1 min read

إنتقام الأردن من تنظيم داعش يؤسس لسابقة سيئة لسوريا

القوات الجوية الأردنية والأميركية في مناورات مشتركة فوق البحر الميت (مصدر الصورة: سلاح الجو الأميركي)

في وقت سابق من هذا الشهر، أحرق تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً، وقام بتصوير إعدامه بأسلوب سينمائي ونشر الفيديو في جميع أنحاء العالم. وكانت وحشية هذا التصرف صادمة واستدعت غضباً فورياً من جميع أعضاء المجتمع الدولي. وفي الأردن، كانت دعوات الإنتقام سريعة، وطالب المتظاهرون في جميع أنحاء البلاد بالانتقام وتعهد المتحدث باسم القوات المسلحة الأردنية أن “دم الشهيد الطاهر لن يذهب هدراً”.

وفي غضون ساعات، أعدم الأردن اثنين من السجناء المدانين بالإرهاب ووعد أن الاستجابة سوف تتواصل وتكون قوية وحاسمة وسريعة. وكان القضاء الأردني قد حكم على أحد السجينين بالإعدام عام 2005، وحكم بإعدام الآخر عام 2007، لذا، كان السجينان ينتظران تنفيذ حكم الإعدام. غير أن إعدامهما على وجه السرعة بعد ساعات فقط من نشر فيديو إحراق الكساسبة، والتصريحات التي صدرت عن مسؤولين أردنيين رفيعي المستوى تؤكد أن الإنتقام كان الدافع الأساسي لعمليات الإعدام وللضربات الجوية اللاحقة ضد أهداف داعش.

في نزاع مسلح، لا بد من حماية المعتقلين من القتل والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة. لذا، فإن إعدام تنظيم داعش للطيار يشكل إنتهاكا واضحاً للقانون الدولي وللكرامة الإنسانية. غير أن المركز السوري للعدالة والمساءلة يشعر بالقلق إزاء السابقة التي يمكن أن يؤسسها الرد الأردني بالنسبة للوضع في سوريا. وحيث أن العدالة ستشكل جانباً هاماً في المرحلة الإنتقالية في سوريا، يجب أن تشمل على آليات تتوافق ومبدأ تعزيز سيادة القانون، بدلاً من العمل على أساس شهوة الدم أو الإنتقام. وقد أشاد بعض أعضاء التحالف الدولي ضد داعش بالإجراءات الحاسمة التي اتخذها الأردن، ونفت الولايات المتحدة حصول أي مخالفات من جانب قادة الأردن. عبارات مثل تلك من قبل الولايات المتحدة وغيرها تغفل كيف لتصرفات الأردن أن تؤثر في تصورات وإنطباعات السوريين الذين يتابعون هذه الأحداث عن كثب.

إقليمياً، قدمت الحكومات أمثلة سيئة عن كيفية الشروع بتنفيذ آليات العدالة، وسلوك الأردن مؤخراً ليس إلا آخر برهان على الاستجابة الهزيلة للتطرف. في الشرق الأوسط حالات لا تحصى من الفساد في المؤسسة القضائية، وفشلها في إحترام قوانين إجرائية بشكل واضح أدى إلى خلق الانطباع بأن على الناس أن تستوفي حقوقها بنفسها، وإلا فإن الجاني سوف يفلت من العدالة. حتى قبل الإعدام المتسرع للسجناء في الأردن، ينظر السوريون إلى طريقة قتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي على الفور بأنها الطريقة الأفضل والأضمن من عملية محاكمة معيبة وفاسدة يفلت من خلالها زعيم سابق من العقاب، كما حصل في مصر.

لذلك، فإن رد الأردن على داعش قد يعزز رغبة السوريين في الانتقام. بعد فترة قصيرة من نشر الفيديو، تعهد  الأكراد السوريين الذين يحاربون داعش في كوباني بالثأر للكساسبة. كثيرون آخرون، بمن فيهم والد الكساسبة، طالبوا بالثأر. في حين أنه يمكن توقع أو تفهم مثل هذه المشاعر، إلا أن عمليات الإعدام الفورية وزيادة حملة القصف كوسيلة للانتقام تظهر إنصياع الدولة لهذه المطالب.

عندما تعاقب الدولة المخالفين المسؤولين عن ارتكاب جرائم، فإن أحد أهم أهدافها الأساسية وواجباتها هو تنفيذ القصاص نيابة عن الضحايا من خلال آليات رسمية تحكمها معايير وقوانين واضحة. تتطلب هذه الآليات أن يعاقب المجرمون على جرائمهم فقط، وليس على جرائم الآخرين، وألا تستلم الحكومة لشعورها أو لشعور مواطنيها بالجرح. الآن، وقد أثبت الأردن أن نظامه القضائي يمكن أن يستخدم للانتقام، ما الذي سيمنع أردنيين أو سوريين آخرين من المطالبة بالإعدام إنتقاماً لهم؟

لمزيد من المعلومات ولتقديم الملاحظات يرجى مراسلة المركز على البريد الالكتروني [email protected]