1 min read
ثمانية أسئلة حول المحكمة الجنائية الدولية

ثمانية أسئلة حول المحكمة الجنائية الدولية

أثارت المبادرة الفرنسية لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدوليةأسئلة حول المحكمة، إجراءاتها، وفعاليتها. يهدف هذا النص إلى إزالة الغموض عن المحكمة الجنائية الدولية واستكشاف دورها في الأزمة السورية.

لماذا لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية مباشرة المحاكمة الآن؟

في الوقت الحالي، لا تملك المحكمة الجنائية الدولية صلاحية (إختصاص) قضائي على سوريا. سوريا، شأنها شأن 71 دولة أخرى أعضاء في الأمم المتحدة، ليست طرفاً موقعاً على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. لذا، فإن هناك ثلاثة طرق فقط يمكن للمحكمة الجنائية الدولية إمتلاك الصلاحية في سوريا من خلالها: 1) عن طريق إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية من مجلس الأمن في الأمم المتحدة،  2) أن تمنح سوريا طواعية الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية لحالات معينة فقط، أو 3) أن تنضم سوريا للمحكمة الجنائية الدولية من خلال الانضمام إلى نظام روما الأساسي. لكن يبدو واضحاً أن الخيارين الثاني والثالث بعيدا الحصول كون حكومة الأسد لا تملك أي نية أو حافز للإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. لا يمكن للمعارضة السورية أيضاً أن تقبل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على سوريا لأنها لا تحقق حالة “حكومة الدولة السورية”.

طريقة أخرى يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تكتسب الاختصاص القضائي بموجبها أحياناً هي 4) إطلاق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لتحقيق من تلقاء نفسه، لكن هذا الخيار غير ممكن ما لم تصبح سوريا طرفاً موقعاً في نظام روما الأساسي أولاً، أو تمنح الإختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية طواعية.

ما يمكن للإحالة أن تفعل؟

إذا نجحت الإحالة من مجلس الأمن، فإن المحكمة الجنائية الدولية ستطلق تحقيقاً لتقرر ما إذا كانت جرائم دولية قد ارتكبت في سوريا. إحالة مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة الجنائية الدولية تلزم المحكمة الجنائية الدولية لإجراء “تحقيق”، وهي عملية تسبق المحاكمة، تقرر المحكمة بموجبها ما إذا كانت هناك أدلة كافية للشروع بالمحاكمات. على الرغم من أنها تحاكم الأفراد، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية تحقق في “الوضع” أو “الحالة” في بلد ما. وهكذا، بدلاً من التحقيق حول بشار الأسد على سبيل المثال، فإن المحكمة الجنائية الدولية ستحقق في الوضع السوري بأكمله، وتبحث عن أدلة على الجرائم الدولية التي يرتكبها أي طرف.

إذا وجد التحقيق أدلة على الجرائم المنصوص عليها في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية- (الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، و/​​أو جريمة الإبادة الجماعية)، يشرع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البدء في محاكمة الأفراد الذين يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية عن هذه الجرائم.

من الذين يمكن مقاضاتهم؟

ما يميز مشروع القرار الجديد عن بقية القرارات أنه يحث صراحة على التحقيق في الجرائم من قبل جميع أطراف النزاع، بما في ذلك السلطات السورية والميليشيات الموالية للنظام، والمجموعات المسلحة المعارضة. وعلى الرغم من ذلك، كما ذكر أعلاه، فإن المحكمة الجنائية الدولية تحقيق في حالات (بدلاً من الأفراد أو مجموعات محددة)، وتبعاً لذلك يحيل هذا القرار “الوضع في الجمهورية العربية السورية” إلى المحكمة الجنائية الدولية.

إذا وجد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أدلة على أن شخصاً ما قد ارتكب جرائم الإبادة الجماعية، جرائم ضد الإنسانية، و/​​أو جرائم حرب، يمكن للمحكمة توجيه اتهامات ضد هذا الشخص ومن ثم إصدار أمر استدعاء أو أمر اعتقال لجلب ذلك الشخص أمام المحكمة. غير أن تثبيت الاتهامات والمضي في المحاكمة يمكن أن يحصل فقط بعد اعتقال الأشخاص المتهمين.

ما هي العقوبات المتاحة وما هي الأحكام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية عادة؟

العقوبة القصوى التي يمكن أن تحكم بها المحكمة الجنائية الدولية هي السجن لـ 30 عاماً، إلا أنها من الممكن أن تصدر أحكاماً بالسجن المؤبد في الحالات القصوى. يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أيضاً فرض غرامات على الجناة، وحجز الأموال ومصادرة الممتلكات والأصول الأخرى. لا تصدر المحكمة الجنائية الدولية عقوبة الإعدام.

حتى الآن، تم عرض 21 قضية من 8 حالات أمام المحكمة الجنائية الدولية. اتهمت المحكمة الجنائية الدولية 36 شخصاً بارتكاب جرائم. ومنذ إنشائها منذ 12 عاماً، أدانت المحكمة الجنائية الدولية شخصين فقط، الأول أدين بارتكاب جرائم حرب  وحكم بالسجن لمدة 14 عاماً، وسيتم إصدار الحكم بحق الثاني أواخر أيار/مايو 2014. هناك عدة محاكمات تجري حالياً، في حين أن العديد من القضايا الأخرى لا يمكن المضي فيها قدما كون المتهمين لا يزالون طلقاء.

كم تستغرق العملية عادة؟

تستغرق المحاكمة سنوات. هناك مراحل متعددة، بما في ذلك التحقيقات السابقة للمحاكمة والمحاكمة نفسها. تتراوح مدة التحقيقات السابقة للمحاكمة عموماً بين شهر واحد إلى أربع سنوات. في حين تستغرق المحاكمات عموماً ستة سنوات أو أكثر. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الحكم الأول والوحيد لها بعد تحقيق ومحاكمة دامت لمدة عشر سنوات. وسيتم إصدار الحكم الثاني للمحكمة بعد تحقيق ومحاكمة دامت لمدة زمنية مماثلة.

على الرغم من أن تعقيد وتحديات المحاكمات في المحكمة الجنائية الدولية تتطلب عملية طويلة، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة شابة وتسعى جاهدة لتسريع إجراءاتها (دون التفريط بالدقة أو الفعالية) 1.

ماذا يمكن للسوريين الاستفادة من الإحالة؟

على المدى القريب، فإنه من غير المرجح أن يجد السوريون فوائد ملموسة من عمل المحكمة الجنائية الدولية. غير أن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يقدم مغزى رمزي: تثبت الإحالة الناجحة والتحقيقات اللاحقة أن المجتمع الدولي يأخذ الأزمة السورية على محمل الجد، وهو ملتزم بالمساءلة. وبالفعل، اكتسب مشروع القرار دعم 58 دولة، كما دعت أكثر من مائة منظمة حقوقية من مختلف أنحاء العالم مجلس الأمن الدولي لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.

من غير المرجح أن تنجح الإحالة، غير أن الاهتمام الدولي بالنقاش حول المحكمة يمكن أن يضغط على المجتمع الدولي ليتصرف بشكل مختلف في سوريا. يناقش البغض أن الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية يمكن أن تملك تأثيراً رادعاً على أولئك الذين يرتكبون الجرائم الوحشية.

على المدى البعيد، يمكن أن ينتج عن المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية سجن و/أو تغريم مرتكبي الجرائم. يمكن لحكم المحكمة أيضاً أن يؤهل السوريين لتعويضات مالية. أخيراً، وعلى مستوى أكثر رمزية، يمكن لمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية تثبيت الحقائق حول النزاع وما حصل، عن طريق البحث والأدلة واسعة النطاق، التي تنشر دولياً .

لماذا لم تحدث الإحالة حتى سابقاً؟

فشلت محاولات الإحالات الثلاثة السابقة بسبب الفيتو الروسي. بإمكان أي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي الاعتراض (فيتو) على أي مقترح، ولا يمكن نقض هذا الإعتراض. (استُخدام قرار الأمم المتحدة 377 في الماضي لتمكين الإجراءات المدعومة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد الفيتو في مجلس الأمن، ولكن وفقاً لنظام المحكمة الجنائية الدولية، لا تملك الجمعية العامة القدرة على إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية).

هل ستنجح الإحالة؟

من غير المرجح أن تنجح الإحالة. أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لهذه المبادرة، على عكس مواقفها بخصوص الإحالات السابقة. غير أن روسيا قد أعلنت معارضتها للإحالة بوضوح. مؤخراً، أكد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة بأن “موقفنا لم يتغير“، وتعهد في 20 أيار/ مايو باستخدام حق النقض ضد القرار اذا وصل الأمر الى التصويت.

تأمل فرنسا أن ينظر مجلس الأمن في القرار المقترح يوم الخميس.

Notes:

  1. ريتشارد غولدستون، في مداخلة ألقيت في مشروع نقابة المحامين الأميركيين حول المحكمة الجنائية الدولية تحت عنوان: “العدالة الجنائية الدولية: الفظائع الجماعية، والمحكمة الجنائية الدولية، ودور الدول”، 10 نيسان، أبريل 2014.