ولادة نظام من رحم الفوضى – نهج المصدر المفتوح للمركز السوري للعدالة والمساءلة

منذ عام 2012، يعمل المركز السوري للعدالة والمساءلة على توثيق الانتهاكات المرتكبة خلال النزاع السوري. في البداية، كان إلى حد كبير مجرّد تمرين في جمع المعلومات. ولكن كان من الواضح أن جمع الأدلة من سوريا سيكون مختلفاً نوعاً وكماً عن النزاعات السابقة. ولاحظنا أنه نظراً لتوافر التقنيات الجديدة على نطاق واسع، كان هناك انتشار لمقاطع فيديو، غالباً ما يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يمكن أن تكون مصدراً غنياً للأدلة لأغراض العدالة الانتقالية في المستقبل. ويصعب التفريق بين ما نشره السوريون العاديون والصحفيون وفي أحيان كثيرة الجناة أنفسهم. لقد كان تدفقاً مستمراً لآلاف ثم ملايين من مقاطع الفيديو مما حجَب الأدلة الأكثر قيمة في بحر من البيانات. وقد شكل هذا العديد من التحديات أمام المركز السوري للعدالة والمساءلة في الجهود التي يبذلها لتيسير عمليات العدالة الانتقالية، ومن ضمنها الملاحقة القضائية للانتهاكات المصورة في مقاطع الفيديو. أولاً، كيف ينبغي تحليل البيانات لوضعها في السياق وجعلها قابلة للاستخدام. ثانياً: أين ينبغي حفظها وتخزينها وإجراء العمل التحليلي لها.

وفيما يتعلق بالمشكلة الأخيرة، فقد طور المركز السوري للعدالة والمساءلة برمجية خاصة به لإدارة البيانات، أصبحت تعرف الآن باسم “Bayanat (بيانات)”. وهي حل مفتوح المصدر، يسمح لأي شخص بالاحتفاظ بكميات كبيرة من البيانات وتحليلها، متضمنة مقاطع الفيديو والوثائق والمقابلات. وفي ضوء التطويرات المستمرة، شارك المركز السوري للعدالة والمساءلة مؤخراً أدوات جديدة لتيسير تحديد الموقع الجغرافي، بالإضافة إلى أدوات نقل البيانات لتيسير نقل البيانات كبيرة الحجم إلى هذه المنصة من وسائل الإعلام وملفات اكسل/CSV (ملفات قيم مفصولة بفواصل).

ولكن كيف يمكن ولادة نظام من رحم الفوضى؟ كان على المركز السوري للعدالة والمساءلة أن يجد طريقة منظمة ومتسقة لتحليل جميع مقاطع الفيديو الناشئة عن النزاع – طريقة من شأنها أن تأخذ في الاعتبار الغرض من وضع البيانات. وكان علينا أيضاً تصميم منهجية ملموسة لفريق تحليل البيانات الخاص بنا وكذلك للآخرين خارج فريقنا الذين سيبحثون باستخدام المصطلحات التي أنشأناها. وكانت النتيجة هي منهجية تحليل البيانات الخاصة بالمركز السوري للعدالة والمساءلة والتي نتشارك بها كمصدر مفتوح لأول مرة اليوم.

لقد حدد فريقنا القانوني ذو الخبرة في قوانين الحرب وفريق تحليل البيانات الخاص بنا الذي حلل حتى الآن أكثر من 450,000 مقطع فيديو من النزاع، مجموعة من أكثر من 300 وسم بناءً على إطار القانون الإنساني الدولي. وخلال تطوير المنهجية، عمل محللو البيانات لدينا على ضمان التقيد المنضبط بالمعايير لضمان التطبيق الموثوق لهذه المبادئ. بالإضافة إلى ذلك، حيثما تم تحديد أنواع جديدة من الانتهاكات بواسطة محللي البيانات لدى المركز السوري، فقد أنشأنا وسوماً جديدة لتتوافق معها. وكانت النتيجة هي قاعدة بيانات مزودة بإمكانية البحث وتحوي مقاطع فيديو يمكن استخدامها الآن لرفع قضايا ضد مرتكبي الجرائم الفظيعة في سوريا. وبالتالي، تتيح لنا منهجيتنا خلق نظام من رحم الفوضى.

النهج الذي يتبعه المركز السوري للعدالة والمساءلة هو وثيقة حية ويتطور باستمرار باستخدام وسوم جديدة لتقفي مجرى الأحداث الجديدة التي نلاحظها في البيانات. سيواظب المركز على تحديثه وسينشر وسوما وتعديلات جديدة على الدوام. وإن هذا النظام قابل للتعديل كليَّا حسب الطلب. وهو متوفر حالياً باللغتين الإنجليزية والعربية ونأمل أن تتوفر نسخة باللغة الأوكرانية والفارسية قريباً.

ويسعدنا اليوم أن نشارك منهجيتنا كدليل على الانترنت لمساعدة مجموعات التوثيق الأخرى التي تسعى إلى القيام بعمل مماثل في جميع أنحاء العالم. إذا كان لديكم أي أسئلة حول أدواتنا الجديدة، يرجى مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني [email protected]

هذه المنهجية ومحتوى موقع التوثيق متاحون تحت رخصة المشاع الإبداعي نَسب المُصنَّف – الترخيص بالمثل 4.0 دولي (CC BY-SA 4.0).

__________________________

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.