1 min read

ردود فعل السوريين حول تبرئة مبارك

أسقطت محكمة مصرية الإتهامات بالتآمر لقتل المتظاهرين ضد الرئيس السابق حسني مبارك في 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وقامت أيضاً بتبرئة وزير الداخلية الأسبق وستة من قادة الأجهزة الأمنية، ونقلت وسائل الاعلام بشكل كبير ردود فعل المصريين على قرار المحكمة. لكن ماذا عن تداعيات القرار على بقية المنطقة؟

بالنسبة لسوريا، فإن عواقب قرار المحكمة المصرية وخيم. بعد أن أعلنت المحكمة قرارها، نشط العديد من السوريين على وسائل الإعلام الاجتماعي وقاموا بشجب الملاحقات القضائية الرسمية ودعو لتنفيذ الإعدامات لكبار المسؤولين على طريقة إعدام الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق العدالة في سوريا. ينقسم موقف السوريون حول العدالة الإنتقالة بشكل حاد. فهم يرون أنه إما الأخذ بالثأر باليد أو أن مرتكبي جرائم لا تعد ولا تحصى في مجال حقوق الإنسان سيبقون دون عقاب. من الإعدام العلني للقذافي إلى مسرحية محاكمة صدّام حسين إلى القرار الأخير في مصر، يعج الشرق الأوسط بأمثلة حول كيف يمكن أن تطبق العدالة الانتقالية بطريقة سيئة، مما يعزز الخيارين المتناقضين المشار إليهما أعلاه.

تعليق لناشط سوري على فايس بوك حول تبرئة مبارك

في حين يترتب على محاكمة مبارك العديد من الآثار السلبية في مصر، فإنها تشير أيضاً إلى قلق أكبر إزاء تعسف الأنظمة القضائية في المنطقة وترسخ ظاهرة “عدالة المنتصر”. ونظرية عدالة المنتصر تعني أن المنتصر بعد الثورة في مصر (المؤسسة العسكرية) أطلقت سراح مبارك، بينما يواجه الخاسرون (الليبراليين والإسلاميين) الاعتقال لفترات طويلة أو عقوبة الإعدام، فيما لو كان محمد مرسي لا يزال رئيساً، لكان على الأرجح قد تم عكس الأدوار.

تشير ممارسة سياسة “المنتصر يحظى بكل شيء” في مصر وليبيا والعراق إلى العيوب الرئيسية في استقلال الأنظمة القضائية في الشرق الأوسط، وتتطلب تضافراً للجهود لمواجهة المواقف التي تؤدي إلى هذه النتائج المشوهة. وإلا، فإن السوريين الذين يراقبون التطورات القانونية في المنطقة قد يشعرون بأنهم مجبرون على رفض العدالة الانتقالية، ومحاولة “الاقتصاص” بأنفسهم على أخطاء الماضي. على الرغم من أن هذا الخيار قد يكون مغرياً بشكل مباشر عندما تبدو العدالة بعيدة المنال، إلا أنه أمر خطير للغاية- كما يظهر في بلدان أخرى في الشرق الأوسط- لأنه من المرجح جداً إطالة أمد النزاع وخلق حلقة جديدة من الجراح، تجعل تحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل أمراً صعب المنال.

ونظرا للتحديات والمظالم الشديدة في الوضع السوري، يجب أن يعطى اهتماماً جدياً لبحث كيف تجنب كل من “العدالة” المشوهة و”الاقتصاص”. لا هذا ولا ذاك سيكون فعالاً في تعافي البلاد. منظمات مثل المركز السوري للعدالة والمساءلة، والمجتمع الدولي ككل، يجب أن تتخذ إجراءات حاسمة لضمان آليات العدالة الحقيقية المستقلة والفعالة والقابلة للتحقيق للشعب السوري لمواجهة تصوراتهم الحالية للعدالة.

تعليق لناشط سوري على تويتر حول تبرئة مبارك في مصر

المركز السوري للعدالة والمساءلة ملتزم بالحوار مع السوريين بشأن خيارات العدالة الانتقالية ليتسنى لهم فهم أفضل أن العدالة يمكن أن تأتي في أشكال كثيرة. هدف المركز هو تمكين السوريين من القيام بدور فعّال في متابعة الخيارات المتاحة والضغط من أجل الاستقلال والنزاهة في عمليات العدالة. يهدف المركز أيضاً إلى إيصال وجهات النظر والخصوصيات السورية إلى النقاش حول العدالة والمساءلة لضمان أن المجتمع الدولي لن يشرع في إجراءات لا يتقبلها الناس على الأرض. سلسلة المشاورات العامة التي يجريها المركز هي جزء من تلك المهمة.

وبالمثل، على المجتمع الدولي إدانة التحيز الواضح لنظام العدالة المصري في تبرئة مبارك وبشكل علني. كأمثلة، يمكن للأمم المتحدة أن تنشئ نظاماً لرصد المحاكمات المحلية للمسؤولين رفيعي المستوى؛ الولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تقدم المساعدات للحكومة المصرية يمكن أن تمارس الضغط من أجل الإصلاح. العالم بأسره يمكنه توجيه الإنتقادات إلى هذه النتائج. عندما تكون التداعيات الإقليمية كبيرة جداً، فلا يمكن للمجتمع الدولي اللامبالاة.

تعتبر “عدالة المنتصر” منذ محاكمات نورمبرغ كجزء من مخلفات الماضي. والأمر متروك لنا لضمان أن الماضي لا يعيد إحياء نفسه في الشرق الأوسط.

لمزيد من المعلومات وتقديم الملاحظات يرجى التواصل مع المركز عبر البريد الالكتروني [email protected].