يجب ألا يتجاهل العالم جرائم داعش ضد الدروز
تجمّع مجموعة من الدروز الأمريكيين أمام البيت الأبيض في واشنطن العاصمة. مصدر: المركز السوري للعدالة والمساءلة
في 25 يوليو/تموز، هاجم تنظيم الدولة الإسلامية منطقة الدروز في السويداء الواقعة في جنوب غرب سوريا، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص واختطاف 30 مدنياً. وفي حين حصل الهجوم الأولي على تغطية واسعة في كل من وسائل الإعلام السورية والدولية، فقد غفلت أعين الجمهور إلى حدٍ كبير عن مصير أولئك المخطوفين، وغالبيتهم من النساء والأطفال. وفشلت منشورات دولية كبرى في تغطية القصة التي بدأت تتكشّف أحداثها، بما في ذلك عمليات الإعدام الوحشية لاثنين من الرهائن، وعلى الرغم من مصالح الولايات المتحدة المعلنة في هزيمة داعش وحماية مجتمعات الأقليات العرقية والدينية في المنطقة، إلا أنها فشلت في الإقرار بالخطف، ولم يصدر عنها سوى بيان واحد عن القتلى في الهجوم الأولي. وإن هذا الافتقار إلى الاهتمام بمثل هذا الانتهاك الخطير لحقوق الإنسان يثير قلقاً عميقاً. وينبغي أن تكون محنة الرهائن الدروز من أولويات منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
وفي يوم الاثنين، تجمّع مجموعة من الدروز الأمريكيين أمام البيت الأبيض في واشنطن العاصمة لرفع مستوى الوعي حول عمليات الخطف ومطالبة الحكومة الأمريكية بالتحدث صراحة حول هذه القضية. وأعرب المحتجون الذين ارتدوا قمصان كُتِب عليها “حرِّروا رهائننا” عن إحباطهم من عدم الاهتمام الدولي بالموضوع، قائلين إنهم لا يفهمون سبب عدم الاهتمام هذا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، منحت لجنة نوبل نادية مراد جائزة نوبل للسلام لعملها الدؤوب لمعالجة استخدام داعش للعنف الجنسي ضد الأقلية اليزيدية، وما يزال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش نشطاً في سعيه إلى ملاحقة أعضاء داعش. ومع ذلك، لم يُترجَم الغضب ضد جرائم داعش السابقة إلى تغطية إعلامية للوضع في السويداء، أو إدانة واسعة النطاق لقيام داعش باحتجاز رهائن، أو حملات تضامن من قبل جماعات حقوق الإنسان.
وتشكّل الطائفة الدرزية نسبة صغيرة من الشعب السوري، تُقدّر بحوالي ثلاثة بالمائة. غير أنهم تعرضوا أثناء النزاع إلى تهديدات وانتهاكات فريدة يجب توثيقها بدقّة، ودمجها في نهاية المطاف في عملية العدالة الانتقالية. حيث كانت وما زالت هذه الطائفة هدفاً للجماعات المتطرفة التي تعتبرهم زنادقة. ففي عام 2015، قتلت جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة عشرات الدروز في إدلب، وأرغم تنظيم الدولة الإسلامية الدروز في الشمال على التبرّؤ من معتقدهم علانية أو مواجهة الموت. وفي أحد أعداد مجلة “دابق” التي تصدر عن تنظيم داعش، يشرح التنظيم بأن الدروز كفار وأنه “يمكن أخذ نساءهم سبايا ويمكن الاستيلاء على ممتلكاتهم. هم زنادقة مرتدون لا تُقبل توبتهم. بل يجب أن يُقتلوا حيثما وُجِدوا ولعنهم كما تم وصفهم . . .” وإن هذه اللغة الفظيعة، الشبيهة بالطريقة التي يناقش فيها داعش اليزيديين والأقليات الدينية الأخرى، هي تذكير بالتهديد الفريد والوجودي الذي فرضه التطرف في سوريا على بعض جماعات وطوائف الأقليات، بما في ذلك الدروز. وعند تصميم آليات عدالة مستقبلية، سيكون أمراً أساسياً الحرص على الاستماع إلى مخاوف الدروز والأقليات الأخرى ودمجها. حيث ستضمن هذه العملية ليس فقط أن تكون العدالة شاملة لكافة المجموعات، بل وأنها يمكن أن تكون جانباً مهماً من جوانب المصالحة الوطنية كذلك، من خلال مساعدة المجتمعات السورية الأخرى على فهم أفضل لكيف عانى الدّروز وغيرهم من المجتمعات والطوائف المهمشة من النزاع.
وقد أدى هجوم تموز/يوليو إلى الى تأثير عميق داخل الطائفة الدرزية في السويداء، حيث فقد العديد من الناجين عدة أفراد من عائلاتهم. وفي هذه الأشهر الثلاثة تقريباً منذ الاختطاف، عملت العائلات والأصدقاء في السويداء بلا كلل ولا ملل من أجل تحريرهم. وبعد عملية الإعدام الأخيرة، أعلنوا اعتصاماً مفتوحاً أمام مبنى المحافظة المحلي، حيث تجري المفاوضات. وانتهت الاحتجاجات في اليوم السادس، عندما تعرّض المشاركون لهجوم من قبل مجموعة مسلحة محلية تابعة للحكومة السورية. ويقوم هؤلاء الناشطون نفسهم بتحديث صفحة فيسبوك على نحو منتظم مع تسجيل عدد الأيام التي مضت على احتجاز المخطوفين. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم إطلاق سراح ستة من الرهائن، امرأتين وأربعة أطفال، وهو أول نجاح في المفاوضات الجارية لتأمين حرية الرهائن. وما يزال هناك 20 امرأة وطفل آخرين محتجزين لدى داعش.
ويشاطر المركز السوري للعدالة والمساءلة هؤلاء الناشطين قلقهم، ويحثّ منظمات التوثيق الزميلة ووسائل الإعلام على تسليط الضوء على الانتهاكات والتهديدات التي تواجهها الطائفة الدرزية، وعلى وجه التحديد محنة الرهائن الباقين. ويجب أن تسعى عمليات العدالة المستقبلية إلى شمول جميع المكوّنات والطوائف داخل سوريا. وفي حين أن العديد من الانتهاكات التي ارتكبت طوال النزاع قد طالت مجتمعات مختلفة، فقد تم استهداف مجموعات أخرى بشكل فريد. ومن خلال تسليط الضوء على تجربة الطائفة الدرزية في سوريا اليوم، يمكن للموثّقين والناشطين التأكد من وجود فهم لهذه الانتهاكات، مما يزيد من فرصة معالجتها في عمليات العدالة المستقبلية.
للمزيد من المعلومات أو لتقديم ردود الأفعال والآراء، يرجى إدراج تعليقك في قسم التعليقات أدناه، أو التواصل مع المركز السوري للعدالة والمساءلة على [email protected]. كما يمكنكم متابعتنا على فايسبوك و تويتر.