فعالية المركز السوري للعدالة والمساءلة حول توثيق العنف القائم على الجنس والنوع ال
مع تفاقم الصراع في سوريا، ظهرت تقارير تشير إلى استخدام العنف القائم على الجنس والتمييز الجنسي (النوع الإجتماعي) كسلاح في الحرب. ولكن يبقى هناك شحّ في المعلومات الموثوقة حول هذا العنف نظراً لمخاوف الناجين من وصمة العار الاجتماعية والافتقار إلى القدرات في أوساط مجموعات التوثيق للتعامل مع حالات العنف الجنسي بشكل أخلاقي. في 9 تموز/يوليو، عرض المركز السوري للعدالة والمساءلة مدى التقدم الذي أحرزه في مجال توثيق العنف الجنسي والعنف القائم على التمييز الجنسي خلال جلسة مائدة مستديرة مغلقة استضافتها السفارة السويدية في العاصمة الأميركية واشنطن. وكان النقاش بمثابة منتدى للدبلوماسيين والخبراء لتقديم ردود الأفعال والآراء والتشارك في الدروس المستفادة واقتراح سُبُل المضيّ قُدماً.
سياسة المركز السوري بشأن العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي — بدأ المركز النقاش بنظرة عميقة إلى التحديات التي تواجه توثيق حالات العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي ونقاش سياسة المركز بشأن العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي” التي صاغها فريق المركز ونفّذها من أجل التغلب على كلّ تحدٍ. وتُستخدَم هذه السياسة بمثابة دليل داخلي تم إعدادها بناء على مدخلات وآراء من منظمات دعم وإسناد الناجين. ولقد درّب المركز كوادر التوثيق الخاصة به على تنفيذ هذه السياسة، وتم تدعيم هذا التدريب بتدريب خارجي قدّمه الخبراء في مجال العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي. وأوضح المركز أن التوثيق الذي يقوم به في مجال العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي يسعى لضمان الإتاحة للناجين فرصة الحصول على حقهم في العدالة— حتى في ظلّ غياب إنفاذ القانون— طالما أن ذلك يحدث بمحض اختيارهم وبقرار مستنير مبني على فهم حقيقي للمخاطر والتوقعات. ومن أجل الوصول الكامل إلى العدالة، يجب ألا يتوقف التوثيق عند التأثير على تطوير آليات المساءلة فحسب، وإنما يجب أن يحصل الناجون على فرصة كذلك للمشاركة في تصميم تلك الآليات.
نظام الإحالة المزدوج— من أجل وصول أفضل إلى الناجين وكذلك الوفاء بالتزام المركز بمبدأ “لا ضرر ولا ضرار”، قام المركز السوري للعدالة والمساءلة بتطوير برنامج إحالة مزدوج، حيث تقوم خدمات الدعم بإطلاع الناجين حول خيار توثيق تجاربهم مع المركز السوري للعدالة والمساءلة ويقوم المركز بإبلاغ الناجين حول خدمات الدعم المتوفرة عقب مقابلة التوثيق. وفي شهر نيسان/أبريل، قام منسّق برامج المركز في جنوب تركيا بعقد لقاء لعشر منظمات سورية ودولية تقدم خدمات الدعم ليشرح لها سياسات المركز وأغراض التوثيق وتفاصيل عملية حول نظام الإحالة المزدوج. وحتى الآن، تمكّن من إنشاء عدة شراكات ويبقى على اتصال منتظم مع المنظمات الأخرى. وعلى الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، يبقى هناك تحدّيات. حيث تفتقر خدمات الدعم السورية إلى القدرة والموارد لتقديم دعم شامل إلى جميع المحتاجين إليه، ومن شأن عدم التواصل بين الكوادر المحلية السورية والمنظمات الدولية أن يعيق التقدّم.
النتائج الأساسية حول تصورات العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي — بعد أن انتهى المركز السوري للعدالة والمساءلة من شرح سياسته وبرنامج الإحالة المزدوج، تحوّل النقاش إلى النتائج التي تمخّض عنها استطلاع نوعي أجراه المركز في ربيع 2015 حول العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي. حيث قابل الباحثون 30 امرأة سورية و30 رجلاً سورياً يعيشون كلاجئين في تركيا. وقال العديد من المستطلَعين إنهم قد تأثروا شخصياً أو عرفوا شخصاً تأثر بالعنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي. ولم يعمد أي من المستطلَعين إلى ذكر وصمة العار أو إلقاء اللوم على ضحايا العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي، وإنما عبّر معظمهم عن قلقهم من أن مجتمعاتهم المحلية لن تكون على نفس القدر من التفهم. وتصوّر المستَطلَعون بأنه سيكون من الأسهل على الناجين الذكور أن يتعافوا عاطفياً، في حين تحتاج النساء إلى دعم إضافي. وأعتقد نصف المستطلَعين بأن المساءلة هي السبيل الوحيد لتمضي سوريا قدماً بعد انتهاء الصراع. ولكن هناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحوث حول هذه المسألة لأن الباحثين وجدوا صعوبة في فصل المشاعر السلبية تجاه الحكومة السورية عن تصورات ومدركات العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي. ويعتزم المركز نشر تقرير كامل في الأسابيع القادمة.
النقاش بين المشاركين في المائدة المستديرة — بعد العرض الذي قدمه المركز السوري للعدالة والمساءلة، بدأ المشاركون في المائدة المستديرة النقاش من خلال تناول واحد من أكبر التحدّيات، ألا وهي عدم وجود مقاربة شاملة ومتكاملة للعنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي في سوريا. حيث أشار مشارك إلى أن مجتمع المانحين قد واجه صعوبة في تطبيق مقاربة متكاملة وسأل بعض المشاركين عن كيفية استخدام نفوذ حكوماتهم للمساعدة في جهود التوثيق والوقاية. وعلّق مشارك آخر أنه بالرغم من ازدياد التدريبات التي تزوّد الموظفين المحليين بالأدوات الضرورية، إلا أنه غالباً ما يكون هناك ازدواجية وعدم تنسيق في الجهود. وكان هناك توافق بين جميع المشاركين على عدم وجود نموذج مثالي ليتم التعلم منه. وقال مشارك إنه “لا بد من إعادة اختراع العجلة في كل صراع”. وذكر مشارك مثال سيراليون كنموذج محتمل بسبب الدعم الدولي المستدام للخدمات النفسية والاجتماعية حتى بعد انتهاء الصراع. وأوضح أحد المشاركين “إنه من الصعب إكمال العمل حتى النهاية [مع الناجين من العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي] ولكن إكمال العمل لا يعني عدم المتابعة”. وفي سياق العدالة الانتقالية يعني “إكمال العمل حتى النهاية” أن الناجين يستطيعون أن يشاركوا في تصميم العملية الإنتقالية، حيث أكد مشارك على أهمية سؤال الناجين عن نوع آلية العدالة التي يرغبون في أن يروها تُنفَّذ كأحد عناصر مقابلة التوثيق.
واختتمت المجموعة بنقاش كيفية إبقاء قضية العنف القائم على الجنس والنوع الاجتماعي على سُلّم الأولويات بعد انتهاء الصراع. وعبّر مشارك عن قلقه من حصول الناجين على تدفّق كبير من المساعدات خلال الصراع، ولكن بعد ذلك، ستخبو جذوة المساعدات. وقد أثيرت قضية أخرى وهي الحاجة إلى زيادة الوعي والتثقيف حول هذا الموضوع في مخيمات اللاجئين وإطلاق حملات الوقاية بينما لا يزال من الممكن مناقشة هذه القضية بشكل علني. واقترح مشارك آخر تكرار المثال اليزيدي حيث قام رجال الدين بالترحيب علناً بعودة النساء والفتيات اللواتي تعّرضن للاغتصاب إلى مجتمعهن. وعبّر مشارك عن ارتيابه لأن رجال الدين في الأردن دعوا إلى تزويج الفتيات بدلاً من إعادة دمج الناجيات في المجتمع. وكانت الناجيات اللواتي لجأن إلى دول غربية أكثر استعداداً للمجاهرة بالحديث عن تجاربهن على وسائل الإعلام الاجتماعية، واقترح مشارك بأن قصص الناجيات على وسائل الإعلام الاجتماعية مقترنة بدعوة رجال الدين يمكن أن تُفضي إلى حملة توعية وتثقيف قوية.
لمزيد من المعلومات ولتقديم الآراء وردود الأفعال، يرجى إرسال بريد إلكتروني إلى المركز السوري للعدالة والمساءلة على[email protected].