توثيق إنتهاكات حقوق الإنسان في عصر البيانات الرقمية
في شهر أيار/مايو 2016، اجتمع المركز السوري للعدالة والمساءلة مع 12 منظمة أخرى في برلين لإنشاء دليل من شأنه أن يساعد المدافعين عن حقوق الإنسان في تصفّح وجمع بيانات بطريقة مسؤولة في العصر الرقمي. وجاء هذا المشروع نتيجة للتعاون بين منظمة العفو الدولية و”بينيتك” ومنظمة ذا إنجين روم. وقد عملت المجموعات لمدة أربعة أيام متتالية من خلال تبادل الأفكار وتعزيز الخبرات من أجل ردم الهوّة بين التكنولوجيا والتوثيق في مجال حقوق الإنسان. وبينما تصبح الأدوات التكنولوجية أكثر انتشاراً وكفاءة، يغدوا المدافعون عن حقوق الإنسان الآن قادرين على الاستفادة من هذه التطورات لحماية مصادرهم وتوسيع نطاق عملهم.
ومن شأن المنتج النهائي، داتناف (DatNav): كيفية تصفح البيانات الرقمية للبحوث في مجال حقوق الإنسان، أن يساعد منظمات حقوق الإنسان ذات الموارد المحدودة أن تفهم بشكل أفضل كيفية البدء وتقدير قيمة أنواع مختلفة من طرق جمع البيانات. وبدءاً من مقاطع الفيديو على الانترنت التي توثق انتهاكات الحقوق إلى روايات شهود العيان التي تتناقلها وسائل الاعلام الاجتماعية، يتمكن المدافعون عن حقوق الإنسان اليوم من الوصول إلى بيانات ذات صلة أكثر من أي وقت مضى. وعند استخدامها بطريقة مسؤولة، يمكن لهذه البيانات أن تساعد المختصين في مجال حقوق الإنسان في قاعة المحكمة وعند العمل مع الحكومات والصحفيين وفي توثيق السجل التاريخي.
كما أن حيازة وتخزين البيانات الرقمية يغدو في متناول الجميع بشكل متزايد أيضاً. ومع استمرار انخفاض الكلفة وتطوير منصات جديدة، تزداد فرص تسخير مصادر البيانات هذه للعمل في مجال حقوق الإنسان. غير أن دمج جمع البيانات وإدارتها في العمل اليومي للبحوث والتوثيق في مجال حقوق الإنسان يمكن أن يشكّل تحدياً، بل وإرباكاً، للأفراد والمنظمات. ولهذا يبحث المركز السوري للعدالة والمساءلة باستمرار عن سبل لتحسين أمن أرشيف بياناته ويستكشف قنوات جديدة لإدارة البيانات نظراً للحجم الكبير من البيانات التي تمخّضت عن الصراع السوري.
لقد أثبت توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بأنه يشكل تحدياً، لاسيما في المناطق غير الآمنة إلى حد كبير من البلد. ومن هنا يأتي دليل DatNav ليساعد في بيان كيف يمكن لمنظمات حقوق الإنسان السورية أن تدمج أدوات رقمية مختلفة لتوسيع نطاق عملها بكفاءة وموثوقية وأمان. ويمكن لمعرفة كيفية تصفح وجمع البيانات الرقمية أن يعزز العمل الذي يجري حالياً في سوريا، بدءاً من تتبع مسالك اللاجئين إلى تسجيل عدد الوفيات الناجمة عن التعذيب إلى توثيق أسماء حالات الاختفاء القسري. ومن شأن تطبيق الأدوات الرقمية بشكل صحيح أن يساعد أيضاً في تحقيق العدالة لضحايا الفظائع. فعلى سبيل المثال، لمواجهة تحدي النزوح الهائل في سوريا، هناك حاجة إلى آلية استعادة االممتلكات بعد انتهاء الصراع من أجل تقديم تعويضات إلى الذين دُمرت منازلهم. ويمكن لصور الأقمار الصناعية أن تساعد في الإثبات أمام محكمة أو هيئة جبر الضرر بأن المنازل المدمرة كانت قائمة في وضع سليم قبل شن غارة جوية معينة. ولكن يمكن أن يكون من الصعب تفسير البيانات الواردة من صور الأقمار الصناعية. ولذلك فإن الدليل ييسّر استخدام صور الأقمار الصناعية لأولئك المترددين في اتخاذ هذا الخيار.
وشمل البحث الخاص بهذا الدليل إجراء مقابلات ومشاورات مجتمعية واستطلاعات لفهم ما إذا كان يتم دمج البيانات الرقمية في العمل في مجال حقوق الإنسان. وعلى الرغم من توفر البيانات الرقمية على نطاق واسع، إلا أن المنظمات في الغالبية العظمى من الحالات لا تستفيد من هذه المصادر الجديدة للبيانات. وظهر بشكل رئيسي بأن الباحثين في مجال حقوق الإنسان شعروا بالإرباك بسبب الاحتمالات.
ويفترض هذا الدليل بأن القرّاء يعرفون مسبقاً أساسيات بحوث حقوق الإنسان، ولكنهم يرغبون في توسيع معرفتهم حول كيفية استخدام البيانات الرقمية ووسائل الاعلام الإلكترونية لأغراض التوثيق. وتعتبر هذه مقدمة واسعة من شأنها وضع المدافعين عن حقوق الإنسان على الطريق نحو طرح الأسئلة الصحيحة والبحث عن حلول لها. ويهدف هذا الدليل إلى إلهام التفكير النقدي، بدلاً من تقديم توجيهات بشأن ما هي البرمجيات أو الأجهزة أو المنصات التي ينبغي استخدامها، لأن هذه الأدوات تتطور باستمرار.
لمزيد من المعلومات أو لتقديم الآراء وردود الأفعال، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى [email protected]. ولمعرفة المزيد حول مشروع DatNav، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى “ذا إنجين روم” على [email protected].