المركز السوري للعدالة والمساءلة يطلق برنامج الأشخاص المفقودين في شمال شرق سوريا
بدأ المركز السوري للعدالة والمساءلة، بالتعاون مع الفريق الأرجنتيني لأنثروبولوجيا الطب الشرعي (EAAF)، بتقديم دورات تدريبية تقنية في استخراج الجثث والرفات من القبور الجماعية وتوثيقها لفريق الاستجابة الأولية الذي يعمل على فتح المقابر الجماعية في شمال شرق سوريا. وتأتي هذه التدريبات كجزء من الجهود الأكبر التي يبذلها المركز السوري لتناول موضوع الآلاف من الأشخاص المفقودين في أعقاب الهزيمة الإقليمية لتنظيم داعش. ويجمع هذا البرنامج الجديد للأشخاص المفقودين، الذي أعلن عنه المركز السوري اليوم في برلين، بين التدريبات الفنية والتوثيق والتعاون الوثيق مع عائلات المفقودين للتمهيد من أجل التعرّف على هوية الرفات بالإضافة إلى جمع الأدلة على جرائم داعش.
ما هو الوضع في شمال شرق سوريا؟
أدت الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في شمال شرق سوريا إلى شبكة من المقابر الجماعية تحتوي على رفات الآلاف من الضحايا مجهولي الهوية. وخلّفت الغارات الجوية التي شنّها التحالف لهزيمة تنظيم داعش آلاف الجثث الإضافية تحت الأنقاض. ويعمل فريق الاستجابة الأولية، الذي يتكون من 56 فرداً بين الرقة ودير الزور، منذ كانون الثاني/يناير 2018 لفتح المقابر ونقل الجثث. وحتى تاريخه، استخرج الفريق 3,700 جثة من 22 مقبرة، و1,900 جثة من تحت الأنقاض، أو الشوارع، أو المقابر المؤقتة التي أنشأتها العائلات أثناء القصف. وتم إعادة دفن غالبية هذه الرفات في مقبرة مخصصة بعد جمع التوثيقات الأساسية، بما في ذلك العينات البيولوجية.
ويقوم فريق الاستجابة الأولية بعمل رائع في ظل ظروف صعبة للغاية وبدعم خارجي محدود. غير أن الفريق ليس لديه خبرة سابقة في عمليات استخراج الرفات والجثث ويفتقر إلى المعرفة التقنية لإجراء توثيق شامل والتأكد من عدم إلحاق ضرر بالجثث أثناء عملية الاستخراج.
ما المقصود بأنثروبولوجيا الطب الشرعي؟
يجمع مجال أنثروبولوجيا الطب الشرعي بين الأنثروبولوجيا الفيزيائية (دراسة الرفات البشرية) مع الخبرة في علم الآثار (وتحديداً حفر مواقع الدفن) والطب الشرعي (علم التحقيقات الجنائية) من أجل دراسة الرفات البشرية الناتجة عن الجرائم. وقد تطور أنثروبولوجيا الطب الشرعي لأول مرة في سياق التحقيقات الجنائية في القضايا الفردية، ولكن يتم تطبيق هذه المهارات بشكل متزايد على مجال حقوق الإنسان والمجال الإنساني من أجل المساعدة في عمليات التحقيق في الرفات في أعقاب النزاع أو الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. ويعمل علماء أنثروبولوجيا الطب الشرعي على التعرّف على هوية الرفات البشرية والتأكّد من طبيعة الجريمة المرتكبة وتحديد المسؤول عن ارتكابها.
من هو الفريق الأرجنتيني لأنثروبولوجيا الطب الشرعي؟
يقوم الفريق الأرجنتيني لأنثروبولوجيا الطب الشرعي بتصوير فيديو تدريبي لفريق الاستجابة الأولية في شمال شرق سوريا.
الفريق الأرجنتيني لأنثروبولوجيا الطب الشرعي (EAAF) هو منظمة غير ربحية تتمتع بخبرة تزيد عن ثلاثين عاماً في استخراج الجثث والرفات من القبور الجماعية. وتم تشكيل هذه المنظمة لأول مرة من أجل التعامل مع موضوع 30,000 شخص مفقود في أعقاب الحرب القذرة في الأرجنتين. ومنذ ذلك الحين، كان للفريق الأرجنتيني دور رائد في تطوير مجال أنثروبولوجيا الطب الشرعي في جميع أنحاء العالم. ويفتخر الفريق الأرجنتيني باتباع مقاربة مجتمعية في عمليات استخراج الجثث، حيث يتعاون عن كثب مع العائلات ويبني قدرات السكان المحليين على استخراج الجثث من القبور وقيادة برامج الأشخاص المفقودين في نهاية المطاف.
ما الذي ينطوي عليه برنامج المركز السوري للعدالة والمساءلة؟
في كانون الأول/ديسمبر 2019، بدأ المركز السوري والفريق الأرجنتيني في تزويد فريق الاستجابة الأولية بتدريب في مجال الطب الشرعي عن بُعد وأجريا تقييماً أساسياً للحصول على فهم أفضل لعمل الفريق ونوع الدعم المطلوب. وفي المستقبل، يخطط الفريق الأرجنتيني لتقديم المزيد من التدريب المخصص وتقديم المشورة إلى فريق الاستجابة الأولية حول كيفية إعادة هيكلة الفريق ووضع خطة لاستخراج الجثث والرفات. وإذا سمح الوضع الأمني بذلك، يأمل الفريق الأرجنتيني في زيارة فريق الاستجابة الأولية على الأرض حتى يتسنى له تقييم المقابر شخصياً.
ولكن استخراج الجثث ما هو إلا قطعة واحدة فقط من الأحجية في محاولة معرفة مصير الأشخاص المفقودين. ويسعى المركز السوري وفريق الاستجابة الأولية أيضاً إلى توثيق الأشخاص المفقودين. حيث يتم حالياً جمع ما يُعرف باسم “توثيق ما قبل الوفاة”، وهي المعلومات التعريفية المحتملة عن الشخص المختفي، في مكتب فريق الاستجابة الأولية في الرقة. ويخطط المركز السوري لتدريب الموظفين على التوثيق وإتاحة الوصول إلى قاعدة بيانات الأشخاص المفقودين لدى المركز السوري، والتي سوف تسمح بالاحتفاظ بالتوثيقات بشكل آمن، وسهولة البحث فيها. ويأمل المركز السوري أيضاً في الربط ما بين فريق الاستجابة الأولية والعائلات النازحة التي لا تستطيع الحضور شخصياً إلى المكتب في الرقة.
وأخيراً، تكون برامج الأشخاص المفقودين أكثر قيمة عندما تتوافق مع احتياجات أسر المفقودين. ولهذا السبب يتعاون المركز السوري مع منصة “جواب” (Jawab)، وهي منصة لعائلات أولئك الذين فُقدوا أثناء حكم داعش. ولم يتم دمج منصة “جواب” في العمل الجاري في الشمال الشرقي فحسب، بل يقومون ببناء مناصرة خاصة بهم للتأكد من أن الحاجة إلى التعرّف على هوية الأشخاص المفقودين في شمال شرق سوريا سوف يتم فهمها دولياً ويتم منحها الأولوية في كل من المفاوضات السياسية والتمويل المستقبلي.
ولا يمثل الوضع في شمال شرق سوريا سوى جانباً واحداً من جوانب الأزمة الأكبر للأشخاص المفقودين في سوريا، والتي تشمل أيضاً الآلاف من الأفراد المعتقلين لدى الحكومة السورية ولدى القوات الغير حكومية. ونأمل أن يتم تطبيق الخبرة في مجال التوثيق والطب الشرعي المكتسبة في إطار هذا البرنامج في يوم من الأيام على البلد ككل، عندما تكون سوريا قادرة على تنفيذ برنامج شامل للأشخاص المفقودين، الذي يُعتبر حجر الزاوية في أي عملية عدالة انتقالية.
يمكنكم قراءة التقرير الكامل للمركز السوري للعدالة والمساءلة وتقييم الاحتياجات في شمال شرق سوريا هنا. ويخطط المركز السوري في المستقبل لمشاركة تحديثات منتظمة حول برنامجه للأشخاص المفقودين بالإضافة إلى مواد حول دور أنثروبولوجيا الطب الشرعي في العدالة الانتقالية. يرجى النقر هنا للاشتراك في نشرتنا الإخبارية ومتابعة هذا الموضوع. وإذا كانت لديكم أي أسئلة أو تعليقات، يُرجى الاتصال بنا على [email protected]
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر. اشترك في نشرتنا الأسبوعية ليصلك تحديثات عن عمل المركز.