في الأمم المتحدة، تجتمع الحكومات والمجتمع المدني لبناء أساس للسلام في سوريا
رئيسة الآلية الدولية المحايدة والمستقلة كاثرين ماركي-أويل تتحدث إلى الحضور في لجنة نقاش الأمم المتحدة لمناقشة الدعم للآلية | الصورة من UN Web TV
في 21 أيلول/سبتمبر، اجتمع مؤيدو الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، المعنية بالتحقيق بأكثر الجرائم خطورة في سوريا، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة التطورات في الجهود الرامية إلى وضع حدٍ للإفلات من العقاب في سوريا وحشد الدعم الدولي للآلية. وكان من بين من حضر الاجتماع ممثلون عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمجتمع المدني السوري، والرئيسة الجديدة للآلية كاثرين ماركي-أويل. وشدّد المتحدّثون على الحاجة الملحة إلى أن تقدم الدول الأعضاء دعماً للآلية، وأكّدوا على مسؤولية الآلية عن تعزيز العلاقات مع منظمات المجتمع المدني والجمهور السوري، وحثّوا على زيادة الدور القيادي للجمعية العامة في إنشاء وتمويل آليات وهيئات قضائية لحقوق الإنسان. ويؤكد المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) دعمه للآلية ولقيادتها، ويدعو في الوقت نفسه جميع الأطراف إلى مواصلة دعم رسالة الآلية مالياً وسياسياً ومن خلال التعاون بين النُّظم القضائية للدول ومحققي الآلية.
وقد وفّر هذا الاجتماع لممثّلي الدول منبراً للتعهد أو إعادة تأكيد المساهمات المالية المقدمة إلى الآلية. وفي حين حدّدت التقديرات المبكرة التكلفة التشغيلية السنوية للآلية بمبلغ 13 مليون دولار، فمن المتوقع الآن أن تكون النفقات أعلى من ذلك. وقد سبق أن تعهدت أكثر من 30 دولة بمساهمات مالية، غير أن التمويل لا يزال دون الحد الأدنى البالغ 13 مليون دولار. وكما أشار ممثلون من ليشتنشتاين وهولندا، فإن الآلية لم تحصل على مساهمات للسنة الثانية من عملياتها (خلال هذه الفعالية، كان وزير الخارجية الهولندي أول من تعهد بتقديم تمويل للسنة الثانية). وإلى أن يتم دمج الآلية الجديدة في ميزانية الأمم المتحدة، سيعتمد تمويل الآلية في ميزانيتها التشغيلية العادية بالكامل على المساهمات الطوعية من الدول الأعضاء. ويمثل التمويل المقدّم من الميزانية العادية للأمم المتحدة أمراً بالغ الأهمية لاستقرار الآلية على المدى الطويل، وينبغي إقراره على وجه السرعة.
وسلط الاجتماع الضوء أيضاً على ضرورة قيام الدول، كل على حدة، بتعديل قوانينها الوطنية بغية تيسير التعاون الوثيق مع الآلية. ولأن الآلية لا تملك أي سلطة قضائية من تلقاء نفسها، فإنه يتعين على محققيها تقديم ملفات القضايا إلى المدعين العامين في الدول التي تتيح قوانينها المحاكمات. وبالتالي، قد تحتاج الدول إلى تبنّي تدابير قانونية أو إجرائية معينة لضمان قدرتها على تقديم البيانات إلى الآلية وقبول القضايا التي تُعِدّها الآلية في محاكم تلك الدول. وفي الماضي، تبنّت عدة دول تدابير من هذا القبيل من أجل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. وكانت ليشتنشتاين أول دولة تعلن أنها ستعدل قوانينها الوطنية استعداداً للعمل مع الآلية. ويجب أن تحذو الدول الأخرى حذوها لضمان الاستفادة من مواد الآلية بأكبر قدر من الكفاءة والفعالية.
كما دعا المتحدثون في هذه الفعالية الآلية إلى المشاركة بشكل حقيقي مع السوريين في جميع مراحل عملها. وصرّحت رئيسة الآلية ماركي-أويل عن عزمها على التواصل المستمر مع منظمات المجتمع المدني، مع الاعتراف بأن المسؤولية تقع على عاتق الآلية لكسب ثقة تلك المنظمات وتعاونها الكامل. وتُعتبر مساعدة المجتمع المدني السوري أمراً بالغ الأهمية لتحقيق مهمة الآلية بالنظر إلى الحجم الكبير من المواد الإثباتية والأدلة التي جمعتها هذه المنظمات طوال فترة النزاع السوري، ويُعدّ هذا الوعد بالتواصل الذي عبّرت عنه ماركي-أويل التزاماً مرحباً به.
بالإضافة إلى ذلك، وكما أكد محمد العبد الله، المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، يجب على الآلية أن تعقد شراكة وتستثمر في العلاقات مع الجمهور السوري. ولا يزال السوريون يشعرون بخيبة أمل على نطاق واسع بسبب المجتمع الدولي والجهود الضئيلة بخصوص العدالة نظراً لسبع سنوات من العثرات والوعود التي لم تتحقق. ولا يزال لدى بعض السوريين أيضاً مفاهيم خاطئة يمكن تفهمها حول ولاية الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، حيث يخلطون بينها وبين لجنة التحقيق الدولية. ونتيجة لذلك، هناك شعور بالإحباط بأن الآلية هي كيان آخر تابع للأمم المتحدة مكلّف بالتحقيق فقط وليس اتخاذ إجراءات. وعلى غرار ذلك، أدى قيام مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا بتنحية العدالة أثناء محادثات السلام السورية إلى قيام السوريين بالتشكيك في التزام المجتمع الدولي بالمساءلة. وخلال هذه الفعالية، أعرب العبد الله عن أمله في أن تنجح الآلية حيث فشل دي ميستورا في جهود إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب في سوريا. ولكن من أجل أن تدحض الآلية هذه الروايات وتكتسب ثقة وتعاون السوريين، من الضروري القيام بالتواصل مع المجتمع المدني والجمهور والضحايا، وخاصة أولئك الضحايا الذين يقيمون كلاجئين في البلدان التي يمكن أن تقبل قضايا من محققي الآلية.
وإن الدعم المهم الذي قدمته الجمعية العامة لإنشاء الآلية، رغم عدم اتخاذ مجلس الأمن أي موقف وحالة الجمود التي يمر بها، كان أمراً لم يسبق له مثيل. بيد أن أعمال الجمعية العامة لم تنتهِ بعد. حيث أظهر اجتماع أيلول/سبتمبر أن الدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني وقادة الآلية قد خطوا معاً خطوات كبيرة، ولكن الآلية تحتاج إلى دعم وموارد مستدامة. ويواصل المركز السوري للعدالة والمساءلة الإعراب عن التزامه الكامل بالآلية ويشجّع بقوة جميع المؤيدين على مواصلة التعاون بأي طريقة ممكنة لتعزيز العدالة في سوريا.
لمشاهدة فعالية الأمم المتحدة، يرجى النقر هنا. مقاطع الفيديو متوفرة باللغتين الإنجليزية والعربية.
لمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]