1 min read

هجمات المعارضة المسلحة العشوائية في حلب

المعارضة المسلحة تجهز “مدفع جهنم” في حلب. الصورة من shero kashosh

تعاني معظم المدن السورية، منذ دخول الجيش السوري إليها منتصف العام 2011، حالة من التقسيم بين مناطق يسيطر عليها النظام ومناطق أخرى تسيطر عليها مجموعات من المعارضة المسلحة. وقد تكرس هذا التقسيم باضطراد في مدينة حلب المقسّمة بين منطقة شرقية وأخرى غربية. ودمشق أيضاً بين مناطق ريف دمشق والغوطة المحيطة بالمدينة من جهة، ومركز المحافظة والعاصمة من جهة أخرى.

وفي مقابل البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام بشكل عشوائي فوق الأحياء السكنية في المناطق الخارجة عن سيطرته، والتي تتسبب بدمار كبير في الممتلكات وسقوط أعداد كبيرة من المدنيين بين قتلى وجرحى. تلجأ مجموعات المعارضة المسلحة بدورها إلى عمليات قصف للمناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب ودمشق، مستخدمةً بذلك قذائف الهاون وقذائف أخرى محلية الصنع ورديئة التوجيه مع هامش خطأ كبير، متسببة بحجم دمار وخسائر أقل بالمقارنة مع سابقتها، لكنها تصنف في إطار الهجمات العشوائية، وتعتبر من الإنتهاكات أيضاً.

عمل المركز السوري للعدالة والمساءلة على التقاط وجمع العديد من الصور وأسماء الضحايا، كما عقد المركز لقاءات مع الشهود وأهالي الضحايا في مناطق سيطرة القوات الحكومية السورية في حلب ودمشق لتوثيق عمليات القصف العشوائي والقذائف التي تطلقها مجموعات المعارضة المسلحة عشوائياً بوسائل بدائية على مناطق مدنية في محاولة لاستهداف تجمعات أمنية وعسكرية للنظام والشبيحة قابعة داخل هذه المناطق.

أحد أبرز تلك القذائف هي ما يسمى بـ (مدفع جهنم) وهو عبارة عن قذيفة بدائية محلية الصنع ظهرت في عام 2013 في سوريا، مكونة بشكل أساسي من إسطوانة غاز منزلي وتحتوي على بقايا مواد صلبة وزجاج وشظايا معدنية. يصل مداها إلى 2 كم فقط وتسبب انفجاراً قوياً ما ينشر شظاياها القاتلة في دائرة يقدر نصف قطرها حوالي 200 متر.

يتساقط من هذه القذائف بشكل يومي على مدينة حلب ما بين قذيفة إلى قذيفتين. وتسقط هذه في كثير من الحالات على منازل سكنية أو وسائل نقل عامة متسببة بعدد كبير من القتلى والجرحى من المدنيين ودمار كبير في الممتلكات الخاصة والعامة.

قذائف الهاون هي الأخرى من أبرز الأسلحة المستخدمة في عمليات القصف العشوائي هذه. وتستهدف المناطق المدنية في حلب يومياً بين 10-15 قذيفة بشكل مستمر منذ سنة ونصف تقريباً. وتتميز قذيفة الهاون بهامش خطأ كبير، وصعوبة كبيرة لتوجيهها باستخدام مدافع ووسائل إطلاق محلية الصنع. تتمتع بمدى أبعد من سابقتها لكن قدرتها التدميرية أقل. وقد لا تنفجر بعد سقوطها في كثير من الأحيان.

وهناك أنواع مختلفة أخرى من المقذوفات الصغيرة محلية الصنع تلقى باستخدام مقلاع. ولا تصل لمدى أبعد من عدة مئات من الأمتار وهي ذات أثر تدميري صغير مقارنة بسابقتيها.

لا يتاح الكثير من الوقت للتصوير أو التحقيق أو توثيق التفاصيل في مكان سقوط هذه المقذوفات. إذ تسارع القوات الحكومية إلى إغلاق المكان ومنع التصوير تماماً ثم تنظف المكان وتخلي الجثث قبل مغادرتها. وتلجأ الحكومة غالباً للتكتم على نتائج حوادث القصف وأعداد الضحايا ولا يغطي الإعلام الحكومي إلا حالات قليلة منها. وتحدث العديد من الشهود عن عدم قدرتهم على المجازفة بتصوير ما شاهدوه خوفاً من الاعتقال.

يعمل المركز السوري للعدالة والمساءلة بشكل مكثف على توثيق معمّق لحالات القصف هذه في مصدرها ونتائجها. ويذّكر المركز جميع أطراف النزاع أن المادة 51 من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/ أغسطس 1949 والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة تحظر الهجمات العشوائية، وتصنّف كهجمات عشوائية: “تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال… من شأنها أن تصيب، في كل حالة كهذه، الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز”. 1

كما تعتبر ذات المادة (الفقرة الخامسة) ما هو بمثابة هجمات عشوائية:”الهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين أو إصابة بهم أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.” 2

في الوقت نفسه، فإن الطرف المُهاجِم لا يُعفى من التزامه بأن يأخذ في اعتباره الضرر اللاحق بالمدنيين لمجرد أن الطرف المُدافِع مسؤول عن وجود أهداف عسكرية مشروعة وسط أو بالقرب من مناطق مأهولة بالسكان 3

Notes:

  1. الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، 1977، 12-08-1949 معاهدات، متوفر على الرابط  
  2. المرجع السابق.  
  3. أسئلة وأجوبة عن قوانين الحرب المنطبقة في سوريا، هيومن رايتس ووتش، أغسطس 10, 2012 .