة طويلة الأمد للجنة التي تقضي بحجب أسماء المشتبه فيهم حتى يتم توجيه الاتهام إليهم ضمن محاكمات. ويثير كذلك مخاوف كبيرة تتعلق بعملية العدالة والمساءلة في سوريا.

وفي تعليق أدلى به بمناسبة صدور التقرير، انتقد رئيس اللجنة، سيرجيو بانيرو، المجتمع الدولي لفشله في الحفاظ على حقوق الشعب السوري وحماية تلك الحقوق:

“من غير المعقول أن تستمر معاناة السوريين التي دامت للسنوات الأربع الماضية و… أن يعيشوا في عالم لم تُبذَل فيه إلّا محاولات محدودة فقط لإعادة سوريا إلى ركب السلام، والسعي إلى تحقيق العدالة للضحايا”.

واعتبر بانيرو أن نشر قائمة الأسماء التي تتألف من “قادة عسكريين وأمنيين ورؤساء مراكز الاعتقال وقادة الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة”، من شأنه “إخطار الجناة المزعومين، وتعظيم الأثر الرادع المحتمل” بوجود اللجنة، وحماية الفئات الأكثر عرضة لخطر مزيد من الاعتداءات”. وعلاوة على ذلك، أفادت اللجنة بأن عدم نشر أسماء المعتدين المحتملين “في هذه المرحلة من التحقيق” لن يؤدي إلّا إلى “تعزيز حالة الإفلات من العقاب التي تم تكليف اللجنة بمحاربتها”.

ومع ذلك، فإن احتمال أن يكون هذا الإعلان بمثابة رادع ضد مزيد من الانتهاكات والاعتداءات — أو إشعار المجتمع الدولي بالعار لحثّه على التّحرك هو أمر مبالغ فيه لعدة أسباب، وأهمها النفوذ الروسي. فقد قامت روسيا والصين بعرقلة قرار إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية ومن المرجّح أن تفعلا ذلك مرة أخرى إذا كان القصد من قيام اللجنة بنشر الأسماء هو المضيّ قدماً في محاكمة مجرمي الحرب في محكمة دولية أو محكمة مختلطة. علاوة على ذلك، لا يمكن لمحاكم جنائية دولية بنفسها أن توقف العنف المتفاقم في سوريا، وغالباً ما تكون صلاحياتها الإنفاذية الضعيفة غير فعالة لمعاقبة الأفراد المتّهمين بارتكاب جرائم حرب. وعلى هذا النحو، قد يبقى الجناة المشتبه بهم في سوريا إلى أجل غير مسمّى، بعيداً عن متناول العدالة أو العقاب الدوليين.

بل والأسوأ من ذلك، إن نشر أسماء المشتبه بهم دون وجود آليات معتمدة لمحاكمة المنتهكين من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار عملية العدالة والمساءلة في سوريا. ونظراً لعدم وجود وسيلة للتحقق من صحة هذه المزاعم في محكمة قانونية، فإن نشر قائمة مجرمي الحرب المشتبه فيهم من شأنه أن يحرم المتهمين من حقوقهم في إجراءات التقاضي السليمة، وقد يرقى إلى إسناد ذنب دون محاكمة. وبالإضافة إلى ما تقدّم، قد يؤدّي نشر قوائم الأسماء على الملأ إلى تفاقم حالات الانتقام والعقاب السائدة أصلاً بين مختلف الفصائل وتيسير تفاقم ما هو متعارف عليه بأنه قصاص “ميداني” خارج نطاق القضاء في سوريا.

وبدلاً من نشر أسماء المشتبه بهم على العلن، يتعيّن على اللجنة أن تستمر في توثيق الجرائم التي يرتكبها جميع الأطراف في الصراع السوري والتنسيق بشكل غير علني مع الحكومات الأجنبية ومجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات ذات الصلة بشأن السياسات إزاء مجرمي الحرب المزعومين. وقد تتعاون اللجنة أيضاً مع الدول الراغبة في متابعة محاكمات مجرمي الحرب السوريين بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

وفي حين أن المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) يتفهّم رغبة اللجنة في تحقيق أقصى قدر من مساهمات التوثيق المحتملة لآليات العدالة والمساءلة وإنهاء سفك الدماء، إلا أن المركز السوري للعدالة والمساءلة ينصح باتباع مقاربة متوازنة ومدروسة في التعامل مع عملية العدالة الانتقالية الوليدة. ومن أجل توفير عدالة محايدة وغير منحازة لجميع الأطراف في الصراع السوري، يجب أن يصاحب مزاعم إرتكاب إنتهاكات عملية تحقيق رسمية، وإلّا فإن نشر قائمة بأسماء مجرمي الحرب المزعومين، كما هدّدت بذلك اللجنة، من شأنه أن يؤدي إلى انتهاك إجراءات التقاضي السليمة وإمكانية ارتكاب حالات انتقام عنيفة،. ينبغي أن يكون التخفيف من هذه النتائج السلبية أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي.

لمزيد من المعلومات ولتقديم الملاحظات، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى المركز السوري للعدالة والمساءلة على

[email protected]