1 min read
التقرير العسكري الصادر عن الولايات المتحدة حول الخسائر في صفوف المدنيين لا يُفلح ?

التقرير العسكري الصادر عن الولايات المتحدة حول الخسائر في صفوف المدنيين لا يُفلح ?

تم رفع السرية جزئياً عن تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية صدر في نيسان/أبريل 2018 حول عملية الجيش الأمريكي لتقييم الخسائر في أوساط المدنيين (CIVCAS) وتم نشره للجمهور في مطلع شهر شباط/فبراير. وقد سبق للولايات المتحدة أن تعرّضت لانتقادات بسبب تقديراتها المنخفضة للغاية بشأن الخسائر في صفوف المدنيين في سوريا والتناقضات الكبيرة بين تقديراتها وتلك التي أبلغت عنها منظمات غير حكومية. واستند تقرير وزارة الدفاع إلى مراجعة لتقييم الخسائر في صفوف المدنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك عملية “العزم الصلب”، وهي الحملة الأمريكية ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا. وقد سبق للمركز السوري للعدالة والمساءلة أن أصدر تقريراً بشأن الخسائر بين المدنيين جرّاء الحملة الأمريكية ضد داعش ودعا إلى تقديم اعتذار وتعويض مناسبين في الحالات التي شهدت مقتل مدنيين. وما يزيد من مسألة الاعتراف تعقيداً هو صعوبة تحديد أعداد دقيقة للضحايا الذين قضوا في النزاع السوري؛ حتى المنظمات غير الحكومية التي تتابع عدد الوفيات تواجه تحديات تتعلق بالقدرة الجغرافية وتكرار الأسماء داخل مجموعات البيانات. وعلى الرغم من موافقة الكونغرس الأمريكي في عام 2016 على تقديم تعويضات لمواساة ضحايا الغارات الجوية للتحالف في سوريا، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت وزارة الدفاع قد قدّمت أي تعويضات مواساة في سوريا. ويسلّط المركز السوري الضوء على نتائج وتوصيات هذا التقرير ويقدّم سلسلة من توصياته الخاصة لتحسين استجابة الولايات المتحدة للخسائر في صفوف المدنيين في سوريا، خاصة في ضوء المغادرة الوشيكة للولايات المتحدة عن البلد.

واستند التقرير إلى تحليل الضربة الأمريكية التي استهدفت مسجد عمر بن الخطاب في قرية الجينة في آذار/مارس 2017، وثلاثة اجتماعات منفصلة مع منظمات غير حكومية معنية بتوثيق الضحايا من المدنيين. غير أن أجزاء كبيرة من التقرير محجوبة، بما في ذلك كل الجزء المتعلق بالضحايا المدنيين في البيئات الحضرية. ولكن لا يزال من الممكن فهم الكثير من النسخة الموجهة للجمهور. ولعل الأمر الأبرز هو أن التقرير يقرّ بأن “المنظمات غير الحكومية التي تم استشارتها في هذه الدراسة محبطة لِمَا ترى بأنه انخفاض للشفافية في التقارير الصادرة عن الحكومة الأمريكية. ولا يقدّم الإصدار العلني للقيادة المركزية الأمريكية لنتائج التقييم والتحقيق سوى القليل من التفاصيل حول سبب اعتبار مزاعم الخسائر في أوساط المدنيين “تفتقر إلى المصداقية”. كما أقرّ التقرير بأن الوصول إلى قنوات الإبلاغ قد يكون صعباً وأن الجيش الأمريكي يفشل أحياناً في المتابعة بعد تقديم براهين إضافية (مثل مخلّفات الذخائر أو الصور الفوتوغرافية أو صور الأقمار الصناعية).

ويُصدر التقرير سلسلة من التوصيات التي يمكن، إذا نُفذت، أن تُحسّن بشكل كبير من استجابة الولايات المتحدة لادعاءات الخسائر في صفوف المدنيين. وتنصّ إحدى التوصيات على عدم الاكتفاء بتقديم تعويضات للضحايا، بل أيضاً شرح لظروف الحادث، ومساعدات عينية، ومشاريع المجتمع المحلي، واعتذار رسمي، وتبرئة اسماء أسَرِهم. وعلى نطاق أوسع، يوصي التقرير بأن يقوم الجيش الأمريكي “بشكل منهجي بالبحث عن مصادر إضافية للمعلومات حول خسائر محتملة في صفوف المدنيين كجزء من عملية الإبلاغ الذاتي… [بما في ذلك] وسائل الإعلام الاجتماعية، والمنظمات غير الحكومية، والمصادر المحلية”. كما يوصي التقرير بالتحوّل من الإبلاغ عن عدد منفرد من الضحايا المؤكدين إلى الإبلاغ عن مجموعة من التقديرات، مع تحديد الادعاءات التي تم تأكيدها أو التنازع عليها أو رفضها.

وعلى الرغم من أن التوصيات الواردة في التقرير تُعتبر خطوة أولى جيدة، إلا أنها غير كافية للتصدي للأضرار الناجمة عن الإصابات في صفوف المدنيين في سوريا وفي أماكن أخرى. وفي ضوء الانسحاب الأمريكي المُزمع من سوريا، ينبغي أن تتخذ الولايات المتحدة الخطوات التالية لضمان أنها تستجيب لمزاعم سقوط ضحايا مدنيين بطريقة تقرّ بالضرر وجبر الضرر للأسر.

العودة إلى الإبلاغ عن تفاصيل الغارات الجوية ومواقعها. منذ 16 كانون الأول/ديسمبر، عندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب الأمريكي من سوريا، قلّصت وزارة الدفاع من شفافية الإبلاغ. وبدلاً من إصدار معلومات حول مواقع الغارات الجوية وتفاصيلها، فإنها تبلّغ فقط عن عدد الأشخاص المستهدفين الذين تم قتلهم. ومن شأن إتاحة المعلومات للجمهور حول المواقع والأهداف أن تسمح للأفراد والمنظمات الذين يتتبّعون مزاعم سقوط ضحايا من المدنيين بتوفير تقييم أولي لدقة الادعاءات.

الاعتراف بأثر رجعي بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين. على الرغم من أن عدد الوفيات في النزاع لن يكون دقيقاً تماماً، فإن السجل الذي تحتفظ به الولايات المتحدة للإصابات بين المدنيين سيكون مكوناً مهماً للسجل التاريخي للنزاع. وينبغي أن تسمح الولايات المتحدة بتقديم مزاعم حول الخسائر في صفوف المدنيين من فترة عملية “العزم الصلب” بأكملها. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لتحديث أرقامها لتعكس بدقة أكبر أثر الحملة ضد داعش على المدنيين.

تقديم تعويضات المواساة وغيرها من أشكال جبر الضرر بأثر رجعي. يوضّح التقرير كيف يمكن للولايات المتحدة توسيع مفهومها لجبر الضرر للأسر. ولكن لا يوجد دليل على أن أي من أسر الضحايا المدنيين المعترف بهم قد تلقّوا تعويضات مواساة، على الرغم من صدور الموافقة على هذه التعويضات في أواخر عام 2016. وينبغي أن تقدّم الولايات المتحدة تعويضات ليس فقط في الحالات المعترف بها سابقاً، ولكن في حالات جديدة كذلك.

توفير التمويل اللازم لاسترداد الجثث ومشاريع التحقيق في المقابر الجماعية. لا يزال عدد مجهول من الجثث حبيس مبانٍ دُمِّرَت أو تضرّرت من جرّاء الغارات الجوية التي شنّتها قوات التحالف. وينبغي أن توفّر الولايات المتحدة التمويل اللازم لمشاريع استعادة هذه الجثث والتعرّف على هويتها بحيث يمكن إعادتها إلى عائلاتها.

للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر.