مساعدات ضحايا انفجار بيروت يجب أن تشمل اللاجئين السوريين
أدى انفجار 2,750 طناً من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس إلى تحطيم جزء كبير من المدينة وتشريد مئات الآلاف ومقتل ما يقرب من 200 شخص. ومن بين هذه الحصيلة، تفيد تقارير أن ما لا يقل عن 34 من القتلى هم من اللاجئين السوريين. حيث تُجري مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقييمات في الحي الأكثر تضرراً وتشير هذه التقييمات حتى الآن إلى احتمال أن تكون قرابة 10,000 من العائلات الضعيفة قد تضررت بشدّة من جرّاء الانفجار. ومع التحدّيات المختلفة التي يواجهها لبنان حالياً: كوفيد-19، الأزمة المالية، وانفجار في المرفأ، ستزداد صعوبة حياة اللاجئين في لبنان. وفي الوقت الذي استجاب فيه المجتمع الدولي لهذه المأساة بقطع وعود بتقديم كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، إلا أنه من غير الواضح كيف أو ما إذا كانت هذه المساعدات ستصل إلى اللاجئين السوريين. ولكي تكون هذه المساعدات فعالة، يجب أن تصل إلى المجتمعات الأكثر هشاشة في بيروت، بما في ذلك السوريين.
وسارع القادة الدوليون لمناقشة استراتيجية مساعدات للبنان. حيث قام 15 من أصل 30 زعيماً حضروا القمة الافتراضية التي عُقِدت في 9 آب/أغسطس بإصدار بيان مشترك مفاده أن مبلغ 298 مليون دولار الذي تم التعهد بتقديمه على شكل مساعدات يجب “تسليمه مباشرة إلى الشعب اللبناني، بأقصى قدر من الكفاءة والشفافية”. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق إن المساعدات ستُقدّم إلى اللبنانيين مباشرة، ولن يتم تيسير ذلك من خلال الحكومة. ولم يتضح بعد كيف سيتم شمول اللاجئين في بيروت في هذه المساعدات. ويجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمانحين فهم أوجه الهشاشة الخاصة التي يواجهها السوريون في لبنان.
أوجه الهشاشة السابقة للسوريين في لبنان
حتى قبل الانفجار الأخير، كافح العديد من السوريين في لبنان لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وفي شباط/فبراير من هذا العام، أفادت تقارير أن 75% من السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، مقابل بنسبة 27% من المواطنين اللبنانيين. وعلاوة على ذلك، أفاد تقييم هشاشة أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2019 إلى أن معدل مشاركة القوى العاملة للاجئين السوريين بلغ 38%، مع أعلى نسبة مسجلة في بيروت (42%). ولقد أدى الانهيار الاقتصادي الحالي في لبنان إلى تفاقم أوضاع مجتمع اللاجئين الهش أصلاً.
وأصبحت محنة اللاجئين في لبنان أكثر صعوبة لأن الحكومة اللبنانية لا تسمح بإنشاء مخيمات رسمية للاجئين. وبسبب هذا القيد، يستأجر 73% من اللاجئين في لبنان مساكن رديئة الجودة في مبان سكنية، بينما يعيش اللاجئون الباقون إما في خيام ومستوطنات مؤقتة أو في مباني غير سكنية. ويجب أن يعثر اللاجئون على مساكنهم الخاصة ويدفعوا أجرتها، بما في ذلك مستوطنات الخيام غير الرسمية. وفي حين يبلغ متوسط الدخل الأسبوعي للاجئ سوري في لبنان 75 دولاراً للرجال و41 دولاراً للنساء، تتراوح تكاليف الإيجار في المأوى السكني وغير السكني بين 149 دولاراً و213 دولاراً، بينما يبلغ الإيجار في المباني غير الدائمة 61 دولاراً. ووجد تقييم الهشاشة لعام 2019 أن أكثر من نصف عائلات اللاجئين السوريين يعيشون إما في مأوى مكتظ أو في ظروف خطرة.
وحدث ضغط إضافي على اللاجئين في لبنان في عام 2015 عندما منعت الحكومة اللبنانية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تسجيل لاجئين جدد، مما جعل من شبه المستحيل على اللاجئين تجديد إقامتهم القانونية في البلد. ومن شأن هذا أن يعيق قدرتهم على الوصول إلى المساعدات وغيرها من أشكال الدعم المقدّمة للاجئين بموجب الوثائق القانونية.
قيود وتحديات صعبة تواجه السوريين بعد الانفجار
تحدّث المركز السوري للعدالة والمساءلة مع مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)، وهو منظمة غير حكومية لبنانية محلية، بشأن الوضع الذي يواجهه السوريون في بيروت بعد الانفجار. حيث قالت ليان الداني، مديرة البرامج في المركز، إن العدد المبلغ عنه للاجئين السوريين الذين قتلوا في الانفجار قد لا يكون دقيقًا تمامًا حتى الآن، وأن العدد والأسماء بحاجة إلى توثيق دقيق، لا يزال العديد من العمال المهاجرين بمن فيهم السوريون الذين عملوا في الميناء غير موثقين ومن المحتمل أنهم قتلوا أو فقدوا في الانفجار. وتابعت السيدة ليان قائلة: أن أحد الأحياء الأكثر تضرراً في بيروت هو المكان الذي يعيش فيه العديد من النشطاء السوريين والعاملين في المجال الإنساني، مما أدى إلى تفاقم الظروف الصعبة لفئة هشة أصلاً من السكان.
وقالت بسمة علوش، مستشارة السياسات والمناصرة في المجلس النرويجي للاجئين، “قد تؤدي الزيادة الحادة في أعداد المشرّدين [في أعقاب الانفجار] إلى ارتفاع معدل عمليات إخلاء اللاجئين السوريين. وكنا قد شهدنا في الأشهر الماضية زيادة حادة في تهديدات الإخلاء وحالات إخلاء فعلي لأن المستأجرين لم يعودوا قادرين على دفع الإيجار”. ويجب أن يضع المانحون الدوليون والمنظمات الإنسانية هذا في الاعتبار أثناء عملهم على دعم المتضررين من الانفجار.
وبالإضافة إلى ذلك، منعت السياسات التقييدية في لبنان السوريين من إيجاد مقابر تسمح لهم بدفن أقربائهم. واستمر هذا الأمر حتى بعد انفجار المرفأ، حيث ذكر سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم غير قادرين على دفن أقربائهم الذين قُتلوا في الانفجار.
أموال المساعدات الإنسانية يجب أن تصل إلى المجتمعات الهشة
يجب على المانحين الدوليين بذل جهود لضمان وصول أموال المساعدات الإنسانية إلى الناجين اللبنانيين والسوريين. وقد تكون مسألة إشراك الناجين واللاجئين السوريين في المساعدات للبنان حساسة من الناحية السياسية بسبب المشاعر المعادية للاجئين التي كانت موجودة لسنوات في الحكومة اللبنانية التي قدّمت استقالتها مؤخراً. ويجب ألا تؤثر هذه المشاعر على قرار المجتمع الدولي لشمول سبل مساعدة خاصة باللاجئين في الدعم الذي يقدّمه، ويجب ألا تؤثر هذه المشاعر على كيفية توزيع المساعدات. وإذا لم يتم تقديم دعم للمجتمعات الأكثر هشاشة في لبنان، فلن يكون تعافي البلد بعد هذه الأزمة مكتملاً.
يوصي المركز السوري للعدالة والمساءلة الأمم المتحدة والمانحين الدوليين الآخرين بما يلي:
- يجب تشميل اللاجئين في لبنان في توزيع المساعدات. وينبغي أن يتم ذلك بغضّ النظر عن الوضع القانوني للشخص أو وثائق اللجوء التي يحملها. وينبغي أن تكون القرارات المتعلقة بتوزيع المساعدات علنية وشفافة، وينبغي تبليغ مجتمعات اللاجئين بشكل فعال بجميع المعلومات المتعلقة بالمساعدات.
- ينبغي على الحكومة اللبنانية السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل اللاجئين في لبنان وتجديد الوضع القانوني للاجئين الموجودين أصلاً في البلد لضمان حصولهم على المساعدات والحدّ من التمييز المحتمل ضدّهم.
- يجب على المجتمع الدولي أن يدعم النداء الإنساني المشترك بين الوكالات لمفوضية شؤون اللاجئين والذي يبلغ 12 مليون دولار لاستجابتها الطارئة والموجّهة للعائلات الأشد تضرراً والأكثر ضعفاً في بيروت.
- ينبغي ممارسة الضغط على المجتمعات المحلية في لبنان لرفع التدابير التقييدية التي تميّز ضد دفن السوريين أو أفراد من خلفيات أخرى في بعض المقابر.
- يجب على المجتمع الدولي أن يستمر في ضمان احترام لبنان لالتزامه بمبدأ عدم الإعادة القسرية. حيث يحقّ للاجئين في لبنان الاستمرار في طلب اللجوء في البلد إلى أن يشعروا بالراحة في العودة، ولا ينبغي للأزمات الحالية المتلاحقة في لبنان أن تقوّض هذا الحق.
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.