1 min read
ما الذي يمكن أن يتوقعه السوريون من الحكومة الألمانية الجديدة

ما الذي يمكن أن يتوقعه السوريون من الحكومة الألمانية الجديدة

ما الذي يتوقعه السوريون من الحكومة الألمانية الجديدة

مع تأدية المستشار الألماني الجديد، أولاف شولتس، القسم يوم الأربعاء هذا الأسبوع، سيقود ألمانيا ائتلاف مكون من الحزب الاشتراكي الديموقراطي، وحزب “تحالف 90/الخضر”، والحزب الديموقراطي الحر على مدار السنوات الأربع القادمة. وعقب مرور شهرين على إجراء الانتخابات الاتحادية في 26 أيلول/سبتمبر، 2021، قام الشركاء الثلاثة في الائتلاف بتقديم ما يسمى “اتفاقية الائتلاف” [بالألمانية فقط] والتي جرت العادة أن تكون بمثابة خارطة طريق للسنوات الأربع القادمة. وتشير هذه الوثيقة، من بين وثائق أخرى، إلى كيفية سعي الحكومة الجديدة لتحديد الشكل المستقبلي للهجرة، وطلب اللجوء، وسياسات المواطنة، والعلاقات الخارجية، بالإضافة إلى الجهود المتعلقة بالعدالة والمساءلة.

الهجرة

يبدأ القسم الخاص بالهجرة بالتزام بإنهاء الهجرة غير النظامية، ومكافحة مسببات الهجرة، ووقف حالات الرفض والمعاناة على الحدود الأوروبية [الصفحات 138-141]. كما تسهب الحكومة الجديدة بالحديث عن رغبتها بوقف استخدام الأشخاص كرهينة لأغراض جيوسياسية ومالية، في تلميح محتمل للوضع الحالي على الحدود البولندية-البيلاروسية. رغم ذلك، وبعد بضعة أسطر فقط، تشير الورقة إلى أن الحكومة الجديدة قد تسعى إلى الطلب من دول ثالثة أن تقوم بتقييم طلبات اللجوء، وهو اقتراح تقدمت به الدانمارك مؤخراً ولاقى انتقادات واسعة.

كما تنص اتفاقية الائتلاف على ضرورة إشراك الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) بصورة أكثر فعالية في عمليات الإنقاذ البحرية وأن تصبح “وكالة حدود حسب الأصول” على أساس حقوق الإنسان [الصفحة 141]. ولكن، بالنظر إلى حقيقة أن الوكالة متورطة مع خفر السواحل اليوناني في عمليات صدّ غير قانونية في البحر، بحسب التفاصيل الواردة في المذكرة التي قدّمها المركز السوري للعدالة والمساءلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، يمكن قراءة هذا المقترح على أنه مجرد أمنيات. وتُعدّ الخطط الأخرى للحكومة الجديدة واعدةً. فعلى سبيل المثال، تعد الحكومة بعدم تجريم عمليات الإنقاذ البحري، والتي سيتم تنسيقها على المستوى الأوربي. ولكن، بالنظر إلى الممارسات والسياسات الحالية اليونانية حول تجريم عمليات الإنقاذ البحري وإعاقتها بشكل فاعل، يجب الترحيب بهذه الخطط مع بعض الحذر. كما تلتزم اتفاقية الائتلاف الصمت حيال الظروف غير الإنسانية في مخيمات اللاجئين كما في مخيم موريا أو المخيمات التي تم إنشاؤها حديثاً الأشبه بالسجون في اليونان.

كنقطة أخيرة حول الهجرة، تشير اتفاقية ائتلاف الحكومة الجديدة إلى أنه سيجري تسريع إجراءات تأشيرات المرور للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء في المجتمع المدني [الصفحة 146] وسيتم تعيين ضباط ارتباط لحقوق الإنسان في سفارات وقنصليات ألمانية محددة.

اللجوء

تقترح الحكومة الجديدة اتخاذ المزيد من التدابير العملية حول كيفية تسريع دراسة طلبات اللجوء وجعلها أكثر عدالة ومنح مقدمي الطلبات المزيد من الشعور باليقين من قبيل إنشاء مكتب للخدمات الاستشارية حول اللجوء لاطلاع طالبي اللجوء على الإجراءات وتسريع معالجة طلباتهم، بالإضافة إلى رفع عتبة تقييمات الإلغاء للتركيز بدلاً من ذلك على الطلبات [الصفحات 139و].

فضلاً عن ذلك، ينبغي تسهيل إدماج الأشخاص القادمين إلى ألمانيا من خلال توفير دورات أكثر استهدافاً ويسهل الوصول إليها لكافة القادمين الجدد، والمقيمين لفترات طويلة. كما ينبغي إتاحة حصول الأطفال والأحداث إلى التعليم في وقت مناسب أكثر [الصفحة 139]. كما ينبغي تيسير الوصول إلى الخدمات الصحية [الصفحة 140] ومواصلة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لكافة اللاجئين [الصفحة 139]. ويمكن أيضاً رؤية تركيز المقترح على الأطفال والأحداث على أنه يهدف لتوسيع نطاق لم شمل العائلات، إلا أنه يشير كذلك إلى أن عمليات لم الشمل تعتمد دائماً على “قدرات المجتمع” [الصفحة 140].

كما يوجد في نهاية القسم الخاص باللجوء في اتفاقية الائتلاف تقييد مشابه، حيث ينص القسم على أنه “ليس باستطاعة جميع القادمين إلى ألمانيا البقاء فيها”، وأنه ستكون هنالك “حملة ترحيل” من قبل الحكومة الجديدة [الصفحة 140]. على وجه التحديد، سيتم ترحيل الأشخاص الذين يرتكبون جرائم في ألمانيا ومن يشكلون “خطراً” على المجتمع المدني إلى بلدانهم الأصلية. ومن خلال اطلاع الأشخاص على إجراءات الترحيل وتقديم الدعم المالي للعودة الطوعية، تسعى الحكومة الجديدة إلى تحفيز المزيد من الأشخاص قدر الإمكان على العودة إلى بلدانهم الأصلية. رغم ذلك، تنوي الحكومة الجديدة السماح لوكالة اتحادية مركزية باتخاذ القرار حول حظر الترحيل إلى بلدان معينة [الصفحة 140]. ويتم حالياً ترك هذه القرارات إلى هيئة وزراء الداخلية في الولايات الاتحادية الستة عشر، والتي اتخذت قراراً في 2020 بإنهاء حظر الترحيل. وقد أدى هذا القرار لجعل العديد من السوريين المقيمين في ألمانيا يشعرون بالقلق من إمكانية إجبارهم على العودة إلى سوريا، بالاعتماد على ما إذا كانوا يقيمون في ولاية اتحادية ترفض ترحيل السوريين أم لا.

وفيما يتعلق بالسياق الأكبر للهجرة، تشدد الحكومة الجديدة على الحاجة لحل أوروبي مشترك فيما يخص السياسات والإجراءات المتعلقة باللجوء وتطالب بإصلاحات جذرية على المستوى الأوروبي [الصفحة 141].

الإقامة الدائمة

في قسم آخر، تنص اتفاقية الائتلاف على ضرورة تسهيل وتسريع حصول الأشخاص على التصريح بالإقامة المسموح بها في ظل الحكومة الجديدة. ويشير ذلك إلى الأشخاص دون 27 عاماً [الصفحة 138]. وتتضمن الإصلاحات الأخرى المقترحة المتعلقة بالإقامة الممسوح بها [الصفحة 138]: تصاريح إقامة تجريبية لمدة سنة واحدة لمن يقيمون في ألمانيا لأكثر من خمس سنوات، اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير، 2022؛ وإصدار تصاريح إقامة للأشخاص الذين يحملون تصريحاً لإقامة مسموح بها ممن يتلقون تدريباً مهنياً؛ وعتبات أقل وعملية بدرجة أكبر حيال التحقّق من الهوية.

الجنسية

بينما تطبق ألمانياً حالياً واحدةً من أكثر سياسات الجنسية تشدداً في العالم، تقول الحكومة الجديدة أنها ستسمح بازدواجية الجنسية [الصفحة 118]. فضلاً عن ذلك، ينبغي تسريع إجراءات منح الجنسية من خلال السماح بتقديم طلبات الحصول على الجنسية عقب مرور خمس سنوات من الإقامة الدائمة في ألمانيا، وعقب مرور ثلاث سنوات في حالة “منجزات الاندماج الخاصة”. ويمكن التقدم بطلبات الحصول على تصاريح التوطين عقب مرور ثلاث سنوات من الإقامة الدائمة، بحسب اتفاقية الائتلاف. وسيتطلب ذلك تخصيص موارد كبيرة لضمان البتّ السريع في المستوى المتزايد من الطلبات.

العلاقات الخارجية

تسترشد السياسة الخارجية “بالالتزام بالسلام، والحرية، وحقوق الإنسان، والديموقراطية، وسيادة القانون، والاستدامة”، بحسب ما تنص عليه اتفاقية الائتلاف [الصفحة 143]. وبشكل أكثر تحديداً وفيما يتعلق بسوريا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تصرَح الحكومة الجديدة بأن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يعد واحداً من أهم مصالحها الخارجية المركزية وسيتم تحقيق ذلك من خلال التعاون مع الشركاء في المنطقة ومن خلال تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمجتمع المدني، وبالتحديد من قبل النساء والشباب [الصفحة 155]. ويتم النظر إلى العمليات العسكرية على أنها الملجأ الأخير وسيتم القيام بها فقط بشكل متواز مع التدابير السياسية لمعالجة النزاعات ومسبباتها، مع وجود استراتيجية خروج فعالة مسبقاً [الصفحة 150].

كما تنص الاتفاقية على ضرورة معالجة الكوارث الإنسانية في سوريا واليمن، والحاجة لدعم عملية سلام بقيادة الأمم المتحدة. ومن خلال الإشارة إلى أهمية العدالة الانتقالية في عملية السلام، تؤكد الحكومة الجديدة على أن توثيق جرائم الحرب وملاحقتها قانونياً يعد من الأجزاء الأساسية في أي عملية سلام [الصفحة 156].

العدالة والمساءلة

تسعى الحكومة الجديدة إلى تعزيز التعاون عبر الحدود في المسائل الشُرطية والقضائية، وبالتحديد من خلال تطوير وكالة تطبيق القانون الأوروبية (اليوروبول) كي تصبح “مكتباً جنائياً أوروبياً” يتمتع بكفاياته التشغيلية [الصفحة 105]. كما ترغب الحكومة الجديدة بدعم عمل المحكمة الجنائية الدولية، والمحاكم المختصة، بالإضافة إلى بعثات الأمم المتحدة الحالية والمستقبلية لتقصي الحقائق، وهيئات التحقيق لدعم عمليات العدالة في المستقبل. وتشدد الحكومة الجديدة على ضرورة مكافحة الإفلات من العقاب عن انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم [الصفحة 147].

على الصعيد المحلي، ينبغي التوسع في الإجراءات بموجب قانون الجرائم ضد القانون الدولي [الصفحة 147]. كما ينبغي مواصلة رقمنة وتحديث السلطة القضائية [الصفحات 105و]. حيث سيتم من بين أشياء أخرى إجراء محاكمات قضائية بشكل أكثر كفاءةً، مع إجرائها بشكل إلكتروني كلما أمكن. وفيما يخص المحاكمات الجارية استناداً إلى الولاية القضائية العالمية، تخطط الحكومة الجديدة للقيام دائماً بتسجيل مرحلة المحاكمة والتي يتم خلالها عرض الأدلة [بالإضافة إلى شهادات الشهود الآخرين] في المحكمة، وتأسيس غرف متخصصة إضافية بشكل عام [الصفحة 106]. وكما أظهرت محاكمة كوبلنتس، لا تُعد الغرف المتخصصة في القانون الجنائي الدولي ضرورية من حيث الخبرة القانونية الجوهرية فحسب، بل أيضاً عند تطبيق إجراءات صديقة للضحية. وينبغي جعل المحاكمات الجنائية أكثر كفاءةً، وسرعةً، وعمليةً. بالتالي، يجب توفير تسجيل صوتي ومرئي لاستجاب الشهود في المحكمة [الصفحة 106]. كذلك، يجب أن تكون الأحكام المحجوبة متاحةً للعلن في المستقبل [الصفحة 106].

التقييم

يرحب المركز السوري للعدالة والمساءلة بالوعود التي قدمتها الحكومة الألمانية لتسهيل إجراءات اللجوء، والإقامة، والجنسية. وبالنظر إلى أن سوريا لا تزال بعيدةً عن أن تكون آمنةً لعودة السوريين، يرحب المركز أيضاً بالخطط الهادفة لتأسيس جهاز مركزي لاتخاذ قرار بشأن حظر الترحيل إلى بلدان معينة، بشرط القيام بتقييم معمق للأوضاع في سوريا وأفغانستان والإعلان عنهما كبلدين ليسا آمنين للعودة.

ويعتبر التسجيل الإلزامي المقترح للمحاكمات الجنائية ونشر الأحكام المحجوبة من الجوانب بالغة الأهمية لإيجاد الشفافية الضرورية للغاية في المحاكمات التي تجري استناداً إلى الولاية القضائية العالمية. كما يرحب المركز السوري بالتزام الحكومة الألمانية الجديدة بتوسيع المحاكمات بموجب قانون الجرائم ضد القانون الدولي، بما في ذلك المحاكمات التي تجري استناداً إلى الولاية القضائية العالمية. رغم ذلك، يجب الانتظار لمعرفة كيفية الوفاء بهذا الالتزام بشكل دقيق. ولن يكون من الكافي مجرد مواصلة العمل بالهيكليات الحالية. حيث تشير الدروس المستفادة من محاكمة كوبلنتس إلى ضرورة تعديل الإجراءات الجنائية، وزيادة القدرات المالية والبشرية لدى المحاكم، والشرطة، ومكتب الادعاء العام.

كما ويرحب المركز السوري للعدالة والمساءلة بالدعم المقترح لبعثات الأمم المتحدة لتقصي الحقائق والإقرار بأهمية توثيق الجرائم الوحشية في عمليات العدالة والعدالة الانتقالية في المستقبل. بصورة عامة، أثبت التعاون الدولي والإقليمي أهميته في مكافحة الإفلات من العقاب على الصعيد العالمي. وسيعمل تكثيف التعاون مع وداخل اليوروبول على تعزيز الملاحقة القانونية للجرائم الدولية.

رغم ذلك، يجب الانتظار لمعرفة كيفية وفاء الحكومة الجديدة بالخطط العامة المنصوص عليها في اتفاقية الائتلاف بشكل دقيق. وينطبق ذلك على وجه التحديد فيما يتعلق بالعمليات غير القانونية لصد اللاجئين على الحدود الأوروبية، وتحديد شكل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والاستماع لوجهات نظر السوريين القاطنين في ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

______________________________________________

لمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والملاحظات، يُرجى التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected] ومتابعتنا على الفيسبوك وتويتر. ويرجى الاشتراك في النشرة الإخبارية الصادرة عن المركز السوري للحصول على تحديثات حول عملنا.